فلسطينيمقالات

كتب محمد الصفدي …قرار الجنائيه الدوليه نقطه فارقة

المسار : اسرائيل مدللة الغرب وصنيعته صنفت كدولة فوق القانون منذ نشوئها بيد الكولونياليه العالميه في مطلع القرن وحتى صدور قرار المحكمه الجنائيه الدوليه اليوم .
لم تترك جناية او جريمة الا وارتكبتها امام انظار العالم كله طوال ثمانية عقود . المجتمع الدولي وقف متفرجا واحيانا مشجعا للجرائم وكل ما فعلته مؤسساته هو التنديد والشجب الخجول المحمر الخدين من دون اية اجراءات عقابيه فعليه . تواطؤ العالم جاء بسبب الحمايه الامريكيه غير المحدوده لاسرائيل وتناغم اوروبا والغرب معها .
في ٢٠٠٩ تشكلت لجنة غولدستون لتقصي الحقائق بشبهة ارتكاب جرائم حرب وقد اصدرت كتابها الذي يدين اسرائيل والفصائل الفلسطينيه بالجرائم . السلطه سحبت بشكل مريب طلبها لنشر واصدار التقرير بسبب الضغوط والاغراءات كما افيد حينئذ .
اسرائيل تمارس العربده على العالم لانها امنت عقابه . يستخفون بالقانون ويديرون ظهرهم للاتفاقيات ويرتكبون الجرائم العابره للحدود والقارات بلا وجل ولا خجل . يهددون ويتوعدون كل من يتجرا على قول كلمة الحق وممثلوهم يهاجمون الامم المتحده من على منابرها ذاتها وينزقون ميثاقها . اسرائيل تتصرف بوقاحه وعنجهيه امام العالم كله ولا تبالي بالعقوبات .
هذه الدوله تتحول بسبب افعالها الى دولة مارقه منبوذه . ستار اللاساميه وقناع الضحيه الذي ترتديه بدعم من الغرب الرسمي يتبدد ويتمزق رويدا رويدا مع تراكم الجرائم وتكشف الحقائق المخفيه وانفضاح الافعال المشينه والجرائم ضد الانسانيه .
تجرؤ جنوب افريقيا البطله على رفع الشكوى ضد اسرائيل لمحكمة العدل الدوليه وتقدم السلطه واطراف اخرى لشكوى لمحكمة الجنايات الدوليه لشكوى ضد قادة الاحتلال بتهمة ارتكاب الاباده الجماعيه خطوة فارقه على طريق الادانه والمعاقبه المنتظره منذ عقود خلت .

اصدار محكمة الجنايات لمذكرة الاعتقال لنتنياهو وغالنت تعني ان هناك توجها لاخضاعهما للقانون والتحقيق والمحاكمه بسبب الاتهامات بارتكاب الجرائم ضد الانسانيه وربما فيما بعد دعاوي تعويض . هذا القرار الذي تاخر وتخلله تهديدات ضد مدعي المحكمه وتشويهات مكشوفه ومبطنه هو قرار الحد الادنى ضد الكيان الاستعماري المنفلت من كل القيود . هو في الراقع اجراء ضد شخوص قياديه في الكيان وليس ضد الكيان كله . قرار المحكمه ورطه حقيقيه وقد يجر قرارات ضد شخوص اخرين ودعاوي كثيره من الضحايا الكثيرين . المحاكمه بحد ذاتها تشهير وتشويه وفضح لصورة الكيان النمطيه المزركشه بالديمقراطيه والحضاره .

القرار هو انقلاب للصوره المعتاده ومفاهيمها وصدمة نفسيه لاسرائيل التي اعتقدت انها في مامن مهما فعلت . اسطورة وحصانة اسرا ئيل تتهشم رويدا رويدا .
ولكن اهمية القرار تكمن في انه كاسر للنمط وتجاوز للخط الاحمر الذي اعد لهذه المحكمه اصلا وهو يؤسس للقرار الاهم التالي : وهو قرار محكمة العدل الدوليه في دعوى ارتكاب الاباده . تراكم الدعاوي مع امعان الكيان الاستعماري في صلفه سيفضي الى ادانة وكشف طبيعة اسرائيل امام العالم وهو مسار هام نحو ادانة العنصريه والتفرقه والجريمه الصهيونيه التي ترتكبها اسرائيل . نبذ هذا الكيان شعبيا ومن ثم رسميا ومقاطعته وادانته كلها خطوات تراكميه على طريق ازالته ككيان استعماري غريب مزروع في الشرق الاوسط .
اسرائيل الان تصطف خلف نتنياهو وغالانت ولكنها بعد حين ستبدا بالتفكير بنفسها وستبدا الخناجر تغرس في نتنياهو والتضحية به . قد تقوم النيابه الاسرائيليه قريبا باعتقال نتنياهو ونزع الاهليه عنه كخطوه على طريق حماية دولة اسرائيل واظهارها بمظهر الدوله المعياريه التي تحترم القانون وسلطته المستقله وتحاسب المخالفين بنفسها وهي مسالة طالما فعلتها اسرائيل لتحسين صورتها دوليا .
في كل الاحوال نتنياهو البطل الاسطوري ملك اسرائيل وفارس الحضاره ضد الهمجيه كما يدعي في ورطه حقيقيه ستفتح الطريق سريعا امام ورطته الداخليه وتقرب “ليل السكاكين ” الذي ينتظره منذ ما قبل الطوفان .
وحينما يسقط ستقوم المنظومه بالقاء كل الملفات والقاذورات عليه وعلى ثلته انقاذا لراسها من مقصلة العداله الدوليه التي تضيق عليها .