إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 الصحافة الاسرائيلية – الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 16/12/2024

يد الاكراد في سوريا ممدودة لاسرائيل، محظور تفويت الفرصة

بقلم: ايتي آنجل

مجموعة واحدة في سوريا، التي هي بالفعل شعب، هي امكانية كامنة لتحالف حقيقي مع اسرائيل، وهي الاكراد. هذه المجموعة تتعرف الآن لخطر وجودي، في اعقاب هجوم محتمل من المجاهدين الذين يعملون برعاية تركيا. من الجدير انشغال اسرائيل ليس فقط بالاقوال والوعود، بل مساعدتهم وبحق.

حتى قبل سقوط نظام الاسد، وعندما كان من الواضح أن نهايته قريبة وأن مكانه ستحتله بالاساس فصائل جهادية، توجه الاكراد لاسرائيل من اجل التعاون، كما توجهوا خلال عشرات السنين. لقد كان في اسرائيل من شرحوا على الفور لماذا محظور الاقتراب منهم، وتحدثوا كما يبدو باسم المصلحة الوطنية التي بحسبها محظور اغضاب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان. هم لم يكتبوا عن المصلحة الشخصية التي توجههم؛ من بين المستشارين الذين يضعون السياسة في اسرائيل هناك من لديهم مصالح تجارية مع تركيا، وبالنسبة لهم فانه يجب عدم المس، لا سمح الله، بهذه الاعمال، حتى على حساب بقاء الشعب الذي يقاسمنا مصير تاريخي مشابه، واعداء متشابهين، وامكانية كامنة لمجتمع حقيقي في منطقة هي من اكثر المناطق المعادية لاسرائيل في الشرق الاوسط.

الاكراد هم الشعب الاكبر في العالم الذي ليست له دولة، 35 مليون نسمة. اتفاقات سايكس بيكو مزقتهم ووزعتهم بين اربع دول وهي سوريا، العراق، ايران وتركيا. الانظمة في هذه الدول قامت بقمعهم وتدميرهم؛ هم كانوا يدركون تصلب وتصميم الاكراد (المقاتل الاسلامي الكبير في التاريخ، صلاح الدين، كان من الاكراد)؛ لم يبقوا للاكراد أي فرصة للتطور.

في ظل الانقلابات في العالم الغربي نجح الاكراد في الحصول على مناطق خاصة بهم، في شمال سوريا وشمال العراق؛ وحتى الآن هم يحذرون من تسمية هذه المنطقة المشحونة دولة، ويحذرون من مناقشة تعريفها. في سوريا حصلوا على الحكم الذاتي أو منطقة جغرافية أو دولة، بدون تسمية ذلك بصراحة دولة، في شمال شرق سوريا، بين نهر الفرات ودجلة. هذه منطقة واسعة، 30 في المئة من مساحة سوريا، وهي ثلاثة اضعاف مساحة دولة اسرائيل. عندما حصلوا على هذا الانجاز الكبير العالم تعاطف مع نضالهم. وعندما هرب الجميع من داعش كانوا هم الوحيدون الذين حاربوه وهزموه. في هذه المنطقة الجغرافية توجد مساواة بين الرجال والنساء في القوة المحاربة وفي الحياة الاجتماعية. 

اعداء الاكراد هم اعداء اسرائيل (ايران، حزب الله، بشار الاسد، الجهاديين الاسلاميين واردوغان). بالنسبة للاكراد فان اسرائيل هي نموذج. في الجبال وفي الغابات في شمال العراق على الحدود مع ايران وفي السهول في سوريا، وفي الجبهة امام داعش والقاعدة، هم يتعلمون عن تاريخ دولة اسرائيل وعن فلسفة اليهود. ليس فقط من خلال محبة اسرائيل، بل لأنه بالنسبة لهم الشعبين يتقاسمان نفس المصير. وحسب قولهم فان اليهود مثل الاكراد، شهدوا ابادة جماعية ونجحوا في النهوض من الكارثة واقامة دولة، وهذا ما يشهده الاكراد وما يطمحون اليه.

توجد للاكراد جملة تجسد النضال على بقائهم: “اصدقاؤنا الوحيدون هي الجبال”، “الجبال” لأنه في جغرافيا الاكراد، بالاساس في العراق، تركيا وايران، مشهد الجبل القاسي هو تضاريس مثالية لحرب العصابات. فقط الاكراد يعرفون هناك كل نهر ووادي ونفق، وفي هذه الاراضي تمكنوا من التغلب على الجيش السوري والعراقي والايراني والتركي. لماذا “الجبال هي الاصدقاء الوحيدين”؟ لأن كل من تفاخر في السابق بأنه صديقهم قام بعد ذلك بخيانتهم، بما في ذلك اسرائيل التي تعاونت معهم في السبعينيات في مواجهة اعداء مشتريك، فيما بعد هي لم تتخل عنهم فحسب، بل قدمت المسيرات لتركيا التي قتلتهم بواسطتها، وساعدت على تسليم قادتهم في حرب العصابات لتركيا.

لكن يد الاكراد ما زالت ممدودة

لا أحد يقول بأنه يجب علينا الدخول الى وحل الحرب في سوريا أو تحدي تركيا. يمكننا توفير للاكراد منظومات دفاعية ضد المسيرات للاتراك والجهاديين، يمكن تفعيل اللوبي اليهودي في الكونغرس من اجل العمل على وقف اطلاق النار أو اقناع الامريكيين بالبقاء في شمال سوريا وعدم التخلي عنهم عندما سيدخل ترامب الى البيت الابيض، ويمكن فعل المزيد في مجال الاستخبارات والسايبر والسلاح.

اذا لم تستيقظ اسرائيل وتقيم علاقات مع الاكراد، ليس الاقوال والوعود والعناوين فقط، بل علاقات حقيقية، فهي ستفقد حلفاء في المكان الاكثر استراتيجية بالنسبة لاسرائيل لصالح الجهاديين القتلة الذين يخدمون اردوغان، الذي يحلم برفع الاسلاميين في الشرق الاوسط، بما في ذلك حلفاءه في حماس.

في هذه الاثناء يتشكل التاريخ في سوريا. ايران، العلويون والشيعة سقطوا. السنة الجهاديون سيطروا على دمشق. من الرائع أن نظام الاسد سقط. ولكن الواقع هو ليس أن الاشرار ذهبوا والاخيار جاءوا. كثير من الجهاديين الذين سيطروا على سوريا (معظمها) هم من خريجي داعش والقاعدة، مثل الزعيم أبو محمد الجولاني.

هم يعلنون بأنهم تغيروا، هذا جيد، بالتأكيد اسرائيل لن تعول على ذلك. الاصدقاء الحقيقيون، الاكراد، الذين تعاونت اسرائيل معهم في السابق، يجلسون في شمال سوريا وفي شمال العراق على حدود ايران، وهم يحاربون الآن حرب بقاء ستحسم طابع سوريا الجديد. نأمل أن لا تفوت اسرائيل هذه الفرصة.

———————————————

يديعوت احرونوت 16/12/2024

في شعبة الاستخبارات ينظروا الى التهديدات الجديدة في اعقاب سقوط الأسد

بقلم: يوسي يهوشع

حتى لمن يعيش الشرق الأوسط لسنوات طويلة يصعب عليه أن يصدق ان ما نراه لا يصدق قبل ساعتين يصبح طبيعيا في غضون دقائق. ما أن يحصل هذا لا مجال الا النظر الى الامام نحو التحدي التالي إذ مثلما هي التحولات سريعة جدا هكذا هي التهديدات الجديدة. 

في شعبة الاستخبارات يجتهدون الا ينظروا الى انهيار المحور الشيعي كنهاية المطاف بل ان ينظروا الى التهديدات الجديدة التي نشأت في المنطقة في اعقاب سقوط الاسد وهزيمة حزب الله والعيون تتطلع الان الى بؤرتين: الأردن والضفة.

المؤشران اللذان يدلان على التطورات في هاتين الساحتين هي معارك السيطرة في جنين بين السلطة ورجال حماس والزيارة الاستثنائية في الأردن لرئيس الشباك ورئيس شعبة الاستخبارات. عن مضمون السفر المفاجيء لرونين بار واللواء شلومي بندر الى الأردن تعتم جسيم لكن معقول اكثر الافتراض انهما تناولا الخوف من تضعضع المملكة الهاشمية ومحاولات محلية لمحاكاة نجاح الثوار في سوريا. عمل كهذا، كما يعتقدون في الجيش يمكن أن ينتقل بسرعة شديدة الى المدن الفلسطينية أيضا. أثر دومينو الربيع العربي في 2011 ليس سيناريو خيالي في الظروف التاريخية الناشئة. التخوف واضح حين نرى كيف ان انهيار نظام الأسد يقوض حقا أساسات المحور الشيعي التي بدت متينة جدا بعد هجوم 7 أكتوبر. 

في خطاب استثنائي القاه الأسبوع الماضي زعيم ايران خامينئي بدا هذا وكأنه يجري حسابا للنفس. فقد كرس الزعيم نفسه ليشرح لماذا استثمرت على مدى السنين عشرات المليارات في نظام دكتاتور فاشل تبين في لحظة الحقيقة كهش وضعيف. الحقيقة هي أن الإيرانيين يتعين عليهم ان يجروا حسابا للنفس اعمق بكثير: فاستراتيجية “الوكلاء” التي استثمروا فيها كثيرا تلقت انعطافة واسعة. فالكيانات التي يفترض بها أن تحمل ايران اذا ما ارادت إسرائيل احباط المشروع النووي وعلى رأسها حزب الله ليس فقط لم تنجح في ذلك بل فشلت في حماية ايران في اثناء القتال مع إسرائيل. سقوط الأسد يمثل ضربة يتعين على ايران في اعقابها أن تعيد النظر في نواياها. يتبقى الان ان نرى اذا كانت ستقتحم الى النووي ام الى صفقة سريعة مع ترامب الذي يتحدث بقوة لكنه يمتنع عن حرب ستؤثر على الاقتصاد الأمريكي الذي يريد إنقاذه.

فضلا عن خامينئي فان نعيم قاسم أيضا يبدو دائخا في ظهوره الأخير حين اعترف بان فقدان نظام الأسد معناه فقدان خط التموين اللوجستي الأهم للمحور. فنظام الأسد لم يمرر فقط السلاح لحزب الله بل انتج بنفسه الكثير من الصواريخ التي اطلقت نحو إسرائيل في اثناء الحرب. فضلا عن ذلك فان كل المحور الاقتصادي لحزب الله يقوم في أساسه على نفط تحوله ايران الى سوريا يبيعه السوريون والمرابح تنتقل الى حزب الله. أي ان سقوط النظام هو ليس فقط ضربة لقدرات حزب الله العسكرية بل ولقوته الاقتصادية أيضا. ان الاصداء الهائلة تجد تعبيرها أيضا في الضفة حيث نرى مواجهات شديدة في جنين مع السلطة. وليس صدفة ان انعقد الكابنت امس في قيادة المنطقة الوسطى: ثمة قلق متزايد من عمليات وشبكات تستمد الالهام من سوريا. السلطة الفلسطينية شرعت بحملة واسعة ضد المسلحين في جنين لنزع قدراتهم العسكرية. في السلطة استيقظوا ليس صدفة ليكتشفوا تهديد الإرهاب: فالتخوف هناك هو ان يحاكي المسلحون الثور من سوريا ولهذا فانهم يستبقون الامر ويحاولون اثبات حوكمتهم بحيث انهم سيتمكنون من فرضها أيضا في قطاع غزة في اليوم التالي. وبالتالي هذه حالة اختبار هامة بالنسبة لهم. وعلى إسرائيل أن تتابع ذلك باهتمام. اثر سوريا من شأنه ان يلاقي الخوف القديم من سقوط النظام الاردني. في الماضي علم بمحاولات إيرانية لاستخدام الساحة الشرقية كقاعدة جديدة للانطلاق ضد إسرائيل. خير فعل الجيش الإسرائيلي إذ اقام فرقة شرقية إضافية على الحدود ويعمل على إقامة جدار جديد. على أي حال زيارة بار وبندر الى الأردن تناولت هذه المسألة الحساسة أيضا. 

كل هذه تضاف الى التحديات الواضحة الناشئة عن حرب لا تنتهي: فرض التسوية في لبنان، الاستعداد لمعركة مباشرة مع ايران والوصول الى صيغة تنهي الحرب مع حماس في القطاع وتحرير المخطوفين. في هذه المرحلة ازعاجات الحوثيين لم تهدأ تماما ولهذا واضح لماذا شرح كاتس ضرورة ميزانية إضافية للجيش. التحديات الأمنية قد تتغير لكنها تزداد فقط. وبالتالي لا مجال لاحتمال حقيقة أن الجمهور الذي لا يخدم في الجيش لا يحظى بالموقف المناسب. فثقل الحمالة بات شديدا جدا وعلى الجميع ان يقف تحتها. 

———————————————

هآرتس 16/12/2024

يحاول وزير العدل إعاقة تعيين رئيس المحكمة العليا واقالة المستشارة القانونية

بقلم: رفيت هيخت

وزير العدل ياريف لفين يعتبر تعيين اسحق عميت في منصب رئيس المحكمة العليا خطوة مهينة بشكل خاص، تحوله الى خرقة بالية في نظر قاعدته (ربما في نظر نفسه ايضا)، من خلال تثبيت وتخليد فشل مشروع حياته، “الاصلاح القضائي”. هذا هو مصدر كل الضجة التي تثور الآن وتثير عصارة صفراء عكرة منذ 2023، وكأنه لم تحدث هنا الكارثة الاكبر والاكثر فظاعة منذ قيام الدولة. 

مثل نتنياهو، الذي استل عدد كبير من الألاعيب للتهرب من تقديم الشهادة، ايضا لفين جرب كل الاختراعات التي تعرقل تعيين عميت، ولكن بدون نجاح. الآن هو يريد تحلية حبة عميت المرة من خلال تعيين قضاة في المحكمة العليا، مثل الدكتور افيعاد بكشي أو الدكتور رافي بيتون، وترقية قاض أو قاضية في المحاكم المركزية (اضافة الى تعيين قاض، أو قاضية، ليبرالي).

لفين يعرف أنه في موقع متدني في كل الجبهات. مع ذلك، كما اعتاد على التصرف احيانا فانه يصر على العودة وضرب الرأس في الحائط. فبعد عدم نجاحه في تغيير تشكيلة لجنة تعيين القضاة وتحطيم تقليد الاقدمية رغم محاولة عنيفة مزقت الشعب، رفض عقد اللجنة التي لا توجد له اغلبية فيها، بعد تعرض مرشحه لرئاسة مكتب المحامين الى سقوط ساحق.

منذ اللحظة التي اراد فيها اطاعة القانون (فقط بعد تدخل المحكمة العليا) وقام مؤخرا بعقد اللجنة، هو يحاول تخريب عملها. عمليا، في صياغة لفين الهستيرية، الملجأ الاكثر احتراما له، سيكون ألا يستجيب للامر الذي يأمره بتعيين رئيس حتى 16 كانون الثاني. مرة اخرى لتذهب الدولة الى الجحيم. 

لكن مشكلة لفين لا تنتهي في اللجنة. باستثناء الكهانيين والمعسكر الكهاني للفين في الليكود – في الائتلاف يتحفظون من الصيغة المتطرفة حول لجنة تعيين القضاة التي مرت بالقراءة الاولى في الجولة السابقة. بعد هذه الجولة وما اثارته هم لن يسيروا أسرى وراءه، مثلما فعلوا عندما ادار المفاوضات الائتلافية وظهر كأنه الشخص الاقوى في الائتلاف.

الحريديون، الذين تناولوا كل السمك المتعفن نتيجة الاصلاح وبدون الحصول على غايتهم، يشترطون استئناف ازعاج لفين في تمرير قانون الاعفاء من التجنيد. ولكن في المفاوضات التي جرت فوق رأس رئيس لجنة الخارجية والامن، يولي ادلشتاين، برئاسة يسرائيل كاتس، فانه لا يوجد أي تقدم حقيقي. ما توافق عليه شاس (هذا يضاف اليه نجمة ايضا، انظروا الى التصريحات الحساسة للحاخام اسحق يوسف) يصعب هضمه من قبل الحريديين الاشكناز، باستثناء الزعيم الذي ليست له صلة، فان حزب الصهيونية الدينية واشخاص في الليكود مثل ادلشتاين ودان ايلوز وموشيه سعادة، لن يساعدوا في تمرير قانون فارغ من اجل انقاذ الائتلاف. 

في محاولة اقالة المستشارة القانونية للحكومة يوجد بالتحديد للفين شريك نشيط جدا وهو ايتمار بن غفير، الذي يوجد في بؤرة التحقيق والاشتباه. مع ذلك، رغم العناوين المتفجرة – بدءا بالتهديدات وحملة البلطجة وانتهاء بالفصل – إلا أن المسافة ما زالت طويلة. اولا، التهديدات ومحاولة التخويف هي هدف بحد ذاته. ثانيا، ستكون تعقيدات كثيرة لنتنياهو، الذي يشعر الآن بأنه استعاد مجده وماء وجهه، لأن رياح ترامب في ظهره. فهو يستعد لمحاربة ايران والتطبيع مع السعودية.

بين كل هذه الاضرار الجماهيرية فان الامر الذي يقلق نتنياهو جدا، باستثناء تقديم شهادته والخوف من السجن، هو الحفاظ على الائتلاف. لذلك، هو يهتم فقط بقانون الاعفاء من التجنيد، ومحاولة فرضه على المجتمع الاسرائيلي النازف بعد الحرب. الفوضى الى جانبه، التي تشمل تهديد قوانين الانقلاب. وحملة السم ضد المستشارة القانونية للحكومة هي بالاساس الوسيلة لتحقيق هذا الهدف.

———————————————

إسرائيل اليوم 16/12/2024

على الحكومة ان تركز على ايران، اما الوضع الداخلي سيحسم بالانتخابات

بقلم: البروفيسور آفي بار ايلي

سلسلة انتصارات إسرائيل في مجال لبنان – سوريا وفي غزة خلقت من أيلول لدى البعض إحساسا مغلوطا بـ “نهاية الحرب”. سبقت الجميع المعارضة بمطالب انهزامية لانهاء الحرب حتى قبل ان بدأنا ننتصر فيها. 

لكن الان حققنا إنجازات هامة، وبالفعل في اليمين وفي اليسار على حد سواء توجد أجواء “نهاية الحرب” – باستئناف الخلاف الدستوري الذي سبق الحرب وبسيطرة القوة من جهاز القضاء. هذا خطأ. أساس المعركة لا يزال امامنا. مسموح ويجب ان نفرح بالانتصارات رغم أن عشرات المخطوفين لم يتحرروا بعد، وحماس وحزب الله لم يبادا تماما ومن شأنهما ان يعودا ببناء نفسيهما. في قطاع غزة امامنا مناورة صعبة بين مصالح حيوية – تحرير المخطوفين وتصفية حماس تماما من ناحية عسكرية وسياسية. في لبنان علينا أن نواصل الضغط العسكري والسياسي لغرض منع عودة حزب الله جنوبا ولغرض نزع سلاحه. من غير المستبعد ان تكون حاجة للعودة لمناورة برية في الشمال. لكن هاتين المهمتين غير السهلتين لا تستنفدان الحرب متعددة الجبهات.,

حزب الله وحماس كانا جيشين متقدمين لإيران، فتاكين وخطيرين بحد ذاتهما لكنهما يخدمان التهديد الاساس، المتمثل بالمشروع النووي في ايران ويحميانه. وعليه، فان تقدمنا في إزالة التهديدات القريبة منا هو انتصار اولي هام في حرب ايران – إسرائيل، لكن لا يزال ليس النصر الحاسم. امامنا الحاجة الحيوية لتصفية المشروع النووي الذي في ايران. هذه الحاجة علينا ان نسبقها ونفضلها على كل حاجة أو جدال آخر. ومهما كانت هامة فانها ملزمة بان تتراجع أمام الهجوم على النووي الإيراني. وبالتالي ليس فقط محظور للفرح بنصرنا الاولي ان يشيح عيوننا عن ايران – بل محظور علينا العودة الان الى الجدالات التشريعية الخطيرة التي فتحت، ضمن أمور أخرى الطريق للهجمة البربرية في 7 أكتوبر. صحيح أن هذه الجدالات نحن ملزمون بتسويتها بقدر ما يمكن بالتوافق، وانطلاقا من نهج متصالح، وما لا يمكن – بالحسم الديمقراطي. لكن الان ليس الوقت لتسويتها، لا بالتوافق ولا بالحسم. صحيح، الاضرار البنيوية التي يلحقها بنا جهاز القضاء تتواصل منذ بداية الحرب؛ الان مثلا في المحكمة العليا ترفض الحل الوسط المؤقت الذي طرحه وزير العدل في تعيين القضاة ورئيس المحكمة؛ بل انها تمتنع عن طرح حل وسط من جانبها ومن ناحيتها القانون يفرض على الكنيست والحكومة.

ومع ذلك، على العيون الان ان تركز على ايران. 

صحيح، المحكمة العليا تتمسك بذاك السلوك المتزمت وعديم المساومة الذي ميز الرئيسة السابقة للمحكمة في اشهر الازمة الدستورية قبل الحرب، دون رغبة حقيقية في التباحث مع الطرف الاخر؛ المحكمة ستقع في تطرف كهذا حين “تكتسب” لنفسها صلاحيات بغير وجه قانوني ودون تحمل المسؤولية. 

ومع ذلك، محظور محاولة التصدي لهذا الان، بينما نحن ملزمون بان نزيل عن انفسنا تهديدا وجوديا. وصحيح، من “العليا” تنزل هذه الروح المتزمتة الى الفروع التنفيذية الأساسية لها – المستشارة القانونية للحكومة، النائب العام للدولة والنيابة العسكرية الرئيسة.

هذا يفسر تصلب النيابة العامة في موضوع شهادة نتنياهو وغيرها من الاعمال، التي وصلت حتى المس بحقوق جنود ومدنيين، وبالحكومة وعلاقات العمل السليمة بين سلطات انفاذ القانون. 

واضح أيضا المس بسيطرة الحكومة المنتخبة على القوى الهامة. ليس صدفة ان الكثيرين في اليمين بدأوا يتحدثون عن انقلاب متدرج، لكننا لا يمكننا الان ان نحل المشاكل الخطيرة هذه. على الحكومة الان ان تقودنا الى الحسم تجاه ايران. 

الانتخابات التالية ستأتي بعد الحرب. ومواضيعها ستكون استنتاجات الجيش من الحرب ومعالجة أزمة النظام الديمقراطي. أحزاب ترغب في التأثير يتعين عليها ان تعرض برنامجا لمعالجة الازمة. وهذه لن تحسم في الفوضى في الشارع او في التآمر في الجيش بل في الانتخابات التي توضح إرادة الجمهور. فقط على أساس الايضاح تأتي الحلول الوسط الدستورية بين المعسكرات.

———————————————

هآرتس 16/12/2024

القيادة الايرانية تشخص خطر عصيان مدني وتحاول صد موجات الصدى من سوريا

بقلم: تسفي برئيل

“محظور علينا فعل أي شيء يؤدي الى ضعضعة الاتفاق والوحدة في المجتمع. ومحظور القيام بهذه الخطوة بشكل يخرب كل شيء”، هذه الاقوال لم يقلها الوزير ياريف لفين في لحظة ندم وانتقاد ذاتي، بل قالها الرئيس الايراني مسعود بزشكيان ضد مشروع القانون الجديد، “قانون الحشمة والحجاب”، الذي كان يمكن أن يدخل الى حيز التنفيذ في يوم الجمعة الماضي. بزشكيان يعرف جيدا ما يرفض نظراءه في الحكومة الاسرائيلية استيعابه، وهو أن الخطر الاكبر الذي يهدد في هذه الاثناء ايران ليس الضعف العسكري وسقوطها في سوريا، بل الانقسام في الشعب.

بزشكيان لم يكتف باقوال الانتقاد والادانة، بل هو قام بخطوة استثنائية وغير مسبوقة، وتوجه الى مجلس الامن القومي، الجسم الاعلى الذي يبت بشؤون أمن الدولة، كي يعطي رأي حول التهديد الامني الموجود في هذا القانون. في الواقع، في يوم السبت أمر المجلس بتجميد القانون وعدم تطبيقه بسبب “نتائجه الامنية” المحتملة.

في ايران يوجد الآن قانون الحجاب، لكن القانون الجديد يذهب بعيدا بشكل دراماتيكي، ضمن امور اخرى، هو ينص على أن الفتيات من سن 9 سنوات يجب عليهن ارتداء ملابس مناسبة، أي تغطية كل شعر الرأس، وأنه يجب على الجهات المراقبة، من بين ذلك البلديات والمدارس، الابلاغ عن أي خرق. ايضا السائقون العموميون واصحاب المطاعم يجب عليهم تقديم معلومات عن فتيات لم يرتدين الحجاب كما هو مطلوب. 

الغرامة على المخالفة الاولى يمكن أن تبلغ 300 دولار، اكثر بكثير من اجرة الحد الادنى في الشهر. وأي مخالفة اخرى تستدعي زيادة الغرامة. هناك ايضا عقوبة السجن ومنع تأشيرة الخروج من البلاد ومصادرة جواز السفر وعدم التشغيل في الوزارات الحكومية والشركات الحكومية. 

بزشكيان يتذكر جيدا مظاهرات الجمهور القاتلة التي اندلعت في ايران في 2022 في اعقاب مقتل مهاسا اميني، الفتاة ابنة الـ 22 التي تم اعتقالها على يد شرطة الآداب بتهمة مخالفة الحجاب، ومثله يتذكر ذلك ايضا مجلس الامن القومي. يبدو أنه حتى الزعيم الروحي الاعلى علي خامنئي اقتنع بأن الامر لم يعد يعتبر صراع بين الاصلاحيين والمحافظين على هوية ايران، بل تهديد حقيقي على الامن الداخلي والمجتمع، بالذات في وقت صعب جدا على ايران.

القيادة في ايران لا تخفي حجم الضربة التي تلقتها. فهي على قناعة بأنه بعد سوريا يمكن أن تكون هي التالية في الدور، ليس فقط كهدف للقصف الاجنبي، بل كبؤرة لعصيان مدني يستمد القوة من نجاح المتمردين. قائد حرس الثورة، حسين سلامي، اوضح مشاعره بدون مواربة وقال: “نحن نرى اليوم كيف أن القوات الاجنبية انقضت على حياة ظبي منفرد مثل الذئاب الجائعة، كل واحد منها يقضم جسده وينتزع عضو منه. هذا درس مرير”، قال.

سلامي اضاف بأنه “يجب على ايران الانتباه للدرس الكبير الذي جاء الى جانب الدروس التي بقيت من الدفاع المقدس. نحن ندرك أنه اذا لم يقف الجيش بصمود ويعارض (الهجوم) فان كل البلاد ستسقط في الفوضى. نحن نعرف الآن قوة المقاومة، وسكان دمشق يعرفون ما الذي سيحدث للشعب وكيف أن الدولة سيتم تقسيمها اذا لم تكن مقاومة. الصهاينة وعدد آخر من الشمال (تركيا) يحتلون البلاد، وفي هذه الاثناء السوريون ضائعون وعاجزون”.

مثلما في اسرائيل (في هذه الاثناء) ايضا في ايران لا يتوقع تشكيل لجنة تحقيق رسمية، تحقق في الفشل الاستخباري والعسكري الذي أدى الى تحطم الذخر الاستراتيجي الذي يتوقع الآن أن يمنع امكانية الترميم لحزب الله. الامين العام لحزب الله، نعيم قاسم، اعترف هو نفسه بذلك في نهاية الاسبوع. الفحص سيقوم به الحرس الثوري والسياسيون في الغرف المغلقة، وربما في المستقبل القريب ستتم معرفة تفاصيل عن تغييرات هيكلية أو تغييرات في القيادة العليا. 

في هذه الاثناء ايران ملزمة بالتركيز على التهديدات الاستراتيجية التي اصبحت حاسمة بعد فقدان سيطرتها في سوريا. التهديد الاول والاكثر اهمية هو كيفية مواجهة تهديد الهجوم المحتمل على المنشآت النووية، لا سيما ازاء الخطاب العام في اسرائيل والخوف من أن اسرائيل يمكن أن تحصل على الضوء الاخضر من الرئيس ترامب لمثل هذه الخطوة؛ الثاني هو مستقبل “حلقة النار” أو “جبهة المقاومة” والتأثيرات التي يمكن أن تكون للثورة في سوريا على الجبهة الداخلية الايرانية.

يصعب التقدير في هذه المرحلة كيف تنوي طهران ادارة مواصلة المشروع النووي. بعد التقرير الذي اظهر أنها زادت بشكل كبير كمية اليورانيوم المخصب بمستوى 60 في المئة، والذي يمكن أن يصل الى 90 في المئة، ابلغت ايران في يوم الجمعة الوكالة الدولية للطاقة النووية بأنها ستوافق على زيادة الرقابة في منشأة بردو، التي يجري فيها الجزء الرئيسي من التخصيب.

من غير الواضح حتى الآن ماذا سيكون حجم الرقابة التي ستسمح فيها ايران وفي أي منشآت. ولكن ربما قرار السماح للرقابة يشير الى التوجه الذي تسعى اليه طهران. في الاسبوع الماضي ابلغت فرنسا والمانيا وبريطانيا مجلس الامن، الدول التي وقعت على الاتفاق النووي الاصلي، بأنها مستعدة “اذا كانت حاجة” لاستخدام بند “سناب باك” (اعادة استخدام جميع العقوبات الدولية التي تم فرضها على ايران قبل الاتفاق النووي، الذي هو غير خاضع للفيتو). ولكن صلاحية هذا البند ستنتهي في تشرين الاول 2025.

بيان الدول الاوروبية دراماتيكي، حيث أنه حتى الآن هذه الخطوة تعتبر نظرية فقط. الدول ترددت حتى في التهديد باستخدام هذا البند لأن معنى استخدامه هو اعتراف بفشل الاتفاق النووي. ايران لا يمكنها أن تكون واثقة من أن قرار اعادة الرقابة بشكل جزئي أو بشكل كامل سيوقف خطة مهاجمة المنشآت النووية، اذا كانت قائمة وفعلية. ولكنها ستحاول على الاقل ضعضعة الشرعية الدولية لهجوم كهذا في المدى الآني، وفي غضون ذلك هي تأمل التوصل الى تفاهمات مع ادارة ترامب، ربما حتى قبل دخوله الى البيت الابيض.

في نفس الوقت ايران تخشى من تأثير الدومينو للانقلاب في سوريا، الذي يمكن أن يضر مراكز تأثيرها في العراق. في يوم الجمعة زار وزير الخارجية الامريكي، انطوني بلينكن، العراق والتقى مع رئيس الحكومة محمد شياع السوداني. وحسب التقارير في العراق فان بلينكن طلب من السوداني “اجراء اصلاحات سياسية” في النظام في العراق، وهو المفهوم الذي فسر كنية لتحييد القوى السياسية المؤيدة لايران في النظام العراقي، ونزع سلاح المليشيات الشيعية.

طلب مشابه تم تقديمه لرجل الدين الشيعي الاعلى في العراق، علي السيستاني، من قبل مبعوث الامم المتحدة في العراق. السيستاني هو معارض كبير لاسلوب النظام في ايران، وتدخل طهران في شؤون بلاده. هناك شك اذا كان يمكنه أو يرغب في تطبيق هذا الطلب. العراق يعتمد اقتصاديا على ايران، وهو الشريك التجاري الاهم لها، التي توفر له 30 في المئة من الكهرباء، والقوى السياسية المؤيدة لايران تسيطر الآن على معظم الوزارات الحكومية. نزع سلاح المليشيات الشيعية المؤيدة لايران لا يعتبر نزهة، لأن هذه المليشيات مرتبطة بوزارة الدفاع في العراق، وفي نفس الوقت تسيطر على شريحة مهمة في اقتصاد الدولة.

مواجهة قوية يمكن أن تدهور العراق الى حرب اهلية دموية. فرغم الشعور العام المناويء لايران إلا أنها يمكن أن تسقط الحكومة التي تم تشكيلها بصعوبة كبيرة. ولكن بعد الانقلاب في سوريا فان ايران لا يمكنها الثقة بأن ميزان سيطرتها السياسية في العراق لن يهتز. في طهران يخشون ايضا من أن مكانها كدعامة اقتصادية ستحتله دول الخليج، مثل السعودية ودولة الامارات، التي بدأت من الآن في الاستثمار في العراق.

تجميد قانون “الحجاب” يدل على أنه ايضا في الجبهة الداخلية ايران تشخص ارتفاع في تهديد استقرار النظام الذي هو غير منفصل عن التطورات في سوريا. هو يضاف الى الضغط الاقتصادي الكبير الذي لا ينعكس فقط في مظاهرات العمال الذين يطالبون بتحسين الاجور وشروط العمل، بل ايضا في مستوى الحياة المتدني وحجم الفقر وفقدان اماكن العمل، ومؤخرا توجيهات للترشيد في استهلاك الكهرباء في فصل الشتاء.

في هذه الاثناء لا توجد أي اشارات واضحة استثنائية من شأنها أن تدل على نضوج عصيان مدني، لكن الاشارات حول نية رفع اسعار البنزين والمس بتمويل خطط الرفاه والتسرب الكبير للطلاب من المدارس بسبب الحاجة الى العمل والمساعدة في اعالة العائلة، يمكن أن تتراكم وتصبح كتلة حاسمة، تستند الى “روح النجاح” للتمرد في سوريا.

———————————————

معاريف 16/12/2024

حفظ الاستقرار في الأردن الهدف الأعلى في مفهوم الامن الاسرائيلي

بقلم: د. شاي هار تسفي رئيس مجال الساحة الدولية والشرق الأوسط في معهد السياسة والاستراتيجية في جامعة رايخمن

الزيارة التي اجراها في الأردن مسؤولون كبار في جهاز الامن تعكس القلق المتزايد على الاستقرار الداخلي في المملكة، الذي يشكل عمودا فقريا مركزيا في المبنى الأمني الإقليمي لدولة إسرائيل. في بؤرة الزيارة، التخوف من أنه من جهة قد تستمد عناصر متطرفة في الأردن تشجيعا من الاحداث في سوريا كي تحاول العمل على اسقاط الاسرة المالكة الهاشمية. من الجهة الأخرى، يتعاظم الخطر في أن تحاول ايران حشد جهد خاص في الساحة الأردنية، في ضوء الضربة الشديدة التي تعرض لها حزب الله وحماس وضياع السند السوري. هذا، في ظل استغلال العداء الأساس القائم في أوساط الجمهور الأردني تجاه إسرائيل مثلما هو أيضا الانقسام العرقي، وحقيقة أنه حسب التقديرات، نحو نصف سكان المملكة على الأقل (الذي يبلغ عددهم نحو 11 مليون) هم من اصل فلسطيني ولاجئون من العراق ومن سوريا. 

عمليا، منذ نشوب الحرب يبدو واضحا تعاظم التوتر بين ايران والأردن. وقد وجد هذا تعبيره في الجهود المتزايدة من جانب ايران لضعضعة مكانة الملك عبدالله – الذي كما يذكر كان هو من حذر قبل عقدين من خطر “الهلال الشيعي” في ارجاء الشرق الأوسط، بقدر كبير بسبب اعتبارها الأردن كالبطن الطرية للمعسكر المؤيد لامريكا في المنطقة. وذلك، في ظل محاولات استغلال الحدود الطويلة (308 كيلو متر) بين إسرائيل والأردن لاجل تهريب السلاح والوسائل القتالية لمنظمات الإرهاب في الضفة. 

الفكرة الإيرانية بان الأردن أدى دورا نشطا في صد الهجمات ضد إسرائيل أدت هي أيضا الى تفاقم التوتر. الى هذا يمكن أن يضاف أيضا لقاء وزراء الخارجية الذي انعقد يوم السبت في الأردن للبحث في التطورات في سوريا والتي لم يدعَ اليها وزير الخارجية الإيراني بشكل يجسد عمليا المس بمكانة طهران في المنطقة. 

الملك عبدالله من جهته يحاول منذ نشوب الحرب السير بين القطرات والمناورة بين اعتبارات استراتيجية واضطرارات داخلية. من جهة، يبدو واضحا النقد الحاد من جانب كبار رجالات النظام على إسرائيل (بقيادة الملكة رانية ووزير الخارجية الصفدي) في “التنفيس” لعقد مظاهرات ضد إسرائيل ومساعدات إنسانية واسعة لسكان غزة. من الجهة الأخرى، يمتنع الملك عن اتخاذ خطوات فيها ما يمس بشكل حقيقي بالعلاقات الثنائية مع إسرائيل، والتي هي ذات أهمية استراتيجية للاردن نفسه أيضا. هذا الى جانب الفهم بان نجاحات إسرائيل في ضرب المحور الراديكالي تخدم المصالح الحيوية للمملكة أيضا.

في ضوء أهمية الأردن للامن القومي لدولة إسرائيل، الحكومة مطالبة بان تبلور استراتيجية شاملة متعددة الابعاد، في أساسها اتخاذ خطوات تضمن حفظ اتفاق السلام، تعمق العلاقات واوجه التعاون في طيف واسع من المجالات، تساعد على حفظ استقرار الاسرة المالكة الهاشمية وتشدد منظومات الامن على طول الحدود المشتركة. عمليا، وزراء الحكومة مطالبون بالامتناع عن تصريحات وخطوات من طرف واحد فيها ما يزيد المخاوف بشأن كون الأردن الوطن البديل والمس بالمكانة الخاصة للملك عبدالله كحارس الأماكن المقدسة في القدس، بشكل من شأنه أن يضعضع شرعية نظامه. بالتوازي، في ضوء الازمات الداخلية المتزايدة في المملكة ينبغي الاستجابة للمطالب الأردنية، بخاصة في كل ما يتعلق بالمساعدة الاقتصادية وبتوريد المياه. 

في المستوى السياسي ينبغي فحص السبل لترميم منظومة العلاقات المهزوزة بين رئيس الوزراء نتنياهو والملك عبدالله، إذ انه لا بديل للحوار المباشر والحميم بين الزعيمين. لهذا معنى خاص بشكل عام وفي الوقت الحالي بشكل خاص. هذا، في ضوء الأهمية الجغرافية الاستراتيجية المتزايدة للاردن وبسبب الامكانية لان تحتل المسألة الفلسطينية مكانا خاصا في نشاط إدارة ترامب، ضمن أمور أخرى بسبب حيويتها للتقدم لاتفاق التطبيع بين إسرائيل والسعودية. 

———————————————

يديعوت احرونوت 16/12/2024

نتنياهو يجهز لمهاجمة النووي الإيراني على طريق النصر المطلق لكنه لا يجهز ساحته الداخلية

بقلم: ناحوم برنياع

نتنياهو يشهد مؤخرا أياما طيبة، طيبة جدا. كل النجوم تترتب له: حزب الله منهك؛ الأسد ضائع في موسكو؛ آيات الله مفزوعون في طهران؛ حماس تلعبط في غزة وكل كارهينا ينظرون بخوف لبداية حكم الصديق العزيز دونالد ترامب. في وسط كل هذا الخير جاءت مكالمة هاتفية “جد ودية، جد حارة وجد هامة” مع الرئيس المنتخب. “تحدثنا عن الحاجة لانهاء نصر إسرائيل”، كما بلغنا نتنياهو أمس.

هذا هو الوقت للاستمتاع. إذ بعد قليل سيتعين على نتنياهو، كما يتعين على ترامب أيضا ان يقرر ماذا سيفعل بكل هذا الخير. قرار أول: صفقة مخطوفين. سهل أكثر أن ترغب في صفقة، ان تصلي لصفقة، ان تحد على صفقة غير موجودة من أن تدفع الاثمان التي تنطوي على الصفقة، ابتداء من القتلة الذين سيتحررون، عبر الحرب التي ستتوقف وانتهاء بالمخطوفين الذين سيروون عند عودتهم كيف مات أولئك الذين كان ممكنا انقاذهم.

القرار الثاني هو ايران. التحولات في سوريا، في لبنان وفي غزة والتوقعات من الإدارة الامريكية الجديدة خلقت فرصة لم يكن مثلها لمهاجمة منشآت النووي الإيرانية. قسم هام من الدفاع الجوي الإيراني دمر؛ مسارات الطيران الى هناك فتحت؛ والاساس، التهديد الإيراني بهجوم مضاد، من لبنان، سوريا وايران نفسها، ضعف جدا. 

في 2011 هدد نتنياهو بمهاجمة ايران وفزع. بعد ذلك القى بالمسؤولية على قادة اذرع الامن وعلى إدارة أوباما. الان كل القوة في يديه: قادة اذرع الامن ضعفوا جدا في اعقاب اخفاق 7 أكتوبر؛ الخطاب بينهم وبين رئيس الوزراء تغير. بالنسبة لواشنطن هي في فترة انتقالية؛ الإدارة الراحلة مشغولة بتصفية الأملاك والإدارة الوافدة تبحث عن مغامرة للاحتفال بها. تصفية في عملية عسكرية للمشروع النووي ستوفر لنتنياهو النصر المطلق الذي يتمناه. 

اوكي، توجد فرصة. لكن هي من المجدي القفز عليها؟ ايران هي دولة حافة نووية فقط لانهات تصر على أن تتوقف عند الحافة. منشورات في العالم تتحدث بان لديها مادة مخصبة لبضع قنابل. صعوبتها هي في الاطلاق – في انتاج رؤوس متفجرة تحمل القنبلة، وفي الجمع – في تركيب كل العناصر معا. فهل يمكن في حملة عسكرية لتصفية المشروع كله؟ ليس مؤكدا. كيف سيرد النظام؟ كيف سيرد حلفاؤه في روسيا، الصين، كوريا الشمالية؟ هل سيدعم ترامب الخطوة ام بالعكس، سيعقد صفقة مع ايران من خلف ظهر إسرائيل؟

زعيم يعتزم ان يأمر بحملة عسكرية محملة بالمصير يحرص قبل كل شيء على جبهة داخلية هادئة. أحيانا الحل هو حكومة واسعة: هكذا تصرف ليفي اشكول عشية حرب الأيام الستة؛ هكذا تصرف نتنياهو فور 7 أكتوبر. أحيانا الحل هو إزالة مواضيع موضع الخلاف عن جدول الاعمال؛ هكذا تصرف نتنياهو حين أوقف قوانين روتمان – لفين في اثناء الحرب.

لكن نتنياهو لا يتصرف هكذا الان. أمس عقد نتنياهو رؤساء الائتلاف لبحث في تنحية المستشارة القانونية للحكومة. وزير العدل أعلن بانه سيستأنف الانقلاب النظامي بكل تشريعاته. العائق الوحيد امام انهيار النظام الديمقراطي في إسرائيل هو إصرار الحريديم على حقهم في التملص من الخدمة العسكرية. طالما لا يوجد قانون تملص لا توجد اغلبية للحملة التشريعية للفين. لفين ودرعي يعطل الواحد الاخر: الى هذا الخير أيضا وصلنا. 

إذن هكذا: إما ان يكون نتنياهو لا يعتزم حقا تغيير وجه الشرق الأوسط: ليس خامينئي هو من يهمه بل غالي بهرب ميارا. ام أنه يؤمن بانه يمكنه أن يفعل هذا وذاك معا: الطيارون يقصفون في طهران حتى لو كان جهاز القضاء ينهار في القدس. رجال الاحتياط سيواصلون البحث عن النخب في غزة حتى لو فوتت الحكومة مرة أخرى صفقة مخطوفين.

لا يوجد رفض للخدمة في إسرائيل – ليس في زمن الحرب. كل التهديدات بالرفض – الأخير الذي هدد هو النائب العام السابق موشيه لادور – تعود كالسهم المرتد على مهدديها. عندما يدعو الجيش الإسرائيلي الى الخدمة فان الكل يمتثل لها، حتى تطوعا. الطريق الوحيد لاعاقة الحملة لتقويض الديمقراطية هي طريق القاضي اسحق عميت ورفاقه في المحكمة العليا وطريق غالي بهرب ميارا وطريقها في وزارة العدل.

المواظبة على الصراع اليومي ضد كل قانون تعسفي، ضد كل خطوة نكراء: الا يخافوا، الا يستسلموا. ان يساهموا في الجهد الحربي وكأنه لا يوجد روتمان ولفين، وان يصارعوا ضد روتمان ولفين وكأنه لا توجد حرب. 

———————————————

تهديد أبو مازن وهجوم الأجهزة الأمنية 

“هل تفجير سيارة وسط المدنيين مقاومة”؟

بقلم: عيناف حلبي ويوفال كرني

هدد رئيس السلطة الفلسطينية بأن الذين يرفضون المشاركة في عملية جنين “سيطردون فورا”. وأوضح المتحدث باسم الأجهزة الأمنية أنهم لا يعتزمون “الخوض في مغامرات” أو البدء في “عملية من شأنها التدمير”. الضفة الغربية.” واتهم مسؤول كبير في حماس السلطة الفلسطينية: “ماذا يقدمون للشعب؟”. وناقش مجلس الوزراء الخوف من انتشار الإرهاب من الضفة الغربية .

عقب العملية الأمنية غير العادية التي نفذتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية ضد مسلحي “كتيبة جنين”، حذر رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن، مساء اليوم (الأحد)، “كل من يرفض المشاركة”، وهدد “بطرده فورا”.

وبدأت الأجهزة الأمنية الفلسطينية مطلع الأسبوع الماضي، ولأول مرة منذ عدة سنوات، عملية اعتقال داخل مخيم جنين للاجئين، ضد عناصر”كتيبة جنين”، حيث تبادلت معهم إطلاق النار. وهدف هذه الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية هو السيطرة العملياتية على مخيم اللاجئين حيث لم تكن هناك سيطرة منذ ما يقرب من عقد من الزمن.

وأشار الناطق الرسمي باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية أنور رجب إلى عملية جنين مساء اليوم في حديث للجزيرة، وقال إن “ما يحدث في جنين هو عملية أمنية تستهدف الخارجين على القانون. حملة ضد من يقتل الأطفال”. وإطلاق النار على قوات الأمن الفلسطينية”.

وأضاف رجب: “لدينا استراتيجية، وهي الحفاظ على الفلسطينيين من الدمار. لن نقوم بمغامرات أو أي عمل من شأنه تدمير الضفة الغربية. المسلحون في جنين ليسوا مقاومة. نحن نتحرك في الضفة الغربية بطريقتنا الخاصة وتجنب المواجهة مع المدنيين من أجل الحفاظ على قضيتنا”. وشدد رجب على أن “ما حدث في غزة لن يحدث في الضفة وسنمنعه. أي نوع من المقاومة يفخخ المركبات ويفجرها بين المواطنين الفلسطينيين؟”

كما علق المسؤول الكبير في حماس، محمود المرداوي، على سلوك الأجهزة الأمنية الفلسطينية، في مقابلة مع الجزيرة. وقال إن “الرواية التي تقدمها أجهزة الأمن الفلسطينية هي انتحار سياسي. إن تصرفات السلطة الفلسطينية خارجة عن القانون ولا تتفق مع المقاومة”. وتساءل المرداوي “ماذا تقدم السلطة للشعب الفلسطيني الذي يعيش أزمة في ظلها”.

ووحدة العمليات الخاصة 101 التابعة للسلطة الفلسطينية هي التي تقود عملية الاعتقال الشاملة في مخيمات اللاجئين، وتدير القتال في جنين – في مخيم اللاجئين الذي أصبح معقلا للتنظيمات المسلحة ، حيث يعمل المسلحون دون أي رادع. 

وبدأت العملية في جنين على خلفية التوترات المستمرة بين نشطاء حركة الجهاد الإسلامي وقوات الأمن الفلسطينية، والتي اندلعت بعد أن سيطر مسلحون على سيارتين واقتادتهما في شوارع المخيم قبل نحو أسبوع. وفي توثيق العملية غير العادية، يظهر رجال الأجهزة الأمنية وهم يحملون بنادق قنص وخوذات تكتيكية وسيارات جيب مدرعة – كل هذا بموافقة إسرائيل.

وكانت الصور التي شوهد فيها المسلحون من جنين وهم يركبون موكباً على متن سيارة جيب سرقوها من السلطة، ملفوفين بأعلام حماس والجهاد الفلسطيني، حافزاً للعملية. وحتى يوم الخميس الماضي، عززت الأجهزة قواتها وسيطرت على مستشفيات في جنين. وأغلقت تلك القوات مخارج ومداخل المخيم استعداداً للدخول إلى المخيم.

اجتمع مجلس الوزراء السياسي والأمني ​​مساء اليوم السبت في القيادة المركزية. وناقش الوزراء الأحداث في الضفة الغربية ، مع الخوف من أن “تمتد” هذه الأحداث إلى داخل الأراضي الإسرائيلية، ولكن ليس بخصوص قضية المختطفين  والجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق. وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن هذا الأمر: “كلما قللنا الحديث – كلما كان ذلك أفضل”. في إسرائيل يخشون أن تؤدي المقاومة إلى انهيار السلطة الفلسطينية، وفي المؤسسة الأمنية ينتظرون ليروا كيف ستؤثر أنشطة الأجهزة الأمنية على المنطقة نفسها.

إلا أن عضو مجلس الوزراء بتسلئيل سموتريش يتصرف بمعارضة تامة لقرار الحفاظ على استقرار السلطة الفلسطينية، وقد طلب وقام بفرض عقوبات عدة مرات على مسؤولين كبار في السلطة الفلسطينية، وقام بحجز أموال المقاصة، بل وهدد بعدم الاستمرار في التمويل والتفويض القانوني للبنوك الإسرائيلية التي تجري من خلالها البنوك الفلسطينية معاملات تحويل الأموال. ورغم تجنب الخطوة الأخيرة بسبب الضغوط الأمريكية، إلا أن سموتريش يواصل طريقته فيما يتعلق بالبناء في المستوطنات. وهذا الشهر، ولأول مرة، تم تطبيق مخالفات البناء في المنطقة (ب) و تعليق المتفق عليه في غوش عتصيون، وهو أمر لم يحدث من قبل.

———————————————

هآرتس 16/12/2024

نتنياهو ووزير العدل:

بدأنا البحث في تنحية المستشارة القانونية

بقلم: أسرة التحرير

يواصل وزير العدل، يريف لفين، تخريب الديمقراطية في إسرائيل، ولم يعد يخفي ذلك. بعد سنة وشهرين من 7 أكتوبر، أعلن في منشور رفعه على الشبكة نيته العودة لمواصلة السير بقوانين الانقلاب النظامي.

عقب تصريحه، بحث أمس رؤساء كتل الائتلاف تنحية المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهرب ميارا، والدفع قدماً بقانون يستهدف السيطرة على لجنة انتخاب القضاة. يدور الحديث عن بحث غير شرعي، هدفه ترهيب المستشارة القانونية للحكومة أم قضاة المحكمة العليا. يسعى لفين، من خلال المتعاونين معه، لتقويض استقلالية جهاز القضاء، بحيث يكون مداساً تحت أقدام المستوى السياسي.

لا يكتفي وزير العدل بممارسة الضغط السياسي. ففي المنشور الذي نشره أول أمس، اتخذ تحريضاً خطيراً وكأنه أُخذ من مدرسة معلمه وسيده، عراب آلة السم، رئيس الوزراء، نتنياهو.

وصف لفين المحكمة العليا أنه جسم “عديم المسؤولية” لأنه “يبحث في ظروف المخربين الذين ذبحوا في 7 أكتوبر، وبحث في المساعدات الإنسانية لحماس في قطاع غزة، فكر بأن يأمر الدولة بتحرير جثث مخربين بينما يذوي المخطوفون في أنفاق حماس، وسلسلة طويلة من الأمور الأخرى. هذا المساء، نشر أن القاضية روت رونين وصلت إلى سجن عوفر كي تراقب الظروف الاعتقالية للنخب عن كثب”.

ما سعى لفين لفعله هو أن يصور قضاة محكمة العدل العليا بأنهم مؤيدون لحماس وأنهم يعملون ضد مصالح دولة إسرائيل. كل هذا في الوقت الذي يعمل فيه القضاة بحكم القوانين الذين هم ملتزمون بها، وكذا في إطار القانون الدولي الذي يفترض بإسرائيل أن تكون خاضعة له. عندما يصف لفين القاضية رونين بأنها تشرف “على شروط الاعتقال للنخب” فإنه يبيح دمها عملياً. هذه أساليب تحريض تعود لعهود ظلامية في التاريخ، ولفين لا يتردد في استخدامها.

لا يطلب لفين تحسين الديمقراطية في إسرائيل من خلال تنويع المحكمة، يريد أن يقلص الديمقراطية بحيث تصبح المحكمة وكذا المستشارة القانونية للحكومة وباقي حماة الحمى، إمعات تبصم لقرارات الحكومة. وهكذا يتاح للائتلاف الحالي تحقيق مأربه: سواء دار الحديث عن ضم المناطق أم عن تمييز مؤطر بحق مواطني إسرائيل العرب، أم إجازة قانون التملص الفاسد من الخدمة بحيث يبقي على وحدة الائتلاف على حساب من يخدمون في الاحتياط.

لفين خطر واضح وفوري على الديمقراطية الإسرائيلية. محظور التعاون مع رجل الهدم هذا.

———————————————

هآرتس 16/12/2024

تصفية الشعب الفلسطيني

بقلم: شلومو زند

حنين مجادلة نشرت في الأسبوع الماضي في “هآرتس” بتاريخ 12/12، مقالا مسموما هاجمت فيه “امنستي” في إسرائيل، التي “لا توجد في الجانب الصحيح من التاريخ”. لأنها لا تعتبر نشاطات إسرائيل في غزة “إبادة جماعية”. فرع “امنستي” في إسرائيل يتكون حسب رأيها من “جبناء”، يخشون من توجيه غضب الجمهور اليهم. في نهاية المطاف، كيف يمكن توقع موقف أكثر شجاعة من “فرع بعض الأعضاء فيه كانوا في الأصل جنودا، أو أنه يوجد لهم أبناء عائلة كهؤلاء”.

مجادلة يبدو أنه لا يوجد لها أصدقاء أو أبناء عائلة كانوا جنودا. لذلك توجد لديها الشجاعة للإعلان بثقة بأنه في غزة تجري ليس فقط جرائم حرب فظيعة، مثلما تكرر امنستي وتحذر، بل أيضا إبادة جماعية.

 منذ الحرب في يوغسلافيا السابقة تسربت إلى القاموس الشعبي مفاهيم حصلت على الترحيب الخاص في وسائل الإعلام مثل “التطهير العرقي” أو “الإبادة الجماعية. في الواقع أعراق كثيرة نشأت في يوغسلافيا سابقا، وهكذا أيضا حدث فيها الكثير من الإبادات الجماعية الصغيرة. في نفس الفترة تقريبا حدثت في رواندا إبادة جماعية ذكرت من نواحي كثيرة بإبادة الأرمن في الحرب العالمية الأولى، وذبح اليهود والغجر في الحرب العالمية الثانية. الهوتو قتلوا كل توتسي وقع في أيديهم، تقريبا مليون شخص قتلوا في فترة قصيرة نسبيا. ولكن كان يجب انتظار حرب غزة كي يحصل مفهوم الإبادة الجماعية على الشعبية والانتشار العالمي الذي لم يكن من قبل، في الحروب الاستعمارية في القرن العشرين.

في حرب الجزائر مثلا، في الخمسينيات، قتل الفرنسيون نصف مليون عربي (قاموا باحراق قرى بسكانها بشكل كامل، وقطع علنا رؤوس رجال جبهة تحرير الجزائر الذين تم اعتقالهم). ولكن ليس فقط أن لا أحد سمى هذه الافعال بالإبادة الجماعية، بل الآن ايضا المؤرخون لا يعتبرون هذه الحرب الفظيعة والطويلة “إبادة جماعية”. في حرب فيتنام في الستينيات قتل الجيش الاميركي مليون شخص تقريبا، معظمهم من القرويين المتمردين. ليس في ذلك الوقت وليس الآن يعتبر الباحثون والاعلاميون هذه الحرب إبادة جماعية. ولكن في المقابل، في غزة تحدث “إبادة جماعية”.

الحقيقة هي أن إسرائيل بالذات هي التي بدأت تستخدم مفاهيم لا اساس لها وخارج السياق، وسرعت ذلك. 7 اكتوبر لم يكن فقط مذبحة فظيعة ووحشية للمسلمين ضد الإسرائيليين، بل كان “مذبحة ضد اليهود”، نموذجية، و”عمل كارثي” واضح وما شابه. إسرائيل كالعادة خافت على الفور ورأت نفسها المطارد الأبدي في التاريخ. الفلسطينيون، في المقابل، تم عرضهم مرة تلو الأخرى كنازيين جدد. وحسب منطق “امنستي انترناشيونال” يوجد لإسرائيل كما يبدو نية لتصفية الشعب الفلسطيني، وقد بدأت في تطبيق ذلك في غزة. ولكن يجب التذكر بأنه بين عكا ورفح، وبين يافا وأريحا، يعيش الآن 7 ملايين إسرائيلي من اصل يهودي، و7 ملايين فلسطيني من أصل عربي. لا شك أن الحلم الغض لعدد غير قليل من زعماء الصهيونية كان دائما تهجير أكبر قدر من السكان الأصليين وطردهم من أرض دولة إسرائيل. النكبة في 1984 كانت حسب رأيهم المرحلة الأولى في عملية تاريخية بعيدة المدى، لكن حسب علمي لم تكن، وحتى الآن لا توجد خطة أو نية لارتكاب الإبادة الجماعية.

 في غزة تجري حرب قمع صعبة ووحشية. تقريبا كل يوم يتم ارتكاب فيها جرائم حرب فظيعة. عدد المدنيين، بما في ذلك الاطفال والنساء والشيوخ، الذين يقتلون فيها هو عدد غير مسبوق ولا يمكن تحمله. هذه الحرب التي تندمج فيها مشاعر الانتقام والاستخفاف بالعروبة والعرب، ورفض التوصل معهم الى أي مصالحة تاريخية نزيهة، يمكن أن تجبي المزيد من الضحايا. من يرفضون مشاهدة افلام قناة “الجزيرة” التي تأتي من غزة وتنشر في اليوتيوب، أوصيهم أولا بمشاهدة أفلام نقدية عن فيتنام، مثل “يوم القيامة” أو “بلتون”، من أجل الحصول على تصور عن طبيعة الاستخفاف بحياة بني البشر وعدم الإنسانية في تعامل الجيش الإسرائيلي مع سكان شمال القطاع.

———————————————

الكونغرس يواصل محاولاته لإخفاء العدد الحقيقي للضحايا في غزة

بقلم: جيسيكا واشنطن

مشروع قانون الدفاع السنوي في الولايات امتحدة يتضمّن بنداً لم يحظَ بقدر كبير من الاهتمام من شأنه أن يمنع البنتاغون من الاستشهاد بوزارة الصحة في غزة كمصدر موثوق.

موقع “ذا إنترسبت” ينشر تقريراً يتناول فيه مشروع قانون البنتاغون الذي يتضمّن بنداً يسعى من خلاله إلى إخفاء حصيلة الضحايا في قطاع غزة. ويأتي ذلك بعد أيام من إعلان منظّمة العفو الدولية أنّ “إسرائيل” ترتكب إبادة جماعية في غزة.

الواقع أنّ مشروع قانون البنتاغون الذي تبلغ قيمته 895 مليار دولار والذي يشقّ طريقه عبر الكونغرس يتضمّن بنداً لم يلحظه أحد كثيراً لإخفاء حصيلة الضحايا في قطاع غزة، وهو أحدث جهد من جانب صنّاع السياسات في الولايات المتحدة لإثارة الشكوك حول أرقام الضحايا التي أبلغ عنها مسؤولون صحيّون فلسطينيون.

ووافق مجلس النواب على قانون تفويض الدفاع الوطني لهذا العام يوم الأربعاء وأرسله إلى مجلس الشيوخ للتصويت عليه.

البند المتعلّق بعدد الضحايا الفلسطينيين في غزة، في مشروع القانون الذي يتعيّن تمريره، قد حظي بقدر قليل من الاهتمام. وهو من شأنه أن يمنع البنتاغون من الاستشهاد علناً ببيانات الضحايا الصادرة عن وزارة الصحة في غزة باعتبارها “موثوقة”، وهو ما يعني فعلياً إخفاء العدد الكامل للقتلى في غزة.

لقد ظلّت البيانات الصادرة عن السلطات الفلسطينية هي الإحصاء الوحيد المتسق والموثوق لعدد القتلى من غزة على مدى الأشهر الأربعة عشر الماضية، حيث تعمد “إسرائيل” باستمرار إلى حرمان العاملين في مجال حقوق الإنسان من الوصول إلى القطاع ومنع الصحافيين الأجانب من الدخول.

وقالت النائبة إلهان عمر، عضو مجلس النواب الأميركي عن الحزب الديمقراطي عن ولاية مينيسوتا، في بيان لموقع “ذا إنترسبت” إنّ “هذا محو مثير للقلق لمعاناة الشعب الفلسطيني، وتجاهل للخسائر البشرية الناجمة عن العنف المستمر”.

ولا يشير هذا البند صراحة إلى وزارة الصحة في غزة؛ بل ينصّ بدلاً من ذلك على أنّ البنتاغون لا يستطيع “الإشارة في الاتصالات العامة إلى أرقام الوفيات المستمدة من المنظّمات التي صنّفتها الولايات المتحدة على أنّها إرهابية، أو الكيانات الحكومية التي تسيطر عليها المنظّمات التي صنّفتها الولايات المتحدة على أنّها إرهابية، أو أيّ مصادر تعتمد على أرقام تقدّمها المنظّمات التي صنّفتها الولايات المتحدة على أنها إرهابية”.

ولكن الهدف واضح. فقد شكّك الساسة في الولايات المتحدة مراراً وتكراراً في الأرقام التي قدّمتها وزارة الصحة في غزة لأنها تقع تحت سلطة حماس، وهي منظّمة صنّفتها الولايات المتحدة إرهابية. وفي وقت سابق من هذا العام، أقرّ مجلس النواب تشريعاً يحظر صراحة على وزارة الخارجية الاستشهاد ببيانات من وزارة الصحة في غزة. وكان الرئيس جو بايدن قد صرّح للصحافيين في وقت سابق بأنّه “لا يثق في الرقم الذي يستخدمه الفلسطينيون”، على الرغم من أنّ وزارة خارجيته تستخدم هذه الأرقام بشكل موثوق لسنوات.

لقد اعتمدت هيئات حقوق الإنسان الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، لفترة طويلة على البيانات الصادرة عن وزارة الصحة في غزة واعتبرتها موثوقة ومتوافقة مع نتائجها الخاصة.

وقال رئيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، فيليب لازاريني، للصحافيين في مؤتمر صحافي العام الماضي: “في الماضي، خلال الدورات الخمس أو الست من الصراع في قطاع غزة، كانت هذه الأرقام تعتبر موثوقة، ولم يطعن أحد في هذه الأرقام حقاً”.

ويمتدّ الحظر بموجب قانون تفويض الدفاع الوطني ليشمل أيّ مصادر تعتمد على بيانات وزارة الصحة، والتي تشمل معظم منظّمات حقوق الإنسان الرائدة والأمم المتحدة.

يأتي هذا التشريع بعد وقت قصير من إعلان منظّمة العفو الدولية أنّ “إسرائيل” ترتكب إبادة جماعية في غزة، مشيرةً إلى أنّ عدد القتلى الهائل في القطاع المحاصر كان أحد العوامل في قرارها. في العام الأول من الهجوم الإسرائيلي المستمر على غزة، قتل الجيش 44835 شخصاً في غزة، وفقاً لوزارة الصحة.

——————انتهت النشرة——————