إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 الصحافة الاسرائيلية – الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

معهد بحوث الأمن القومي (INSS) 29/1/2025

إدارة ترامب: وصيات سياسية لإسرائيل

بقلم: إلداد شافيت

من المتوقع أن تتعزز العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل خلال رئاسة ترامب الثانية، وهو ما ينعكس في دعم الإدارة الواسع للاحتياجات الاستراتيجية والأمنية والاقتصادية لإسرائيل، إلى جانب الفرص لتعزيز التعاون التكنولوجي والدفاعي. ولكن قد تنشأ خلافات محتملة بشأن قضايا رئيسية، وخاصة فيما يتصل بالسياسة تجاه إيران، والحرب في غزة، والقضية الفلسطينية، وعلاقات إسرائيل مع الصين وروسيا.

في حين تعمل الإدارة الجديدة على صياغة سياساتها في الأشهر المقبلة، فإن إسرائيل لديها الفرصة لإجراء تنسيق مبكر بشأن القضايا الحرجة. وينبغي لإسرائيل أن تعطي الأولوية لحوار استراتيجي شامل يهدف إلى تشكيل واقع جديد في الشرق الأوسط، مع التركيز على تعزيز التطبيع مع المملكة العربية السعودية وإضعاف إيران. ويشمل هذا ضمان توافق التطورات في سوريا ولبنان مع مصالح إسرائيل. وفي الوقت نفسه، ينبغي لإسرائيل أن تظهر فهمها لأولويات الإدارة، وموازنة احتياجاتها الاستراتيجية بعناية مع توقعات الولايات المتحدة.

بالإضافة إلى ذلك، ينبغي بذل الجهود لترسيخ العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل في إطار مذكرة تفاهم جديدة، في حين يتم التفاوض على اتفاقية دفاعية. وينبغي أن يكون هذا جزءا من استراتيجية طويلة الأجل لمعالجة التحديات المحتملة لمستقبل العلاقة الخاصة بين البلدين. ويشكل الحفاظ على الدعم الحزبي لإسرائيل بين الجمهور الأميركي وفي الساحة السياسية، فضلاً عن تحسين العلاقات بين دولة إسرائيل واليهود الأميركيين جزءاً رئيسياً من هذا الجهد.

الوضع الحالي

إن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تشكل بداية عصر جديد على الساحة العالمية، ومن المتوقع أن تجلب تغييرات كبيرة في توازن القوى الدولي. ومن المتوقع أن تشتد المنافسة بين القوى العظمى بين الولايات المتحدة والصين ــ وربما أيضا مع روسيا ــ وخاصة إذا فشلت جهود ترامب لفرض الحوار وتأمين الصفقات أو الاتفاقيات من خلال النفوذ الأميركي. وفي قلب هذا التنافس الجيوسياسي يكمن الصراع المستمر على الهيمنة العالمية بين الدول الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، وتلك التي يرى الأميركيون أنها تتحدى النظام العالمي القائم. ومن المتوقع أن يستمر هذا الصراع، على الرغم من رسالة ترامب بأن إدارته ستكون أقل التزاما بفرض نظام عالمي بقيادة الغرب وستركز بدلا من ذلك على إعطاء الأولوية للمصالح الأميركية.

ستستمر سياسة ترامب في ولايته الثانية في التركيز على المصالح الأميركية المتميزة، مع نهج عدواني تجاه الخصوم المفترضين، في حين يتوقع من الحلفاء أن يتحالفوا مع الولايات المتحدة. وهذا يعني بناء شراكات  تعزز الأولويات الاقتصادية والأمنية للإدارة.

لا يزال الشرق الأوسط ساحة مركزية للتوترات بين القوى العالمية المتنافسة، ولكنه أيضًا منطقة مليئة بالفرص الاقتصادية والأمنية. وفي هذا السياق، من المتوقع أن يعزز ترامب الدعم الأمريكي لإسرائيل، على الرغم من احتمال نشوء التوترات، وخاصة فيما يتعلق بالجهود الرامية إلى تعزيز التهدئة الإقليمية. ويشمل ذلك ممارسة الضغط على إيران، مع السعي أيضًا إلى التوصل إلى اتفاق مع طهران وتوسيع اتفاقيات إبراهيم، مع التركيز على تعزيز التطبيع بين إسرائيل ودول عربية أخرى. ومن المرجح أن تشمل هذه الجهود محاولات لإنهاء القتال في قطاع غزة وربما تقديم نسخة محدثة من “صفقة القرن” باعتبارها الوسيلة المفضلة لتحقيق هذا الهدف. وفي هذا الصدد، صرح ترامب نفسه أنه في رأيه، يجب أن تكون صفقة الرهائن بين إسرائيل وحماس، التي تم التوسط فيها بمشاركته المباشرة، بمثابة رافعة لتعزيز إطار من شأنه أن يسهل توسيع اتفاقيات إبراهيم.

وبالإضافة إلى التحديات على الساحة الدولية، من المتوقع أن تواجه إدارة ترامب مجموعة واسعة من القضايا المحلية، وفي المقام الأول التنفيذ السريع للتغييرات الشاملة، كما وعد خلال الحملة الانتخابية. ويبدو أن الرئيس الجديد كان حريصا على تعيين أفراد موالين في مناصب رئيسية في إدارته، ملتزمين بتنفيذ التحول الذي يسعى إليه داخل الحكومة الأميركية. ويشمل هذا تفكيك البيروقراطية المهنية في الإدارات الرئيسية، والجيش، ووكالات الاستخبارات، ووزارة العدل، واستبدال الموظفين بأشخاص مكرسين لأجندة إدارته.

وفي الخلفية، يحرك ترامب أيضا الرغبة في تأمين إرثه واكتساب الاعتراف الدولي، وخاصة مع إمكانية الفوز بجائزة نوبل للسلام. ومع ذلك، من المهم أن نلاحظ أنه في هذه المرحلة، لا يزال هناك عدم يقين بشأن الاتجاه العام لسياسة الإدارة، وخاصة فيما يتعلق بالقضايا الدولية الرئيسية. وعلاوة على ذلك، أظهر ترامب خلال فترة ولايته الأولى في منصبه أن قراراته لا تستند دائما إلى عملية منظمة ولكنها غالبا ما تكون مدفوعة بدوافع غير متوقعة.

إن التركيز الرئيسي لإدارة ترامب هو على “أميركا أولا”: في ولايته الثانية، من المتوقع أن يواصل ترامب بل ويعزز الاتجاه نحو الانعزالية النسبية، والتي كانت واضحة في ولايته الأولى وتعكس تفضيله الواضح للمصالح الأميركية الضيقة على إعطاء الأولوية للتعاون الدولي. والواقع أن ترامب من المرجح أن يستمر في تقليص الدعم الأميركي ومشاركته في المؤسسات الدولية، وخاصة حلف شمال الأطلسي والأمم المتحدة، في حين يطالب حلفاؤه ــ وربما يزيد من التوترات ــ بتحمل قدر أعظم من المسؤولية عن دفاعهم. ومع ذلك، ونظراً لنطاق التحديات العالمية، فمن المرجح للغاية أن تظل إدارته مضطرة إلى الدخول في شراكات مع الحلفاء والنظر في مصالحهم. وبالنسبة للإدارة، فإن المبدأ الرائد سيكون “إنهاء الحروب، وليس إشعالها”. وسوف يتم السعي إلى تحقيق ذلك من خلال الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاقيات تعزز المصالح الأميركية من موقف القوة، مع التركيز على الضغوط السياسية والاقتصادية، وربما أيضا من خلال إسقاط القوة العسكرية، مع السعي إلى تجنب العمل العسكري المباشر أو التشابكات. ولكن من المبكر للغاية تحديد كيفية رد الإدارة إذا فشلت في التوصل إلى الاتفاقات والتسويات، أو كيفية رد فعلها تجاه التطورات الخارجية الجديدة التي تتطلب التدخل الأميركي.

الصين: ستظل المواجهة مع الصين محوراً مركزياً لسياسة ترامب العالمية، وخاصة في الجوانب الاقتصادية والتكنولوجية. ولكن على عكس ولايته الأولى ــ عندما كان هناك إجماع واسع النطاق نسبياً على النهج تجاه الصين ــ فمن المتوقع هذه المرة أن تدخل اعتبارات إضافية حيز التنفيذ: الرغبة في العزلة السياسية من ناحية والمصالح الاقتصادية التي تشجع التنسيق من ناحية أخرى. وسوف تستمر التوترات بشأن تايوان في تهديد الاستقرار الإقليمي في شرق آسيا، ولكن مدى التزام ترامب بتايوان لا يزال غير واضح. ومن المرجح أن ترامب لا يريد أن يُنظَر إليه على أنه يتخلى عن تايوان والتزامات الولايات المتحدة تجاه الجزيرة، ولكن في الوقت نفسه، لا يريد أن تجر تايوان الولايات المتحدة إلى صراع عسكري. وقد يدفع ترامب نحو فرض عقوبات إضافية على الصين ويسعى إلى تعزيز التحالفات الإقليمية في آسيا، مثل اليابان والهند.

روسيا: تعهد ترامب بإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا. ومع ذلك، فمن غير الواضح حالياً ما هي الخطوات التي ستتخذها إدارته لتحقيق هذا الهدف. وتشير تصريحاته إلى أنه ليس ملتزماً بالضرورة بالحفاظ على السيادة الأوكرانية داخل حدودها المعترف بها دولياً، وربما يكون منفتحاً على صفقة تسمح لروسيا بالحفاظ على وجودها في الأراضي الأوكرانية المحتلة والتنازل عن قبول أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي. وفي كل الأحوال، من المرجح أن تتأثر السياسة الأميركية تجاه روسيا بتقييم الإدارة لضعف روسيا والعزم الذي أظهرته قيادتها.

العلاقات في الشرق الأوسط

موقف أكثر صرامة تجاه إيران: من المتوقع أن يكثف ترامب سياسة “الضغط الأقصى” على إيران، بما في ذلك فرض عقوبات صارمة إضافية وبذل جهد مكثف لضمان إنفاذها. حتى الآن، لم يوضح ترامب والشخصيات الرئيسية في إدارته الهدف النهائي المتمثل في زيادة الضغط، على الرغم من أن ترامب نفسه أعرب مرارًا وتكرارًا عن نيته في التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران. بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن يسعى ترامب إلى تعزيز الجبهة الإقليمية ضد إيران، بما في ذلك التعاون الوثيق مع إسرائيل ودول الخليج. ومع ذلك، فإن موقفه من العملية العسكرية ضد إيران – ونية القيام بها – لا يزال غير واضح. ومع ذلك، إذا استمرت إيران في تعزيز برنامجها لتخصيب اليورانيوم، فقد يكون ترامب أكثر استعدادًا من ذي قبل لمواجهة إيران بتهديد عسكري أو حتى اتخاذ إجراء عسكري، وخاصة بمساعدة إسرائيل، ومحاولة الاستفادة من النكسات التي عانى منها “محور المقاومة” بقيادة إيران في أعقاب الحرب متعددة الجبهات مع إسرائيل. في الوقت نفسه، كرر ترامب مرارا وتكرارا أنه يعود إلى منصبه بهدف “إنهاء الحروب” وليس “بدء حروب جديدة”، وهناك القليل من الحماس بين قاعدته السياسية للتدخل الأمريكي المباشر في العمليات العسكرية.

التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية ودول أخرى: من المتوقع أن يدفع ترامب نحو اتفاقيات تطبيع إضافية بين إسرائيل والدول العربية، وخاصة المملكة العربية السعودية. إن نجاح هذه المبادرة من شأنه أن يعزز إرثه (ويمكن أن يكسبه حتى جائزة نوبل). ومع ذلك، فمن غير الواضح كيف تخطط الإدارة للمضي قدما في هذا الهدف. قد تعود نسخة من “صفقة القرن” إلى الأجندة، لكن ترامب نفسه صرح بعد انتخابه أن هناك نماذج أخرى يمكن أن تؤدي إلى التقدم في هذا السياق.

السياسة تجاه الفلسطينيين: من المرجح أن يستمر ترامب في تهميش حل الدولتين وتعزيز نماذج اقتصادية مماثلة لـ “صفقة القرن”، مع التركيز على البنية التحتية والتنمية الاقتصادية في الساحة الفلسطينية بدلاً من التسوية الإسرائيلية الفلسطينية الشاملة. إن هذا النهج قد يستفز الفلسطينيين ويزيد من حدة التوترات في الأراضي الفلسطينية وحتى داخل إسرائيل، وخاصة إذا أصر ترامب على المطالب التي وجهها لإسرائيل كما هو موضح في الخطة التي قدمها خلال ولايته الأولى. ومن المرجح للغاية أن تستمر إدارة ترامب في معارضة أي تسريع لضم إسرائيل للضفة الغربية، وخاصة في غزة، لأن مثل هذه التحركات قد تكون ضارة بقدرته على تعزيز رؤية السلام الإقليمي. ومع ذلك، إذا فشلت الجهود الدبلوماسية لإدارته، فقد ينسحب من المشاركة في دفع العملية السياسية، مما قد يعني أيضًا تجاهل خطوات إسرائيل نحو الضم. وهذا بدوره قد يضر بالمكانة الدولية لإسرائيل وقيمها كدولة ديمقراطية.

العراق: قد يواصل ترامب تقليص الوجود العسكري الأميركي في البلاد (وكذلك في سوريا)، ولكن من المرجح أن يحافظ على قوة مركزة في المنطقة، ويفضل أن تكون في العراق، لمحاربة داعش والتصدي لجهود إيران لتوسيع نفوذها الإقليمي.

لبنان: إذا استأنف حزب الله هجماته على إسرائيل، وخاصة إذا اندلع صراع واسع النطاق بين حزب الله وإسرائيل، فقد يدعم ترامب عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق. ومع ذلك، من المتوقع عمومًا أن تواصل إدارة ترامب جهودها الرامية إلى استقرار الساحة اللبنانية، وخاصة بعد انتخاب مرشحها المفضل، جوزيف عون، رئيسًا للبنان. ومن المرجح أن تعمل إدارة ترامب على منع تصعيد الوضع في لبنان إلى صراع إقليمي.

مستقبل سوريا: صرح ترامب مرارًا وتكرارًا أنه في رأيه، فإن الولايات المتحدة “ليس لديها مصلحة فيما يحدث في سوريا”. إن ميل أردوغان الواضح هو التقليل من التدخل الأميركي، وخاصة الانخراط العسكري، بما في ذلك إمكانية سعيه إلى التقدم خلال ولايته الأولى لكنه تراجع في وقت لاحق – الانسحاب الكامل لجميع القوات الأميركية في شمال شرق سوريا التي تعمل مع القوات الكردية، والتي تسيطر، من بين أمور أخرى، على السجون التي تحتجز عملاء داعش. يمكن للولايات المتحدة أن تحاول، من خلال الحوافز الاقتصادية وبمساعدة حلفائها الإقليميين، التأثير على النظام السوري الجديد، الذي يسعى إلى تعزيز سلطته وتقديم نفسه على أنه يسعى إلى نهج أكثر توجها نحو الغرب.

تركيا: قد تستمر العلاقات في التقلب بين التعاون الانتقائي والصراع المدفوع بسياسات أردوغان – وخاصة فيما يتعلق بالأكراد في شمال سوريا، وكذلك تجاه اليونان وقبرص في شرق البحر الأبيض المتوسط، وعدائها لإسرائيل، ودعم حماس، وتقارب أنقرة المتزايد في السنوات الأخيرة مع روسيا والصين.

أهداف سياسة إسرائيل

الحفاظ على العلاقة الخاصة بين إسرائيل والولايات المتحدة وتعزيزها: وهذا يتضمن ضمان الدعم الاستراتيجي الأمريكي مع استمرار التعاون الأمني ​​والمساعدة العسكرية. وينبغي تحقيق ذلك من خلال الإدارة الدقيقة للعلاقات عبر الحوار الاستراتيجي مع معالجة أي توترات وخلافات بشكل سري. وينبغي للولايات المتحدة أيضًا أن تلعب دورًا مهمًا في الجهود الرامية إلى استعادة مكانة إسرائيل الدولية.

الحفاظ على الدعم الحزبي في الولايات المتحدة: ينبغي لإسرائيل أن تستمر في التمتع بدعم الحزبين في الولايات المتحدة مع الحفاظ على العلاقات الوثيقة مع يهود أمريكا.

تعزيز المصالح الإسرائيلية في المنطقة: تحسين مكانة إسرائيل الإقليمية، وتعزيز التطبيع مع الدول العربية والإسلامية من خلال توسيع اتفاقيات إبراهيم، وتعزيز دور إسرائيل كشريك رائد للدول السُنّية المعتدلة في الشرق الأوسط.

إيران وما يسمى “محور المقاومة”: منع إيران من الحصول على القدرات النووية ومواصلة الجهود لإضعاف “محور المقاومة” الذي تقوده إيران.

الفلسطينيون: تهيئة الظروف لحل الصراع بما يلبي احتياجات إسرائيل الأمنية مع الحفاظ على طابعها اليهودي والديمقراطي.

التعاون الاقتصادي والتكنولوجي: الاستفادة من القدرات التكنولوجية الإسرائيلية للتعاون في مجالات مختلفة، بما في ذلك الدفاع والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة والبيئة والصحة.

التحديات والفرص الرئيسية لإسرائيل

العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل: من المتوقع أن تتعزز العلاقات في ظل إدارة ترامب وحكومة يقودها الجمهوريون، بمساعدة تعيين مسؤولين مؤيدين لإسرائيل وأغلبية جمهورية في الكونجرس ومجلس الشيوخ. خلال فترة ولايته الأولى، تبنى ترامب بالفعل سياسات اعتبرت صديقة لإسرائيل؛ ومع ذلك، فإن التحولات السياسية الجديدة والتطورات الجيوسياسية قد تقدم ديناميكية مختلفة. إذا تم اتخاذ خطوات لتعزيز حل الدولتين، فقد تنشأ توترات بين القدس وواشنطن. نظرًا لأن الإدارة الجديدة ستعيد تقييم أولويات السياسة الخارجية الأمريكية، فإن إسرائيل لديها فرصة للتأثير على أولويات الإدارة واتجاهها الاستراتيجي. يتمثل أحد التحديات الرئيسية لإسرائيل في تحديد المصالح المشتركة مع فهم أهداف الإدارة الجديدة وتحديد المكان الذي يجب أن تكيف فيه سياساتها وأهدافها وفقًا لذلك. ومع ذلك، على عكس إدارة بايدن، من غير المرجح أن تلتزم الإدارة الجديدة بشكل صارم بـ “القيم المشتركة” كمكون أساسي لسياساتها. وبالتالي، ونظراً لنهجها القائم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لإسرائيل ــ مرة أخرى، على النقيض من إدارة بايدن ــ فمن غير المرجح أن تعارض الولايات المتحدة التحركات التي قد يراها البعض في الجمهور الإسرائيلي مناهضة للديمقراطية. وفي هذا السياق:

ونظراً لتصور إسرائيل بأن الإدارة الجمهورية تحت قيادة ترامب أكثر ملاءمة لإسرائيل من الإدارة الديمقراطية، فقد تجد الحكومة الإسرائيلية صعوبة أكبر في تحدي أو رفض المطالب الأميركية ــ حتى لو كانت تتعارض مع التفضيلات الإسرائيلية.

قد تؤدي علاقة إسرائيل بإدارة جمهورية إلى زيادة توتر علاقاتها بالحزب الديمقراطي وعلاقاتها مع المجتمع اليهودي الأميركي الليبرالي في الغالب، والذي يعارض ترامب. إن الحفاظ على الدعم الحزبي لإسرائيل يشكل مصلحة استراتيجية بالغة الأهمية، ويتطلب الانتباه عن كثب إلى التغييرات داخل الحزب الديمقراطي ــ وخاصة وأن قيادته المستقبلية قد تكون أكثر انتقاداً لإسرائيل.

مكانة إسرائيل في الساحة الدولية: تبنى ترامب سياسة أحادية الجانب مؤيدة لإسرائيل بشأن قضايا رئيسية مثل القدس، ومرتفعات الجولان، واتفاقيات إبراهيم ــ وهي السياسات التي حظيت بدعم واسع النطاق في إسرائيل ولكنها أثارت أيضاً معارضة دولية. وفي فترة ولايته الثانية، قد تشتد الاستقطاب بين مؤيدي إسرائيل ومعارضيها على الساحة العالمية، مما يجعل من الصعب الحفاظ على الدعم الدولي الواسع، وخاصة في أوروبا وآسيا. لكن على النقيض من إدارة بايدن، من المتوقع أن تدعم الإدارة الجديدة إسرائيل بقوة، بما في ذلك الوفاء بتعهدها بفرض عقوبات على مسؤولي محكمة العدل الدولية في لاهاي ردًا على إجراءاتهم القانونية ضد إسرائيل. وشملت هذه الإجراءات اتهامات بالإبادة الجماعية، واتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء ووزير الدفاع السابق من قبل المحكمة الجنائية الدولية. ورغم أهمية هذا الدعم، إلا أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان موقف الولايات المتحدة سيكون له أي تأثير كبير على قرارات المحاكم الدولية في لاهاي.

المساعدات الدفاعية: إن الحملة العسكرية الجارية في غزة، إلى جانب التحديات الأمنية الإضافية ــ بما في ذلك الصراعات في الشمال مع سوريا ولبنان، فضلاً عن التهديدات من إيران ووكلائها في اليمن والعراق ــ تتطلب تدفقاً مستمراً للمساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل. ومن المتوقع أن تتبنى إدارة ترامب موقفاً داعماً وتمتنع عن وضع العقبات في طريق إسرائيل. ومع ذلك، فإن هذه القضية قد تخلق توترا داخل الإدارة بين رغبتها في دعم إسرائيل وهدفها الأوسع المتمثل في خفض المساعدات الخارجية. وفي الوقت نفسه، من المرجح أن تتوقع الإدارة “ثمناً سياسياً” في مقابل زيادة دعمها، الأمر الذي قد يتطلب من إسرائيل أن تتماشى مع مواقف الولايات المتحدة بشأن الصين وربما حتى أوروبا. وفيما يتصل بالقضية الفلسطينية، قد تدفع الإدارة إسرائيل إلى إظهار استعدادها للمضي قدماً في التوصل إلى اتفاق سياسي، وخاصة إذا كانت هناك فرصة لتعزيز التسوية الإقليمية وتوسيع اتفاقيات إبراهيم. إن النهج الإيجابي الذي تتبناه الإدارة الأميركية يمثل فرصة لإسرائيل قبل البدء المتوقع للمناقشات حول تجديد مذكرة التفاهم بشأن المساعدات الأمنية الأميركية لإسرائيل، والتي من المقرر أن تنتهي في عام 2028. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن ترامب من المرجح أن ينظر إلى المفاوضات بشأن مذكرة التفاهم التالية كجزء من حوار أوسع مع إسرائيل، يشمل اتفاقيات ونزاعات مختلفة حول قضايا سياسية رئيسية.

الضغط على إسرائيل لاتخاذ موقف بشأن الصراعات العالمية: قد يزيد ترامب من الضغوط على حلفاء الولايات المتحدة، بما في ذلك إسرائيل، لدعم سياساته علناً ضد المنافسين العالميين، وخاصة الصين وروسيا. وقد يضع هذا الضغط إسرائيل في مواقف دبلوماسية حساسة قد تضر بمصالحها الاقتصادية والأمنية. ومن المرجح أن يستمر التوقع بأن تتماشى إسرائيل (وكذلك الحلفاء الآخرون) مع السياسات الأميركية بشأن القضايا الرئيسية – وخاصة فيما يتعلق بما هو “مسموح به وغير مسموح به” في العلاقات مع الصين – كما رأينا في ولاية ترامب السابقة عندما ضغط على الحلفاء للحد من تعاملاتهم مع شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة هواوي.

السياسة الأميركية تجاه إيران: من المتوقع أن تتبنى إدارة ترامب موقفا صارما تجاه إيران، وتعزز العقوبات للضغط على طهران لحملها على التخلي عن سياستها المواجهة. ومن المرجح أن يكون الهدف التفاوض على اتفاق يركز على البرنامج النووي الإيراني. ويمثل احتمال قيام الإدارة بصياغة سياسة جديدة بشأن إيران في وقت مبكر من ولايتها فرصة لإسرائيل للتأثير على إطارها وأهدافها. ومع ذلك، فإن التحدي الرئيسي الذي تواجهه إسرائيل سيكون ضمان توافق أي اتفاق محتمل مع متطلباتها الاستراتيجية.

في الوقت نفسه، هناك مخاوف من أن الولايات المتحدة قد تقلل في الأمد البعيد من مشاركتها في المنطقة ــ وخاصة إذا خلصت إلى أن تيسير التوصل إلى حل إقليمي غير ممكن ــ وهو ما يعكس ميولها الانعزالية. وقد يمنح هذا إسرائيل شرعية أميركية أكبر للقيام بعمل عسكري أوسع نطاقا أو بذل الجهود للدفع نحو تغيير النظام في إيران. ومع ذلك، من غير المرجح أن تسعى الإدارة إلى المشاركة المباشرة في صراع عسكري، سواء بدأته الولايات المتحدة أو أشعلته الإجراءات الإسرائيلية. وعلى العكس من ذلك، قد تسعى إدارة ترامب إلى التوصل إلى اتفاق مع إيران لا يلبي تماما توقعات إسرائيل. وفي مثل هذا السيناريو، قد تمتنع عن إعطاء إسرائيل “الضوء الأخضر” لأي عمل عسكري ضد إيران.

ضغوط سياسية واقتصادية قوية لإنهاء الحرب في غزة: حتى قبل تنصيبه، دفع ترامب بنشاط من أجل التوصل إلى اتفاق لتأمين إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس. ومن المتوقع أن تعمل إدارته بشكل مكثف في الأسابيع المقبلة لضمان عدم انهيار الاتفاق. إن الإدارة سوف تدعم إسرائيل إذا انتهكت حماس الاتفاق، ولكن من وجهة نظر ترامب، فإن الاتفاق يجب أن يكون بمثابة رافعة لإنهاء الحرب – مما يسهل رؤية إقليمية أوسع نطاقا تقوم في المقام الأول على توسيع اتفاقيات إبراهيم من خلال إدراج المملكة العربية السعودية في إطارها. بغض النظر عن ذلك، قد يتم الضغط على إسرائيل للسماح بجهود إعادة الإعمار في قطاع غزة، في المقام الأول لمساعدة الإدارة على تعزيز استراتيجية خفض التصعيد الإقليمية، بالإضافة إلى الموافقة على آليات المراقبة الدولية لعملية إعادة الإعمار، والتي من غير المرجح أن تنظر إليها إسرائيل بشكل إيجابي.

التوصيات

في الأشهر القليلة الأولى، ستعيد الإدارة الجديدة تقييم السياسة الخارجية الأميركية وتشكيل اتجاهها الاستراتيجي، مما يمنح إسرائيل الفرصة لضمان التنسيق المبكر بشأن القضايا الرئيسية. وينبغي لإسرائيل أن تشارك في حوار سري واستراتيجي، وخاصة بشأن القضايا التالية: 1- تشكيل واقع جديد في الشرق الأوسط، مع التركيز على دفع عملية التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، بما في ذلك الاتفاقات بشأن الخطوات اللازمة لتحقيق أهداف إسرائيل في غزة والنهج تجاه القضية الفلسطينية؛ 2 – السياسة تجاه إيران، بهدف كبح برنامجها النووي وإضعاف نفوذها الإقليمي؛ و3 – ضمان عدم تعارض التحولات الإقليمية المحتملة في سوريا ولبنان مع مصالح إسرائيل.

وفي سياق إيران، ينبغي لإسرائيل أن تولي اهتماما وثيقا للخطوط الحمراء التي وضعتها الإدارة وأن تكون مستعدة للتأثير عليها لتقليل الاحتكاك المحتمل مع الولايات المتحدة. وينبغي أن يشمل هذا مناقشات تشمل وجهات نظر إسرائيل بشأن عناصر أي اتفاق قد تسعى الإدارة الجديدة إلى التوصل إليه مع إيران. ومن المهم التأكيد للإدارة على أنه لكي تنجح استراتيجيتها بشأن إيران، يتعين عليها أن تقرن العقوبات الموسعة بالتهديد العسكري الموثوق. إن الجمع بين الضغوط الاقتصادية والردع العسكري الموثوق من شأنه أن يزيد من احتمالات امتثال إيران للمطالب الأميركية، أو بدلاً من ذلك، خلق الظروف لتقويض النظام الإيراني. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لإسرائيل أن تستكشف مع الإدارة الأميركية إمكانية الحصول على “الضوء الأخضر” للعمل المستقل ضد إيران. ومع ذلك، فإن دعم الولايات المتحدة لمثل هذا النهج يحمل مخاطر، وخاصة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مسبق حول كيفية استجابة الولايات المتحدة في حالة التصعيد.

يتعين على إسرائيل أن تستعد للمفاوضات بشأن تجديد مذكرة التفاهم بشأن المساعدات الأمنية الأميركية لإسرائيل، والتي من المقرر أن تبدأ في عام 2025. ومن المهم الاستفادة من هذا الحوار لمواصلة تشكيل معاهدة دفاعية مع الولايات المتحدة. إن التوصل إلى اتفاقات بشأن هذه القضايا بالتوازي من شأنه أن يعزز موقف إسرائيل الأمني ​​وقدراتها على الردع. إن تأمين الاتفاقيات خلال النصف الأول من ولاية الإدارة الجديدة ــ قبل انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر/تشرين الثاني 2026 ــ من شأنه أن يساعد في إضفاء الطابع المؤسسي على العلاقة الأمنية بين البلدين، مما يجعل من الصعب على الرؤساء الأميركيين في المستقبل تغيير العلاقات مع إسرائيل، حتى لو عارضوا سياساتها.

إن الحفاظ على الدعم الحزبي لإسرائيل في المجالين العام والسياسي الأميركي أمر بالغ الأهمية. وينبغي لإسرائيل أن تسعى إلى توسيع العلاقات مع قيادات الأقلية الديمقراطية في مجلسي الكونجرس وتجنب الإجراءات التي يمكن أن يُنظر إليها على أنها تتماشى مع الحزب الجمهوري في النزاعات الداخلية الأميركية، والتي من المتوقع أن تشتد في الأشهر المقبلة. ومن الأهمية بمكان الحفاظ على العلاقات مع يهود أميركا، وضمان استمرار المشاركة والدعم.

يتعين على إسرائيل أن تقود جهود الدبلوماسية العامة الدولية من خلال الحملات الإعلامية التي تسلط الضوء على التحديات الأمنية المعقدة التي تواجهها. وينبغي أن يشمل هذا جهداً مركّزاً لتحسين صورة إسرائيل بين الجمهور الأميركي وفي الساحات السياسية.

ومن المهم الحفاظ على نهج متوازن في الساحة الدولية؛ وفي حين تعتمد إسرائيل على إدارة ترامب، فإنها لابد أن تحافظ أيضاً على علاقات قوية مع الدول الأوروبية والآسيوية.

وينبغي تعزيز الشراكات مع الولايات المتحدة وترسيخها عبر مختلف مجالات الأمن القومي، مع التركيز بشكل خاص على سلاسل التوريد، والتكنولوجيات الناشئة، والطاقة، وأشباه الموصلات. وقد يسهل تشكيل الكونجرس في العامين المقبلين تحقيق هذا الهدف.

——————————————-

اسرائيل اليوم 29/1/2025

التحقيق العسكري الداخلي عن شعبة العمليات في 7 أكتوبر: هيئة الأركان لم تتدخل لان فرقة غزة بثت سيطرة – رغم انهيارها

بقلم: ليلاخ شوفال

التحقيق الذي فحص شعبة العمليات في احداث 7 اكتوبر، يفيد بأن “رئيس شعبة العمليات، الجنرال شلومو بندر (الذي كان في حينه عميد)، اتخذ القرارات الصحيحة، وعمل برباطة جأش واستخدم كل الموارد الذي كانت بحوزته. 

ولكن التحقيق الشامل الذي يرتكز الى الصور والتسجيلات من “القبو” يبدأ فقط في الساعة 6:29. ما حدث عشية الهجوم لم يتم فحصه بنفس مستوى التفصيل، بل فقط كجزء من تحقيق عام اجراه ضابط كبير في شعبة العمليات. وحقيقة أن هذا الضابط يشغل منصب مثل منصب بندر، تثير علامات استفهام حول موضوعية الفحص. 

يجب التذكير بأن تعيين بندر كرئيس لشعبة العمليات ووجه بانتقاد كبير في الجيش وخارجه. رئيس الاركان، الجنرال هرتسي هليفي، تم اتهامه بترقية المقرب منه والمخلص له، الذي كان رئيس شعبة العمليات في صباح المذبحة. هليفي قال إن الجهود الاولية للتحقيق حول شعبة العمليات لم تمنع التعيين. ولكن حقيقة أن التحقيق بدأ فقط في الساعة السادسة والنصف صباحا يمكن أن تُجمل الصورة، وحتى الآن لم يتم اجراء أي عملية تكامل بين التحقيقين. 

من التحقيقات التي اجريت حتى الآن يتبين أن الجنرال بندر لم يعرف عن خطة “سور اريحا” اذا تم اقتحام جماعي للمخربين. السيناريو الاكثر خطورة الذي تم الاستعداد له على قاعدة تقديرات الاستخبارات هو اطلاق الصواريخ والاقتحامات المركزة.

في الساعة 2:30 فجرا حصل بندر على معلومات اولية عن احداث استثنائية، من الشباك وليس من الاستخبارات في الجيش أو من قيادة المنطقة الجنوبية. ورغم أن المعلومات لم تشر الى التحذير الفوري، إلا أن بندر قام باجراء اتصالات مع مرؤوسيه ومع ضباط في سلاح الجو وسلاح البحرية.

في الساعة 4:30 صباحا قام رئيس شعبة العمليات ورئيس الاركان بتقدير للوضع، سبق تقدير الوضع المخطط له في الصباح. في اعقاب ذلك قام بندر بارسال رئيس المنطقة الجنوبية (ضابط برتبة مقدم) الى مقر وزارة الدفاع من اجل اعداد تقدير للوضع. 

مع ذلك، رغم الدلائل الاستخبارية المتراكمة إلا أن بندر لم يقم باجراء تقدير شامل للوضع في نفس الليلة، الذي كان يمكن أن يسبق مشاورات قادته. في هذه المشاورات، كما هو معروف، لا أحد قدر أنه يتوقع حدوث حدث استثنائي. باللغة العسكرية لم يتم تشخيص فترة زمنية فوري للتحذير أو حدوث حدث في قطاع غزة. ولكن ربما أن تقدير للوضع اكثر شمولية ومشاورات في شعبة الاستخبارات كانت ستؤدي الى نتيجة مختلفة. 

لم يكن نقص في القوات

الادعاء الرئيسي يتعلق بالوصول المتأخر لبندر الى “القبو” (غرفة العمليات تحت الارض). وحسب الخطوط الاساسية في التحقيق التي وصلت الى صحيفة “اسرائيل اليوم” فقد تم توثيقه بالكاميرات وهو يدخل الى مقر القيادة العليا فقط في الساعة 8:47 صباحا، أي بعد ساعتين تقريبا على بدء الهجوم الارهابي. تفسير ذلك في التحقيق هو أن الجنرال بندر يعيش في رمات هغولان، وبين حين وآخر هو يضطر الى التأخر من اجل اعطاء التعليمات، لأن التقاط الهواتف المحمولة اثناء النزول من الهضبة تكون مشوشة. في التحقيق جاء أن قراره في هذا السياق معقول. 

حسب التحقيق فانه عند بدء الهجوم في الساعة 6:29 صباحا كانت غرفة العمليات التابعة لرئاسة الاركان في مقر وزارة الدفاع في حالة استعداد اساسية فقط. مدير القتال كان ضابط برتبة رائد، لكن في اعقاب الاحداث التي حدثت في الليل وصل الى المكان ايضا رئيس الساحة الجنوبية، ضابط برتبة مقدم، من اجل تهيئة المواد لجلسة تقدير الوضع التي سيتم عقدها في الصباح.

رغم التقارير عن النقص في القوات في فرقة غزة، إلا أن التحقيق وجد أنه عمليا كان في هذا القاطع فصيل واحد، اعلى من المستوى المطلوب. في الحقيقة يمكن الجدال حول ما اذا كان ترتيب القوات منسق، لكن على الارض لم يكن نقص في القوات. مع البدء في اطلاق الصواريخ قامت شعبة العمليات بتفعيل القوات التي كانت توجد في حالة استعداد سريع: وحدات خاصة وعدة كتائب، من بينها كتيبة جفعاتي من الشمال، وكتيبة 450 من مدرسة قادة الفصائل، وكتيبة غيفن من مدرسة التدريب 1.

التقارير أخذت في التراكم

في الساعة 6:36 جرت محادثات بمشاركة رئيس الاركان ورئيس شعبة العمليات وقائد سلاح الجو وقائد المنطقة الجنوبية. وقد تقرر فيها تفعيل الجيش بأكبر قدر ممكن. حتى الساعة 7:30 تم تفعيل جميع قوات الجيش النظامي وجزء من الاحتياط.

التحقيق الذي يرتكز على الكاميرات من “غرفة العمليات” في الوقت الحقيقي يظهر أن الشاشات عملت ولم تكن فجوة كبيرة بين صورة الوضع التي قدمتها “اوسنت” (المعلومات من مصادر علنية) وبين المعلومات التي كانت توجد في “القبو” (الادعاء بشأن شاشات غير مشغلة يتعلق بغرف عمليات اخرى للجيش).

اعلان “فرس بليشت” – امر طواريء في حالة تسلل معادي – تحرك نحو اعلى سلسلة القيادة: فرقة غزة اعلنت في الساعة 6:37 وقيادة المنطقة الجنوبية في الساعة 6:43 وغرفة العمليات في الساعة 6:48، الامر الذي يعطي قائد القاطع الصلاحية للتعامل مع التسلل، بما في ذلك اطلاق النار من الجو ومن الوحدات الخاصة.

التقرير الاول عن عملية الاقتحام وصل الى شعبة العمليات في الساعة 6.48. التقارير اخذت تزداد. في الساعة 7:10 ابلغت قيادة المنطقة الجنوبية عن ثمانية اختراقات. وفي الساعة 7:30 كانت معلومات عن 15 اختراق على طول القطاع. بعد ذلك سجلت عشرات الاختراقات، بعضها تم الابلاغ عنه وبعضها لم يتم الابلاغ عنه.

وصول بطيء الى المنطقة

بعد بضع دقائق على بدء الهجوم بدأت محادثة فيديو متواصلة بين قيادة المنطقة الجنوبية وغرفة العمليات. هناك شاهدوا افلام فيديو من مصادر اخرى. هكذا تم تجنب فجوة في صورة تقدير الوضع بين هيئة الاركان وموقع القيادة العليا. في الساعة 6:55 شخص رئيس الساحة الجنوبية تسلل من البحر وابلغ ضابط شعبة العمليات في قيادة المنطقة الجنوبية، الذي يدوره أبلغ الفرقة. في الدقائق الاولى سمع رئيس الاركان وهو يبلغ عن عملية تسلل بالتراكتورات الطائرة، بعد أن شاهد قائد الفرقة 146 في حينه، العميد اسرائيل شومر، من سكان كفار عزة، بأم عينه ذلك.

السؤال الرئيسي حول أداء شعبة العمليات يتعلق بطريقة توزيع القوات على عشرات مواقع الاحداث. في التحقيق يتبين أن فرقة غزة وقيادة المنطقة الجنوبية و”القبو” وهيئة الاركان، وجدت صعوبة في بلورة صورة وضع دقيقة عما يحدث، ضمن امور اخرى، لأن التقارير عن عمليات التسلل كانت متشابهة. 

حسب التحقيق فانه حتى الساعة 7:30 استخدمت شعبة العمليات جميع القوات الموجودة لديها. هيئة الاركان، بواسطة شعبة العمليات، خصصت قوات لقيادة المنطقة الجنوبية، التي بدورها نقلتها للفرقة وفقا لسلسلة القيادة المنظمة. القيادة القطرية والفرقة كانت هي المسؤولة عن ارسال القوات الى النقاط المختلفة. في الساعة 8:00، بعد تقدير الوضع من قبل رئيس الاركان، دخل رئيس قسم العمليات الجنرال عوديد بسيو، واصدر تعليمات بشأن الانتقال الى حالة الحرب. فقد قام بازالة كل القيود الاخيرة وصادق على تجنيد الاحتياط. في الساعة 9:07 فعلت شعبة العمليات منظومة “غال” (تجنيد وطني) حتى قبل مصادقة المستوى السياسي. 

عنق الزجاجة

حول السؤال المهم والضروري لماذا لم تصل القوات بشكل اسرع، التحقيق وجد أن هناك عقبات مادية للوقت، الانتظام والسفر. معظم القوات وصلت في الساعة 9:30 – 10:00. الوصول حسب التحقيق لم يكن بالسرعة المطلوبة. ولكن الجيش الاسرائيلي لم يستعد لسيناريو يتسلل فيه مئات أو آلاف المخربين في نفس الوقت من عشرات النقاط. وافترض أنه سيكون انذار يمكن من الاستعداد المناسب لترتيب القوات. 

التحقيق ايضا يجيب على سؤال “أين كان الجيش؟”. الجواب بسيط: الجيش علق في سدروت. القوات التي وصلت الى الجنوب تركزت في اوفكيم وسدروت لعدة اسباب: صورة الوضع التي تأثرت، ضمن امور اخرى، فيلم سيارة تندر المسلحين في سدروت اشار الى وجود قتال في المدينة. قوات كثيرة تم ارسالها الى هناك رغم أنه في نير عوز مثلا، كان هناك عشرة اضعاف من المخربين. التقدير هو أن هناك ضرر اكبر في المدن المأهولة. اضافة الى ذلك فان سدروت كانت عنق زجاجة جغرافي عمل على تأخير تقدم القوات الى الجنوب حتى الساعة 11:00 تقريبا.

بصورة مؤلمة القوات تم ارسالها الى اماكن نجحت في “الصراخ” بشكل اقوى لطلب المساعدة. مثلا، وصلت الى نير عوز القوات فقط بعد مغادرة آخر المخربين. في حفلة “نوفا” الجيش لم يعرف ابعاد الكارثة حتى وقت متأخر. التحقيق فحص ايضا لماذا القيادة العامة لم تتدخل اكثر في تخصيص القوات، رغم الوضع الكارثي والفوضى. الجواب يكمن في بنية القيادة في الجيش الاسرائيلي – قيادة المنطقة الجنوبية قامت بعملها، فرصة غزة برئاسة العميد آفي روزنفيلد بثت السيطرة على الوضع، رغم أنها بالفعل انهارت. في هذا الوضع، حسب التحقيق، ومع الاخذ في الحسبان الحاجة الى الاستعداد لساحات اخرى (بالاساس في الشمال) لم يكن هناك أي مبرر لتدخل أكثر من هيئة الاركان. الانحراف عن قواعد القيادة والسيطرة، قيل، كان سيخلق الفوضى.

مع ذلك، كانت هناك حالات فيها هيئة الاركان العامة تدخلت حقا، لكنها فعلت ذلك بمشاركة قيادة المنطقة وليس فوقها. في بعض الحالات مثلا، كان يمكن رؤية أن رئيس شعبة العمليات، الجنرال بندر، وهو يوجه القوات والقادة الى بلدات، هو وضابط شعبة الاستخبارات التابعة لقيادة المنطقة الجنوبية.

هذا ليس ملخص رسمي

رغم النتيجة الوحشية والمؤلمة للمذبحة، إلا أن التحقيق يقول بأنه في ظروف الاستعداد القائمة وفي ظل غياب تحذير استخباري، فان سلوك “القبو” التابع لهيئة الاركان، كان جيد بالاجمال. مع ذلك، تم تشخيص مجالات للتحسين: بلورة افضل لصورة الوضع، استنفاد قدرات كل الاجهزة (الشباك، الموساد ومنظمات اخرى كانت توجد في المكان)، وتفعيل اسرع للقوات ووجود منظومة طواريء سريعة تضم منظومات نقل وطائرات مروحية. 

لكن يطرح سؤال هل منهجية التحقيق التي تم اختيارها صحيحة. الفصل بين الاحداث في تلك الليلة والاحداث في النهار تثير التساؤلات، حيث أن القرارات، أو غيابها، في الليل اثرت بشكل جوهري على ما حدث في النهار، وعلى القدرة على منع أو تقليص الكارثة. تحقيق شعبة العمليات الذي يبدأ في الساعة 6:29 لا يمكن أن يكون كامل بدون تزامن مع فحص سلوكها في الليل. 

المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي قال ردا على ذلك: “الجيش الاسرائيلي يوجد حاليا في ذروة عملية التحقيق في احداث 7 اكتوبر وما سبقها. التفاصيل الموجودة في المقال لا تشكل الملخص الرسمي للتحقيق. التحقيق لم يتم استكماله بعد، وعندما سيتم استكماله سيعرض بشفافية على الجمهور”.

——————————————-

يديعوت احرونوت 29/1/2025

المخاطرة المحدقة بتنفيذ المرحلة الثانية من الصفقة

بقلم: رونين بيرغمان

“لانهم يخفون عن الجمهور تفاصيل الاتفاق الذي وقع بين إسرائيل وحماس، أحد لا يفهم بان المفاوضات على المرحلة الثانية من الصفقة لن تنفجر بعد انتهاء المرحلة الأولى بل قبل ذلك بكثير. عندما يتبين لحماس بانه لا توجد مرحلة ثانية، فلن يكون لها أي دافع لانهاء الأولى، وبالتأكيد أن تصل الى اليوم الـ 42 الذي يفترض ان يتحرر فيه نحو نصف المخطوفين الاحياء. نتنياهو يقدم جملة روايات كي يبرر ما وافق عليه لما أقسم الا يوافق عليه ابدا: انسحاب من نتساريم وفيلادلفيا وغيرها من مثل هذه التناقضات. القرارات في المرحلة الثانية ستكون مصيرية اكثر بكثير وستأتي بتضارب حاد اكثر بكثير مع ما وعدت به الحكومة. الأسبوع الأخير هو الأخير أرانا كم هي الصفقة هشة، وكيف يمكن لكل طرف أن يتهم الاخر بالخروقات وكم سهلا الإعلان عن الامر منتهٍ”.

هذه هي خلاصة أقوال مصدر سياسي رفيع المستوى مطلع على الصفقة وعلى ما يجري في الميدان أيضا منذ أن خرجت الى حيز التنفيذ وكذا على ما ينتظر المحادثات الرسمية لتنفيذ المرحلة الثانية والتي يفترض أن تبدأ يوم الاثنين القادم في ختام 16 يوما من بدء المرحلة الأولى. هو قلق. صورة الوضع التي يصفها تتضمن سلسلة من المصاعب والتهديدات، السياسية بالأساس التي لن تسمح لنتنياهو بالتوقيع على الصفقة حتى لو كان معنيا بذلك.

بالمقابل ثمة بضعة أناس في إسرائيل، واساسا في العصبة المحيطة برون ديرمر ممن يؤمنون بان كل شيء قابل للحل – بل وافضل من ذلك، بان المرحلة الثانية ستكون في واقع الامر جزء من خطوة تاريخية شاملة تتضمن التطبيع مع السعودية، ادخال قوة متعددة الجنسيات الى قطاع غزة، قوة لن تسمح لحماس بان تعود لتأخذ الحكم في ايديها، تسمح بإدخال لاعبين إضافيين يساعدون في تمويل اعمار القطاع وغيرها وغيرها. هذه الخظوة الكبرى، اتفاقات إبراهيم متسارعة، بحثت في محافل سياسية ودولية مختلفة ولا بد ستكون في مركز اللقاء المخطط له بين نتنياهو وترامب. 

لكن المصدر الأمني يدعي بانه “في هذه الاثناء لا يوجد ما هو اكثر من الاقوال. عمليا، المباحثات في هذه المواضيع لا يمكنها أيضا أن تكون جزءاً من عناصر المرحلة الثانية، كما حددها الأطراف”. ومصدر عسكري كبير يضيف: “حماس تعود للحكم في غزة. يحتمل أن تكون في حماس الخارج جهات تؤمن بانه ينبغي قبول تسوية دولية كهذه، لكن من الصعب جدا أن نتخيل بان من يقود حماس في غزة سيوافق على أن تدخل جهات اجنبية هدفها تهديد هيمنته”.

تخفي حكومة إسرائيل عن الجمهور ما سيحصل في هذه المرحلة، رغم أنه معروف للدول الوسيط ولحماس أيضا. قرار الحكومة العلني يتضمن بنودا كثيرة لكن فقط تلك التي ليست في المواضيع غير المريحة للحكومة من ناحية سياسية. حين تكون كذلك يتوجه القرار الى وثائق توجد في خزنة سكرتاريا الحكومة. بشكل مؤسف، قسم الالتماسات للعليا في وزارة العدل يعطي اسنادا لهذا الاخفاء ويعلن باسم الدولة في المحكمة العليا بانه سيكون مستعدا لان يظهر عموم الوثائق فقط للقضاة وفقط من طرف واحد. 

في اعقاب تحقيق لـ “يديعوت احرونوت” نشر في ملحق يوم الجمعة “7 أيام” التمست بعض الجهات بينها المحامي موران سبوراي باسم بضع عائلات مخطوفين والمحامي يوفال يوعز باسم حركة “حرس الديمقراطية الإسرائيلية” بطلب الكشف فورا عن تفاصيل الاتفاقات. مشوق أن نعرف أن هذه المرة أيضا ستواصل الدولة مساعدة الحكومة في جهودها. 

من احاديث مع جهات إسرائيلية ومسؤولين كبار في الدول الوسيطة، يمكن اجمال أساس المخاطر على تنفيذ المرحلة الثانية.  

خطر أول: تفجير المرحلة الأولى

حسب الاتفاق المحادثات على المرحلة الثانية يفترض أن تبدأ اليوم الـ 16 للاتفاق وتنتهي حتى اليوم الـ 35، لكن طالما تجري المفاوضات و “ضامنو الاتفاق سيعملون لضمان استمرار المفاوضات حتى تحقيق الاتفاق” – يفترض أن تتواصل “كل إجراءات المرحلة الأولى”. يحتمل أن يكون مريحا لنتنياهو مواصلة هذا الوضع، لكن ليس مؤكدا ان ترى حماس هذا بالشكل ذاته.

حماس كفيلة بان تفسر قبل ذلك بكثير عدم التقدم نحو التوافق على الشروط الدراماتيكية للمرحلة الثانية، وعندها تجد مصاعد وخروقات من العدم او ان تستخدم تلك التي في الوضع العادي تتجاهلها – فتمنع تحرير كل المجموعة الأخيرة من المخطوفين المرشحين للتحرر في المرحلة الأولى. في حماس يتابعون عن كثب الساحة السياسية الإسرائيلية. وفي السبت الأخير فقط اطلقوا رسالة بالعبرية لعائلات المخطوفين تتضمن اقتباسات مفصلة عن وزراء اليمين ضد الصفقة ومع استئناف الحرب، فيما هم يحذرون من تفجير المفاوضات والخطر على عموم المخطوفين.

خطر ثانٍ: وقف الحرب

قرار الحكومة لا يفصل ما الذي تتضمنه المرحلتان الثانية والثالثة. الاتفاق الكامل يحدد الاطار فقط: “المرحلة الثانية (42 يوما): اعلان عن هدنة دائمة (وقف الاعمال العسكرية والمعادية بشكل دائم) وبداية تنفيذها قبل تبادل الاسرى بين الطرفين – كل الاسرى الإسرائيليين المتبقين الذين هم رجال احياء (مدنيين وجنود) – مقابل عدد من السجناء في السجون والمعتقلات في إسرائيل وانسحاب كامل لقوات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة”. 

منذ الجملة الأولى يكمن لغم شديد الانفجار: الأطراف تتفق على أن الشرط لبدء المرحلة الثانية هو الإعلان عن انهاء الحرب والانهاء العملي – وذلك قبل تبادل باقي المخطوفين الاحياء والسجناء وقبل أي شيء آخر. 

خطر ثالث: الاتفاق الناقص

الاتفاق المركب وشديد المخاطر فرض على الطرفين من قبل نتنياهو واعتباراته السياسية، فيما أوضح انه لن يكون مستعدا للتقدم الا لاتفاق يوجد له مرحلة أولى “إنسانية” لا تتضمن انهاء الحرب، ومراحل أخرى يمكنه ان يقول عنها لشركائه في الحكومة بان لا نية له لان ينفذها. هذا، والرغبة في التقدم وتحرير قسم من المخطوفين على الأقل أديا الى أنه لا توجد أي توافقات على تنفيذ المرحلة الثانية والثالثة. 

حقيقة انه لم تتحدد مفاتيح تحرير تجعل الوضع اكثر تعقيدا بكثير – في المرحلة الثانية سيتحرر من هو في نظر حماس جندي – أي رجل دون سن 50، ومن هو في نظر إسرائيل جندي، أي من كان في الخدمة الفاعلة. على هؤلاء وعلى أولئك الثمن اعلى بكثير. اكثر من ذلك، حق إسرائيل في الفيتو الذي كان لإسرائيل في المرحلة الأولى على تحرير سجناء معينين، لم يعطَ هذه المرة مسبقا ومشكوك جدا أن توافق عليه حماس. 

موضوع آخر يعقد المفاوضات هو إصرار إسرائيل على أن البند الذي يحدد طبيعة المفاوضات لن ينحصر فقط في مسألة المفاتيح، والان يمكن لإسرائيل أن تصر أيضا على البحث في مواضيع محفوظة للقسم الثالث: ترتيبات الامن، إعمار غزة، تجريد حماس من السلاح، نقطة رقابة في محور فيلادلفيا وغيرها. حماس بالتأكيد ستكون اقل حماسة لها. 

خطر رابع: اخلاء فيلادلفيا

في عالم آخر لا تكون فيها النكتة على حسابنا جميعا، لعله كان ممكنا التأثر بالوقاحة الفظة للناطقين بلسان رئيس الوزراء، الذين يحتاجون لان يشرحوا كيف وعد بشيء ما وفعل العكس بالضبط. اول أمس فعل هذا “مصدر سياسي كبير” لمشهد عودة الجماهير مع فتح محور نتساريم: “آلية التفتيش في نتساريم تنفذ بعد أن اصر نتنياهو على أن يتضمن الاتفاق ذلك، وهذا مقابل معارضة جهات من الداخل ومن الخارج.

باستثناء أن في الواقع كان العكس تماما. نتنياهو وعد المرة تلو الأخرى بان “إسرائيل لن تخرج، في أي حال، من محور فيلادلفيا وممر نتساريم رغم الضغوط الهائلة”. بالتوازي أصر هو ورجاله على تفتيش لكل العائدين شمالا على الأقل. في نهاية الامر انسحبت إسرائيل من محور نتساريم، تنازلت عن تفتيش كل العائدين واكتفت فقط بتفتيش الأقلية بين الأقلية ممن عادوا في سيارات. في جهاز الامن توجد أيضا شكوك كبيرة حول نجاعة هذه التفتيشات والقدرة على مواصلتها على مدى الزمن.

يوم الخميس الماضي فقط ادعى الناطق بلسان نتنياهو، عومر دوستري بان “رئيس الوزراء نتنياهو لم يتراجع عن أي طلب طرحه في وثيقة التفاهمات على أساس منحى 27 أيار، بما في ذلك البقاء في محور فيلادلفيا وإقامة آلية تفتيش للسيارات في نتساريم”. غير أن الطلب كما اسلفنا لم يركز فقط على السيارات، بل تمت ملاءمه باثر رجعي مع الواقع.

الانسحاب من محور فيلادلفيا والذي يفترض ان يتم في اليوم الـ 50 لوقف النار لا بد سيكون تحديا لنتنياهو بعد كل تصريحاته عن الأهمية الاستراتيجية للمحور. نتنياهو يمكنه ان يعلن عن خرق الاتفاق متهما حماس أو ينسحب ويسمح باستمرار المفاوضات وتحرير المخطوفين – لكن ان يعرض حكومته للخطر. 

خطر خامس: المشاهد من غزة

كما حذر كثيرون فان رفض حكومة إسرائيل خوض مفاوضات على اليوم التالي والوصول الى تسوية تضم السلطة الفلسطينية سينتهي إما بحكم عسكري إسرائيلي في القطاع او بعودة حماس الى الحكم. الأمور تجري كما هو متوقع، وهي كفيلة بان تحمل الكثيرين الى الاستنتاج وكأن صفقة المخطوفين هي التي تمنع عن إسرائيل النصر المطلق. 

الضغط من اليمين كفيل بان يحدث مصاعب. القاعدة، وبالتأكيد تلك التي تتلقى اجرا، يصعب عليها جدا الحال في الأسبوعين الأخيرين. حتى في القناة 14 مشوشون ويطلقون رسائل متضاربة حول مسألة اذا كان على نتنياهو أن ينسحب من غزة في ختام 42 يوما أم لا. 

موضوع آخر: حذار ان نحكم على الأمور من الشكل الخارجي للمخطوفات المحررات وكأن حياة وصحة كل من تبقوا في الاسر ليست عرضة للخطر. ثمة في أيام اسرهن الرهيبة قصص كابوسية رهيبة مشكوك أن تروى في أي مرة.

——————————————-

هآرتس 29/1/2025 

دونالد ترامب، إذا كنت تهتم كثيرًا بالفلسطينيين، فلماذا لا تنقلهم إلى أمريكا؟

بقلم: جاكي خوري

إن فكرة دونالد ترامب بنقل أكثر من مليون لاجئ من قطاع غزة إلى دول مثل مصر والأردن، مع التوقع، وربما الطلب، بأن يتعاون قادة هذين البلدين مع هذا الأمر، تثبت مدى أهمية الرئيس الأمريكي. ومستشاروه الكثر في البيت الأبيض ـ وربما همسهم أيضاً في دوائر صنع القرار الأميركي في إسرائيل وفيها ـ يدرسون خطواتهم من منظور استعماري كلاسيكي.

ففي نهاية المطاف، يريد رئيس القوة العظمى الولايات المتحدة الأمريكية، الرجل القادر ان يفعل، أن يريح جموع الفلسطينيين المتعبين والمرهقين، وينقلهم من أنقاض غزة إلى منطقة طبيعية، ويتأكد من توفير السكن لهم في مكان آخر. خيمة أو مقطورة وطعام وماء – قطيع آخر من الفلسطينيين بقيادة رعاة البقر ترامب، لماذا لا يفعل ذلك أيضًا أسلاف الأمة الأمريكية، كما فعلت العديد من الإمبراطوريات الأخرى في العالم.

التاريخ يمكن أن يعيد نفسه. وإذا نجحت في غزة، فإنها ستكون تجربة ناجحة للضفة الغربية وربما لوادي عارة أيضاً، حيث سبق أن اقترحت، في نهاية “صفقة القرن” في ولايته السابقة، نقل سكان الفلسطينيين إلى مناطق أخرى. في هذه المنطقة بالضفة الغربية.

وهو، الذي بنى نصف حملته الانتخابية على كراهية اللاجئين، يتوقع من الدول العربية أن تستقبل اللاجئين. من وجهة نظر الفلسطينيين، كان الأمر سيكون أكثر إثارة للاهتمام لو عرض ترامب جلب أسطول جيشه إلى شواطئ غزة، ونقل مليون ونصف المليون من سكانها إلى الأرض الموعودة – الولايات المتحدة الأمريكية. . ولكن ماذا بحق الجحيم، شيء من هذا القبيل لا يمكن تصوره.

نظرياً، من الممكن أن يتحقق اقتراحه إذا قرر الرئيس المصري التعاون، وفتح معبر رفح أو إزالة العوائق عن محور فيلادلفيا للسماح بـ«غزو» الجماهير الفلسطينية إلى سيناء. وسيبدأ الجيش المصري في إقامة مدن خيام مؤقتة، قبل بناء المساكن الدائمة، وبموافقة ملك الأردن، ستبدأ العبارات في نقل اللاجئين الفلسطينيين المهتمين من ساحل سيناء إلى العقبة، وفي هذه العملية مليارات الدولارات وسوف تتدفق من الدول العربية الغنية للمساعدة في استيعابهم في مصر والأردن.

لكن في الواقع هذا السيناريو غير واقعي، حتى لو احتفلت أوساط اليمين في إسرائيل بتصريح ترامب. الصور التي تم بثها من ممر نتساريم – مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يسعون إلى العودة إلى شمال قطاع غزة على الرغم من الدمار الشامل الذي أحدثه الجيش الإسرائيلي هناك – تثبت أن هذه ليست أمة من البدو الرحل الذين ينتظرون فرصة للهجرة جنوبا أو الشرق، ولكن الناس الذين ما زالوا يؤمنون بحقهم في العيش بكرامة، مثل أي مواطن في العالم، على أرضهم في دولتهم ذات السيادة.

أما بلنسبة لمصر والأردن، فربما ظن ترامب أن قادتهم لن يجرؤوا على المعارضة، وأنهم سوف يستسلمون دون فهم مسبق للعواقب المترتبة على ذلك. ولكن إذا كان يعتقد أن اللاجئين يمثلون ضرراً للولايات المتحدة لأن نوعية حياة مواطنيها تتضرر – فمن وجهة نظر مصر والأردن، فإن استقبال مئات الآلاف من اللاجئين يشكل تهديداً استراتيجياً للأمن القومي. إذا كان الأمر كذلك، فلا عجب أن ترد القاهرة وعمان على الفور بالنفي، ومن الواضح أنه لم تكن أي دولة أخرى في عجلة من أمرها “لرفع التحدي”.

ترامب يحب الصفقات، وينظر إلى الشرق الأوسط بعين رجل العقارات، لكن من الأفضل له في هذا الأمر أن يستمع إلى نصيحة الآخرين، لأن مثل هذه «الصفقة» السيئة ليس لها مستقبل.

——————————————-

اسرائيل اليوم 29/1/2025

في اليوم التالي: يوجد توافق دولي على تقويض حماس

بقلم: داني زاكين

النتيجة الآخذة في التبلور في ذروة صفقة تحرير المخطوفين هي أنه لا مناص من استئناف العملية البرية في غزة من اجل اسقاط حكم حماس. هذا ما يتضح من محادثات مع جهات سياسية وأمنية. هذا الاستنتاج يتناقض مع عنوان الاسبوع الماضي الذي يقول بأن ترامب يعتبر الصفقة الحالية نهاية للحرب. هذا التناقض بالضبط يحاول رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو حله مع ترامب في اللقاء المتوقع بينهما قريبا، لذلك فانه يدفع نحو تبكيره بقدر الامكان.

مصدر دبلوماسي سعودي قال في محادثة بأن “الكارثة التي انزلتها حماس على الفلسطينيين في غزة هي أمر لا يمكن اصلاحه، لذلك يجب عليها التنازل عن الحكم. المجانين في حماس لا يدركون ذلك. لا توجد لديهم أي قيمة لحياة الانسان واحتياجات شعبهم، ولذلك يجب استئصالهم من الجذور”.

في السلطة الفلسطينية ايضا يعارضون بشدة أي تدخل لحماس في اليوم التالي. روحي فتوح، العضو في اللجنة التنفيدية في م.ت.ف ارسل رسالة حاسمة في مصر اثناء زيارته في القاهرة قبل اسبوعين

بحسبها فانه يوجد لحماس اجندة ايرانية للتقويض ونشر الفوضى. موقف السلطة هو أنه يجب على حماس دفع الثمن عن احداث 7 اكتوبر والخروج الى المنفى. مصدر فلسطيني رفيع قال إن السلطة في الحقيقة عملت على نزع سلاح التنظيمات المارقة في مخيم جنين، لكنها لا تستطيع فعل ذلك في قطاع غزة، لأنها مليون مخيم مثل مخيم جنين”.

البروفيسور كوبي ميخائيل، من معهد بحوث الامن القومي، قال إنه “من اجل ضمان محيط أمني ثابت يجب التفكيك المطلق للقسم السلطوي والعسكري لحماس”. وحسب قوله فان تجربة سنوات عملية اوسلو تثبت أنه يجب عدم وضع في أيدي الفلسطينيين الصلاحية الكاملة على عملية اعادة الاعمار، وأنه مطلوب “تدمير فكرة النضال الفلسطيني والتحرر من التمسك بنموذج حل الدولتين في الاطار المعروف”. 

إن تدمير سلطة حماس يمكن أن يحصل بطريقتين. الاولى هي اتفاق يبعد رؤساء حماس الذين بقوا الى دول لجوء مثل الجزائر، تونس وتركيا، ويشمل نزع مطلق لسلاح رجال حماس. ولكن في حين أن حماس الخارج يمكن أن تكون مستعدة لمناقشة ذلك، فان محمد السنوار ورجاله ليسوا مع هذا التوجه. الصفقة اعطتهم الاوكسجين للتنفس وهم يعرضون رواية النصر، التي يتم تكرارها في معظم وسائل الاعلام العربية، على رأسها قناة “الجزيرة” التي اصبحت قناة تدعم حماس بشكل كامل. الثانية هي العسكرية. مصدر امني يقول إن ذلك هو توصية الجيش، لأن بقاء حماس في السلطة يعني العودة الى الوضع الذي كان قبل 7 اكتوبر، ولكن في الجيش الاسرائيلي ترسخت رؤية عملية برية بواسطة الاقتحامات، التي مشكوك في أن تؤدي الى المأمول. “جز العشب” الذي يتم تنفيذه في يهودا والسامرة غير مناسب هنا. والدخول الاخير الى جباليا وبيت حانون اظهر قدرة اعادة الترميم بسرعة لحماس. السؤال هو هل رئيس الاركان القادم سيغير هذه الرؤية. في المقابل، عملية برية حاسمة وشاملة تضع تحديات كثيرة، سواء بسبب القوات الكثيرة المطلوبة أو بسبب المخطوفين الذين بقوا أو بسبب السيطرة على الارض والمسألة الانسانية.

في المستوى السياسي اجريت نقاشات قليلة حول “اليوم التالي”. وقد تم الاتفاق على أن السلطة الفلسطينية لن تكون شريكة مباشرة. ايضا الولايات المتحدة والسعودية ودولة الامارات توافق على ذلك، التي تطالب بتغيير دراماتيكي في السلطة. مع ذلك يتوقع تدخل قيادة مدنية غزية لديها تجربة في ادارة الحياة المدنية في القطاع، واشارة اولية على ذلك يمكن رؤيتها في اشراكها في ادارة معبر رفح. في السطر الاخير لا يوجد أي دولة من الدول المشاركة في خطة “اليوم التالي” ستقترب من قطاع غزة الى أن يقوم الجيش الاسرائيلي بتدمير حماس – جميع هذه الدول ستكون سخية فيما بعد على حساب سفك دماء الاسرائيليين الآن.

——————————————

هآرتس 29/1/2025

الولايات المتحدة وقطر تشددان الضغط نحو المرحلة الثانية في الاتفاق

بقلم: يونتان ليس

المبعوث الامريكي لشؤون الشرق الاوسط للرئيس الامريكي ترامب، ستيف فيتكوف، يتوقع أن يلتقي اليوم في القدس مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع اسرائيل كاتس على خلفية جهود التمهيد لبدء التفاوض بين اسرائيل وحماس على المرحلة الثانية في الاتفاق لتحرير المخطوفين ووقف اطلاق النار. مكتب رئيس الحكومة اعلن بأن ترامب دعا نتنياهو للقاء في البيت الابيض بعد اسبوع، في 4 شباط. وفي موازاة ذلك يتوقع أن تبدأ جولة المفاوضات على المرحلة الثانية. أمس اتصل وزير الخارجية الامريكي الجديد، ماركو روبيو، برئيس حكومة قطر محمد آل ثاني لتنسيق المواقف بين الطرفين حول الدفع قدما بالمحادثات. 

مصادر اجنبية مطلعة على المفاوضات وجدت صعوبة في تقدير اذا كان يمكن بلورة خطة متفق عليها لوقف اطلاق النار بشكل دائم. واذا كان الطرفان يمكنهما جسر الهوة الرئيسية، مطالبة اسرائيل غير المشمولة في الاتفاق حتى الآن، والتي بحسبها حماس لن تكون لها أي صلاحيات حكومية في القطاع. حسب اقوال هذه المصادر فان الضغط الدولي الذي سيستخدم على نتنياهو سيجبره على اتخاذ قرارات سياسية بالاساس، التي ستوضح اذا كان مستعد للعمل على انهاء الحرب وانسحاب الجيش الاسرائيلي من القطاع والمخاطرة باسقاط حكومته. في نفس الوقت المتحدث بلسان وزارة الخارجية القطرية، مجد الانصاري، قال إن “قطر تواصل تمهيد الارض للتفاوض على المرحلة الثانية لوقف اطلاق النار في غزة”. في مؤتمر صحفي لوسائل الاعلام قال الانصاري بأنه حتى الآن لم يكن هناك أي حدث جوهري في تطبيق المرحلة الاولى، الذي كان يمكن أن يؤدي الى انهيار الاتفاق، وأن الطرفين في الواقع طرحا شكاوى حول طريقة تطبيقه في الفترة الاخيرة، لكن هذه الشكاوى تم علاجها. 

رؤساء شاس ويهدوت هتوراة اوضحوا أمس بأنهم سيؤيدون المرحلة الثانية في الاتفاق، لكن وزراء الصهيونية الدينية برئاسة سموتريتش، يتوقع أن ينسحبوا ويجبرون نتنياهو على الاعتماد على شبكة أمان خصومه في المعارضة. جهات مطلعة على المحادثات ظهرت متشائمة. فالمرحلة الاولى في الاتفاق، التي تم الاعتقاد بأنها الاسهل من بين المراحل الثلاثة التي تم تحديدها في الاتفاق، كان يمكن أن تكون الابسط. حسب التقديرات، اسرائيل وحماس ايضا، معنيتان باستكمال النبضة الانسانية وتلتزمان بها. ولكن عمليا العقبات التي وضعها الطرفان هددت بانهيار الصفقة من البداية. فحماس لم تقم بارسال اسماء المخطوفين الذين سيتم اطلاق سراحهم في الموعد، ولم تقم باطلاق سراح اربيل يهود في الموعد المحدد وقامت بتأخير تسليم القائمة المفصلة لاسماء المخطوفين الذين ما زالوا على قيد الحياة. اسرائيل في المقابل قامت بتأخير عودة سكان شمال القطاع الى بيوتهم.

دبلوماسيون اجانب عبروا عن تخوفهم من أن الجهود التي تهدف الى تخريب الصفقة من قبل الطرفين، ستستمر ايضا في المرحلة القادمة، وربما أنها ستزداد. “أنا مستعد لابرام صفقة جزئية، هذا لا يعتبر سريا، بحيث تتم اعادة بعض الاشخاص”، قال نتنياهو قبل نصف سنة في مقابلة مع القناة 14، وبذلك اثار غضب دول الوساطة. حتى الآن هناك من يعتقد بأن نتنياهو لم يتراجع عن هذه النية. حسب الاتفاق المفاوضات على المرحلة الثانية يمكن أن تبدأ في اليوم الـ 16 للاتفاق، يوم الاثنين القادم. حتى الآن من غير الواضح اذا كانت دول الوساطة ستعقد جلسة رفيعة المستوى مع طاقم المفاوضات الاسرائيلي، في الدوحة أو في القاهرة أو في دولة اوروبية، كما فعلت عدة مرات في محاولة للدفع قدما بالصفقة في السابق.

المحادثات على المرحلة الثانية تم تحديدها، بشكل متعمد، في موازاة تنفيذ المرحلة الاولى في الاتفاق في محاولة لجعل الطرفين يقومان بالدفع بها قدما. مصدر اسرائيلي، في المقابل، عبر عن تخوفه من أن “أي تفجير للمحادثات على المرحلة الثانية سيؤثر في الوقت الحقيقي على استمرار تحرير المخطوفين في المرحلة الاولى الذي يجري في نفس الوقت. في الاتفاقات التي تم التوصل اليها حتى الآن بين اسرائيل وحماس، فان التطرق للنبضة الثانية ومضموها ضئيل. ففي الاتفاق الذي تسرب لوسائل الاعلام كتب أنه في المرحلة الثانية سيتم الاعلان عن تطبيق “تهدئة دائمة”، تشمل وقف دائم للعمليات العسكرية أو العمليات المعادية، وأنه سيتم تنفيذ تحرير المخطوفين والسجناء الامنيين حسب مفتاح لم يتم الاتفاق عليه حتى الآن. في نهاية هذه المرحلة، كما كتب، سيتم تنفيذ الانسحاب الكامل للجيش الاسرائيلي من قطاع غزة.

هذه الوثيقة تصف ايضا المرحلة الثالثة في الاتفاق، التي فيها الطرفان سيقومان باعادة الجثامين التي توجد بحوزتهما وتطبيق خطة لاعادة اعمار غزة، وهي العملية التي ستستغرق 3 – 5 سنوات. في الوثيقة العلنية التي نشرتها الحكومة الاسرائيلية في اعقاب المصادقة على الخطوط العريضة فان التطرق للمرحلة الثانية كان ضئيل، واكثر مما كتب في الملاحظة العرضية بأن “الطرفين سيبدئان المفاوضات غير المباشرة على المرحلة الثانية وفقا للملحق ب” (الملحق هو الاتفاق الكامل بين الطرفين، الذي لم يتم نشره رسميا). الخطوة الهامة التي يمكن أن تحدث حتى قبل البدء في تنفيذ المرحلة الثانية، بين اليوم الـ 42 واليوم الـ 50 لوقف اطلاق النار، هي انسحاب اسرائيل بشكل كامل من محور فيلادلفيا. “هذا الانسحاب سيحدث فقط اذا توصلنا الى تفاهمات مع حماس تكون مرضية لنا”، قال مصدر سياسي وبرر موافقة اسرائيل على البند الذي يناقض تصريحات سابقة لنتنياهو. “واضح للجميع احتمالية حدوث ذلك”.

——————————————

هآرتس 29/1/2025

بفضل المخطوفين سنتحرر من كذبة النصر المطلق

بقلم: تسفي برئيل

آلاف الغزيين الذين عادوا الى انقاض بيوتهم هم كما يبدو فشل آخر خطير في التخطيط للحرب. حيث أن شمال القطاع، مثل ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا، اعتبرت جزء لا يتجزأ من “ارض الميعاد”، أي اماكن مقدسة لن نتنازل عنها الى الأبد، وهي العلاج التاريخي لدمار الانفصال. ها هو يتضح أنها كانت مجرد ورقة مساومة بالاجمال، وأنه مقابل ثمن مناسب يمكن التنازل عنها.

الثمن حقا يستحق. اعادة المخطوفين الذين تم التخلي عنهم، وتم استخدامهم طوال 15 شهر كورقة مساومة في لعبة سياسية مشوهة، وهم يساوون كل قطاع غزة. هذه ليست اقوال اخلاقية وقيمية، لكنها بالتدريج أخذت تترسخ ولكن بتأخير باعتبارها الانجاز الاساسي وربما الوحيد في هذه الحرب، وايضا هو ما زال يتعرض للتهديد طالما أنه تحلق فوق المخطوفين الذين لم يتم تحريرهم بعد من أسر حماس خطر استئناف الحرب. 

ايضا استئناف الحرب لم يعد هدف استراتيجي، بل هو وعد سياسي، جوكر تم توزيعه على مسيحانيين الصهيونية الدينية مقابل تمديد حياة الائتلاف. من الجدير فحص على ضوء ذلك ايضا السرور الذي يرافق النجاح في “لي ذراع” حماس، التي وافقت على زيادة وتبكير حصة المخطوفين الذين سيتم اطلاق سراحهم – وكأن صمود نتنياهو وتصميمه على تأخير فتح ممر نتساريم امام السكان الغزيين هو الذي احدث المعجزة.

من الضروري الذكر بأن جميع المخطوفين، حتى الذين تم الحكم عليهم باستمرار الاتنقال خلال خطة المراحل المؤلمة، كان يمكن لنتنياهو اطلاق سراحهم قبل اشهر كثيرة مقابل وقف مطلق وكامل للحرب على الفور. ويجب عدم نسيان اسهام الزعيمين بايدن وترامب الجوهري في تسريع الصفقة وتنفيذ مراحلها الاولى. وبدونهما كانت عودة المراقبات ستكون مجرد أمنية للمستقبل البعيد فقط.

صفقة المخطوفين تعطي اسرائيل التحرر من اوهام اساسية، التي بسببها معظم المخطوفين يواصلون التألم. الاول هو وهم تدمير حماس الذي يمر “بالتكيف”. والثاني هو أن كذبة تفوق ضغط الجيش الاسرائيلي يتم استبدالها بحملة وعي. “ما الذي سيفكر فيه الغزيون بشأن الدمار الذي لحق بممتلكاتهم، وكيف سيردون على تدمير بيوتهم؟”، يتساءلون في مختبر الوعي التابع للاستوديوهات والمحللين والمفكرين الذين يقومون بمسح الشبكات الاجتماعية ويقومون باصطياد اشخاص عرضيين لاجراء المقابلات معهم من اجل استخراج منهم اثباتات بأن الفلسطينيين في غزة يكرهون حماس وأنها هي المسؤولة عن الكارثة، وكأن الامر يتعلق بتحليل حملة انتخابات واحتمالية فوز حماس فيها. هكذا تبدو مسودة محتلنة لصورة النصر.

لكن عندها تبين ايضا التناقض الكبير. ليس آلاف الاطنان من القذائف وتصفية القادة والزعماء أو تدمير مصانع انتاج السلاح هي التي ستدمر حماس، بل حملة الانتقام لسكان غزة على الدمار الذي اوقعته عليهم حماس. البؤساء الذين ينبشون في الانقاض للعثور على ابناء عائلاتهم تحتها، ملقاة عليهم الآن مهمة تدمير حماس، حيث أنه يجب عليهم الانتقام. هل لم نكن سنتصرف بهذا الشكل لو أن زعماءها يجلبون لنا مثل هذا الدمار. الآن، نفس سكان غزة، الذين كان يمكن أن يحملوا من الآن فصاعدا راية الانتفاضة ضد حماس، أو على الاقل يمنعون عنها كل دعم جماهيري، يرون كيف أن اسرائيل تدير مع نفس حماس هذه المفاوضات على اهمية احترام الاتفاق كأمر مقبول على دولتين متساويتين في المكانة، وليس على منتصر ومهزوم. صحيح أن حماس تم ضربها ضربة قاسية، وقيادتها تم تدميرها وانفاقها تم تفجيرها، لكنها هي التي تدير “مشروع العودة” لمئات آلاف الغزيين الى احيائهم ورجال شرطتها هم الذين يشرفون على توزيع الغذاء الذي يأتي في قوافل المساعدات، وموظفيها هم الذين يتسلمون آلاف الخيام التي يتم ارسالها الى القطاع.

يوجد بديل لذلك، لكن استخدامه يهدد “استمرار الحرب”، وصورة الحرب التي كانت مستمرة وما زالت مستمرة، وخاصة الكلمة التي قمنا باعطائها، أي الوعد بمواصلة الحرب. لذلك، نحن سنستمر. ما هو الثمن اذا؟ مثلما هي الحال بالنسبة حماس فيبدو أننا نحن ايضا لا يهمنا هذا الثمن.

——————————————

معاريف 29/1/2025

مبعوث الرئيس ترامب سيقرر لإسرائيل ولحماس كيف ستبدو المرحلة الثانية

بقلم: افي اشكنازي

يصل المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف اليوم الى المنطقة. المحطة الأولى – قطاع غزة: زيارة في محور نتساريم في وسط القطاع وبعد ذلك في محور فيلادلفيا على حدود مصر. 

يعطي ويتكوف الانطباع بانه رجل جذري وفهيم. يريد أن يرى الأمور بعينيه كي يتخذ بعد ذلك القرارات السليمة. هو يعرف مع من يتعامل هنا في الشرق الأوسط. في الأسبوعين الأخيرين كان مطلوبا منه اكثر من مرة ان يتصرف كنوع من مربية الروضة – ان يحرص على أن تبعث حماس بقوائم المحررين، ان يتأكد بان إسرائيل توقف النار، ان يضغط على حماس بان تدخل الى قائمة المحررين أربيل يهود، ان تعالج فتح محور نتساريم وغيرها وغيرها. 

هذا الأسبوع، في اليوم الـ 16 لوقف النار يفترض أن تبدأ المداولات على تحقيق المرحلة الثانية من الصفقة. من ناحية عسكرية الحقت إسرائيل ضررا هائلا بحماس. مشكوك أن تتمكن في العقود القادمة من ترميم نفسها. ملايين الغزيين العائدين الان الى شمال القطاع، يجدون جزر خرائب، عشرات الاف المباني والبيوت المدمرة، المحروقة، المحطمة. بعض منها تبقى مفخخا مما خلفته حماس. السكان يسكنون على الأنقاض، يبنون خياما ويُصلون لان تصل المساعدات من الغذاء والوقود للمولدات في الوقت المناسب.

بالمقابل، قوات الفرق الثلاثة – 162 في شمال القطاع، 99 في وسطه وفرقة غزة في جنوبه، تجلس في هذه اللحظة على مهام الدفاع. أي أن القتال في غزة انتهى عمليا. 

الروافع التي لإسرائيل حول الصفقة التالية متنوعة: السيطرة على مساعدات من 4200 شاحنة يفترض أن تدخل الى القطاع كل أسبوع، التعمير المادي المستقبلي للقطاع وتحرير مخربين سجناء. 

المستوى السياسي ملزم الان بالدخول الى المفاوضات بشكل حقيقي، بحيث أن يوقع الاتفاق ليس فقط في وقت قصير بل وان ينفذ في غضون أيام. لا يوجد أي معنى وليس حكيما تمديد المسيرة لزمن طويل. ليس فقط بسبب معاناة المخطوفين وعائلاتهم بل أولا وقبل كل شيء بسبب الفهم العسكري الجيش يفضل الوضوح. هو يعرف كيف يهاجم في كل مكان وبكل القوة، يعرف أيضا كيف ينفذ مهام الدفاع. الموضوع هو أن المستوى السياسي مطالب الان بان يحدد للجيش الى أن يريد السير في غزة – الى اغلاق الحدث ام الى فتح متجدد للهجوم، مشكوك جدا أن يغير الوضع في القطاع. 

مهما يكن من أمر، اليوم سيزور هناك ستيف ويتكوف، مبعوث دونالد ترامب، رب البيت الجديد للعالم الحر والاقل حرية، وكما يبدو هذا، فسيكون هو في واقع الامر من يقرر الى أين السير في المرحلة الثانية من الصفقة.

——————————————

هآرتس 29/1/2025

يتعمد قتل الرضّع بحجة “تشخيص خاطئ”.. “الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”: قيد الفحص

بقلم: أسرة التحرير

إن تحول الضفة الغربية إلى غزة أخرى متواصل في كل ما يتعلق بالمس بالأطفال. في بداية الشهر، أطلق جنود إسرائيل النار بمُسيّرة، فقتلوا رضا وحمزة بشارات- طفلان في الثامنة والعاشرة من عمرهما، في قرية طمون. قال أبو أحد الطفلين في غداة الحدث، إن ابنه وابن أخيه استعدا للذهاب إلى المدرسة في ذاك الصباح. وعندما اعتدي عليهما، كانا في ساحة بيتهما. طفلان قتلا مع ابن عم آخر من عائلتهما، ابن 23.

استجاب الجيش لهذه المأساة الرهيبة بتحقيق مهين. حسب نتائجه، تم إطلاق النار “على أساس أن التشخيص وقت الحالة، صعّب معرفة أنهما قاصران”. إذا كانت الحوامة التي تستخدم لتمشيط المنطقة لا تميز بين أطفال صغار وراشدين، فلماذا يستند إلى نتائجها لإقرار هجوم فتاك بهذا القدر.

صحيح أن التحقيق هو قدوة التنكر للمسؤولية. فحسب الجيش، شُخص الطفلان بالخطأ كراشدين يضعان عبوة ناسفة رغم أنه في نظرة إلى الوراء لم توجد عبوات في المنطقة. كما تبين من التحقيق أيضاً، أن هذا الخطأ المصيري لم يتوقف في أي حلقة في أعلى السلسلة القيادية، بما في ذلك لدى قائد المنطقة، آفي بلوط. أحد استنتاجات تحقيق الجيش، أنه كان يجدر القيام بأعمال أخرى للتأكد من هوية أهداف الهجوم.

“كان يجدر” هو أقل ما يكون. فالتحقيق في عملية عديمة المسؤولية مع نتائج محتملة بمصيبة كهذه، لا يفترض أن ينتهي بـ “كان يجدر” عمله، بل اتخاذ خطوات ذات مغزى ضد من هو مسؤول عن هذا القصور.

في الماضي، درجت وحدة التحقيق العسكرية على فتح تلقائي للتحقيق بعد قتل فلسطينيين في الضفة. أما اليوم فالخيار أن التحقيق التلقائي لا يفتح في “أحداث قتالية، بل بعد فحص النيابة العسكرية العامة. واضح أن المزيد من الأحداث في الضفة تندرج ضمن التصنيف القتالي. استنتاجات التحقيق إزاء الطفلين رفعت إلى قائد المنطقة الوسطى، ولم تصل بعد إلى النيابة العامة.

في نهاية الأسبوع، قتل الجيش الإسرائيلي رضيعة ابنة سنتين في قرية قرب جنين. وقال الجيش إن القوة أطلقت النار نحو مبنى اختبأ فيه مسلح، وفقاً لمعلومات لدى الجنود. وتبين أنه لم يكن في بيت الرضيعة أي مسلح، ليس سوى عائلة تتناول وجبة العشاء. فور ملاحظتهم أنهم أصابوا الطفلة، استدعى الجنود الهلال الأحمر وأخلوها مع أمها التي هي الأخرى أصيبت بجروح طفيفة في يدها. لا يزال الجيش يفحص الحالة، لكن ما الذي ستجديه نتائجه للرضيعة التي قتلت؟

بعد قتل عشرات آلاف الأشخاص في غزة، بمن فيهم الأطفال، يخيل أن الجيش الإسرائيلي يفقد لجامه في الضفة أيضاً. يجب وقف هذا الميل الخطير فوراً.

——————————————

إسرائيل اليوم 29/1/2025

حماس تتراجع تحت الضغط لكنه في اتجاهين

بقلم: يواف ليمور

شريط أربيل يهود، الذي نشر مساء أمس الأول أحدث بالتأكيد تنفس الصعداء لدى اقربائها 479 يوما انتظروا أن يتلقوا منها إشارة حياة هذه جاءت قبل وقت قصير من عناقهم لها جسديا، يوم غد الخميس.

هذا الشريط يختلف عن شهادات أخرى لمحتجزين نشرت في غزة. حتى الآن نشرت حماس والجهاد الإسلامي أشرطة أعدت لخلق ضغط نفسي على الرأي العام في إسرائيل بهدف تحقيق المصلحة الفلسطينية في المفاوضات بين الطرفين. أما هذه المرة فكان الضغط كله على الجانب الغزي: حقيقة ان أربيل لم تتحرر في السبت الماضي بخلاف الاتفاق أدت بإسرائيل الى تصليب مواقفها. وعبر هذا عن نفسه بتأخير عودة النازحين الفلسطينيين الى شمال القطاع، وكذا بطلب قاطع للحصول على إشارة حياة من أربيل قبل أي تقدم آخر في تنفيذ الاتفاق. الموعد الذي ذكرته أربيل في الشريط – 25 كانون الثاني ، أي في ذاك السبت – يشهد على أن الضغط نجح الجهاد الإسلامي الذي يحتجز أربيل سارع لتصويرها ونقل الشريط عبر الوسطاء لإسرائيل كي يثبت بانه ينوي الالتزام بالاتفاقات مع إسرائيل.

هذا درس هام على أن الضغط هو في اتجاهين وينجح بالتوازي على الطرفين. إسرائيل أصرت على تنفيذ شروط الاتفاق وحصلت على اكثر من ذلك: هذا الأسبوع سيعود ستة محتجزين أحياء، في وقت مبكر أكثر من الموعد المقرر. توجد محافل تشرح بان إسرائيل كان ينبغي لها أن تستغل الزخم كي تحصل على اكثر، وان كان معقولا الافتراض انها سعت الا تشد الحبل اكثر مما ينبغي مع الوسطاء، واساسا مع إدارة ترامب.

عودة الغزيين الى شمال القطاع، التي بدأت امس الاول هي  نقطة ارخميدس في الاتفاق حماس أصرت عليها ليس صدفة اكثر من مليون لاجئ تحركوا الى جنوب القطاع خلقوا ضغطا دائما عليها. عودتهم ستخفف هذا الضغط، لكنها ستخلق ضغطا آخر للكثيرين منهم لا يوجد بيت ليعودوا اليه. وهم سيقيمون مخيمات لاجئين معدة على عجل في كل مدينة وحي في شمال القطاع.

معقول أن تسعى حماس لان تستغل هذا اللجوء لضغط إضافي على إسرائيل من خلال الوسطاء. إسرائيل ستكون مطالبة بان تصمد امامه، حين تحاول حماس الامتناع عن تنفيذ نصيبها في الاتفاق. صحيح أن عودة اللاجئين نزعت أداة مركزية من يد إسرائيل، لكن توجد فيأيديها أدوات أخرى التواجد في محور فيلادلفيا، السيطرة العملية على معبر رفح والتحكم الدائم بالمساعدات الإنسانية الى غزة. كل هذه لن تكفي وحدها: سيكون مطلوبا تنسيق وثيق مع الأمريكيين كي تنفذ حماس دورها واساسا كي تحاول تحقيق المرحلة الثانية من الصفقة.

تحرير جنوب القطاع

عودة اللاجئين الى شمال القطاع ستصعب أيضا بشكل طبيعي العودة الى القتال التي تصر عليها الحكومة بشكل رسمي. هنا أيضا الطريق تمر عبر واشنطن هذا الموضوع سيكون في مركز لقاء ترامب ونتنياهو وان كان يحتمل أن يربطه الامريكيون بمواضيع اكبر بكثير وعلى رأسها النووي الإيراني والاتفاق العظيم موضع الحديث مع السعودية.

في الأسبوع الأول من ولايته، تهتم إدارة ترامب بشؤون إسرائيل. ويجد هذا تعبيره في جملة مسائل من تحرير الذخائر الثقيلة، عبر استمرار المساعدات الأمنية وحتى تمديد تواجد قوات الجيش الإسرائيلي في لبنان لثلاثة اسابيع أخرى. استمرار التنسيق مع الإدارة حرج تقريبا في كل موضوع وشأن وعلى إسرائيل أن تكون مهتمة أيضا بالمصلحة الامريكية وعلى رأسها موضوع المحتجزين فقد جعل ترمب هذا مسألة ذات معنى شخصي بالنسبة له: اذا خيبت إسرائيل أمله تحقيقا لمصلحة سياسية ضيقة لديها من شأنها أن تدفع الثمن لاماكن عزيزة على الامن القومي.

ان التحرير المرتقب لاربيل غدا سيكون الأول الذي سينفذ من جنوب القطاع سبع المحتجزات اللواتي تحررن حتى الان كن يحتجزن في مدينة غزة حيث تحتجز أيضا مجندة المراقبة اغام بيرغر التي هي الأخرى ستتحرر الان. ليس واضحا كيف تعتزم حماس تنسيق التحريرات القريبة ، وينبغي الاخذ بالحسبان بانها ستواصل مشروعها الدعائي بما في ذلك الاستغلال الأقصى للجثث الثمانية التي ستعيدها في الأسابيع القادمة الى جانب 18 محتجزا آخرین. 

هذه ستكون لحظات قاسية تحتاج الى أعصاب حديد من العائلات، من أصحاب القرار ومن الجمهور الاسرائيلي كله. ستكون فيها مشاهد ممزقة للقلب حين يتبين أن المحتجزين الذين اصبحوا جزءا من كل بيت في إسرائيل لم يعودوا على قيد الحياة. لشدة الاسى والالم، هذا جزء من هذه الحرب الوحشية الطريق الى النصر فيها لا يزال طويلا، لكن المحطة الأولى والأهم لها هي إعادة المحتجزين. 

—————–انتهت النشرة—————–