
كاتب فلسطيني
المسار : أولى جولات وزير الخارجية الأميركي مارك روبيو إلى الشرق الأوسط تشمل إسرائيل والسعودية والإمارات، مما يثير التساؤل حول علاقة جدول الجولة بقضية التطبيع، أو أن الدبلوماسية الأميركية تريد العودة إلى الحديث من جديد عن إنشاء حلف عسكري ضد إيران، ومحاربة ما تسميه أذرعها في المنطقة.
لكن الأخبار تتحدث عن زيارة روبيو إلى السعودية التي تأتي بعد مكالمة هاتفية جمعت ترامب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، قبل الجولة بأسبوع، وسبقت الزيارة باجتماع في الرياض بين مسؤولين أميركيين وروس، للتحضير لعقد اجتماع بين الرئيسين لبحث إنهاء الحرب الأوكرانية. جيد أن ترامب اتفق وبوتين خلال الاتصال على بدء المفاوضات فوراً، بشأن الحرب في أوكرانيا، وأن يوجه ترامب كبار المسؤولين ببدء مفاوضات بشأن الحرب الأوكرانية، التي تعهد خلال حملته الانتخابية بإنهائها.
واتفق الجانبان على أن العاصمة السعودية الرياض هي المكان المناسب للقاء. لماذا في الرياض وليس في أوروبا؟. المقصود استبعاد أوروبا عن هذه المباحثات، وهي المعنية وصاحبة المصلحة الأولى بوقف هذه الحرب، كونها تجري في أوروبا وتهدد أمنها، ذلك شرط روسي أعلنته بسبب دور دول أوروبا في الحرب في أوكرانيا.
وقد اجتمع، الإثنين 16/2، عشرة من قادة دول الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي في باريس، لتحديد رد مشترك على المخاطر التي تتعلق بأمن أوروبا، ولمواجهة تسريع الإدارة الأميركية التحرك على صعيد ملف أوكرانيا. وقد لعبت الرياض، دوراً في الاتصالات المبكرة بين إدارة ترامب وموسكو، مما ساعد في إتمام صفقة تبادل سجناء.
وقال عضو في الكونغرس الأميركي ومصدر لرويترز، إن روبيو الذي أجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، السبت 15/2، سيلتقي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي ليفروف في السعودية.
وتحدث ترامب وبوتين لأكثر من ساعة، الأربعاء 12/2، وهو أول اتصال مباشر بين رئيسين أميركي وروسي منذ ثلاث سنوات حين أجرى بوتين مكالمة مع الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، قبل وقت قصير من الغزو الروسي لأوكرانيا.
سيشارك اليوم الثلاثاء 18/2 مع روبينو في اللقاءات مستشار ترامب للأمن القومي مايك والتز ومبعوث البيت الأبيض للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، عن الجانب الروسي سيشارك وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ومعه يوري أوشاكوف مستشار السياسة الخارجية للرئيس فلاديمير بوتين، سيشاركان في محادثات بشأن العلاقات الأمريكية الروسية، والإعداد لمحادثات سلام محتملة بشأن أوكرانيا.
وللإمارات المدرجة على جدول الجولة دور، إذ يجري الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي جولة أيضا في المنطقة، حيث وصل إلى الإمارات يوم الأحد 16/2. ولكنه لن يحضر لقاء الرياض ليس فقط لأنه غير مدعو، بل لأنه لا يعلم بها. دعا زيلينسكي الأوروبيين إلى التحرك لتجنب أن يعقد الأمريكيون اتفاقاً من خلف ظهر أوكرانيا وأوروبا. وقال: «إن كييف لم تكن تعرف شيئاً عن المحادثات الروسية الأمريكية، مضيفاً أن واشنطن لا يمكنها الاعتراف بأي اتفاقات تتعلق بنا بدوننا. ولن نعترف بهذه الاتفاقات».
الرياض والإمارات تقومان بدور هام في إنهاء حرب أوكرانيا، بينما القاهرة والدوحة لعبتا دوراً هاماً في وقف مؤقت للحرب على غزة، في لقاءات ومحادثات مع واشنطن حول السلام الذي يتحدث عنه ترامب الذي حذر مصر والأردن من عواقب وخيمة إذا لم يوافق هذان الحليفان للولايات المتحدة على استقبال سكان قطاع غزة البالغ عددهم أكثر من مليوني فلسطيني.
لقد وصل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو مساء السبت 15/2 إلى «إسرائيل» في أول محطة له ضمن جولة في الشرق الأوسط، في اليوم نفسه، الذي أطلقت فيه حماس سراح 3 رهائن إسرائيليين وفق اتفاق وقف إطلاق النار، فيما أفرجت إسرائيل عن نحو 369 سجيناً ومعتقلاً فلسطينياً في المقابل.
كانت حماس قد هددت بتأجيل عملية إطلاق الرهائن إلى أجل غير مسمى بعد اتهامها إسرائيل بعدم الالتزام ببنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال منع دخول المساعدات إلى غزة الذي يواجه نقصاً في الغذاء والمياه والكهرباء، وعرقلة دخول الخيام والكرفانات إلى غزة، والتي ستأوي المنكوبين وتحميهم من برد الشتاء. والآلات الثقيلة لرفع الانقاض وإخراج جثامين الشهداء من تحت الركام.
في هذه الأزمة بدت الولايات المتحدة ساعية إلى التصعيد بدلاً من التهدئة، من خلال تصريحات مهددة ومتوعدة أطلقها الرئيس الأميركي ترامب الذي أعطى مهلة تنتهي في الساعة 12 ظهر يوم السبت 15/2 لإعادة كل الأسرى خلافاً للاتفاق مهدداً باستئناف القتال. وأضاف ترامب: «يجب على إسرائيل الآن اتخاذ قرار بشأن ما ستفعله بحلول الساعة 12 ظهراً يوم السبت، وهو الموعد النهائي المحدد للإفراج عن جميع الرهائن، وأميركا ستدعم قرارها». وقال ترامب، بعد إطلاق سراح 3 أسرى إن حماس أطلقت للتو سراح 3 رهائن من غزة بينهم مواطن أميركي. وأضاف: «ما فعلته حركة حماس يختلف عن بيانها الأسبوع الماضي بأنها لن تطلق سراح أي رهائن».
تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب دفعت إسرائيل إلى التهديد بمواصلة الحرب، ومواصلة إطلاق النار ومتابعة تنفيذ خطتها في التطهير العرقي استناداً إلى دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى نقل الفلسطينيين بشكل دائم من غزة، وسيطرة الولايات المتحدة على القطاع بعد أن تسلمه إسرائيل للحماية الأميركية لإعادة تطويره، الأمر الذي شجع نتنياهو بإظهار رغبته باستئناف القتال من جانب إسرائيل، وأعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هاليفي، أن الجيش يعد خططاً للهجوم في حين تستمر عملية إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة بموجب الهدنة مع حركة حماس. وضعت إسرائيل قواتها في حالة تأهب قصوى واستدعت قوات الاحتياط، متهمة حماس بالتراجع عن الاتفاق، سارع الوسطاء المصريون والقطريون إلى تجنب انهيار وقف إطلاق النار الهش بالعمل على حث حركة حماس على إطلاق سراح الأسرى الثلاث، فاستجابت، الأمر الذي خفض المخاوف من احتمال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار من مرحلته الأولى التي تستمر 42 يوماً. وانسداد الطريق أمام مرحلة ثانية من المفاوضات وقبل إنهاء الحرب تماماً، وإعادة الرهائن المتبقين، واستكمال انسحاب القوات الإسرائيلية وإعادة بناء قطاع غزة.
في برنامج جولته يزور السعودية والإمارات. ومن المتوقع أن يناقش وزير الخارجية الأميركي خلال محادثاته المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار التي من المفترض أن يتم خلالها الإفراج عن بقية الرهائن الأحياء وإنهاء الحرب.
وبحسب مصدر قريب من المفاوضات، فإن الوسطاء يأملون أن تبدأ الأسبوع المقبل في الدوحة المحادثات حول المرحلة الثانية. أما المرحلة الثالثة والنهائية من الاتفاق فهي مخصصة لإعادة إعمار غزة.
وقال روبيو الخميس إن « واشنطن منفتحة على المقترحات المقدمة من الدول العربية بشأن غزة، لكنه أضاف أنه في الوقت الحالي، الخطة الوحيدة – وهم (العرب) لا يحبّونها – هي خطة ترامب. لذلك، إذا كانت لديهم خطة أفضل، فهذا هو الوقت المناسب لتقديمها».
وأوضح روبيو أن واشنطن منفتحة على مقترحات من الدول العربية بشأن غزة، وكان الوزير بحث ملف غزة خلال اجتماعات عقدها في واشنطن مع مسؤولين من مصر والأردن.
واقترح ترامب أن تتولى الولايات المتحدة زمام الأمور في غزة وأن ترحل سكانه إلى بلدان أخرى، خصوصا مصر والأردن، على أن تعيد بناء القطاع المدمر وتحوله إلى ريفييرا الشرق الأوسط، وقوبل هذا الاقتراح برفض عربي.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الدول الشريكة يجب أن تلتزم تقديم خطة لإعمار غزة بعد النزاع، مؤكدا أنه من الضروري حالياً التفكير بحلول مبتكرة.
في كلا الحالتين «أوكرانيا – غزة» يحاول ترامب فرض رؤيته للسلام وهي رؤية خارج الصندوق بحلول إبداعية كما يدعي، داعياً إلى إعمار غزة دون غزيين، وإلى سلام في أوكرانيا دون حضور الأوكرانيين.