اقتصادأهم الاخبارانتهاكات الاحتلال

“تقرير “جنين على حافة الانهيار الاقتصادي بفعل عدوان الاحتلال المستمر

المسار الإخباري :تعيش مدينة جنين كارثة اقتصادية غير مسبوقة بفعل العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 21 يناير، حيث أدى التصعيد العسكري إلى شلل شبه كامل في الحركة التجارية، نزوح واسع للسكان، وتدهور حاد في الأوضاع المعيشية. ومع دخول العدوان يومه الـ 51، باتت الأسواق شبه خالية، والمحال التجارية مغلقة، في ظل عمليات اقتحام متكررة ودمار واسع في البنية التحتية.

اقتصاد مشلول وخسائر يومية ضخمة

وفقًا لتقديرات غرفة تجارة وصناعة جنين، فإن حجم الخسائر الاقتصادية اليومية نتيجة العدوان يبلغ 30 مليون شيقل، حيث تعاني الأسواق من إغلاق متكرر، مع تراجع القدرة الشرائية بفعل نزوح آلاف السكان وتدهور الوضع الأمني. وأكد مدير الغرفة التجارية، محمد كميل، أن العدوان تسبب في خسائر فادحة طالت آلاف المنشآت التجارية والصناعية، وأجبر العديد من التجار على إغلاق محالهم أو نقل أعمالهم إلى مناطق أخرى.

إغلاق حاجز الجلمة وتأثيره على الاقتصاد

يعد حاجز الجلمة شمال جنين شريانًا اقتصاديًا حيويًا للمدينة، حيث كان يربطها بالداخل المحتل، ويستقطب أكثر من 3 ملايين زائر سنويًا، يشكلون نحو 60% من القدرة الشرائية للمدينة. لكن مع استمرار إغلاق الحاجز منذ 7 أكتوبر 2023، حرمت المدينة من هذا المصدر الأساسي للدخل، مما أدى إلى تراجع حاد في الحركة التجارية، وفاقم معاناة التجار والمواطنين.

نزوح واسع وتدمير للبنية التحتية

بحسب اللجنة الإعلامية لمخيم جنين، فإن العدوان الإسرائيلي أجبر 90% من سكان المخيم، أي نحو 20 ألف نسمة، على النزوح قسرًا تحت تهديد السلاح، في واحدة من أكبر موجات التهجير القسري في الضفة الغربية منذ سنوات. هذا النزوح أفرغ المخيم من سكانه، وأدى إلى توقف شبه كامل للحياة اليومية فيه، وسط استمرار القصف والتدمير الممنهج للمنازل والبنية التحتية.

غياب الأجواء الرمضانية وسط التصعيد العسكري

في الوقت الذي تعيش فيه المدن الفلسطينية أجواء شهر رمضان، تحولت جنين إلى مدينة أشباح بفعل عدوان الاحتلال، حيث غابت الأجواء الاحتفالية، واستبدلت أصوات المدافع والرصاص بمدفع الإفطار. وأكد رئيس بلدية جنين، محمد جرار، أن الاحتلال يتبع سياسة ممنهجة لإلحاق أكبر ضرر ممكن بالحياة اليومية في المدينة، ما جعل الوضع بالغ الصعوبة، خاصة في ظل محدودية الإمكانيات المحلية لمواجهة هذا الدمار.

وأوضح جرار أن الأضرار الناجمة عن العدوان تنقسم إلى شقين؛ الأول يتعلق بالخسائر المباشرة الناتجة عن عمليات الهدم والتدمير، والثاني يشمل الأضرار الاقتصادية غير المباشرة الناتجة عن تراجع النشاط التجاري، مما جعل الحركة الاقتصادية في جنين في حالة انهيار مستمر.

ارتفاع البطالة وإغلاق المؤسسات

كشف تقرير غرفة تجارة جنين عن ارتفاع معدل البطالة إلى 52%، فيما تم تحويل نحو 63% من العقود الوظيفية إلى عقود جزئية، بسبب توقف الأعمال وإغلاق المحلات التجارية. كما تسبب العدوان في تعطيل عمل المؤسسات الحكومية والبنوك، ما أجبر المواطنين على التنقل إلى مدن أخرى مثل نابلس لتسيير معاملاتهم اليومية، ما زاد من الأعباء المالية عليهم.

أزمة اقتصادية ممتدة وضغوط مالية خانقة

وزير الاقتصاد الفلسطيني، محمد العامور، أكد أن ما يجري في جنين هو جزء من الأزمة الاقتصادية العامة التي تعاني منها الضفة الغربية، نتيجة الاجتياحات المتكررة، الإغلاقات، تدمير البنية التحتية، واحتجاز الاحتلال لأموال المقاصة الفلسطينية.

وأشار العامور إلى أن حكومة الاحتلال تمارس ضغوطًا مالية شديدة على السلطة الفلسطينية، عبر احتجاز 3.6 مليار شيقل من أموال المقاصة، بحجة دفع تعويضات للمستوطنين، وسداد ديون الكهرباء. وأضاف أن هذه الأزمة المالية أثرت بشكل مباشر على قدرة السلطة على دعم جنين، وأضعفت محاولات إنعاش اقتصاد المدينة.

دعوات لتدخل عاجل وإنقاذ المدينة

أمام هذا الواقع الكارثي، دعا رئيس بلدية جنين، محمد جرار، إلى التعامل مع المدينة كمنطقة منكوبة، واتخاذ إجراءات رسمية عاجلة لإنقاذها، عبر دعم التجار، إعادة فتح المؤسسات الحكومية، وتوفير حلول اقتصادية للحد من الأضرار الناجمة عن العدوان. كما طالب مدير الغرفة التجارية بضرورة إعادة فتح حاجز الجلمة، وإيجاد حلول لدعم التجار والعمال الذين فقدوا مصادر دخلهم.

خاتمة

يستمر الاحتلال في فرض واقع اقتصادي كارثي على جنين، عبر اجتياحات متواصلة، وتدمير البنية التحتية، وفرض قيود خانقة على الحركة التجارية، مما يهدد بمزيد من التدهور الاقتصادي والإنساني. وبينما يعاني سكان جنين من غياب أي حلول فورية، تبقى المدينة تواجه مصيرًا مجهولًا، في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي وانعدام أي تدخل دولي لوقف هذه المعاناة المستمرة.