
المسار الاخباري ….
كتب …. د. محمد إبراهيم المدهون
تعيين حسين الشيخ نائباً لمحمود عباس في ظل تجاهل كامل لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وحركة فتح والفصائل الفلسطينية والمجتمع المدني والقطاع الخاص يمثل نموذجاً صارخاً لاختطاف القرار الفلسطيني، حيث يواصل التفرد بالقرارات المصيرية دون الرجوع إلى مؤسسات الدولة والشعب. هذا التعيين يعكس استمرار هيمنة مجموعة عواجيز ضيقة على السياسة الفلسطينية ويُعيق بناء نظام سياسي ديمقراطي قائم على المؤسسات. في ظل غياب الإصلاح السياسي واحتكار السلطة، يصبح من المستحيل تحقيق أي تقدم حقيقي في قضايا الشعب الفلسطيني، مما يتطلب ضغطاً شعبياً وحواراً وطنياً شاملاً لتحرير المؤسسة الفلسطينية من قبضة التفرد واستعادة دور الفصائل والمجتمع الفلسطيني في تحديد مصيره.
في خطوة أثارت الكثير من الجدل، تم تعيين حسين الشيخ نائباً للرئيس محمود عباس، في تجاهل واضح للهيئات والمؤسسات الفلسطينية المعنية، مثل منظمة التحرير الفلسطينية، السلطة الفلسطينية، وحركة فتح، بل ولآراء معظم الفصائل الفلسطينية. هذه الخطوة ليست مجرد تغيير في القيادة، بل تمثل استمرارية في نهج اختطاف القرار الفلسطيني من قبل مجموعة محدودة من الأفراد على حساب مؤسسات الدولة والشعب الفلسطيني. إذ يُظهر هذا التعيين كيف يتم تفويت فرص بناء نظام سياسي ديمقراطي قائم على المؤسسات، ويُضعف من قدرة الشعب على التأثير في المسار السياسي الوطني.
يُعدُّ اختطاف القرار الفلسطيني من أبرز القضايا التي تثير قلق الشعب الفلسطيني وتعرقل تحقيق التغيير السياسي الديمقراطي المطلوب. مع تركز السلطة الفلسطينية في يد عدد قليل من الأفراد، شهدت مؤسسات القرار الفلسطيني حالة من التهميش والإقصاء لفئات واسعة من الشعب، ما أدى إلى تفرد القيادة الحالية بالقرارات المصيرية. يُعدّ هذا التفرد بمثابة خرق خطير للديمقراطية الفلسطينية ويضعف قدرة الشعب على التأثير في المسار السياسي الوطني.
لطالما كان الشعب الفلسطيني يعاني من تدهور الوضع السياسي، حيث فشلت القيادات المتعاقبة في تحقيق تقدم حقيقي في معالجة القضايا الرئيسية مثل قضية الأسرى، المفاوضات مع الاحتلال، وإعادة بناء المؤسسات الوطنية. وبالرغم من أهمية هذه القضايا التي تمس جوهر القضية الفلسطينية، إلا أن السلطة الحاكمة غالبًا ما تُفضل الحفاظ على مكاسبها السياسية على حساب مطالب الشعب الفلسطيني.
للأسف، يبقى من المتعذر تحقيق الإصلاح السياسي في ظل هذه الهيمنة، خاصة عندما تكون السلطة هي نفسها المتهمة بعرقلة العملية الديمقراطية. في هذا السياق، يصبح من المستحيل أن تقوم السلطة الحالية بتنفيذ أي إصلاحات حقيقية دون ضغط شعبي ووطني مستمر.
ولكن رغم التحديات، هناك عدة خطوات يمكن اتخاذها لمواجهة هذا التفرد في القرار الفلسطيني. أولها، الضغط الشعبي بإطلاق الحراك السلمي المستمر الذي يُعبّر عن رفض الشعب لهذا الوضع. ثانيًا، يجب تعزيز دور الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها حركة فتح والتي ترفض هذا التغول على المنظمة والسلطة باجتماعها العاجل لإعلان موقف موحد والعمل على رسم السياسات واتخاذ القرارات الوطنية، مع ضرورة تحقيق توافقات وطنية شاملة بعيدًا عن الاحتكار الفصائلي للقرار.
من المهم أيضًا أن تتم المبادرة إلى الدعوة إلى حوار وطني شامل يشمل جميع المكونات السياسية والمدنية الفلسطينية في الداخل والخارج، بهدف صياغة رؤية سياسية موحدة تعتمد على المبادئ الديمقراطية والشعبية. ويُعتبر الضغط من دول وازنة مثل تركيا على السيد عباس أيضًا من الحلول التي يمكن أن تسهم في تغيير هذا الوضع، من خلال تعزيز الدعم السياسي الفلسطيني في الساحة الدولية.
في الختام، لا بد من التأكيد على أن الخروج من هذه الأزمة يتطلب وحدة الصف الفلسطيني وإرادة جماعية حقيقية لتصحيح مسار القرار الفلسطيني وإنهاء مرحلة اختطافه، مما يفتح الأفق لتحقيق التغيير والعدالة في المؤسسة الفلسطينية.
ملاحظه ….
جميع المقالات تعبر فقط عن وجهة نظر أصحابها