إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية .. الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 هآرتس 29/5/2025

إسرائيل تهدد ايران لكنها تندفع الى مواجهة مع ترامب

بقلم: تسفي برئيل

المحادثة المتوترة التي اجراها دونالد ترامب مع بنيامين نتنياهو، حسب ما نشر في “نيويورك تايمز” أمس، كانت فقط مجرد مرحلة اخرى في المواجهة النووية التي تطورت، ليس بين ايران والولايات المتحدة، بل بالذات بين رئيس حكومة اسرائيل والرئيس الامريكي. التسريبات والاحاطات التي وصلت الى وسائل الاعلام الامريكية تقول بان اسرائيل كانت مستعدة لمهاجمة ايران في الوقت الذي كانت فيه البعثات الامريكية والايرانية تجري محادثات حول اتفاق نووي جديد. حسب “نيويورك تايمز” فانهم في الادارة الامريكية يقدرون ان اسرائيل يمكنها المهاجمة خلال سبع ساعات منذ اللحظة التي يعطى فيها الامر. في القدس سارعوا الى نفي ان هناك توتر بين الدولتين، لكن يمكن التقدير بانه يوجد للتسريب دور مساعد بالتحديد في دفع المفاوضات قدما؛ ايران المتشككة لا يمكنها استبعاد امكانية ان نشر نوايا اسرائيل ليس إلا تهديد امريكي – اسرائيلي منسق، وانه في موازاة التصريحات المتفائلة لترامب حول تقدم مهم في المحادثات فانه يواصل التلويح بالسوط الاسرائيلي.

في كل الحالات التهديد الاسرائيلي يجب ان يوفر اجابة على سؤالين: هل اسرائيل قادرة على شل المشروع النووي الايراني بنفسها بدون مساعدة امريكية، وهل هي مستعدة لتلقي ضربة ايرانية مضادة لن تتاخر في القدوم. على هذه الاسئلة لا توجد اجابة مؤكدة. المواقف في اسرائيل مثلما في امريكا، منقسمة. الاستخبارات وجهاز الامن في اسرائيل التي تحدثت مؤخرا تعتقد انه حتى لو تسببت اسرائيل بضرر كبير للمنشآت النووية في ايران فهي ستجد صعوبة في تحييد قاعدة المعلومات الكبيرة التي تراكمت خلال عشرات السنين من وجود المشروع النووي، وهذا يعني ان ايران يمكنها اعادة اصلاحها خلال فترة غير طويلة. التقدير السائد هو ان هجوم اسرائيلي ربما يمكنه اعاقة المرحلة الانتقالية لـ “الاختراقة” النووية لايران لمدة سنتين أو ثلاث سنوات. ولكن بعد انتهاء عملية الترميم فهي ستعود لمواجهة تهديد مشابه.

فيما يتعلق برد ايران فان اسرائيل يمكن ان تقف في هذه المرة امام منظومة اقليمية تختلف كليا عن التي وقفت امامها في نيسان 2024، عندما اطلقت ايران مئات الصواريخ والمسيرات نحوها. ضد ذلك الهجوم الذي تسبب بضرر صغير نسبيا اعتمدت اسرائيل على حلقة دفاع اقليمية، التي اسستها لصالحها الولايات المتحدة. وقد شملت معلومات استخبارية تحذيرية مسبقة، التي وصلت من السعودية (بعد ضغط امريكي كبير) واتحاد الامارات، ومشاركة فاعلة لسلاح الجو ومنظومة الدفاع الجوي للاردن ودول اخرى، والاذن الذي اعطي لاسرائيل من اجل العمل في المجال الجوي في هذه الدول، اضافة الى قدرات اعتراض الجيش الامريكي.

منذ ذلك الحين تغير بشكل دراماتيكي موقف اسرائيل السياسي في المنطقة. الاردن اعلن بشكل حازم بأنه لن يسمح لأي دولة باستخدامها سمائه من اجل شن حرب، السعودية عززت علاقاتها مع ايران التي استؤنفت في آذار 2023، في الشهر الماضي زار ايران وزير الدفاع السعودي الامير خالد بن سلمان، شقيق ولي العهد محمد بن سلمان، ونقل الى المرشد الاعلى علي خامنئي رسالة من الملك سلمان. تسريبات مقصودة تحدثت عن نية ترسيخ وتطوير تعاون اقتصادي وسياسي بين الدولتين. السعودية ايضا غيرت موقفها من الاتفاق النووي مع ايران، والآن هي تؤكد بشكل كامل المفاوضات التي تجريها الادارة الامريكية، وتعمل من وراء الكواليس للدفع بها قدما.

يبدو الان ان فكرة التحالف العربي ضد ايران برعاية امريكية ومشاركة اسرائيل تحولت الى معرض متحفي. السعودية تقود الان مجموعة عمل لوزراء خارجية دول الجامعة العربية التي تعمل على الدفع قدما بانهاء الحرب في غزة وصياغة حل سياسي للنزاع بين اسرائيل والفلسطينيين، في حين ان دول المنطقة الاخرى تعتبر اسرائيل تهديد اكبر من ايران على استقرار وامن المنطقة.

بالنسبة لدول الخليج فان مهاجمة اسرائيل لايران هي تهديد ملموس يمكن ان يضر بها بشكل مباشر، بواسطة وكلاء ايران، بما في ذلك الحوثيين والمليشيات الشيعية التي تعمل في العراق، أو عن طريق مس ايران بالملاحة في الخليج الفارسي، الذي ستكون تداعيانه اكثر شدة باضعاف من شل الملاحة في البحر الاحمر. في سيناريو متطرف فان دول الخليج تتوقع امكانية لاندلاع حرب اقليمية شاملة، وهو السيناريو الذي اشركت ترامب به.  ومنع تحقق هذا السيناريو يتعلق الان بموافقة امريكا وايران على مستوى تخصيب اليورانيوم في ايران. الموقف الرسمي والثابت والواضح لطهران يقول بانه يوجد لايران حق في تخصيب اليورانيوم لاهداف مدنية، لكونها موقعة على الميثاق الدولي لمنع انتشار السلاح النووي، مثلما يعطى هذا الحق لكل دولة وقعت على الميثاق. مع ذلك، ايران اوضحت بانها ستعود الى تخصيب اليورانيوم بمستوى 3.67 في المئة، كما تقرر في الاتفاق النووي الاصلي، وحتى السماح للمراقبين الامريكيين بالمشاركة في طواقم التفتيش للوكالة الدولية للطاقة النووية. ولكنها لن توافق على نقل كمية اليورانيوم المخصب التي انتجتها بمستويات مختلفة، والتي بعضها وصل الى 60 في المئة، الى دولة ثالثة.

هذا الموقف يتصادم مع مطالبة امريكا بوقف التخصيب، وتفكيك المشروع النووي وارسال اليورانيوم المخصب الى خارج ايران. مؤخرا اضيف طلب مناقشة الصواريخ البالستية لايران، الذي هي غير مستعدة لمناقشته على الاطلاق. يبدو أنه تقريبا من غير المحتمل التوصل الى صيغة تسوي بين هذه المواقف المتصلبة. حتى الآن، بعد خمس جولات من المحادثات، الطرفان يواصلان اجراء المفاوضات ونشر “اجواء متفائلة” بأنه على الطاولة توجد عدة خيارات يمكنها احداث انعطافة.

احد هذه الخيارات هو تاسيس كونسيرتسيوم اقليمي، تكون في عضويته السعودية واتحاد الامارات وايران، التي ستقيم معا منشأة لتخصيب اليورانيوم في ايران برقابة دولية. حسب تقرير موقع “امواج”، الذي يركز على التقارير عن ايران والعراق، فان وزير خارجية ايران عباس عراقجي تحدث عن الفكرة مع نظرائه في ابو ظبي والسعودية، ولكن حتى الآن من غير الواضح ما هي خطة تشغيل هذه المنشأة، بالاساس اذا وافقت ايران على التنازل عن منشآت التخصيب لها، اذا تمت اقامة هذه المنشأة المشتركة.

الخيار الثاني هو موافقة ايران على تجميد تخصيب اليورانيوم لفترة محددة. حتى الآن رفضت ايران هذا العرض، لكن هذا العرض يمكن طرحه مرة اخرى اذا نجح الطرفان في صياغة “اتفاق مؤقت” أو “اعلان مباديء” مشترك، يمنح المفاوضات وقت آخر والطرفان يوقفان بشكل مؤقت سباق التهديدات. يمكن التقدير بانه مقابل أي اتفاق مؤقت كهذا فان ايران ستطلب ثمن يشمل ليس فقط رفع جزئي للعقوبات، بل ايضا ضمانات امريكية بأن لا تهاجم اسرائيل منشآتها النووية.

‏——————————————

إسرائيل اليوم 29/5/2025

الولايات المتحدة تستخدم إسرائيل لتحسين وضعها في المفاوضات

بقلم: أرئيل كهانا

بخلاف العنوان الدراماتيكي الذي اطلقه ترامب – وهو دراماتيكي بالفعل – فان أقواله الكاملة أكدت بالذات ما قيل في إسرائيل على طول الطريق. يوجد توافق بين الدولتين حول الوضع النهائي.

لمرتين أذهل ترامب كل المنشغلين بالمسألة الإيرانية. الأولى، حين أكد بان نتنياهو بحث معه في إمكانية الهجوم على ايران. بمعنى أنه مثلما يشتبه الإيرانيون، ومثلما نشر في الاعلام الأمريكي فان الخيار العسكري يوجد على الطاولة. او كما صاغ ترامب بنفسه الأمور لاحقا “بمكالمة هاتفية هذا يمكن أن يتغير” – وعندها تنطلق القوات على الدرب.

الصدمة الثانية كانت كشف ترامب بانه بالفعل قال لنتنياهو “Don’t”. او مرة أخرى على حد تعبير الرئيس، “هذا غير مناسب الان”. ظاهرا فجوة، او خلاف، أو جدال، بين زعيمي الولايات المتحدة وإسرائيل.

كل هذا، ظاهرا، انباء سيئة، انباء ينبغي ان تفرح الإيرانيين وتزعج الإسرائيليين. لكن اقوال ترامب الكاملة كانت مختلفة. فقد أضاف بضع جمل هامة أوضح فيها كما بعيدا يفترض ان يسير الاتفاق الذي يتصوره مع ايران: “يمكننا أن نفجر مختبرا حين لا يكون احد يتواجد في المختبر، مقابل الخيار بان يكونوا جميعهم في المؤتمر وعندها نقصفه. صحيح؟ توجد طريقتان لعمل ذلك”.

اذا ما التزم ترامب بكلمته – في هذه المواضيع هو يلتزم اجمالا – من ناحيته فان القصف والاتفاق يفترض أن يحققا النتيجة العملية ذاتها في كل ما يتعلق بالبنية التحتية النووية: صفر بنى تحتية نووية في ايران.

فضلا عن ذلك – كما أسلفنا المسافة من ناحيته بين الهجوم وبين الاتفاق هي مسألة بضع ثوانٍ. القرار في أي من الخيارين سيختار يوجد لديه، وفقط لديه. وعلى أي حال، فاذا كان الإيرانيون استمعوا جيدا فانهم سيفهمون بانه من ناحية ترامب إسرائيل هي ثور هجومي وغاضب بالكاد يسيطر عليه الرئيس.

لعل هذا هو السبب في أنه قبل بضع دقائق من تصريحات ترامب المتفجرة، أفادت وكالات الانباء بان ايران باتت فجأة مستعدة لان “تعلق مؤقتا” تخصيب اليورانيوم، التخصيب الذي كان بالنسبة لها قبل يومين فقط خطا أحمر، يبرر تفجير المحادثات. بكلمات أخرى، اذا ما دخلنا الى عمق الاقوال، الاستنتاج هو أن الولايات المتحدة تستخدم إسرائيل كي تحسن النتائج في المفاوضات. هذا حقا لا بأس به للمصلحة الإسرائيلية. فضلا عن هذا اذا لم تحقق المحادثات النتيجة التي ترجوها واشنطن والقدس فان ترامب نفسه سيعطي الضوء الأخضر للهجوم وربما حتى سيقوده بنفسه، مثلما قال في الماضي.

 ——————————————

يديعوت احرونوت 29/5/2025

الاستعدادات للهجوم في ايران والمعارضة الامريكية

بقلم: رونين بيرغمان

كان يفترض ان تعقد في البيت الأبيض أمس بضعة لقاءات بين مسؤولين إسرائيليين ونظرائهم الأمريكيين. من الإسرائيليين رئيس الموساد دافيد برنياع المسؤول ايضا عن أجزاء واسعة من الحرب السرية مع ايران، وكان أيضا رئيس الفريق المفاوض فيما قيل أنه يحتمل أن يعود لينشغل أيضا بالمخطوفين. الى جانبه وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر الذي ينسق أيضا شؤون ايران عن نتنياهو ويترأس فريق المفاوضات لشؤون المخطوفين. كلاهما وصلا من روما حيث التقيا ستيف ويتكوف الوسيط الأمريكي الذي يوجد هناك في شؤون المفاوضات مع ايران، لكنه عاد من الشرق الأوسط بعد جولة هامة انشغل فيها بمواضيع المخطوفين، الذي يتبوأ المسؤولية عنهم أيضا.

كانت لمصادر مختلفة روايات مختلفة عما التقوا: هل عن الحوار النووي الذي تجريه الولايات المتحدة مع ايران، المعارضة الإسرائيلية العنيدة واستعداداتها للهجوم في ايران؟ ام ربما عن الضغط الذي تمارسه إسرائيل على المفاوضات من خلال التهديد بالهجوم ولهذا جاءت المرونة الإيرانية؟ ام ربما عن صفقة المخطوفين لاستيضاح العرض الأمريكي الأخير لمنحى ويتكوف صيغة 342 وربما، يحاولون كل هذا معا للوصول الى حل شامل.

في هذه الاثناء، لم تسجل اختراقات، وعلى الأقل لم تسجل في توافق إسرائيل والولايات المتحدة. في هذين الموضوعين الحرجين واضح للجميع بان الادعاء بانهم لا يأبهون بإسرائيل هو ادعاء مبالغ فيه على الأقل. فلا صفقة مخطوفين أو انهاء الحرب أو انسحاب من غزة بدون إسرائيل. واذا قررت إسرائيل فانه يمكنها أن تشوش كل صفقة أمريكية مع ايران. في هجوم مباشر، بهجمات خفية واعمال خاصة ومثلما يعرف الامريكيون الان، حتى بتهديدات مبطنة.

كلمة إسرائيل، يمكن أن تستبدل بنتنياهو. او بكلمات مصدر أمني كبير على اتصال مع المستوى السياسي: “في وضع حكم الفرد الناشيء لا يوجد في الحكومة توازنات وكوابح يمكنها ان تشكل راشد مسؤول او على الأقل توازن لقوة نتنياهو، وهو أمر سليم في كل حكومة وفي كل ديمقراطية. هذا هو الكابنت الأول منذ الازل الذي لا يوجد فيه أي شخص ذي ماض عسكري او امني طويل يعرف كيف يساهم بتجربته في النظرة الواعية لخريطة المعركة في غزة ويعرف أيضا كيف يقدر على نحو صحيح خريطة المخاطر والاحتمالات بالنسبة لهجوم محتمل في ايران”.

لقد حيد نتنياهو قسما كبيرا من خصومه واستبدلهم بالموالين والطائعين له. ويقول مصدر قانوني رفيع المستوى ان “ما فعله بن غفير للشرطة، يحاول نتنياهو فعله بكل الدولة”. باستثناء العليا والمستشارة لا يوجد اليوم في إسرائيل من يتحدى حكم الفرد لنتنياهو. لكن في مواضيع كالهجوم في ا يران، صفقة مخطوفين أو مواصلة المناورة ليس لهما دور. في هذه الوضعية، عمليا، نتنياهو هو المقرر الحصري بمصير المخطوفين والحرب. ولأنه قرر أغلب الظن منذ زمن بعيد عدم القرار في هذه اللحظة بل المواصلة الى الامام، فان القدرة على تغيير شيء ما، القدرة على انقاذ مخطوفين هي في يدي ترامب. فهل سيمارس على نتنياهو ما يكفي من الضغط ويجبره على أن يوافق على صفقة ووقف نار؟ نتنياهو بقوته وبارادته لن يفعل هذا. المبعوث ويتكوف قال لمقربيه ان برأيه وبرأي ترامب على الحرب ان تنتهي، لكنه لم يتلقَ من الرئيس حاليا على الأقل (وقال هذا قبل نحو ثلاثة أسابيع)، الأوامر المناسبة كي يمارس على نتنياهو ضغطا في الموضوع.

بالنسبة لإيران الوضع اكثر تعقيدا، ليس فقط لان نتنياهو يبقي الأوراق قريبا من صدره حين كان في طريق العودة الى إسرائيل من اللقاء العاجل في البيت الأبيض في نيسان، قال نتنياهو انه سيوافق على اتفاق مع ايران لكن فقط اذا كان هذا على “النموذج الليبي”. أي التفكيك الكامل لكل منظومة التخصيب الإيرانية. في طهران اعلنوا منذ زمن بعيد ان هذا غير وارد ونتنياهو يعرف بيقين أنه سيكون من الصعب جدا اخضاعهم. وبالتالي فان نتنياهو وأبواقه يكررون انه باستثناء مثل هذا الاتفاق، على النمط الليبي، فان إسرائيل ستهاجم وتدمر المشروع النووي الإيراني.

إذن ما الذي يريده نتنياهو حقا؟ في الوقت الذي تحاول فيه إدارة ترامب إدارة مفاوضات على اتفاق نووي مع ايران فان نتنياهو يهدد بتفجير المحادثات من خلال هجوم على منشآت التخصيب الأساسية لإيران. وامس بلغت “نيويورك تايمز” عن مكالمة هاتفية متوترة واحدة على الأقل بين ترامب ونتنياهو وعن سلسلة لقاءات في الآونة الأخيرة بين مسؤولي الإدارة ومسؤولين إسرائيليين. مكتب نتنياهو عقب بان هذه “انباء ملفقة” لاجل اختطاف تأكيد ترامب قبل بضع ساعات من ذلك حين اعترف بصوته بانه قال لنتنياهو الا يهاجم في ايران في هذا الوقت بينما تجرى معها اتصالات لاتفاق نووي جديد.

نتنياهو كفيل بان يدعي بان هشاشة ايران لن تستمر لزمن طويل، والتوقيت مناسب للهجوم. بالمقابل، يعتقد ترامب بان ضعف ايران هو لحظة كاملة الاوصاف لمفاوضات على انهاء برنامج التخصيب الإيراني، باسناد من تهديد بعملية عسكرية اذا ما فشلت المحادثات. وقال مصدر إسرائيلي انه “حين يكون ترامب هو الجهة المتفكرة، الراشد المسؤول الذي يحتاج لان يهديء الاخرين ويتطلع على الحل الدبلوماسي، فانك تفهم كم هو الوضع معطل”.

بالتوازي كثرت الانباء في واشنطن بان الولايات المتحدة وايران تعتزمان التوقيع على اتفاق مرحلي، لا يقول شيئا غير انهما اتفقتا على ان تتفقا. واضح للجميع انه يستهدف إسرائيل بخلق وضعية مفاوضات متواصلة للتصعيب على نتنياهو تبرير هجوم قبل أن تكون نتائج للاتصالات.

وفي واشنطن يقولون ان نتنياهو نفد صبره. مزيد من الخطوط تلتقي في المعركة. تهديد الحريديم بالانسحاب من الحكومة، سياقات مختلفة من التطهير في قيادة منظومات انفاذ القانون، الاستخبارات، الجيش والقضاء، الاستجواب المضاد في المحكمة، مواضيع حالة الطقس (بتأثيرها على قدرات الطائرات على الهجوم)، اعتزال قائد القيادة المركزية “كوريلا”، المخطوفين، المعركة في غزة، وغيرها. في المرة السابقة التي وقعت فيها الولايات المتحدة على اتفاق مرحلي استغرقها سنتين الى ان توصلت الى الاتفاق النهائي. ويقول المصدر الأمريكي انه “في الوتيرة الحالية وبارادات نتيناىهو لست واثقا انه سينتظر شهرين”.

من ناحية الولايات المتحدة، السطر الأخير هو ان إسرائيل واصلت استعداداتها لهجوم في ايران حتى بعد أن قال ترامب لنتنياهو في اللقاء انه يعارض الهجوم. في الادارة يوجد غضب متزايد على إسرائيل، دون صلة بمسألة هل إسرائيل ستهاجم في نهاية الامر. مجرد الاستعدادات برأي المحافل الامريكية، يرفع التوتر في المنطقة ويمس بالمفاوضات.

وبالفعل، امر نتنياهو الجيش وسلاح الجو بالاستعداد لهجوم إسرائيلي فقط، حتى بدون الولايات المتحدة. هناك من يعتقد أن لإسرائيل فرصة تاريخية محظور تفويتها. وحسب المنشورات، في الوقت الذي انقضى يواصل الجيش الإسرائيلي استعداداته للهجوم الذي في البداية تقرر في أيار. في “نيويورك تايمز” نشر أمس بانه بتقدير الاستخبارات الامريكية فان القوات الإسرائيلية توجد في حالة تأهب عالية بحيث يمكن الامر بالهجوم باخطار 7 ساعات. لكن حتى للاسرائيليين الضالعين في الموضوع وكذا للامريكيين، ليس واضحا هل هذه استعدادات هدفها ممارسة الضغط على المفاوضات، الإبقاء على الاستعدادات لهجوم فوري في حالة فشل المفاوضات ام استعدادات للهجوم في كل الأحوال.

وكل هذه الأمور تأتي على خلفية الاحتكاك المتزايد مع الولايات المتحدة في سلسلة مواضيع تتعلق بالمخطوفين بالحرب في غزة. في إسرائيل مقتنعون بان الإدارة سربت القصة لـ سي.ان.ان” كي تحبط الهجوم، هذه مناورة سبق أن تمت بضع مرات في العلاقات المعقدة بين الدولتين.

تخشى مصادر إسرائيلية من أن يكون ترامب متحمسا الان لاتفاق خاص به لدرجة أن يسمح لإيران بحيازة منشآتها لتخصيب اليورانيوم. من جهة أخرى، كثيرون واثقون من أنه حتى لو هاجمت إسرائيل بدون إذن امريكي وبدون تنسيق ومساعدة، فانه اذا ما ردت ايران الهجوم بقوة – فان الولايات المتحدة في كل ا لاحوال سـتأتي لحمايتها. لكن اذا كانت هذه الحماية مطلوبة فليس مؤكدا ان تكفي المساعدة الامريكية. فقد تبقى للايرانيين بعد جولة القتال مع اسرئيل نحو الفي صاروخ باليستي. وعدد مضاعف من الحوامات والصواريخ الجوالة. معقول الافتراض بانه بعد هجوم إسرائيلي فان الرشقة الإيراني ستكون اقل انتقائية وستضرب مناطق مأهولة. ليس مؤكدا أنه يوجد لإسرائيل ما يكفي من البطاريات ومن صواريخ الاعتراض كي تصد رشقات كهذه.

——————————————

هآرتس ذي ماركر 29/5/2025

هذا يمكن أن يكون الحدث الاهم في صناعة السلاح في الحرب الحالية

بقلم: حجاي عميت

من يفحص تطور صناعة السلاح برؤية تاريخية، كان يمكنه أن يجد أمس في بيان وزارة الدفاع، المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي ورفائيل، نوع من التساوق التاريخي مع الاحداث التي حدثت قبل ثمانين سنة. اذا كان الحدث الاكثر دراماتيكية، طالما ان الحديث يدور عن صناعة السلاح العالمية، قد حدث في اواخر الحرب العالمية الثانية، مع الاستخدام الاول للمرة الاولى للسلاح النووي، فان الكشف عن تنفيذ عشرات عمليات الاعتراض لاول مرة من خلال استخدام انظمة الليزر في حرب “السيوف الحديدية”، نامل أن نكون قريبين من نهاية الحرب، قد يكون احد اكثر الاحداث دراماتيكية بالنسبة لصناعة السلاح، ولاسرائيل على المستوى الاستراتيجي، في الحرب الحالية.

عمليات الاعتراض التي نفذها الجيش الاسرائيلي هي مفاجئة اذا اخذنا في الحسبان ان الاستعداد فيما يتعلق بمنظومة الليزر التي حظيت باساس الاهتمام، درع الضوء لرفائيل، كانت ستكون عملية فقط في نهاية السنة. الان يتبين ان رفائيل ووزارة الدفاع نفذت تطوير متسرع لاستخدام منظومات اعتراض جديدة اثناء الحرب.

دخول منظومة الليزر يمكن ان يشكل انعطافة استراتيجية بالنسبة لاسرائيل، وثورة في مجال منظومات الدفاع الجوي. اذا كان سلاح الليزر سيشكل طبقة اخرى تحول حماية اجواء اسرائيل الى امر ارخص واكثر نجاعة فان هذا الامر سيقلص التهديد للجبهة الداخلية الاسرائيلية من جانب الحوثيين والايرانيين وحزب الله وحماس. في موازاة ذلك هذا الامر يمكن ان يغير الطريقة التي تخصص فيها وزارة الدفاع مواردها، وان تاتي على حساب منظومات دفاع اخرى مثل القبة الحديدية أو الحيتس.

ايضا في الساحة الدولية الحديث يدور عن حدث مهم. في العالم يتابعون ما يحدث في اسرائيل في هذا المجال، على ضوء تاريخ اخفاقات جيوش اجنبية في ادحال الليزر الى حيز الاستخدام. الادوات التي بواسطتها تتم مهاجمة اسرائيل الآن غير مبنية لمواجهة اشعة الليزر. تكلفة استخدام منظومة الليزر منخفضة جدا، بشكل خاص مقارنة مع منظومات الدفاع الجوية الاخرى. تكلفة كل اعتراض بضع دولارات فقط.

المنظومة تعترض اهداف جوية بسرعة كبيرة جدا، شعاع الليزر يتحرك بسرعة الضوء. ومدة القفز بين هدف واخر هي بالحد الادنى، حتى في مستوى الاستهلاك فانه لا يمكن مقارنة التآكل المنخفض للشعاع، المستخدم بوسائل كهربائية، وبين الاستهلاك العالي للقاذف الذي يتعامل مع التقلبات والاحتكاك والارتداد، المتعلقة باطلاق النار الحركي.

حتى الآن اعتراض المسيرات تم بواسطة صواريخ جو – جو، التي يتم اطلاقها من طائرات قتالية مع تبذير ساعات طيران تكلف عشرات الاف الدولارات، أو بواسطة اجهزة اعتراض لمنظومة القبة الحديدية بتكلفة 50 – 100 الف دولار لكل قاذف اعتراض. امكانية تنفيذ جزء من الاعتراض بكبسة زر في منظومة الليزر بتكلفة بضع دولارات في كل استخدام ستؤدي بالضرورة الى تقليل استخدام المنظومات المستخدمة الآن، حتى لو كانت تكلفة المنظومة نفسها مرتفعة. مثلا، وزارة الدفاع دفعت مقابل “درع الضوء” 2 مليار شيكل. رئيس ادارة تطوير السلاح والبنية التحتية التكنولوجية، العميد احتياط د. دانييل غولد، قال: “دولة اسرائيل هي الدولة الاولى في العالم التي تعرض قدرة ليزر عملياتية كثيفة لاعتراض التهديدات. حلم الليزر تم تطبيقه اثناء الحرب بنجاح عملياتي وتكنولوجي كبير”.

مدير عام “رفائيل”، يواف ترجمان، قال: “خلال ما بقي من السنة نحن سنسلم لمنظومة الدفاع منظومة الليزر “درع الضوء 1″، التي ستخرج من خط الانتاج في رفائيل. وهي منظومة ستمكن من اعتراض اكثر دقة واسرع وارخص من كل وسائل الاعتراض الموجودة”.

——————————————-

إسرائيل اليوم 29/5/2025

ثمن تشديد القتال: كل يوم يكلف نحو 425 مليون شيكل

بقلم: نيتسان كوهن

نفقات بلا توقف: الحرب تصل الى اليوم الـ 600 وتوجد لها كلفة اقتصادية لا بأس بها.

آخر حساب لمستوى النفقات أجراه بنك إسرائيل ولانه محرر من الضغوط فان بوسعه أن يقدم اكثر الحسابات دقة ومصداقية.

من أجل تقدير مدى الكلفة، طرح في لجنة المالية في الكنيست في الأسبوع الأخير غير قليل من الأرقام عن الكلفة المتوقعة لايام الاحتياط في حالات تشديد متفاوتة في القتال. وفي مداولات مغلقة عقدها رئيس الوزراء نتنياهو طرحت ارقام وحسابات مختلفة عن كلفة تجنيد واسع للاحتياط. جملة الحدث استنادا الى معطيات مختلفة من وزارة المالية، بنك إسرائيل وغيره تؤدي الى ارقام هائلة على صندوق الدولة.

اعتراضات الصواريخ تكلف غاليا

في اثناء السنة الأخيرة قال بنك إسرائيل ان كلفة الحرب حتى نهاية 2025 تبلغ 250 مليار شيكل. وهذه الكلفة تتضمن أيام الاحتياط، الذخائر، الوقود وما شابه.

الثمن غير المباشر للحرب – الذي يتضمن معالجة الجبهة الداخلية، جنود الاحتياط المصابين، أنواع مختلفة من المقاتلين – هو مهمة طويلة المدىمع كلفة عظيمة على الاقتصاد المحلي. لكن في هذه اللحظة لا يدور الحديث الا عن كلفة الحرب وكلفة الإبقاء على غزة مثلما هي اليوم بدون حرب شديدة القوة.

تجدر الإشارة الى أن هذه الأرقام هي تقدير يستند الى تحليل نفذته محافل رفيعة المستوى في الاقتصاد الإسرائيلي لكنه لا يزال قياسا كفيلا بان يتغير. صحيح حتى هذه الأيام ارتفعت الكلفة العامة للحرب الى اكثر من 300 مليار شيكل. هذا يعني أنه في سيناريوهات مختلفة من حيث التقدير المالي نحن نوجد في سيناريو جيدا اقل. معنى الامر هو ان يوم الحرب الشديدة مثلما رأينا في الأسابيع الأخيرة الثلاثة يكلف دافع الضرائب الإسرائيلي نحو 425 مليون شيكل.

كي نفهم معنى الامر يجدر بنا أن نراجعه الى ما بعد كلفة تجنيد واسع للاحتياط (الكلفة الاقتصادية التي طرحت في لجنة المالية في الكنيست تفيد بان كلفة يوم احتياط متوسط لجندي احتياط تبلغ 1612شيكل وبالاجمال كلفة 50 الف شيكل في الشهر. كلفة اعتراض صاروخ حوثي تتراوح بين 2 – 6 مليون شيكل وفقا لنوع السلاح الذي استخدموه وهل اعترض الصاروخ في المرة الأولى ولم تكن حاجة لاطلاق مزيد من صواريخ الاعتراض تحقيقا للدقة.

الثمن سيرتفع

والان للسؤال الكبير. كم يكلف دافع الضرائب الإسرائيلي البقاء على يوم قتالي في غزة مثلما يحصل اليوم. أي، بقوة قتال متدنية حتى متوسطة وبالتعلق بحجم التوريد للمؤن الإنسانية التي تدخل الى غزة.

الأرقام مذهلة. يوم في غزة يكلف دافع الضرائيل 42 مليون شيكل. واذا ما اتسعت السيطرة الإسرائيلية على قطاع غزة فسيرتفع الثمن إذ ان المنطقة التي ستحتاج الى معالجة إسرائيلية جارفة (جنود، اهتمام بالماء والغذاء الأساسي الذي ليس في اطار المساعدات الإنسانية الكبيرة) يزداد.

صحيح حتى الان فان كلفة الحرب الشديدة التي بدأت في الأسابيع الأخيرة، اذا ما انتهت بالفعل في غضون ثلاثة اشهر معناها زيادة كلفة اكثر من 30 مليار شيكل تتضمن كلفة القتال وكلفة الاحتفاظ بغزة لثلاثة اشهر.

ينبغي التحفظ والقول ان اقتصاديين إسرائيليين كبار يقولون انه اذا ما دخلت دولة إسرائيل والجيش الإسرائيلي في الأيام القريبة الى وقف نار يؤدي الى تحرير مخطوفين فان كلفة الحرب ستنخفض جدا ونبقى مع كلفة حيازة فاعلة للقطاع.

في السطر الأخير فان حربا تواصلت الى 600 يوم تشكل حفرة اقتصادية هائلة لدولة إسرائيل آثارها سنشعر بها جميعنا في جيوبنا في المستقبل.  لكن دون خطة واضحة لليوم التالي، فان إسرائيل ستبقى بانفاق يومي بمقدار 42 مليون شيكل تنفق فقط على إبقاء السيطرة في القطاع.

——————————————-

هآرتس 29/5/2025

من الآن فصاعدا سأسمي عدوي “الجهاد اليهودي”

بقلم: اوري مسغاف

اصدقاء متدينون، علمانيون ايضا، شرحوا لي مؤخرا بأنه في كل مرة اسمي فيها الاصوليين اليهود بـ “المسيحانيين”، أنا اخطيء خطأ تكتيكي وسياسي. الايمان بقدوم المسيح هو معتقد الكثير من المؤمنين اليهود، حتى المعتدلين في مواقفهم وقيمهم، وصفة “المسيحانيين” تهينهم وتبعدهم. التفسير مقبول بالنسبة لي. أنا اريدهم في معسكري، في اطار محاولة اخيرة لانقاذ الدولة ومشروع الصهيونية من معسكر سموتريتش وبن غفير ونتنياهو. لذلك، من الآن فصاعدا سأسمي عدوي “الجهاد اليهودي”.

من المؤكد أنه في الانتخابات القادمة سيتنافسون في قائمتين. الاولى برئاسة بن غفير. والثانية ككتلة تقنية بين نتنياهو وسموتريتش، لانقاذ ما بقي من الدعم للاخير، التي ايديولوجيا كان يمكنها التنافس في كتلة فاشية واحدة. الجميع هناك يمكنهم الرقص بنشوة في يوم القدس الذي اصبح تكرار سنوي لليلة البلور، التأرجح في حالة ثمل في المدرسة الدينية “مركز هراب” الحريدية القومية المتطرفة، والنشوة من الذبح كل يوم للاطفال والنساء والمدنيين العزل في غزة.

سبب تصعيد التحريض من قبل الجهاد اليهودي هو ضائقة شديدة. هم في السلطة منذ سنتين ونصف. يعرفون انهم انزلوا على اسرائيل الهزيمة الاقسى. هم يرون الاستطلاعات. يفشلون في تربيع دائرة الركوع للعسكرة و”الحرب الخالدة”، مع التشجيع على التهرب من الخدمة والتطفل. ليس بالصدفة سموتريتش يشجع بالخداع  كل انواع المؤثرين مثل يانون مغيل واميلي عمروسي، من اجل تكرار مقاطع الفيديو التي تعظم اهتمامه برجال الاحتياط.

الجهاديون اليهود ايضا يصابون بالجنون من اخلاص الجمهور ووسائل الاعلام للمخطوفين وعائلاتهم. وهم خائبو الامل من الفجوة بين اقوال الهراء حول “النصر المطلق” و”هزيمة حماس” وبين غيابهم. في حالة نتنياهو ومؤيديه المجانين في الليكود وفي القناة 14، فانهم قلقون ومهانون من الخيانة الدراماتيكية لترامب، الذي استقبلوه بالرقص، ومنذ ذلك الحين هو يعقد الصفقات لوحده مع الحوثيين، السعوديين، السوريين، القطريين وحماس. وبعد لحظة سيوقع على اتفاق نووي سخي مع ايران.

يئير غولان، اسحق عميت وغالي بهراف ميارا، هم بالاجمال كبش الفداء. كان مثلهم في كل نظام فاشي. وكيل التدمير سمحا روتمان اتهم في هذا الاسبوع المستشارة القانونية للحكومة بأنها “تتمرد على المملكة”. لا توجد مثل هذه الجريمة في كتاب قوانين اسرائيل، ايضا لا يوجد هنا حكم ملكي (حتى الآن). ولكن العقاب الديني على التمرد على المملكة هو الموت بالسيف، وهو حكم مقلق. غولان بالتأكيد مرشح ليكون رابين القادم، مع مرور ثلاثين سنة على القتل. بن غفير من الآن يسميه “خائن”.

العاصفة في مؤتمر سدروت، الذي نظمه نائب وزير الذكاء الاصطناعي الموغ كوهين، ذكرت بمحاولة المس برابين في معهد وينغيت وفي القدس، التي سبقت عملية القتل. ما يخرجهم عن اطوارهم بالنسبة ليئير غولان  هو بالضبط ما اخرجهم عن اطوارهم بالنسبة لرابين – الجنرال الحربي المتقاعد والذي يمثل قيم اليسار الصهيوني ولا يتاثر بهم. هو لا يشكل في هذه الاثناء أي تهديد مباشر على حكم نتنياهو، وعندما تكون حاجة فانهم سينتقلون مرة اخرى للتحريض على بينيت.

في الظروف الحالية يجب على رئيس الشباك رونين بار سحب استقالته على الفور. ايضا يجب على رئيس الاركان ايال زمير أن لا يتقاعس في مواجهة حكومة الجهاد اليهودي وممثليها في القوات البرية، بما في ذلك قادة الفرق مثل براك حيرام ويهودا فاخ. ويجب على المفتش العام للشرطة داني ليفي أن يستمر في اظهار الاستقلالية وضبط النفس. ويجب على رؤساء فرع الاعمال التغلب على الجبن. ويجب علينا جميعا الاستيقاظ.

——————————————

هآرتس 29/5/2025

هذا القتل يجب وقفه وليس تفسيره

بقلم: حجاي العاد

نفي. ليس، لا سمح الله، نفي للجسد، بل ربما جسد طفل؟ في اعقاب نقص الغذاء، بل هو جهاز دفاعي الذي يحمي من لقاء مع مضمون غير لطيف، مثل الذي يمكن أن يقوض التوازن النفسي. النفي الموازن هو بشكل عام الرد المبدئي على مضمون غير مريح فيما يتعلق بالعدد الكبير من الجثث الصغيرة التي تراكمت في قطاع غزة (16 ألف طفل)، لكن الارقام هي ارقام وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، أي أنها ارقام حماس.

على فرض أنهم قاموا بتزوير هذه الارقام، وربما مضاعفتها. نحن قتلنا فقط 8 آلاف طفل. هل تشعرون الآن بهدوء اكبر بينكم وبين انفسكم؟.

ليس كما كنا سنشعر لو ان وزير الدفاع سمح للمدعية العسكرية، الجنرال يفعات تومر يروشالمي، بالظهور في مؤتمر مكتب المحامين. لو انه سمح لنا فقط بالاستماع الى اقوالها – المهمة للتوضيح  كما قال رئيس الاركان – لعرفنا كيف مات كل هؤلاء الاطفال بشكل قانوني، وموت كل هؤلاء الاطفال في العائلة التي احترقت حتى الموت وما شابه. كنا عرفنا وشعرنا براحة اكبر بيننا وبين انفسنا.

لكن وزير الدفاع اختار القيام بـ “عملية دعائية تخريبية”، بالضبط وكأنه كان أحد هؤلاء المتطرفين، أنتم تعرفون من المقصود، بدلا من تمكين المدعية العامة من التوضيح هو “اضر باستقلاليتها”. والآن يهب كل عباقرة الاعلام والقانون ويتطوعون لتوفير للحكومة استشارات علاقات عامة بالمجان، ويصرخون بغضب بأن الوزير لا يعرف، وانه كان من الافضل السماح للمدعية العامة بالتوضيح، لانه هكذا الاشخاص العنيدين في لاهاي وبروكسل وباريس كانوا سيصدقون تومر يروشالمي، أي أنهم سيصدقوننا، ان كل الثمانية آلاف أو أي عدد آخر، من يمكنه الاحصاء ومن يعنيه ذلك اصلا، قد تم تفجيرهم او احراقهم أو دفنوا تحت انقاض مبنى (هل هناك مبان اخرى ما زالت قائمة في قطاع غزة؟)، وفقا للقانون وبشكل متوازن.

لو انهم فقط سمحوا لها لكانت المدعية العامة ستوضح بشكل جيد. انا اعرف ذلك لانه في مؤتمر اجري قبل سنة اوضحت الامور ببساطة بشكل رائع. رغم وجود بضعة آلاف الجثث الصغيرة في حينه، كان عدد الجثث التي بحاجة الى تفسير أقل. مع ذلك، حتى في حينه كان الامر يعتبر تحد. وحسب ما كتب بياليك، فان جثة طفل صغير لم يتم تفسيرها من قبل هاو بعد. أما تفسير الفقهاء القانونيون لدينا فان هذا من فئة النخبة.

في خطاب قبل سنة تحدثت يروشالمي عن “طهارة السلاح”، هذا جيد!، وشرحت بأن “الجيش يعمل بلا كلل من اجل تقليص المس بالمدنيين” (هذا افضل). واضافت بأن “الادعاء بان اسرائيل تطبق سياسة متعمدة للتجويع، في الوقت الذي يبذل فيه الجيش الاسرائيلي الجهود لادخال المواد الغذائية والادوية والمعدات الانسانية الى قطاع غزة، هو ادعاء مدحوض”. واتحفتنا حتى بالقول “هذه الحرب هي حرب استثنائية، حتى أنها الحرب الاكثر قانونية التي عرفناها”. انا استمعت الى هذه الشروحات وفهمت وشعرت بالراحة.

لكن في حينه تسللت الى قلبي فكرة: في الواقع التفسيرات قبل سنة كانت وبحق رائعة، لكن بعد ذلك عندما مات عدد كبير من الاطفال الاخرين فان الامر اصبح غير لطيف. في الواقع كما قال نفس المتطرف (في عملية تخريبية دعائية اخرى): “يمكن قتل مئة غزي في ليلة واحدة، وهذا لا يهم أي أحد”. ولكن تسللت الى قلبي فكرة اخرى مزعجة: لمن الحمد ولمن الشكر، بانه يمكن قتل بهذه الصورة مئة غزي في ليلة واحدة. احيانا غزيين صغار، ولا يهم ذلك أي أحد؟.

هاكم ما يجب أن يثير الاهتمام: وقف الحرب. اذا لم نقم بوقف الحرب فانه في هذه الليلة سنقتل مئة غزي آخر، وفي الليلة التالية المزيد والمزيد. من اجل وقف الحرب فانه من الافضل رؤية انفسنا، والعالم سيرانا، بالضبط كما نحن. لأن هذه في نهاية المطاف ليست حرب، بل مذبحة طموح الى التطهير العرقي. لا توجد أي طريقة “لتوضيح” ذلك. من غير المهم كم ستتحدث المستشارة القانونية للحكومة أو قضاة المحكمة العليا بلغة قانونية. هل حقا يجب القراءة بأن الجيش يفحص “الاحداث التي تم الادعاء فيها بأنه تم المس بملاجيء النازحين”، كي نفهم أن كل هذا ستارة دخان تهدف الى الانكار والتغابي وكسب الوقت من اجل تمرير ليلة اخرى من قتل الاطفال والاستيقاظ في الصياح مع القدرة على النظر الى انفسنا في المرآة، وبالاساس بدون عقوبات دولية.

يا وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، تعلم. يا عضو الكنيست تسفي سوكوت، امسك الميكروفون. أنتم لستم هجمة دعائية، بل انتم قادة الحقيقة. بفضلكم أنتم واصدقاءكم في هذه الطريق، هناك فرصة لتفجير فقاعة الانكار المتوارعة، وكأن اسرائيل هي دولة قانون، وأن رؤساء النظام القانوني فيها هم نزيهون، يلتزمون بسياسة معيارية فيما يتعلق بحدود استخدام القوة العسكرية. وكأن سموتريتش وشركاءه متطرفون مختلفون، بينما تومر يروشالمي وشركاءها هم صالحون.

جميعهم يقومون بقتل الاطفال.في كل ليلة. طوبى للعقوبات التي ستنقذ ألف طفل، أو مئة طفل أو حتى طفل واحد، من الموت.

——————————————-

يديعوت احرونوت 29/5/2025

تهديد سوري برعاية ترامب

بقلم: مايكل اورين

قرار الرئيس ترامب رفع العقوبات الامريكية عن سوريا والاعتراف بنظام احمد حسين الشرع (أبو محمد الجولاني) يضع امام إسرائيل تحديات جدية للمدى القصير والبعيد أيضا. في المدى القصير، هذا يعني أن واشنطن تؤيد حاكما يهدد حلفاءنا، الدروز. في المدى البعيد، وبشكل اكثر خطورة بكثير، عناق أمريكا لدمشق من شأنه أن ينشيء ضغطا على إسرائيل للتنازل عن هضبة الجولان.

الجولان يوجد في أيدينا منذ قرابة 60 سنة. مناحم بيغن ضمه في العام 1981 والرئيس ترامب اعترف بالسيادة الإسرائيلية عليه في العام 2019. الجولان هو جزء لا يتجزأ من بلاد إسرائيل، غني بمواقع يهودية تاريخية، بما في ذلك ثلث اجمالي الكنس القديمة التي انكشفت حتى الان. رغم كل هذا، حتى اليوم يعيش فيه اكثر بقليل من 25 الف مواطن إسرائيلي. فشل حكومات إسرائيل في ان تزيد بشكل واضح هذا العدد – وجعل الجولان حقا جزء لا يتجزأ من إسرائيل – أدى الى محاولات متكررة بالضغط على إسرائيل بالتنازل عن الجولان مقابل السلام مع سوريا.

هذا الخطر زال بعد اذار 2011 مع نشوب الحرب الاهلية في سوريا. التهديد بان تنتقل هذه المواجهة الى إسرائيل، الأردن والخليج أوضح بان الجولان يجب أن يبقى بيد إسرائيل. لقد كانت هذه هي النقطة التي شددت عليها في مباحثاتي في البيت الأبيض وفي جهودي – الناجحة في نهاية الامر – لتحقيق اعتراف امريكي بسيادتنا.

لكن عندها أيضا عرفت بانه في موعد ما ستنتهي الحرب الاهلية والضغط على إسرائيل بالتنازل عن الجولان سيستأنف. لهذا الغرض، في الكنيست اقمت مجموعة ضغط لتنمية الجولان. وكان هدفها الارتفاع الى مستوى 10 الاف إسرائيلي كل سنة على مدى عشر سنين. وتوفير البنى التحتية، المواصلات وأماكن العمل لهم.

لشدة الأسف لم تلقى المبادرة اكثر من ضريبة كلامية من الحكومة. رئيس الوزراء نتنياهو اعلن بالفعل عن إقامة رمات ترامب في 2019، لكن بعد ست سنوات من ذلك بقي عدد سكانها قليل. رئيس الوزراء بينيت تعهد بان يضاعف عدد سكان الجولان بأربعة اضعاف في عهده، لكن حكومته لم تصمد ما يكفي من الوقت كي تنفذ الوعد. اليوم يتحدث الرئيس ترامب عن تجنيد سوريا لاتفاق إبراهيم. هذا بالتأكيد سيكون تطورا مباركا، لكن من شبه المؤكد انه سيكون له ثمن.

نحن نعرف من التاريخ، ابتداء من المستوطنات الصهيونية التي أقيمت في النقب قبل قرار التقسيم للأمم المتحدة بان الأماكن التي يسكنها اسرائيليون ستبقى جزء من إسرائيل. لا يمكن أن نعرف اليوم اذا كانت سوريا ستقع مجددا في الفوضى أم اذا كان الشرع سيصمد ويسعى لصنع السلام. مهما يكن من أمر، فان إسرائيل ملزمة بان تعمل الان بشكل قاطع: في ظل النظر في السيناريوهات المختلفة لليوم التالي في غزة، علينا أن ننفذ الخطوة المسؤولة الوحيدة لجعل هضبة الجولان كلها لنا الى الابد.

——————————————-

عن «N12» 29/5/2025

صراعات نتنياهو على وشك تفجير إسرائيل

بقلم: يديديا شتيرن

كما في المأساة الإغريقية، حيث يُدفع الأبطال، أحياناً بإرادتهم، وأحياناً نتيجة عمى بصيرتهم، نحو الكارثة، كذلك هي الحال هنا. في كل مفترق طرق بين خيار يخفف التوتر وخيار يصعّده يتم اختيار الخيار الذي يصعّد، إمّا عن قصد، وإمّا عن جهل، وهو ما يؤدي إلى مزيد من شدّ الحبال.

يبدأ بعض خيوط الحبل بالانقطاع فعلاً، عندما يعلن الطرفان نزع الشرعية الوظيفية عن بعضهما. فهنا، على سبيل المثال، قضت المحكمة بأن تصرُّف رئيس الحكومة يدل على حالة تضارُب مصالح عندما أقال رونين بار، ومن هناك، يسعى رئيس الحكومة لتعيين الجنرال دافيد زيني، على الرغم من قرار المحكمة، وطلب المستشارة القضائية للحكومة تأجيل التعيين، ريثما يتم التوصل إلى تسوية تضمن منع تضارُب المصالح. ردّت المستشارة، الاثنين الماضي، بقولها: إن رئيس الحكومة غير مخوّل أصلاً للمشاركة في مسألة تعيين رئيس «الشاباك». لم ينقطع الحبل بعد: لم نصل بعد إلى أزمة دستورية يُجبَر فيها كلّ مواطن ومواطنة على الاختيار بين الانصياع لقرارات السلطة التنفيذية، أو الامتثال لأحكام السلطة القضائية، لكن المسافة بيننا وبين الكارثة تتقلص باطّراد، وكل ذلك يجري على خلفية حرب متواصلة ومتفاقمة، وكارثة الأسرى التي تُدار بلا أفق، وموجة عالية من التسونامي الدبلوماسي توشك على اجتياح سواحلنا.

عندما أعلن رونين بار موعداً قريباً لتقاعُده، وقبِلت الحكومة، أصبحت الالتماسات ضد إقالته غير ذات صلة. كان في إمكان المحكمة تخفيف منسوب التوتر، على غرار ما حاول أن يفعل القاضي المخالف نعوم سولبرغ. لكن لا، اختار قضاة الأغلبية تقديم اجتهاد قانوني موسّع بشأن مسألة إقالة رئيس «الشاباك»، وفي أثناء ذلك، اعتبروا أن رئيس الحكومة واقع في حالة تضارُب مصالح.

الصحة النظرية للاجتهاد (رئيس «الشاباك» مؤتمن على المصلحة العامة، وليس تابعاً لرئيس الحكومة)، وللقرار (لرئيس الحكومة مصلحة شخصية في تحديد مَن يترأس الجهاز الذي يحقق في قضايا تشمل مقرّبين من مكتبه)، واضحة في نظري. لكن، هل كان من الضروري للمحكمة أن «تنكأ الجرح»، حتى في وقت لم تكن مُلزمة باتخاذ قرار عملي؟ أمّا مسؤولية رئيس الحكومة فهي أخطر: لقد شدّ الحبل بقوة عندما تصرّف بخلاف موقف المستشارة القضائية للحكومة في قضية الإقالة، وبعد صدور ردّ المحكمة، قرّر مواصلة شدّ الحبل بقوة أكبر، فسارع إلى تعيين رئيس جديد لـ «الشاباك». ليس فقط بخلاف موقف المستشارة، بل أيضاً خلافاً لقرار صريح من المحكمة العليا الذي أقرّ وجود تضارُب مصالح.

صحيح أنه تعهّد بأن الرئيس الجديد للجهاز لن يشارك في التحقيق مع بعض العاملين في ديوان رئيس الحكومة، لكن ما الذي كان سيتضرر لو أنه انتظر تعليمات المستشارة بشأن تضارُب المصالح، ثم أجرى التعيين بطريقة قانونية؟ من الواضح أن الحديث يدور حول خطوة تعنّتية، استعراضية، ترمز إلى رغبته في عدم الإصغاء لـ«الموظفين»، وبالعبرية المباشرة: رفض الاعتراف بسلطة القانون.

وبناءً على ذلك، قامت المستشارة بالتصعيد: قررت بشكل قاطع أن رئيس الحكومة ممنوع من تعيين رئيس لجهاز «الشاباك» ما دامت التحقيقات جارية ضد أعضاء في مكتبه، كذلك رأت أن هناك «شكاً حقيقياً» في إمكان إصلاح الخلل القانوني في تعيين الجنرال دافيد زيني، والذي تم بطريقة غير سليمة وغير قانونية، بحسب رأيها.

إن شدّ الحبل يجسّد مأساة من عدة أوجه: أولاً، إفراغ جهاز «الشاباك» من قيمته، عندما يتم تعيين رئيسه بطريقة تثير الشكوك في دوافع مَن عيّنه، كما أن إجراء التعيين نفسه، في جلسة سريعة داخل سيارة، وعلى ما يبدو، من دون عِلم رئيس الأركان، وبما يخالف الإجراءات، هو إجراء أعوج ومشوّه. يجب أن يتمتع جهاز «الشاباك» ورئيسه بشرعية جماهيرية واسعة، بقدر الإمكان. لقد أضرّ رئيس الحكومة بهذه الشرعية.

ثانياً، تبين أن رئيس الحكومة يعتزم تجاهُل موقف المستشارة القضائية والمضيّ قدماً في تعيين زيني؛ عندها، ووفقاً للقانون الثالث لنيوتن، سيقابل شد الحبل بقوة مضادة: ستقدَّم التماسات، ستكون نتيجتها المرجّحة حكماً قضائياً يقضي بأن التعيين جرى بطريقة غير قانونية، لأن المعيِّن تصرّف، حسبما أقرّت المحكمة والمستشارة قبلها، وهو في حالة تضارُب مصالح، وسيستغل رئيس الحكومة إبطال التعيين كدليل إضافي على «حكم الموظفين» و»الدولة العميقة»، ويواصل تقويض ثقة الجمهور بالجهاز القضائي الذي يفرض سيادة القانون.

ثالثاً، سيتأخر تعيين رئيس لجهاز «الشاباك» في وقت الحرب، بسبب معركة شدّ الأيادي القضائية، وقد يستمر التأخير أسابيع طويلة، وربما أكثر.

رابعاً، تسبّب رئيس الحكومة بخلق توتّر غير مرغوب فيه بين اثنين من أهم أجهزة الأمن، الجيش الإسرائيلي وجهاز «الشاباك»، على الرغم من أن التعاون بينهما ينقذ أرواحاً.

والأهم من ذلك: يستمر ويتعزز الإغراء الخطِر من قادة الجمهور في إسرائيل لعدم الامتثال لأحكام المحكمة العليا، وهو احتمال قد يؤدي إلى تفكّك المجتمع الإسرائيلي. إن عدم الامتثال للمحكمة هو بمثابة إلغاء لـ»هيبة الحكم»، ونتيجته أن «يفترس كل إنسان رفيقه». وفي حال حدوث ذلك قد تلجأ المحكمة إلى استخدام «سلاح يوم القيامة»: إعلان تعذُّر أداء رئيس الحكومة مهماته، الأمر الذي يمكن أن يشعل حرباً أهلية لا يمكن التنبؤ بعواقبها.

هناك إمكانية لوقف هذا الانحدار الخطِر، فبما أن المستشارة القضائية قررت ضرورة إعادة تنفيذ إجراء التعيين من دون تدخُّل من رئيس الحكومة على اللواء دافيد زيني أن يعلن فوراً استعداده لتولّي المنصب فقط بعد استيفاء جميع شروط التسوية، وبعد مصادقة لجنة التعيينات، برئاسة القاضي آشر غرونيس، على التعيين، وفي حال تقديم التماس أيضاً من المحكمة. يجب على رئيس الحكومة تحمُّل مسؤولية تصحيح مسار التعيين، وذلك عبر نقل صلاحية التعيين إلى وزير آخر، وعلى الحكومة إجراء نقاش مهني منظم، والتعاون بشكل كامل مع لجنة التعيينات، وتخفيف حدة خطابها التصادمي تجاه المحكمة والمستشارة القضائية. على الرغم من أن المستشارة تبدي شكوكاً في إمكانية تعيين زيني فإنني أعتقد أنه لا يجوز استبعاد شخص لا يشوبه خلل شخصي، ويشهد الجميع على نزاهته، عن تولّي المنصب، فقط لأن رئيس الحكومة اختاره ضمن مسار غير سليم. يجب التأكد من تنفيذ الإجراء بطريقة سليمة، وأن يبتعد اللواء زيني كلياً عن أيّ مشاركة في التحقيق، وهذا كافٍ. إذا تبنّت المحكمة هذا الموقف يبدو أنه من الممكن الخروج من هذه الملحمة بسلام.

في المأساة الإغريقية، حيث العالم مكوّن من أسطورة وخيال، تكون الكارثة أمراً لا مفرّ منه، لكن المأساة التي نعيشها نحن تتعلق بالحياة الحقيقية، الشخصية والوطنية، ومن الضروري تجنُّب الكارثة. إن الغطرسة الإغريقية، أي الجرأة المفرطة والتصرف بتكبّر، من دون اعتبار للظروف الخارجية، هي الفخ الذي سقط فيه أبطال المأساة، وهذا الفخ منصوب أيضاً أمام اللاعبين في تلال غفعات رام (مقر السلطات الإسرائيلية). لا ينبغي لهم الإصغاء إلى الجوقة المغرية، التي تدعوهم إلى حسم الصراع عبر شدة إضافية للحبل.

إن التاريخ سيُسجل، يا رئيس الحكومة، وأيها القضاة، وأيها اللواء زيني، هل ستعرفون كيف تكبحون جماح أنفسكم؟

‏——————————————

أولمرت: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة

29/5/2025

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت ان إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة.

وإضاف خلال حديثه  مع إذاعة NPR الأمريكية: “ان دعوة وزراء لتجويع سكان غزة وإبادتهم جريمة حرب دون أن يعلق رئيس الوزراء على ذلك.

وقال ان توسيع الحرب لا غرض ولا هدف عسكريا يمكن تحقيقه منه.

واكد “كلنا على يقين تام بأنه لا يوجد أي هدف يمكن تحقيقه يبرر الاستمرار في هذه العملية أو توسيعها”.

وأشار إلى أن هذه العمليات لن تنقذ الرهائن ولن تحقق أي مصلحة وطنية.

وأمس، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت الحرب التي تشنها حكومة بلاده في قطاع غزة بأنها بلا جدوى ولا هدف أو تخطيط واضح ومن دون فرص للنجاح.

وقال إن دولة إسرائيل لم يحدث أن خاضت حربا كهذه منذ تأسيسها، وإن “العصابة الإجرامية” التي يقودها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سجّلت سابقة لا مثيل لها في تاريخ إسرائيل في هذا المجال.

وقال “لم أتردد في إجراء مقابلات في أيرلندا وإيطاليا وهولندا وبريطانيا وأماكن أخرى في الساحة الدولية. في كثير من الأحيان، خيبت آمال المحاورين عندما أكدت بشدة أن إسرائيل لم ترتكب جرائم حرب في غزة”.

وأضاف “انتهزت كل فرصة متاحة للتمييز بين الجرائم التي اتُّهمنا بها والتي رفضتُ الاعتراف بها، وبين الإهمال واللامبالاة تجاه الضحايا في غزة والتكلفة البشرية التي لا تطاق التي فرضناها هناك”.

بيد أنه استدرك بالقول إنه لم يعد قادرا على تبرير تلك الأفعال، واصفا الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة بأنها تدميرية وإجرامية وتتسم بقتل عشوائي للمدنيين بلا حدود.

ومع إقراره بأن ما حدث قتل مفرط، إلا أنه أكد أنه على قناعة بأنه ما من مسؤول في حكومة إسرائيل أصدر أوامر باستهداف المدنيين في غزة عشوائيا.

وبدا تناقض رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق واضحا حين وصف سقوط أعداد كبيرة من المدنيين الأبرياء قتلى في غزة بأنه تصرفات يصعب فهمها وغير مقبولة وغير مبررة، ثم ما لبث أن اعتبرها نتيجة حرب شرسة.

وقال إنه كان ينبغي أن تنتهي هذه الحرب بحلول أوائل عام 2024، مضيفا أنها استمرت دون مبرر ودون أي هدف واضح ودون أي رؤية سياسية لمستقبل قطاع غزة والشرق الأوسط بشكل عام.

ووفقا له، فقد تصرف الجيش الإسرائيلي في كثير من الحالات بتهور ولا مبالاة وبعدوانية مفرطة، ودون أن يتلقى أي أوامر أو تعليمات أو توجيهات من القيادات العسكرية العليا بضرب المدنيين بشكل عشوائي.

ومع أنه يعترف بأن إسرائيل ترتكب جرائم حرب، إلا أنه يعزوها إلى سياسة “متعمدة وخبيثة وغير مسؤولة” تمليها الحكومة، سياسة تقوم على تجويع سكان غزة، في حين يحاول نتنياهو -كعادته- التعتيم على نوع الأوامر التي كان يصدرها من أجل التهرب من المسؤولية القانونية والجنائية في الوقت المناسب، حسب تعبير أولمرت في مقاله.

ثم يعود رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق فيقول إن بعض من يسميهم بـ”المتزلفين” من أتباع نتنياهو يتباهون بتجويع غزة ظنا منهم أن كل سكان غزة هم من أنصار حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ومن ثم فليس هناك قيود أخلاقية أو عملياتية تحول دون إبادتهم جميعا.

ويحذر أولمرت من خطر أن تتعرض إسرائيل لعتاب ملموس بسبب تجاوزها إجراءات خطوات المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، مع ما يترتب على ذلك من تبعات مالية ودبلوماسية قاتلة.

ومضى في تحذيره متوقعا أن “جوقة البلطجية” التابعة لحكومة نتنياهو وآلة الدعاية السامة التي تديرها ستشجب على الفور استهداف “الأغيار” من غير اليهود الذين دأبوا على معاداة السامية.

وزعم أنه ما من عدو خارجي حاربته إسرائيل على مدى 77 عاما من وجودها، ألحق بها ضررا أفدح مما فعلته حكومة تضم نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسئليل سموتريتش.