
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات
عن ملحق «كلكاليست»-«يديعوت» 11/6/2025
8300 من العاملين في قطاع الهاي – تك غادروا البلاد
بقلم: صوفي شولمان
ظاهرياً، لا يزال قطاع الهاي – تك الإسرائيلي يشكّل قاطرة الاقتصاد، على الرغم من كل الصعاب، فبعد أيام قليلة على اندلاع الحرب، طُرح شعار: «التكنولوجيا الإسرائيلية تنجز، مهما كان الثمن»، وإذا كان ذلك في البداية مجرد أمل، فقد تحوّل لاحقاً إلى واقع فعلي.
واصلت شركات الستارت – أب جمع رؤوس الأموال، فبلغ إجمالي التمويل 12 مليار دولار، بحسب بيانات «ستارت – أب نيشن سنترال»، وهذا يمثل ارتفاعاً بنسبة 31%، مقارنةً بسنة 2023، التي كانت سنة للتعافي حتى 7 تشرين الأول. كذلك، شهدت صفقات الخروج (Exit Deals) نمواً ملحوظاً، إذ وصلت قيمة مبيعات شركات الستارت – أب إلى 10 مليارات دولار، وهو أكثر مما سُجّل في ذروة الفقاعة في سنة 2021، حتى قبل صفقة الإكزيت التاريخية لشركة «ويز»، التي بيعت لشركة غوغل، في مقابل 32 مليار دولار، في بداية العام.
حافظت الشركات المُدرجة في البورصة في معظم الوقت على توقعاتها، لا بل رفعتها، وهو ما أدى إلى اتجاه إيجابي في أداء أغلبية أسهمها، وعلى الرغم من أن القطاع لم يشهد طفرة في التوظيف، فإنه لم ينكمش أيضاً. ويُذكر أن قطاع الهاي – تك يتميز بعمالة شابة، كثير منها استُدعي لخدمة الاحتياط، ولذلك، تأثر القطاع أكثر من غيره بأوامر «تسافا 8»، ففي ذروة القتال في أواخر سنة 2023 ومطلع سنة 2024، كان هناك شركات بلغ عدد موظفيها في الاحتياط ربع إجمالي العاملين فيها، أو حتى أكثر.
علاوة على ذلك، فإن اندلاع الحرب وعودة العديد من موظفي الهاي – تك إلى ساحات القتال، أطلقا صناعة ناشئة مزدهرة تُعرف بـ»تكنولوجيا الدفاع» (Defense Tech)، والتي أثارت اهتماماً عالمياً، وجذبت إلى إسرائيل صناديق استثمار لم تكن تنشط فيها من ذي قبل.
ومع ذلك، ونظراً إلى أننا في خضم ثورة الذكاء الاصطناعي (AI)، كان في إمكان إسرائيل، وكان يجب عليها أن تبرز أكثر.
يمكن قياس تأثير 600 يوم من الحرب من خلال كل ما لم يحدث. يبدأ الأمر من التفاصيل الصغيرة، على سبيل المثال، رجال أعمال لم يأتوا إلى البلد لأن رحلاتهم أُلغيت بسبب الهجوم الإيراني، أو الصاروخ الحوثي، ويستمر مع موظف في غوغل، أو آبل، قرر في رأس السنة العبرية 2023 أن يستقيل ليؤسس شركته الناشئة، لكنه بعد 7 تشرين الأول أدرك أن من الأفضل له البقاء في وظيفته الآمنة، وينضم إليه خريج وحدة تكنولوجية سرية كان يحلم بإقامة شركة ناشئة مع رفاقه من الوحدة، لكنه استُدعي للاحتياط، فأجّل المشروع.
مَن كان فعلاً داخل الصناعة وتلقى عرضاً لبيع شركته قبل اندلاع الحرب، في الوقت الذي بدأ قطاع الهاي – تك العالمي بالتعافي، ربما كان سيرفض مثل هذا العرض، لكن رائد، أو رائدة الأعمال، في إسرائيل في زمن الحرب يُدخلون اعتبارات إضافية إلى المعادلة، والنتيجة هي تسجيل رقم قياسي في صفقات الخروج. هذا يبدو جيداً في الإحصاءات السنوية، ويساعد أيضاً وزير المالية على تقليص العجز، لكن من المحتمل أنه لو بقيت تلك الشركة مستقلة، لكانت نمَت داخل إسرائيل، وشغّلت مئات، أو آلاف الموظفين، ووفّرت مصدر دخل لدوائر أوسع.
يمكن أن نضيف إلى ذلك معطيات هيئة الابتكار، والتي تفيد بأنه منذ بداية الحرب وحتى تموز 2024، غادر البلد 8300 من العاملين في قطاع الهاي – تك، وهذا يُعد رقماً قياسياً تاريخياً، ويشكل 2.1% من مجمل العاملين في القطاع. أكبر الخسائر لن نعرفها قط، لأن الأمور في عالم الأعمال تسير بهذه الطريقة.
تحتفل جهات الاستثمار عندما تعلن بدء نشاطها في دولة معينة، لكن عندما تنسحب، فإنها تنسحب بصمت.
وستحاول الجهات الأميركية، التي تُعد المستثمر الرئيسي في إسرائيل، إخفاء ذلك بكل ما أوتيت من قوة، لكن في عدد غير قليل من لجان الاستثمار خلال الـ600 يوم الماضية تم التلميح إلى أن لا أحد سيُعاقَب على تجنّب الاستثمار في منطقة حرب، ولا يدور الحديث هنا حتى حول اعتبارات معادية للسامية، أو مناهِضة لإسرائيل، كذلك قد يُشتبه في بعض الصناديق الأوروبية، بل عن إدارة مخاطر عقلانية تماماً.
إلى أي مدى تضرّر قطاع الهاي – تك الإسرائيلي، وخصوصاً سمعته ومكانته العالمية، سنعرف فقط بعد انتهاء الحرب، إذا ما تدفّق الاستثمار من جديد وبدأت اللغة الإنكليزية تُسمع مجدداً في غرف الاجتماعات في تل أبيب، أمّا إذا استمرت الحال على ما هي عليه الآن، إذ يتوجه مؤسسو الشركات الناشئة فوراً إلى نيويورك لمواصلة إدارة شركاتهم من هناك، فسنُدرك أن الضرر كان عميقاً وبعيد المدى.
——————————————
ارتفاع متواصل في الأسعار والضرائب
بقلم: شاكيد جرين
ينعكس استمرار الحرب على العائلات بوضوح، وفي الموضع الأكثر حساسيةً وألماً: الجيب. هناك تضخُّم لا يهدأ وارتفاع مباشر وغير مباشر في الضرائب يؤديان إلى تآكل الدخل المتاح للعديد من العائلات، وهو ما يزيد في حدة الضغوط الاقتصادية التي بدأت فعلاً في سنة 2022 مع ارتفاع أسعار الفائدة، وتفاقمت مع اندلاع الحرب في تشرين الأول.
زادت الحكومة العبء الضريبي من أجل تمويل تكاليف الحرب، مع محاولة عدم تسميتها «زيادة ضرائب».
كذلك، ارتفعت أقساط التأمين الوطني نحو 600 شيكل سنوياً للموظفين، و900 شيكل سنوياً لأرباب العمل، وفي الوقت نفسه، جُمّد تعديل درجات الضريبة لسنتَي 2024 و2025، وهو ما أدى إلى تآكل الأجور، وجُمّد أيضاً تحديث قيمة نقاط الحسم الضريبي، وهي واحدة من أهم الامتيازات الضريبية للعاملين.
هذا كله يعني تآكلاً في الامتيازات الضريبية يزيد على 2000 شيكل في سنة 2025 لأسرة يكسب فيها الوالدان أجراً متوسطاً. وإلى جانب الانخفاض في الدخل الشهري الجاري، ستُسجَّل ضربة إضافية في الصيف، عند دفع مستحقات «أيام النقاهة» التي يستحقها كل عامل بموجب القانون.
وفقاً لتحليل صحيفة «كلكاليست»، فإن زوجين، يكسب كلٌّ منهما أجراً شهرياً متوسطاً (12.900 شيكل إجمالي شهرياً) يفقدان هذا العام نحو 7000 شيكل صافٍ من دخل الأسرة، وهو مبلغ يعكس بشكل واضح العبء غير المُعلَن على الموظفين والأسر، حتى من دون زيادة مباشرة في الضرائب. ولا يقتصر الأمر على هذا العام فقط: في معظم البنود، ستستمر الأضرار أيضاً في سنة 2026، وجزئياً في سنة 2027. وكلما ارتفع دخل الأسرة، كلما زادت نسبة الضرر، فبالنسبة إلى أسرة يكسب كلٌّ من الزوجين مرة ونصف الأجر المتوسط (تقريباً 18.500 شيكل في بداية العام)، تصل الخسارة السنوية إلى نحو 10.000 شيكل.
هذا من دون التطرّق إلى حقيقة أن مئات الآلاف من جنود الاحتياط تم استدعاؤهم إلى الخدمة منذ بداية الحرب.
هؤلاء حصلوا فعلاً على رواتبهم المتوسطة ومنح خاصة، لكن هناك «ضريبة» يصعب تقديرها: الجمود المهني، والعبء الملقى على بقية أفراد الأسرة، وتأثُّر وظائف الزوجات، فضلاً عن عدد كبير من العاملين المستقلين الذين اضطروا إلى إغلاق أعمالهم موقتاً، والآن، قد يضطر بعضهم إلى البدء من جديد.
تظهر الضربة التي تلقاها دخل الأسر أيضاً في ازدياد الصعوبة في مواصلة سداد القروض التي تم الحصول عليها، لقد ارتفع حجم القروض العقارية (المشكنتا) المتأخرة في السداد أكثر من 90 يوماً، بعد اندلاع الحرب، من 2.7 مليار شيكل (ما يعادل 0.49% من محفظة القروض العقارية) إلى 3.2 مليار شيكل (0.59% من المحفظة).
تعكس هذه البيانات ازدياد الضغوط التي تواجهها الأسر التي تُجبر على التوفيق بين انخفاض الدخل وارتفاع الأسعار على نطاق واسع، بما في ذلك ارتفاع أسعار ضريبة الأملاك (الأرنونا)، وفواتير الكهرباء والمياه، والمواصلات العامة، والمواد الغذائية، وبين القروض التي يجب العودة إلى سدادها. وما بدأ كمجهود مؤقت تحوّل إلى روتين مستمر.
——————————————
هآرتس 11/6/2025
بسبب الاعتبارات الشخصية والسياسية، بقينا بدون رئيس شباك دائم
بقلم: سامي بيرتس
رئيس الشباك رونين بار يمكن ان ينهي منصبه في يوم الاحد القادم، الامر الذي سيحدث بدون ان يقوم باطلاع وريثه على عمل الجهاز – وليكن ما يكون. هذا سيبقي الجهاز الحاسم مع قائم بالاعمال (كما يبدو احد نواب بار) في فترة حساسة وصعبة. هذه هي نتيجة السلوك الفضائحي لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي قاد عملية الاطاحة ببار رغم تضارب المصالح الشديد الذي يوجد فيه في اعقاب التحقيق مع رجاله في قضية “بيلد” و”قطر غيت”.
لقد اظهر تقلب محرج في محاولة تعيين الجنرال احتياط ايلي شربيط، وهو القرار الذي قام بالغاءه خلال يوم، واظهر التسرع في قرار تعيين الجنرال دافيد زيني بعد محادثة قصيرة في السيارة في معسكر تساليم، مستخف بتوجيهات المستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا التي طلبت منه انتظار التعليمات حول كيفية ادارة العملية.
المستشارة القانونية للحكومة منعت نتنياهو من تعيين رئيس الشباك القادم وطلبت منه نقل صلاحياته لوزير آخر، ايضا قررت بان العملية سيتم تنفيذها تحت رقابتها من اجل التاكد من ان تضارب المصالح لنتنياهو لا يتسرب الى عملية التعيين ويلوثها. وقد عملت طبقا لقرار المحكمة العليا الذي نص على ان اقالة بار تمت من خلال عملية غير سليمة وفي ظل تضارب مصالح خطير لدى نتنياهو.
حتى الان نتنياهو لم يعلن من هو الوزير الذي سيدفع قدما بهذه العملية. فهو لا يريد اعطاء قوة للمستشارة القانونية، ويبدو انه يفضل قائم بالاعمال في رئاسة الشباك على الخضوع للمستشارة القانونية، التي يحاول اقالتها. لكن هذا ايضا يحتاج الى مصادقة المستشارة القانونية للحكومة.
بشكل ما هذا الامر يخدم، سواء نتنياهو الذي دائما يفضل القائم بالاعمال الضعيف، أو رونين بار الذي يفضل تولي احد نوابه رئاسة الشباك. ولكن المصلحة الامنية العليا هي تعيين دائم لشخص مناسب من اجل تقليل الاخطار التي تنطوي على تحويل منصب رسمي هام، الذي يمثل ايضا احد حراس العتبة، الى خادم امين لرئيس الحكومة.
هذا ليس سلوك سليم لرئيس الحكومة الذي يتفاخر بحمل لقب – لن يحظى بذلك بسبب مسؤوليته عن الفشل الاكبر في تاريخ الدولة – ” حارس امن اسرائيل”. هو ايضا يحظى بلقب “اكبر من يستخدمون امن اسرائيل لاهداف سياسية”. تقريبا كل خطوة له هي دليل على ذلك. في محاولة لمنع تاييد الاحزاب الحريدية لمشروع قانون حل الكنيست، استل في هذا الاسبوع نتنياهو الخدعة القديمة وهي “الوضع الامني”. قبل يومين من النقاشات في الكنيست فجأة توجد لنتنياهو محادثة مهمة ودراماتيكية مع الرئيس الامريكي حول ايران، ويتم نشر تلميحات عن تقدم المفاوضات مع حماس حول صفقة المخطوفين. ونتنياهو يوضح في محادثات شخصية مع اعضاء كنيست حريديين بأننا “في فترة دراماتيكية، توجد تحديات استثنائية على الطاولة. هذا هو الوقت المناسب الذي لن يتكرر” – لذلك، حسب رأيه محظور حل الحكومة.
الاساس الوقائعي صحيح. الفترة هي حقا دراماتيكية ولم يتم حل أي جبهة، بالاساس لان نتنياهو وشركاءه في اليمين المتطرف لا يهتمون بانهاء الحرب في غزة. مسالة ايران تتدحرج منذ عقدين وقد تمت مصادرتها من يد نتنياهو منذ دخول ترامب الى البيت الابيض. ولكن اذا كانت الفترة دراماتيكية والتحديات استثنائية فقد كان يتوقع منه ادارة عملية سليمة لاستبدال رئيس الشباك. ولكن كل ما حصلنا عليه منه في هذه القصة هو تضارب مصالح شديد وخطير واعتبارات سياسية وشخصية لوثت كل العملية، وايضا بقينا بدون رئيس شباك دائم. هكذا فان نتنياهو رسخ الادعاء الذي وجهه في حينه لاهود اولمرت: “رئيس حكومة غارق حتى عنقه في التحقيقات غير مخول اخلاقيا وجماهيريا بتقرير امور مصيرية جدا في دولة اسرائيل. هناك خوف من ان يتخذ قرارات على اساس مصلحته الشخصية التي تتمثل في البقاء السياسي، وليس بناء على المصلحة القومية”، قال وكان على حق.
——————————————
هآرتس 11/6/2025
قبيل التصويت على حل الكنيست، نتنياهو يضغط على ادلشتاين والحريديين للتنازل
بقلم: يونتان ليس واهارون رابينوفيتش
قبيل التصويت بالقراءة التمهيدية على قانون لحل الكنيست غدا فانهم في الليكود وفي الأحزاب الحريدية لم ينجحوا في رسم صيغة واضحة لقانون الاعفاء من التجنيد الذي سينهي الازمة التي تهدد بحل الحكومة. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يضغط على رؤساء الأحزاب الحريدية ورئيس لجنة الخارجية والامن، يولي ادلشتاين، من اجل التوصل الى تسوية على امل أن تحصل هذه الخطة على دعم المستشار القانوني في الكنيست. رغم الخلافات إلا انهم في محيط نتنياهو يقدرون أنه ما زال يمكن التوصل الى تفاهمات مع الحريديين ووقف تهديدهم للائتلاف.
“لا يجب النظر الى التصويت غدا بمفاهيم الازمة”، قال مصدر سياسي رفيع مطلع على الاتصالات، “الحديث يدور عن قراءة تمهيدية فقط. مهمة نتنياهو هي كسب الوقت ومنع اسقاط الحكومة حتى الخروج الى الاجازة في نهاية تموز”. ولكن حتى الان في الائتلاف يجدون صعوبة في التقدير اذا كان رئيس الحكومة والأحزاب الحريدية سينجحون في جسر الفجوة حول قانون الاعفاء من التجنيد، ومنع دعم يهدوت هتوراة وشاس في التصويت غدا. بعد التصويت بالقراءة التمهيدية يمكن لنتنياهو التاثير على وتيرة الدفع قدما بالقانون، بواسطة لجنة الكنيست التي يسيطر عليها الليكود.
حسب التقديرات فان الدفع قدما بهذا القانون يمكن أن يستمر بين أسبوع واشهر طويلة، وأن يعطي نتنياهو هامش للمناورة امام الأحزاب الحريدية الى حين الخروج الى العطلة. قبيل التصويت وضعت أحزاب المعارضة ستة مشاريع قوانين مختلفة لحل الكنيست، وهي ستطرح للتصويت بالقراءة التمهيدية غدا. في موازاة ذلك وضع الائتلاف عشرات مشاريع القوانين حول مواضيع أخرى ستمكن الحكومة من إعاقة التصويت في محاولة للتوصل الى تفاهمات حتى اللحظة الأخيرة.
في هذه الاثناء يستعدون في شاس وفي يهدوت هتوراة للتصويت مع مشروع القانون. رئيس يهدوت هتوراة، عضو الكنيست موشيه غفني، قال أمس في جلسة القائمة بأنه لا يوجد أي تغيير في قرار دعم حل الكنيست، وأنه فقط اذا عرض نتنياهو وثيقة مباديء لقانون متفق عليه على الحريديين فربما ممثلي الحريديين سيتوجهون مجددا الى الحاخامات لسؤالهم عن كيفية العمل. مصدر في شاس قال ان الرئيس آريه درعي متفائل فيما يتعلق بإمكانية التوصل الى تفاهمات مع ادلشتاين، لكن حسب قوله فانه “حتى الآن لا يوجد أي تقدم آخر يمكن أن يغير الوضع”.
مجلس حاخامات شاس كان يمكن ان يعقد في بداية الأسبوع للإعلان عن تأييد حل الكنيست. ولكن في اعقاب الاتصالات بين درعي وممثله اريئيل اتياس وبين نتنياهو وادلشتاين، فقد تم تأجيل الاجتماع. “جمهور الحريديين الآن يشعر بانه ملاحق، ومن يلاحقه هو الليكود وادلشتاين”، قال امس المتحدث باسم شاس آشر مدينه لهيئة البث في القناة الثانية. وقد قال “نحن نخاف من ان نحتاج الى استخدام حل الكنيست في يوم الأربعاء. نحن غير مسرورين باسقاط حكومة اليمين، لكننا وصلنا الى نوع من النهاية.
في محاولة لصد محاولة درعي التوصل الى تسوية مع ادلشتاين، فان عضوين مسيطرين في مجلس حاخامات شاس، الحاخام موشيه مايا والحاخام شلومو محفوظ، اعلنا في رسالة بأنه محظور تاييد قانون يشمل اهداف تجنيد. وقد انضما الى رسالة الحاخام موشيه صدقه، الذي يقود خط متشدد ضد تجنيد طلاب المدارس الدينية، وحتى أنهما انضما لناتوري كارتا من اجل محاربة التجنيد. صدقه كتب للعضوين في مجلس الحاخامات: “رؤساء السلطة قرروا معارضة أي قانون تأجيل لا يحتوي على حصص او اهداف، وهم يريدون قضم ذيل الضعفاء كاسلوب العماليق. لذلك، يجب علينا التوضيح بأن حظر التجنيد للجيش يسري على كل من يطبق تعاليم التوراة والوصايا، حتى في المسارات التي تسمى حريدية”. مايا ومحفوظ أيدا هذه الاقوال.
في نفس الوقت نشر امس قضاة كبار للجمهور الحسيدي، حسيدية غور وتشانز ويزنتس وبلعاز، تهدف الى منع القيام بخطوات تنازل، التي يتم الدفع بها قدما بالأساس من شاس. “حسب تعاليم التوراة هناك حظر مشدد على التجند في الجيش، الذي يشكل بوتقة صهر للامور الأكثر خطورة والتخفيف من العبء”، كتب القضاة. الحظر يشمل أيضا المسارات الحريدية التي نشأت أو ستنشأ في المستقبل، حيث تم اعتبارها مسارات خاطئة”. القانون الذي عرضه ادلشتاين على ممثلي الحريديين يشمل عقوبات مشددة على المجتمع الحريدي اذا لم يفي باهداف التجنيد. حسب ادلشتاين فان هدف التجنيد سيصل خلال خمس سنوات الى 50 في المئة من نسبة التجنيد السنوية. خلاف بارز يركز على سؤال متى ستدخل العقوبات الى حيز التنفيذ: ادلشتاين يطالب بان يتم الامر على الفور، في حين ان الحريديين يطالبون بتاجيل لمدة سنة. مسالة أخرى هي هل العقوبات ستسري بشكل كامل او بالتدريج حسب نسبة التجنيد، حتى لو لم يتم تحقيق هدف التجنيد بالكامل.
——————————————-
هآرتس 11/6/2025
السياسيون الحريديون يخشون من حل الكنيست، من المرجح تعاونهم في المماطلة وكسب الوقت
بقلم: رفيت هيخت
في الائتلاف ما زالوا يحاولون التوصل الى اتفاق حول قانون الاعفاء من التجنيد، ويقترحون تحديد موعد نهائي لفرض عقوبة على المتهربين الحريديين، التي اساسها رفض وتقليص تجندهم. ولكن انشغال الائتلاف في اليوم الاخير تحول اكثر فاكثر من الجوهر نفسه الى محاولة منع تصويت الاحزاب الحريدية مع مشروع قانون لحل الكنيست، الذي يمكن ان يتم طرحه اليوم الاربعاء للقراءة التمهيدية.
بخصوص قانون التجنيد نفسه فان الاحزاب الحريدية لا تريد فقط فرض عقوبة شخصية وعامة اخرى، بل ايضا منع تنفيذ العقوبات التي فرضت في السابق مثل وقف دعم رياض الاطفال للمتهربين، والغاء الدعم لطلاب المدارس الدينية والمدارس الدينية للمتزوجين. هنا لا يتوقع التوصل الى تسوية، ازاء الموقف الثابت لرئيس لجنة الخارجية والامن يولي ادلشتاين، الذي يستمر في ارسال رسالة تقول بانه لن يتعاون مع بلورة قانون تافه لا توجد له اهداف واضحة، وفرض عقوبات من اجل تحقيق هذه الاهداف.
خلافا للوضع الثنائي الذي لا يوجد له حل لقانون الاعفاء من التجنيد، الذي فيه تعارض قيادة الحريديين تجنيد الحريديين، بينما يهتم ادلشتاين وشخصيات اخرى في الائتلاف بصياغة قانون يلزمهم بالتجنيد، فان قانون حل الكنيست هو بمثابة دراما مختلفة كليا. هنا يوجد انقسام في قيادة الحريديين نفسها، حيث يطرح حاخامات الاشكناز والسفارديم موقف متطرف اكثر بكثير من المسؤولين المنتخبين الحريديين. الحاخامات يدفعون من اجل اسقاط الحكومة بدون تاخير لا حاجة اليه. بينما يميل حزب يهدوت هتوراة الى الاستجابة للرسائل المتشددة للحاخامات فان رئيس حزب شاس، اريه درعي، المشغل السياسي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لا يهتم بحل الكنيست (او انتخابات مبكرة)، هو يعمل بواسطة مشغله الوزير السابق اريه اتياس من اجل منع طرح مشروع القانون في جلسة الكنيست بكامل هيئتها.
مصادر في المعارضة تقول بانها ستطرح مشروع قانون لحل الكنيست فقط اذا تبين انها ستحصل على اغلبية مؤكدة، لأنه اذا تم طرح مشروع القانون ولم تتم المصادقة عليه فان المعارضة لن تتمكن من طرحه مرة اخرى خلال نصف سنة. ولكن في المعارضة يعملون ايضا تحت المجهول الكبير، وهو تصويت درعي واعضاء شاس. في شاس يمكنهم تقرير اعطاء “وقت اضافي” لحل الازمة بحيث يوفروا للائتلاف وجبة اخرى من الاوكسجين، وربما يجرون خلفهم ايضا اعضاء الكنيست من يهدوت هتوراة.
نتنياهو، الذي حسب جميع الاطراف لم يستخدم حتى الآن كل ثقله من اجل الدفع قدما بقانون الاعفاء من التجنيد. وحسب اقوال مصادر مطلعة فانه “لم يكن موجود في الحدث”، للمشاركة في مصفوفة المحاولات لمنع طرح قانون حل الكنيست في الغد. فهو غير معني بتمرير القانون حتى بالقراءة التمهيدية التي ستسرع ديناميكية الحل الذي وجدت الحكومة نفسها فيها. كجزء من محاولة ثني الحريديين عن الاحتجاج الهستيري فان نتنياهو يحاول استخدام تحدي ايران، بالذريعة المعروفة التي تقول بأن “اسرائيل تقف امام تحديات كبيرة، وبناء على ذلك فان اضعاف الائتلاف هو الامر الاسوأ الذي يمكن أن يحدث”. الاحزاب الحريدية يمكنها التظاهر بأنها تصدق هذا الاغراء، حتى لو فقط من اجل عدم حل الحكومة بنفسها.
في ظل الضبابية بشان الاتجاه الذي يسير فيه درعي يمكن رسم ثلاثة سيناريوهات محتملة. السيناريو الاول هو التوصل الى حل وسط بشان قانون الاعفاء من التجنيد والبدء في دفعه قدما. الثاني، الذي يشمل “خضوع” السياسيين الحريديين لخطوات الاحتجاج التي لا هوادة فيها للحاخامات وعدم قدرة نتنياهو على فرض زعامته على الائتلاف، الامر الذي سيؤدي الى المصادقة على مشروع حل الكنيست بالقراءة التمهيدية. السيناريو الثالث، المرجح اكثر، هو انه استنادا الى التجربة السابقة مع نتنياهو والتخوفات الانية للحريديين، فهو محاولة كسب الوقت لـ “التفاوض” كما يبدو حول القانون، الذي هو بالاساس كسب وقت اضافي من جانب الاحزاب الحريدية.
——————————————
إسرائيل اليوم 11/6/2025
هكذا استسلمت فرنسا لترامب
بقلم: داني زاكن
تبذل فرنسا مجهودات عظيمة لان تكون الأوروبية الرائدة في كل ما يتعلق بالشرق الأوسط، لكنها تلقت مؤخرا نوعا من اليافطة التي تقول: “تباطأ واعطِ حق الأولوية” للبيت الأبيض.
في اعقاب ذلك قررت الا تطرح مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية في المؤتمر في الأسبوع القادم (17 حتى 20 حزيران) في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
وكان القرار اتخذ في اعقاب سلسلة توجهات وتحذيرات من الإدارة الامريكية للفرنسيين، رغم أن عنوانه المعلن هو “مؤتمر دولي للاعتراف بدولة فلسطينية”.
لقد كانت فرنسا مشاركة في اتفاق وقف النار مع حزب الله، بعد سنوات من التدخل في المنطقة بما في ذلك اتفاق الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان. الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون استضاف في الاليزيه الإرهابي (السابق؟) الجولاني الذي توج نفسه رئيس لسوريا، وهكذا أعطاه ختم حلال العالم الغربي.
في الجوانب السلبية، ماكرون هو المتحدث الأكثر مناهضة لإسرائيل بين زعماء أوروبا بالنسبة للحرب ضد حماس، وقد انضم الى المتطرفين من اسبانيا وايرلندا في المطالبة بتعليق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الاتحاد وإسرائيل بما في ذلك محادثات التوافق، التي ترتب هذه العلاقات.
“ضغوط شديدة”
غير ان المؤتمر الدولي الذي بادر اليه ماكرون في نيويورك وهدفه كما أسلفنا الدفع قدما بإقامة دولة فلسطينية، هو خطوة واحدة ابعد مما ينبغي حتى بالنسبة للامريكيين. في إطار الاعداد للمؤتمر، الذي يجري بالتعاون مع السعودية طرحت إمكانية ان تعلن دول غربية مشاركة فيه عن الاعتراف بدولة فلسطينية وبقيادتها – أبو مازن وحكومته – كممثليها المنتخبين.
وتؤكد مصادر دبلوماسية امريك ية وعربية بان البيت الأبيض ووزارة الخارجية الامريكية مارستا ضغوطا شديدة على ماكرون من أن تكون لهذا المؤتمر تداعيات عملية او تصريحية بعيدة الأثر. في البداية رد ماكرون الضغوط وحسب هذه المصادر بدأ بالفحص مع زعماء أوروبيين آخرين الاعتراف بدولة فلسطينية. ويبدو أنه تلقى تأكيدا من أربع دول على الأقل لامكانية الانضمام الى مثل هذا الإعلان.
هنا رفع الامريكيون النبرة، وفي الأسابيع الأخيرة وصلت الى قصر الاليزيه ضغوط لدرجة التهديدات الحقيقية.
وحسب مصدر امريكي، قيل في احد المحادثات للفرنسيين بانه “اذا ما حصل في اثناء المؤتمر في نيويورك على الأراضي الامريكية اعترف بدولة فلسطينية من جهة حتى ولو دولة غربية واحدة – فسيعد الامر إهانة شخصية للرئيس دونالد ترامب. وعندما لم يكن الرد الفرنسي مرضيا، أوضح الامريكيون بانه سيكون رد فعل حاد لهذه الخطوة.
هنا فهموا في باريس صورة الوضع وحاولوا تقليص الاضرار. ضمن أمور أخرى اجروا محادثان واحاطات في إسرائيل مع صحافيين حاولوا تشديد الجانب الإيجابي والاعتراف بالمطالب الإسرائيلية.
رسالة أبو مازن
في “إسرائيل اليوم” نشر ان فرنسا اتخذت القرار وبموجبه اعتراف احادي الجانب بدولة فلسطينية لن يكون جزء من الإعلان النهائي للمؤتمر في نيويورك. مستشارة كبيرة لماكرون عرضت لمسؤولين كبار في وزارة الخارجية في القدس اهداف المؤتمر وبزعمها يأتي المؤتمر بالذات لمساعدة إسرائيل. وأضافت بان رؤيا الانعقاد يتضمن مطالبة بتحرير المخطوفين، دعوة صريحة لنزع سلاح حماس، إيضاح بانها لن تكون جزءا من الحكم المستقبلي في غزة، وكذا تعهد من السلطة الفلسطينية بوقف رواتب الإرهاب والتحريض ضد إسرائيل في كتب التعليم. وأضافت مندوبة ماكرون بان الدول العربية المشاركة في المؤتمر ستصادق على هذه المطالب وعليه فان الامر ينسجم مع مصالح إسرائيل التي تؤيد فرنسا على حد قولها، مواقفها.
كل هذه النقاط هي مطالب إسرائيلية، أعلنت السلطة من الان علنا عن موافقتها عليها، ونزع سلاح حماس تطالب به حماس على رؤوس الاشهاد. غير أن إسرائيل التي اعتقدت حتى الان بان هناك احتمال الا يمنع ماكرون إعلانات من جانب قسم من الدول الغربية التي تعترف بدولة فلسطينية.
وأكدت المصادر الامريكية بان ضغوط البيت البيت فعلت فعلها. إضافة الى ذلك نقلت تحذيرات لبعض دول (مشبوهة) كمن كفيلة بان تعترف بدولة فلسطينية. واحدة من هذه الدول على الأقل ردت بان مقر الأمم المتحدة في نيويورك حيث سينعقد المؤتمر، هو في واقع الامر خارج إقليمي، وانها كفيلة بالا تستجيب للمطلب الأمريكي.
مفتوح للاسرائيليين
الضغط الأمريكي على فرنسا – ماكرون عمل أيضا في مستويات أخرى. ففي الأسبوع القادم سيفتتح في لا بورجيه، باريس، الصالون الجوي الدولي، وهو واحد من معارض الصناعات الأمنية والمدنية المرتبطة بالطيران. صحيح حتى الان، يفترض بعشرات الشركات الإسرائيلية أن تشارك في الصالون وعلى رأسها الثلاثة الكبرى، الصناعات الجوية وال بيت ورفائيل.
هذه هي احدى الساحات الهامة للغاية، ان لم تكن الأهم، للترويج للمبيعات الأمنية أساسا لكن أيضا المدنية، مثل تحويل طائرات مسافرين الى طائرات نقل، وهكذا، في اعقاب الصالون الذي جرى قبل سنتين، وقعت صفقات بأكثر من قيمة 150 مليار دولار في اثناء المعرض.
تجتذب الصناعات الإسرائيلية اهتماما كبيرا بفضل منظومات الرادار، الدفاع الجوي ومجالات متعددة أخرى، والحرب الروسية الأوكرانية أدت الى ارتفاع هائل في الطلب على المنتجات الإسرائيلية. مع ذلك في فرنسا حاولوا الا تصل الشركات الإسرائيلية هذه السنة الى المعارض الموازية في المجالين البري والبحري. في هاتين المحاولتين سمح في النهاية لها بالوصول.
هذه المرة في اعقاب الضغط الأمريكي، في فرنسا لم يقاطعوا الشركات الإسرائيلية. يوجد توجه الى المحكمة في فرنسا من جانب منظمات مناهضة لإسرائيل، لكن في هذه الاثناء لم يصدر أي قرار يمنع الإسرائيليين من الوصول الى الحدث.
——————————————
هآرتس 11/6/2025
في محاولة لفرض اتفاق نووي ترامب يلمح بهجوم إسرائيلي محتمل في ايران
بقلم: عاموس هرئيلِ
تعبير جديد دخل في القاموس السياسي والاقتصادي الامريكي في الشهر الماضي يقلق جدا الرئيس الامريكي دونالد ترامب، وهو نظرية “تاكو”، التي هي اختصار لجملة ترامب “دائما يتراجع في النهاية”. مقال في صحيفة “فايننشال تايمز” صك هذا المصطلح في بداية أيار على خلفية التراجع البارز للرئيس في قضية فرض الجمارك الضخمة على الاستيراد الامريكي، عندما تبين الرد السلبي للاسواق العالمية. حسب الصحيفة فان الاسواق ادركت انه لا يوجد للادارة الامريكية الحالية أي قدرة على الضغط الاقتصادي، وان ترامب سيتراجع بسرعة عن تهديداته وقراراته عندما سيتم استخدام ضغط مضاد عليه.
هذا الوصف يغضب الرئيس الذي تشاجر مع صحفية تجرأت على سؤاله في الاسبوع الماضي حول رده على هذا الادعاء. ولكن اللهجة بين لغة التهديد لترامب وقرارات الادارة الحقيقية ظهرت في جزء كبير من خطواته منذ عاد الى الحكم في كانون الاول الماضي. هناك لترامب، وبالتأكيد لمعظم مستشاريه والكثير من مؤيديه، ميل انعزالي واضح في كل ما يتعلق باستخدام القوة العسكرية الامريكية في الساحة الدولية. المشكلة تكمن في انه يجد صعوبة في تحقيق اهدافه بدون استخدام القوة، وصورته تضررت.
في الاسبوع الماضي، على خلفية العقبات التي واجهها في محاولته انهاء الحرب بين روسيا واوكرانيا قال ترامب انه “احيانا الطرفان يجب عليهما المحاربة” من اجل ان يتم التوصل الى تسوية. اول أمس، في مؤتمر صحفي له، تطرق الرئيس الامريكي الى المفاوضات مع ايران وتصميم النظام في طهران بأن الاتفاق النووي الجديد سيحافظ على حقها في تخصيب اليورانيوم، وعن رفض ايران حذر ترامب بأنه “ستكون له تداعيات خطيرة جدا”.
في نفس الوقت نشر ان ترامب تحدث هاتفيا بشكل مطول مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الامر الذي تم النشر عنه في الوقت الذي اجرى فيه نتنياهو أمس المزيد من المشاورات الامنية المطولة حول التوتر مع ايران، وفي قنوات التلفزيون تحدث المراسلون بانفعال معين عن الاستعدادات المتطورة للجيش الاسرائيلي لاحتمالية هجوم اسرائيلي. ترامب نفسه اضاف بأنه “ليس سرا ان اسرائيل لا تريد الاتفاق”، وقال بانه نقل “اقتراح معقول” لايران بشان طبيعة الاتفاق النهائي. “نحن نحاول التوصل الى اتفاق يمنع الدمار والموت، لكن ربما هذا لن ينتهي هكذا”، اعترف الرئيس الامريكي.
كالعادة، مثلما في قضية ارسال الحرس الوطني، وتقريبا المظليين، من اجل قمع المظاهرات ضد طرد المهاجرين في لوس انجلوس فانه يصعب التحرر من الانطباع بان ترامب يستفيد من هذا المشهد. فطالما توجد دراما وفيها عامل محتمل للعنف فانه من الواضح ان الرئيس يستمتع بذلك، وبشكل خاص الاهتمام الموجه اليه ولقراراته. ولكن هذا النهج يوجد له ثمن. الطريقة التي تفحص فيها اسرائيل سيناريوهات الحرب، والطريقة التي تفحص فيها الولايات المتحدة هذه السيناريوهات، يكمن خطر تصعيد اقليمي كبير في الشرق الاوسط. الجنرال مايكل كوريلا، قائد المنطقة الوسطى في الجيش الامريكي، قال أمس في جلسة استماع في الكونغرس بان هجوم اسرائيلي مستقل في ايران سيعرض للخطر حياة جنود امريكيين، وأن الجيش اقترح على الرئيس عدة احتماليات في حالة فشل الجهود الدبلوماسية حول التوصل الى اتفاق.
نتنياهو لا يخفي شكوكه في طبيعة الاتفاق الذي سيوقع مع ايران، وتفضيله للخيار العسكري الذي يرافقه منذ عقدين تقريبا. ولكن توجد فجوة كبيرة بين السيناريو الذي تهاجم فيه اسرائيل بشكل مستقل، بدون تنسيق مع الامريكيين (خلافا للتحذير الصريح للرئيس في الشهر الماضي) وبين عملية منسقة مع واشنطن. اسرائيل بحاجة الى الولايات المتحدة، سواء من اجل تعزيز منظوماتها الدفاعية امام الصواريخ في حالة هجوم مضاد لايران، أو (في المستقبل) في حالة كانت حاجة الى هجوم جوي متواصل، متعدد الجولات والطلعات ضد ايران. من التلميحات التي ينثرها الرئيس يجب عدم استبعاد احتمالية انه يفكر باستخدام القوة العسكرية الاسرائيلية كوسيلة ضغط على ايران، بهدف الحصول منها على اتفاق افضل. ترامب يمكنه التوصل الى استنتاج بأن استعراض القوة من جانب القوات الجوية سيجبر النظام في طهران على اعادة النظر في خطواته.
ردا على هجمات المسيرات والصواريخ فان اسرائيل قامت بشل منظومة الدفاع الجوي في ايران، بواسطة هجومين فيها. في هذا الوقت يبدو ان النظام الايراني يجد صعوبة في اقناع روسيا بالوقوف الى جانبه مجددا في هذه المعارك، ازاء الصعوبات التي شهدتها موسكو في حربها في اوكرانيا. اسرائيل قامت بتقشير جزء كبير من طبقات الدفاع الجوية التي توجد حول المنشآت النووية والمواقع الاستراتيجية الاخرى. شخصيات رفيعة سابقة في جهاز الامن، قائد سلاح الجو السابق الجنرال احتياط امير ايشل ومستشار الامن القومي في حكومة بينيت – لبيد ايال حولتا، كتبا في الشهر الماضي بأن “طهران بقيت مكشوفة” في اعقاب الهجومين الاسرائيليين.
نتنياهو، الذي يبقي الان الكثير من الكرات في الهواء. الى جانب التزامه الاستراتيجي بعيد المدى بمحاربة المشروع النووي الايراني ووعوده باحباط ذلك بكل الطرق، ينشغل بصراع بقائه السياسي. هذا الاسبوع زادت الاحزاب الحريدية الضغط عليه الى درجة التهديد بحل الائتلاف والذهاب الى الانتخابات، وطلبت منه تنفيذ تعهده وتمرير قانون الاعفاء من الخدمة العسكرية لصالح ناخبيها. هذه ليست المرة الاولى التي يستخدم فيها نتنياهو حجة ايران من اجل محاولة اقناع الاحزاب الحريدية بالبقاء في الحكومة. قبل بضعة اشهر نشر انه حتى حدد موعد للهجوم، 15 نيسان، من اجل اقناع رئيس شاس آريه درعي بتخفيف الضغط حول التجنيد. وقد مر شهران منذ ذلك الحين والهجوم لم يتحقق.
في الخلفية يوجد موضوع اخر، موضوع عائلي. في يوم الاثنين القادم سيتزوج ابنه الصغير افنر في احتفال يشارك فيه الكثيرون. والتصعيد امام ايران يمكن ان يضع الاحتفال بالزفاف في خطر، بعد تاجيله بسبب الحرب ضد حزب الله في السنة الماضية. من يعتقد أن هذا الاعتبار لا يوجد مكان له في بلورة الصورة الاستراتيجية فهو لا يعرف اين توجد اسرائيل بعد مرور عشرين شهر على الحرب.
اذا تحدثنا عن الحرب فان الانشغال الكثيف بايران يدفع الحرب في غزة الى خارج جدول الاعمال – حيث لا تزال اسرائيل بعيدة جدا عن تحقيق النصر، خلافا لتصريحات نتنياهو والتنبوءات المتكررة التي تطلقها ابواقه.
الآن للمرة الاولى بعد هدنة طويلة، عاد رئيس الحكومة وعقد الكابنت لمناقشة اقتراح تمت حتلنته والذي تدفع به قدما قطر من اجل صفقة التبادل، حيث توجد في الخلفية قضية ايران وجهوده للحفاظ على التحالف مع الحريديين، من الجدير اخذ الانباء عن التقدم المحتمل في المفاوضات بدرجة كبيرة من الحذر.
——————————————
هآرتس 11/6/2025
يجب الأمل في ان تفشل جهود التوصل الى تسوية، وأن تتم المصادقة على قانون الاعفاء من الخدمة
بقلم: يوسي ميلمان
كل من يحب الديمقراطية ويؤمن باهمية المساواة وتحمل العبء العسكري والاجتماعي، يجب عليه الامل في ان تتم المصادقة على قانون التجنيد، أي قانون الاعفاء من الخدمة العسكرية، بالقراءات الثلاثة في الكنيست ويتم ادراجه في كتاب القوانين. هذه قد تكون الفرصة الاخيرة لاسقاط نتنياهو وحكومته المتطرفة، المتعطشة للانا والمنغلقة والمقطوعة عن الواقع.
الاتفاق على اعفاء جزئي من التجنيد للحريديين بدأ في العام 1948، عندما وافق بن غوريون على اعفاء من التجنيد طلاب المدارس الدينية، الذين مهنتهم هي تعلم التوراة، من اجل مواصلة تعلم التوراة. بن غوريون الذي عمل على الحصول على اجماع سياسي واسع جدا، اعطى هذا الاعفاء لضمان دعم حاخامات الحريديين واغوداتيسرائيل لهذه الخطوة. عندها اعطي الاعفاء لـ 400 طالب في المدارس الدينية، أي نصف طلاب المدارس الدينية في الدولة تقريبا، الذين كان عددهم قليل نسبيا، لأن عالم الحريديين في حينه لم يكن قد استيقظ من الكارثة.
قانون جهاز الامن الاول في 1949 نص على واجب الخدمة العسكرية للرجال والنساء الذين وصلوا الى سن الـ 18. ومنذ ذلك الحين مر القانون بعدة تغييرات، لكن في جوهره ما زال ساري المفعول حسب صياغته الاصلية. واجب الامتثال للخدمة في مكتب التجنيد والتجند للخدمة النظامية، اذا كان الجندي سليم صحيا، او من اجل الخدمة المدنية. مع ذلك، الجيش الاسرائيلي مخول بالاعفاء من الخدمة في جهاز الامن لاسباب اخرى.
الانعطافة التي في اعقابها توسع التهرب الى ان وصل الى ابعاده الكبيرة الآن، كانت عند تشكيل حكومة الليكود برئاسة مناحيم بيغن وانضمام اغودات يسرائيل الى الائتلاف. بعد ذلك تم تشكيل شاس، وانضم الحزبين الحريديين – الاشكنازي والسفارادي – الى معظم الحكومات التي تشكلت بعد ذلك. هي استغلت كونها بيضة القبان من اجل الحصول على التسهيلات المالية وتوسيع تاثيرها في السياسة وفي الفضاء العام، ومن اجل تحقيق لناخبيها الاعفاء الكاسح من الخدمة العسكرية.
منذ ذلك الحين جرت مرة تلو الاخرى محاولات للعثور على تسوية ترضي جميع الاطراف، حكومات اسرائيل، الجيش الاسرائيلي، الاحزاب الحريدية والحاخامات. الجهد الاكثر اهمية كان في 1999 في فترة ولاية حكومة اهود باراك. لجنة برئاسة قاضي المحكمة العليا تسفي طل، والقانون الذي تم سنه في 2002 وسمي على اسمه، سمحت باستمرار تاجيل تجنيد طلاب المدارس الدينية. سريان مفعول القانون كان لخمس سنوات، بعد ذلك تم تمديده لخمس سنوات، الى ان قررت المحكمة العليا في 2012 بأنه اصبح غير دستوري ومنعت تمديد سريان مفعوله في الكنيست. هذا الوضع المتعثر استمر حتى تم تشكيل حكومة نتنياهو “اليمينية المتطرفة” الحالية قبل سنتين ونصف. الحاخامات ادركوا ضعفه، وادركوا ان مكانة “عظماء الجيل” التي يتمتعون بها آخذة في التآكل. لذلك، ازدادت مواقفهم تطرفا، وهم يطالبون السياسيين التابعين لهم بسن قانون الاعفاء من الخدمة، أو اسقاط الحكومة.
الاحزاب الحريدية التي تجلس على وعاء اللحم، ومثلها ايضا الليكود وشركاءه في اليمين المتطرف، لا توجد لديهم أي رغبة في اسقاط حكومة احلامهم. لذلك، حتى اللحظة الاخيرة ستستمر جهود التوصل الى حل وسط. يجب الامل أن تفشل هذه الجهود، وان يتم سن قانون الاعفاء. الجمهور العلماني الليبرالي فشل في مهمة وقف كليا الانقلاب النظامي لحكومة نتنياهو، وهي تسرع بكل قوتها. الحكومة تستخف بالجمهور وتتجاهل الدعوات لوقف الحرب واعادة المخطوفين. ومن يخدمون في الاحتياط (ومن يخدمون في الخدمة النظامية) لا زالوا يمتثلون للخدمة، يقاتلون، يسفكون الدماء في الحرب العبثية في رمال غزة.
هذا القانون هو الفرصة الاخيرة لاستيقاظ الجمهور العلماني، الذي يدفع الضرائب ويخدم في الجيش. تمرير القانون في الكنيست ربما سيكون القشة التي تقصم ظهر البعير، القشة التي ستسقط حكومة نتنياهو وتوقف هذه الهستيريا التي توجد فيها اسرائيل، التي في المستقبل غير البعيد يمكن أن توصلها الى الانهيار.
——————————————
معهد بحوث الأمن القومي (INSS) 11/6/2025
تحقيق أهداف الحرب وتحسين أمن إسرائيل على المدى البعيد السياسة المُوصى بها لإنهاء الحرب بانتصار
بقلم: تامير هايمن مدير معهد دراسات الامن القومي الاسرائيلي
تُحدد هذه الورقة السياساتية الاستراتيجية المُوصى بها لإنهاء الحرب في قطاع غزة مع تحقيق أهدافها بالكامل وتحسين الوضع الاستراتيجي لإسرائيل على المدى البعيد. تتوافق معظم المبادئ ومسار العمل المُقترح في هذه الوثيقة مع المقترح المصري العربي لإنهاء الحرب، والذي قُدّم في أبريل/نيسان 2025 ولم تُناقشه الحكومة الإسرائيلية بعد. ويُقترح أن تُشكّل مبادئ هذه الخطة أساسًا للمفاوضات. وفي إطار هذه المفاوضات، ينبغي على إسرائيل الإصرار على إضافة المطالب التالية إلى بنود الخطة: نزع سلاح حماس وضمان عدم قدرتها على إعادة بناء قدراتها العسكرية. والأهم من ذلك، يجب اتخاذ خطوات لمنع دمج حماس في أي إطار حكم فلسطيني مُستقبلي.
لإنهاء الحرب في قطاع غزة، لا بد من ضمان عودة الأسرى، وسحب حماس من حكم القطاع وتجريدها من قدراتها العسكرية التي تُشكل تهديدًا لإسرائيل، وإنشاء آلية مصرية-إسرائيلية مشتركة لمنع إعادة تسليحها. ورغم أن الاحتلال العسكري الكامل لقطاع غزة وفرض الحكم العسكري الإسرائيلي عليه، كما سبق تفصيله في منشورات معهد دراسات الأمن القومي (INSS)، قد يكون الحل العسكري الأكثر فعالية لتحييد تهديد حماس، إلا أنه في الوقت نفسه الخيار الأسوأ من منظور استراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي. فحتى في ظل الحكم العسكري الإسرائيلي لغزة، ستستمر المقاومة ضد إسرائيل، بالإضافة إلى خطر الإرهاب وحرب العصابات من داخل القطاع. علاوة على ذلك، فإن مثل هذا السيناريو ينطوي على عواقب وخيمة – إذ ستتحمل إسرائيل وحدها مسؤولية إعادة إعمار هذه المنطقة المدمرة (وما يترتب على ذلك من عبء ثقيل من الموارد) دون مساعدة خارجية، إلى جانب خطر العزلة الدولية وتفاقم الاستقطاب الاجتماعي الداخلي. المعضلة الاستراتيجية: بين “تدمير حماس” وإطلاق سراح الرهائن
تشير استطلاعات الرأي الأخيرة التي أجراها معهد دراسات الأمن القومي إلى أن الجمهور الإسرائيلي يُعطي الأولوية لإعادة الرهائن على تدمير حماس. إلا أن الواقع أكثر تعقيدًا. فبقاء سلطة حماس المسيطرة أمرٌ أساسي لإطلاق سراح الرهائن. ومع ذلك، فبمجرد إطلاق سراح الرهائن، ستفقد حماس ضمان بقائها. وهنا يكمن جوهر المعضلة.
ووفقًا للإحاطات العسكرية، فإن الهدف الرئيسي لعملية “عربات جدعون” هو إطلاق سراح الرهائن. وتهدف العملية إلى ممارسة ضغط عسكري ومدني داخل القطاع، بما في ذلك احتلال ما يقرب من 70% من أراضيه، وتغيير آلية توزيع المساعدات الإنسانية بطريقة قد تُحدث شرخًا بين حماس وسكان غزة. ويهدف هذا الضغط التراكمي إلى إجبار حماس على الموافقة على صفقة رهائن بشروط مُحسّنة لإسرائيل.
كن، ماذا سيحدث بعد أن تحقق إسرائيل ذلك؟ حتى لو افترضنا (وأملنا) إطلاق سراح المزيد من الرهائن وهزيمة حماس حتى التفكك، فمن المرجح أن ترفض الحركة التخلي عن جميع الرهائن دون ضمان إنهاء الحرب وضمان بقائها كحركة مقاومة. إذا كان الأمر كذلك، فكيف يمكن تحقيق هدف الحرب المتمثل في إعادة الرهائن مع تدمير قدرات حماس على الحكم؟
تضارب المصالح بين إسرائيل وحماس: لعبة محصلتها صفر؟
إسرائيل: بانسبة للحكومة الإسرائيلية، فإن الموافقة على إنهاء الحرب ليست خيارًا. سياسيًا، قد يؤدي وقف الحرب إلى زعزعة استقرار الائتلاف الحاكم وتعزيز الدعوات لإجراء انتخابات مبكرة. من منظور أمني، تعتقد القيادة السياسية أن إنهاء الحرب قبل تدمير حماس بالكامل سيترك التحدي الذي تمثله حماس دون حل. ومع ذلك، من المشكوك فيه للغاية ما إذا كان القضاء التام على حماس – “حتى آخر عنصر من عناصرها” – هدفًا عسكريًا قابلًا للتحقيق. على نطاق أوسع، من المشكوك فيه أن الحملة العسكرية وحدها قادرة على القضاء على الأساس الأيديولوجي للمقاومة المتجذر في جماعة الإخوان المسلمين، دون عواقب إضافية سيتم توضيحها لاحقًا.
حماس: بالنسبة لحماس، الهدف هو وقف الحرب، وتأمين انسحاب قوات جيش الدفاع الإسرائيلي من الأراضي التي استولت عليها في قطاع غزة، وإطلاق سراح أكبر عدد ممكن من الإرهابيين من السجون الإسرائيلية، والحصول على ضمانات دولية لهذه النتائج ولإعادة إعمار غزة. في الوقت نفسه، تُدرك حماس الانتقادات العلنية التي تواجهها داخل غزة، وتُدرك ضعفها النسبي. ولذلك، فهي بحاجة إلى إنجاز ملموس. لذلك، ستُعتبر قيادة حماس أي شكل من أشكال البقاء انتصارًا لها – حتى لو تُركت منهكة وضعيفة بشكل كبير. كحركة مقاومة، قد تُفضل حماس التخلي عن حكم غزة كخطوة تكتيكية إذا كان ذلك يضمن بقاءها التنظيمي.
المفهوم الاستراتيجي: من الحرب إلى القتال ونزع التطرف
لكي تُنهي إسرائيل الحرب بانتصار حقيقي، يجب استبدال حماس بإدارة مدنية براغماتية نسبيًا، مع بقاء السلطة الأمنية تحت سيطرة إسرائيل. وتحديدًا:
• سيواصل جيش الدفاع الإسرائيلي وجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) العمل داخل القطاع لاستهداف وتدمير البنية التحتية للإرهاب وتحييد التهديدات – وهي سياسة تُعرف في الخطاب العام الإسرائيلي بـ”جزّالعشب”. إلا أن ذلك سيتم دون الحفاظ على انتشار دائم للقوات الإسرائيلية داخل غزة. وسيتم تنسيق هذه الإجراءات مع الإدارة الفلسطينية في غزة، على غرار ما يُمارس في الضفة الغربية.
• مع ضعف حماس وظهور بنية تحتية مدنية وتعليمية بديلة، ستتحسن فرص نجاح عملية نزع التطرف. من منظور عسكري، لا يمكن لأي عملية بمفردها أن تُحدث التحول المنشود على المدى الطويل. يتطلب هذا التحول تغييرات عميقة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال عملية سياسية واجتماعية وتعليمية شاملة. ومن المرجح أن يستمر وجود جماعة الإخوان المسلمين في غزة كحركة اجتماعية سياسية. ولكن حتى لو حُظرت – كما حدث في الأردن ومصر – فسيكون من الصعب القضاء كليًا على تأثيرها الاجتماعي السلبي ومعارضتها لجهود مكافحة التطرف. لذا، فإن إضعافها المستمر بمرور الوقت أمر بالغ الأهمية.
المكونات الاستراتيجية
العناصر المتفق عليها لتنفيذ الاستراتيجية والمتضمنة في المقترح المصري العربي:
1. وقف إطلاق النار: تنتهي الحرب المستعرة؛ ويُعلن وقف إطلاق نار رسمي مقابل إطلاق سراح الرهائن وتشكيل حكومة بديلة لحكم حماس.
2. إطلاق سراح الرهائن: يُطلق سراح جميع الرهائن، أحياءً وأمواتًا، على مرحلة واحدة وليس تدريجيًا
3. .الرقابة الدولية: تُشكل حكومة دولية/عربية لتنسيق عملية إعادة إعمار غزة والإشراف عليها. ستشرف هذه الحكومة على تدفق الأموال وقوات الأمن الداخلي العاملة تحت مظلة الحكومة المؤقتة في غزة، مسترشدةً بمبدأ أن زيادة إعادة الإعمار تعني زيادة نزع السلاح.
4. حكم غزة: تُشكل إدارة تكنوقراطية مؤقتة، لا تتبع السلطة الفلسطينية ولا حماس، ويديرها أفراد مؤهلون ومؤثرون، توافق عليهم إسرائيل على أنهم غير تابعين للجماعات الإرهابية. ستشرف هذه الإدارة على الحكم المدني وإعادة الإعمار من خلال مقاولين محليين أو دوليين. كما ستدير اللجنة المدنية لغزة، وهي هيئة بيروقراطية مرتبطة رسميًا بالسلطة الفلسطينية، وتنسق بين منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق (COGAT) والعمليات المدنية في غزة.
5. القانون والنظام – الشرطة الفلسطينية: ستوظف الإدارة الجديدة ضباطًا فلسطينيين تدربوا في الأردن على يد الجيش الأمريكي (ينتظر 6000 منهم بالفعل في مصر الموافقة على دخول غزة). وسيركز دورهم الأولي حصريًا على إنفاذ القانون، وليس مكافحة الإرهاب.
عناصر تنفيذ الاستراتيجية التي تخضع للخلاف وتتطلب التفاوض لضمان تعزيز المصالح الأمنية الإسرائيلية:
6. توزيع المساعدات الإنسانية: سيتم توزيع المساعدات الإنسانية عبر مقاولين مدنيين (مثل الشركة الأمريكية العاملة حاليًا في غزة) أو مقاولين فرعيين تديرهم الحكومة التكنوقراطية. وستتولى قوات الأمن الفلسطينية – وهي نفس القوات الستة آلاف المذكورة أعلاه – تأمين التوزيع لمنع الفوضى.
7. السلطة الفلسطينية:
• العودة إلى غزة: تتصور الخطة المصرية عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة في غضون ستة أشهر. هذا غير واقعي. بدلًا من ذلك، يجب أن تكون عودة السلطة الفلسطينية مشروطة بإصلاحات شاملة وقابلة للقياس. يطالب العديد من الفلسطينيين بإصلاح السلطة الفلسطينية بسبب الإحباط من الفساد وعدم الفعالية. لذلك، يمثل هذا الشرط المسبق فرصة نادرة لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين. يمكن للضغط العربي والدولي أن يساعد في التغلب على مقاومة السلطة الفلسطينية المحتملة للإصلاحات، والتي يجب أن تكون شرطًا أساسيًا للمساعدات.
• المسؤولية الأمنية الإسرائيلية: يجب أن تحتفظ إسرائيل بسلطة العمل في غزة – وهو نموذج مشابه للمنطقة (ب) في يهودا والسامرة. يجب ألا يتغير هذا إلا بعد أن تثبت السلطة الفلسطينية فعاليتها في مكافحة الجماعات الإرهابية.
• نزع السلاح: في نهاية العملية، وبعد عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، سيتم نقل الأسلحة إلى سيطرتها. من شأن “اتفاقية الأشخاص المطلوبين” أن تمنح العفو لأي شخص يقبل سلطة السلطة الفلسطينية وينضم إلى صفوفها مع تسليم أسلحته.
8. إغلاق “أنبوب الأكسجين”: مسار فيلادلفيا ومعبر رفح. سيتم إغلاق جميع الأنفاق تحت الأرض بين مصر وغزة من خلال بناء حاجز تحت الأرض، إلى جانب إنشاء نظام مراقبة دولي متطور في رفح لمنع التهريب وضمان الشفافية تجاه إسرائيل.
9. توسيع اتفاقيات إبراهيم: الهدف النهائي المنشود هو ربط عملية استقرار وإعادة تأهيل القطاع بالتوقيع المنشود على اتفاقية تطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. يمكن افتراض أن الواقع الجديد الذي سينشأ سيلبي الحد الأدنى من المتطلبات التي قدمتها المملكة العربية السعودية كشروط للتطبيع. ورغم أن الاستراتيجية المقترحة لا تشكل مسارا واضحا نحو إقامة دولة فلسطينية، كما عبر عنها السعوديون، فمن المتوقع أن تعمل على تحسين الوضع في الساحة الإسرائيلية الفلسطينية مقارنة بالوضع الحالي، وتضع الأساس لعملية سياسية مستقبلية.
الاعتراض: المشكلة الرئيسية والرد (بغض النظر عن المقاومة السياسية)
العيب الرئيسي في الاستراتيجية المقترحة هو أن حماس لن تختفي تمامًا، وستحتفظ في البداية ببقايا قدرتها العسكرية. وهذا يمثل تحديًا كبيرًا، لا سيما لمن يعتقدون أن حملة عسكرية أوسع نطاقًا قد تؤدي إلى تدمير المنظمة بالكامل. يُطلق معارضو هذا السيناريو على هذا “نموذج حزب الله”، مقارنين إياه بواقع لبنان قبل الحرب – مع أنه في الحقيقة أقرب إلى نموذج الضفة الغربية.
هناك عدة حقائق تُخفف من حدة هذه المخاوف:
1- لقد أُضعفت حماس بشدة: فُككت هياكلها التنظيمية؛ وتم القضاء على كبار قادتها (باستثناء عز الدين الحداد، قائد مدينة غزة)؛ ولا تمتلك قدرة تسلل واسعة النطاق إلى إسرائيل (تم تطهير المنطقة الأمنية بأكملها وتدميرها، وتضررت قوة النخبة التابعة لها بشدة)؛ وقوتها النارية متبقية (وهي الآن تُمثل حوالي 10% مما كانت عليه في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023)؛ وقُتل ثلثا مقاتليها الأصليين، أو حوالي 18,000، من أصل 30,000 مقاتل – وفقًا لتقدير غير دقيق، كما هو الحال مع جميع التقييمات المتعلقة بالخسائر المدنية في القطاع.
2- ا توجد قيمة مضافة كبيرة في الغزو الكامل لغزة: فتوسيع السيطرة الإقليمية من 70٪ إلى 100٪ لن يحقق مكاسب استراتيجية كبيرة. ومن المرجح أن تخفي حماس أسلحتها المتبقية، وتختلط بالمدنيين، وتعمل تحت الأرض، وتبدأ حملة حرب عصابات مطولة ضد جنود جيش الدفاع الإسرائيلي. وحتى لو اختفت حماس نظريًا، فمن المرجح أن تظهر جماعات مقاومة جديدة – لجان المقاومة الشعبية، والجهاد الإسلامي، وعشرات الفصائل الإرهابية الأخرى التي لا تقبل بوجود إسرائيل – وتستمر في تشكيل تهديد لقوات جيش الدفاع الإسرائيلي ودولة إسرائيل ككل
3- سيستمر تجفيف المستنقع و”جز العشب” تحت مسؤولية إسرائيل: من خلال نظام استخباراتي وعملياتي مُكيف، سيواصل جيش الدفاع الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) ملاحقة حماس والمنظمات الإرهابية الأخرى، كما هو الحال في يهودا والسامرة.
4- سيكون استئناف القتال والحرب، إذا لزم الأمر، ممكنًا بعد إطلاق سراح الرهائن: تُثبت التجارب السابقة أنه لا يمكن منع إسرائيل من استئناف القتال. لا يمكن تقييد حق الدفاع عن النفس. حتى لو تبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارًا يدين إسرائيل ويدعوها إلى الامتناع عن ممارسة الدفاع عن النفس في مواجهة التهديدات، وحتى لو اختارت الولايات المتحدة عدم استخدام حق النقض (الفيتو) ضد مثل هذا القرار، فلن يُقيّد ذلك أفعال إسرائيل.
5- لقد ضعف المحور الإيراني: حماس التي كانت تعمل قبل الحرب – بما في ذلك من لبنان كجزء من غرفة عمليات مشتركة ضمن المحور الذي تقوده إيران – ليست حماس التي نراها اليوم. إن ضعف المحور واختفاء نصر الله عاملان مهمان يُسهمان في ضعف المنظمة الحالي.
6- يجب أن يُبعث الأمل في مستقبل مختلف وأفضل: سكان غزة لا يرون أي أمل في المستقبل. لا توجد فرص عمل، ولا تعليم، ولا بنية تحتية تُتيح ظروفًا معيشية كريمة. في هذه الأيام، الانضمام إلى حماس هو السبيل الوحيد لكسب راتب أساسي وإعالة أسرة. في ظل هذه الظروف، من السهل جدًا على حماس استعادة قوتها. أي مصدر بديل لتوظيف الشباب في غزة – كجزء من برنامج إعادة إعمار إقليمي (إلى جانب العمل في إسرائيل) – قد يُضعف حماس ويُضعف قبضتها على السكان.
تحليل بدائل المقترح
تشمل بدائل هذه الاستراتيجية مناهج متنوعة للسيطرة الكاملة على قطاع غزة، وفرض الحكم العسكري، والقضاء على جيوب المقاومة الإرهابية والعصابات المسلحة، في عملية قد تستغرق عدة سنوات تحت سيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي. يكشف تحليل هذه البدائل عن مشاكل خطيرة وكبيرة، أكبر بكثير من تلك المرتبطة بالاستراتيجية المقترحة:
1- التكلفة الاقتصادية: ستكون تكلفة احتلال قطاع غزة باهظة. ويقدر مسؤولو الأمن حوالي 25 مليار شيكل سنويًا للنفقات العسكرية، بالإضافة إلى 10 مليارات شيكل سنويًا لتوفير الخدمات الأساسية للسكان المحليين، بما في ذلك الكهرباء والمياه والرعاية الطبية والغذاء.
2- الشرعية الداخلية والمرونة الاجتماعية: سينجم الضرر عن اشتداد القتال لفترة طويلة دون نهاية واضحة خلال فترة حرجة ومتقلبة للغاية في إسرائيل، من حيث الديناميكيات السياسية الداخلية والتوتر المتزايد في العلاقات المدنية-العسكرية.
3- اليوم التالي” للحرب: حتى لو افترضنا أن الإدارة العسكرية في غزة حققت نجاحًا باهرًا، يبقى السؤال الجوهري: لمن ستنتقل السيطرة على القطاع في النهاية؟ إذا لم يتغير شيء، فبعد بضع سنوات، ستُجبر دولة إسرائيل مجددًا على مواجهة نفس الأسئلة المطروحة اليوم، ولكن مع فارق رئيسي واحد: ستكون التكلفة قد ارتفعت بشكل ملحوظ. يشمل هذا الارتفاع العبء على الاقتصاد، وضعف قدرة المجتمع على الصمود، وتآكل العلاقات الدولية، وتزايد عدد الضحايا في صفوف جيش الدفاع الإسرائيلي.
4- دعم القوى العظمى: ينبغي افتراض أن الدعم الأمريكي للحرب سيكون مؤقتًا. من الصعب تبرير الحفاظ على نظام عسكري (بدون متلقي واضح لتسليم السلطة في النهاية) من المرجح أن يستمر لأكثر من أربع سنوات. بحلول ذلك الوقت، سيصل رئيس أمريكي جديد إلى البيت الأبيض، ولن يستمر هذا القائد – وخاصةً الديمقراطي – بالضرورة في دعم إسرائيل. كان من الأخطاء التاريخية التي ارتكبتها إسرائيل في السنوات الأخيرة اصطفافها مع الحزب الجمهوري، مما أدى فعليًا إلى فقدانها الدعم الحزبي الراسخ الذي حظيت به في النظام السياسي الأمريكي. في الوقت نفسه، قد يُمثل رئيس جمهوري ينتهج سياسة انعزالية تحديًا لإسرائيل.
5- الشرعية الدولية من الدول الليبرالية الغربية: من وجهة نظر دولية، فقدت إسرائيل بالفعل شرعيتها لمواصلة الحرب – وهي شرعية تمتعت بها خلال المراحل الأولى من الصراع من معظم دول أوروبا الغربية. تُعدّ أوروبا ثاني أكبر شريك تجاري لإسرائيل، وترتبط العلوم والتكنولوجيا الإسرائيلية ارتباطًا وثيقًا بأوروبا. (على سبيل المثال، في 4 يونيو 2024، أعلنت وزارة الدفاع عن عام قياسي في صادرات الدفاع الإسرائيلية، حيث تم توقيع 54% من صفقات التصدير مع الدول الأوروبية). بالإضافة إلى ذلك، تُعدّ أوروبا مصدر معظم واردات إسرائيل من السلع الاستهلاكية. وبالتالي، لا تستطيع إسرائيل تحمّل خسارة علاقتها مع أوروبا. علاوة على ذلك، تُخاطر إسرائيل بأن يُنظر إليها على أنها دولة مارقة ومنبوذة، وهو أمر بدأت بوادره تظهر بالفعل، وتواجه عزلة دولية وعقوبات محتملة.
في الواقع، إسرائيل دولة مستقلة، لكنها صغيرة، تفتقر إلى الموارد الطبيعية، وتعتمد على الخدمات الدولية وأسواق التجارة لتحقيق ازدهارها. إن فقدان علاقات دولية مستقرة ومثمرة أمر بالغ الخطورة.
حل المشكلة الأساسية: إرساء إطار تفاهمات قصيرة الأجل بين حماس وإسرائيل يخدم مصالحها طويلة الأجل
حماس عدوٌّ عنيد، ورغم الصعوبات التي فرضها جيش الدفاع الإسرائيلي، تكيّف مع الواقع العملياتي الذي فرضته إسرائيل في قطاع غزة. ومن المرجح أن توافق حماس على إطلاق سراح الرهائن فقط مقابل تسوية تُلبّي احتياجاتها وتطلعاتها في ظلّ الظروف التي نشأت منذ بدء الحرب. تُقدّم الاستراتيجية المقترحة استجابةً لمصالح كلٍّ من حماس وإسرائيل:
• من وجهة نظر حماس، ستنتهي الحرب، وستبقى كمنظمة، وإن جُرّدت من قدراتها العسكرية والحكومية.
• من وجهة نظر إسرائيل، لن تحكم حماس قطاع غزة بعد الآن، وسيعود الرهائن – الأحياء منهم والأموات – إلى إسرائيل، وستحتفظ إسرائيل بحقّ مواصلة استهداف حماس، غالبًا دون عتبة حرب شاملة. إذا اقتضت الظروف، قد تخوض إسرائيل حملة عسكرية مكثفة أخرى، هذه المرة ضد خصم أضعف بكثير من خصمها في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
الخلاصة
يمكن حل التناقض بين الهدفين الرئيسيين للحرب – القضاء على قدرة حماس وضمان إطلاق سراح الرهائن – من خلال خلق وضع يُمكّن كل طرف من الاعتقاد بأنه حقق النصر. ستعتقد حماس أنها ستنجو، وأنها ستزداد قوة، وأنها ستعود في النهاية لحكم قطاع غزة. لكن في الواقع، ستكون إسرائيل قد ضمنت إطلاق سراح الرهائن، ودمرت قدرات حماس العسكرية والحكومية، وستضمن عدم تجدد التهديد من غزة – سواء من خلال العمليات المستمرة أو باستئناف الحرب، إذا لزم الأمر.
هل يمكننا التنبؤ بمن سيصدق اعتقاده في النهاية؟ هذا اختبار للعزيمة والمثابرة. بما أن إسرائيل هي الطرف الأقوى في هذه المعادلة، وأنها منذ السابع من أكتوبر غيّرت جوهريًا عقيدة الأمن القومي الإسرائيلي، جاعلةً الاستباق ركيزةً أساسية (انظر ورقة مفهوم الأمن القومي الصادرة عن معهد دراسات الأمن القومي)، فلا شك أن إسرائيل ستنتصر على مر التاريخ.
بدلًا من التشبث بأوهام إمكانية القضاء على حماس تمامًا، أو تجويع سكان غزة حتى الخضوع، أو طردهم بالكامل – وهي أفكارٌ في أحسن الأحوال غير مرتبطة بالواقع وبالقيود الفعلية المفروضة على إسرائيل – يُفضّل صياغة واقع يخدم مصالح إسرائيل في ظل الظروف والأوضاع الراهنة. ويشمل ذلك الاستفادة من الإجماع العربي والدولي وراء مقترح وقف إطلاق النار المصري العربي كأساس للمفاوضات، مع تطبيق التعديلات والضمانات اللازمة لضمان المصالح الاستراتيجية لإسرائيل وتحقيق أهداف الحرب.
في الواقع، معظم المبادئ الواردة في ورقة السياسات هذه مُضمنة بالفعل في المقترح المصري العربي لإنهاء الحرب وتأمين عودة الرهائن. المقترح ليس مثاليًا – إنه ناقص وإشكالي. ومع ذلك، فهو نقطة انطلاق سليمة للتفاوض. والأهم من ذلك، أنه الإطار الوحيد القادر على تسوية التناقض الجوهري بين أهداف الحرب. ومن خلال مفاوضات حازمة ومنسقة مع الولايات المتحدة، قد يُتيح هذا الإطار فرصةً لضمان أن يُعزز إنهاء الحرب الأمن القومي الإسرائيلي.
في الوقت الحالي، لا ترغب الحكومة الإسرائيلية في قبول المقترح المصري العربي. لكن من حق مواطني إسرائيل المطالبة بدراسته بجدية وتنقيحه، بما يُعزز عودة الرهائن وإنهاء الحرب.
——————————————
يديعوت احرونوت 11/6/2025
تعليق الهجوم الإسرائيلي على إيران يخدم الولايات المتحدة في المفاوضات
بقلم: رون بن يشاي المحلل العسكري لصحيفة يديعوت احرونوت
قبل نحو أسبوعين زار واشنطن وقد إسرائيلي أمني رفيع المستوى، تعهد لكبار مسؤولي إدارة ترامب بان إسرائيل لن تهاجم ايران طالما كانت الولايات المتحدة تجري مفاوضات على اتفاق نووي جديد مع ايران. ولما كانت المفاوضات بين الولايات المتحدة وايران لا تزال في ذروتها فلا يوجد ما يدعو الى التوتر الزائد في الجمهور وفي وسائل الاعلام ترقبا لهجوم قريب، إسرائيلي امريكي او لإسرائيل وحدها على منشآت النووي في ايران.
الحديث في اليوم الماضي بين الرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكذا الاجتماع الأمني الخاص أول أمس في مكتب رئيس الوزراء، وان كانا يركزان على الموضوع النووي الإيراني، الا انهما استهدفا ممارسة الضغط على ايران ويحتمل أن تكون عملية سلاح البحرية في اليمن أمس استهدفت هي الأخرى تحقيق الهدف ذاته – خلق تهديد مصداق على ايران بعملية عسكرية إسرائيلية – أمريكية تمهيدا لازمة محتملة في اللقاء القريب مع الإيرانيين، في المفاوضات التي يجريها المبعوث الخاص ستيف ويتكوف.
في اللقاءات السابقة تقدمت الولايات المتحدة لاقتراح منحى اتفاق نووي بينها وبين ايران وان كان يتضمن رفع العقوبات لكن ليس كلها، واساسا يطلب من طهران التوقف عن تخصيب اليورانيوم على أراضيها. وكان الإيرانيون اعلنوا منذ الان بان هذا المنحى ليس مقبولا من جهتهم وانهم سيتقدمون بمنحى خاص بهم في الأيام القريبة القادمة. ولم يلتزم الإيرانيون حتى بالجدول الزمني الذي قرروه هم انفسهم بتقديم هذا المنحى، ويحتمل ان يكون هذا يعكس صراعا داخليا بين الصقور والمعتدلين في نظام ايات الله.
المعتدلون وعلى رأسهم الرئيس مسعود بزشكيان يطلبون المساومة والتنازل للامريكيين في موضوع تخصيب اليورانيوم. اما الصقور فيعارضون كما انعكس هذا في خطاب الزعيم علي خامينئي الذي قال: “من انتم لتقولوا لنا ان نخصب اليورانيوم أم لا؟”. لكن يبدو أن الزعيم الإيراني الأعلى الذي سيحسم الجدال حذر وبراغماتي على عادته ولهذا فقد أخذ لنفسه زمنا إضافيا كي يصيغ المنحى المضاد للاقتراح الأمريكي.
الوفد الى واشنطن، الذي ضم وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، رئيس الموساد دادي برنياع ومستشار الامن القومي هنغبي سافر خصيصا كي يهديء الأمريكيين. وعلى حد قول مصادر في إسرائيل تحدثت مع موقع “اكسيوس” الأمريكي، أوضح الوفد بان إسرائيل لن تفاجيء إدارة ترامب بهجوم عسكري على ايران.
هدأ التعهد الإسرائيلي روع الأمريكيين الذين رأوا في هجمات إسرائيلية على اليمن “تدريبات ميدانية” لسلاح الجو الإسرائيلي تمهيدا لهجوم بعيد المدى قوي في ايران دون تنسيق مع الولايات المتحدة أولا. هذا الوضع مريح جدا للرئيس الأمريكي لانه يبقي إسرائيل في مكانة “كلب هجومي مهدد”، في حالة تفجر المفاوضات.
اما لإسرائيل فهذا مهم لان هجوما في ايران يلزمنا بالاستعانة بالقدرات والمقدرات الامريكية العسكرية في ثلاثة جوانب على الأقل. الجانب الأهم هو الدفاعي. في إسرائيل يعرفون بيقين بانهم اذا هاجموا، وحتى اذا هاجم الامريكيون بدون إسرائيل، فان طهران سترد بكل ترسانة صواريخها الباليستية، مُسيراتها والصواريخ الجوالة التي لديها. يدور الحديث عن مئات الصواريخ الباليستية بعضها مع رؤوس متفجرة مناورة من الصعب اعتراضها والاف المُسيرات والصواريخ الجوالة التي بعضها على الأقل والتي قد تخترق الدفاعات الإسرائيلية من شأنها أن تتسبب بدمار عظيم ليس فقط بالمطارات في اسرائيل بل وبمنشآت استراتيجية ومناطق مدنية. ولمواجهة هذا بنجاعة، على إسرائيل مثلما فعلت مرتين في العام 2024، ان تستعد للدفاع مع قيادة المنطقة الوسطى الامريكية ومع حلفاء أمريكا العرب والأوروبيين في الشرق الأوسط.
الجانب الثاني هو الهجومي. فقدرة إسرائيل على ضرب منشآت تخصيب اليورانيوم في ايران جيدة ودقيقة لكن ليس لها ما من قدرات توجد لدى الأمريكيين. فالحديث يدور عن منشآت توجد تحت عشرات الأمتار من الصخور الصلبة في باطن الأرض وكمية الإصابات التي يمكن لسلاح الجو والبحر لإسرائيل يمكنهما ان يوقعاها محدودة نسبيا لما يمكن للامريكيين أن يفعلوه.
لدى الأمريكيين قنابل تخترق الأرض اثقل من تلك التي توجد في حوزة إسرائيل، وطائرات القصف التي يمكنها أن توقع إصابات في البنى التحتية العسكرية في ايران على مدى واسع جدا والاهم من ذلك الإبقاء على زخم الهجوم على ايران على مدى بضعة أيام. لهذا الموضوع توجد أهمية لان هجوما إسرائيليا أمريكيا مشتركا كفيل بان يثير انتفاضة شعبية ويؤدي في النهاية الى اسقاط النظام في ايران. اسقاط النظام سيحرر العالم من التهديد النووي الإيراني الى الابد. هكذا تقدر مصادر استخبارية في اسرائيل وفي دول المنطقة.
الجانب الثالث يستهدف اعمال الإنقاذ، النجدة والتنسيق مع دول المنطقة التي يمكن لقيادة المنطقة الوسطى الامريكية أن تقوم بها في صالحنا.
ولهذا فقد كانت إسرائيل مستعدة لان تتعهد للولايات المتحدة الا تهاجم طالما كان ويتكوف يتحدث مع الأمريكيين، وان تحصل في المقابل على وعد امريكي للتنسيق والتعاون العسكري والسياسي من جانب قيادة المنطقة الوسطى الامريكية وإدارة ترامب اذا ما تقرر في النهاية في القدس وفي واشنطن بانه حانت الساعة للتوقف عن الحديث والسماح للطائرات والصواريخ ان تصخب.
الموعد الأخير الذي ذكره ترامب لتحقيق اتفاق يحل الأسبوع القادم. إضافة الى ذلك نشر قبل بضعة أيام تقرير للوكالة الدولة للطاقة الذرية يقول ان لإيران يوجد منذ الان 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب الى مستوى 60 في المئة يكفي لانتاج 10 قنابل، ستكون الأولى منها جاهزة في غضون أسبوعين – ثلاثة أسابيع. يعطي هذا التقرير الحاحا للمفاوضات الامريكية مع ايران ويزيد الخوف في اسرة الاستخبارات وجهاز الامن في إسرائيل من أن من شأن ايران ان تقتحم النووي في الزمن القريب دون اخطار وتفاجيء الجميع.
——————————————
فريدمان للإسرائيليين ويهود الشتات:
حضروا أنفسكم للعيش في دولة منبوذة عالميا ومصدر عار لا فخر
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا للمعلق اليهودي الأمريكي توماس فريدمان قال فيه إن على الإسرائيليين، ويهود الشتات، وأصدقاء إسرائيل في كل مكان أن يدركوا أن الطريقة التي تخوض بها إسرائيل حرب غزة اليوم تمهد الطريق لإعادة صياغة جذرية لكيفية رؤية العالم لإسرائيل واليهود.
وأكد على أنه “لن يكون الأمر جيدا، حيث ستصبح سيارات الشرطة والأمن الخاص أمام المعابد اليهودية والمؤسسات اليهودية هي الشكل المعهود وبشكل متزايد. وستعتبر إسرائيل، بدلا من أن ينظر إليها اليهود كملاذ آمن من معاداة السامية، محركا جديدا يولدها. وسيصطف الإسرائيليون العقلاء للهجرة إلى أستراليا وأمريكا بدلا من أن يدعوا إخوانهم اليهود في الشتات ليأتوا إلى إسرائيل. و هذا المستقبل البائس لم يتحقق بعد، ولكن إن لم تتضح معالمه لك، فأنت تخدع نفسك”.
واستدرك قائلا إنه ولحسن الحظ، يشهد عدد متزايد من طياري سلاح الجو الإسرائيلي المتقاعدين وأفراد الاحتياط، بالإضافة إلى ضباط الجيش والأمن المتقاعدين، هذه العاصفة المتصاعدة، ويعلنون أنهم لن يصمتوا أو يتواطؤوا مع سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القبيحة والعدمية في غزة. وقد بدأوا يحثون اليهود في أمريكا وأماكن أخرى على رفع أصواتهم ويصدرون ” نداء استغاثة: أنقذوا سفينتنا – قبل أن تصبح وصمة العار الأخلاقية المتفاقمة للحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة لا رجعة فيها”.
وقال إن إسرائيل دمرت قدرة حماس كتهديد عسكري وجودي قبل أشهر. وبناء على ذلك، ينبغي على حكومة نتنياهو إبلاغ إدارة ترامب والوسطاء العرب بأنها مستعدة للانسحاب من غزة على مراحل، وأن تحل محلها قوة حفظ سلام دولية/عربية/فلسطينية – شريطة أن توافق قيادة حماس على إعادة جميع الأسرى الأحياء والأموات المتبقين ومغادرة القطاع.
لكنه أضاف أنه إذا مضت إسرائيل قدما في وعد نتنياهو بإدامة هذه الحرب إلى أجل غير مسمى – سعيا لتحقيق “نصر شامل” ضد كل حمساوي، إلى جانب خيال اليمين المتطرف بتطهير غزة من الفلسطينيين وإعادة توطين الإسرائيليين فيها، فعلى اليهود في جميع أنحاء العالم أن يعدوا أنفسهم وأطفالهم وأحفادهم لواقع لم يعرفوه قط: أن يكونوا يهودا في عالم تعتبر فيه الدولة اليهودية دولة منبوذة، ومصدر عار لا فخر، كما يقول فريدمان.
ولفت إلى أنه في يوم من الأيام، سيسمح للمصورين والمراسلين الأجانب بدخول غزة دون حراسة من الجيش الإسرائيلي. وعندما يحدث ذلك، ويتضح للجميع هول الدمار هناك، فإن رد الفعل العنيف ضد إسرائيل واليهود في كل مكان قد يكون عميقا.
وقال: “لا تظنوا أن تحذيري لإسرائيل ناشئ عند عدم فهمي لما فعلته حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023″، فهي تستحق، حسبه، أن تهزم وستظل خطرا على الفلسطينيين، فما بالك بالإسرائيليين. ولكنه أكد أنه يتحدث الآن بصفته “يهوديا يؤمن بحق الشعب اليهودي في العيش في دولة آمنة في وطنه التوراتي – إلى جانب دولة فلسطينية آمنة”، مضيفا”أنا أركز الآن على قبيلتي. وإذا لم تقاوم قبيلتي لامبالاة هذه الحكومة الإسرائيلية المطلقة بعدد المدنيين الذين يقتلون في غزة اليوم – وكذلك محاولتها دفع إسرائيل نحو الاستبداد في الداخل من خلال التحرك لإقالة المدعي العام المستقل، فإن اليهود في كل مكان سيدفعون ثمنا باهظا”.
“أنا أركز الآن على قبيلتي. وإذا لم تقاوم قبيلتي لامبالاة هذه الحكومة الإسرائيلية المطلقة بعدد المدنيين الذين يقتلون في غزة اليوم – وكذلك محاولتها دفع إسرائيل نحو الاستبداد في الداخل، فإن اليهود في كل مكان سيدفعون ثمنا باهظا”
وشدد على أن التحذير هذا ليس منه بل وصدر عن عدد من الجنود والطياريين في الأسبوع الماضي. فقد نشر طياران سابقان محترمان في سلاح الجو الإسرائيلي، العميد أساف أغمون والعقيد أوري أراد (الذي كان أسير حرب في مصر خلال حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973)، رسالة مفتوحة باللغة العبرية في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، موجهة إلى زملائهما الذين ما زالوا يخدمون في سلاح الجو. وأشار إلى أن الرجلين ينتميان لـ”منتدى 555 الوطني”، وهي مجموعة مؤثرة تضم حوالي 1,700 طيارا من سلاح الجو الإسرائيلي، بعضهم متقاعد وبعضهم لا يزال يخدم في الاحتياط، وقد تشكلت في الأصل لمقاومة مساعي نتنياهو لتقويض الديمقراطية الإسرائيلية بانقلاب قضائي”.
وذكر أن قائد “منتدى 555″، وهو طيار المروحيات المتقاعد في سلاح الجو الإسرائيلي، غاي بوران، أرسل له رسالة أغمون، إن كان بإمكانه نشرها كمقال ضيف في قسم الرأي في صحيفة “نيويورك تايمز”، فأخبرهما أنه يريد نشر مقتطف منها بنفسه.
ونقل فريدمان منها: أن الموقعين على الرسالة لا يقللون من هول الهجوم الذي شنته حماس في ذلك السبت الملعون. و” نعتقد أن الحرب كانت مبررة تماما” ولكن ” مع استمرار الحرب في غزة، اتضح أنها فقدت أهدافها الاستراتيجية والأمنية، وأنها خدمت في المقام الأول المصالح السياسية والشخصية للحكومة. وهكذا أصبحت حربا لا أخلاقية بلا شك، وبدت بشكل متزايد وكأنها حرب انتقام”. وقالوا إن سلاح الجو أصبح سلاح الجو أداة في أيدي من يدعون، في الحكومة وحتى في الجيش، أنه لا يوجد أبرياء في غزة، حتى أن أحد أعضاء الكنيست تفاخر مؤخرا بأن أحد إنجازات الحكومة هو القدرة على قتل 100 شخص يوميا في غزة دون أن يصدم هذا أحدا. وردوا قائلين إنه مهما كان هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر مروعا “فإنها لا تبرر الاستخفاف التام بالاعتبارات الأخلاقية أو الاستخدام غير المتناسب للقوة المميتة. لا نريد أن نصبح مثل أسوأ أعدائنا”. وأشاروا إلى ليلة 18 آذار/ مارس، مع استئناف الحرب بعد أن اختارت الحكومة الإسرائيلية، عمدا، انتهاك اتفاق إعادة الأسرى. في غارة جوية قاتلة كانت تهدف إلى قتل عدد من قادة حماس (تختلف التقارير حول عددهم بالعشرات أو أقل)، سجل رقم قياسي جديد. وأسفرت الذخائر التي أسقطها طيارو سلاح الجو على الهدف عن مقتل ما يقرب من 300 شخص، بينهم العديد من الأطفال. ولم يقدم حتى الآن أي تفسير مرض للنتيجة المروعة للهجوم.
ثم قال فريدمان إنه وبعد ساعات قليلة من استلامه للرسالة، أرسل له نمرود نوفيك، كبير مستشاري السياسة الخارجية لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شمعون بيريز، رسالة مفتوحة أخرى، مؤرخة في 8 حزيران/ يونيو. كانت هذه الرسالة من “قادة من أجل أمن إسرائيل”، تحث اليهود في الشتات على رفع أصواتهم ضد الجنون في غزة قبل أن يستهلكهم أيضا. وجاء في جزء منها: “بصفتنا “قادة من أجل أمن إسرائيل”، وهي حركة تضم أكثر من 550 مسؤولا كبيرا متقاعدا من أجهزة الدفاع والأمن والدبلوماسية الإسرائيلية، كانت مهمتنا مدى الحياة هي تأمين مستقبل إسرائيل كوطن قوي وديمقراطي للشعب اليهودي. أدت الأحداث الأخيرة إلى نقاشات حامية وأحيانا مؤلمة، داخل المجتمعات اليهودية في جميع أنحاء العالم، وبخاصة فيما يتعلق بالوضع في غزة. وقد أعرب الكثيرون في الشتات عن مخاوفهم علنا. ونتيجة لذلك، واجه البعض انتقادات لاذعة، واتهامات بإضعاف إسرائيل، ويقال لهم إن على من يعيشون في الخارج أو لا يخدمون في جيش الدفاع الإسرائيلي التزام الصمت. نرفض رفضا قاطعا فكرة وجوب التزام يهود الشتات الصمت حيال الأمور المتعلقة بإسرائيل، لمن يخشون أن يقوض النقد العلني إسرائيل، نقول إن الحوار المفتوح والصادق لا يعزز إلا ديمقراطيتنا وأمننا”.
وفي تعليقه على الرسالتين قال فريدمان إنه يضم صوته إلى أصواتهم باعتبارها الطريقة الوحيدة لدعم إسرائيل، ثم دعا إلى حركة مماثلة ضد حماس ممن يؤيدون الدولة الفلسطينية والحل السلمي في غزة.
—————–انتهت النشرة—————–