المسار …
جاء في مقال للكاتب جيم كافانا، نشره موقع “كاونتربانتش” التقدمي الأمريكي عن حرب الولايات المتحدة/إسرائيل/إيران إن “الأهم هنا هو أن يفهم الجميع ماهية هذا الصراع”، موضحًا: “لقد توقعتُ حدوثها وقلتُها مباشرةً بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في مقال “حل إسرائيل لغزة: حرب على إيران”. وأشعر بالتعب والاكتئاب الشديدين لرؤية حدوثها كما لو كان حتميًا”.
يقتبس الكاتب مقطعًا قصيرًا لأستاذ الأدب الإنجليزي في جامعة طهران العريقة، سيد محمد مرندي، يُعبّر فيه عن ذلك بوضوح، إذ قال: “القضية الحقيقية ليست البرنامج النووي الإيراني. القضية الحقيقية بالنسبة للولايات المتحدة هي دعم إيران للشعب الفلسطيني. هذا كل شيء… القضية بالنسبة للولايات المتحدة هي فلسطين”.
بحسب مرندي: “الولايات المتحدة تريد من إيران إنهاء دعمها لفلسطين. إنها تريد أن تكون إيران مثل تركيا… أو الإمارات، أو مصر، أو الأردن، أو المغرب، أو لا يهم، ان تنتقد النظام الإسرائيلي، ولكن في نهاية المطاف لا تفعل شيئًا في الواقع لمعارضة هيمنته وسيطرته.”
ويتابع كاتب المقال بناء على ذلك: “القضية ليست الأسلحة النووية، وعلينا أن نتوقف عن تصديق أي محاولة لتركيز الاهتمام العام عليها. القضية هي فلسطين – أو بعبارة أخرى، الصهيونية. إنها تتعلق بالصهيونية. إنها تتعلق بإجبار إيران – الدولة القومية القوية المتبقية في المنطقة والتي لم تقدم بعد على القبول النهائي بالمشروع الاستعماري الصهيوني القائم على طرد الشعب الفلسطيني وإبادته، والذي يجري تنفيذه في غزة والضفة الغربية. إنها في الواقع عملية تغيير نظام ضد إيران، والهدف الأساسي منها – الشيء الوحيد الذي يجب تغييره في النظام – هو أن تقبل إيران المشروع الصهيوني، مما يعني التخلي عن دعم التحرير الفلسطيني، وقبول إسرائيل كقوة إقليمية مهيمنة بلا منازع، والتخلص من أي قدرة عسكرية تسمح بمقاومة فعالة لأي عدوان، بما في ذلك ضد الفلسطينيين، قد ترغب إسرائيل في القيام به”.
وفقًا للمقال: “لن تهتم الولايات المتحدة إن كانت إيران إسلامية أم علمانية، ثيوقراطية أم ديمقراطية، أو إن كان على النساء ارتداء الحجاب أو البرقع أو التنانير القصيرة. سيختفي كل هذا الهراء حول الديمقراطية وحقوق المرأة والليبرالية العلمانية. حتى الطاقة النووية المدنية ستُسمح بها. وحتى إذا استسلمت إيران في القضية النووية وأعلنت أنها ستتخلى عن جميع أنشطة التخصيب النووي، فستظل معرضة للهجوم. ولكن، إذا، وفقط إذا، استسلمت إيران بقبول المشروع الصهيوني وتركت الفلسطينيين لأي مصير تريد إسرائيل إيقاعه بهم (الإبادة والطرد، كما نرى جميعًا)، فسيتوقف الهجوم على إيران”.
يتوقف الكاتب عند تصريح بنيامين نتنياهو: “نريد ثلاث نتائج رئيسية: القضاء على البرنامج النووي، والقضاء على القدرة على إنتاج الصواريخ الباليستية، والقضاء على محور الإرهاب. سنبذل قصارى جهدنا لتحقيق هذه الأهداف، وقد نسقنا جيدًا مع الولايات المتحدة”. ويتابع: “بالفعل، تعكس مذكرة ترامب الرئاسية للأمن القومي تلك المطالب الإسرائيلية الثلاثة، وهي أنه يجب حرمان إيران من السلاح النووي والصواريخ الباليستية العابرة للقارات؛ ويجب تحييد الشبكة الإرهابية الإيرانية؛ ويجب مواجهة التطوير العدواني الإيراني للصواريخ، فضلاً عن قدرات الأسلحة غير المتماثلة والتقليدية الأخرى”.
ويخلص إلى أن “الولايات المتحدة وإسرائيل لا تحاولان دفع إيران إلى إنهاء برنامج الأسلحة النووية الذي لا تملكه؛ بل تطالبان إيران بالتخلي عن قدراتها الصاروخية والعسكرية المتطورة للغاية ودعمها لجماعات المقاومة الفلسطينية (“الشبكة الإرهابية”). إنهم يطالبون إيران بالتخلي عن معارضتها المبدئية للاستعمار الصهيوني ودعمها للشعب الفلسطيني، ونزع سلاحها إلى درجة تجعلها عاجزة عن الدفاع عن نفسها في وجه أي هجوم إسرائيلي، واتخاذ موقف الخضوع التام لإسرائيل. تسعى إسرائيل إلى هذا المستوى من الخضوع لأنها ترى أنه ضروري لحماية تطهيرها العرقي الإبادي للشعب الفلسطيني وتأمين مستقبل المشروع الصهيوني. ولكن، كما يقول سيد محمد مرندي، “لن تفعل إيران ذلك. لن تقايض إيران دعمها للشعب الفلسطيني” من أجل الحصول على قبول الولايات المتحدة والغرب الصهيوني – وهو فصيل من المجتمع الدولي في حالة تراجع وليس لديه الكثير ليقدمه على أي حال”.
ويقدّر الكاتب أنه “إذا انتهى الصراع، أو حتى توقف إلى أجل غير مسمى، دون أن تقدم إيران أي تنازلات بشأن التخصيب النووي أو الصواريخ أو دعم المقاومة الفلسطينية، فستكون إسرائيل والولايات المتحدة قد مُنيتا بهزيمة نكراء، وستكون الصهيونية في حالة تراجع استراتيجي. أما إذا انتهى الأمر بتنازل إيران عن أي من هذه الأمور – والتنازل “فقط” بحجة التخصيب النووي لن يُسهم إلا في تمهيد الطريق للتنازلات – فستكون إيران قد هُزمت، وستُجبر على قبول الهيمنة الإسرائيلية، وستكون على طريق التفكك السياسي”.