
فندت مقاطع فيديو مصورة ادعاءات إسرائيل عن سيطرة حركة حماس على توزيع المساعدات الإنسانية على الفلسطينيين المجوّعين شمالي قطاع غزة.
وتضمنت المقاطع، مشاهد لدخول عشرات شاحنات مساعدات برنامج الأغذية العالمي التابع لهيئة الأمم المتحدة، إلى شمالي القطاع بعد نجاح تأمين وصولها لأول مرة الأربعاء، منذ شهور من قبل عناصر محلية تتبع للعائلات والعشائر في غزة، وبدء توزيعها الخميس، بإشراف مؤسسات دولية وجمعيات شريكة.
وشاركت العشائر الفلسطينية، الأربعاء، في تأمين وصول شاحنات محملة بمساعدات إنسانية إلى مخازن برنامج الأغذية العالمي بمدينة غزة، خشية تعرضها لنهب من عصابات تقول جهات حكومية إنها تعمل “تحت غطاء الجيش الإسرائيلي”.
ومنذ صباح الخميس، اصطف مئات الفلسطينيين في مدينة غزة أمام عدد من مراكز توزيع المساعدات للحصول على طرود غذائية وأكياس من الطحين (زنة 50 كغم)، بإشراف برنامج الأغذية العالمي التابع لهيئة الأمم المتحدة، بعد أن تلقوا رسائل نصية عبر هواتفهم بتفاصيل آلية التوزيع.
ويعود هذا المشهد في غزة إلى الواجهة للمرة الأولى بعد انقطاع منذ مطلع آذار/ مارس الماضي، حين أغلقت إسرائيل جميع المعابر مع قطاع غزة ومنعت إدخال المساعدات والمواد الغذائية بشكل كامل.
ومنذ 27 أيار/ مايو الماضي، اقتصر توزيع المساعدات على ما تُعرف بـ”مؤسسة غزة الإنسانية” المدعومة أميركيا وإسرائيليا عبر عدد من النقاط المحدودة جنوبي ووسط القطاع.
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت تل أبيب منذ 27 أيار/ مايو الماضي، توزيع مساعدات إنسانية عبر ما تُسمى “مؤسسة غزة الإنسانية”، وهي مرفوضة من الأمم المتحدة.
ويتم توزيع المساعدات في “مناطق عازلة” جنوبي ووسط غزة، لكن سجل المخطط مؤشرات متزايدة على الفشل، إذ توقف التوزيع مرارا بسبب تدفق أعداد كبيرة من المجوعين وإطلاق الجيش الإسرائيلي النار على الحشود.
“توزيع منظم”
ومن داخل أحد مراكز توزيع المساعدات بمدينة غزة، عبر عدد من الأهالي عن سعادتهم بالعودة لـ”الآلية المنظمة” لإدخال وتوزيع المساعدات بعد شهور من الحرمان والمعاناة.
وقال مدير برنامج التوزيع بمؤسسة “إنقاذ المستقبل”، حسام حميد، إن دورهم “يتمثل في المساعدة بعملية توزيع المساعدات من خلال تجهيز قوائم المستفيدين عبر نظام التسجيل الذاتي المعتمد مسبقا لدى برنامج الأغذية العالمي”.
وأضاف حميد، أن “المستفيدين يتلقون رسائل عبر هواتفهم بموعد وتاريخ التسليم، بما يحافظ على النظام والسلاسة في عملية التوزيع، ويحفظ كرامة المواطنين”.
ومن جانبها، قالت المسنة أم محمود نويجع، إنها توجهت لمركز التوزيع لاستلام عبوة الطحين بعد تلقيها رسالة عبر الهاتف بذلك، معربة عن سعادتها “الغامرة” عند سماعها نبأ نجاح تأمين المساعدات والبدء بتوزيعها.
وأوضحت المسنة أنها أرملة وترعى تسعة من أبنائها وأحفادها الأيتام، مشيرة إلى أنها “لم تتلقّ أي مساعدة من هذا النوع منذ خمسة أشهر”.
وقالت “طوال هذه الفترة وأنا أبكي دما بدل الدموع، في ظل الحاجة الشديدة للقمة العيش وحرماننا منها، خاصة في ظل عدم وجود مصدر رزق أو معيل لي ولعائلتي”.
وتابعت “صرخت من شدة الفرح عندما وصلتني رسالة تفيد بحصولي على هذه المساعدة”.
“آمل باستمرار المساعدات”
من جهتها، قالت إحدى النساء في المكان إن “الفقر والحاجة في غزة بلغا حالة سيئة جدا، بسبب الحرب الإسرائيلية وما خلفته من غلاء فاحش وانقطاع للموارد المالية لغالبية السكان”.
وأضافت، خلال اصطفافها في طابور النساء انتظارا لاستلام المساعدات من دون أن تذكر اسمها، أنها أطلقت الزغاريد فرحا عندما وصلتها رسالة التوجه لاستلام المساعدة.
وعبرت السيدة الستينية عن أملها في “استمرار هذه الآلية ووصولها لجميع الأسر والسكان في القطاع”، مضيفة “هذا ما نريد أن يستمر بدلا من موت أبنائنا في طريق سعيهم للحصول على المساعدات” (وفق الآلية الإسرائيلية الأميركية).
“تكريس الفوضى”
بدوره، اتهم رئيس “شبكة المنظمات الأهلية” بقطاع غزة، أمجد الشوا، إسرائيل، بـ”السعي لتكريس الفوضى والعنف عبر تعزيز السيطرة على عملية توزيع مساعدات إنسانية شحيحة تحت وطأة إبادة جماعية مستمرة”.
وقال الشوا، إن “إسرائيل تسعى لتكريس حالة الفوضى واللا نظام في غزة، ولا تريد لعملية توزيع المساعدات أن تكون ضمن معايير العمل الإنساني عبر مراكز توزيع وقواعد بيانات”.
وعلق الشوا على قرار إسرائيل بمنع وصول المساعدات إلى شمال قطاع غزة “حسب ما شهدناه، فإن تأمين دخول شاحنات مساعدات لشمالي غزة أمس كان نتيجة جهود بعض العشائر والعائلات”، مضيفا أن “المساعدات وصلت إلى مخازنها، وبدأ توزيعها عبر بعض المؤسسات وفق قوائم وبيانات معتمدة لديها سابقا”.
وتابع “تريد إسرائيل تخريب منظومة العمل الإنساني بغزة من خلال منع دخول المساعدات عبر الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية، وتحل محلها الشركة الأمنية الأميركية، وبالتالي خلق عنف داخلي بين المواطنين بغزة”.
وشدد الشوا، على ضرورة “تعزيز دور المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وخاصة الأونروا، وكذلك المنظمات الأهلية والدولية التي قامت بعملها على مدى عقود في غزة”.