كتب نايف زيداني … إبادة غزة تلاحق الإسرائيليين… منبوذون وملاحقون حول العالم

Loai Loai
5 Min Read

المسار : يجد الإسرائيليون أنفسهم في وضع صعب على الساحة الدولية وغير مرحب بهم في أماكن كثيرة إلى حد مهاجمة السياح الإسرائيليين وطردهم، بسبب حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة. وتتصاعد هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة، على نحو ملموس، خاصة في ظل مشاهد التجويع والتقارير المتواترة في وسائل إعلام حول العالم، عن موت أطفال ومدنيين جوعاً. وفيما تحاول دولة الاحتلال الإسرائيلي، تسويق الحاصل، على أنه معاداة للسامية، بدأت مثل هذه المزاعم تفقد “بريقها”. واعتبرت تقارير عبرية عدة، في الأيام القليلة الماضية، أن الإسرائيليين باتوا منبوذين ويواجهون عزلة دولية.

ورغم أن كل ذلك لا يعيد روح طفل قضى في حرب الإبادة والتجويع التي تشنّها إسرائيل على القطاع، فإنه يهزّ المجتمع الإسرائيلي، وحتى وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي بدأت بعضها أخيراً تتحدث عن الإبادة في غزة، بعد تجاهل على مدار عامين تقريباً، وتماهيها التام مع المؤسسة الرسمية، بل وتحريضها أحياناً على الفتك أكثر بالغزيين.

واستعرضت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم الثلاثاء، مواقف من الأيام القليلة الماضية، منها لتوقف أب وابنه، وهما يهوديان من فرنسا، لتناول مشروب في محطة وقود على الطريق السريع في إيطاليا. وكان الولد يضع قلنسوة، وفجأة تهجم عليهما تقريباً جميع من في المحطة وهم يصرخون: “حرروا فلسطين”، و”قتلة”. ورد الأب بالمقابل: “شعب إسرائيل حي”، ما قد يعني أنه إسرائيلي أيضاً.

قبل ذلك، جلس ثلاثة عازفين إسرائيليين في مطعم بمدينة فيينا، حين سألهم النادل عن اللغة التي يتحدثون بها، وعندما أجابوا “العبرية”، جرى طردهم من المكان، دون أن يدافع عنهم أي شخص من الزبائن. قبل ذلك بيوم، عض مهاجر سوري سائحاً إسرائيلياً على شاطئ البحر قرب أثينا، مما تسبب بفقدانه جزءاً من أذنه.

وقبل يومين من ذلك، تعرض شابان إسرائيليان في رودوس، لـ”ضرب وحشي”، كما اضطرت سفينة “مانو سفنوت” السياحية إلى مغادرة جزيرة سيروس بسبب متظاهرين مؤيدين لفلسطين كانوا بانتظارها عند الميناء. وفي مهرجان “تومورولاند” في بلجيكا، قام تنظيم “معاد للسامية” وفق الصحيفة، بـ”اصطياد” جنديين إسرائيليين واتهمهما بارتكاب جرائم حرب. وأمس الاثنين، حاول متظاهرون مؤيدون لفلسطين منع سفينة تحمل سائحين إسرائيليين من الرسو في جزيرة رودوس اليونانية.

وتتخطى حالة العزلة النطاق الشعبي إلى الرسمي، حيث عقدت المفوضية الأوروبية جلسة، الاثنين، نوقش فيها توصية لتعليق جزئي لوصول إسرائيل إلى برنامج تمويل الأبحاث العلمية “هورايزون 2020”. وتأتي هذه الخطوة بعد أن أعربت دول عدة في الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي عن أن دولة الاحتلال الإسرائيلي لا تفي بالتزاماتها الإنسانية تجاه غزة، وطالبت المفوضية بتقديم خيارات ملموسة على الطاولة. وحتى ألمانيا، التي تُعتبر صديقة لإسرائيل، دعمت هذه الخطوة.

ويتزايد القلق الإسرائيلي، وفق الصحيفة ذاتها، من مبادرات منظمات دولية أخرى لإبعاد إسرائيل عن الفيفا وعن مسابقات رياضية مختلفة، مما قد يضعها في الوضع نفسه الذي وصلت إليه روسيا، التي استبعدت من جميع المسابقات المرموقة. إلى جانب ذلك، هناك أيضاً محاولات لإقصاء إسرائيل من مسابقة اليوروفيغن الغنائية الأوروبية. وبات وضع إسرائيل صعباً في ساحة المقاطعة، كما أن المقاطعات الأكاديمية والثقافية في ازدياد.

وتشير وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن العزلة السياسية تتزايد أيضاً، سواء في المؤسسات الدولية أو في الساحة الثنائية، لافتة إلى انتقادات في الولايات المتحدة بسبب إطلاق العنان لإرهاب المستوطنين في الضفة. كما تحدثت تلك الوسائل عن الانتقادات لسياسة التجويع داخل المجتمع اليهودي الأميركي.

وبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالدفع نحو الاعتراف بدولة فلسطينية، ويمارس ضغوطاً على بريطانيا وكندا للانضمام إليه، فيما تأمل إسرائيل إحباط هذه المبادرة بمساعدة الولايات المتحدة، لكن من غير المؤكد أنها ستنجح. وورد تقرير الليلة الماضية، يفيد بأن رئيس الوزراء البريطاني يعتزم تقديم خطة لإنهاء الحرب في قطاع غزة، والتي ستشمل أيضاً الاعتراف بدولة فلسطينية. ومن المحتمل أن تنضم دول أخرى إلى خطوة فرنسا، مثل أستراليا، ونيوزيلندا، والبرتغال، ومالطا.

وكان رئيس وزراء هولندا، ديك شوف، قد وعد الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ بأنه لن يدعم فرض عقوبات تجارية على إسرائيل، لكنه غرّد أمس مؤيداً العقوبات في حسابه على منصة إكس، مما دفع الرئيس إلى مهاجمته في مواجهة غير مسبوقة بين هرتسوغ ورئيس حكومة تُعتبر صديقة لإسرائيل. ويضاف إلى ذلك إعلان هولندا، اليوم الثلاثاء، أن الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير غير مرحب بهما.

بالمقابل، اعتبرت الكاتبة والصحافية الإسرائيلية أورلي أزولاي، في مقال انتقدت فيه الولايات المتحدة وإسرائيل وتحويلهما غزة إلى مكان لتجربة الأسلحة الجديدة وتجويع الأطفال والأبرياء، بأن العزلة والعداء للإسرائيليين حول العالم، في هذه الفترة، “ليس معاداة للسامية”، مضيفة أنه “في مواجهة العار (الإسرائيلي) في غزة، تطور غضب دولي ضد الصهيونية وضد الهوية الإسرائيلية. اليهود، أينما كانوا، يعانون بسبب أفعال إسرائيل وعدم اكتراث ترامب. البلادة التي تميّز ترامب ونتنياهو هي التي أنجبت هذا الشر”.

Share This Article