اعتقالات بالجملة بتظاهرة مؤيدة لـ”بالستاين أكشن”.. وصوت الصمت: لسنا إرهابيين

Loai Loai
8 Min Read

المسار : نشرت صحيفة “أوبزيرفر” تقريراً أعدّه جون سيمبسون، محرر الشؤون المحلية، حول تظاهرة التأييد الصامتة لحركة “بالستاين أكشن” التي عقدت في ساحة البرلمان يوم السبت وجلبت إليها مئات من المحتجين على قرار الحكومة حظر المنظمة السلمية بموجب قانون الإرهاب الصادر عام 2000. وقال فيه: “واحداً بعد الآخر، أخذتهم الشرطة بعيداً، كان بعضهم محمولاً ومشى آخرون. وفي كل حالة قرأ الضباط أمامهم حقوقهم قائلين: نحن نعتقلكم بموجب قانون الإرهاب”. وسئل الكثير من المحتجين الصامتين في ساحة البرلمان إن كانوا قادرين على مشي المسافة القصيرة إلى عربة الشرطة. وفي الساعة الواحدة ظهراً بدأ المتظاهرون بإخراج أقلام التخطيط وكتبوا العبارة المحظورة “أدعم بالستاين أكشن”. وانطلقت ساعة بيغ بن في وقت ارتكب فيه المئات الجريمة: كتابة الحبر على الورق المقوى.

هانا كوليسون: من السخف وصفنا بالإرهابيين، وإذا كان هذا ما يجب أن يحدث اليوم لحمل هذه الحكومة على التحرك فأنا مستعدة لذلك

وبعد ذلك بوقت قصير جاء فريق من قوات شرطة لندن، الذين لم يكونوا يرتدون ملابس الشغب، وتقدموا من المتظاهرين الذين كانوا يجلسون وظهورهم إلى قصر ويستمنستر. وقد جلس ما بين 600 و700 محتجا في الساحة صامتين. وتم اعتقالهم الواحد بعد الآخر، حيث وصل عدد المعتقلين بنهاية اليوم إلى 466 شخصا. ولوح شرطي شاب بلافتة الجريمة أمام رجل قائلا: “لقد رفعت علامة مكتوب عليها: أرفض الإبادة الجماعية وأدعم بالستاين أكشن، والآن أصبحت بالستاين أكشن محظورة بموجب البند 12 من قانون الإرهاب عام 2000، ولهذا السبب أقوم باعتقالك اليوم”. فرد الرجل ببساطة: “أنا لست إرهابيا”، فيما رد المحتجون الغاضبون: “إنكم تقومون باعتقال ضمير البلد”. وكان من بين المعتقلين العالم البيئي سير جوناثان بوريت والسجين السابق في غوانتانامو، معظم بيغ، الذي يدير مؤسسة الدفاع عن السجناء “كيج”.

ونقلت الصحيفة عن جون وودكوك، المستشار للحكومة السابق وأول من دعا إلى حظر بالستاين أكشن، أن المظاهرة هي “محاولة لتقويض القانون وغمر نظام العدالة الجنائية” و”لا يمكن السماح بنجاحها”. ويقول سيمبسون إن المشهد كان بعيدا كل البعد عن أحداث الإرهاب التي ضربت البلاد قبل عشرين عاما في 7 تموز/يوليو، وأبعد عن المطارق والمخالع والغارات التي استخدمتها بالستاين أكشن في هجماتها على شركة تصنيع الأسلحة الإسرائيلية “إلبيت سيستمز” والطلاء الأحمر في الهجوم المعروف الآن على قاعدة سلاح الجو الملكي البريطاني بريز نورتون في حزيران/يونيو.

وكان من بينهم ممرضون وأطباء ومهندسون معماريون ومعلمون، معظمهم متقاعدون وكثير منهم من قدامى الناشطين في قضايا مثل حركة “إكستنشن ريبليون”. وكان من بينهم جدد، حيث قالت هانا كوليسون، وهي موظفة استقبال في عيادة طبيب عام، إنها مثل كثيرين شاركت في مسيرات ومظاهرات وطنية على مدار الـ22 شهرا الماضية. وقالت: “أنا هنا لأنني أعارض الإبادة الجماعية”، مضيفة أنها شعرت أن الحكومة لا تبذل جهدا كافيا لوقف القصف الإسرائيلي على غزة وتجويع سكان القطاع. وقالت: “من السخف وصفنا بالإرهابيين” و”إذا كان هذا ما يجب أن يحدث اليوم لحمل هذه الحكومة على التحرك، فأنا مستعدة لذلك”.

وبدت إحدى المتظاهرات الأصغر سنا، في الثلاثينيات من عمرها، ترتجف بشكل واضح وهي تنتظر الاعتقال. وقالت لو، وهي مصورة في مجال السينما والتلفزيون، إنها لم تشارك قط في احتجاج مباشر أو تعتقل. وكتبت على ذراعها رقم محام للدفاع عنها، وكانت تدرك أن الاعتقال قد يؤثر على مستقبلها الوظيفي وقدرتها على السفر، مضيفة: “أعتقد أن استخدام كلمة إرهاب بهذه الطريقة أمر خطير”. وأثار تطبيق القانون مخاوف بين أفراد الشرطة، الذين واجهوا أمس وابلاً من الأسئلة حول سلوكهم، حيث هتف المتظاهرون: “عار عليكم”، ودعوهم إلى الاستقالة.

وحمل أحد المتظاهرين صورة لرزان أبو زهر، البالغة من العمر أربع سنوات، من غزة، والتي بدت مثل هيكل عظمي وتوفيت بسبب مضاعفات سوء التغذية، وعرضها على الضباط الذين كانوا يحيطون بالجدار.

ونقلت “أوبزيرفر” عن مصدر في اتحاد الشرطة قوله: “قد يكون تصنيف بالستاين أكشن كمنظمة محظورة غير عملي من الناحية الشرطية، إنه مجرد عبء إضافي على الضباط”. ومن المفهوم أنه، مع سعي شرطة العاصمة جاهدة لضمان عدم غمر نظام الاحتجاز في لندن، تم التعامل في مشاركة المتظاهرين وهم في الزنازين. وفي النهاية، تم نقلهم إلى مراكز استقبال مؤقتة في الهواء الطلق، وأطلق سراح من قدموا هويات قابلة للتحقق بكفالة من الشرطة، بشرط عدم مشاركتهم في مظاهرات مماثلة.

وحدث شجار خلال احتجاج مضاد صغير ضم حوالي ستة أشخاص يقفون وسط الحشد. رفعوا عددا من اللافتات التي تتهم حركة فلسطين بإرهاب بريطانيا وتلقي باللوم على “حماس” في الفظائع في غزة، قبل أن تبعدهم الشرطة. وغنت مجموعة من الحشد أغنية “سننتصر”، بينما اقتاد الضباط المتظاهرين المؤيدين لإسرائيل بعيدا.

وجلس أنتوني وايتسون، البالغ من العمر 76 عاما، وهو محلل متقاعد في تكنولوجيا المعلومات وجد، وكان مرتديا قبعة يهودية وسلسلة عليها نجمة داوود معلقة حول عنقه. قال: “بالنسبة لي، هذا جزء مما يعنيه أن تكون يهوديا، أن تتخذ إجراء ضد الإبادة الجماعية في ظل نظام يتصرف كمرتكبي الهولوكوست”. وأضاف أنه لم يعتقل من قبل، وأن زوجته، التي تزوجها منذ 50 عاما، كانت حاضرة في مسيرة حملة التضامن مع فلسطين القريبة، وعندما سئل عن شعوره حيال وصمه بالإرهاب، قال: “إنها مجرد نكتة. تقول إيفيت كوبر إنها من معجبات حركة السفرجيت [المطالبات بحق المرأة بالتصويت]، لا أعتقد أنهن كن سيقدرنها كثيرا”.

أنتوني وايتسون: بالنسبة لي، هذا جزء مما يعنيه أن تكون يهوديا، أن تتخذ إجراء ضد الإبادة الجماعية في ظل نظام يتصرف كمرتكبي الهولوكوست

ومع ذلك، لم تؤثر الاحتجاجات كثيرا على قرار وزيرة الداخلية. شددت كوبر أمس على موقفها، مؤكدة أن حظر الحركة “لا علاقة له بفلسطين” ولا بالاحتجاج نفسه. وقالت ليلة أمس إن حركة “بالستاين أكشن” حظرت بناء على استشارة أمنية بعد هجمات خطيرة شنتها المجموعة وشملت عنفا وإصابات بالغة وأضرارا جنائية جسيمة. وقد لا يدرك الكثيرون حقيقة هذه المنظمة، لكن التقييمات واضحة جدا: إنها ليست منظمة سلمية. يجب أن يكون الأمن القومي والسلامة العامة في بريطانيا على رأس أولوياتنا دائما.

ومع ذلك، يبدو أن الاعتقالات المتعلقة بدعم منظمة “بالستاين أكشن”، والتي تجاوزت أمس إجمالي الاعتقالات المتعلقة بالإرهاب لعام 2024 بأكمله، تؤثر على بعض أعضاء البرلمان. وقال أحد نواب المقاعد الخلفية، والذي صوت لصالح القانون: “من الواضح أن هذا ليس ما صمم من أجله التشريع. قيل لنا إن الأجهزة الأمنية هي من طلبت ذلك، وعلينا في النهاية أن نثق في أن لديهم معلومات لا نملكها تدعم هذا القرار. أعتقد أن الأمر كان بهذه الأهمية. لقد وصلنا إلى مرحلة يفترض بنا فيها أن نصدق أن المدافعين عن الحقوق هم إرهابيون”.

وأضاف أنه يبدو الآن أن هناك حاجة إلى وضع تشريع أكثر ملاءمة للتعامل مع جماعات العمل المباشر التي ترتكب أعمال تخريب خطيرة وتتسبب في أضرار جنائية واسعة النطاق. ومن بين المشاركين من المتظاهرين، كان راجان نايدو، 74 عاما، وهو ناشط مخضرم في مجال العدالة الاجتماعية، قد شارك سابقا في حيلة لتغطية معلم “ستونهنج” السياحي بالبودرة، مع منظمة “جاست ستوب أويل”. وقال: “لقد وصلنا إلى مرحلة يطلق فيها على الإرهابيين اسم صانعي السلام الذين يقتلون دفاعا عن النفس، ويفترض بنا أن نصدق أن المدافعين عن حقوق الإنسان إرهابيون”.

وقال تيم كروسلاند، من منظمة “الدفاع عن هيئات المحلفين”، الذي نظم الاحتجاج، أمس: “السياق رهيب جدا لدرجة أنه لا يبدو من الصواب القول إن الأمور سارت على ما يرام، ولكن كان لدينا عدد أكبر من الناس مما توقعنا. لن نرحل”.

Loading

Share This Article