المسار : نشرت صحيفة “التايمز” تقريراً حصرياً أعده ديفيد تشارتر، قال فيه إن الولايات المتحدة وروسيا اقترحتا احتلالاً للمناطق الأوكرانية على غرار احتلال إسرائيل للضفة الغربية.
سيكون الأمر كما لو أن إسرائيل تحتل الضفة، مع إدارة ووضع اقتصادي موجه نحو روسيا. ستبقى أوكرانيا دولة قائمة، لكنها عملياً ستكون أرضاً محتلة، والنموذج هو فلسطين
وأضافت الصحيفة أن روسيا والولايات المتحدة ناقشتا نموذجاً لإنهاء الحرب في أوكرانيا، يقوم على محاكاة السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967. وبموجب هذا السيناريو، ستحظى روسيا بسيطرة عسكرية واقتصادية على الأراضي الأوكرانية الخاضعة لسيطرتها، من دون تغيير الحدود الرسمية للدولة.
وأوضحت الصحيفة أن هذه الفكرة أُثيرت قبل أسابيع في مناقشات بين ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس ترامب للسلام، ونظرائه الروس، وفق مصدر مقرب من مجلس الأمن القومي الأمريكي. ويُعتقد أن ويتكوف، المكلّف أيضاً من قبل ترامب بإحلال السلام في الشرق الأوسط، يؤيد هذا الطرح الذي يتجاوز العقبات الدستورية في أوكرانيا، والتي تمنع التنازل عن الأراضي من دون استفتاء شعبي.
ورفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تسليم الأراضي، إلا أن نموذج “الاحتلال” قد يشكّل آلية لهدنة بعد ثلاث سنوات ونصف من الحرب، بحيث تبقى الحدود الأوكرانية ثابتة، كما هو الحال في الضفة الغربية منذ 58 عاماً تحت السيطرة الإسرائيلية.
وقال المصدر، قبل قمة ترامب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا يوم الجمعة: “سيكون الأمر كما لو أن إسرائيل تحتل الضفة الغربية، مع إدارة ووضع اقتصادي موجه نحو روسيا. ستبقى أوكرانيا دولة قائمة، لأنها لن تتنازل عن سيادتها، لكنها عملياً ستكون أرضاً محتلة، والنموذج هو فلسطين”.
من جهتها، نفت آنا كيلي، نائبة السكرتير الصحافي للبيت الأبيض، صحة التقرير، قائلة: “هذه أخبار كاذبة تماماً وتقارير غير دقيقة من صحيفة “التايمز”، التي من الواضح أن لديها مصادر سيئة. لم تتم مناقشة أي شيء من هذا القبيل مع أي طرف في أي وقت”.
وتطرقت الصحيفة إلى قرار محكمة العدل الدولية الذي اعتبر احتلال إسرائيل للضفة الغربية غير قانوني، وهو قرار لا تعترف به الولايات المتحدة، فيما تقبله روسيا جزئياً. كما ذكرت أن المحكمة أمرت روسيا، في مارس/آذار 2022، بوقف العمليات العسكرية فوراً في أوكرانيا، بقرار أغلبية (13 صوتاً مقابل صوتين)، إلا أن المحكمة لا تملك وسائل لتنفيذه.
كذلك، كانت الأمم المتحدة قد طالبت إسرائيل بإنهاء احتلالها في قرار للجمعية العامة في سبتمبر الماضي، بأغلبية 124 دولة مقابل 14 دولة، وامتناع 43 دولة عن التصويت. ودعا القرار إلى سحب القوات الإسرائيلية خلال 12 شهراً ووقف الاستيطان الجديد وإجلاء المستوطنين وتفكيك أجزاء من الجدار العازل داخل الضفة الغربية، غير أن إسرائيل تجاهلت القرار، فيما امتنعت بريطانيا عن التصويت.
ويرى بعض المفاوضين الأمريكيين أن هذه النتيجة بشأن الأراضي الأوكرانية المحتلة تعكس واقع الحرب ورفض المجتمع الدولي الانخراط المباشر في قتال روسيا. وبناءً على ذلك، فإن ما تبقى هو تحديد الحدود الدقيقة للاحتلال الروسي، وهو ما يسعى بوتين لتوسيعه قدر الإمكان قبل محادثاته مع ترامب في ألاسكا.
آنا كيلي: هذه أخبار كاذبة تماماً وتقارير غير دقيقة من “التايمز”، التي من الواضح أن لديها مصادر سيئة
ويعكس هذا السيناريو النظرة الواقعية التي عبّر عنها سيباستيان غوركا، المسؤول السابق في إدارة ترامب، حين قال في مقابلة مع مجلة بوليتيكو في مايو/أيار: “نحن نعيش في العالم الحقيقي. إدارة ترامب تدرك الواقع على الأرض. لسنا مثاليين ولا مؤمنين باليوتوبيا، بل أولويتنا وقف إراقة الدماء، سواء في الشرق الأوسط أو أوكرانيا، وكل شيء آخر يأتي بعد ذلك”.
وتناول التقرير أيضاً سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية منذ عام 1967، رغم وجود السلطة الوطنية الفلسطينية التي أُنشئت بموجب اتفاقيات أوسلو في التسعينيات.
ويعاني الفلسطينيون من قيود مشددة على الحركة عبر الحواجز العسكرية، ومن مصادرة الأراضي وبناء أكثر من 150 مستوطنة، في انتهاك للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن. كما فرضت إسرائيل نظاماً قانونياً مزدوجاً، يخضع فيه المستوطنون للقانون المدني الإسرائيلي، فيما يُحاكم الفلسطينيون وفق الأحكام العرفية والقوانين العسكرية.