المسار : تعتزم تركيا تزويد سوريا بأنظمة أسلحة ووسائل لوجستية وتدريب جيشها على استخدام هذه المعدات إذا لزم الأمر، وذلك إثر تصاعد التوترات العسكرية بين عناصر الحكومة في دمشق و«قوات سوريا الديمقراطية»، وسط أنباء عن تحذير مسؤولين أمريكيين لـ«قسد» من أن «التحالف الدولي»، «قد لا يتمكن من حمايتها إذا قررت دمشق شن هجوم عسكري».
وفي خطوة أولى نحو اتفاق تعاون عسكري شامل تتفاوضان عليه منذ شهور، وقّعت تركيا وسوريا مذكرة تفاهم أول أمس الأربعاء بعد اجتماعات مكثفة بين وزراء خارجية ودفاع البلدين ورئيسي المخابرات.
وقال مصدر في وزارة الدفاع التركية في تصريحات للصحافيين «تستهدف المذكرة التنسيق والتخطيط للتدريب والتعاون العسكري وتقديم الاستشارات وتبادل المعلومات والخبرات وضمان شراء المعدات العسكرية وأنظمة الأسلحة والمواد اللوجستية والخدمات ذات الصلة».
وينفد صبر تركيا إزاء ما وصفته بعدم تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه في مارس/ آذار بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية – التي يقودها الأكراد وتدعمها الولايات المتحدة – من أجل دمج «قوات سوريا الديمقراطية» في مؤسسات الدولة السورية.
وحذرت أنقرة من القيام بعمل عسكري ضد «قوات سوريا الديمقراطية» التي تعتبرها منظمة «إرهابية» ونفذت ضدها عمليات عبر الحدود في الماضي. وتتوقع تركيا أن تعالج الحكومة السورية مخاوفها الأمنية، لكنها تقول إنها تحتفظ بحق شن هجوم إذا لزم الأمر.
وقالت تركيا إن الاشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات الحكومة السورية في وقت سابق من هذا الشهر، والمؤتمر الذي عقدته «قسد» للمطالبة بمراجعة الإعلان الدستوري السوري، تهدد سلامة أراضي البلاد.
وأوضح المصدر التركي أن قوات سوريا الديمقراطية لم تف بأي من الشروط المنصوص عليها في اتفاق مارس/ آذار مع دمشق. وجدد اتهام أنقرة لها بأن أفعالها «الاستفزازية والانفصالية» تقوّض الوحدة السياسية في سوريا». وقال «نتوقع الالتزام الكامل بالاتفاق الموقع وتنفيذه العاجل على أرض الواقع».
في غضون ذلك، أفاد موقع «ميدل إيست آي» أن تركيا والولايات المتحدة منحتا خلال اجتماع مع مسؤولي «قسد»، قائد قوات «سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي مهلة 30 يوماً لتسريع عملية الانضمام إلى دمشق، مشيراً إلى أن هذه المهلة ستنتهي خلال أيام.
مسؤولون أمريكيون: «التحالف الدولي» قد لا يتمكن من حماية القوات الكردية
ونقل الموقع عن مصدر إقليمي قوله إن المسؤولين الأمريكيين حذّروا «قسد» من أن التحالف الدولي «قد لا يتمكن من حمايتهم إذا قررت دمشق شن هجوم عسكري» في حال عدم الالتزام باتفاق 10 آذار/ مارس.
وقالت مصادر أمنية للموقع إن تركيا لن تتدخل بشكل مباشر ضد «قسد»، لكن القوات المسلحة التركية «قد تقدم دعماً غير مباشر لعملية محدودة تنفذها القوات السورية»، مضيفة أن «الاستعدادات لمثل هذه العملية قد أُنجزت بالفعل». وكشفت المصادر أن المبعوث الأمريكي الخاص، توم براك، طلب خلال اجتماعاته مع المسؤولين الأتراك في أنقرة «مزيداً من الوقت للجهود الدبلوماسية والمفاوضات مع قسد».
ووفقاً للمصادر، ردّ المسؤولون الأتراك بالقول: «إن القرار والصلاحية في هذا الشأن يعودان لحكومة دمشق، وإنه في إطار التعاون العسكري بين دمشق وتركيا وحساسية تركيا تجاه أمنها القومي، فإن أي طلب دعم من دمشق سيُقابَل بشكل إيجابي».
ويأتي ذلك على وقع توترات عسكرية في دير الزور، حيث اندلعت اشتباكات بين الجيش السوري و«قسد» في المدينة، وأخرى بين أبناء العشائر و«قسد» في الريف الشرقي من المحافظة، حسب ما أفاد «تلفزيون سوريا».
وأوضح أن اشتباكات بالأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية اندلعت ليلة الأربعاء – الخميس، بين الجيش السوري و«قسد»، على ضفتي نهر الفرات في الطرف الغربي من مدينة دير الزور.
وبيّن أن الاشتباكات جاءت بعد استهداف عناصر «قسد» المتمركزين على ضفة نهر الفرات في الريف الغربي، نقطة عسكرية يتمركز فيها الجيش السوري بالقرب من مستشفى القلب في مدينة دير الزور على الضفة المقابلة، ما أدى إلى إصابة بعض عناصر النقطة وصيادين من أبناء المنطقة. وردّت قوى الجيش بدورها على مصادر النيران. كذلك شهدت بلدة غرانيج في ريف دير الزور الشرقي اشتباكات عنيفة بين «قسد» ومسلحين من أبناء عشائر المنطقة.
ووفق «تلفزيون سوريا» فإن «قسد» استقدمت تعزيزات عسكرية ضخمة وحاصرت حي «الهايس» في البلدة، مضيفاً أن الاشتباكات أسفرت عن إصابة أكثر من 5 مدنيين، وسط أنباء تفيد بأسر مقاتلي العشائر 4 عناصر من «قسد».
في السياق، أعلنت «قوات سوريا الديمقراطية»، تعرُّضَ مجموعةٍ من مقاتليها لهجومٍ «إرهابي»، في بلدة غرانيج في ريف دير الزور الشرقي.
وذكر مجلس دير الزور العسكري المنضوي في «قوات سوريا الديمقراطية» في بيان، أن القوات ردّت على الهجوم بعمليةٍ دقيقة، أسفرت عن مقتل أحد عناصر المجموعةِ المهاجمة، وإصابة ثلاثةٍ آخرين، مؤكداً أن العملية لا تزال مستمرة، وفقاً للخطة الميدانية الموضوعة، وأن أيَّ اعتداءٍ على المنطقة لن يمر دون ردٍّ حاسم.
وأعلن المجلس عن فتح تحقيقٍ فوريٍّ وشامل، لكشف ملابسات الحادث وتحديد الجهات المسؤولة عنه، مع الاحتفاظ بكافة المعلومات والتفاصيل المتعلقة بالواقعة، لحين استكمال التحقيق والإجراءات القانونية اللازمة.
وأكد في بيانه رفضَهُ القاطع لأي محاولاتٍ تهدّدُ أمنَ واستقرار المنطقة، مجدِّداً التزامه بملاحقة الإرهاب ومواصلة العمليات ضد كل مَن يهدّد حياة المواطنين ومكتسبات الشعب.