الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

رباح
57 Min Read
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس/ ذي ماركر 19/8/2025

كم يكلف تدمير غزة؟

بقلم: حجاي عميت

في الأسبوع الماضي بين الموعد الذي بدأ فيه العمل على هذا المقال والموعد الذي نشرت فيه هذه السطور، دمرت مئات المعدات الثقيلة الاسرائيلية، مئات اذا لم يكن آلاف، البيوت في قطاع غزة. وزارة الدفاع انفقت على هذه العملية ملايين الشواقل. خلال تاريخ دولة إسرائيل لم يتم تدمير في أي يوم هذا العدد الكبير من المباني والبيوت في نفس الوقت، وجرافات “دي 9” في غزة لا تتوقف عن العمل للحظة، في عملية من غير المتوقع ان تتوقف.

المصادقة على احتلال مدينة غزة من قبل الكابنت تضمن للقوات الإسرائيلية اشهر كثيرة أخرى، التي ستعمل فيها على هدم آلاف المباني والبيوت، مع الاخذ في الحسبان الهدم الذي سيرافق كل احتلال بري للجيش الإسرائيلي في أراضي القطاع. عمليا، في جلسة الكابنت سمعت بشكل صريح اصوات وزراء، لماذا غزة غير مدمرة مثل المدن الأخرى في القطاع. أيضا المصادقة التي منحها يوم الاحد منسق اعمال الحكومة في المناطق، لاستئناف ادخال الخيام والمعدات الى قطاع غزة، للمرة الأولى منذ فرض الحصار على القطاع في شهر آذار، ذكرت ان مئات الاف الغزيين سيضطرون الى استبدال بيوتهم التي بقيت لهم بالخيام. هذا حدث هندسي غير مسبوق، الذي يحدث رغم انه لا توجد سياسة رسمية للجيش أو قرار تم اتخاذه من المستوى السياسي لتدمير كل بيوت القطاع. السياسة تاتي من الأسفل، من قادة الفصائل والكتائب، الذين بالنسبة لهم المباني التي بقيت قائمة تعرض للخطر حياة الجنود. 

الضباط الذين سئلوا عن ذلك اوضحوا بانه “لا احد يدمر المباني من اجل الاستمتاع. ولكن عمليا، في القطاع كل مبنى بقي قائما هو تهديد، حيث ان كل مبنى يمكن تفخيخه، وفي كل مبنى يمكن ان يختبيء قناص أو فتحة نفق، التي يخرج منها رجل حماس والذي سيطلق النار على قواتنا. من زاوية نظر القوات على الأرض، الامر الآمن اكثر هو ترك كل المنطقة التي يعمل فيها الجيش الإسرائيلي مسواة بالأرض.

شركات البنى التحتية المهيمنة والتي تؤجر خدماتها لوزارة الدفاع ليست كثيرة، يوجد من بينها شركة “تل اور كرادي”، شركة “آسيا”، شركة “اولنيك”، شركة “الاعمال الترابية لصاحبها الون الغالي، شركة “عيران يد” لصاحبيها عيران ودافيد يفراح. 

كل شركة من هذه الشركات تؤجر عشرات المعدات الثقيلة لوزارة الدفاع. دخل يوم عمل كبير بشكل واضح من العائد عن نشاط مشابه في داخل إسرائيل. اذا كان مقابل عمل عادي للآلة الثقيلة لغير وزارة الدفاع داخل حدود إسرائيل يدفعون 3.500 شيكل في اليوم لصاحب هذه الآلة، فان وزارة الدفاع تدفع الآن مقابل يوم العمل في غزة خمسة آلاف شيكل. من هذا المبلغ، 1200 شيكل تقريبا كل يوم يتم تحويلها الى سائق الآلة، الذي لو عمل داخل إسرائيل كان سيكسب ثلثي أو حتى نصف هذا المبلغ.

الى جانب الشركات الكبيرة يوجد في غزة مقاولون اصغر، الذين يؤجرون 2 – 3 معدات مباشرة لوزارة الدفاع، ومئات رجال الاحتياط الذين يشغلون هذه الآلات الثقيلة التي يمتلكها الجيش الإسرائيلي. رجال الاحتياط الذين يشغلون المعدات التقنية الهندسية لصالح الجيش الإسرائيلي أحيانا يكونون اقل مهارة في تدمير المباني. لذلك، يجلبون طواقم خاصة من شركات مثل شركتنا، قال ليئور كرادي، صاحب شركة “تلئور كرادي”. في كل طاقم يوجد خمس معدات ثقيلة على الأقل. “نحن مثلا، ندخل 8 – 12 آلية، هذا الطاقم يدمر تقريبا 100 مبنى في اليوم، وهي تعمل طوال الوقت. توجد لنا ذراع تنفيذية في غزة مع مدراء عمل وعمال مدربين. جميع الطواقم تدخل بحراسة الجيش الإسرائيلي.

“الطلب يؤدي الى انه لا توجد الان معدات ثقيلة في مخازن المستوردين. اذا طلبت آلية ثقيلة من شركة فولفو فأنت ستنتظر 6 – 7 اشهر الى حين تزويدك بها. هذا هو سبب اننا في الأسبوع الماضي سافرنا الى الصين لفحص استيراد كبير للمعدات من هناك”، قال كرادي وأضاف، “الطواقم التي تدمر المباني في قطاع غزة تسويها بالأرض، بحيث لا يبقى أي عامود قائم، كي لا يستطيع المخربون الاختباء وراءه. بهذه الطريقة حتى لو كان يوجد نفق تحت المبنى فانه يتم اغلاقه بالنفايات”. رغم كل ذلك، قال كرادي، نحن كنا نفضل بناء البلاد وليس تدمير غزة.

——————————————

يديعوت احرونوت 19/8/2025 

احتلال غزة.. الخطر الاقتصادي

بقلم: البروفيسورة كارنيت بلوغ والبروفيسور يعقوب فرانكل 

تقف دولة إسرائيل اليوم امام تحديات وجودية بحجوم لم نشهدها من قبل. فيكاد لا يكون مجال في الحياة ليس مهددا وكل هذا في الوقت الذي تتعاظم فيه درجة العزلة الدولية لدولة إسرائيل ويتعمق فيه الشرخ الداخلي الذي يمزق المجتمع الإسرائيلي من الدخل. على هذه الخلفية، فان احتلال قطاع غزة مع 2.2 مليون من سكانه ليس “فقط” خطوة أخرى إضافية في معركة طويلة ومضرجة بالدماء؛ من شأنها ان تشكل انعطافة مع تداعيات محملة بالمصائر على مواطني دولة إسرائيل، على التضامن وتراص الصفوف الاجتماعية وعلى الشعب اليهودي في الشتات. كل هذا الى جانب الثمن العالي المتمثل بالخطر على حياة جنودنا ومخطوفينا. 

تقدير كامل وقياس اقتصادي مسنود لتداعيات احتلال قطاع غزة يستوجبان تحليلا شاملا للعلاقات المتبادلة التي بين المجالات المختلفة، وكل تقدير يستند الى فرضيات عديدة بالنسبة لاعمال إسرائيل في القطاع. رغم الأهمية الحرجة للتداعيات الاقتصادية، يبدو أن النقاش لدى أصحاب القرار تجاهل الثمن الاقتصادي بل ولم يطلب من المستوى المهني القيام بعمل في هذا الموضوع. في هذا المقال سنركز على المجال الاقتصادي الذي هو مجال اختصاصنا المهني وذلك كي نشجع النقاش والشفافية تجاه الجمهور الذي سيتحمل العبء الاقتصادي الجسيم، والثقل الضرائبي والضرر الإضافي في الخدمات التي تقدمها الحكومة. 

ميثاق جنيف من العام 1949 يفرض على كل قوة احتلال المسؤولية عن إعادة النظام الى نصابه والاهتمام بالاحتياجات الإنسانية للسكان الذين تحت سيطرتها. المعنى هو انه اذا ما سيطرت إسرائيل بشكل مباشر على كل قطاع غزة فانها ستكون مطالبة بان تتحمل، جزئيا على الأقل، كلفة إعادة بناء القطاع وكلفة توفير الخدمات الأساسية لسكان غزة. 

حسب تقدير البنك الدولي، الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي (في شباط هذه السنة)، فان قياس كلفة إعادة بناء المباني، البنى التحتية والاقتصاد تقدر بنحو 53 مليار دولار (التي هي نحو 180 مليار شيكل)، يدور الحديث عن مبلغ طائل. في نصف السنة التي انقضت منذ القياس، خرجت إسرائيل الى حملة عربات جدعون، الضرر والدمار في غزة ازدادا بشكل واضح، هكذا بحيث انه عمليا يدور الحديث عن مبلغا اكبر بكثير. في ضوء المعارضة الدولية لسياسة السيطرة على غزة، معقول الافتراض بان قسما على الأقل من كلفة إعادة بناء الدمار سيقع على كاهل دافع الضرائب الإسرائيلي. يدور الحديث عن عبء غير مسبوق على اقتصاد إسرائيل الذي هو على أي حال يتحمل العبء الجسيم للحرب في السنتين الأخيرتين. 

وهذه هي البداية فقط. سيتعين على إسرائيل أن تتحمل أيضا الكلفة الجارية لتقديم الخدمات المدنية للسكان في غزة في كل المجالات، بما في ذلك توفير الغذاء، الخدمات الصحية، التعليم، العمل، الإغاثة، البنى التحتية وغيرها. التقدير بالحد الأدنى للكلفة السنوية يبلغا 10 مليار شيكل في السنة. بقاء طويل في القطاع سيستوجب أيضا إقامة حكم عسكري ومدني قدر جهاز الامن في الماضي كلفته السنوية بأكثر من 20 مليار شيكل. 

الى كل هذا ينبغي أن تضاف كلفة تجنيد كبير للاحتياط وكلفة وسائل القتال الجوي الذي ينطوي عليه احتلال القطاع بحيث أن الحديث يدور عن نفقات لمرة واحدة هائلة وكذا نفقات سنوية عالية تضاف الى ميزانية الدفاع الكبيرة على أي حال. 

لكن هذا ليس كل شيء. العبء على القطاع التجاري وعلى فرع التكنولوجيا العليا بخاصة سيكون هائلا، بما في ذلك بسبب تجنيد واسع لقوة بشرية خبيرة التي هي العمود الفقري للاقتصاد الإسرائيلي، وكذا بسبب التداعيات الدولية: الغاء اتفاقات تجارية، قيود على التصدير لإسرائيل مما سيتسبب بارتفاع أسعار، قيود على الاستيراد من إسرائيل وحتى عقوبات تبعد مستثمرين أجانب. كل هذه متوقع لها أن تؤدي الى ارتفاع في مدى الخطر على إسرائيل، الى ضرر إضافي في التصنيف الائتماني للدولة وارتفاع في الفائدة. 

هذا وأكثر، عنصر هام في الثمن الاقتصادي للحرب والخطة لاحتلال غزة ينبع من الكلفة العظيمة للعزلة المتزايدة على دولة إسرائيل. ينبغي ان نتذكر بانه حتى بداية العام 2023 كانت إسرائيل هدفا مفضلا للمستثمرين، للسياح، للعلماء وللتعاونات الدولية بين مؤسسات اكاديمية، مؤسسات ثقافية ورياضية. كنا نموذجا وقدوة للحداثة، للبحث والتطوير، للتكنولوجيا، استعدينا للارتفاع في وتيرة الهجرة الوافدة الى إسرائيل وسلطات التصنيف رفعت بشكل ثابت التصنيف للاقتصاد الإسرائيلي. الانقلاب النظامي الذي بدأ مع بداية 2023 ويتواصل حتى اليوم، الى جانب الحرب، يهددان بتغيير ذلك.

مثال على كلفة العزلة الاقتصادية رأيناه فقط الأسبوع الماضي عندما اعلن صندوق الثروة النرويجي، وهو صندوق الثروة الأكبر في العالم عن أنه باع أسهمه في قسم كبير من 61 شركة إسرائيلية استثمر فيها وانه يفحص ممتلكاته في باقي الشركات الإسرائيلية التي يستثمر فيها. الان يوجد خطر في أن تسير صناديق استثمار أخرى في اعقابه. 

إضافة الى ذلك، تتكاثر الدعوات في أوروبا وفي الولايات المتحدة لفرض مقاطعة علمية واكاديمية على إسرائيل من شأنها أن تؤدي الى مس بالتعاون وبتمويل البحوث التي هي حيوية للتكنولوجيا العليا الإسرائيلية. مس بهذه التكنولوجيا سيمس بشدة بالاقتصاد كله، وذلك كونها تشكل قاطرة النمو الاقتصادي للسنوات الأخيرة ومسؤولة عن اكثر من نصف التصدير الإسرائيلي وعن نحو ربع المردودات الضريبية المباشرة. 

عمليا، المقاطعة العلمية “الهادئة” موجودة منذ الان. باحثون إسرائيلين يجدون صعوبة في التعاون مع نظرائهم في الخارج، صعب اكثر تجنيد بروفيسوريين ضيوف، تجنيد صناديق بحث وحتى تبادل الطلاب تقلص. نحن بتنا نشهد مقاطعات أيضا في مجال الثقافة والرياضة. كل هذا يزيد عزلة دولة إسرائيل ويغذي أيضا اللاسامية المستشرية. هذه الظواهر تبعث عل قلق كبير، لكن لشدة الأسف لا تلقى التعاطي المناسب من جانب الحكومة.

لسيناريو الرعب هذا الذي يتلقى فيه اقتصاد إسرائيل ضربات من اتجاهات مختلفة، ستكون له تداعيات خطيرة على الجمهور. المعنى سيكون زيادة الدين والفائدة على الدين، انخفاض في النمو الاقتصادي، ارتفاع غلاء المعيشة ومس شديد بمستوى المعيشة. إضافة الى ذلك فان العبء الضريبي سيزداد وسيثقل أساسا على أقلية في الجمهور تتحمل منذ الان على أي حال أساس العبء الاقتصادي وايام خدمة الاحتياط. للكثيرين منهم توجد بدائل عمل وبدائل في خارج البلاد، ويوجد خطر هروب عقول ومس بالهجرة الوافدة الى إسرائيل من دول الشتات.

ان الاستثمار في الخدمات العامة المدنية، التي هي على أي حال منخفضة عندنا عن كل باقي دول الـ OECD سينخفض وكلنا سنشهر بهذا: انخفاض في ميزانية التعليم يمكنه أن يجد تعبيره في تقليص ساعات التعليم، انتظار لا ينتهي للعلاجات الطبية والفحوصات في المستشفيات، انعدام الاستثمار في البنى التحتية وفي الطرق وغيرها.

في ضوء الكلفة العالية من الصعب أن نفهم كيف لا يجرى بحث استراتيجية معمق ومهني يتضمن دراسة اقتصادية شاملة وعرض المعطيات على الجمهور. يجب أن نتذكر بان دولة إسرائيل لم تبدأ بعد في تمويل قسم كبير من نفقات الحرب، وهذا حتى قبل احتلال قطاع غزة. مثل هذا القرار يجب أن يتخذ بشفافية كاملة، تقدير الكلفة – المنفعة بشكل شامل والنظر في كل المخاطر الاقتصادية والسياسية.

ان قيادة مسؤولة ملزمة بان تحرص بان يكون الاعتبار الاقتصادي جزءاً لا يتجزأ من الحسم السياسي – الأمني. بغيابه، من شأن النتيجة أن تكون مسا شديدا بالمناعة الاقتصادية لدولة إسرائيل وبرفاه مواطنيها. في روحنا الامر.

 ——————————————

هآرتس 19/8/2025

الجيش يوجد في حالة انهيار متسارعة. الحل.. تفكيك الجيش وإعادة تشكيله

بقلم: اسحق بريك

أنا سابدأ باقتباس اقوال الجنرال اهارون حليفه، كما سمعت في القناة 12: “هذا امر اعمق بكثير وهو يمتد لسنوات كثيرة”. حسب اقوال حليفه فان حدث 7 أكتوبر “يقتضي اصلاح اعمق بكثير. هو ليس موضوع اصلاح شخصي. نحن الان سنغير رئيس الأركان، وكل شيء سيعود الى ان يكون جيدا. انا ضد الظاهرة التي تقول بان هذه كانت حادثة. هناك من يقولون – سافرت في السيارة، صعدت فوق المسامير في الحاجز، اذا سنغير الإطارات الأربعة ونستمر في السفر. أنا أقول بان ما حدث لنا هو اكبر من ذلك، وهذا يحتاج الى حل وتركيب”.

بعد ذلك اوضح حليفه بان “كل ما يحدث انت تجد له تفسير في تصورك. توجد هنا مسؤولية طوال سنين من الرؤية الاستراتيجية الكاملة التي تقول (…)، عدونا مرتدع، وفي نفس الوقت نحن نهدئه بالاموال القطرية. انا لم افهم ومن قبلي لم يفهموا أيضا”.

أنا من فترة طويلة أوجه انتقادات قاسية لوضع المنظومة البرية في الجيش الإسرائيلي، والثقافة التنظيمية لها، وسلوكها في حرب “السيوف الحديدية” وبعدها. منذ بداية الحرب لم يحدث أي تغيير. حتى الان يسود في الجيش الإسرائيلي عدم تنفيذ الأوامر وغياب الرقابة والتفتيش وعدم استخلاص الدروس. التحقيقات غير موثوقة، وتوجد ثقافة الكذب وعدم المهنية ومعايير متدنية. لا يوجد انضباط عملياتي، والقيادة العليا لا تتحمل المسؤولية. تسود علاقة صمت وخوف من التعبير عن موقف آخر خشية من الضرر الشخصي. السلوك الفضائحي مغروس عميقا في جينات الجيش، وكما قال الجنرال حليفه، “هذا يحتاج الى تفكيك وإعادة تركيب”.

عندما ننظر الى ما يحدث من الأعلى، بعد سنتين على بداية الحرب، تظهر الأمور التالية:

فقدان الثقة بالجنود وبالقادة الصغار في القيادة العليا في الجيش الإسرائيلي. هذا الامر ينعكس، ضمن أمور أخرى، على النسبة العالية جدا لرجال الاحتياط غير المستعدين للتجند، وعشرات النسب المئوية من الجنود النظاميين “الذين يهربون” من المعركة في اعقاب مشكلات نفسية صعبة، تآكل عميق وعدم الثقة بالقادة. 

الجيش البري يتحطم من كل النواحي: 

فقدان المهنية بسبب غياب التدريب والتاهيل. 

النقص الشديد في المهنيين لمعالجة السيارات المصفحة والسلاح نتيجة التخفيضات الجذرية في معايير آلاف صفوف الضباط والضباط المحترفين قبل الحرب، ونقل هذه العملية الى شركات مدنية غير قادرة على تلبية المهمة.

النقص الشديد في المقاتلين في الجيش النظامي في اعقاب آلاف القتلى والمصابين في الحرب، والفشل في تجنيد آخرين لاستبدالهم.

النقص الشديد في رجال الاحتياط الذين يصوتون بالارجل، وببساطة لا يستجيبون لاوامر التجنيد.

الجيش البري تم تخفيضه في العشرين سنة الأخيرة الى ثلث حجمه تقريبا، وهو غير قادر  على حسم المعركة حتى في جبهة واحدة. 

لا يوجد دليل مستقبلي على اعداد الجيش للحرب القادمة متعددة الساحات.

لا توجد مطالب عملياتية للجيش في النظرة الى المستقبل من قبل الشركات المدنية التي تطور وتنتج الوسائل القتالية. بحيث انه خلال بضع سنوات لن يكون للجيش الإسرائيلي قدرة عملياتية امام السلاح الجديد الذي يشتريه العدو وينتجه. 

خصخصة العمليات اللوجستية لشركات مدنية لا يمكنه إعطاء رد في حرب متعددة الساحات، من حيث التزويد بالطعام والمياه والوقود والذخيرة وقطع الغيار وما شابه للقوات المقاتلة. معظم السائقون هم من غير اليهود، وربما انهم ببساطة لن يمتثلوا لتأدية مهماتهم في يوم الامر. إضافة الى ذلك، كمدنيين، هم لا يستطيعون اجتياز الحدود الى أراضي العدو، الامر الذي سيؤدي الى ان الجيش سيتوقف عن السير خلال فترة قصيرة.

خصخصة الصيانة ونقلها لشركات مدنية، وهكذا بالنسبة للوسائل القتالية، بما في ذلك الدبابات وناقلات الجنود المدرعة التي تجتاز الحدود اثناء القتال الى دولة العدو، لا توجد صيانة وراءهم (المدنيون لا يمكنهم دخول أراضي العدو، غزة ليست مثال على ذلك). هكذا فان أي خلل أو مس بالوسائل القتالية سيشل نشاطه، وهو سيبقى مثل حجر لا يوجد من يعيده من ارض العدو.

ازمة القوة البشرية الشديدة في الاحتياط، في الجيش النظامي وفي الخدمة الدائمة، من اصعب الازمات التي عرفها الجيش الإسرائيلي منذ تاسيسه. افضل من في الجيش النظامي يغادرونه بشكل جماعي، والشباب غير معنيين بالتوقيع على خدمة دائمة في اعقاب خيبة امل قاسية مما يحدث في السنوات الأخيرة. المأساة هي ان الجيش الإسرائيلي يفقد بوتيرة عالية جدا جودة قوته البشرية، والمعنى هو أمر كارثي.

الجيش يوجد في حالة تفكك. بناء الجيش على سلاح جو قوي واستخبارات ووحدات مختارة لا يعطي أي رد في الحرب الحالية، وبالتاكيد ليس في الحروب المستقبلية. فقط تفكيك السلوك الحالي وإعادة بناء الجيش الإسرائيلي مع قيادة مختلفة، يمكنه انقاذ الجيش وإنقاذ أمن الدولة. 

——————————————-

هآرتس 19/8/2025 

على خلفية الاحتجاج والتهديد باحتلال غزة، يلوح احتمال لصفقة جزئية

بقلم: عاموس هرئيلِ

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خلال دوره كمحلل للشؤون العامة قدم أمس مزيد من الرؤى حول وضع الحرب في قطاع غزة. فقد اعلن “لن نرى عودة الرهائن المتبقين إلا بتدمير حماس! كلما اسرعنا في ذلك زادت فرصة النجاح”. الرئيس تابع إعلانه وهو يتفاخر بنجاحه في تحرير المئات من اسر حماس (في الواقع تم اطلاق سراح 31 منهم حتى الآن)، و”تدمير” المنشآت النووية في ايران. وقال: “العب من اجل الفوز أو لا تلعب أبدا”. وانهى أقواله كالعادة بالقول: “شكرا لكم على الاهتمام بهذا الامر”.

لكن بعد بضع دقائق على تغريدة الرئيس التي غردها، بدأت تاتي تقارير بالتحديد عن الرد الإيجابي لحماس على العرض الأخير لدول الوساطة، مصر وقطر. حسب هذا العرض ستقوم حماس باطلاق سراح عشرة مخطوفين احياء وعدد لم يتم الاتفاق عليه بعد نهائيا من الجثث، في صفقة جزئية، مقابل اطلاق سراح عدد كبير من السجناء الفلسطينيين وانسحاب إسرائيل بالتدريج من القطاع. بعد ذلك سيناقش الطرفان صفقة شاملة.

رد حماس كان وبحق رد اصيل. ولكن البيانين يرتبطان ببعضهما، ما يربط بينهما بشكل كبير هو تهديد إسرائيل بارسال القوات لاحتلال مدينة غزة. ترامب يواصل إعطاء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الدعم المطلق، والسؤال هو هل دعم العملية العسكرية المخطط لها ليس جزء من المناورة التي استهدفت دفع حماس الى الزاوية والسماح أخيرا بحدوث تقدم جديد في الصفقة. يصعب استبعاد احتمالية ان الأمريكيين مرة أخرى ينسقون مع دول الوساطة. ستيف ويتكوف، المبعوث الأمريكي لترامب، التقى مع ممثلي دول الوساطة في الأسابيع الأخيرة.

من ناحية عائلات المخطوفين فان المعنى واحد وهو ان الزخم الذي احدثته المظاهرات الكبيرة أول أمس يجب استمراره في أيام نضال أخرى. في المرة الأخيرة التي كانت فيها صحوة كهذه للجمهور في صالح الصفقة، حدث الامر في نهاية آب الماضي، بعد ان قتلت حماس المخطوفين الستة في رفح. مكتب رئيس الحكومة احبط الخطر المحدق به في قضية التسريب المتعرجة لصحيفة “بيلد” الألمانية، حيث تم تسريب معلومات استخبارية مضللة لاقناع المواطنين بان حماس وحدها هي المسؤولة عن عرقلة الاتفاق وليس نتنياهو، المضيع للوقت. في هذه المرة لا يوجد ما يثير القلق من العملية المزدوجة لنتنياهو وابواقه: الادعاءات المتناقضة وكان المظاهرات فشلت بسبب العدد القليل للمشاركين وانها تساعد حماس بطريقة معينة. بدون ضغط متزايد ومتواصل فانه لا امل في التوصل الى صفقة.

الردود الغاضبة للجناح اليميني المسيحاني في الحكومة، على لسان الوزير ايتمار بن غفير والوزير سموتريتش، تدل على انهما يخشيان من انه في هذه المرة سيحدث شيء ما. هما يهددان مرة أخرى نتنياهو باسقاط الحكومة اذا استجاب لصفقة جزئية. فقط قبل أسبوعين غير رئيس الحكومة موقفه وانتقل من مطالبة حازمة بصفقة جزئية الى مطالبة حازمة بصفقة شاملة. ولكن كل شيء كالعادة مائع ومرن. نتنياهو سيغير تبريراته وادعاءاته، ومن شانه أيضا ان يشجع بالسر المعارضة في الداخل طالما انه يستطيع السماح لنفسه بالتهرب من التوقيع. اذا أصبحت الظروف غير محتملة بالنسبة اليه بسبب مطالبة ترامب المتواصلة والصاخبة، فان الصفقة سيتم التوقيع عليها رغم الاخطار المترتبة عليها من ناحيته.

في الخلفية يجدر الانتباه الى تطورات أخرى. التطور الأول يتعلق بالجهود المحمومة تقريبا لترامب للفوز في هذه السنة بجائزة نوبل للسلام. لقد بقي اقل من شهرين على القرار الذي سيتم اتخاذه في 10 تشرين الأول. الاحتمالات في القناة الروسية – الأوكرانية لا تبدو عالية. ترامب هدد قليلا الرئيس الروسي فلادمير بوتين، لكنه تراجع بسرعة امامه في قمة الاسكا في نهاية الأسبوع الماضي. اذا لم يتم تحقيق تقدم في هذه القضية فان من شانه ان يعود ويراهن على انهاء الحرب بين إسرائيل وحماس كطريقة بديلة للحصول على جائزة نوبل. التطور الثاني يتعلق باستعداد الجيش الإسرائيلي لاحتلال مدينة غزة. رئيس الحكومة ووزير الدفاع والجيش يكثرون من اصدار البيانات عن تقدم نحو استكمال الخطة. مشكوك فيه ان يكون في تاريخ الجيش الإسرائيلي عملية هجومية لاقت الكثير من العلاقات العامة قبل ان تبدأ. هذا يزيد كالعادة الشك بان القرار لم يتم اتخاذه بعد، حيث انه في نهاية المطاف عدم رضا رئيس الأركان ايال زمير من الخطة تم التعبير عنه في السابق علنا.

بدلا من لجنة التحقيق

مكتب مراقب الدولة اعلن امس بان المراقب متنياهو انغلمان توجه مؤخرا لنتنياهو وكبار قادة الجيش والشباك، السابقين والحاليين، من اجل تحديد معهم لقاءات في اطار الانتقاد الذي يعده حول إخفاقات الحرب. قائمة القضايا التي نشرها المراقب تتناول الان حسب قوله “صد إخفاقات 7 أكتوبر”. بكلمات أخرى، إزاء تصميم نتنياهو على عدم تعيين لجنة تحقيق رسمية فان انغلمان يعمل كنوع من اللجنة الفعلية، وهو الان ينشغل في القضايا الرئيسية للتحقيق، التي كان يمكن ان يتم فحصها من قبل اللجنة.

المراقب يهتم بان ينفي في كل مرة يطرح فيها ذلك. ولكن سير الأمور غير سيء بالنسبة لنتنياهو. رئيس الحكومة يخشى من لجنة رسمية غير منحازة اكثر من الشخص الذي عينه هو نفسه في هذا المنصب، الذي يريد استكمال كتابة التقارير في شهر حزيران القادم (قريبا من موعد الانتخابات)، وان طاقمه الأمني لا يتمتع بالتجربة التي كانت لدى المكتب في السابق. من كان متماهيا اكثر من أي شخص آخر مع الانتقاد الأمني، الجنرال احتياط يعقوب (ماندي) أور، الذي كان رئيس القسم الأمني في المكتب، نشر في هذا الأسبوع منشور في الفيس بوك هاجم فيه بشدة سلوك انغلمان، وبالاساس قراره ان يدرج ملاحظات شخصية شديدة ضد شخصيات رفيعة في الجيش الإسرائيلي، حتى قبل ان يلتقي مع عدد منهم.

اذا كان هناك أي شيء تعلمناه من الاحتجاج أول أمس، الى جانب التضامن الكبير الذي اظهره الجمهور الواسع مع المخطوفين فهو ان كل الأمور مرتبطة ببعضها البعض. ليس بالصدفة ان عائلات قتلى 7 أكتوبر وقفت في الصف الأول من النضال الى جانب عائلات المخطوفين. إضافة الى إعادة المخطوفين وانهاء الحرب فان المجتمع الإسرائيلي بحاجة الى فحص دقيق لاسباب الكارثة. العنوان الحقيقي الوحيد الذي يمكن ان يهتم بذلك هو لجنة تحقيق رسمية برئاسة قاض من المحكمة العليا.

——————————————

هآرتس19/8/2025

الأردن يستأنف التجنيد الالزامي ويمتنع عن ربط هذا بإسرائيل

بقلم: جاكي خوري

الأردن اعلن أول امس عن استئناف التجنيد الالزامي للرجال، للمرة الأولى منذ 34 سنة، واعتبر هذه الخطوة كواجب وطني لكل مواطن.

ولي عهد الأردن، الأمير حسين بن عبد الله الثاني، عرض هذه الخطوة في خطابه الذي القاه امام الشباب في محافظة اربد، وقال ان الأردنيين يجب أن يكونوا مستعدين للخدمة في الجيش والدفاع عن دولتهم. وذكر بان الأجيال السابقة التي أدت الخدمة الإلزامية فهموا أهميتها في بناء المناعة والوحدة. “الخدمة الإلزامية تعزز الهوية وتعمق العلاقة بين الشباب ووطنهم”، قال الأمير حسين وأضاف. “الخدمة الى رجال الجيش الإسرائيلي تساهم في تشكيل الشخصية والانضباط”.

تفاصيل الخطة الأردنية تم عرضها امس في مؤتمر صحفي مشترك عقده المتحدثون بلسان الحكومة والجيش. “كل من يتم استدعاءه للخدمة يجب عليه التجند ولن يكون معفي من الخدمة”، قال المتحدث بلسان الجيش، الجنرال مصطفى الحياري. وأضاف بانه سيكون بين المجندين أيضا عمال وطلاب. وقال بانه في المرحلة الأولى سيتم تجنيد للخدمة الإلزامية ستة آلاف رجل من مواليد العام 2007 الذين سيبلغون 18 سنة حتى الأول من كانون الثاني 2026، بعد ذلك سيرتفع العدد الى 10 آلاف مجند. وأضاف انه بعد ذلك سيزداد اكثر عدد المجندين.

خطة التجنيد الالزامي جاءت في موازاة الجيش المهني وبقيادته، الذي ما زال التجنيد له مفتوح كالعادة. الأردن قام بإلغاء التجنيد الالزامي في 1991، في حينه كان يجب على الرجال في اعمار 18 – 40 سنة الخدمة سنتين في الجيش. بعد ثلاث سنوات من ذلك وقعت المملكة على اتفاق السلام مع إسرائيل، وخلال سنوات اعتبرت حليفة مقربة من الولايات المتحدة في المنطقة، وتستضيف فيها آلاف الجنود الأمريكيين في اطار اتفاق دفاع مع الإدارة في واشنطن.

تجنيد بالقرعة الالكترونية

عمليا، المجندون الجدد في الأردن سيجتازون تدريب عسكري لثلاثة اشهر، وبعدها يمكن استدعاءهم للخدمة – حسب احتياجات الجيش – الى ان يصلوا الى جيل الأربعين. بعد ذلك سيعتبرون جنود في الاحتياط لمدة خمس سنوات. 

حسب المتحدث بلسان الجيش الأردني فان المرسحين للتجنيد الالزامي سيتم اختيارهم من خلال قرعة الكترونية. “الخطة ستستمر للسنوات القريبة القادمة بهدف ملاءمة نفسها مع كل الشبيبة، طبقا للقدرات المالية واللوجستية”، قال المتحدث بلسان الجيش.

المتحدث بلسان الحكومة، محمد المومني، قال ان أجهزة تنفيذ خطة التجنيد مرنة، وهي تأخذ في الحسبان احتياجات الطلاب والعاملين على حد سواء. وحسب قوله فان فترة التجنيد الالزامي ستساوي 12 ساعة من النقاط الاكاديمية بالنسبة للطلاب. وجاء أيضا انه يمكن تأجيل التجنيد او الحصول على اعفاء وفقا للحالات المشار اليها في القانون مثل الولد الوحيد في العائلة وعدم اللياقة الصحية والعيش في الخارج والطلاب. “العقوبة على عدم تنفيذ التجنيد الالزامي هو السجن ثلاثة اشهر على الأقل وحتى سنة”، قال المومني.

عندما سئل المتحدث بلسان الحكومة لماذا لم يتم شمل النساء في التجنيد الالزامي قال بانه “في البداية سيتم استكمال تاهيل القوة البشرية بتجنيد الرجال حسب سنة الميلاد، بعد ذلك سنبدأ بتجنيد النساء. والمرأة الأردنية ستعمل الى جانب الرجل الأردني حتى في الوحدات القتالية”، قال المومني.

المتحدث بلسان الحكومة سئل هل يشعر ان هناك تهديد على الأردن من جانب الحكومة اليمينية في إسرائيل، الذي سرع اخراج هذه الخطة الى حيز التنفيذ، أجاب بان سلوك اليمين في إسرائيل يمس بمصالح دول المنطقة بسبب السياسة المتبعة في غزة وجهودها لاضعاف فكرة حل الدولتين. “لذلك نحن نعمل مع مؤسسات واجهزة الدولة بصورة حكيمة ومنطقية امام الجنون المتطرف لليمين المتطرف في إسرائيل”، قال المتحدث.

مصادر عربية تحدثت مع “هآرتس” قالت ان قرار الأردن يرتبط بالتحديات المتزايدة في المنطقة، مع التأكيد على الأشهر الأخيرة في الساحات القريبة من الأردن، بالأساس امام إسرائيل وسوريا. وحسب هذه المصادر فانه حتى لو كان الامر يتعلق بعملية نضجت خلال فترة طويلة فانه لا يمكن تجاهل عدة احداث حدثت في الفترة الأخيرة. وأعطت المصادر مثال على ذلك البيان الأخير للوزير بتسلئيل سموتريتش عن خطة البناء في منطقة إي1، التي تفصل شمال الضفة عن جنوبها، وتصريحه بشأن تحطيم حلم الدولة الفلسطينية وتداعيات هذه الخطوة على السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية.

حسب اقوال نفس المصادر فانه من غير الواضح الى أي درجة ستضغط الخطوات الإسرائيلية على الحكومة الأردنية لمنع الهجرة أو التهجير من الضفة الغربية نحو المملكة الهاشمية، وذلك في موازاة الخطاب المتزايد حول اخلاء السكان من قطاع غزة وان الأردن يمكن أن يكون الهدف للاجئين الفلسطينيين.

قضية أخرى لا تقل ازعاجا للاردنيين هي التطورات الأخيرة في جنوب سوريا والمواجهات بين العشائر البدوية والدروز وأيضا امام النظام في دمشق، حيث ان معظم القبائل السورية لديها قرابة عائلية مع القبائل في الأردن. إضافة الى ذلك ما زالت توجد التحديات المعروفة على الحدود المشتركة، بما في ذلك التهريب. 

ملك الأردن، عبد الله الثاني قال في السنة الماضية بان بلاده لن تقبل بان إمكانية مستقبل المنطقة سيكون رهينة لسياسة حكومة إسرائيل “اليمينية المتطرفة”. في نفس المناسبة طالب بانهاء الحرب في قطاع غزة وقال ان الأردن يحاول معارضة طرد الفلسطينيين من الضفة الغربية ومن قطاع غزة. “لن نسمح بأن يأتي التصعيد في المنطقة على حساب امن الأردن أو أمن الأردنيين من أي طرف”.

بشكل عام، العلاقات بين الأردن وإسرائيل تدهورت منذ هجوم حماس في 7 تشرين الأول 2023 وبداية الحرب في القطاع. وفي عمان يخشون من القيام بخطوات أحادية الجانب في الساحة الفلسطينية. بعد حرب إسرائيل ضد ايران في حزيران فان محللين وكتاب أعمدة في الأردن أشاروا الى مواقف الحكومة الحالية في إسرائيل واعتبروها عامل يزيد مخاوفهم من هيمنة إسرائيل في المنطقة، وعبروا عن القلق من ان تقوم بعمليات تهدد بشكل مباشر المصالح الوطنية للاردن، من بينها الدفع قدما بسياسة الاستيطان والتهويد في الضفة الغربية بهدف احباط إقامة الدولة الفلسطينية وتحقيق السلام في المنطقة.

——————————————

يديعوت احرونوت 19/8/2025

فرصة لوقف الانهيار

بقلم: بن درور يميني  

إسرائيل، كما يجدر بالذكر سبق أن وافقت على منحى ويتكوف الذي عاد أمس مساء الى مركز الخطاب الجماهيري. فقد بعثت حماس برد إيجابي. صفقة جزئية مع خيار لصفقة شاملة. التفاصيل معروفة منذ الان. والكرة عادت مرة أخرى الى إسرائيل. قبل لحظة من بلورة إسرائيل لردها يجدر بنا أن نتذكر بان لحماس توجد استراتيجية. هي لا تهزم إسرائيل عسكريا. بالعكس. هي تهزم إسرائيل سياسيا. هذا ليس رأيا. هذه حقيقة. وضع إسرائيل السياسي لم يسبق أن كان أسوأ. المشكلة هي أنه يوجد الى حيث يمكن النزول. لا حاجة للوصول الى هناك. 

واساسا لا حاجة للاوهام. هذا ليس التهديد الإسرائيلي بالسيطرة على غزة هو الذي أدى الى التغيير في موقف حماس. بالعكس. هذا التهديد هو بالضبط ما لا يقلق حماس. فما الذي يهدد به بالضبط؟ المباني المدمرة؟ انتقال جماعي للسكان ممن لم ينتقلوا طوعا؟ الجنود الذين يحاولون ان ينقلوا بالقوة نساء عجائز او أطفال او نساء حوامل؟ الكثير جدا من القتلى الاخرين؟ هذا بالضبط ما تريده حماس. إذن لا، هذا ليس التهديد بضغط عسكري. تغيير موقف حماس ينبع من ضغط عربي. وليس صدفة انه منذ مساء امس كانت معظم العلاقات العامة التي قامت بها حماس في وسائل الاعلام العربية.

ماذا الان؟ اذا قالت إسرائيل “لا” – فهذا سقوط في فخ أعدته لها حماس. لانه اذا كانت الاقوال، فقط الاقوال عن السيطرة على مدينة غزة تتسبب منذ الان بمزيد فمزيد من الدعوات للعقوبات، فان دخولا عسكريا الى غزة سيتسبب بانهيار اشد بكثير. دوما، كما يجدر بالذكر يوجد الى حيث يمكن النزول. واذا كان الدخول الى غزة مع كل مشاهد الفظاعة والخراب والدمار والقتلة يمكن أن يتسبب لإسرائيل بذاك الانهيار فان الدخول الى غزة بعد أن قالت حماس “نعم” لمنحى ويتكوف – وإسرائيل ترفض فان الانهيار سيكون اكبر بكثير. هكذا بحيث يتبين مرة أخرى بان استراتيجية حماس اكثر ذكاء بكثير من استراتيجية إسرائيل.

مع حكمة اكبر قليلا فقد كانت إسرائيل هي من كان يتعين عليها أن تعد فخا لحماس، ان تعلن عن وقف نار من طرف واحد، وبالتوازي – ان تطالب بتحرير المخطوفين وتجريد القطاع. هل حماس كانت ستقول نعم؟ عندها إسرائيل ستكون هي الرابحة. واذا ما قالت حماس لا؟ فان المبادرة الإسرائيلية كانت ستمنع جزءاً، جزءا على الأقل، من الانهيار السياسي. وإضافة الى ذلك كانت إسرائيل ستحظى بحقنة لا بأس بها من الشرعية التي تحتاجها لمواصلة القتال.

الى أي حد أدمنت إسرائيل على المفهوم غير الصحيح؟ في نهاية الأسبوع انكشفت في القناة 12 اشرطة تسجيل لرئيس شعبة الاستخبارات “أمان” السابق، اهرون حليوة. هو رجل جدي. كفؤ. متألم. اخذ المسؤولية. لكنه لا يزال يؤمن بكل قلبه بانه يمكن ردع حماس من خلال الثأر. فقد ادعى بان “حقيقة أنه يوجد منذ الان خمسين الف قتيل في غزة ضرورية ولازمة للأجيال القادمة. على كل واحد في 7 أكتوبر يجب أن يموت 50 فلسطيني”. هو لا يزال يؤمن بان هذا ما سيردع حماس. 

لندع جانبا الموضوع الأخلاقي، الذي هو بالتأكيد هام. هذا ليس طريق الصهيونية. ها هو يوجد لنا رئيس استخبارات سابق، الرجل الذي كان يفترض به ان يعرف كل شيء، والذي لا يزال يستصعب فهم المنطف الأساس للجهاد، للاخوان المسلمين، لحماس. هو لا يزال يؤمن بان الهدم، الموت والخراب تردعهم. ان كل أيديولوجيا الجهاد بكل فروعه تقوم على أساس ما عرفه مؤسس الاخوان المسلمين حسن البنا على “صناعة الموت”. فهل حقا يعتقد حليوة بانه يمكن التهديد بمزيد من الموت على أولئك الذين الموت بالنسبة لهم هو الفريضة الاسمى لديهم؟ وهل عندما خرج قادة حماس الى حملتهم الاجرامية لم يعرفوا بان النتيجة ستكون دمار وخراب؟ أليست هذه قصة الجهاد في كل مكان يرفع فيه الرأس؟ ما الذي بالضبط يقترحه عليهم حليوة؟ بالضبط ما يريدون. هذا لم يردعهم قبل 7 أكتوبر. هذا لن يردعهم بعد 7 أكتوبر. 

حليوة لم يعد في المنصب. هو اخذ المسؤولية. هو اعتزل. المشكلة هي ان المفهوم لا يعتزل. فهو يسيطر اليوم في القيادة السياسية لإسرائيل. إسرائيل تواصل تهديد حماس بمزيد من الهدم والخراب بالسيطرة على مدينة غزة. ماذا ستكون النتيجة؟ نعم، نكبة أخرى. هذا عقاب من قام علينا لابادتنا. لكن النكبة هي شر ضروري. هي نتيجة. هي ليست هدفا بحد ذاته. هذه أيديولوجيا الجهاد. وليس ايديولوجيا إسرائيل. 

وفقط شيء واحد يفترض أن يكون واضحا لاصحاب القرار: المفهوم الذي يقول ان قادة حماس يرتعدون خوفا من تهديد آخر بالهدم والخرام وان هذا هو ما يردعم – قد انهار. حماس تتوق لان تضغط إسرائيل على دواسة الوقود. مزيد من الموت. مزيد من الخراب. حماس لا تخاف من جواب إسرائيلي سلبي. يحتمل ان تكون حتى تأمل به. إذ ان هذا بالضبط ما سيفاقم الضرر بإسرائيل. مزيد من المقاطعة الاكاديمية. مزيد من القماطعة الثقافية. مزيد من حظر السلاح. مزيد من النصر لـ BDS. لإسرائيل فرصة لوقف الانهيار. محظور تفويتها. 

——————————————

معاريف 19/8/2025

لعناد قيد الاختبار

بقلم: آفي اشكنازي

أمس وقعت بضعة أمور مثيرة للاهتمام حول القتال في غزة، وبداية – الاجتماع الذي عقد في قيادة فرقة غزة في رعيم. إذا كانت حاجة للإثبات بأن حماس العسكرية لم تعد قائمة، كانت تكفي نظرة إلى حدث استثنائي بكل مقياس. في إحدى القاعات في القاعدة، التي تقع على مسافة بضعة كيلومترات عن الحدود مع غزة وكادت تحتل بشكل كامل من النخبة من حماس في 7 أكتوبر، اجتمعت القيادة الأمنية والسياسية لإسرائيل. من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، عبر وزير الدفاع إسرائيل كاتس ورئيس الأركان الفريق ايال زمير وحتى كل ألوية هيئة الأركان، كل قادة الفرق والالوية في الجيش، كل الضباط من درجة عقيد وكذا قادة أسراب الطائرات وقادة الكتائب التي شاركت في حملتي عربات جدعون والأسد الصاعد.

إن حقيقة أنه في وحدة 730 للشاباك وقيادة الجيش صادقتا على الاجتماع في نقطة على هذا القدر من القرب من منطقة القتال المركزية للجيش، تدل على حالة العدو في نظر إسرائيل. وفضلا عن ذلك ينبغي النظر إلى أجواء الصباح التالي. بعد المواجهة المغطاة إعلاميا بين كاتس وزمير يبدو أن الطرفين يتصرفان كزوجين إثر شجار شديد، فيما أن كل طرف يغدق الدلال على نظيره.

وهكذا قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمئات قادة الجيش الذين جلسوا أمامه في القاعة: “بداية أعرب باسمكم وباسم حكومة إسرائيل وباسمي عن تقدير عظيم للإنجازات الهائلة للجيش الإسرائيلي في حرب الانبعاث، حرب السبع جبهات. ثانيا، تأثرت بالروح القتالية والتصميم لإنهاء حسم حماس وتحرير كل مخطوفينا. ثالثا، تحدثت مع وزير الدفاع ورئيس الأركان عن خططنا بشأن مدينة غزة واستكمال مهماتنا”.

رفعت أمس حماس موقفها “الإيجابي” على اقتراح لاستئناف المفاوضات. ليس واضحا بعد إذا كانت الأمور ستتقدم إلى اتصالات متسارعة وماذا ستكون نتائجها، لكن بالنسبة لرئيس الوزراء ووزير الدفاع كان هذا كافيا. كان يمكنهما أمس أن يسجلا نصرا أو على الأقل هكذا عقبا: “أنا، مثلكم، اسمع التقارير في وسائل الإعلام، ومنها يمكنكم أن تأخذوا الانطباع من شيء واحد – حماس توجد في ضغط ذري”، أعلن نتنياهو.

——————————————

هآرتس 19/8/2025

الجماهير أغرقت شوارع تل أبيب: الاحتجاج حقق هدفه

بقلم: بار بيلغ

لم يكن هذا يوم الاحتجاج الأكبر منذ اندلاع الحرب، لكن بدون شك كان من الأيام الإبداعية من بينها. أول من امس أبدع المتظاهرون خليطاً من العروض والاغاني والبيانات لوسائل الاعلام والتشويشات، وجرّوا خلفهم الجمهور، وستتواصل النقاشات في مجموعات الاحتجاج على الفائدة من التشويشات مقابل المس بالجمهور، كما يبدو. لكن كان لهذا اليوم هدف واحد رئيسي وهو دعم العائلات كي نظهر لها ان هناك غطاءً خلف الدعوة الثابتة في التظاهرات، “نحن معكم، انتم لستم وحدكم”. ثلاث أمهات – فيكي كوهين وعنات انغرست وليشي ميران لافي، دعون الجمهور للخروج من البيوت.

بدأ المتظاهرون الصباح امام منازل الوزراء وأعضاء الائتلاف، وكانت الدعوة للصحوة واضحة تماما في رد فعل السياسيين في الساعات التي تلت ذلك. سيغال منصوري، والدة رافيا ونورال، اللذين قتلا في نقطة الموت الدفاعية عندما هربا من حفلة “نوفا”، وصلت مع مئات المتظاهرين الى بيت الوزير يوآف كيش، وزير التعليم الذي لا يحب التظاهر امام منزله، وتعود إسماع المتظاهرين موسيقى بصوت مرتفع. حاولت منصوري القاء كلمات أمام الجمهور على خلفية أغنية “على كل هذا”، لكن كان يصعب سماع اقوالها. “صباح الخير لوزير التعليم، ليتك كنت تسمعني”، قالت. “أقف هذا الصباح لأزعجك. أنا أيضاً كنت أفضل البقاء في السرير وأحلم ببناتي الحبيبات”. على صوت الموسيقى العالية التي انطلقت من الساحة حاولت منصوري مخاطبة قلب الوزير، جارها، وتذكيره ببناتها وبأيام الحداد، حيث كلف نفسه خلالها عناء زيارتها.

اتضح بسرعة ان الاحتجاج يشغل الحكومة وأعضاء الحكومة اكثر من إعادة المخطوفين الى البيت. على الفور عند بداية إغلاق الشوارع في الصباح الباكر نشر وزراء الحكومة سيلاً من الشتائم، وقرروا بشكل حازم – قبل الساعة العاشرة – أن يوم الاحتجاج فشل. “الحملة، الحمد لله، لم تتعالَ”، كتب الوزير بتسلئيل سموتريتش، “ازعاج يدعم حماس”، كتب عضو الكنيست المتهم بالاغتصاب، حانوخ ملفتسكي. كتب الوزير عميحاي الياهو، الذي صوت ضد صفقات التبادل، أن “كل دعوة منهم لوقف القتال هي وجبة اوكسجين لحماس في الانفاق”. ذهب عضو الكنيست، اريئيل كلينر، خطوة الى الامام وغرد: “لم يسبق قط ان كان عدد كبير من أعضاء حماس مدانين بهذا القدر لهذاا العدد القليل من الناس”.

التغريدات المليئة بالسم لاعضاء الائتلاف رافقت صور اغلاق الشوارع التي انتشرت من الصباح الباكر في ارجاء البلاد. الى جانب عشرات مفترقات الطرق، التي امتلات بالاحتجاجات المحلية، أغلق المتظاهرون أيضا شرايين الحركة الرئيسية. خلال اليوم عاد المتظاهرون الى إغلاق مفترقات الطرق، وفي معظم أرجاء البلاد، خلافا للسابق، لم تمارس الشرطة قوة كبيرة لاخلائهم. في نتفيه ايالون حاول رجال الشرطة الحفاظ على حركة متواصلة وعدم السماح بالاغلاق. ولكن لم ينجحوا في مواجهة تصميم المتظاهرين الذين أغلقوا على الأقل ست مرات هذا الشارع. في احد الحواجز، الأطول من بينها، سار مئات المتظاهرون من روكح نحو طريق السلام، ونزلوا الى الشارع بمجموعات من عشرات أو مئات الأشخاص. خلال اليوم حاول معظم المتظاهرين التملص من مواجهة القوات والحفاظ على جوهر الاحتجاج: تظاهرة تضامن ودعم للعائلات.

أيضا صور المخطوفين تم تكبيرها. لم يرتدوا الوجوه الضاحكة والجميلة للمخطوفين، وبدلا منها ظهرت صور من داخل أفلام “حماس”. الوجه المذعور لروم بارسلفسكي والنظرة الباهتة لمتان سانغاوكر والعيون اليائسة لعمري ميران، كلها باللون الأسود والأبيض، تم حملها من قبل المتظاهرين، الذين ساروا في الجو الحار. فقاعات صغيرة ناتجة عن الصاق الصورة على القبعة تظهر وكأنها تشبه العرق على جبين الرهائن. وبينما كان المتظاهرون يسيرون تحت اشعة الشمس على طرق الاسفلت، مستغلين كل بقعة ظل للاختباء تحتها، كان يصعب التفكير في كيفية تأقلم الرهائن مع حرارة آب في تلك اللحظة.

تعرّق المتظاهرون في الحواجز على الشارع، لكن رئيس الحكومة نتنياهو أيضا تصبب عرقاً. خلافاً لعادته الثابتة في إلقاء كلمات امام المتظاهرين ومن خلالهم الى القاعدة، في مساء يوم الاحتجاج، في الساعة الواحدة والنصف ظهرا، انضم نتنياهو للوزراء وقام بإدانة المتظاهرين. “الذين يطالبون الآن بإنهاء الحرب بدون هزيمة حماس”، أو بالعبرية البسيطة “اليساريون الانهزاميون”، “يجعلون حماس تتصلب في موقفها ويبعدون تحرير المخطوفين”، قال في بداية جلسة الحكومة. أمهات المخطوفين، اللواتي دعون الجمهور الى الخروج الى الشوارع والانضمام الى صرختهن، رددن على نتنياهو على الفور. “بيان رئيس الحكومة مثل اللكمة في البطن”، قالت ياعيل ادار، والدة تمير الذي تُحتجز جثته في غزة. “خلافا للشعب الذي خرج اليوم من البيت وصرخ كفى”.

وكتبت عيناف سانغاوكر أيضاً بعد نشر اقوال نتنياهو بأن “أقواله المسممة والمقطوعة عن الواقع تثبت فقط كم تضغطه هذه التظاهرات. المتظاهرون هم الوزن المضاد لسموتريتش وبن غفير”. وليس كعادتها، لم تلعب سانغاوكر دورا جوهريا في يوم الاحتجاج، باستثناء المشاركة في حفل زفاف مؤلم، نظمته العروس الكنة المستقبلية لإيلانا غريتسفسكي، زوجة متان. في هذا اليوم عندما ظهر ان كل الدولة تحولت الى عيناف سانغاوكر كان يمكنها ان لا تكون رأس الحربة.

في المساء بدأ الاحتجاج يتسع، وملأ الجمهور ميدان المخطوفين ومحيطه. لم تكن هذه التظاهرة الكبيرة لتحدث بدون استيقاظ الجمهور في الأسابيع الثلاثة الأخيرة. منذ تفجر المفاوضات للتوصل الى صفقة تبادل، مرورا بكشف أفلام افيتار دافيد وروم بيرلفسكي وحتى قرار الكابنت احتلال مدينة غزة، وقفت منظمات احتجاج مثل “مجلس أكتوبر” و”هيئة عائلات المخطوفين” الى جانب العائلات وساعدتها في اعداد الجمهور لهذا اليوم.

ما الذي لم يجرب مؤيدو نتنياهو فعله للتنكيل بعائلات المخطوفين واحتجاجهم: تقسيمها، تلوينها بلون سياسي، محاولة السيطرة على هيئتها، وبالاساس اغراقها بحملة غير منقطعة من السم، حتى الآن نجحت في اخراج جمهور واسع خلال يوم كامل عندما كانت كل الرهانات ضدها. في الظهيرة سارعت الابواق في وسائل الاعلام الى تقزيم الاحتجاج والاستهزاء به. ولكن الجمهور الذي أغرق شوارع تل ابيب في المساء أثبت ان هذا الاستنتاج مبكر جدا.

أمام عشرات آلاف المتظاهرين أكدت العائلات على ان عددهم في هذه المرة غير كاف. فبدون الاستمرارية لن يغير عدد المتظاهرين الذين خرجوا، أول من امس، الى الشوارع أي شيء. وقد كررت أربيل يهود، الناجية من الاسر والتي لا يزال شريكها اريئيل كونيو مخطوفا، هذا الامر في خطابها بعد الظهر مراراً وتكراراً. أيضا يهودا كوهين، والد نمرود، دعا من فوق المنصة الجمهور الى “التوقف عن العمل وشل الحياة الى حين عودتهم”. طرح كوهين طلبا آخر بقي طي الكتمان في الأشهر الأخيرة وهو إنهاء الحرب. “لن تعود البلاد الى طبيعتها حتى ينهي نتنياهو الحرب ويُعيد كل المخطوفين”.

تأمل العائلات أن يكون يوم الاحتجاج مؤشرا الى بداية انتهاء الحرب، والى بدء موجة احتجاج واسعة. فقط في المستقبل سنعرف هل حقاً تحققت التوقعات؟ لكن الآن يمكن القول بثقة ان ضجة صوت الطبول، التي اخترقت الجدران التي أقامها أعضاء الحكومة حولهم لاخفاء صوت توسل العائلات اليهم، ومحاولاتهم اليائسة لالغاء حجم الاحتجاج، تظهر الحجم الذي يحتله في رؤوسهم.

——————————————

فايننشال تايمز :

بحظرها “بالستاين أكشن” أوقعت حكومة “العمال” البريطانية نفسها في مستنقع سياسي لا مخرج منه

 “القدس العربي”: نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريراً أعدته آنا غروس قالت فيه إن معالجة “حزب العمال” لحركة “بالستاين أكشن” تقوده نحو “مستنقع سياسي”، وقالت إن ما بين 7 من كل 10 من أعضاء “حزب العمال” يعارضون تصنيف حركة “بالستاين أكشن” المؤيدة لفلسطين كمنظمة إرهابية، ويواجه رئيس الوزراء كير ستارمر ثورة متزايدة في صفوف الحزب وتحديات قانونية.

وجاء في التقرير أن ستارمر أوقع نفسه في ورطة كبيرة من خلال حظر “بالستاين أكشن”، ومن الصعب رؤية مخرج جيد له.

وتُعتبر الحركة منظمة عمل مباشر، هدفها المعلن هو “إنهاء نظام الفصل العنصري الإسرائيلي” ووقف العنف في غزة. وقد أعلنت وزيرة الداخلية يوفيت كوبر أنها ستحظر المنظمة في حزيران/يونيو، ودخل التشريع حيز التنفيذ رسمياً في 5 تموز/يوليو. لكن القرار بدا بعد مرور الأيام والأسابيع إشكالياً لحكومة ستارمر.

وأشارت الصحيفة إلى أن واحدة من النقاط الرئيسية في هذه الكارثة التي كافحت حكومة ستارمر لاحتوائها: هي المنظور. فما يعرفه الرأي العام البريطاني عن “بالستاين أكشن” أنها قامت بالهجوم على مؤسسات وألحقت أضراراً بالممتلكات. وفي الغالب ما استهدفت حملاتهم المباشرة مصنعي الأسلحة، بما في ذلك أنظمة “إلبيت” الإسرائيلية، وتحطيم النوافذ واقتحام المكاتب وإتلاف الآلات وسكب الطلاء الأحمر. لقد تسلقوا أسطح المصانع وقيدوا أنفسهم بالسلاسل إلى البنية التحتية، ورفعوا لافتات تدعو إلى إنهاء مبيعات الأسلحة لإسرائيل. وكان وراء تحرك كوبر ضد الحركة هجوم قام به أفراد الحركة، في حزيران/يونيو، ضد قاعدة سلاح الجو الملكي “برايز نورتون”، حيث قاموا بطلاء الطائرات بالدهان الأحمر، ما تسبّب بأضرار كلفت الملايين.

وعموماً لم يربط الرأي العام أياً من هذه الأفعال بالإرهاب. وهو ما قاد إلى انقسام وقلق عميق داخل الحكومة.

وقد تحدثت صحيفة “فايننشال تايمز” إلى وزراء قالوا إنهم يشعرون بالقلق من قلة المعلومات التي قدمتها الحكومة بشأن ما يقود إلى اعتبار حركة “بالستاين أكشن” “جماعة إرهابية” وليس جماعة احتجاجية شاركت في أنشطة إجرامية.

وحاولت الحكومة، في الفترة الأخيرة، التصدي لهذه المخاوف، بدلاً من تقديم تلميحات مجتزأة للقول إن لديها معلومات وافرة عن المجموعة.

وأفادت التقارير أن ستارمر تحدث في اجتماع للجنة التنفيذية الوطنية لـ”حزب العمال” بأن المجموعة استهدفت شركات “مملوكة ليهود” دون تقديم أي تفاصيل أخرى. في غضون ذلك، كتبت كوبر في صحيفة “أوبزرفر”، خلال عطلة نهاية الأسبوع، مقالاً قالت فيه إن بعض المعلومات المتعلقة بأنشطة “بالستاين أكشن” لا يمكن نشرها للعامة بسبب الإجراءات القانونية الجارية.

إلا أن هذا يطرح السؤال: لماذا لم يعلن ستارمر وكوبر المزيد من المعلومات قبل صدور القرار والطعن القانوني المتوقع؟

وقد جادل البعض بأن قرار حظر المجموعة كان إساءة استخدام لتشريعات الإرهاب.

مع أن قانون الإرهاب لعام 2000 صيغ بطريقة تشمل مجموعة واسعة من الجرائم، بما في ذلك العنف الخطير وإلحاق الضرر بالممتلكات بغرض الترويج لقضية سياسية أو دينية أو أيديولوجية.

ونقلت الكاتبة عن جاك سترو، وزير الداخلية في عهد رئيس الوزراء السابق توني بلير، والذي قدم التشريع لأول مرة في البرلمان، أن “التعريف وُضع عمداً ليغطي نطاقاً واسعاً إلى حد ما”. وأعرب عن اعتقاده بأن حظر منظمة “بالستاين أكشن” كان مبرراً على الأرجح، نظراً لأن أفعال المجموعة تجاوزت التخريب العادي إلى التسبب في أضرار باهظة التكلفة لمواقع حيوية للأمن.

وفي وثائق قضائية حديثة بشأن القضية، ذكرت الحكومة أن كوبر تلقت أول إشعار بأن المجموعة قد اجتازت “الحاجز القانوني” للحظر في 13 آذار/مارس، لكنها أبدت مخاوف بشأن التوقيت والحذر في اتخاذ هذه الخطوة.

ومنذ ذلك الحين، أفادت التقارير بأن وزارة الخارجية أعربت عن تحفظاتها بشأن حظر المجموعة في آذار/مارس، لأن “بالستاين أكشن” تعتبرها العديد من الدول، ومن بين أمور، “جماعة ناشطة وليست جماعة متطرفة”.

ويُظهر التأخير بين حصول كوبر على توجيهاتها باستيفاء الشرط القانوني وقرارها حظر الجماعة أن للحكومة سلطة تقديرية. إذ يمكنها استخدام تقديرها السياسي. ومن هنا تساءلت الصحيفة عن مدى التضليل السياسي، وما يرسله من إشارات للرأي العام.

وقالت الصحيفة إن مراسلتها تحدثت إلى شخصية بارزة أخرى قدمت المشورة للحكومة بشأن الإرهاب في الأسبوع الذي تلا حظر الجماعة. وعلمت المراسلة أن هناك حاجة لأن تقدم الحكومة مزيداً من المعلومات حول ما يجعل هذه الجماعة إرهابية. ومع أنه لم يوافق شخصياً على أنشطة “بالستاين أكشن”، بل رأى أنها تلحق الضرر بالقضية الفلسطينية، إلا أنه كان قلقاً جداً من أن قرار حظر الجماعة “سيهيئ الظروف لثقافة استشهادية رائعة”، حيث عبّر عن خشيته من زعم الناس في الداخل والخارج من إمكانية تجريم الناس ببريطانيا لمجرد دعمهم لفلسطين، وهو قلق في محله.

وقد شاهد الرأي العام أكثر من 700 شخص يعتقلون لإظهار دعمهم للمنظمة منذ حظرها، وقالت شرطة العاصمة إنه سيتم مقاضاة 60 شخصاً. وعلى شاشات التلفزيون وحساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، شاهدوا كبار السن، وكذلك الأطباء والمحامين الشباب، يعتقلون لحملهم لافتات سلمية أو الانضمام إلى المسيرات. وفي الوقت نفسه، شاهدوا صوراً لأطفال يتضورون جوعاً ونحيلين في غزة، بالإضافة إلى الدمار الشامل الناجم عن الهجوم الإسرائيلي المستمر والمتوسع.

وهناك علامات عن التأثير السياسي، فقد أظهر استطلاع رأي أجرته شركة “سيرفيشن” لصالح جريدة “ليبر ليست”، ونُشر هذا الأسبوع، أن سبعة من كل عشرة أعضاء في “حزب العمال”، وهم أشخاص حافظوا على عضويتهم ولم يغيروا ولاءهم بعد إلى “حزب الخضر” أو الحزب الجديد بقيادة جيريمي كوربين وزارا سلطانة، يعتقدون أن قرار حظر منظمة “بالستاين أكشن” كان خطأ.

ولا يبدو أن هذه القضية ستتلاشى بسرعة، بل يبدو أنها تكتسب زخماً متزايداً. فقد تعهدت منظمة “الدفاع عن هيئات المحلفين”، التي نظمت احتجاج 9 آب/أغسطس في لندن، بمواصلة حملة “التحدي الجماهيري والعلني”. وقد حصلت المؤسسة المشاركة لمنظمة “بالستاين أكشن” على إذن من المحكمة العليا لتقديم طعن قانوني على قرار الحظر، والذي ستنظر فيه المحكمة في تشرين الثاني/نوفمبر. وتعهدت إحدى أشهر الكاتبات المعاصرات في بريطانيا، سالي روني، الأسبوع الماضي، بالتبرع ببعض عائدات رواياتها وأفلامها لدعم المنظمة المحظورة. فهل سيتم اعتقالها؟ كم عدد الشهداء الذين يستطيع “حزب العمال” أن يتحملهم؟

وفي هذا السياق طرحت نائبة في “حزب العمال” وعضو في مجلس اللوردات، عمل وزيراً في حكومة “العمال”، مخرجاً لحكومة كير ستارمر من مأزق تصنيف جماعة عمل مدني مؤيدة لفلسطين كمنظمة إرهابية.

وزيرة الداخلية: بعض المعلومات المتعلقة بأنشطة “بالستاين أكشن” لا يمكن نشرها للعامة بسبب الإجراءات القانونية الجارية

وقالت سيلا كريسي، النائبة العمالية عن منطقة وولثمستو في لندن، التي صوتت لصالح قرار الحظر، وعضو مجلس اللوردات بيتر هين، وزير شؤون أيرلندا السابق، الذي صوت ضده، في مقال نشرته صحيفة “الغارديان”: “نشعر بصفتنا برلمانيين متحمسين للديمقراطية والحريات المدنية، أن كليهما مهدد. ويشجع عدد متزايد من المنظمات العنف والترهيب سعياً وراء أهداف سياسية. فيما يتعرض النواب لتهديدات وينصحون بعدم فتح مكاتبهم لتلقي أبناء مناطقهم [يطلق عليها عيادات]، فهم في حالة من الحزن على مقتل زميلين خلال السنوات العشر الماضية. ويشجع اليمين المتطرف الاحتجاجات والتهديدات المناهضة للمهاجرين في جميع أنحاء البلاد. ومع ذلك، فإن محاولات معالجة كل هذا تزعزع بشكل متزايد ثقة الجمهور في السياسة وتشجع أولئك الذين يؤججون نيران الكراهية بزعم “رد فعل مزدوج” بدون تغيير، سيزيد من خطر تعرض شخص ما للأذى أو القتل مرة أخرى”.

وقالا إن زيادة التطرف الداخلي والخارجي وخوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي، تدفع وبشكل متزايد نحو العمل المباشر الذي ينتهي بالأذى الجسدي أو التدمير من أجل لفت الانتباه.

وعليه يعد حظر الأنشطة الإرهابية الأداة الرئيسية المتاحة للحكومات لوضع حد نهائي لهذا، ولكن مع تصنيف ما يقرب من 100 منظمة ومئات البريطانيين الآخرين كإرهابيين، في الأسابيع الأخيرة، أصبح من الصعب بشكل متزايد الحفاظ على التناسب بين المنظمات المحظورة في أذهان العامة. ومن هنا فلكي يكون أي قانون فعالاً يجب أن يكون عملياً وشرعياً. و”لكي يحمي الديمقراطية، يجب ألا يكون مصمماً، أو ينظر إليه على أنه مصمم، لتجنيب الوزراء صعوبات التعامل مع المعارضة. ويضع تصنيف جماعة أو فرد أي شخص يعبر سلمياً عن معارضته في نفس فئة من يزرع قنبلة أو يطلق رصاصة”. وتساءل الكاتبان عن الكيفية التي يجب أن ترد فيها الحكومة.

الجواب، هو أن يكون من خلال تحكيم الحس السليم، فملاحقة الناس بسبب ملصق يختبر حدود الحرية، بعضهم قد يدعم أو لا يدعم “بالستاين أكشن”، مع تمسكهم بشدة بحقوق الفلسطينيين، تشوش نية الحكومة بدلاً من أن توضحها. ويجب أن يتمكن الناس من الاحتجاج على فظائع غزة، ويجب أن ينصب التركيز على ما يحدث في فلسطين، وليس في ساحة البرلمان. ويجب على الحكومة أيضاً أن تكون أكثر شفافية بشأن كيفية دعمها لحقوقنا الدستورية.

ويجب ألا تقوم دولة ديمقراطية بفرض قرارات تعسفية، بل يجب أن تسعى جاهدة للحصول على إجماع المواطنين.

—————–انتهت النشرة—————–

Loading

Share This Article