افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 24/8/2025
مفتاح انهاء الحرب يوجد في تفكك الجيش
بقلم: يغيل ليفي
الفيلسوف نوعم تشومسكي قام بنسب للجيش الامريكي دور مهم في خلق معارضة الحرب في فيتنام. حروب مثل حرب فيتنام، قال تشومسكي، هي ببساطة حروب متوحشة وعنيفة ودموية جدا. المواطنون (الجيش الذي يستند الى التجنيد الالزامي) لا يمكنهم فعل ذلك لفترة طويلة. ما حدث هو ان الجيش بدأ يتفكك. احد اسباب تراجع الجيش هو ان القيادة العسكرية العليا ارادت أن يكون خارج هذه المنطقة. هم خافوا من تدمر جيشهم. نعم، تشومسكي احسن وصف القيود التي تميز الجيش الذي جنوده مجندين تجنيد الزامي.
وحل غزة يذكر بدرجة غير قليلة بوحل فيتنام. وربما سيذكر ايضا بطريقة الخروج. في اسرائيل كان هناك حالات فيها المعارضة العامة للحرب نجحت، انسحاب الجيش من لبنان (1985 و2000)، هذا بفضل تركيز الاحتجاج على الثمن الذي تمثل بحياة الجنود، وليس على المنطق السياسي للحرب أو على تبريرها. هذا النجاح نبع من القدرة على تطوير تهديد مباشر لقدرة الجيش على القتال. علامات تآكل ظهرت وبحق، وهي جعلت الجيش يؤيد الانسحاب، أو على الاقل التسليم به. الجيش لا يحب الحرب أو السلام. هو ببساطة حساس لمصالحه التنظيمية.
هذا هو المفتاح في غزة ايضا. الحرب لا تثير المعارضة بسبب غياب منطقها السياسي، درجة اخلاقيتها أو العدد القليل نسبيا من الجنود الذين يقتلون فيها، بل فقط بسبب الخطر الذي يحدق بحياة المخطوفين. هذا هو السبب الوحيد الذي جعل عشرات الآلاف يخرجون الى الشوارع في “يوم الاضراب” الاخير. ولكن هذا الاحتجاج يوجد له تاثير محدود على الحكومة. يمكن ان يكون تاثير فقط اذا تطور تهديد مباشر على سلامة الجيش.
التفكك الداخلي للجيش وصل الان الى مستويات عالية اكثر مما يعرفه الجمهور، بسبب القدرة على اخفاء ذلك وارتجال الحلول، بدرجة كبيرة في المستوى المحلي، وبفضل مخزون القوة البشرية المخلص للصهيونية الدينية. مع ذلك، التفكك مستمر وفيه يكمن مفتاح انهاء الحرب. هو يمكنه ان يجد التعبير في ارتفاع عدد الطيارين الذين امتنعوا عن مهاجمة غزة، وفي الانخفاض الحاد لنسبة الامتثال لأمر الاحتياط، الى درجة ان الحلول المرتجلة مثل استئجار البدائل، لن تساعد، ورفض جنود الجيش النظامي والاحتياط للقيام بامور خطيرة بشكل خاص، لكنها عديمة الفائدة. “انا عرفت ان الانقضاض الان يعني الموت في حرب غبية”، قال شاويش في المظليين حول تبادل لاطلاق النار مع مقاتلي حزب الله في شباط 1999. هذه الافعال وغيرها زادت شلل الوحدات الى حين الانسحاب من لبنان في العام 2000.
هذا ما يمكن ان يحدث في الجيش، المتعب جدا، الذي يحارب في غزة، مع اهداف غير منطقية، بارساله من قبل حكومة غير شرعية ولمهمات يرفرف فوقها علم اسود. فقط التهديد بالتفكك هو الذي يمكنه، بدرجة متوسطة – مرتفعة، ان يجعل قادة الجيش يدركون كمجموعة، مستوى الدمار الذي يتسببون به للجيش، ووزنه بتاثير ماكنة السم اليمينية، أو ربما يقفون في وجه الحكومة ويطالبون بوقف الحرب.
خلافا للصورة الشعبوية، ليس كل الجيش ماسور لليمين المسيحاني، وما زالت قوية وكثيرة فيه الاجزاء التي ما تزال مسيطر عليها من قبل احفاد جيل المؤسسين. تدمير الجيش من اجل بناء جيش آخر بدلا منه، ليس امنيتهم، والثكل ينظر اليه من قبلهم ككارثة، وليس وسام هيبة قطاعية. ايضا حساسية “جيش الشعب” تجاه رأي “الشعب” ما زالت قوية. اذا ارادت الحركة التي تعارض الحرب النجاح، لا سيما بعد الفشل في حشد دعم الادارة الامريكية، يجب عليها التركيز على الجيش. هذا هو المفتاح.
——————————————
هآرتس 24/8/2025
نتنياهو امتنع عن الاجابة على ثلاثة اسئلة، التي ستحسم مصير المخطوفين
بقلم: يونتان ليس
رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لم يرد حتى الآن بشكل علني على الاسئلة الثلاثة التي ستحسم مصير المخطوفين وهي هل هو يؤيد خطة الصفقة التي صادقت عليها حماس في الاسبوع الماضي؛ هل سيوافق على الذهاب الى صفقة حتى بثمن انهاء الحرب ووقف العملية الجديدة في غزة والانهيار المحتمل للائتلاف الحالي؛ هل توجد خطة واقعية تجسر بين الاقتراح الحالي، الجزئي، وبين مطالبته بصفقة شاملة.
بدون تصريحات صريحة يصعب التقدير اذا كان يمكن الدفع قدما بصفقة خلال ايام، أو ان المخطوفين سيواصلون الموت في الاسر. هناك في اسرائيل من يقولون بان المفاوضات تجري من وراء الكواليس مع الحفاظ على السرية بشكل متعمد، في محاولة للتوصل الى اختراقة. هذا الاسبوع يمكن ان يسافر وفد اسرائيلي من اجل اجراء مفاوضات مع حماس.
مصدر سياسي اوضح في نهاية الاسبوع الماضي بان نتنياهو سيرسل وفد المفاوضات لمواصلة المحادثات فور تحديد المكان. ايضا التصميم الذي يسمعه نتنياهو ومحيطه من المبكر تقديره: دبلوماسيون اجانب وجهات اسرائيلية رفيعة قالوا منذ اندلاع الحرب مرة تلو الاخرى بان نتنياهو عمل كما يبدو بصورة خبيثة لافشال امكانية الدفع قدما بالصفقة. هل الشروط التي وضعها الان الى جانب مطالبته بصفقة شاملة، استهدفت افشال مرة اخرى المفاوضات.
في يوم الخميس الماضي، قبل لحظة على بدء النقاش حول المصادقة على خطة الجيش الاسرائيلي للسيطرة على مدينة غزة، واصل نتنياهو الرقص في حفلي الزفاف، واوضح انه يؤيد فتح المعركة في غزة واستئناف المفاوضات ايضا. “أنا اصدرت التعليمات للبدء في المفاوضات الفورية حول اطلاق سراح المخطوفين وانهاء الحرب بالشروط المقبولة على اسرائيل”، قال في بيان لوسائل الاعلام واضاف. “نحن في مرحلة الحسم”.
في الاسابيع الاخيرة وضع نتنياهو اربعة مباديء وثلاثة خطوط حمراء اخرى لانهاء الحرب واعادة جميع المخطوفين. هذه المباديء هي نزع سلاح حماس، نزع سلاح غزة، سيطرة اسرائيل امنيا في القطاع واقامة ادارة مدنية بديلة، ليست حماس ولا ترتكز على السلطة الفلسطينية. الخطوط الثلاثة الحمراء استهدفت رفض الطلبات التي وضعتها حماس في المفاوضات الفاشلة التي تفجرت قبل بضعة اسابيع: اسرائيل لن تحرر مخربي النخبة، الذين شاركوا في الهجوم عليها، ولن تنسحب بشكل كامل من محور فيلادلفيا، وتعارض ضمانات دولية جوهرية تمنع استمرار عمليات الجيش الاسرائيلي في غزة، اذا لم يتم التوصل الى تفاهمات لانهاء الحرب. بدون تفاهمات حول هذه الامور فانه يوجد شك في ان يوافق نتنياهو على التنازل والدفع قدما بتحقيق الصفقة.
حدث آخر مقلق كان أول أمس: الرئيس الامريكي دونالد ترامب نشر مرة اخرى بان عدد المخطوفين الاحياء هو اقل مما تعلن عنه اسرائيل. في ايار الماضي كشف ترامب بانه فقط 21 مخطوف هم احياء. في اسرائيل قاموا في حينه بالنفي، لكن بعد بضعة ايام اضطروا الى الاعتراف بان ترامب على حق. في هذه المرة قال الرئيس الامريكي: “يبدو ان قسم من العشرين مخطوف لم يعودوا معنا”. منسق الاسرى والمخطوفين غال هيرش نفى هذه الاقوال. الى جانب ذلك اوضحت جهات اسرائيلية رفيعة مؤخرا بان هناك حقا قلق كبير بالنسبة لوضع عدد من المخطوفين، من بينهم افيتار دافيد، الذي اظهرت الافلام التي نشرتها حماس بوضوح وضعه الجسدي الصعب، وروم برسلفسكي الذي قال آسروه في الجهاد الاسلامي أنه تم فقد الاتصال معه في اعقاب هجوم اسرائيلي.
على المستوى السياسي قالوا امس بان التقارير عن انه في اسرائيل تم الحصول عن معلومات حول تدهور حالة مخطوفين، الى درجة الخطر على حياتهم، غير دقيقة. في الفترة القريبة القادمة سيتضح اذا كان تصريح ترامب استهدف دفع نتنياهو الى الموافقة على الصفقة وانهاء الحرب في قطاع غزة.
——————————————
هآرتس 24/8/2025
ترامب يحلم بجائزة نوبل للسلام، لكن مكانه هو في محكمة لاهاي
بقلم: جدعون ليفي
حلم الرئيس الامريكي دونالد ترامب، هو الحصول على جائزة نوبل للسلام في اوسلو؛ ولكن المكان المناسب له هو محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. لم يعد يوجد أي اسرائيلي يتحمل المسؤولية الثقيلة عن حمام الدماء في غزة مثل ترامب. اذا اراد، (هو فقط)، يمكنه بمكالمة هاتفية واحدة انهاء هذه الحرب الفظيعة ومنع قتل المخطوفين الاسرائيليين.
هو لا يفعل ذلك. ترامب ليس فقط لا يجري مكالمة (ولا يأتي)، بل هو ايضا يواصل تمويل وتسليح ودعم آلة الحرب الاسرائيلية وكأنه لا يحدث أي شيء. هو جوقة المشجعين الاخيرة لها. قائدها العسكري، بنيامين نتنياهو، اعتبره في الاسبوع الماضي “بطل حرب”، هذا الاحترام المشكوك فيه سارع الى نسبه لنفسه: هو ايضا بطل حرب، قال بتواضع مميز.
الرئيس الامريكي يعتقد ان من يقوم بتدمير شعب، كما يحدث في غزة، هو بطل. وهو ايضا يعتقد ان من يطلق من مكتبه قذائف ثقيلة في عملية لمرة واحدة وعديمة احتمالية النجاح الحقيقي في ايران، هو بطل. هذا هو نمط تفكير الشخص الاقوى في العالم.
عندما نربط اسم ترامب بجائزة نوبل للسلام فان الليل يصبح نهار، والكذب يصبح حقيقة، ومدبر الحرب الاكثر فظاعة في القرن الحالي الى دمج بين مارتن لوثر كينغ وديلاما، الحاصلان في السابق على جائزة نوبل. ترامب ونلسون مانديلا في نفس القارب. هذه المهزلة لا يوجد لها حدود وهل على حسابنا. اذا كانت توجد جائزة نتنياهو وترامب يستحقانها، هي لحسن الحظ الجائزة التي لم توجد بعد، جائزة الابادة الجماعية.
تقارير صادمة نشرت في نهاية الاسبوع لم تترك أي مجال للشك في طابع الابادة الجماعية للحرب. الامم المتحدة اعلنت في يوم الثلاثاء بانه حسب مؤشر التصنيف المرحلي المتكامل (آي.بي.سي)، المؤشر العالمي المعتمد لرصد حالات الجوع، فان المجاعة الجماعية تسود في مدينة غزة بالمستوى 5، المستوى الاعلى في المؤشر. هذه المدينة الجائعة بشكل متعمد ينوي الجيش الاسرائيلي غزوها. وترامب يعطي هذا الغزو الوحشي الضوء الاخضر والدعم الدولي والذخيرة والسلاح.
في نفس الوقت كشفت المواقع محادثة محلية، ومجلة “972” وصحيفة “الغارديان” البريطانية، قاعدة بيانات استخبارية تفيد بان نسبة المدنيين غير المشاركين الذين قتلهم الجيش الاسرائيلي حتى الآن في الحرب هي 83 في المئة، وهي نسبة مرتفعة جدا حتى مقارنة مع افظع الحروب، مثل التي كانت في البوسنة والعراق وسوريا. وحسب بيانات الجيش الاسرائيلي نفسه فان واحد من بين 6 قتلى فلسطينيين كان مقاتل. وكان 5 من بينهم من المدنيين الابرياء، في معظمهم من النساء والاطفال. وكما نشتبه ونعلم فان هذه ابادة جماعية. وامريكا تقف من ورائها.
هذه الحرب يعطيها ترامب الدعم وحتى انه يتجرأ على ان يحلم بجائزة نوبل للسلام. الرأي العام في امريكا في وادي والرئيس الامريكي في وادي آخر. لم يعد هناك أي طريقة لوقف المذبحة بدون مكالمة من البيت الابيض. وفي غضون ذلك لا تلوح أي احتمالية بان الرئيس سيفعل ذلك. مزود بجهاز استخبارات ضخم يتكون من 16 جهاز مع ميزانيات هائلة، قال ترامب بانه “شاهد في التلفزيون بانه يوجد جوع في غزة”.
لكن تلفزيون ترامب كما يبدو لم يصدمه بدرجة كافية كي يهب للقيام بعملية الانقاذ الوحيدة التي يمكن ويجب على امريكا القيام بها: أمر اسرائيل بوقف مطلق وفوري لاطلاق النار. اسرائيل نتنياهو لا يمكنها تحدي كل العالم. ترامب يفعل كل ما في استطاعته كي لا تفرض دول اخرى عقوبات على اسرائيل من اجل وقف الابادة الجماعية. اوروبا غاضبة جدا، لكنها مشلولة بسبب الخوف منه. ومثلها ايضا المؤسسات الدولية.
ناشط يهودي – امريكي وهو رون ديرمر، الذي هو ايضا وزير في الحكومة الاسرائيلية، نجح في خداع البيت الابيض كي يصدق بان الدماء امطار، وأنها نعمة لامريكا. النتيجة: اصبح أبو خطة الريفييرا في غزة، الرئيس الامريكي، الآن كهاني علني وهو يريد جائزة نوبل للسلام عن ذلك.
——————————————-
إسرائيل اليوم 24/8/2025
احتمال عال لمواصلة محادثات المفاوضات في القاهرة
بقلم: داني زاكن
تتعاظم الاحتمالات لان يخرج وفد إسرائيلي في بداية الأسبوع، اغلب الظن الى القاهرة، كي يستأنف المفاوضات على وقف نار تمهيدا لانهاء الحرب. ويقول مصدران دبلوماسيان ضالعان في الاتصالات انه يستكمل اعداد الإطار للمحادثات التي ستقوم على أساس منحى ويتكوف.
ان ما سيسمح باستئناف المفاوضات هي الضمانات التي وعد بها الامريكيون إسرائيل بان اطار المفاوضات سيعنى بتحرير كل المخطوفين، في نهاية الحرب بالشروط التي تطالب بها إسرائيل ولن تتوقف عند منحى ويتكوف. في “إسرائيل اليوم” جلبنا الورقة الامريكية التي نقلت الى إسرائيل في نهاية الأسبوع الماضي وفيها خطة متعددة المراحل، بدايتها وقف نار، تحرير نصف المخطوفين وتحرير مخربين.
لكن المنحى الأمريكي يتحدث عن محادثات مكثفة على انهاء الحرب، والتي في اثنائها، في الأسابيع الأولى لوقف النار، ستدخل منظمات دولة وقوات متعددة الجنسيات الى المناطق التي يخليها الجيش الإسرائيلي. وذلك منعا لسيطرة حماس عليها والبدء باخذ مسؤولية مدنية وامنية على السكان.
في بيان نتنياهو يوم الخميس ليلا قيل انه “مع تحديد موعد اجراء المفاوضات، رئيس الوزراء سيوعز بسفر وفد إسرائيلي للتفاوض على كل المخطوفين، احياء واموات على حد سواء، وعلى انهاء الحرب بشروط إسرائيل. سياسة إسرائيل ثابتة ولم تتغير. إسرائيل تطالب بتحرير كل الـ 50 مخطوفا وفقا للمباديء التي قررها الكابنت لانهاء الحرب. نحن في مرحلة الحسم النهائي لحماس ولن نبقي أي مخطوف في الخلف”.
خلافات رأي واسعة
الى جانب ذلك، من خلف الكواليس يتواصل جدال حول تشكيلة القوى التي ستدخل الى القطاع، مصر تطالب بان تكون هذه فلسطينية بقيادة مصرية، لاجل ادخال السلطة الفلسطينية الى الصورة لاحقا. اما الامريكيون باسناد اماراتي وسعودي فيعملون على قوة متعددة الجنسيات وفيها رجال امن من امارات الخليج، مصر، الأردن والولايات المتحدة. يدور الحديث عن قوة حفظ نظام مع سلاح خفيف فقط ووسائل تحصين يفترض أن تفصل بين الجيش الإسرائيلي ومخربي حماس، والسيطرة على كل المناطق التي يفترض بالجيش الإسرائيلي أن ينسحب منها في وقف النار. الى جانب هذه القوة يفترض أن تدخل منظمات دولية تعنى منذ الان بالاستعدادات لذلك كي تعالج السكان في جملة من المجالات، توزيع الغذاء، علاجات طبية، تعليم ومساكن مؤقتة.
حماس من جهتها لا تظهر بعد علامات علنية للموافقة على شروط لانهاء الحرب، أي تسليم سلاحها والتنازل عن السيطرة في القطاع. لكن في المحادثات مع مصر أساسا يبحثون منذ الان في السبل لتربيع الدائرة. ضمن أمور أخرى يدور الحديث عن تسليم السلاح الثقيل لمصر في المرحلة الأولى وفقط بعد نهاية الحرب يسلم باقي السلاح. بعض من رجال حماس سيبقون مسلحين وسيضمون الى قوات الامن الفلسطينية التي يفترض من ناحيتهم ان تسيطر على القطاع.
في إسرائيل اوضحوا منذ الان بان تجريد القطاع ليس موضع جدال وكذا لن يكون للسلطة موطيء قدم في السيطرة في اليوم التالي. كما تطالب إسرائيل بمواصلة سيطرتها الأمنية في القطاع على نمط يهودا والسامرة. خلافات الرأي واسعة والمفاوضات بالتالي ستستغرق زمنا طويلا. نتنياهو يرقص في العرسين. من جهة اقر خطط الجيش للسيطرة الكاملة على مدينة غزة ومن جهة أخرى يدفع قدما بالمفاوضات. مفاوضات تحت النار سبق ان كانت في الماضي. هنا ننتظر لصيغة تؤدي الى وقف نار الى جانب بدء مفاوضات ومسيرة انهاء الحرب. هذه هي النقطة الهامة، الجسر بين موقف إسرائيل من نهاية الحرب وموقف حماس من وقف النار. استمرار الضغط العسكري جاء ليظهر جدية في النية للسيطرة على غزة اذا لم تنجح المفاوضات.
في أقوله في فرقة غزة يوم الخميس شدد نتنياهو: “هذان الامران – حسم حماس وتحرير كل المخطوفين – يسيران يدا بيد. وهكذا يتملص نتنياهو من النقد من جانب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الامن القومي ايتمار بن غفير في ان القتال مستمر، ويستجيب للتوجه الأمريكي للعمل على انهاء الحرب بطريقة دبلوماسية أيضا. البيت الأبيض، للتذكير، ينسجم مع إسرائيل في شروط انهاء الحرب.
ترامب يثير التخوف
الى ذلك قال رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب يوم الجمعة انه اغلب الظن يوجد اقل من 20 مخطوفا احياء لدى حماس. وفي جواب على سؤال لصحافي عن تأييد الولايات المتحدة لاحتلال القطاع رغم معارضة عائلات المخطوفين قال الرئيس الأمريكي: “إذن يوجد الان 20 لكن يبدو ان الـ 20 ليسوا 20، إذ يبدو، ربما، ليسوا احياء بعد. هذا امر رهيب”. في إسرائيل سارعوا للايضاح بانهم لا يعرفون هنا بمثل هذا التغيير في وضع المخطوفين. رئيس مديرية المخطوفين غالي هيرش اطلق بلاغا لعائلات المخطوفين جاء فيه: “حسب المعلومات التي لدى إسرائيل فانه لا تغيير على المعلومات التي تلقيتموها. 20 من المخطوفين على قيد الحياة، اثنان مع تخوف عظيم على حياتهم، 28 ليسوا بين الاحياء وعرفوا كمخطوفين اموات
——————————————
هآرتس 24/8/2025
الهجوم على تقرير الجوع جاء ليخفي عن الإسرائيليين ما تم فعله باسمهم
بقلم: نير حسون
الكثير من نقاط الحضيض سجلت في الحرب في قطاع غزة، واول أمس اضيفت اليها نقطة اخرى، عندما قرر خبراء الامم المتحدة بان اسرائيل هي المسؤولة عن وضع المجاعة الجماعية بدرجة 5، وهي الدرجة الاعلى. قبل التقرير الذي نشروه فان هذا الوضع يسود تقريبا في مدينة غزة، ويتوقع أن ينتشر جنوبا الى مناطق اخرى في القطاع.
من اجل فهم عمق هذا المستوى المتدني يكفي الفحص في أي دول اعلن فيها عن مجاعة بهذه الدرجة في القرن الواحد وعشرين، جميعها في افريقيا. آخرها كان في السنة الماضية، في السودان، الى جانبها توجد في القائمة اثيوبيا، جنوب السودان والصومال. في اليمن وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية وفي نيجيريا تم الاعلان في السنوات الاخيرة عن مجاعة بمستوى متدن بدرجة أقل.
بالنسبة لاسرائيل الرسمية فان الحديث يدور عن كارثة اعلامية وسياسية. ومؤخرا عملت مجموعة كبيرة من الموظفين والضباط ساعات اضافية في محاولة للعثور على نقاط ضعف في التقرير. في الهجوم عليه حتى قبل صدوره، شارك رئيس الحكومة، وزارة الخارجية، وزارة الدفاع ووزارة الشتات. وسائل الاعلام في معظمها سارعت الى تبني السردية التي بحسبها الحديث يدور عن وثيقة متحيزة وغير موثوقة.
العالم يصعب عليه التصديق بان الدعاية ستقنع، لكن هدفها الاساسي واحد وهو اخفاء الحقيقة عن الجمهور الاسرائيلي حول ما يتم باسمه. هذه الحقيقة تتبين من خلال زيارات افتراضية للعيادات في غزة، في المقال الذي نشر في “ملحق هآرتس” في نهاية الاسبوع الذي صدر فيه التقرير.
من اجل فهم التقرير وادعاءات اسرائيل تجاهه يجب فهم ما هو مؤشر “آي.بي.سي”، الذي تم تطويره في 2004 في محاولة لتقدير مستوى الجوع في الصومال. 21 منظمة انسانية معروفة، من بينها منظمات تابعة للامم المتحدة ومنظمات غير تابعة لها، تقوم لجنة توجيهية لخبراء بجمع وتحليل احصائي معقد للبيانات.
الدليل التقني لـ آي.بي.سي يتكون من اكثر من 200 صفحة. حكومات ومنظمات انسانية تحفظت من هذا المؤشر بذريعة أنه محافظ ومتشدد جدا، حيث انه ليس بالضرورة سيشخص المجاعة في وقت حدوثها. “هم حذرون جدا”، قال مؤخرا للصحيفة البروفيسور اليكس دي فال، الخبير الدولي في الجوع. “اذا لم ينجحوا في الحصول على معلومات أو أن هناك من يمنع وصول المعلومات، فيمكن ان تحدث مجاعة بدون الاعلان عن ذلك. بعد ذلك انت تصل وتحصي قبور الاطفال وتقول، نعم، كانت هنا مجاعة جماعية”.
الخبراء في آي.بي.سي قاموا بوضع ثلاثة مؤشرات. اذا تم اختراقها كلها فتكون هناك مجاعة بمستوى 5. المؤشر الاول يتعلق باستهلاك الطعام – اذا كان هناك ما يكفي من الطعام في منطقة معينة، فهل هو في متناول يد جميع السكان. مستوى استهلاك الطعام يتم فحصه من خلال عمليات مسح تقوم بها المنظمات الشريكة في المنطقة. في التقرير الاخير ابلغت 86 في المئة من العائلات في غزة عن نقص الطعام، واكثر من نصف كبار السن ابلغوا انهم يقفزون عن الوجبات على الاقل اربع مرات في الاسبوع (في محادثات مع “هآرتس” قال غزيون بانهم يأكلون وجبة واحدة في اليوم)، وتقريبا الثلث قالوا انهم بحثوا عن الطعام بين الانقاض. مع هذه البيانات اسرائيل تجنبت النقاش، حيث انه لا يوجد خلاف حول انها منعت الطعام عن الغزيين مدة شهرين، وبعد ذلك تم ادخال كميات قليلة من الطعام الى القطاع.
المؤشر الثاني هو معدل الاصابة بسوء التغذية الشديد والمتطرف، بالاساس في لدى الاطفال. هذه المعلومات تم جمعها في عشرات العيادات التي تقوم بعلاج الاطفال في القطاع، من قبل ممرضات يقمن بقياس بشكل ثابت سمك الابط. اسرائيل تدعي ان عينة من ياتون الى العيادات غير تمثيلية، وأن الحديث يدور من البداية عن الاطفال الاكثر ضعفا، وان طريقة القياس لا تعكس وضع التغذية الحقيقي للاطفال، خلافا لدمج الوزن والطول (كان هناك من قالوا حتى بانه تم اختراع الطريقة بشكل خاص لغزة). ولكن نفس هذه الطريقة التي تظهر في بروتوكول آي.بي.سي استخدمت لقياس الجوع ايضا في السودان وهي مقبولة في الاماكن التي تتعرض فيها منظومة الصحة للانهيار ولا يمكن قياس ووزن كل طفل – مثلما في غزة. الاستطلاعات التي يستند اليها الخبراء تشمل ايضا اطفال معافين ياتون الى العيادات للحصول على التطعيمات.
ادعاء اسرائيلي آخر هو انه حتى حسب آي.بي.سي، فان البيانات التي تم جمعها في تموز لا تجتاز عتبة الجوع من الدرجة 5 – 15 في المئة سوء تغذية شديد لدى الاطفال. ان اجراء حسابات على البيانات بالنسبة لكل الشهر يظهر حقا ان غزة ما زالت لم تجتز العتبة، لكن التقرير يميز بين النصف الاول من الشهر والنصف الثاني الذي فيه تم اجتياز العتبة (التقارير عن الموت بسبب الجوع في القطاع بدأت تنشر في 20 تموز). المهم هو التوجه، الذي هو نحو التدهور.
المؤشر الثالث هو معدل الوفيات بسبب الجوع، هنا النسبة التي تم تحديدها هي حالتي وفاة من بين كل عشرة آلاف. اسرائيل تدعي ان معدل الوفاة في غزة بعيد جدا عن هذه النسبة. ويبدو أن تقارير وزارة الصحة في غزة تؤكد هذا الادعاء: في الشهر الاخير حسب الوزارة مات في غزة بسبب الجوع 205 اشخاص، 0.3 كل يوم من بين كل عشرة آلاف. ولكن آي.بي.سي لا يتعامل مع الموت بسبب الجوع، بل مع الوفيات غير العنيفة عموما. الجوع الجماعي ليس فقط مشكلة صحية بسبب نقص الطعام، بل ايضا انهيار مطلق لنسيج الحياة. كبار السن والاطفال الرضع يموتون بسبب ضعف مناعتهم، وهم يعانون بسبب التلوث من العيش في الخيام بدون منظومة الصرف الصحي وشبكة المياه؛ المرضى بامراض مزمنة يموتون لانه ليس لديهم طريقة للحصول على العلاج أو الطعام الخاص أو لانهم اضعف من ان يصلوا الى العلاج، وهناك ولادات مبكرة كثيرة وتعقيدات في الحمل.
في الاسابيع الاخيرة تحدثت “هآرتس” مع 13 طبيب كانوا في غزة، جميعهم شهدوا بان وضع المرضى يتدهور بسرعة، وان وضع جميع السكان سيء جدا. من المرجح ان الوفيات في القطاع لا يتم الابلاغ عنها كما يجب، كتب في التقرير، “بسبب انهيار منظومة الرقابة، والوضع الصحي المتفاقم بسبب التلوث وبسبب عدوى مقاومة الادوية، التي تحول الاصابات التي كان يمكن علاجها في السابق الى وفيات، وانهيار وحدات العناية المركزة للاطفال حديثي الولادة”.
ذروة هجوم الدعاية الاسرائيلية كانت في البيان الذي نشره مكتب رئيس الحكومة أول أمس. البيان مليء بالاكاذيب والاكاذيب البيضاء وانصاف الحقائق والتشهير والاتهام بـ “الفرية الحديثة”. الكثير منها تم دحضه في السابق، لكن لا مناص من دحضه مرة اخرى. هكذا يدعي نتنياهو ان “اسرائيل سمحت بادخال طن من المساعدات لكل شخص في غزة بالمتوسط منذ بداية الحرب”. بدون الدخول الى مسالة هل هذا هو الوضع حقا، يجب التساؤل هل طن للشخص خلال سنتين هو كثير أو قليل، حيث ان الشخص المتوسط ياكل مئات الكيلوغرامات من الطعام في السنة. اضافة الى ذلك المساعدات ليست بالضرورة طعام. الشاحنات التي دخلت القطاع حملت ايضا الوقود والخيام والمعدات الطبية، التي من غير الواضح اذا تم شملها في الحساب. والى ذلك يجب اضافة سرقة الشاحنات والتوزيع غير المتساوي للطعام، وحقيقة ان من يحتاجه اكثر من الجميع يجد صعوبة في الحصول عليه. حتى لو تجاهلنا كل ذلك فان ما يزيد الوضع خطورة هو ان اسرائيل منعت ادخال الطعام الى غزة لفترة طويلة، الامر الذي لا يمكن أي متوسط من اصلاحه.
ادعاء آخر مشكوك فيه، يكرره نتنياهو، هو ان حماس سيطرت على المساعدات التي تم ادخالها الى غزة. عمليا، هذا لا يوجد عليه أي دليل، كما اعترف ايضا ضباط كبار في الجيش الاسرائيلي، الذين اقتبست اقوالهم “نيويورك تايمز” وكما اظهر تحليل لمنظمة “يو.اس.ايد”. رئيس الحكومة كرر ايضا الكذبة التي بحسبها الامم المتحدة لا تقوم بجمع الطعام الذي يتم ادخاله الى القطاع في الوقت الذي فيه العنصر الوحيد الذي يزعجها في فعل ذلك هو الجيش الاسرائيلي. هكذا فانه من بين الـ 79 طلب حركة التي قدمتها الامم المتحدة للجيش في الاسبوع الماضي، فقط 45 تم تنفيذه بالكامل.
نتنياهو حتى تفاخر بان اسعار الطعام في القطاع انخفضت. هو فقط نسي الاشارة الى ان ذلك حدث بعد أن ولدت التقارير عن الموت بسبب الجوع، وبعد ان تجاهل جميع التحذيرات، الضغط الدولي الذي اجبر اسرائيل على ادخال الى غزة المزيد من الطعام – وانه حتى الان الكميات التي تم ادخالها بعيدة عن تلبية كل احتياجات السكان.
الجوع الجماعي هو ظاهرة ترافق الناس من الازل، مثلما شهد التناخ وكل الاساطير الاخرى. ولكن في القرن الواحد والعشرين هذه ظاهرة نادرة جدا. لقد تعلمت الانسانية انتاج ونقل والحفاظ على الطعام واطعام حتى الضعفاء جدا في المجتمع. لذلك فان الجوع الجماعي في هذه الايام هو دائما من صنع يد الانسان. اناس يتم منعهم من قبل اناس آخرين من الطعام الذي هم بحاجة اليه، والجوع في غزة يشبه ذلك اكثر من أي جوع آخر. لا يوجد حول القطاع نقص في السعرات، البروتينات والفيتامينات. شاحنات محملة بالطعام انتظرت لاشهر في مصر، الاردن، الضفة الغربية واسرائيل، من اجل الدخول اليه واطعام الغزيين. حكومة اسرائيل الماسورة بجنون الانتقام والبقاء السياسي احدثت بشكل متعمد الكارثة. الجوع في غزة حقيقي وهو من صنع ايدينا.
——————————————
إسرائيل اليوم 24/8/2025
الواقع بين الكابنت والجيش
بقلم: يوآف ليمور
مشكوك ان يكون احد ما، باستثناء بنيامين نتنياهو، يعرف ما الذي تخطط له إسرائيل في غزة. فالطريق الذي تسافر فيه يؤدي الى التفرع: من جهة، صفقة توجد في متناول اليد وتعيد الى الديار 10 مخطوفين احياء و 15 – 18 مخطوفا ميتا. في الجهة الأخرى، حملة واسعة لاحتلال مدينة غزة، ولاحقا ربما أيضا احتلال القطاع كله.
يخيل أن نتنياهو مقتنع بانه يمكنه أن يواصل السفر في خط مستقيم: ان يعيد كل المخطوفين وان يحسم حماس في نفس الوقت. هو لا يشرح للجمهور او لشركائه السياسيين او لقيادة جهاز الامن كيف ينوي عمل ذلك. الا اذا تراجعت حماس في الايام القادمة ووافقت على تنازلات لمنع توسيع الحرب، فان إسرائيل هي من ستكون مطالبة بان تحسم.
بخلاف ما يفهم من تصريحات وبيانات السياسيين في القيادة السياسية – الحزبية، لا يوجد سبيل للجيش الإسرائيلي ان يضمن أي عنصر في القرارات التي اتخذها الكابنت. لا يعرف كيف يضمن سلامة المخطوفين ويمنع اعدامهم، ام الامتناع عن الإصابة بهم. كما أنه لا يمكنه ان يضمن الا تقع إصابات عديدة في أوساط القوات في المعركة على مدينة غزة وبالتأكيد الا يتعهد في جدول زمني لانهاء اعماء تطهير غزة السفلى (السيطرة على غزة العليا ستكون اسهل). وهو لا يمكنه حتى أن يضمن بان يستوفي مهمة اخلاء مليون مواطن فلسطيني، فيما ان ثلثهم لن يوافقوا على الاخلاء حتى عندما سيطر الجيش الإسرائيلي على مدينة غزة في تشرين الثاني – كانون الأول 2023.
لقد أوعز الكابنت للجيش ان ينهي المهمة هذه حتى 6 أكتوبر، كي يحيي سنتين على الحرب بصورة نصر. ليس واضحا عن أي نصر يدور الحديث: فالمسار الذي تسير فيه إسرائيل الان هو وصفة مؤكدة على أنه حتى يوم الذكرى الثالثة للكارثة سيكون في غزة جنود (وعلى ما يبدو مخطوفون أيضا). رئيس الأركان وقيادة جهاز الامن يحذرون من انه بدلا من انهاء الحرب، من شأن إسرائيل أن تعمقها وتغرق فيها.
تآكل في الجيش وفي مكانة إسرائيل
إضافة الى ذلك فانهم يحذرون أيضا من أنه بدلا من إيجاد مسار يعفي إسرائيل من الحاجة الى حكم 2.2 مليون فلسطيني من شأنها ان تجد نفسها تقيم حكما عسكريا يكلفها اثمانا هائلة، مشكوك ان تكون مبنية بالايفاء بها. الأول، التنازل عمليا عن المخطوفين كلهم أو بعضهم. الثاني، حياة جنود كثيرين (عمليات حرب عصابات كتلك التي أحبطت الأسبوع الماضي في محصنة لواء كفير ستكون دوما وفي موعد ما من شأنها أن تنجح أيضا). الثالث، بثمن اقتصادي الاقتصاد ليس مبنيا لتحمله. الرابع، العبء عديد السنين (الذي سيؤدي الى التآكل وربما أيضا الى الانهيار) في منظومات الاحتياط، النظامي والدائم. والخامس، في تعميق الانهيار السياسي الذي من شأنه أن يصل الى تحول إسرائيل الى دولة منبوذة.
يد تجند ويد تعفي من الخدمة
هذه التحذيرات لا تقع على آذان صاغية. نتنياهو لا يتأثر حاليا حتى من الضغط الجماهيري المتعاظم في مسألة المخطوفين، ومن جانب أهالي المقاتلين. ثقته الذاتية عظيمة لدرجة ان رسله يعتزمون أن يسرعوا هذا الأسبوع الاتصالات للدفع قدما بقانون التهرب من التجنيد. بيد واحدة ترسل الحكومة أوامر 8 لمن خدموا حتى الان مئات الأيام وباليد الثانية تحاول اعفاء عشرات الالاف من المشاركة في العبء.
لقد امتنع نتنياهو الأسبوع الماضي عن عقد الكابنت. يحتمل الا يكون أراد ان يقف مرة أخرى امام ضغط جهاز الامن؛ يحتمل الا يكون أراد ان يقف امام ضغط شركائه الائتلافيين. عيناه تتجهان كل الوقت الى واشنطن في جهد لقياس دائم لدرجة الحرارة في البيت الأبيض. طالما كان يشعر بانه له ريح اسناد من الرئيس ترامب، فان الحرب ستستمر. اذا اعتقد ان ترامب يغير الاتجاه يحتمل ان تتوقف إسرائيل. في هذه الاثناء يفسر نتنياهو حرفيا طلب ترامب انهاء الحرب. من ناحيته، تتجه النية لتصفية حماس. ليس مؤكدا ان الرئيس الأمريكي يعرف أو يفهم كم هو تنفيذ هذا على الأرض طويل، معقد ومتملص. قادة الجيش الأمريكي وعدوه بتصفية التهديد الحوثي بسهولة، والولايات المتحدة كانت هي التي تراجعت بعد بضعة أسابيع كي لا تنجرف الى معركة مفتوحة. غزة اكثر تعقيدا باضعاف، وبالتأكيد حين يكون في الخلفية مخطوفون وتحد مدني معقد.
ساعة رمل المخطوفين تنفذ
ترامب يهتم بالتفاصيل بقدر أقل. في نهاية الأسبوع دوخ عائلات المخطوفين حين قال ان جزءاً من العشرين مخطوفا الذين يعتبرون احياء لم يعودوا معنا. وكان المنسق غال هيرش مطالبا بان يصدر بيان إيضاح مشكوك أن يكون هدأ روع العائلات. كل من رأى اشرطة روم برسلفسكي وافيتار دافيد يعرف بان ترامب أيضا لا يعرف عما يتحدث، بالتأكيد يحتمل أن يكون محقا. كل دقيقة في الاسر هي خطر حياة فوري بالنسبة لهم.
الأسبوع القريب سيكون حرجا. في يوم الثلاثاء سيعطل الاقتصاد في تضامن مع المخطوفين. اذا استندنا الى التعطيل السابق في يوم الاحد الماضي، والى الاستطلاعات فان اغلبية متماسكة في الجمهور تؤيد صفقة تعلق او توقف الحرب. في نهاية الأسبوع ستكون الذكرى السنوية لقتل ستة المخطوفين في نفق في خانيونس. هذا سيكون تذكيرا آخر بثمن تقويض الصفقات. بعد ذلك فورا في 2 أيلول سيبدأ التجنيد المكثف لرجال الاحتياط بامر 8. معقول أن يترافق وتصعيد الضغط العسكري على مدينة غزة من خلال الهجمات والاقتحامات.
نتنياهو قال انه سيخوض الخطوتين بالتوازي: المفاوضات والحرب في نفس الوقت. في هذه الاثناء لا تنفذ إسرائيل الا طرفا واحدا فقط من هذه المعادلة – القتال وتمتنع عن طرف المفاوضات في المعادلة. اذا لم تطرأ انعطافة فانها ستدخل الى مسار ذبح خطير. الحكومة مقتنعة انه مثل هاري هوديني، الساحر المعروف، فان إسرائيل ستعرف كيف تخرج من كل وضع. يجدر بنا أن نأمل، ان بخلافه، الا تكبح طريقنا كنتيجة لضربة غير متوقعة.
——————————————
هآرتس 24/8/2025
نتنياهو لا يعتزم حقا اجراء مفاوضات .. يعول على أن ترفض حماس شروطه واحتلال غزة يبدأ
بقلم: حاييم لفنسون
اذا لم يحدث أي شيء استثنائي حتى منتصف الاسبوع، ستخرج بعثة اسرائيلية كما يبدو الى القاهرة من اجل البدء في اجراء المفاوضات حول “انهاء الحرب”. كما يبدو، بعد سنة ونصف من الترتيبات المؤقتة، اخيرا بدأوا يتحدثون عن اطلاق سراح جميع المخطوفين وانهاء الحرب. عمليا، هذا كسب آخر للوقت. لطالما كانت حماس تريد اتفاق نهائي فان بنيامين نتنياهو يريد اتفاق مؤقت. الان حماس تريد اتفاق مؤقت ونتنياهو يريد اتفاق نهائي. بالنسبة لاسرائيل، كما يقول المقربون من نتنياهو، لا يوجد أي مكان للمفاوضات. نتنياهو على قناعة بان خطة “احتلال غزة” هي تهديد ناجع سيجعل حماس توافق على شروطه. اما ان توافق حماس أو ان الخطة ستنطلق في الطريق. هدف المفاوضات هو فقط تنسيق التفاصيل التقنية.
نتنياهو يعرف ان حماس لن توافق على شروطه، وهذا هو الهدف. الحديث لا يدور عن مواقف في المفاوضات، التي تهدف الى اظهار المرونة فيها. خلف هذه الشروط يختفي سموتريتش وبن غفير، اللذان بالنسبة لهما أي انسحاب هو ذريعة لاجراء الانتخابات. نتنياهو يريد السيطرة على منطقة مساحتها 20 – 25 في المئة من اراضي القطاع، بما في ذلك محور فيلادلفيا، محيط غزة، ومناطق اخرى مسيطرة. ايضا يريد تحديد من سيحكم غزة، مع استبعاد حماس والسلطة الفلسطينية من قائمة الخيارات. نتنياهو ايضا لا يعرف ما هو الممكن وما غير الممكن. بالنسبة له هذا الامر لا يهمه ايضا.
في ادوات الدعاية ومن يحملون صفحات رسائل نتنياهو يحبون ان يعرضوا منتقديه وكأنهم “مستعدون لابقاء حماس في غزة والتسبب بكارثة اخرى”. المجال ضيق لتفنيد كل اكاذيب نتنياهو في الفترة الاخيرة. لب الموضوع هو الكذب. لا يوجد أي شخص في العالم يريد ان تبقى حماس في الحكم في غزة، حتى تركيا، قطر، مصر، الاردن، الامارات، السعودية والولايات المتحدة. في دول الوساطة، الممولة المستقبلية لغزة، يوجد اجماع كامل على ان حماس هي مشكلة وانه لا يمكن الاعتماد عليها في ان تهتم بمصالح اللاعبين المهمين في المنطقة. أي دولة لن تقوم بضخ الاموال الى غزة في الوقت الذي تسيطر فيه حماس عليها. في حماس يعرفون ذلك، ومنذ فترة طويلة هي عرضت نموذج لـ “حكومة خبراء”، التي في اطارها هي ستنسحب من الحكم. لكن لا تقلقوا، نتنياهو سيقول ان هذا ايضا غير كاف، وسيواصل وضع الطلبات من اجل تشويش المفاوضات.
حتى الآن نتنياهو يحظى بدعم الرئيس الامريكي دونالد ترامب. بالنسبة لنتنياهو هذا هو الامر الوحيد المهم في العالم. السقوط السياسي في اوروبا يمكن من ناحيته ان يعالجه جدعون ساعر – اسم الشيفرة لاشياء لا وزن لها. ايضا اول امس عاد ترامب واعطى دعمه لاسرائيل. مقولته العرضية وكانه يوجد اقل من 20 مخطوف على قيد الحياة غير دقيقة. كما هو معروف ترامب ليس شخص يدقق في اقواله. حتى لو سمعتها عائلات خرجت عن اطوارها في السنتين الاخيرتين. مصادر في جهاز الامن قالت انه لا يوجد أي تغيير في التقدير الاستخباري حول وضع المخطوفين.
يبدو ان ترامب ينوي السماح للعملية في غزة بأن تتدحرج، ورؤية ما اذا ادت الى تغيير في مواقف الطرفين، واذا لم تؤد فانه قادر على ان يفقد الاهتمام بالحرب التي لا تنتهي. اهتمامه الان ينصب في الاساس على روسيا – اوكرانيا، وعلى الوضع في سوريا. ترامب ومبعوثه في سوريا توم براك، لم يحبا هجوم اسرائيل في دمشق كانتقام على المذبحة في جبل الدروز.
الى جانب الرسائل التي يزعمون انها نقلت الى اسرائيل، فان الولايات المتحدة تفرض الآن في المفاوضات في باريس “آلية” دفاع عن الدروز في سوريا، التي اساسها ان يتم اخذ السيطرة من قبل امريكا ووقف الهجمات الاسرائيلية على النظام في سوريا. في غرف المفاوضات يوافق رون ديرمر على كل شيء. من المهم لاسرائيل ان تحتفظ بقمة جبل الشيخ السوري في يدها، التي احتلتها بدون مقاومة في كانون الاول. بالنسبة لنتنياهو هذا انجاز “كبير” يمكن بيعه في الانتخابات. صحيح انه حتى الآن لا يوجد للامريكيين أي الحاحية لانسحاب اسرائيل الى خطوط 1974، وبالتالي، ليبقى الامر على حاله.
——————————————
يديعوت احرونوت 24/8/2025
التسونامي الهاديء
بقلم: د. ميخائيل ميلشتاين
ترافق اعلان الوزير سموتريتش الأسبوع الماضي عن إقرار خطط البناء في المنطقة E1 قرب القدس، ترافق بايضاح بان الخطة تشكل “مسمارا آخر في نعش فكرة الدولة الفلسطينية”. وقد أثار الامر صدى محدودا نسبيا في إسرائيل، التي تركز على المعركة في غزة وعدد لا يحصى من الشروخ الداخلية، لكن الساحة الدولية ردت بتنديد حاد للإعلان، تنديدا وقعت عليه أيضا دول صديقة لإسرائيل.
أفعال واقوال كهذه في سياق يهودا والسامرة تضمن للتسونامي السياسي – الذي ستكون ذروته في الجمعة العمومية للأمم المتحدة في أيلول، حين تعزم دول مختلفة لاعتراف واسع بدولة فلسطينية – ليس فقط أن يتحقق، بل سيكون عظيم القوة. دون أن يكون لإسرائيل قدرة على صده. التحدي المركزي ليس للاعلانات الرمزية، بل قيود في مجالات الاقتصاد، وعلاقات العلوم والاكاديميا التي تطل شراراتها منذ الان، وستؤثر على حياة عموم الإسرائيليين. أصحاب القرار يلغون تلقائيا الضغط الدولي المتزايد بحظر دخول وزراء ونواب على عدة دول في الغرب مثلا، باللاسامية وبمظاهر عطف او تسامح تجاه التطرف والإرهاب. كل هذه بالطبع موجودة ولكنها ليست القصة المركزية في التسونامي الحالي الذي ينبع من انعدام توافق عميق واصيل من جانب معظم دول العالم مع السلوك الحالي لإسرائيل في السياق الفلسطيني.
مواطنو إسرائيل أيضا يقفون امام فجوة في الموضوع الفلسطيني ولا يتلقون جوابا واضحا من رئيس الوزراء الذي يراوح بين نهج صقري – مثلا حين يتبنى بحرارة خريطة معلقة على الحائط تعكس “بلاد إسرائيل الموسعة”، التي تتضمن جزءاً من مصر، الاردن، سوريا، لبنان والعراق – وموقف معقد مرقق نسبيا أبداه في زيارته الأخيرة الى واشنطن، حين تحدث (بغموض) عن إمكانية إدارة ذاتية فلسطينية. ان القول بان النقد الدولي ينبع من اللاسامية او من كراهية إسرائيل جاء ليزرع في الإسرائيليين الإحساس بان الهجوم جماعي، ليجمع الناس حول القيادة، وليدافع عن قرارات موضع خلاف في الداخل وعن مواقف تتعارض ومواقف قسم كبير من الشعب.
مثلما في غزة، في يهودا والسامرة أيضا، رؤيا حزب واحد في الائتلاف أصبحت أجندة الحكومة كلها – فيما ليس واضحا ما هو موقف الليكود من الموضوع وكيف يختلف عن موقف سموتريتش. وزير المالية نفسه يدعي منذ بداية الحرب انه نشأت فرصة تاريخية لتغيير DNA الضفة من خلال تكثيف الاستيطان، وان هدفه الوصول الى نقطة لا عودة بحيث أنه لو سقطت حكومة اليمين – فلن يكون ممكنا تنفيذ أي فصل بين الشعبين في المستقبل.
ما يجري الان في يهودا والسامرة يوفر اطلالة لما هو متوقع في غزة: تغيير دراماتيكي للواقع تدفع به قدما اقلية تغلف رؤياها الفكرية بغطاء “استراتيجية واعية” و “تعلم أخطاء 7 أكتوبر”، ويتاح بسبب ظروف سياسية عابثة. كل هذا دون ان يُسأل رأي الإسرائيليين الذين لا يفهمون التداعيات الدراماتيكية المرتقبة على طابع الدولة، علاقاتها مع العالم والحياة اليومية.
وهكذا، من تحت الرادار يتصمم واقع جديد في يهودا والسامرة يقوم على فرضيتين أساسيتين. الأولى هي ان واشنطن ستكون الى الابد الى جانب إسرائيل وستدعمها حتى لو اتخذت خطوات ضم هناك وفي غزة. وهكذا تقلص إسرائيل عمليا مجال المناورة السياسية لديها، في ظل المس بالعلاقة مع دول أساس في الغرب (مثلما يتضح تجاه فرنسا وأستراليا) وبالطبع لا تأخذ بالحسبان التقلبات التي تميز عهد ترامب، وكذا إمكانية ان يتخذ رؤساء يأتون بعده سياسة مختلفة تماما.
الفرضية الأساس الثانية هي أنه لا حاجة لمراعاة الرأي العام العالمي، قول يتماثل مع فكرة “الاغيار لا تراعي”، وبموجبها لا بأس في تحمل الاضرار من جانب الساحة الدولية مقابل تحقيق رؤيا وحدة البلاد. كل هذا، في ظل استخدام مفاهيم توراتية مثل عقيدة يهوشع بن نون او القضاء على عملاق التي لا تنسجم مع القيم الأساس المعروفة لإسرائيل، والتي تثير في العالم الشك بالنسبة للتغيير الذي يجري في طابعها. الأخطر هو السير المتسارع – المدعوم من كثيرين في الحكومة، لكن ليس من اغلبية الشعب التي ليست واعية له – الى واقع الدولة الواحدة، هدف مركزي في خطة الحسم التي نشرها سموتريتش في 2017، وفي اطارها يقوم كيان واحد بين البحر والنهر، وفي شعبان بحجم مشابه لكنهما ذوا مكانة مدنية مختلفة. هذا تهديد للرؤيا الصهيونية: نمط حياة من المواجهة “البلقانية”، عزلة دولية في ضوء وضع الابرتهايد، واساسا – ميزان ديمغرافي هش.
تستقبل التغييرات الدراماتيكية بهدوء غريب من جانب الفلسطينيين، بعيدا جدا عن الردع الاستراتيجية بشأن انتفاضة ثالثة وتفكك السلطة الامر الذي كانت تطرحه محافل الامن في العقد الأخير. ينبع الامر من يأس مزدوج: سواء من إمكانية تسوية سياسية ام من القيادات الفلسطينية. عقب ذلك يتعاظم في يهودا والسامرة، وبخاصة في الجيل الشاب، التأييد لفكرة الدولة الواحدة – شريطة ان تترافق ومواطنة كاملة بما في ذلك حق الاقتراع.
ان محدثي التغيير في يهودا والسامرة وفي غزة يهاجمون بشدة مهندسي أوسلو وفك الارتباط، ضمن أمور أخرى وبدعوى أنهم عملوا بخلاف موقف الشعب ومحقون في أن خطوات في المسائل الإقليمية – موضوع مشحون في المجتمع الإسرائيلي يثير دوما جدالات مريرة – يجب أن تقف امام اختبار الجمهور (الامر الذي كان في نظرة الى الوراء مطلوبا في 1993 وفي 2005). عمليا، من ينتقد سوابق الماضي يفرضون بأنفسهم رؤياهم بدلا من طرح الموضوع على الحسم في استفتاء شعبي أو في انتخابات.
ان اخطار التسونامي بدأ يتحقق منذ الان، لكن ذروته لا تزال امامنا، على ما يبدو في الشهر القادم. في هذه الاثناء ينشأ اخطار خطير بقدر لا يقل يتعلق بالدولة الواحدة – سيناريو تندفع اليه إسرائيل، في ظل ابتلاع هاديء ليهودا والسامرة. الى جانب المطالبة الشرعية بالفهم العميق لما هي الأهداف الاستراتيجية للمعركة في غزة، يجدر بالجمهور ان يطرح أسئلة ثاقبة للقيادة بالنسبة ليهودا والسامرة أيضا – ساحة خلفية هادئة ظاهرا، من شأنها أن تشكل مصدرا لكارثة استراتيجية.
—————–انتهت النشرة—————–