افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 25/8/2025
هل الجمهور مستعد لحرب حتى النهاية من اجل اجراء انتخابات نزيهة؟
بقلم: روغل الفر
محللون سياسيون في كل وسائل الاعلام الاسرائيلية يواصلون تفسير سلوك بنيامين نتنياهو بمفاهيم من سياسة انتخابات. وكأنه يتطلع الى تحقيق شيء يجلب له الفوز في صناديق الاقتراع، رغم انه يبدو ان كل ما يحاول تحقيقه وكل ما يحققه بالفعل، لا يغير وضعه في الاستطلاعات، ولن يغير وضعه في المستقبل، مع الاخذ في الحسبان انه باستثناء قاعدته، الجمهور يعارض خطواته وحتى انه غاضب منها ويعتبرها بالتحديد ذريعة لازاحته.
المحللون يواصلون التعامل مع انتخابات 2026 كحقيقة واقعة، وكخط احمر سيخشى نتنياهو من تجاوزه. ولكن بنظرة ذكية فانه من الواضح ان التفكير بان نتنياهو سيجري انتخابات نزيهة وانه سيحترم نتائجها، هو اعتقاد ساذج، ينبع من العمى والخوف من مواجهة دحضها وفصلها عن الواقع. السؤال الكبير الذي يقلقني، والذي اذهب للنوم معه كل ليلة واستيقظ معه كل صباح، ويبدو لي في هذه الاثناء انه المسالة الاكثر اهمية لمستقبل اسرائيل، هو ما الذي سيفعله الجمهور اذا قام نتنياهو بافشال الانتخابات، سواء عن طريق الغائها او تاجيلها او سن قوانين هدفها ضمان فوزه بطرق غير ديمقراطية أو عدم الاعتراف بنتائجها؟.
في نهاية المطاف من الان اصبح من الواضح لكل عاقل انه ستكون حاجة الى النضال على اجراء انتخابات نزيهة في 2026، وان هذا النضال سيكون صعب ومرير وطويل ومتطلب ومتعب. هذا النضال يجب على الجمهور القيام به، الذي من الان يظهر علامات واضحة للاستسلام رغم المظاهرة الكبيرة في الاسبوع الماضي التي دعت لاعادة المخطوفين والتي كانت لها اهمية رمزية فقط، لكنها من ناحية عملية لم تغير أي شيء في سياسة نتنياهو. المظاهرة الكبيرة التي تفرقت فور انتهاءها. المواطنون الغاضبون والقلقون لن يبقوا في الشوارع. فقد عادوا الى روتين حياتهم ولم يحققوا حتى القليل من اهدافهم.
نحن اصبحنا نعرف انه عندما يخرب نتنياهو الانتخابات فان زعماء مثل يئير غولان واهود باراك سيطلبون من الجمهور القيام بعصيان مدني جماعي. هما سيطلبان من مليوني شخص الخروج الى الشوارع والبقاء هناك. هما سيطالبان بعدم دفع الضرائب. ولكن هل هذه الدعوات ستتحقق، أو أنها لن تكون اكثر من شعارات جوفاء تحصل على استجابة قليلة؟ ما الذي سيفعله الجمهور، هل هو مستعد لحرب حتى النهاية من اجل اجراء انتخابات نزيهة؟ هل سيلتزم بحرب ضروس من اجل هذا المبدأ؟ اذا كان كذلك فهل بقيت له القوة لتحقيق التزاماته؟ هل أي احد يعرف الجواب؟ العقل يقول بان الجواب هو لا.
الجمهور العاجز عن وقف الجرائم ضد الانسانية التي ترتكب باسمه في غزة، الذي يوافق بخضوع، أو بمظاهر الاحتجاج الرمزية وعديمة الجدوى، سحقه الممنهج كل يوم، ويوافق على الاحتلال والابرتهايد في الضفة، وغلاء المعيشة المخيف، والحقوق الزائدة للحريديين، والانقلاب النظامي – لن يجد لديه القوة والتمسك بالهدف، المطلوبين للقيام بالنضال والعصيان المدني طوال الوقت، بدون تهاون أو تنازل، وبنفس درجة التصميم الايديولوجي التي يعرضها الطرف البيبي – الكهاني.
لا شك ان نتنياهو يعتمد على ذلك. فهو تقريبا ينوي الاستعانة بمن سيتولى رئاسة الشباك في 2026، دافيد زيني، الذي سيوفر الدليل على الارهاب الفوضوي، الخائن، الممول من قبل جهات اجنبية معادية. هذا يعني ان النضال من اجل الانتخابات لن يكون صعب فقط، بل مخيف ايضا، وسيترتب عليه ثمن باهظ. مع ذلك، القلب يامل بان حشد كبير، منظم وموحد، سيقوم ويرفض تفويت الفرصة الاخيرة لاسقاط نظام نتنياهو المتخلف. توجد أمنية في القلب.
——————————————
هآرتس 25/8/2025
مثال لاحباط صفقة، دقيقة تلو اخرى
بقلم: رفيف دروكر
في عيد الفصح في 2024، بعد بضعة اشهر على التصميم، المؤسسة الامنية قدمت توصية لانسحاب جزئي من ممر نتساريم، الامر الذي سيسمح بتحقيق تقدم في المفاوضات حول التوصل الى اتفاق. في الساعة الثانية عشرة ظهرا انعقد مجلس الحرب. هاكم ملخص ما حدث، وهو ينشر هنا للمرة الاولى.
رئيس الشباك رونين بار قال انه يجب العمل على صفقة وبسرعة. رئيس الاركان هرتسي هليفي وافق على ذلك واوصى بنيامين نتنياهو باستغلال الصفقة ووقف اطلاق النار المؤقت من اجل نقل الثقل الى المنطقة الشمالية. غادي ايزنكوت تحدث عن الحرب بين النشرات الاخبارية، القصد هو ان الاقوال التي تقال في القناة 14 تملي المواقف في الكابنت. بني غانتس تحدث عن الالتزام الاخلاقي تجاه المخطوفين، وذكر باننا فقدنا بعضهم.
من جهة اخرى، رون ديرمر حاول الصد، وقال ان الصفقة لن تساعد على خلق الشرعية لدخول رفح بعد ذلك. ولكن نتنياهو قال: “الامر الصحيح الذي يجب القيام به في هذه الاثناء هو صفقة جزئية، وقف القتال لبضعة ايام أو اخلاء رفح أو المواصلة”. هو اراد بشكل صريح جدا وقف القتال من اجل الصفقة. “الآن انتبهوا، لا يفصلون في الكابنت”، قال نتنياهو للوزراء وامر باخفاء معلومات عن منتدى اتخاذ القرارات الاعلى في الدولة، لان شركاءه المتطرفين يجلسون فيه. “نقول بشكل عام. يوجد تفويض ونحن نتقدم. يمكن تمرير صفقة في الكابنت اذا كان ذلك سوية مع (الدخول الى) رفح. قوموا بصياغة الامر واجلبوه لي للمصادقة عليه”.
في الساعة 15:00 تم عقد الكابنت الموسع. غانتس وايزنكوت لم ياتيا. هذا كان خطأ. ايتمار بن غفير غضب من انهم لا يقومون بتصفية المخربين بل يقومون باعتقالهم. رئيس الاركان رد: “نحن لا نقتل المخربين الذين يستسلمون”. من الغريب انه يجب الاشارة الى هذا الامر. في الساعة 16:15 تم وقف الجلسة من اجل ان يصادق نتنياهو على كتاب التفويض المحدث لطاقم المفاوضات على خلفية التقدم الذي تم تحقيقه في الظهيرة. مستشاره السياسي، اوفير فالك، بدأ يستخدم الضغط المضاد: “نحن تراجعنا عن خطوط حمراء”.
في الساعة 17:00 تم استئناف جلسة الكابنت الموسع. في الساعة 17:45 بدأ بتسلئيل سموتريتش بالهجوم. توجد شائعات بانكم مستعدين لصفقة مقابل 20 مخطوف. اذا كانت هناك صفقة فلن تكون لك حكومة. تبين ان هناك احد ما قام بتسريب المواقف له في الصباح. في نفس الوقت، في توقيت لا يوجد اكثر دراماتيكية منه، نيتسان الون، رئيس ادارة الاسرى والمفقودين ادخل لنتنياهو كتاب التفويض المحدث والمرن من اجل التوقيع عليه. فجأة توقف نتنياهو وقرر عدم طلب مصادقة الكابنت على التفويض المحدث للطاقم.
في ختام الجلسة دخل سموتريتش وهدد مرة اخرى باسقاط الحكومة. هذا كان مجديا، نتنياهو رفض التوقيع على المواقف الجديدة. في الساعة 12:20 بعد منتصف الليل جرت محادثة جماعية مع رؤساء جهاز الامن، الذين ضغطوا من اجل الدفع قدما بالخطة التي كانت في الصباح. نتنياهو قال لهم انه غير مستعد للتوقيع. ايزنكوت وغانتس اكتشفا ذلك في الصباح بعد ان كان الوقت متأخر جدا.
في الـ 22 شهر من المفاوضات ربما هذا هو المثال البارز لتفويت الفرصة. ليس لان نتنياهو اعتقد انها غير جيدة، بل بسبب الضغط السياسي. ولكنها ايضا تحل لغز احجية صعبة جدا: لماذا شخص رفيع المستوى، ذكي ومجرب، مثل بيرت ماكغورك، مبعوث الرئيس الامريكي جو بايدن لهذه المفاوضات، قال انه لم يكن في أي وقت اقتراح كامل لدول الوساطة لصفقة، قالت له حماس نعم واسرائيل رفضته. من ناحية الحقائق هذا صحيح، لكن الامور لم تعمل بهذه الصورة، وهو اول من كان يجب أن يعرف ذلك.
جورج ميتشل، الوسيط في اتفاق المصالحة في ايرلندا الشمالية، وصف المفاوضات التي اجراها كما يلي: “كان لنا ألف يوم سيء ويوم واحد جيد. عندما تقوم بمنع التقارب في المواقف وتملي الاقتراحات التي سيقدمها الوسطاء، أنت تقضي على امكانية انتهاء الايام السيئة والوصول الى اليوم الوحيد الجيد.
——————————————
معاريف 25/8/2025
الراشد المسؤول
بقلم: افرايم غانور
الألم، القلق والاضطراب في هذه الأيام المجنونة، بعد نحو سنتين من الحرب التي لا نزال لا نرى نهايتها، تنبع أساسا من غياب زعامة براغماتية وشجاعة، مصلحة الدولة امام ناظريها. على مدى 75 من سنوات الدولة حتى إقامة الحكومة الحالية، مرت على إسرائيل غير قليل من الفترات الصعبة، الحروب، الكوارث، الازمات الاقتصادية والاجتماعية. رغم كل هذه، معظم الشعب في إسرائيل، بما في ذلك القسم الذي عارض الحكومات التي كانت تتولى في حينه، كان يعرف انه يوجد على من يمكن الاعتماد – على القيادة السياسية والقيادة العسكرية. وحتى في حرب يوم الغفران الرهيبة كانت ثقة واسعة بالحكومة وبالجيش رغم القصورات الكثيرة.
هذا، بخلاف تام مع الواقع المرير في أيامنا. انعدام الثقة بهذه الحكومة الهاذية يتعاظم فقط من يوم الى يوم، حين يكون الإحساس أكثر من أي شيء آخر هو أنه تنقص هنا شخصية كاريزماتية، مصداقة، عديمة المصالح الحزبية، تقف امام الجمهور، تعرض صورة الوضع الحقيقية وبالاساس تعرض افقا جديرا وباعثا على الامل. من الصعب ان نرى شخصية كهذه ليس فقط بين أعضاء الحكومة والائتلاف، بل حتى في مقاعد المعارضة.
من هنا جدير وصحيح ان يأخذ رئيس الأركان ايال زمير، الذي يتمتع اليوم بالثقة الاوسع من الشعب، على عاتقه دور الزعيم المسؤول وقائد الطريق. لو كان رئيس الأركان زمير يقف اليوم امام الجمهور، يعرض صورة الوضع المحدثة، الإمكانيات والمخاطر التي استمرار الحرب وتداعياتها، وكذا الحلول للوضع، مثلما يراها هو وهيئة الأركان، لكان هذا يساهم كثيرا في وضع واحساس الشعب في إسرائيل.
لو فعل هذا فانه لن يكون رئيس الأركان الأول الذي انتهج هذا الطريق. سبقه رئيس الأركان في حرب يوم الغفران دافيد اليعيزر (ددو) الراحل الذي منذ 8 أكتوبر 1973 اليوم الثالث للحرب واحد الأيام الأصعب فيها وقف في مؤتمر صحفي وعرض امام وسائل الاعلام الكثيرة بما فيها الأجنبية، صورة الوضع الحقيقية. الصورة كانت صعبة جدا لكن ددو لم يتملص من أسئلة الصحافيين ولم يخفِ الحقائق في موضوع وضع الجيش الإسرائيلي في تلك الساعات، لكن الى جانب ذلك بحث الامل وعرض افقا متفائلا لانهاء الحرب، التي ما هو معروف امسكت بالجيش الإسرائيلي (مع البنطال ساحلا).
رئيس الأركان زمير يقف الان على رأس الجيش الإسرائيلي قبيل الدخول المتجدد لقلب غزة وفقا لقرار المستوى السياسي. هذه الخطوة ستعرض للخطر حياة المخطوفين الاحياء الذين يوجدون في ايدي حماس، وبالطبع حياة جنودنا في حرب عصابات حيال عدو ليس له ما يخسره ولا مفر له غير القتال على حياته من داخل الانفاق التي بناها واعدها لهذه المعركة. هذا عدو يعرف جيدا المنطقة وسبق أن اثبت لنا بانه في عمليات حرب العصابات المخطط لها هو قادر على ان يجبي من الجيش الإسرائيلي ثمنا دمويا باهظا. كل هذا، في الوقت الذي لا يرى فيه الجمهور الإسرائيلي النور في نهاية النفق التي تقوده الحكومة الى داخله، وبالطبع لا يعرف من يفترض أن يدير لاحقا، في الواقع المتعذر، حياة نحو مليوني غزة في القطاع.
——————————————-
هآرتس 25/8/2025
الصراخ بأن الجميع لاساميين لا يكفي. يجب على اسرائيل فحص كل ادعاء بارتكاب جرائم حرب
بقلم: دان مريدور
حسب القانون الاسرائيلي، الذي انشأ الجيش الاسرائيلي الذي يعمل بقوته، فان الجيش ملزم بالعمل حسب هذا القانون وحسب المدونة الاخلاقية للجيش الاسرائيلي وحسب القانون الانساني الدولي. نحن لم نتنازل في أي يوم عن هذا الالتزام، بل العكس، دائما تفاخرنا بأننا نطبق قوانين الحرب وننفذها. معروف لنا جميعا الادعاء الذي تكرر لعشرات السنين، ان الجيش الاسرائيلي هو الجيش الاكثر اخلاقية في العالم، حتى لو كان في هذا الادعاء تفاخر وتبجح، مع ذلك يبدو أننا عملنا خلال السنين والحروب على الحفاظ على الجيش الاسرائيلي كجيش يعمل في اطار القانون والاخلاق.
صحيح انه ليس دائما كل شيء كان على ما يرام. خلال سنين كان هناك مرات لم يتم فيها الحفاظ على “طهارة السلاح”، وليس جميعها عولجت كما يجب. ولكن قيادة الدولة وقيادة الجيش الاسرائيلي بذلت الجهود لمنع اعمال كهذه وعلاجها عندما حدثت. كثيرون سيتذكرون قصيدة الشاعر نتان الترمان حول هذا الامر، في ذروة حرب الاستقلال، بعد قيام جندي اسرائيلي بقتل فلسطيني. رئيس الحكومة دافيد بن غوريون أمر بنشر القصيدة في اوساط جنود الجيش الاسرائيلي.
جميعنا تربينا، ايضا في الجيش، على محاكمة “كفر قاسم”، التي فيها ضباط ورجال شرطة من حرس الحدود تم تقديمهم للمحاكمة وادانتهم بقتل مدنيين غير متورطين اثناء عملية سيناء. هناك تعلمنا عن واجب رفض الأمر غير القانوني بشكل واضح، الذي اعطي من قبل القادة المخولين. هناك من يتذكرون محاكمات غولاني وجفعاتي والعقيد يهودا مئير، التي تم عقدها في فترة الانتفاضة، واستقالة رئيس الشباك وشخصيات رفيعة اخرى في اعقاب قضية الخط 300. نحن علمنا الجنود العمل بحسب القانون، واحيانا تم اتخاذ خطوات عندما كانت انحرافات، وحتى قدمنا للمحاكمة خارقي القانون.
الآن نحن متهمون بارتكاب جرائم حرب، بالاساس في قطاع غزة. الاتهامات تسمع بصورة متواترة ايضا من قبل افضل اصدقاءنا في العالم الذين يشاهدون كل يوم صور وافلام، من بينها صور وافلام وثقها الجنود انفسهم، على الشاشات وفي الشبكات الاجتماعية. تضاف الى هذه الافلام الاقوال الفظيعة التي قالها رئيس الحكومة، وزراء واعضاء كنيست من مؤيدي الحكومة، التي الجيش يخضع لاوامرها. هم سمعوا في بداية الحرب رئيس الحكومة وهو يتحدث عن حرب ضد العماليق، التي كتب عنها في سفر شموئيل “لا تشفق عليه، يجب عليك قتلهم، من الرجل وحتى المرأة، من الكبير وحتى الرضيع”. عندما فهم بعد ذلك الضرر الكبير الذي تسبب به اوضح بانه لم يقصد ابادة شعب.
هم يسمعون عضو الكنيست بسموت وهو يقول: “لا يوجد مكان لأي بادرة حسن نية انسانية. يجب محو ذكر العماليق”، هم يقرأون تصريحات رئيس الحكومة في لجنة الخارجية والامن: “نحن ندمر المزيد من البيوت، لا يوجد لهم مكان ليعودوا اليه. النتيجة الوحيدة المطلوبة هي رغبة الغزيين في الهجرة”، هم يسمعون الوزير عميحاي الياهو وهو يتحدث عن القاء قنبلة نووية على غزة، وفي مكان آخر قال: “شمال القطاع اجمل من أي وقت آخر. مدمر وتمت تسويته بالارض”. ببساطة متعة للنظر. وهم يسمعون عضو الكنيست اسحق كرويزر وهو يقول: “يجب تسوية غزة بالارض”، وهم يسمعون عضو الكنيست نسيم فاتوري وهو يقول: “يجب احراق غزة، لم يبق هناك ابرياء، يجب تصفية الذين بقوا”، و”الآن جميعنا لنا هدف مشترك وهو محو قطاع غزة عن وجه الارض”.
جميع هذه الاقتباسات هي من الصحافة، ويقرأونها في المصدر أو في ترجمة في البلاد وفي الخارج. الآن اذهب واشرح بان قيادة دولة اسرائيل لم تكن تقصد ما قالته هذه الشخصيات وأن الجيش لا يستمع الى هذه الاقوال. الضرر الذي لحق باسرائيل في الساحة الدولية هو ضرر غير مسبوق. هذا سقوط حقيقي، حتى لدى افضل اصدقاءنا. الحرب تستمر والضرر يزداد. أين هي حكومة اسرائيل؟ ما الذي تفعله للرد على هذه الادعاءات الخطيرة؟. الصراخ والقول بأن الجميع لاساميين لا يكفي. صحيح انه كانت وما زالت هناك لاسامية، وأيضا كان هناك من لا يريدون أن تبقى دولة اسرائيل قائمة. ولكن المشكلة ليست معهم، بل مع عدد كبير من الدول، المنظمات، الاشخاص (من بينهم الكثير من اليهود)، الذين لا يكرهون اسرائيل وليسوا لاساميين. هم قاموا بتاييدنا من اعماقهم بعد الهجوم الدموي في 7 اكتوبر، لكنهم صدموا حقا من الاتهامات والصور والافلام والتصريحات.
اولا، يجب على اسرائيل فحص كل الادعاءات اذا كانت حقيقية أم كاذبة. الفحص يجب ان يكون جديا من قبل النيابة العسكرية، الشرطة العسكرية، وبرقابة جهاز القضاء الرسمي. واذا تبين أن أحد هذه الادعاءات كاذب فيجب قول ذلك بصوت عال والمحاربة من اجل الحقيقة في الساحة الدولية والاعلامية. محظور ترك هذه الاتهامات بدون رد، يجب علينا ان نعرف، نحن الذين نحب اسرائيل، الحقيقة، ويجب ان يسمعها العالم من قبل اسرائيل الرسمية. واذا تبين انه تم ارتكاب افعال يجب أن لا يتم فعلها، يجب قول ذلك واتخاذ خطوات ضد مرتكبيها أو من أمروا بارتكابها.
ثانيا، القرار الخاطيء، منع المراسلين الاجانب من الدخول الى قطاع غزة من اجل تغطية ما يحدث هناك، يمكن ان يولد الانطباع بانه يوجد لاسرائيل ما تخفيه. يجب السماح للمراسلين المعنيين بذلك بالدخول الى قطاع غزة وارسال التقارير من هناك. توجد ملاحظة اخرى: الى جانب المسألة القانونية والاخلاقية هناك ايضا مسألة الفائدة والخسارة. الحكومة كان يجب ان تدرك التغير الكبير في العصر الحديث. في السابق كانوا لا يشاهدون الحروب على الشاشات اثناء حدوثها. الآن يشاهدونها في كل العالم في الزمن الحقيقي. الحرب تحدث الآن في مكانين في نفس الوقت: في ساحة المعركة وعلى الشاشات. الحرب دائما تبدو فظيعة. الناس يقتلون ويصابون، البيوت تدمر، الاطفال يبحثون عن الوالدين بين الانقاض. لقد وجد هنا انعكاس في القوة: القوي ضعف والضعيف قوي، اذا ظهرت قوي جدا خلال فترة طويلة، حتى لو كنت “الجانب المحق”، فأنت ستعتبر شرير. واذا كنت ضعيف ومتعب ويتم ضربك كل يوم، حتى لو كنت “الجانب الشرير”، فأنت ستعتبر مسكين وستثير شفقة العالم. و”العالم” ليس فقط الرأي العام الذي يجب الاستخفاف به، بل ايضا زعماء الدول الذين يتأثرون به. في هذا العصر محظور شن حروب طويلة كهذه، حتى لو كانت عادلة، لأن من يشنها يخسر. انظروا الى السقوط الفظيع والمتواصل في مكانة اسرائيل الدولية، الذي لم يكن ليحدث لو أننا اوقفنا الحرب بعد الضربة الشديدة التي وجهناها وبحق لحماس، مثلما فعلنا مع حزب الله، بدون الحديث عن “النصر المطلق”، الذي هو غير محدد ولم يتم تحقيقه، ولم نستمر بها امام انظار كل العالم لوقت طويل.
في الختام، اوقفوا الحرب فورا وقوموا باعادة المخطوفين. انتبهوا للادعاءات الخطيرة وقوموا بعلاجها والرد عليها. هذا لن يكون أمر سهل، بل هو ضروري. ليس فقط من اجل الحفاظ على المناعة الاخلاقية للجيش الاسرائيلي ومن اجل الدفاع عن حياة جنودنا، بل ايضا من اجل وقف السقوط السياسي غير المسبوق (في نفس الوقت الانجاز غير المسبوق لاعدائنا)، الذي تسببت به هذه الحرب الطويلة لنا.
——————————————
إسرائيل اليوم 25/8/2025
العاب خطيرة
بقلم: العميد تسفيكا حايموفيتش
تصريح رئيس الوزراء عن الانتقال الى مفاوضات لصفقة شاملة لتحرير المخطوفين وقرار الكابنت السيطرة على مدينة غزة أدخلا الساحة والمشاركين فيها الى مرحلة جديدة في الحرب.
تتبين حماس كمفاوض عنيد، بعيد عن منظمة فقدت قبضتها وقوتها. كما أنها تقرأ الواقع على نحو صحيح وتترجمه الى خطوات تسمح لها بالتحكم بجدول الاعمال وتحسين موقعها. ان استغلال الرغبة الفرنسية في الاعتراف بدولة فلسطينية والضغط الدولي جعلاها تصلب موقفها، واغرقت حملة “التجويع” قطاع غزة بالمساعدات الإنسانية الإسرائيلية والدولية وتقرر وقف نار انساني لعشر ساعات في اليوم – وكل هذا دون أن تضطر لاعطاء أي شيء بالمقابل.
ان موافقة حماس على مقترح الوسطاء لاتفاق التحرير على مراحل قابلة للتفسير من زاويتي نظر: إما ان يكون التهديد باحتلال غزة خلق ضغطا اجبرها على أن تتراجع او انها وافقت على الصفقة لمعرفتها أن إسرائيل سترفض. حكومة إسرائيل تختار التفسير الثاني وتؤخر جوابها على موافقة حماس على اتفاق المراحل، على ما يبدو انطلاقا من الفهم بانه اذا كان التهديد وحده حرك قليلا حماس عن عنادها حتى الان، فان بدء الهجوم على غزة سيسرع الميل.
كم من الوقت ستستغرق السيطرة
فضلا عن ذلك فان الخطاب الجماهيري ينحرف عن الامر الأساس. فالسيطرة على غزة تعرض في نفس الوقت كالسيطرة على بيت حانون او حتى احتلال رفح. غير أن الواقع يختلف تماما بتعقيداته الأكبر.
مدينة غزة، اكبر مدن قطاع غزة، تقع على مساحة نحو 45 كيلو متر مربع (مساحة تل ابيب، لغرض المقارنة فقط هي نحو 52 كيلو متر مربع)، وفيها 700 الف حتى مليون نسمة (في تل ابيب يسكن نحو نصف مليون نسمة).
جدير ومجدٍ اجراء النقاش في ذلك بكل معانيه: كم من الوقت ستستغرق السيطرة على غزة العليا وغزة السفلى، المبنية من انفاق متفرعة كثيرة وطويلة؟ هل يمكن للمخطوفين أن يصمدوا في هذا الوقت كي يبقوا على قيد الحياة في الظروف الدون التي يحتجزون فيها؟
وشيء آخر، متى في المرة الأخيرة احتلت إسرائيل مدينة عدو بحجم غزة؟ ولا مرة، حتى في حرب لبنان الأولى (1982) احتلينا وسيطرنا في غرب بيروت فقط، في مساحة وعدد سكان محدودين. ليس لإسرائيل أي فكرة كيف سيبدو هذا، وليس لنا جميعا قدرة على أن نقدر كيف سينتهي هذا.
حتى الاسم الذي تم اختياره للحملة يشهد على جمود ويبعث على الارتباك: “عربات جدعون 2”. بعد فشل القسم الأول من الحملة، التي كان هدفها تحرير المخطوفين من خلال ممارسة الضغط على حماس يشهد استمرارها على التفكير إياه، بالنهج إياه – ونأمل الا يكون مع النتيجة إياها.
وبعامة، ما هي الحاجة لاعطاء أسماء للحملات التي هي جزء من حرب السيوف الحديديدة؟ فلئن بقينا مخلصين لاهداف الحرب، فان كل الاعمال تخدم الأهداف إياها: تقويض وابادة حماس وإعادة المخطوفين. وبالتالي لماذا نحتاج كل برج بابل إياه من أسماء لا تقدمنا في شيء.
الى أن تبدأ المناورة نفسها نأمل أن يبقى التهديد فقط مثابة تهديد وينزل حماس عن سلم المعارضة. بالتوازي فان المحور السياسي سيشتد ويؤدي الى اتفاق تحرير مخطوفين وانهاء الحرب. على الشروط والاثمان سيسقط ويقوم الاتفاق.
——————————————
هآرتس 25/8/2025
دبابات معطلة وحظر سلاح الماني كفيلين بالمس بالحملة لاحتلال غزة
بقلم: عاموس هرئيلِ
الاشارات المتراكمة غير جيدة. بعد اسبوع على رد حماس بالايجاب على اقتراح دول الوساطة بشان صفقة تبادل جزئية، تمهيدا لصفقة شاملة تنهي الحرب في قطاع غزة، فان اسرائيل تواصل مد الوقت. هذا رغم المعرفة الواضحة بشان الوضع البائس للعشرين مخطوف الذين ما زالوا يحتجزون في الانفاق في غزة، اضافة الى الثلاثين جثة الموجودة في ايدي حماس. هناك تقارير عن نية استئناف المفاوضات، هذه المرة في مكان جديد. يبدو ان لا احد مستعجل هنا، على الاقل ليس بهذا الشان.
الاعداد لعملية السيطرة على مدينة غزة مستمر كالعادة، والرئيس الامريكي، دونالد ترامب، يواصل الدعم الامريكي الكامل لبنيامين نتنياهو. في نهاية الاسبوع اطلق ترامب تقدير حول موت بعض المخطوفين. في اسرائيل ينفون ذلك بشدة. الادعاء بان العملية العسكرية ستنجح، سواء باخضاع حماس او اجبارها بطريقة سحرية على التنازل في اللحظة الاخيرة عن المخطوفين واعادتهم على قيد الحياة، لا يتساوق مع كل ما شاهدناه حتى الآن.
توجد اهمية للضغط العسكري، لكن حماس لم تتنازل بصورة مطلقة في أي مرة. ومن يصمم على حدوث هذا الامر يذكر بالملكة البيضاء في “اليس في بلاد العجائب”، التي تدرب نفسها على ان تصدق على الاقل ستة امور غير محتملة قبل وجبة الفطور.
نتنياهو في هذه الاثناء غير راض عن الاسم الرمادي الذي اختاره الجيش الاسرائيلي بشكل متعمد للعملية وهو “عربات جدعون 2”. رئيس الحكومة، كما قيل، يفضل اسم “القبضة الحديدية”، ربما بسبب رائحة الفاشية التي تنبعث منه. في الاستوديوهات يحارب ضباط الاحتياط على الفضل بشان تخطيط العملية، التي بالفعل لم تبدأ بعد، رغم ان سابقتها لم تثمر الكثير. في المقابل، كل المجتمع الدولي، باستثناء الامريكيين، يدين نوايا اسرائيل، وهناك خبراء قانون يحذرون من ان تدمير مدينة كبيرة سيعرض المشاركين في العملية الى خطر قانوني شخصي في ارجاء العالم. هذا لا يزعج وزير الدفاع يسرائيل كاتس، أحد المهم لهم الحصول على مكان في الصف الاول في المحكمة في لاهاي، والاعلان عن ان غزة ستظهر بشكل مختلف بعد العملية، مثل بيت حانون الذي دمرت في السابق كليا.
الاستعدادات العسكرية تتواصل، لكن ليس بالوتيرة التي يريدها الوزراء. في “اخبار 12” نشر ان الوزير بتسلئيل سموتريتش تطاول في جلسة الكابنت في الاسبوع الماضي على رئيس الاركان ايال زمير، عندما تجرأ الاخير على القول بان الجيش الاسرائيلي لا يعرف كيفية حساب الوقت الذي سيستغرقه الاخلاء بالقوة للسكان من مدينة غزة. الحديث يدور عن حوالي مليون نسمة، وفي الجيش يقدرون ان 30 في المئة تقريبا سيرفضون الاخلاء في كل السيناريوهات، على الاقل الى حين دخول القوات. ولكن سموتريتش وبخ في السابق رئيس الاركان وقال: “لقد اعطيناك تعليمات للقيام بعملية قصيرة، بالنسبة لي يجب عليك محاصرتهم. من لا يوافق على الاخلاء لا تعطيه مياه أو كهرباء، وليموتوا جوعا أو يستسلموا. هذا ما نريده وأنت تستطيع ذلك”. يجب القول بوضوح ان سموتريتش يدفع الجيش لارتكاب جرائم حرب ونتنياهو يصمت.
عشرات آلاف اوامر التجنيد لرجال الاحتياط تم ارسالها من 2 ايلول فصاعدا، من اجل خلق على الاقل وهم لسنة دراسية وكأنه يتم افتتاحها كالعادة. في جزء من الوية الاحتياط يتحدثون عن توقعات متفائلة، 70 في المئة من الامتثال لهذه الاوامر. في الوية اخرى يأملون ان يصل الامتثال الى 50 في المئة. في كل الحالات تمرين الفرز مالوف بالفعل، معدل الحضور لا يشمل الكثير من الجنود الذين يبلغون قادتهم عن عدم قدومهم وأنه لا فائدة من ارسال أمر تجنيد لهم. معدل الحضور يعتمد ايضا على اكتمال البيانات، حيث تقوم بعض الوحدات بذلك من خلال كادر بنفس حجم الكتيبة. هؤلاء جنود احتياط “ملحقون” يتنقلون من وحدة الى اخرى منذ سنتين تقريبا، وقد تنازلوا عن حياتهم المدنية من اجل الحرب لاسباب مختلفة – بدءا بالتماهي الايديولوجي مع اهداف الحرب ومرورا بمصدر رزق بديل عن مكان العمل الذي فقده في الحياة المدنية وانتهاء بالذين ما زالوا عالقين عاطفيا بـ 7 اكتوبر ولا يستطيعون التخلص منه (هذا امر مفهوم بالتاكيد).
وضع المعدات المصفحة ليس افضل من وضع الجنود انفسهم. طواقم التسليح اضطرت الى ارتجال حلول في الميدان وعلاج الوضع الشاذ لوقت سفر الدبابات وناقلات الجنود المصفحة من اجل مواصلة، رغم ذلك، استخدام معدات توجد في قتال مستمر منذ 22 شهر. مؤخرا ظهرت مشكلة جديدة وهي ان حظر السلاح الذي فرضته المانيا يمكن ان يؤثر على استبدال محركات دبابات المركاباه. في هذه الاثناء الى حين ايجاد حل فان هناك دبابات معطلة، وقدرة العملية البرية في غزة يمكن ان يتم المس بها.
تردد رئيس الاركان يرتبط ايضا بالخوف على حياة المخطوفين. المعلومات الموجودة لدى الجيش الاسرائيلي جزئية فقط، وهناك صعوبة في متابعة استعدادات حماس ومكان المخطوفين في الفوضى الكبيرة السائدة في القطاع. لا يوجد لزمير أي نية لتعريض حياة المخطوفين للخطر، لذلك فانه سيتم اتخاذ الكثير من وسائل الحذر بخصوص تقدم القوات. اعتبار آخر يتعلق بالرغبة في تقليل عدد الاصابات في اوساط الجنود. مؤخرا اتبعت في القطاع وسائل حيطة وحذر جديدة في تمشيط المباني، التي يبدو انها كانت مجدية. جزء من التوصيات وصل من الميدان، القوات المقاتلة نفسها، استنادا الى الدروس التي تم استخلاصها من احداث سابقة.
ضغط المستوى السياسي على الجيش من اجل تحقيق نتائج، ومحاولة دفعه الى خطوات اشكالية بين سكان مكتظين، تزيد التوتر داخل الجيش الاسرائيلي. يجب الانتباه بالاساس لما سيحدث بين قيادة المنطقة الجنوبية وسلاح الجو على خلفية اختلافات سابقة في المواقف، وازاء خوف سلاح الجو من الظهور كمن لا يقدم ما يكفي من المساعدة للمقاتلين على الارض.
تسونامي في الطريق
اذا قام الجيش في القطاع بالرد بالمثل على ضغط السياسيين فان هذا ليس الوضع في الضفة الغربية. فهناك يسجل سموتريتش تقريبا النصر المطلق – في حين ان نتنياهو وكاتس وحتى هيئة الاركان يشاهدون ذلك من الجانب. في الاسبوع الماضي اعلن وزير المالية (الوزير الثاني في وزارة الدفاع) عن المصادقة على خطط بناء في منطقة إي1 في شرقي القدس، وتفاخر بان الامر يتعلق بـ “مسمار آخر في نعش الدولة الفلسطينية”.
المشكلة هي ان الجيش ايضا انتقل للتحدث بنفس اللهجة. ليس فقط ان القوات تغض النظر عن العنف الممنهج للمستوطنين في بعض القرى الفلسطينية، بل الآن يتم اتخاذ خطوات عقابية جديدة. في الاسبوع الماضي اطلق فلسطيني النار على مواطنين اسرائيليين قرب بؤرة عيدي عاد واصاب احدهم اصابة بالغة. ردا على ذلك قام الجيش الاسرائيلي باقتلاع آلاف اشجار الزيتون في قرية المغير القريبة. قائد المنطقة الوسطى آفي بلوط، اقتبس وهو يقول “كل قرية يجب ان تعرف بانه اذا قامت بأي عملية فهم سيدفعون ثمنا باهظا وسيشهدون الحصار وحظر التجول”. حسب قوله، اقتلاع الاشجار استهدف التوصل الى أن “الجميع سيكونون خائفين، ليس فقط هذه القرية، بل ايضا كل قرية تحاول رفع يدها على السكان (اليهود)”. هذه هي لغة سموتريتش، وهي تسمع الان على لسان الضابط الكبير في الجيش الاسرائيلي في الضفة.
هذه الخطوات حيث في الخلفية توجد الاستعدادات للهجوم، الذي ينطوي على اضرار كثيرة في غزة، ستضمن تسونامي من الانتقاد لاسرائيل في الساحة الدولية. وهي تحدث قبل وقت قليل من انعقاد الجمعية العمومية السنوي للامم المتحدة الذي سيجري في نهاية ايلول. بشكل عام، الشهر القادم يظهر كشهر متوتر وصاخب. في لبنان يبدو أنه تقترب المواجهة بين الحكومة والجيش وحزب الله، الذي يرفض التنازل عن سلاحه. ايران تستمر في التصادم مع الغرب ازاء خرق الاتفاق النووي والعقوبات التي يتوقع أن تفرض عليها، حيث في الخلفية يوجد الهجوم الاسرائيلي – الامريكي على المنشآت النووية في شهر حزيران الماضي، أمس (الاحد) هاجم سلاح الجو في اليمن، كجزء من تبادل اللكمات مع الحوثيين. الجديد في نهاية الاسبوع، سقوط صاروخ يحمل رأس متفجر متبعثر، يمكن ان يزيد عصبية شركات الطيران الاجنبية ازاء اطلاق النار المتواصل على مطار بن غوريون. في حين انه في الساحة الفلسطينية فقط صفقة التبادل يمكن ان توقف الدوامة.
——————————————
معاريف 25/8/2025
هل ستأتي التتمة؟
بقلم: افي اشكنازي
هجوم سلاح الجو في اليمن أمس جاء بعد أن واصل الحوثيون – بتشجيع وتوجيه إيرانيين – تحدي إسرائيل.
في نهاية الأسبوع اطلقوا مُسيرة حلقت نحو أراضي إسرائيل عبر صحراء سيناء، وفي سياق دخولها الى مجال غلاف غزة اعترضتها طائرات سلاح الجو. مقصدها كان، حسب التقدير، محطة توليد الطاقة في عسقلان او منشأة استراتيجية أخرى – في مجال الطاقة او قاعدة سلاح الجو.
الحوثيون، مثل الإيرانيين أيضا، يحاولون استهداف مراكز استراتيجية في البلاد: موانيء البحر والجو، محطات توليد الطاقة، طوافات الطاقة، قيادات وقواعد الجيش – مع التشديد على قواعد سلاح الجو – وكذا مراكز بحث اكاديمية، مثل معهد وايزمن في رحوفوت.
صحيح أن إسرائيل هاجمت في ايران، لكن يبدو أن طهران تعود رويدا رويدا الى أعادة بناء ميزان الرعب حيال إسرائيل، وهي تفعل ذلك بالشكل الذي تعرفه – من خلال وكلائها.
محظور الوقوع في الخطأ: السبب الذي يجعل الحوثيين يطلقون النار نحو إسرائيل ليس الحرب في غزة. هذه مجرد الذريعة. الحوثيون يطلقون النار لان الإيرانيين يستخدمونهم كمقاول فرعي”.
الصاروخ “الجديد” الذي اطلقه الحوثيون عشية السبت، مع رأس متشظي ليس غريبا على إسرائيل. رأينا مثله في حملة الأسد الصاعد. فقد اطلق الإيرانيون بعضا منها الى بئر السبع وشمال البلاد.
بالمناسبة، من ناحية إدارة المخاطر، فان الصاروخ ذا الرأس المتشظي اقل فتاك في مدى الضرر الذي يتسبب به في اصابته للهدف. رأس متفجر بمواصفات رسمية في صاروخ باليستي مع 250 حتى 500 كيلوغرام يتسبب بدمار كبير وبموجة صدى واسعة. ينجح في اختراق تحصين مثل الغرف الأمنية والملاجيء حين يصيبها إصابة مباشرة. ليس هكذا الصاروخ مع رأس متشظي، يلحق ضررا اقل بسبب حقيقة ان وزن كل رأس متشظي صغير جدا.
حتى الان اطلق الحوثيون اكثر من 70 صاروخا ومُسيرة نحو إسرائيل، وتكاد تكون كلها أحبطت بنجاح. في الجيش وفي الصناعة الجوية يفحصون الان ما الذي تسبب بـ “تفويت” الهدف عشية السبت.
لقد عملت إسرائيل ضد الحوثيين 15 مرة. وكانت العملية امس ذات مغزى، كونها نقلت الى الإيرانيين والى الحوثيين أيضا رسالة هامة. الأولى هي ان إسرائيل دمرت القصر الرئاسي، الرمز السلطوي للحوثيين في اليمن. والثاني، فرضت إسرائيل الظلام على أجزاء واسعة من اليمن بعد أن دمرت محطتي توليد طاقة مركزيتين.
لكن فوق كل شيء هذه المرة لم يهاجم سلاح الجو في خط الساحل بل في عمق الأراضي فيما تمر الطائرات من فوق منظومات الدفاع الجوي للحوثيين – وفي واقع الامر للايرانيين.
في السطر الأخير، إسرائيل لا تعتزم مواصلة لعبة “البينغ بونغ” ولن تسمح بـ التنقيطات” من اليمن. في شعبة الاستخبارات “امان” يبنون منذ الان بنك اهداف يتضمن بنى تحتية عسكرية، سلطوية ومدنية.
لقد كان الهجوم امس نوعا من المقدمة، ومعقول الافتراض بان الرد لم يوجه لليمن فقط. وكما اشير، في الزمن الأخير تقع في مجال الحارة سلسلة من الخطوات التي يدفع بها الى الامام في ايران. الجيش يعزز القوات في الضفة لفهمه بان الإيرانيين يوجهون خلايا إرهاب لتنفيذ عمليات في اثناء شهر أيلول، في محاولة لتشويش الأعياد. في سوريا، مقاتلو لواء 747 انطلقوا الى اعمال بهدف منع ايران من بناء شبكة في قرى التماس. في الجيش مصممون على عدم السماح بجعل بيوت في منطقة الفصل مخازن سلاح لميليشيات مؤيدة لإيران، من شأنها أن تهاجم بلدات الجولان وغور الأردن.
في كل ليلة تعمل فرقة البشان، الى جانب مقاتلي 504 من “امان” لتحدي نشطاء الإرهاب المجندين من ايران. ونعم، توجد أيضا محاولات من ايران لاعادة بناء حزب الله في لبنان وفتح خطوط تموين بالسلاح والمال.
في حملة الأسد الصاعد ضرب الجيش الإسرائيلي رأس الافعى، لكن يبدو ان هذه تستيقظ وتنتعش في الأيام الأخيرة – وانتقلت منذ الان الى قسم إعادة التأهيل. السؤال هو هل سنجد أنفسنا بعد عربات جدعون 2 في “الأسد الصاعد 2”.
——————————————
يديعوت احرونوت 25/8/2025
الخطر الاستراتيجي
بقلم: البروفيسور يديديا شتيرن
هل ينبغي لإسرائيل ان تسعى لانهاء الحرب بمعونة صيغة منحى ويتكوف ام توسعها من خلال احتلال (“سيطرة”) غزة؟
ان حسما للمعضلة انطلاقا من اعتبارات حزبية – ائتلافية هو تدنيس للمقدسات. فارسال أبنائنا – بمن فيهم ابنائي – الى المعركة بلا مبرر موضوعي ينشأ عن الامن القومي – هو رهيب لدرجة انني لست مستعدا لان اعزوه لرئيس الوزراء، الذي هو نفسه جزءاً من عائلة الثكل. ومن هنا مفتوح الطريق لمراجعة موضوعية تؤدي الى استنتاج لا لبس فيه بان انهاء الحرب هو مصلة استراتيجية إسرائيلية عليا.
ان سلسلة فضائل استمرار الحرب هزيلة: ينبغي أن تشطب منها خيالات مثل الهجرة “الطوعية” او تهويد قطاع بليست الى “ارض وطن” تسكن باليهود. كما ان التوقع “المشروع” لاعادة تربية مليوني فلسطيني ليعيشوا بسلام الى جانبنا ليس قابلا للتنفيذ الفوري نظرا لايمانهم الديني المتجذر، المعاناة التي تعرضوا لها من جانبنا في الحرب ومصالح الحركة الوطنية الفلسطينية.
احتلال كامل يمكنه أن يجدي، ظاهرا، في المستوى الردعي فقط، الذي هو حرج للامن. ولكن هذا حساب مغلوط: الردع هو موضوع وعي ينشأ عن تفسير الوقائع. الوقائع هي اننا انتصرنا على المحور الشيعي، مع ذكاء وجسارة استثنائيين، واستخدمنا تصميما مبهرا، بخلاف توقعات السنوار، في الطريقة التي عملنا بها في القطاع، في ظل تدميره عمليا. نحن نخطيء بحق المصلحة الوطنية والوقائع حين نختار إعطاء “قوة فيتو” على تحديد وعي النصر لمسألة حسم الكتائب الحماسية المتبقية في غزة.
ليس مثل رئيس الوزراء خبير في تصميم الوعي. فكم من قصر النظر والتشويش بين التكتيكي والاستراتيجي، ينطوي عليه تفضيله لان يرهن ذخائر الوعي الهائلة التي راكمناها في الحرب مقابل احتلال الحي المتبقي من قطاع غزة. فهل لم يردع حتى الان سيردع مع نجاح عربات جدعون 2؟ هل من المجدي لنا أن نصمم وعينا ووعي العالم عن قوتنا من خلال اختيار نقطة ارخميدسية في كل الحرب الناجحة بالذات في الساحة التي للعدو الضعيف جدا فيها فضائل نسبية مفهومة؟
وبالمقابل، فان سلسلة نواقص استمرار الحرب طويلة جدا: للشعب اليهودي، لدولة إسرائيل ولكل واحد منا بشكل شخصي.
اللاسامية في الغرب، في اليمين وفي اليسار المتطرف كانت هناك منذ زمن بعيد. لكن معظم الجمهور، في أوروبا أيضا، ليس لاساميا او لاصهيونيا. علينا أن نوجه المعركة بحيث أن مواقف الهوامش المتطرفة لا تحتل معاقل واسعة في الرأي العام بل الوسط في ارجاء العالم. من كان يصدق ان الجيل الشاب في الحزبين في الولايات المتحدة سيفضل الفلسطينيين علينا؟ ان يعترف الغرب، بمعظمه، بدولة فلسطينية؟ ان يفرض مستشار المانيا، محب إسرائيل، حظر سلاح؟ احتلال غزة سيشدد جدا هذا الميل، الذي هو تهديد استراتيجي على مستقبلنا. وبمناسبة ذلك نحن نفقد الشرعية في نظر قسم لا بأس به من يهود الولايات المتحدة التي هي سند حرج للحفاظ على قوتنا في السياسة الامريكية.
ان احتلالا كاملا للقطاع، يؤدي على ما يبدو الى حكم عسكري، سيلقي علينا باثقال اقتصادية هائلة. وزير المالية، الذي خصص هذا الأسبوع فقط المليارات لاطعام غزة، يمتنع عن عرض الكلفة المقدرة لحكم عسكري في غزة. التقديرات تتحدث عن مبالغ خيالية بعشرات المليارات في السنة.
والاساس: الاستراتيجية الوطنية ملزمة بان تفكر أيضا بتعابير اجتماعية. الإسرائيليون هم ممزقون بالخلاف حول المخطوفين. استمرار الحرب يعده الكثيرون كتخل عنهم بحكم الامر الواقع. نحن نتردد في مسائل أخلاقية، كل يوم يقتل العشرات واكثر من غير المشاركين. بخلاف ما قيل أعلاه، يعتقد الكثيرون بان الحرب تحركها اعتبارات ائتلافية. وماذا سيكون اذا تسللت كل هذه، لا سمح الله، الى صفوف الجيش أيضا فيتميز بخلاف داخلي؟ هذه ستكون ضربة قاسمة في الردع الإسرائيلي. لقد انتصرت إسرائيل في هذه الحرب منذ الان، مع نهاية المعركة في ايران. استمرارها الى داخل احياء غزة هو خطأ يتناقض والمصلحة الاستراتيجية الإسرائيلية.
——————————————
هآرتس 25/8/2025
قائد في الجيش “سنعاقب كل القرى ونقتلع زيتونها”.. حين تسير إسرائيل بقدميها إلى “لاهاي”
بقلم: أسرة التحرير
اقتلع الجيش 3100 شجرة في قرية المغيّر بالضفة الغربية. وحسب السكان، فإن بعض أشجار الزيتون تعود إلى عشرات السنين، فما خطيئة الأشجار؟ ما خطيئة سكان قرية المغيّر؟
لقد عرض الاقتلاع البربري كرد على محاولة تنفيذ عملية ضد مستوطنة “عدي عاد”، حيث أصيب مواطن بجروح طفيفة، كما أعلن الجيش. في ساحة إطلاق النار، قال قائد المنطقة الوسطى آفي بلوط، إن على كل قرية في الضفة “أن تعرف بأنهم إذا قاموا بعملية، فسيدفعون ثمناً باهظاً، وسيعيشون حظر تجول وحصار”. اللواء يصرح علناً بأن الضرر ليس موجهاً إلى مطلق النار الفارّ، بل إلى القرية كلها.
واستطرد بلوط قائلاً إنه إلى جانب جهود البحث عن مطلق النار، فإن الجيش يخلق “أعمالاً تصميمية” حتى “يكونوا كلهم مردوعين، في هذه القرية وكل قرية تحاول رفع اليد على أي من السكان. القرية تصدر عملية، لا مشكلة. أنت تريد تسليط الضوء عليك، إذن نعرف كيف نسلط الضوء. هذه الكلمات لم تعد تفسيراً أمنياً موضعياً، بل إعلان عن عقاب جماعي.
رسمياً، أفاد الجيش الإسرائيلي بالتعقيب أن الحديث يدور عن “حاجة أمنية صرفة وفورية”. غير أن النطاق الشاذ، باقتلاع 3100 شجرة مع أقوال بلوطتلك، أمور تستبعد أي حجة أمنية.
حسب القانون الدولي، فإن اقتلاع الأشجار على مثل هذا النطاق ليس مبرراًإلا إذا كان حيوياً لاحتياجات عملياتية فورية. غير أن تصريحات قائد المنطقة الوسطى تجعل العملية عقاباً جماعياً، أي – جريمة حرب. المادة 33 من ميثاق جنيف الرابع تقضي بما لا لبس فيه: “لا يعاقب أي محمي على مخالفة لم يرتكبها هو نفسه. عقوبات جماعية وكذا كل وسائل التخويف أو فرض الإرهاب محظورة”.
إن الأعمال التي يسميها بلوط “تصميمية” هو عملياً سياسة تسوية بالأرض وسحق الأرض الفلسطينية. هكذا دمرت بيوت في مخيمات اللاجئين طولكرم ونور شمس وجنين، لتسمح للجيش الوصول إلى محاور واسعة؛ هكذا خُربت بيوت في قرية برقين، وصودرت فيها أراض زراعية بعد العملية التي قتلت فيها تسالا غاز والرضيع الذي حملته، وهكذا أيضاً دمرت بيوت في قرية الفندق على أيدي الإدارة المدنية بعد العملية.
رئيس مجلس “بنيامين”، إسرائيل غانتس، أوضح على الفيسبوك: “هذا استمرار مباشر لميل يقوده بلوط في جنين – في الطريق إلى حسم ليس فقط شبكات الإرهاب، بل والأمل الذي يحرك الإرهاب”. عندما تتجمع أقوال رئيس مجلس مستوطنين وأقوال لواء في الجيش الإسرائيلي في الجملة إياها، يستكمل الانصهار بين الجيش الإسرائيلي ومشروع الاستيطان.
يصدر بلوط إلى الضفة نمط العمل إياه الذي يستخدمه الجيش الإسرائيلي في غزة: تسوية الأرض. تسير إسرائيل برأس مرفوع إلى المحكمة في لاهاي، وعلى الطريق تتهم كل من يتجرأ على توجيه إصبع اتهام إليها باللاسامية.
—————–انتهت النشرة—————–