لوموند: ماذا تريد إسرائيل أن تخفي بفرضها التعتيم على غزة؟.. والصمت المخزي للغرب سهّل تجاوزات نتنياهو

المسار : تحت عنوان “ماذا تريد إسرائيل أن تخفي بفرضها التعتيم على غزة؟”، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية، في افتتاحية لها، إن الحرب الدموية التي تشنها إسرائيل على غزة قد حصدت ضحية أساسية أخرى: الحق الأساسي في الإعلام.

لوموند: لا شيء يبرر مثل هذا الحصار الإعلامي.. ومع ذلك فقد تم قبول هذا الوضع دون اعتراض من كثير من حلفاء الدولة العبرية في الغرب!

وأضافت الصحيفة أن السلطات الإسرائيلية تمنع، منذ نحو عامين، الصحافة من الدخول بحرية إلى هذا الشريط الضيق من الأرض. وهي سابقة لم يشهدها هذا الإقليم الذي اعتاد على ويلات الحروب، وممارسة لا تليق بدولة تدّعي أنها “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”.

واعتبرت “لوموند” أن لا شيء يبرر مثل هذا الحصار الإعلامي.. ومع ذلك فقد تم قبول هذا الوضع دون اعتراض من كثير من حلفاء الدولة العبرية في الغرب الذين يدّعون الدفاع المبدئي عن الحق في الإعلام، في مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية، التي لم تطالب في أي لحظة برفع هذا الإجراء الذي لا يختلف عن ممارسات أسوأ الأنظمة في العالم. ثم دول الاتحاد الأوروبي، رغم أن هذا الحصار الإعلامي الإسرائيلي يمثّل انتهاكًا واضحًا لبند أساسي في اتفاقية الشراكة التجارية مع إسرائيل، والذي ينص على أن احترام حقوق الإنسان شرط جوهري في العلاقات الثنائية.

كما رأت الصحيفة الفرنسية أن هذا الصمت المخزي من قبل الديمقراطيات سهّل تجاوز حكومة إسرائيل الائتلافية لحدود كثيرة، دون أن تُسأل يومًا عمّا تصر على إخفائه عن أنظار العالم. ففرض التعتيم وتجريد الصوت الفلسطيني من الشرعية من خلال اتهامه الدائم بالارتباط بحركة “حماس” المسلحة، ضمِن لإسرائيل الإفلات من العقاب، بما في ذلك ما يتعلق بالصحفيين في غزة.

وهذه الإستراتيجية القائمة على الإخفاء لا تحرم الصحافة الدولية وحدها من حرية الإعلام، بل ترافقها طريقة في إدارة الحرب جعلت منها الأكثر دموية ضد الصحافة في تاريخ النزاعات، تقول “لوموند”.

وتُشير الصحيفة إلى أنه قُتل، حتى الآن، أكثر من 200 صحافي، معظمهم فلسطينيون، في القصف الذي حوّل هذا الشريط الضيق إلى أنقاض. بعضهم قُتل في غارات عشوائية مع عائلاتهم، وآخرون قضوا أثناء تغطيتهم للقصف رغم المخاطر وفاءً لواجب الإعلام. وآخرون استُهدفوا مؤخرًا عمدًا رغم نفي إسرائيل، كما حدث مع صحافيين يعملون لصالح مؤسسات إعلامية دولية قُتلوا في 10 و25 آب/أغسطس المنصرم.

لوموند: فرض التعتيم وتجريد الصوت الفلسطيني من الشرعية من خلال اتهامه الدائم بالارتباط بـ”حماس” ضمِن لإسرائيل الإفلات من العقاب

في حزيران/يونيو 2024، وبعد أن تجاوز عدد الصحافيين الفلسطينيين القتلى المئة، نشرت “لوموند” تحقيقًا جماعيًا نسّقته منظمة Forbidden Stories، كشف عن إستراتيجية إسرائيلية بالغة العدائية تجاه الإعلام. وهي امتداد لاتجاه قائم منذ سنوات، إلا أن الحرب الحالية تميزت بتصعيد مأساوي غير مسبوق.

وشددت “لوموند” على أن الدعوات إلى وقف إطلاق النار ورفع القيود عن المساعدات الغذائية الحيوية، في أرض تشهد مجاعة، وفق خبراء الأمم المتحدة، يجب أن تترافق مع مطلبين أساسيين: حماية الصحافيين في أداء مهامهم الإعلامية، أيًّا كانت الجهة التي يعملون لديها، وفتح غزة أمام الصحافة الدولية. وهذا هو جوهر الحملة التي أطلقتها منظمة “مراسلون بلا حدود” في الأول من أيلول/سبتمبر الجاري.

واعتبرت الصحيفة أنه إزاء صمّ إسرائيل آذانها عن كل النداءات الصادرة عن المؤسسات المدافعة عن حرية الإعلام، على الحكومات الحريصة على هذا الحق أن توجه إليها رسالة واضحة: الإصرار على هذا النهج ستكون له كلفة.

Share This Article