افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 3/9/2025
الطريق الى التسوية تمر عبر الدول العربية
بقلم: زلمان شوفال
بعد 7 اكتوبر الكثير من الاسرائيليين، حتى بعض الذين كانوا ينتمون لليمين، توصلوا الى استنتاج أنه لا يوجد للنزاع بين اسرائيل والفلسطينيين أي حل ببساطة. اذا كان الحديث يدور عن سلام مثالي فانه يصعب الاتفاق مع هذا الاستنتاج. حتى في آخر الزمان الماعز الحكيمة ستطلب ضمانات قبل موافقتها على العيش مع الذئب. الاعداء لا ينشغلون بالواقع أو بمستقبل مناطق أ وب وج، بل ينشغلون بمحو واقع ومستقبل دولة اسرائيل. جملة “من البحر حتى النهر” التي اصبحت الشعار الرئيسي في النضال ضد اسرائيل، هي اكثر اهمية بكثير من شعار “دولتين لشعبين”.
عندما كتب موشيه ديان “الى الابد سنعيش على حد السيف”، هو لم يضع بعد هذه الجملة علامة تعجب، بل علامة استفهام. اسرائيل ايضا يجب عليها دائما ان تكون مستعدة للمحاربة من اجل وجودها. ديان لم يستبعد امكانية التوصل الى اتفاقات تجعل الحروب تسويات معقولة بالنسبة للطرفين. هكذا بالنسبة لاتفاق السلام مع مصر الذي اعتبر انه يقوم على مصالح وليس على صداقة.
من ناحية تاريخية فقد كانت غولدا مئير وغيرها على حق عندما رفضوا وجود الشعب الفلسطيني، لكن هذا الامر ليس ذي صلة الآن، حيث انه نتيجة للاتفاقات الامبريالية التي بلورتها بريطانيا وفرنسا كرد على الحركة الصهيونية، فان جزء من السكان العرب في ارض اسرائيل يعتبرون انفسهم مجموعة عرقية وقومية مستقلة.
لقد كان من الواضح لقيادة اليهود في ارض اسرائيل ان وجود اقلية عربية كبيرة سيكون مشكلة، لان هذا الامر سيعيق تجسيد التطلع الى اقامة الدولة اليهودية والديمقراطية. جابوتنسكي الليبرالي اعتقد أن عرب البلاد سيندمجون في الدولة الصهيونية، لكن لمزيد من الثقة وضع خطة “الحائط الحديدي”، التي تحول حكم اليهود الى حقيقة لا يمكن تقويضها بواسطة القوة العسكرية. المقاربة السياسية – الامنية لدافيد بن غوريون كانت مشابهة، لكن بدون وهم اندماج العرب في الدولة الصهيونية. بن غوريون عرف جيدا القوة التي تحدد العلاقات الدولية والعلاقة بين الاكثرية والاقلية، لا سيما في واقع غير ودي، على اقل تقدير.
مع ذلك، خلافا لاحد المفكرين الاوائل في حركة العمل، بيرل كتسنلسون، الذي قال: “الجار البعيد افضل من العدو القريب”، فانهم لن يخسروا عن طريق نقلهم الى “خارج حدود دولة اليهود”، ونحن بالتاكيد لن نخسر…”، أي ترانسفير. بن غوريون فضل الاستناد الى خطة التقسيم من اجل الدفع قدما باقامة الدولة.
القضية الفلسطينية هي في المقام الاول مشكلة اسرائيلية، سواء من ناحية السياسة الداخلية أو من ناحية تاثيرها على الطابع اليهودي والديمقراطي لاسرائيل. ولا يقل عن ذلك اهمية، تاثيرها على الامن الداخلي والخارجي. اضافة الى ذلك هي تؤثر بشكل كبير على مكانة اسرائيل الدولية، حيث يتم استغلال ذلك من قبل جهات في اليسار وفي اليمن من اجل نشر سم اللاسامية. من ناحية الطابع اليهودي والديمقراطي لاسرائيل فان قدرتها على الوجود كدولة يهودية ستتضرر اذا شملت كل مناطق يهودا والسامرة وغزة، التي سكانها العرب سيصبحون اكثرية خلال بضع سنوات؛ في حين ان قدرتها على الوجود كدولة ديمقراطية سيتم المس بها اذا تم الاحتفاظ بهؤلاء السكان، بدون حقوق مدنية كاملة. مع ذلك، الاعتبارات السائدة بالنسبة ليهودا والسامرة ليست فقط أمنية أو سياسية. الحديث يدور عن ارض الآباء، وسيكون علينا ايجاد صيغة لضمان حقوقنا في هذه المناطق.
في كانون الثاني 1995، “مجموعة عمل” تتكون من شخصيات رفيعة سابقة في الجيش الاسرائيلي وفي الساحة السياسية، اعضاء من الليكود وغيرهم، قدمت للجنة السياسية لليكود “خطة صهيونية للامن والسلام”، التي تعتبر السلام “عامل مهم في الطريق الى تجسيد الصهيونية وتحقيق الامكانية الكامنة لدولة اسرائيل”. الخطة نصت ايضا على ان “مقاربة الواقع السياسي تقتضي السعي الى اتفاق دائم يلبي الطلبات الامنية واهداف الصهيونية واهداف اسرائيل الاخرى”. الخطة تضمنت، ضمن امور اخرى، اقامة مناطق آمنة في يهودا والسامرة تحت السيادة الاسرائيلية الكاملة، مقابل تنازل اسرائيل عن السيادة الحصرية في مناطق اخرى. واقترحت ان موضوع المستوطنات اليهودية الموجودة خارج المناطق الآمنة سيحل على اساس تبادل الاراضي.
التطورات التي حدثت بعد ذلك تقتضي اجراء تغييرات بالطبع، لكن مبدأ الاتفاق الذي يقوم على مصالح مشتركة براغماتية بقي صحيحا حتى الآن. الخطة تم رفضها من قبل اللجنة السياسية. ضمن امور اخرى، اعرب عضو الكنيست بني بيغن عن الدافع الايديولوجي من وراء معارضته وقال ان “البراغماتية تشبه المضاربة في السوق”.
الاحتمالية التي تم طرحها هي اقامة حكم ذاتي لفترة مؤقتة. ولكن ليس بالصيغة النحيفة التي عرضت من قبل حكومة بيغن، بل كيان مع صلاحيات مدنية، وحتى خارجية واسعة، لا تتعارض مع المصالح الامنية، المباشرة وغير المباشرة، لاسرائيل. اسرائيل حسب هذا السيناريو ستواصل تحمل المسؤولية الحصرية عن الامن، بما في ذلك تواجد الجيش الاسرائيلي واجهزة الامن الاخرى في كل اراضي الحكم الذاتي. غور الاردن بالمعنى الواسع سيبقى تحت السيطرة الاسرائيلية الكاملة.
لا توجد أي دولة عربية تعتبر اقامة الدولة الفلسطينية مصلحة سياسية رئيسية بالنسبة لها. ولكن الدول العربية تهتم برأي “الشارع” في هذا الشان. ايضا من اجل الدفع قدما بحلم الاندماج الجغرافي فانه يجب على اسرائيل العمل بطريقة ذكية، وتؤكد على القاسم المشترك بينها وبين مواقف الدول العربية البراغماتية. “حل كل مشكلات الشرق الاوسط، بما في ذلك العلاقات مع امريكا، يمر عبر القدس”، قال في حينه زبيغنييف بيجنسكي، مستشار الامن القومي للرئيس جيمي كارتر. ولكن دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو قلبا هذه الصيغة رأسا على عقب، أي أن “السلام مع الدول العربية المعتدلة هو الذي سيمهد الطريق امام الاتفاق مع الفلسطينيين”.
“اتفاقات ابراهيم” كانت مرحلة اولية في هذه الاستراتيجية السياسية، ويجب العمل على تحقيقها. خيار الدولة الفلسطينية نزل عن جدول الاعمال في 7 اكتوبر، وهو لن يعود طالما أن هناك اغلبية فلسطينية كبيرة لا تسلم فعليا وفكريا بحق الشعب اليهودي بدولة في هذا الجزء من العالم – المبدأ الذي وضعه الرئيس جو بايدن كشرط مسبق – ولم يتم وضع حد للارهاب والتحريض الفلسطيني.
التمسك الحازم لجهات دولية بشعار الدولتين، ليس فقط هو امر غير معقول، بل هو يضر بالاحتمالات الاخرى ويعرض للخطر الاستقرار في المنطقة. العملية المقترحة هنا ترتكز الى مضامين اكثر من الارتكاز الى اطر، أي مصالح الطرفين وتحقيق اتفاقات براغماتية في عدة مواضيع مثل الاقتصاد، البيئة، المياه، المواصلات وما شابه. وكل مس بهذه الاتفاقات سيصطدم برد شديد من قبل اسرائيل.
السلام المثالي غير قائم في أي مكان في الشرق الاوسط، لكن يجب عدم استنتاج من ذلك بانه لا توجد فرصة للتوصل الى صيغة عملية للتعايش المشترك أو التعايش المتعدد الذي يقوم على المصالح المشتركة. هذا لن يكون سلام قائم على طموحات واحلام، وبالتاكيد ليس “السلام الان” الذي يرتكز الى الاوهام، بل سلام فعلي قائم على المنطق والفائدة المتبادلة. خلال السنين كان قادة في اسرائيل حاولوا الدفع قدما بخطوات عملية من اجل التوصل الى اتفاق. مقاربة موشيه ديان في مجال الحكم الذاتي لم يتم استنفادها بسبب موقف مناحيم بيغن؛ شمعون بيرس ادرك الربط بين القضية الفلسطينية والاتفاق الاقليمي، لكنه نظر للواقع عبر الجانب غير الصحيح في المنظار. وبنيامين نتنياهو الذي ادرك ان الطريق الى التسوية تمر عبر الدول العربية التي توجد لها مصلحة في مثل هذا الاتفاق. احتمالية ذلك في الواقع تضررت بشكل كبير في 7 اكتوبر، لكنها بقيت حية ومنطقية حتى بعده.
——————————————
إسرائيل اليوم 3/9/2025
إسرائيل تراجع صفقة الغاز مع مصر
بقلم: أرئيل كهانا
سيراجع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اتفاق الغاز الضخم بين شراكة لافيتان ومصر، وذلك على خلفية الخروقات المصرية لاتفاق السلام مع إسرائيل. هذا ما علمت به “إسرائيل اليوم” من مصادر سياسية.
في ضوء القرار، سيفحص نتنياهو مع وزير الطاقة ايلي كوهن، عضو الكابنت السياسي الأمني هل وكيف يدفع قدما بالاتفاق. الشركاء في حقل لافيتان ريتشيو ونيومد انيرجي بملكية مجموعة ديكل لاسحق تشوفا، وقعوا قبل نحو ثلاثة أسابيع الاتفاق لتصدير الغاز من الحقل الى الاقتصاد المصري. وحسب الصفقة التي هي الأكبر في تاريخ الدولة فانها ستبيع لمصر غازا بكمية 130 مليار متر مكعب حتى العام 2040، مقابل 35 مليار دولار. شركة الطاقة المصرية المحيط الأزرق تمثل طرف المشتري. تنضم هذه الصفقة الى توريد للغاز الطبيعي الإسرائيلي لمصر في السنوات الخمسة الأخيرة. وحسب القانون، فان كوهن هو المخول لاقرار الاتفاق عن الدولة، وبدون توقيعه الاتفاق لن يخرج الى حيز التنفيذ.
الموضوع يدرس من جديد
في اعقاب ما نشر في “إسرائيل اليوم” عن الخروقات المصرية، فان موضوع الصفقة سيعاد النظر فيه من المستويات الأعلى في الدولة الى أن وجه نتنياهو تعليماته لان يجلبوا له المسألة.
حسب التقرير، في السنوات الأخيرة خرقت مصر الملحق العسكري لاتفاق السلام مع إسرائيل. وكشفت “إسرائيل اليوم” النقاب عن ان قوة المراقبين الدوليين بقيادة الولايات المتحدة كفت عن المراقبة على الانتشار المصري العسكري في سيناء. ومع بداية ولايته توجه السفير الإسرائيلي في واشنطن يحيئيل لايتر بطلب استئناف المتابعة. وجاء الطلب في اعقاب سلسلة طويلة من التقارير عن أن مصر بنت في سيناء انفاقا ذات قدرة على تخزين الأسلحة، مددت مسارات المطارات وادخلت قوات مشاة ومدرعات تتجاوز ما يسمح به الملحق دون طلب الاذن من إسرائيل كما يقرر الملحق الأمني. كما علم أن مصر لم تستجب للضغوط الامريكية ان جزءاً من الخروقات على الأقل تتواصل.
يبدو الان ان إسرائيل تستخدم لأول مرة رافعة الطاقة – الاقتصاد ثقيلة الوزن التي تربط بين الإيفاء المصري بالتعهدات وبين استعداد إسرائيل لبيع الغاز لها والذي تحتاجه جدا. منذ بضع سنوات تعاني مصر من نقص في الطاقة لدرجة توقف الكهرباء في أجزاء من الدولة لعدة ساعات في أوقات كثيرة. والتزويد من إسرائيل يأتي لتخفيف الازمة.
ومع ذلك يعتزم نتنياهو وكوهن التأكد من أن مصر تتعهد بالتزاماتها المختلفة حسب اتفاق السلام بين الدولتين. ويشار الى أن مصر بحاجة ماسة للغاز الإسرائيلي ومستعدة لان تدفع لقاءه ثمنا اعلى بكثير من الثمن الذي يدفعه المستهلكون الإسرائيليون.
——————————————
إسرائيل اليوم 3/9/2025
إسرائيل تراجع صفقة الغاز مع مصر
بقلم: أرئيل كهانا
سيراجع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اتفاق الغاز الضخم بين شراكة لافيتان ومصر، وذلك على خلفية الخروقات المصرية لاتفاق السلام مع إسرائيل. هذا ما علمت به “إسرائيل اليوم” من مصادر سياسية.
في ضوء القرار، سيفحص نتنياهو مع وزير الطاقة ايلي كوهن، عضو الكابنت السياسي الأمني هل وكيف يدفع قدما بالاتفاق. الشركاء في حقل لافيتان ريتشيو ونيومد انيرجي بملكية مجموعة ديكل لاسحق تشوفا، وقعوا قبل نحو ثلاثة أسابيع الاتفاق لتصدير الغاز من الحقل الى الاقتصاد المصري. وحسب الصفقة التي هي الأكبر في تاريخ الدولة فانها ستبيع لمصر غازا بكمية 130 مليار متر مكعب حتى العام 2040، مقابل 35 مليار دولار. شركة الطاقة المصرية المحيط الأزرق تمثل طرف المشتري. تنضم هذه الصفقة الى توريد للغاز الطبيعي الإسرائيلي لمصر في السنوات الخمسة الأخيرة. وحسب القانون، فان كوهن هو المخول لاقرار الاتفاق عن الدولة، وبدون توقيعه الاتفاق لن يخرج الى حيز التنفيذ.
الموضوع يدرس من جديد
في اعقاب ما نشر في “إسرائيل اليوم” عن الخروقات المصرية، فان موضوع الصفقة سيعاد النظر فيه من المستويات الأعلى في الدولة الى أن وجه نتنياهو تعليماته لان يجلبوا له المسألة.
حسب التقرير، في السنوات الأخيرة خرقت مصر الملحق العسكري لاتفاق السلام مع إسرائيل. وكشفت “إسرائيل اليوم” النقاب عن ان قوة المراقبين الدوليين بقيادة الولايات المتحدة كفت عن المراقبة على الانتشار المصري العسكري في سيناء. ومع بداية ولايته توجه السفير الإسرائيلي في واشنطن يحيئيل لايتر بطلب استئناف المتابعة. وجاء الطلب في اعقاب سلسلة طويلة من التقارير عن أن مصر بنت في سيناء انفاقا ذات قدرة على تخزين الأسلحة، مددت مسارات المطارات وادخلت قوات مشاة ومدرعات تتجاوز ما يسمح به الملحق دون طلب الاذن من إسرائيل كما يقرر الملحق الأمني. كما علم أن مصر لم تستجب للضغوط الامريكية ان جزءاً من الخروقات على الأقل تتواصل.
يبدو الان ان إسرائيل تستخدم لأول مرة رافعة الطاقة – الاقتصاد ثقيلة الوزن التي تربط بين الإيفاء المصري بالتعهدات وبين استعداد إسرائيل لبيع الغاز لها والذي تحتاجه جدا. منذ بضع سنوات تعاني مصر من نقص في الطاقة لدرجة توقف الكهرباء في أجزاء من الدولة لعدة ساعات في أوقات كثيرة. والتزويد من إسرائيل يأتي لتخفيف الازمة.
ومع ذلك يعتزم نتنياهو وكوهن التأكد من أن مصر تتعهد بالتزاماتها المختلفة حسب اتفاق السلام بين الدولتين. ويشار الى أن مصر بحاجة ماسة للغاز الإسرائيلي ومستعدة لان تدفع لقاءه ثمنا اعلى بكثير من الثمن الذي يدفعه المستهلكون الإسرائيليون.
——————————————-
هآرتس 3/9/2025
على الفلسطينيين ايضا مسؤولية عدم محو الآخر، يا مجادلة
بقلم: ديمتري شومسكي
أنا لست فلسطيني، لكني مثل حنين مجادلة (“هآرتس”، 21/8)، لا اعرف ايضا اذا كان يجب أن اضحك أو ابكي، طالما انني ارى الاسرائيليين يتفاجأون من ان الفلسطينيين – ليس فقط عرب 1967، بل ايضا عرب 1948 – يطلقون على اسرائيل بينهم وبين انفسهم اسم فلسطين. هذه المفاجأة غريبة بشكل خاص لانها تعكس نوع من عدم الوعي الشخصي. حيث ان الرؤيا الوطنية الفلسطينية، التي تعتبر كل المنطقة بين البحر والنهر الوطن القومي التاريخي للشعب الفلسطيني، الذي يسمى فلسطين، هي في الحقيقة انعكاس دقيق للرؤيا الوطنية الصهيونية اليهودية الاسرائيلية، التي تعتبر كل هذه المنطقة الوطن القومي التاريخي لشعب اسرائيل، الذي يسمى ارض اسرائيل.
هذه الرؤيا الاسرائيلية ليست من نصيب المستوطنين والمسيحانيين فقط، بالضبط مثلما هي ليست فقط من نصيب مخربي حماس والجهاد الاسلامي، الذين يعتبرون اسرائيل جزء من المنطقة الجغرافية للوطن الفلسطيني. الاحاسيس الطبيعية والمفهومة ضمنا لحب الوطن لا تخضع للخط الاخضر، سواء لدى اليهود الاسرائيليين أو العرب الفلسطينيين. ومن المفاجيء اكتشاف مرة تلو الاخرى بان هناك من يتفاجأون من هذه الحقيقة الرئيسية في تاريخ النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني.
لكن الرؤيا الرومانسية للوطن الفلسطيني، التي كتبت عنها مجادلة بانفعال وألم، تشبه مفهوم ارض اسرائيل الكاملة، ليس فقط من ناحية ايجابية، حب الوطن، بل ايضا اساسها السلبي: المحو شبه الكامل، لكن الواضح ضمنا، للوجود القومي الملموس للآخر، من خلال الخيال المكاني الوطني. الامة الاسرائيلية المستقلة لا تندمج باي شكل من الاشكال في اطار رؤيا المكان الجغرافي الوطني الفلسطيني، بالضبط مثلما ان الشعب الفلسطيني وفكرة حريته واستقلاله هي أسس زائدة من ناحية رؤية المكان الوطني الصهيوني.
هناك عدد غير قليل من الفلسطينيين يعارضون هذه الاقوال، بادعاء ان اسرائيل هي دولة المستوطنين القادمين حديثا، بينما العرب من سكان البلاد الاصليين، أو للاسف الشديد، من سكان المنطقة الاصليين، الذين يعيشون في هذا الفضاء الممتد منذ مئات السنين. من هنا، محو اسرائيل من خارطة ارض فلسطين هو رد فعل طبيعي على كيان استعماري اجنبي. بينما محو الوجود الفلسطيني من خارطة ارض اسرائيل هو عمل عنيف وعدواني يقوم به هذا الكيان.
هذا الادعاء، الذي له حضور كبير القوة في الوعي الوطني الفلسطيني، غير مجدي وغير اخلاقي. غير مجدي لانه يتجاهل حقيقة ان المستوطنين والمهاجرين اليهود لم يعتبروا ولن يعتبروا انفسهم كمن جاءوا للبحث عن بلاد المستقبل فقط، بل ايضا كمن يعودون الى ارض الماضي. ايضا الادعاء يرفض الاعتراف بحقيقة ان أي نموذج قابل للتطبيق لانهاء الاستعمال في اسرائيل/ فلسطين يجب ان ياخذ في الحسبان تعلق اليهود الاسرائيليين بالمنطقة الموجودة بين البحر والنهر كأرض الاصل القومي، بالضبط مثل التعلق القومي للفلسطينيين الاصليين. هذا غير اخلاقي لانه لا يوجد أي تعريف مناسب اكثر للمحو الرمزي لدولة قائمة من خارطة العالم، مثلما انكار استقلال الشعب الفلسطيني في وطنه هو غير اخلاقي.
من المشروع بالتاكيد تخيل فلسطين بدلا من اسرائيل كلما تعلق الامر بالوعي الوطني الرومانسي، لكن اذا كنا نتحدث عن الواقع السياسي فان هذه الرؤيا مرفوضة اخلاقيا بدرجة لا تقل عن المسيحانية الكهانية لبتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير. لا شك ان النظر الى اسرائيل بانها فلسطين كان وراء المذبحة الجماعية التي جبت اسرائيليين في 7 تشرين الاول، بالضبط مثلما حرب الابادة الاجرامية في غزة والتطهير العرقي في الضفة الغربية مدفوعة الآن برؤيا الهية سياسية، تلغي الوجود الوطني للفلسطينيين في اسرائيل.
هدف النضال الوطني الفلسطيني – الحرية والاستقلال الوطني للشعب الذي يناضل ضد منظومة قوية لجهات يهودية مسيحانية وترامبية وبيبية، اضافة الى وجبة مليئة ومقززة من التلاعب الساخر بذكرى الكارثة واللاسامية – هو هدف مبرر بشكل واضح جدا، الى درجة انه حتى الجريمة الفظيعة لحماس في 7 اكتوبر لم تنجح في تقويض اسسه الاخلاقية القوية والمبررة. لهذا السبب بالتحديد على خلفية التفوق الاخلاقي الآخذ في الظهور لفكرة حقوق الشعب الفلسطيني امام اسرائيل التي تغرق في وحل عدم الشرعية، وبشكل خاص ازاء الصراخ التاريخي لاسرائيل ضد فكرة الدولة الفلسطينية، على الاجزاء الحية للحركة الوطنية الفلسطينية التي تريد الوقوف بوضوح ضد رؤيا المحو، “فلسطين بدلا من اسرائيل”.
تصريح فلسطيني قاطع يؤكد بشكل واضح وحازم وبدون تحفظ، مثل اعتراف م.ت.ف باسرائيل في فترة اوسلو، سيكشف رفض اسرائيل عاريا، وكذلك سيحرج ويهزم بشكل مطلق ونهائي اسرائيل التي تتنكر للاغيار في مجال الاخلاق والعدالة. من الآن فصاعدا الطريق الى الحرية والمساواة الحقيقية للشعبين بين البحر والنهر، يمكن أن تكون مفتوحة.
——————————————
هآرتس 3/9/2025
احتلال غزة كبرنامج واقعي.. من سنختار.. الشخص الطيب أو الزعيم الاعلى
بقلم: تسفي برئيل
ما الذي نعرفه عن خطة احتلال غزة؟ كم ستستغرق؟ ما هو حجم المنطقة التي سيتم احتلالها وكم سنة ينوي الجيش الاسرائيلي التواجد هناك؟ كم جندي سيشارك في هذا المشروع وكم هو عدد الجنود القتلى الذين يقدر الجيش الاسرائيلي انهم سيكونون ثمن هذا الاحتلال؟ كم عدد المخطوفين؟ ما هي التكلفة المباشرة لهذه العملية وكم ستكلف الاقتصاد؟.
الجمهور لم يحصل على أي جواب منظم على أي سؤال من هذه الاسئلة. المعلومات الوحيدة هي من ثرثرة بعض الوزراء والاحاطات التي تقدمها جهات رفيعة، غير معروفة، في الحكومة وفي الجيش، وهي معلومات تبدأ وتنتهي برزمة شتائم يتبادلها متخذي القرارات فيما بينهم. النتيجة هي انه بالنسبة للجمهور الحرب في غزة اصبحت اختبار ثقة لـ “الرواية”، بدون صلة بالحقائق. بناء على ذلك فانه مطلوب من الجمهور تقرير ليس ما يؤمن به، بل من، رئيس الاركان ايال زمير أو رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والعصابة المحيطة به. هذه معضلة مخيفة. هي تقوض الفرضية الاساسية، ان اسرائيل هي دولة ديمقراطية وجيشها يخضع للمستوى السياسي، من هنا فانه لا يجب ان يكون لمسالة الثقة بالمستوى الامني أي اعتبار.
لكن احتلال غزة انفصل منذ فترة عن النقاش العقلاني حول احتمالية النجاح أو الفشل أو تحديد الاهداف، وهو الآن يشبه لعبة واقعية فيها للكاريزما الشخصية دور حاسم. من جهة، رئيس الاركان الذي يحظى بصورة الشخص المستقيم والعقلاني، والذي يبث القلق الصادق على مصير المخطوفين وحياة الجنود، لكنه ايضا لا يخشى من السماح بالقتل الجماعي للنساء والاطفال والشيوخ. ومن جهة اخرى، رئيس الحكومة المعروف بانه كذاب وجشع ومتحايل، ويظهر الاستخفاف بحياة المخطوفين وطلب الجمهور ان يدفع قدما بتحريرهم. باختصار، ثقة الجمهور وتأييده لاحتلال غزة، ترتبط من الآن فصاعدا بانتصار الصورة و”اختيار المشاهدين”، بين “طيب القلب” و”الزعيم الاعلى”.
هذه ليست منافسة بين خصوم. لان “رئيس الحكومة” – هو مفهوم جماعي يمثل عصابة وحشية لا كوابح لها – يتحدث للجمهور (ينشر تنبؤات ومعطيات كاذبة ويعد بانتصارات مطلقة وهزائم مطلقة). في حين ان رئيس الاركان يجب عليه اغلاق فمه. هو مقيد بقواعد الادارة السليمة وأسس الديمقراطية، وهو غير مخول بالتوجه مباشرة للجمهور من اجل عرض عليه الخطة العسكرية وثمنها، وعرض موقفه وافكاره.
في الدولة الديمقراطية المعقولة هذا هو ترتيب الامور الصحيح. في مثل هذه الدولة رئيس الحكومة هو الذي يجب عليه ان يقوم بالقاء خطاب “الدم والعرق والدموع”، الذي سيقول فيه الحقيقة لمن يتوقع ان ييضحوا بحياتهم وحياة اعزائهم. لكن لدى نتنياهو “بطاقة الثمن” شطبت. لا يوجد قتلى أو نفقات أو “حروف صغيرة”. احتلال غزة بالنسبة له هو هدية مجانية يعطيها الحاكم لمواطنيه. وهو لا يريد الا أن نثق به ونصدقه، ان كل شيء سيكون على ما يرام.
صحيح انه قام بخداعنا وسوق لنا ان حماس مرتدعة وان الجيش الاسرائيلي مستعد لكل سيناريو وانه بدون محور فيلادلفيا وممر نتساريم فان دولة اليهود ستتحطم وانه سيتم اطلاق سراح جميع المخطوفين، وعلى الطريق يقوم بانسائنا مسؤوليته الكبيرة عن الاهمال في 7 اكتوبر. ورغم ذلك هو يطالب المزيد من الاعتماد، وحسب القاعدة فان كل شخص يحق له فرصة ثانية، حتى من انزل الدمار على الدولة. ولكن من يحق له فرصة ثانية هو الجمهور المخدوع. هذه هي اللحظة التي يجب عليه فيها ان يتوقف وان يبعد نفسه عن موقع المشاهد من بعيد، وان يوضح بانه لا يثق بالقيادة، وان يطرح اسئلة ويطلب تفسيرات مفصلة تظهر الثمن الحقيقي للمغامرة الخطيرة التي ينوي نتنياهو القيام بها. من حق وواجب رئيس الاركان قول الحقيقة بصوت عال. لانه المسؤول الاخير الذي ما زال الجمهور مستعد لمنحه الثقة.
——————————————
إسرائيل اليوم 3/9/2025
مصدر عسكري.. المستوى السياسي يعد الأرضية باتهام الجيش اذا ما فشلت الحملة
بقلم: ليلاخ شوفال
يعد المستوى السياسي الأرضية لاتهام الجيش واساس رئيس الأركان ايال زمير، في حالة لم تقضي الحملة لاحتلال مدينة غزة على حكم حماس ولن تؤدي الى تحرير المخطوفين. من جهة أخرى اذا ما نجحت الحمله فانه سيتباهى بانجازاتها. هذا ما تقوله محافل رفيعة المستوى في الجيش المحبطة جدا من سلوك المستوى السياسي الذي يختار الا يشرك المستوى العسكري الأعلى في ما يجري من خلف الكواليس.
اذا لم تنجح الحملة، يقولون في الجيش، فان المستوى السياسي سيدعي بان الجيش، واساسا رئيس الأركان “جر الارجل”. التنكيل برئيس الأركان هو مجرد اعداد لذلك، يدعون في الجيش، كي “يكون لهم دوما من يتهمونه”. الفريق زمير من جهته يقول في كل محفل ممكن انه يعارض وقف الحرب قبل حسم حماس، وحتى امس قال هذا صراحة في الشريط الذي وزعه الناطق العسكري بينما كان يتحدث مع رجال الاحتياط الذين امتثلوا للاستدعاء مرة أخرى.
لكن حسب نهجه، في هذه اللحظة توجد صفقة مخطوفين يجب أخذها. لانه اذا لم نفهل، فبعد عدة أسابيع قد ينشأ وضع حتى لو كان الجيش يوجد في مدينة غزة فانه في عمله يعمق نزع الشرعية. إضافة الى ذلك فان من شأن عشرات الجنود ان يقتلوا، ولن يتحرر أي مخطوف، ولا توجد على الاطلاق صفقة في الأفق لتحريرهم. حسب نهج زمير، كما عرضه في الكابنت يجب أن نحرر الان المخطوفين الذين يمكننا أن نحررهم، وفي اثناء الستين يوما من وقف النار نبحث في صفقة مخطوفين شاملة وفي انهاء الحرب. يجب ان نجرب هذا، قبل أن نرسل عشرات الاف الجنود الى المعركة.
الطريق الى حكم عسكري
هنا المكان للإشارة الى أن الخطة العملياتية التي سينطلق اليها الجيش في الأيام القادمة، الا اذا نفذت صفقة في نهاية الامر، ليست الخطة الاصلية التي عارضها الفريق زمير، ووصفها بـ “فخ استراتيجي” بل خطة بلورتها قيادة المنطقة الجنوبية واقرها رئيس الأركان.
الى جانب ذلك، عرض رئيس الأركان في الكابنت معانيها وشدد على أن العملية في مدينة غزة لن تكون بسيطة، إذ ان هذه منطقة مكتظة يوجد فيها حاليا 800 الف فلسطيني. وحسب التقديرات في الجيش، فان غزة مشبكة بالعبوات وبالمجالات التحت أرضية التي بالتأكيد ستعرض القوات للخطر. في قيادة الجيش يوضحون بانهم قادرون على المهمة لكن لاجل امان قواتنا النية هي العمل ببطء ومع كثير من النار بشكل من المعقول الافتراض انه سيتسبب بغير قليل من “الضرر الجانبي”، مثلما يسمى في اللغة العسكرية الإسرائيلية وعمليا، الكثير جدا من المواطنين الفلسطينيين قد يقتلون. في جهاز الامن يواصلون أيضا التقدير بانه طالما لا تتخذ حكومة إسرائيل قرارا استراتيجيا آخر، فان طريقة العمل الحالية تؤدي بنا الى حكم عسكري على قطاع غزة.
في الجيش يعتزمون في الأيام القريبة القادمة تشديد الضغط ويأملون بان خلف الكواليس تجري خطوات سرية تمنع في نهاية الامر الحملة في هذه المرحلة بفضل مرونة أخرى لحماس تحت الضغط العسكرية. لكن اذا لم يحصل هذا فان الحملة ستنطلق على الدرب.
كما أسلفنا، فان احد التحديات الأهم في القتال سيكون اخلاء مئات الاف الفلسطينيين من مدينة غزة الى المناطق الإنسانية المكتظة جدا على أي حال. صحيح حتى هذه اللحظة من أصل مئات الالاف اخلي حتى الان عشرات الاف قليلة وفي الجيش يقدرون بان يتم الاخلاء بوتيرة اسرع عندما يسمع السكان ضجيج المدافع. كما علم ان جهاز الامن يلاحظ محاولات من حماس منع نزول السكان جنوبا، وانه طالما كان الاخلاء بطيئا فان السيطرة ستستغرق وقتا أطول. وقال مصدر كبير في الجيش “لا توجد اختصارات للطريق. لا يوجد فعل سريع، يجب العمل بشكل جذري وبمهنية.
خطة جيدة
في هذه الاثناء، في الجيش بدأوا منذ الان بتنفيذ الخطة فيما يعمل في هذه اللحظة في مدينة غزة أربعة الوية، ونحو 40 في المئة من المدينة بات في ايدي الجيش، مع التشديد على حي الزيتون والفرقان. وحسب التقديرات فانه ما ان تنطلق على الدرب ففي غضون شهرين حتى ثلاثة اشهر سيسيطر الجيش على كل مجال مدينة غزة، وذلك بافتراض أن السكان المدنيين في غزة سيخلون جنوبا بالوتيرة اللازمة. لكن حسب المعاني التي عرضها رئيس الأركان على الكابنت فان تطهير مدينة غزة من المخربين كفيل بان يطول حتى سنة وأكثر.
——————————————
هآرتس 3/9/2025
“مثل عصابة”: القوات التي تسوي القطاع بالأرض تعمل بلا رقابة
بقلم: ينيف كوفوفيش
أنتم ترون في ارجاء قطاع غزة، وتقريبا في كل مكان، مجموعات من الاشخاص وهم يشغلون معدات هندسية ثقيلة من اجل هدف واحد وهو “التدمير”. الحديث لا يدور عن اطار عسكري منظم، بل عن قوة صغيرة تم تشكيلها بمبادرة مستقلة. مواطنون – في معظمهم من المستوطنين – الذين تم تجنيدهم للاحتياط من خلال شركات مقاولة. الهدف: تدمير المباني والانفاق، أو باستخدام الكلمات الشائعة اكثر في اوساط ذوي العلاقة، “تسوية غزة”.
قادة وضباط وجنود احتياط يكتشفون ان طريقة هذه الطواقم لتنفيذ المهمة مفتوحة امامهم بشكل شبه تام: لا توجد عليهم رقابة، وبالتاكيد ليس رقابة كاملة؛ الجيش من غير الواضح له دائما من هم؛ واعضاء الطواقم لا يطبقون تعليمات الأمان، واكثر من مرة عرضوا للخطر حياة الجنود والفلسطينيين غير المسلحين.
هناك طاقم بارز بشكل خاص وهو “قوة أوريا”. هذا الطاقم يضم 10 – 15 من مشغلي المعدات الهندسية وهو موجود في غزة منذ سنة تقريبا في اطر متغيرة، ومؤخرا كان في خانيونس. هناك اسم واحد يتم ذكره بشكل متكرر في هذا السياق وهو بتسلئيل زيني، شقيق المرشح لمنصب رئيس الشباك القادم، الجنرال احتياط دافيد زيني.
“اعضاء قوة اوريا يكشفون عن الانفاق”، قال ضابط في منصب رئيسي في لواء الاحتياط الذي عمل حتى وقت متاخر في غزة. “لكنهم ايضا يسمحون لانفسهم بعمل اشياء اشكالية جدا”. حسب قوله هم ادخلوا جنود قاموا بتوفير الحماية لهم الى الانفاق والمباني التي لم تتم المصادقة عليها حتى الآن من قبل سلاح الهندسة في الفرقة. ايضا احد الجنود، الذي قام في الاشهر الاخيرة بتوفير الحماية لنشاطات القوة، قال انه في بعض الحالات طلب من الجنود التقدم نحو فتحة النفق الذي اكتشف، أو حماية اعمال في مباني ما زال غير معروف اذا كانت توجد فيها عبوات أو مخربين.
احيانا المخاطرة تصبح كارثة. “ابراهام ازولاي، الذي قتل بنار مخرب وصل حتى غرفة قيادة الجرافة التي كان فيها، كان جزء من قوة اوريا”، قال للصحيفة ضابط هندسة في القطاع. هذا حدث قبل شهرين تقريبا في خانيونس. ازولاي (25 سنة) عندما مات، كان مستوطن من يتسهار، وعمل في اعمال التدمير في منطقة في خانيونس.
في الجيش قالوا ان المخربين غير المسلحين نجحوا في الوصول الى الجرافة وسحبوا منها ازولاي واخذوا سلاحه وقتلوه به. ولكن حسب اقوال قائد مطلع على التفاصيل فان القصة مختلفة. “في الجيش الاسرائيلي لم يقولوا الحقيقة حول هذه الحادثة. لا احد يسال حقا كيف يمكن حدوث امر كهذا، ان سائق جرافة يعمل في منطقة لم يتم تطهيرها من المخربين، وأحدهم يصل بدون أي ازعاج الى غرفة قيادة الجرافة. لا احد يبلغ العائلة الى أي درجة كان هذا الفشل ذريع”.
الضباط والجنود في الميدان غير متفاجئين، بالتأكيد ليس من ان القوة عملت في منطقة لم يتم تطهيرها من المخربين. “هم لا يرسلون تقارير عن المكان والعمل الذي طلب منهم تنفيذه – سواء للكتائب أو اللواء أو الفرقة”، هكذا وصف المشكلة احد القادة. “هذا معروف لكل القوات. من غير الواضح من يعرف عن دخول هذه القوة الى ساحة القتال”.
حسب الاوامر يجب الابلاغ عن كل جندي أو قوة أو شخص مدني يدخل الى القطاع. الاسماء يتم نقلها الى القيادة بهدف التاكد من ان كل من دخل سيخرج. هذه القاعدة سارية ويتم تطبيقها على المقاولين الكبار الذين يعملون مع وزارة الدفاع. ولكن فيما يتعلق بالقوات المستقلة، حسب مصادر كثيرة، كل شيء مفتوح. “نحن نفقد الجنود لان المنطقة تتم ادارتها مثل الحي”، قال احدهم. “كل سائق جرافة اصبح مهندس في الميدان، ويقدم استشارته للقادة اذا كان من الصحيح أو لا الدخول الى المباني أو معالجة احد الانفاق. لان الجيش الاسرائيلي يتجاهل هذا الوضع، وحتى انه لا يفحص، فان هذه هي المشكلة، التي ستؤدي الى قتلى آخرين”.
لكن القصة ليس فقط المخاطرة بمن يعملون مع الطاقم أو الجنود الذين يقومون بحمايتهم. مصدر عسكري قال انه في نشاطات قوة اوريا تم استخدام ما يوصف بـ “اجراء المنبر”. وراء هذا الاسم الغامض، قال نفس المصدر، يختفي اجراء آخر معروف اكثر، الذي هو محظور في قوانين الحرب، “اجراء الجار”. “يقومون بالباس معدات وقائية لفلسطيني ويدخلونه الى نفق، تم اكتشافه للتو، من اجل رؤية اذا كانت هناك لقية”، قال المصدر. “الغنائم” باللغة العسكرية هي عبوات، مخربين أو أي شيء يمكن ان يعرض الحياة للخطر.
الحديث لا يدور عن تطور جديد. مثلما كشف في تقرير “هآرتس” في آب الماضي، بل الحديث يدور عن اجراء معروف فيه القوات الميدانية تجند الفلسطينيين مثل كلاب أثر. ذات مرة هذا كان يسمى “اجراء الجار”، قبل حوالي سنة سمي “اجراء البعوض” والان يسمى “اجراء المنبر”. يبدو ان التجديد فقط هو في الاسم.
مثل كتيبة في الميدان
قوة اوريا، مثل الطواقم المستقلة الاخرى، لم تخلق من فراغ. لقد كان عليها طلبات كثيرة. في بداية الحرب كان لكل لواء حوالي 20 جرافة محصنة، جاهزة للعمل، قال مصدر عسكري رفيع في قوات الهندسة في غزة. “الآن لا يوجد لدينا حتى 10 جرافات. ايضا ليس دائما يوجد لها سائقين مهنيين”. لذلك، حسب قوله، الآن كل قائد لواء أو قائد كتيبة، يريد التقدم في القتال، ياخذ القوات الى الامام – هو يتصرف معهم بدون ان يقدم أي حساب للفرقة او انتظار احضار المعدات له. هذا المجال المفتوح هو ايضا مدخل للمشاكل. “هذه القوات”، يؤكد نفس المصدر. “تنتقل من مكان الى آخر بدون ان يعرف ضابط الهندسة في الفرقة عنها، وهم ايضا غير ملزمين تجاه القادة المسؤولين في الميدان”.
الجيش الاسرائيلي يستخدم في القطاع جهات مدنية لاعمال الهندسة على صورتين. المجموعة الاولى تشمل شركات مقاولة للاعمال الترابية، التي تنفذ اعمال بنى تحتية كبيرة مثل شق الشوارع، هدم المباني واكتشاف الانفاق. المسؤولون في هذه الشركات معروفين في وزارة الدفاع كمقاولين مرخصين، ويتم توقيع عقد معهم حسب العمل المطلوب. وهم ايضا يعملون مع القائد أو الضابط المسؤول عن الفرقة، بمعرفة القوات على الارض وحسب الخطة العملياتية للجيش الاسرائيلي. ولكن حالة قوة اوريا وحالة الطواقم المستقلة الاخرى مختلفة. حسب قول المصدر فان الحديث هنا يدور عن قوات التي الاعضاء فيها مجندون في مجموعات عبر الشبكات الاجتماعية، وبالاساس من المستوطنات، وبعضهم اعضاء بارزين في اليمين المتطرف في المناطق. مثال على طاقم كهذا هو تساما بلدوت، الذي نشاطاته تم الكشف عنها في “هآرتس” في كانون الاول السنة الماضية. هذا الطاقم كان برئاسة العقيد احتياط غولان فاخ، شقيق قائد الفرقة 252 يهودا فاخ. في طاقم غولان اوضح في حينه ضابط كبير في قيادة الفرقة، “كان جنود ومدنيون يظهرون مثل فتيان التلال”. وحسب قوله “كل هدف هذه القوة هو تدمير غزة وتسويتها”.
من الشهادات التي وصلت الى “هآرتس” يبدو أنه لم يتغير أي شيء. ربما فقط احتياج الجيش الى قوة تساعده على تحقيق اهدافه التي ازدادت. “لا يوجد للجيش الاسرائيلي ما يكفي من القوات والمعدات لتنفيذ المهمات المطلوبة. وشركات المقاولة الكبيرة تاتي مع معدات نوعية ومهنيين يعرفون العمل”، قال ضابط سابق في جهاز الهندسة في القطاع. “المشكلة في قوة اوريا هي ان هؤلاء ليسوا بالضرورة اشخاص لهم خبرة في العمل. هم لا ينتمون الى أي اطار، وهذا احيانا يكون مثل كتيبة في الميدان. نحن نعرف بشكل جيد هذا الوضع ونعرف انه غير صحيح، لكن الجميع يفضلون تجاهل ذلك”.
مع وجود ادعاء انه يوجد نقص في قوات الهندسة في الميدان، فانه لا يوجد كثيرين مستعدين للجدال. “لا يوجد ما يكفي، لا تعبر عن الحقيقة”، كما قال احد القادة. “الامر الذي يرهقنا هو فتح طريق بجرافة صغيرة وتنظيفها من الحطام وبقايا شاحنات الاغاثة. تعيين آلاف المشغلين لهذه الآليات هو عبء كبير. والتنسيق لجلبها عند وجود شيء ما، ثم الجدال اكثر عندما يقولون لك بان كتيبة اخرى بحاجة اليها”. هنا ياتي دور الفرق المدنية التي لا تكتفي بالاسهام، بل هي تتوق الى هذا العمل بالفعل. هذا ليس مجرد اغراء ايديولوجي، كما يتبين من مراجعة اعلان وظيفة نشره مؤخرا احد المقاولين المهتمين بالموضوع. الاعلان كتب فيه “الحاجة الى حفار بوزن 40 طن، ومشغل ايضا، من اجل العمل في انقاض قطاع غزة. العمل من السابعة صباحا وحتى الرابعة والنصف بعد الظهر. الراتب هو ستة آلاف شيكل ليوم العمل والديزل على نفقة الجيش الاسرائيلي”. راتب مثالي لعمل ميداني.
رقم الهاتف في الاعلان هو لشخص من موشاف نفيه في جنوب البلاد. “هآرتس” توجهت اليه وسالته كيف يقوم بتجنيد رجال الاحتياط وكيف تعمل القوة. ولكن رفض الرد على الاسئلة.
محاولات لابعادهم
بتسلئيل زيني هو شخص غير معروف. خلافا لشقيقه دافيد زيني وشقيقة زوجته، التي نشر في “هآرتس” مؤخرا انها في كتابها كتبت “تدمير البيوت في غزة هو امر الهي”، لا يوجد لبتسلئيل زيني تقريبا أي ذكر في الاعلام أو في الشبكات الاجتماعية. هو ابن 50 سنة ويمتلك شركة باسم “بتسلئيل زيني للمشاريع، المساهمة المحدودة”، التي عنوانها هو نفس مكان سكنه في عوفرا. في تفاصيل الشركة ذكر ان اساس عملها هو الاستخراج والنقل. قبل شهرين تقريبا تم طرح اسمه في منشور في الفيس بوك لمراسل “هآرتس”، اوري مسغاف، حيث تم ذكره هناك كشخص رئيسي في قوة اوريا. ردا على ذلك قالوا في مكتب المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي بانه تبين ان زيني الاخ لا يعتبر جزء من هذه القوة وهو لا يعتبر رجل احتياط نشط. ماذا بالنسبة لقوة اوريا؟ في الجيش قالوا ان الامر يتعلق بشركة مقاولات يتم تشغيلها من قبل وزارة الدفاع.
لكن بعد كتابة هذا المقال وصلت لـ “هآرتس” شهادات اخرى عن قوة اوريا وعن مشاركة بتسلئيل زيني فيها. عندها اراد مكتب المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي توضيح الامور. في البداية قالوا ان زيني يترأس قوة اوريا، لكنهم واصلوا الادعاء بان الامر يتعلق بشركة مقاولات بمسؤولية وزارة الدفاع. بعد ذلك قاموا بتصحيح اقوالهم وقالوا “قوة اوريا هي قوة من جنود الاحتياط، من عدة وحدات، الذين يشغلون معدات هندسية من نوع الحفارات. وحتى انهم اكدوا على ان قوة اوريا غير مرتبطة بشركات المقاولة التي تعمل في القطاع.
ولكن من محادثات “هآرتس” مع قادة في الميدان، يبدو انهم يرون الامور بصورة مختلفة. مصدر عسكري مطلع قال ان قوة اوريا “تحاول الدخول مع عدد غير قليل من الكتائب الى غزة بدون مهمة. وغير واضح ما الذي يبحثون عنه هناك”. حسب قول المصدر مؤخرا صدر امر في عدة قيادات بأنه اذا طلب رجال قوة اوريا الدخول الى القطاع فانه لا يجب السماح لهم بذلك. باستثناء “في حالة ان اللواء يعرف ويصادق على النشاطات”. من اقوال المصدر يتبين أن هذا غير شائع: “لا احد متحمس لتشغيلهم، وقد حاولوا ابعادهم عن قطاعنا”.
ضابط هندسة في وظيفة رئيسية في القطاع اكد على روحية هذه الاقوال في محادثة مع “هآرتس”. “ليس سرا انهم في قيادة المنطقة الجنوبية كانوا يريدون ايجاد حل افضل. الآن وصلت جرافات جديدة الى اسرائيل، لكن الى حين أن يتم تصفيحها واعدادها للدخول الى القتال فان هذا الامر سيستغرق وقت. الا انهم يغضون النظر لانه لا يوجد أي بديل”.
وقد جاء من المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي: “قوة اوريا هي قوة لجنود من الاحتياط من عدة وحدات، الذين يشغلون معدات هندسية مثل الحفارات والجرافات في جنوب القطاع. الحديث يدور عن قوة عسكرية منظمة، غير مرتبطة بشركات المقاولات التي تعمل في القطاع. القوة تعمل في فرقة غزة وبالتعاون مع الويتها ووحداتها، وهدفها هو المساعدة في نشاطات القوات وتنظيم الفضاء. وهي تتكون من رجال احتياط من كل شرائح المجتمع الاسرائيلي الذين يعرضون حياتهم للخطر ويخدمون حوالي 600 يوم في الاحتياط من اجل تحقيق اهداف الحرب. أي ادعاء بان الامر يتعلق بقوة غير منظمة، تعمل بصورة تعرض حياة الجنود للخطر، هو ادعاء لا اساس له. بتسلئيل زيني يخدم في الاحتياط كمسؤول عن الغلاف اللوجستي للجنود في القوة – يهتم بادخال الطعام والاحتياجات المطلوبة.
نحن نؤكد على انه لا يشغل المعدات بنفسه، ولا يخدم في منصب قيادي في القوة ولا يقرر بشان نشاطات الجنود، التي يتم تحديدها بتوجيه من الفرقة وطبقا لطلب قادة الوحدة المرتبطين بهم.
——————————————
يديعوت أحرونوت 3/9/2025
منها الأمراض النفسية والتلاعب في نسبة امتثال “الاحتياط” للتجنيد.. لهذه الأسباب يجب إنهاء الحرب
بقلم: ميراف بطيطو
1ـ لأن رئيس الأركان قال. مرجعية عسكرية عليا قضى بأن خطوة احتلال غزة تعرض حياة المخطوفين للخطر، وحذر من أن لا معنى للدخول إلى المدينة اللعينة – المليئة بالمخربين والمتفرعة بالأنفاق – بلا خطة مرتبة مسبقاً لحكم عسكري، لأن جنودنا تعبون ومستنزفون، وأن الجبهة الغزية هي تلك الذبابة التي ينشغلون بها في وقت يلعقون بعض الجراح في جبهة وحيد القرن الإيراني، لكنهم ينتظمون استعداداً للتسليح التالي لحماس ويتدربون على اندفاع فتاك آخر نحو النووي المنشود.
2ـ لأننا دولة يهود. فالتوراة تحظر عليها التضحية من أجل الملك منذ أصبحنا شعباً في مكان ما هناك قبل خمسة آلاف سنة ونيف. كانت هذه خدمة قدمها الجيل في صالح الأب غير العارف الذي كان يرى الاحتكاك بصنم مجهول أمراً ملحاً، فيلقي ابنه في النار قياماً بواجبه الطبيعي المقدس كدرع لابنه. المخطوفون، ورجال الاحتياط والنظامي يقفون في طقوس عبادة متواصلة للدم والأرض، ولا يوجد حاخام واحد يوقف عبادة الأصنام الجماعية التي فرضت على الجمهور. لا يوجد ولو جيل واحد يتجرأ على تعليم كابنت الحرب الأبدية التوراة ويقضي بأنه جسم يعبد الأصنام ويدنس باسم الرب أهالي آخرين بتموين جارٍ.
3ـ لأن التاريخ أثبت. الحروب أمر سيئ، وكلما طالت فلن يكون الأمر أفضل. روني حن، والد ايتي، قال هذا أمس بالشكل الأفضل، شرح كيف تنمو حرب غزة ابنة السنتين، إلى حجوم حرب فيتنام ابنة العشرين. شرح لماذا تعرض هذه المراوحة العسكرية جنودنا للخطر، ودعا إلى نيكسون خاص بنا للتحرر من أوهام ستقتل المخطوفين في النهاية بعد 700 يوم من العذاب. ولا توجد أمثلة أكثر؛ لأن معظم الحروب التي حققت نتيجة واضحة في القرن الأخير كانت قصيرة نسبياً واستمرت بين شهر وسنة.
4 ـ لأننا لسنا جاهزين. ليست هذه هي الأعداد الصحيحة لعدد المستجيبين لدعوة الخدمة، بل الجيش الإسرائيلي ينشغل بهم حتى لا نلاحظ حجوم رفض تتسلل بصمت إلى مكتب رئيس شعبة القوى البشرية. في أحلام سموتريتش وإن وجد جنود كاملو الأوصاف، فهم لا يصلون إلا للحظة التي يفوز فيها بنيل التضحية بالنفس على مذبح الوطن، لكنهم في الواقع ولسبب ما، يفضلون -بعد ثلاث جولات من خدمة الاحتياط سابقاً- الخيار الغريب، وهو البقاء في البيت مع الأولاد. الأقوال التي تتكرر من قادة ومقاتلين في منظومة الاحتياط والذين يطلعون على المعطيات وسياقات التجنيد منذ “عربات جدعون”، تطرح ادعاءات بالتلاعب في نسب الامتثال وتجاهل الإنهاك الذي يعيشه أولئك المتجندون.
5ـ لأن حراس العتبة ضعفوا جميعاً. بدءاً من المستشارة القانونية التي تدير معركة أخيرة أمام عصابة سالبي الديمقراطية، وقضاة “عليا” تعبوا من معركة التفاني مع ممثلي السلطة التنفيذية ويصلون لأن يسقط أحد ما الكرة، وهذا رئيس الأركان يقف كأنه يضع إصبعاً في سد ويصرخ للتغيير، ورئيس “شاباك” استقال وتحمل مسؤولية كي يأخذ رئيس الوزراء بعد وقت قصير لنفسه ولأبناء عائلته ليقرروا من هو جدير بخدمة المملكة، أما وزير دفاع ذو الموقف المتبلور فقد استبدل به وزير دفاع ذو فكر يائس، وهذا مراقب دولة يسد الطريق بجسده أمام لجنة تحقيق رسمية… لأنه في الوقت الذي تضج فيه المدافع يمكن سحق حراس العتبة بلا عراقيل.
6 ـ لأن وزارة الصحة قضت، بل ونشرت أمس بحثاً جديداً يقضي بأن واحداً من كل ثلاثة إسرائيليين يعرف أنه في خطر معاناة القلق أو الاكتئاب عقب الحرب، وأنه ارتفاع بضعفين بالنسبة للفترة ما قبل 7 أكتوبر. ما لم توفر الحكومة خدمات مناسبة للصحة النفسية، وظلت المنظومة في حالة انهيار، فمن الصعب أن نتوقع من الناس أن يعيدوا تأهيل أنفسهم.
7ـ لأن هذا يضرب جيوبنا واقتصادنا؛ فلا تأتون بنماذج من عالم التكنولوجيا والصناعات الأمنية. فنحن أكثر ذكاء من هذا. غلاء المعيشة بلغ مرحلة ضائعة يمول فيها مالنا القذائف أكثر من أي وقت مضى، وميزانية الوزارات السنوية التي لا تزرع الدمار والخراب في غزة، اقتطعت مراراً، والهبوط في بورصة تل أبيب يحتدم لأننا قد ندخل إلى غزة ولا نعرف ما سيحصل الأسبوع القادم، وتصنيفنا الائتماني العالمي شهد أياماً أجمل بكثير. هذا ثمن اقتصادي عال لرجال الاحتياط الذين هم أصحاب مصالح تجارية صغيرة أو كبيرة أو أجيرون انتزعوا من سجل العاملين طوال أشهر ثم يدفعون هذا الثمن إضافة إلى ما يدفعونه بثمن شخصي.
8 ـ لأن هذا يبقينا معزولين في العالم. دعكم من المدن التي أعلنت عن التأييد لدولة فلسطينية. فهذه لن تقوم في الزمن القريب. لكن انظروا إلى مقت الدول الغربية لنا. النادي الذي نموت كي نكون أعضاء فيه لم يعد يريدنا، رؤساء دول يتنكرون، بكياسة دبلوماسية، لوعود قطعوها لنا في بداية الحرب ويتجاهلون في أحيان قريبة جداً اللاسامية العنيفة التي تعربد في شوارعهم. جميل أن أعضاء الحكومة يرتبطون بـ “شعب يسكن وحده، ولا تهتم بالأغيار”، لكن كما يبدو في هذه اللحظة، فالأغيار هم الذين يقولون الكلمة الأخيرة.
9ـ لأننا نفقد الإيمان بالإنسان، بالشعب، بالطريق المشترك، بالوحدة المدنية، بقدرتنا على إعادة التأهيل في السنوات القادمة. ما دامت الحرب مستمرة مع خيار لا نهائي للتمديد، ستقل المقدرات التي ستخصص لإشفاء الجرح الوطني. لا شيء كنا نريد أن نعيده لأنفسنا أكثر من الإيمان بمجيء اليوم الذي ينتهي فيه هذا الكابوس، ونعيد المخطوفين في صفقة شاملة مقابل إنهاء الحرب، ويعود جنودنا إلى الديار بسلام.
——————————————
إسرائيل اليوم 3/9/2025
وثائق داخلية للجيش الإسرائيلي:
قد لا تحقق «عربات جدعون 2» إنجازاً
بقلم: شيريت أفيتان كوهين
وثائق موقعة من العميد احتياط، غي حزوت، رئيس جهاز تعلم الدروس في الذراع البرية، تقضي بأن الطريقة التي يعتزم فيها الجيش الإسرائيلي إدارة القتال في الحملة على غزة لا تتضمن الخطوات الحيوية للنصر.
تظهر في الوثيقة بنود مشددة باللون الأحمر – الأعمال المركزية التي لم ينفذها الجيش حتى الآن، بل لا يعتزم تنفيذها أثناء احتلال مدينة غزة: حصار كامل، وقطع “منظمة العصابات” عن السكان المدنيين، وتشويش محاور التموين. وهكذا تعترف الوثيقة العسكرية الإسرائيلية نفسها بأن الطريقة التي تم اختيارها للمرحلة الثانية تتناقض والمنطق العملياتي والتوصيات المعروفة من الماضي، وأن غياب تنفيذ هذه الخطوات من شأنه أن يمنع إنجازاً حقيقياً في المعركة حتى في المرحلة التالية المخطط لها.
بخلاف الادعاءات السائدة في المنظومة العسكرية الإسرائيلية، التي تقول إنه لا يمكن حسم حرب العصابات، تقرر في الوثائق أنه يمكن عمل ذلك من خلال خطوات لازمة لم تنفذ حتى الآن. وكتب ضمن أمور أخرى: “يجب العمل بقوى عالية مع استخدام وسائل متنوعة، تطويق المنطقة بالمناورة وحمل العدو على خوض معارك قريبة. والقيام بمبادرة هجومية، وعدم السماح بعمليات اضرب واهرب، وبتر المجال إلى قطع من الأراضي وعزلها الواحدة عن الأخرى لمنع حرية الحركة للعدو”.
كما كتب أيضاً في الوثيقة التي تحمل عنوان “كيف هزمت جيوش منظمات حرب عصابات”: “قطع منظمة عصابات عن السكان، ودمج قوة عسكرية مع خطوات لتحسين حياة السكان، والسيطرة في المنطقة، ومنع مدن لجوء، وقطع محاور تموين للعصابات”.
الطريقة تتعارض مع الفكرة
عملياً، الوثيقة العسكرية الإسرائيلية نفسها تقول إن الطريقة التي تم اختيارها للمرحلة الثانية تتعارض والمنطق العملياتي والتوصيات المعروفة من الماضي، وإن غياب تنفيذ هذه الخطوات سيمنع باحتمالية عالية تحقيق هدف إستراتيجي حقيقي في المعركة.
رد مسؤولون عسكريون كبار على هذه الادعاءات بالقول: “يشجع الجيش خطاباً نقدياً، وفي المداولات التي تجري في المحافل وفي هيئة الأركان وبين المستويات المختلفة تطرح آراء متنوعة حول أنماط العملية التي ينبغي اتخاذها في القتال بقطاع غزة. حملة “عربات جدعون” استوفت أهدافها، فأثناء الحملة فكك الجيش بشكل تام البنى التحتية لـ”الإرهاب” في الأماكن التي عمل فيها. شددت الحملة الضغط العسكري على “حماس” وأدت إلى سيطرة الجيش على ثلاثة أرباع مساحة القطاع وتصفية نحو 2000 “مخرب”. أجرى قائد الذراع البرية استيضاحاً مع العميد احتياط، غي حزوت، إذ إن مضمون العرض الإلكتروني ونتائجه لم تكتب بتخويل ولم تمثل موقف الجيش كما هو متوقع من وثيقة رسمية تُنقل إلى قوات الاحتياط”.
العقيد احتياط حزاي نحما، من مؤسسي منتدى القادة والمقاتلين في الاحتياط، قال: إنه “لكل من تردد فيما إذا كان المفهوم المغلوط لا يزال هنا، جاء رد الناطق العسكري وأثبت أن هذا المفهوم يوجد هنا كي يبقى.
“عندما يكتب العميد غي حزوت استنتاجاته بعد عشرين شهراً يقود فيها منظومة التعلم العسكرية الإسرائيلية، يستدعيه الجيش للاستيضاح. باختصار، لماذا يحتاجون إلى أن يتصدوا للنذر حين يكون ممكناً تجميد الرسول. يحزننا هذا ولكننا سنواصل الصراخ بصوت عال لنعكس صرخة عشرات آلاف الضباط والجنود”.
——————————————
يديعوت 3/9/2025
إسرائيل أشبه بمقامر يغرق في الديون ثم يطلب المزيد!
بقلم: روني دويك
مرّ عامان تقريباً على “7 تشرين الأول”، والواقع الإسرائيلي أكثر فوضويةً من أي وقت مضى. لم يعد في الإمكان التمييز بين دعاية سياسية وبين سياسة فعلية، والجمهور مرتبك، ومنقسم، وعاجز عن اتخاذ موقف. وتُظهر استطلاعات الرأي نتائج غريبة: أغلبية تؤيد صفقة تبادُل الأسرى وإنهاء الحرب، لكن أيضاً هناك أغلبية تؤيد “النصر الكامل”. يعتمد الأمر على مَن يسأل، وكيف.
فالغضب والعنف في الشوارع، وفي شبكات التواصل الاجتماعي، هما نتيجة هذا الارتباك، وغياب الشعور بالاتجاه، أو الهدف. القيادة عاجزة عن بلورة صورة لواقع يتفق عليها الجمهور، وعاجزة عن شرحٍ موثوقٍ به بشأن اتجاه الأمور، في ظل هذا الوضع، الحقائق الوحيدة هي الأرقام: 1950 قتيلاً وضحية، 48 أسيراً، آلاف المصابين بجروح خطِرة، آلاف المهجرين الذين لم يعودوا إلى بيوتهم بعد، و700 يوم.
ظاهرياً، يمكن أن يستمر هذا الوضع شهوراً وأعواماً إضافية، لكن الحقيقة أننا فعلاً ندفع ثمنه الآن، وسنواصل دفع الفاتورة في الأعوام المقبلة. فنحن مثل مقامر يغرق في الديون، ونقترض مزيداً ومزيداً من المستقبل.
يبدو أن الاستنزاف واضح، وبشكل خاص في الجيش، إذ تتراكم الشهادات بشأن الإصابات النفسية في صفوف الجنود النظاميين، وأزمة الحضور في قوات الاحتياط. جيش الاحتياط يغيّر طبيعته – من “جيش الشعب” إلى نموذج يعتمد على آلاف الأشخاص الذين أصبحت هذه الخدمة مهنتهم الأساسية، لا هو جيش احتياط حقيقي، ولا هو جيش مهني كامل. ماذا يحدث لهم في بيوتهم؟ وماذا سيحدث لهم في “اليوم التالي”؟ إسرائيل لا تستطيع السماح لنفسها بحدوث سيناريو انهيار منظومات الجيش، على غرار ما حدث للأميركيين في فيتنام، أو للفرنسيين في الحرب العالمية الأولى، لكننا نسير في هذا الاتجاه.
أين هي اللُحمة الداخلية؟
إن الوضع الأسوأ هو في المجال الذي لدينا فيه أكبر قدر من السيطرة: التكاتف الداخلي، كانت القيمة الإسرائيلية المضافة دائماً “العائلية الوطنية”. رأينا هذا المخزون الكبير من التضامن والشعور بالمصير المشترك يتفجر بعد “7 تشرين الأول”. لكن خلال السنتين التاليتَين، تآكل هذا المخزون وتضاءل إلى مستويات خطِرة، وبات الإسرائيليون غرباء عن بعضهم البعض، أكثر من أي وقت مضى.
السؤال المُلِح هو: هل سيواصل الجيش الإسرائيلي الدوران في حلقات مفرغة داخل غزة شهوراً وأعواماً إضافية؟ فكل صاحب بصيرة يفهم أن الحرب استنفدت نفسها، لقد حققنا إنجازات حقيقية، لكن “النصر المطلق” وهمٌ، حتى الذين يتشبثون به لا يعرفون بالضبط ما الذي يتضمنه.
هل يمكننا أن نسمح لأنفسنا بألّا يخدم قطاع كامل في الجيش، بينما ينهار نموذج “جيش الشعب”؟ من المهم احترام الجمهور الحريدي وتقدير دراسته للتوراة، لكن من الضروري أيضاً الاعتراف بالواقع.
هل تستطيع دولة صغيرة في منطقة معادية أن تسمح لنفسها بعزلة دولية واقتصادية؟ هل نريد أن يعاني جنودنا الذين يسافرون للخارج، بعد خدمة قاسية، جرّاء مضايقات وحوادث معادية للسامية أو – لا قدَّر الله – أن يتعرضوا للاعتقال؟ حتى لو كان العالم منافقاً، هل هذا ما نتمناه لجيل كامل من الإسرائيليين، لأولادنا؟
لا يمكننا الاستمرار على هذه الحال، لقد حان الوقت للمطالبة بقيادة جديدة ترسم أهدافاً واضحة لدولة إسرائيل، ولا تخاف من الحسم في القضايا الأكثر أهميةً: إعادة الأسرى، إنهاء الحرب، صوغ “اليوم التالي للحرب” في غزة من دون “حماس”، وتسوية مسألة الخدمة والتجنيد والعبء الاقتصادي.
إن مفتاح قيادة التعافي والترميم الوطني، وواقع إسرائيلي جديد، يكمن أيضاً في الجمهور الديني – القومي، فلا توجد أي فئة تجندت مثله للحرب، ولا توجد أي فئة دفعت الثمن الذي دفعه هذا الجمهور، هناك كثيرون في هذا التيار الديني يدركون خطر الاستمرار في النهج الحالي. إنهم يفهمون أننا مُلزمون الخروج من المأزق السياسي واتخاذ قرارات صعبة. في الوقت الراهن، لا تُسمع أصواتهم، لكن يوم يحدث ذلك، سيبدأ تعافي الجميع. في ذلك اليوم، سنعود إلى شعار “معاً سننتصر” – لا كشعار فارغ، بل كواقع إسرائيلي جديد.
——————————————
هآرتس 3/9/2025
الحكومة تغير قواعد اللعب
بقلم: أسرة التحرير
البحث الذي كان يفترض أن يجرى اليوم (أمس)، في محكمة العدل العليا في الالتماسات ضد التنحية السياسية للمستشارة القانونية غالي بهرب ميارا، تأجل. سبب التأجيل مقلق بحد ذاته، فضلا عن مجرد التأجيل: الحكومة تجاهلت تعليمات محكمة العدل العليا ولم تتقدم برد يشرح لماذا قررت تغيير قواعد اللعب، الالتفاف حول اللجنة العامة وتنحية المستشارة في إجراء سياسي، بقيادة وزراء مؤيدين للانقلاب النظامي، يجلسون في حكومة تحت قيادة متهم بملفات فساد تديرها مستشارة يحاولون تنحيتها. بالتوازي مع تأجيل البحث قضى تسعة قضاة في المحكمة العليا بالإجماع، بمن فيهم المحافظون، بأن تنحية المستشارة في هذه المرحلة ليست قانونية، ودعوا الحكومة للتفكر ولتقل في غضون أسبوعين إذا كانت توافق على العودة إلى المنحى القانوني الذي بموجبه، لا يمكن إقالة المستشارة إلا بعد التشاور مع لجنة عامة، وحتى هذا ليس ضروريا. هذا هو المنحى الذي وضعته في العام 1998 لجنة عامة رسمية، برئاسة رئيس المحكمة العليا مئير شمغار.
إضافة إلى ذلك، قضت محكمة العدل العليا بأنه إذا أصرت الحكومة على التمسك بإجراء التنحية الالتفافي وموضع الخلاف، فإن البحث في الالتماسات ضدها سيجرى في نهاية تشرين الأول (أكتوبر). هذا قرار إيجابي، لأن المحكمة تشير فيه إلى الحكومة بصوت واحد أنه تم تجاوز خط أحمر. في هذه الأثناء، فإن تقويض مكانة المستشارة يؤثر على جبهات عديدة في الكفاح في سبيل ما تبقى من الديمقراطية وسلطة القانون.
تعمل الحكومة بمنهاجية لتصفية كوابح وتوازنات، وتثبيت قوة السلطة التنفيذية. في هذا تندرج، ضمن أمور أخرى، إملاءات وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير على مفتش عام الشرطة داني ليفي في مواضيع التعيينات والسياسة، تعيين دافيد زيني المرشح المفضل لبنيامين نتنياهو رئيسا للشاباك رغم إشكالية ذلك، وكذا محاولات نتنياهو أن يعين شخصيا مأمور ديوان موظفي الدولة ومن خلاله، التحكم بكل الخدمة العامة. رئيس الأركان هو الآخر اكتشف بأنه قبل أن يناور الجيش الإسرائيلي في غزة، فإن الحكومة ستناور على ظهره في وسائل الإعلام إذا ما تجرأ على إطلاق رأي مستقل.
في الحكومة الحالية، فإن حارس عتبة أو صاحب منصب كبير ليس مواليا وليس خاضعا يطاح به، يغير أو يضعف. كما أن غاية تنحية المستشارة واضحة: تسييس حارسة العتبة الأكبر في السلطة التنفيذية.
محظور ترك محكمة العدل العليا والمستشارة وحدهما في المعركة. في العالم، مؤسسات سلطة القانون مثل الادعاء العام أو المحاكم وجدت نفسها تكافح ضد حكام يحاولون قضم الديمقراطية. هذا حصل للمحكمة العليا في بولندا وفي البرازيل، وكذا لمدعيين عامين فيدراليين حيال دونالد ترامب. هذه المؤسسات لا يمكنها أن تنقذ الديمقراطية وحدها. يمكنها أن تبطئ، تصعب لكن ليس أكثر من ذلك. الجمهور ملزم بأن يقف إلى جانب المستشارة في الدفاع عن سلطة القانون. من دون ظهر جماهيري، وكذا أوامر قاطعة من محكمة العدل العليا لن تمنع الحكومة إخراجها من مكتبها. مع ظهر جماهيري يمكن كبح الانهيار.
—————–انتهت النشرة—————–