الحاجة فاطمة العمرني (80 عامًا)، واحدة من المتضرّرات في قرية السر مسلوبة الاعتراف بالنقب، تعيش اليوم في خيمة بلا كهرباء، رغم اعتمادها على جهاز تنفّس اصطناعي، بعدما قطعت السلطات الإسرائيلية الكهرباء ودمّرت ألواح الطاقة الشمسية.
وبات نحو 1500 مواطن من قرية السر، بلا مأوى، بعد اقتحام الجرافات الإسرائيلية للقرية وهدم منازلها على مدار عدة أسابيع. فقد هدمت السلطات الإسرائيلية، يوم الأربعاء الماضي، نحو 40 منزلًا، بينما كانت قد هدمت نحو 60 منزلًا في الأسابيع الأخيرة، ليصل مجمل عدد المنازل المهدومة إلى 100 منزل. ولا يزال الهدم يهدّد نحو 200 منزل آخر في القرية.
ويُعاني أهالي القرية من ظروف صعبة وقاسية في ظل الهدم والتشريد الذي يتعرضون له من قِبل السلطات الإسرائيلية، إذ يسكن أهالي السر على أرضهم منذ مئات السنين، قبل قيام دولة إسرائيل.
وتقول الحاجة فاطمة العمرني، وهي أم وجدة لعشرات الأحفاد، لـ”عرب 48” إن “الجرافات الإسرائيلية هدمت منزلي قبل أيام، وأنا الآن أجلس قرب أنقاضه. هذا المنزل الذي سكنت فيه منذ نحو 70 عامًا. حالتي الصحية صعبة، وأعتمد على جهاز تنفس اصطناعي وأدوية لأواصل الحياة، واليوم أعيش في خيمة تفتقر إلى كل شيء”.

وتُضيف: “الظروف التي نعيشها قاسية، العائلات تنام في العراء بلا مأوى، والجرافات تهدم المنازل وتشرّدنا دون أي حلول، كما حصل في الأيام الأخيرة. لا توجد أماكن نلجأ إليها، وما تقوم به آليات الهدم هو جريمة بحقنا وبحق الإنسانية، فنحن هنا منذ ما قبل قيام هذه الدولة”.
كانت نظرات الحاجة فاطمة العمرني مليئة بالحزن على حالها وحال أبنائها وأحفادها الذين باتوا بلا مأوى، بعد هدم منازلهم وتهجيرهم بقرار إسرائيلي. وتقول: “لديّ أكثر من 30 حفيدًا، معظمهم أطفال وطلاب مدارس. العام الدراسي بدأ قبل أسابيع، لكن أحفادي وأبناء قرية السر لم يذهبوا إلى المدارس التي يتعلمون فيها، بعد أن دُمّرت منازلهم وسُحقت كتبهم وقرطاسياتهم تحت الأنقاض، وتحت عجلات وجنازير الجرافات الإسرائيلية”.
وتتابع أنه “لم نشهد هجومًا كهذا من قبل. ما يحدث هو محاولة لتهجيرنا واقتلاعنا من أرضنا. الجرافات هدمت كل شيء: الشجر، الحجر، وقطعت المياه والكهرباء… لم تترك لنا شيئًا، وكل ذلك لتحقيق هدف واحد، هو تهجيرنا من أرضنا التي نسكنها منذ مئات السنين”.
وتطالب الحاجة فاطمة العمرني بتوفير أراضٍ بديلة للمواطنين، وتقول: “ما نريده هو الاعتراف بنا وبملكيتنا لأرضنا في قرية السر، لا أن تُهدم منازلنا دون توفير بدائل أو حلول حقيقية لنا”.
أما المواطن عيادة العمرني (55 عامًا)، الذي وُلد وترعرع في قرية السر، فيصف ما يحدث بأنه “صعب ومخيف”، خاصة في ظل اقتحام القرية، في الأيام الأخيرة، لاستكمال عمليات الهدم من قبل الجرافات والقوات الإسرائيلية.

ويقول لـ”عرب 48” إن “ما تقوم به السلطات الإسرائيلية في قرية السر وباقي قرى النقب غير مسبوق، إنهم يعملون بكل جهد لتدمير حياة ومستقبل المواطنين. هذا ليس حلًا، بل تدمير ممنهج للحياة”.
ويعيش عيادة العمرني على التنفس الاصطناعي، ويؤكد أن حياته باتت شبه مستحيلة دون منزل أو كهرباء أو ماء، ويوضح: “أعتمد على التنفس الاصطناعي، وبحاجة إلى كهرباء. نعيش في ظروف قاسية، نواجه قوات الهدم المدججة بالسلاح بأجسادنا العارية. حديثا، هُدم ما تبقّى من منازلنا في قرية السر، وبتنا بلا مأوى تحت السماء وحرّ الصحراء في النقب”.
ويشير إلى أن الحملة على قرية السر بدأت منذ سنوات، لكنها تصاعدت بشكل غير مسبوق خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، خاصة من قبل ما تُسمّى “سلطة توطين البدو” والشرطة الإسرائيلية، حيث تم قطع المياه والكهرباء عن القرية، وأصبحت أبسط الحاجات اليومية، خصوصًا للنساء، شبه مستحيلة.
ويختم عيادة العمرني حديث وهي توفير حلول بديلة لنا ومسطحات أراض لنعيش عليها، نحن لسنا ضد القانون، نريد فقط أن نعيش بكرامة كباقي البشر”.

أما الطفل محمد أبو عدوان (13 عامًا)، فيصف وضع قريته بالكارثي بعد هدم المنازل، ويقول لـ”عرب 48“: “نسكن اليوم في خيمة صغيرة بعد أن هدمت الجرافات منزلنا. كل مستلزماتنا دُفنت تحت الأنقاض، ولم نذهب إلى المدرسة في شقيب السلام، فقد دُمّرت كتبنا وملابسنا، ونعيش في ظروف قاسية جدًا لا تتوفر فيها أي مقومات للحياة”.
ويضيف محمد أبو عدوان حول اقتحام القرية: “اعتدت القوات على الجميع، هدموا البيوت، ووجّهوا أسلحتهم نحونا نحن الأطفال بعد أن أخرجونا من منازلنا. جدتي تعتمد على التنفس الاصطناعي، ورغم ذلك أخرجوها من المنزل وهدموه أمامها”.
ا