افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
معاريف 23/9/2025
لن نسمح لفرنسا وبريطانيا بـ”التمادي في الوقاحة”.. وستدفعان ثمناً لـ”استهتارهما السياسي الرخيص”
بقلم: ران يشي
اعتراف بريطانيا وفرنسا هذا الأسبوع بدولة فلسطينية – في تناقض صارخ مع جميع الاتفاقات ذات الصلة التي كانتا طرفًا فيها كعضوين في مجلس الأمن الدولي وكعضوين (بريطانيا عضو سابق) في الاتحاد الأوروبي، بصفتهما «شاهدتين» تقريبًا – هو خطوة غير مسبوقة في جرأتها تجاه دولة ذات سيادة ما زالتا تدّعيان أنها “صديقة” بل حتى “حليفة”، وفي كل الأحوال شريكة في نادي الدول الديمقراطية.
لكن هذه الخطوة الفاضحة لم تأتِ من فراغ، بل نتيجة لسياسة تجاهل إسرائيلية طويلة الأمد لاستفزازات متكررة، خصوصًا من جانب فرنسا، التي مسّت مرارًا وتكرارًا بمكانة إسرائيل كدولة مستقلة ذات سيادة وبمفهوم سيادتها في القدس.
تجاهل إسرائيل وثمنه
اختارت إسرائيل أن تغض الطرف – أو حتى “تدير الخد الآخر” – عن الصفعات التي تلقتها من هاتين الدولتين، إما على أمل أن تكون هذه خطوات بلا قيمة عملية، أو خشية من إثارة غضبهما. والواقع، تقريبًا، أن اعتراف فرنسا وبريطانيا بدولة فلسطينية لا يحمل أثرًا عمليًا مباشرًا في هذه المرحلة، إذ لن يتغير شيء على الأرض الآن.
مع ذلك، فإن هذه خطوة إضافية ستجعل من الصعب أكثر على إسرائيل أن تتحرك بشكل مستقل عند الحاجة، والتاريخ يثبت أن الحاجة دائمًا موجودة. وهناك نقطة أخرى، أصح وأكثر أهمية: بريطانيا، وخصوصًا فرنسا، لم تعُودا دولًا بمكانة تفرض على إسرائيل الخشية من “إغضابهما”. كما كتب إفرايم كيشون بعد حرب الأيام الستة ردًا على خيانة ديغول في فرنسا لإسرائيل وتركها فريسة للدول العربية التي حاولت تدميرها: “لم تعد هناك أربع قوى كبرى، بل اثنتان فقط”. فرنسا – وبريطانيا أيضًا – لم تعُودا منذ زمن دولًا ينبغي إيلاء اهتمام خاص لما تقولانه.
“السفارات” في القدس – الوقاحة المستمرة
ومع ذلك، تسمح إسرائيل منذ عقود لهاتين الدولتين بالاحتفاظ في عاصمة الدولة، القدس الموحّدة، بـ”سفارات” للسلطة الفلسطينية. فالقنصليتان العامتان البريطانية والفرنسية في القدس تعملان فعليًا، بل ورسمياً إلى حد كبير، كسفارات لبلديهما في رام الله. رؤساؤهما وممثلوهما معتمدون لدى السلطة الفلسطينية ويعملون حصريًا مع مسؤوليها. ومع ذلك، فإن جميع الامتيازات والتسهيلات والحقوق الدبلوماسية يحصلون عليها من إسرائيل، بالكامل.
بماذا يشبه ذلك؟ أن تقيم إسرائيل قنصلية عامة في لندن وتعلن أنها سفارة إسرائيل في جبل طارق (وهو إقليم محل نزاع بين إسبانيا وبريطانيا)، أو أن تحتفظ بقنصلية في باريس وتعلن أنها سفارة إسرائيل للمستعمرات الفرنسية وراء البحار – تلك التي قررت إسرائيل الاعتراف باستقلالها بشكل أحادي.
نتائج التغاضي والنشاطات التخريبية
إن هذا التغاضي الإسرائيلي عن الوقاحة البريطانية، وخاصة الفرنسية، لم يؤدِّ إلى أي تهدئة سياسية كما كان متوقعًا، بل شجع الدولتين المتجرئتين على الاستمرار في تصعيد خطواتهما، وصولًا إلى الخطوة الأخيرة (حتى الآن) الراهنة. لكن الطريق كان مليئًا بالإشارات، خصوصًا من جانب القنصلية الفرنسية – أحداث لا تُحصى من دعم مؤسسات مؤيدة للإرهاب أو لحملات المقاطعة أو للتحريض في القدس، مثل مركز “يبوس”، و”البستان” في سلوان، وتوزيع كتب إرهابيين برعاية القنصلية أو بدعمها، وغير ذلك.
إضافة إلى ذلك، فإن بريطانيا وفرنسا تدعمان البناء الفلسطيني غير القانوني في مناطق C، خلافًا للاتفاقيات، خصوصًا في محيط القدس – وذلك بهدف عرقلة تطور عاصمة إسرائيل لصالح “العاصمة” الفلسطينية. كل هذا وغيره جرى تحت رعاية التغاضي والصمت الإسرائيلي المتواصل منذ سنوات.
الأوراق الإسرائيلية في المواجهة
لكن الأمر ليس قدرًا محتومًا. لدى إسرائيل أوراق عديدة ومؤثرة في المواجهة السياسية مع هاتين الدولتين، اللتين يزخر تاريخهما بالاحتلالات والاستعباد وجرائم القتل ونهب شعوب كثيرة حول العالم على مدى قرون. الهدف الأول، الطبيعي والمشروع والأسهل تنفيذًا، هو وقف عمل قنصلياتهما في القدس. يمكن منذ الآن اتخاذ سلسلة خطوات، ضمن صلاحيات إسرائيلية حصرية وكاملة، وبمستوى صعوبة لا يتعدى كتابة رسائل وإرسالها عبر البريد الإلكتروني، وذلك لتوضح لفرنسا وبريطانيا أن هناك ثمنًا سياسيًا باهظًا للاستهتار السياسي الرخيص.
الخطوات المطلوب تنفيذها
الخطوات المطلوبة واضحة وبسيطة:
*سحب تأشيرات العمل – أي دبلوماسي لا يُعتمد رسميًا وعمليًا في دولة إسرائيل لن يحصل على تأشيرة إسرائيلية، وعليه الإقامة فقط في مناطق السلطة الفلسطينية، مع سحب حقه في حرية الحركة.
*إلغاء لوحات التعريف القنصلية للمركبات – كل مركبة لا يستخدمها دبلوماسيون معتمدون في إسرائيل لن تتمتع بلوحات التعريف الخاصة.
*إلغاء الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة – القنصلية وموظفوها سيدفعون ضريبة القيمة المضافة مثل أي كيان غير دبلوماسي آخر يعمل داخل دولة ذات سيادة.
*إلغاء أماكن الاصطفاف المخصصة – هذا الامتياز سيسحب بشكل فوري.
*فحص قانونية المباني – يجب إجراء مراجعة شاملة لرخص البناء القائمة، من خلال قسم الرقابة في بلدية القدس.
*مراجعة نشاط المؤسسات التابعة – معهد رومان غاري والمعهد الفرنسي يعملان تحت مظلة القنصلية؛ ينبغي إعادة النظر في وضعهما القانوني.
*إلغاء تصاريح السلاح – الحراس والدركيون والجنود الفرنسيون العاملون في القنصلية لن يُسمح لهم بحمل السلاح داخل القدس أو في أي مكان في إسرائيل، إلا إذا كانوا موظفي سفارة فرنسا الرسمية في إسرائيل.
* إعادة النظر في وضع المجمعات الفرنسية – يجب تسوية وضع المجمعات الأربعة في القدس ومحيطها مع مجمعات مماثلة، مع إلغاء أي امتيازات خاصة.
*النتيجة المباشرة – سيسحب أي وضع دبلوماسي أو قنصلي وأي حصانة مرتبطة به من كل من لا يُعتمد في إسرائيل ولا يعمل مباشرة مع وزارة الخارجية الإسرائيلية في القدس.
الشرط الإسرائيلي
دولة إسرائيل ستضع شرطًا واضحًا أمام فرنسا وبريطانيا: يُسمح للقنصليات في القدس بالاستمرار في العمل فقط كفروع تابعة للسفارة في تل أبيب، تمامًا كما تعمل القنصلية الفرنسية في حيفا. وبهذا تُظهر إسرائيل سخاءً كبيرًا، بالنظر إلى أن فرنسا وبريطانيا اختارتا أن تضعا سفارتيهما في تل أبيب وليس في عاصمة الدولة. وفي حال رفضت الدولتان هذا الشرط، فسيجري تفعيل جميع الخطوات العملية المذكورة أعلاه فورًا، إلى جانب خطوات إضافية.
هذه الإجراءات ونتائجها ضرورية من أجل الحفاظ على سيادة إسرائيل في القدس وتعزيزها، وصون حدود الدولة القانونية، وفي الوقت نفسه ستُسهم في منع استمرار النشاط السياسي الهدام من قبل دول أجنبية في القدس وفي إسرائيل.
الكاتب شغل في الماضي منصب المدير العام لوزارة شؤون القدس وسفيرًا في وزارة الخارجية، ويشغل اليوم منصب رئيس قسم الأبحاث في “مركز القدس للسياسات التطبيقية” (JCAP).
——————————————
واي نت 23/9/2025
غزة و”ملحق كامب ديفيد”… من “الريفييرا” إلى “بروفا أولية” لمواجهة بين مصر وإسرائيل
د. دافيد جوبرين
وفقًا للملحق العسكري لمعاهدة السلام بين إسرائيل ومصر، اتفقت الدولتان على إقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح في شبه جزيرة سيناء. القيود المفروضة على مصر في المناطق A وB وC كانت واسعة وصارمة، بينما كانت القيود المفروضة على إسرائيل في المنطقة D محدودة، نظرًا لصغر مساحة المنطقة نسبيًا.
إجراءات نزع السلاح هذه أُقرت بعد مفاوضات طويلة ومرهقة بين الدولتين في مؤتمر كامب ديفيد، وكان هدفها تقليل خطر تجدد المواجهة العسكرية بين إسرائيل ومصر. المستشار القانوني لوزارة الخارجية في مؤتمر كامب ديفيد، الدكتور مئير روزن، الذي وصفه إلياكيم روبينشتاين بـ”حارس الختم”، حدّثني عن النقاشات الحادة التي جرت مع مصر في المؤتمر حول هذا الموضوع، وعن إصراره على نزع السلاح في سيناء من القوات المصرية. روزن شدّد على أهمية النزع الأمني في ضوء تنازل إسرائيل عن عمقها الاستراتيجي، واعتبر ذلك أحد أهم إنجازات إسرائيل في معاهدة السلام.
أما مصر، فقد رأت دائمًا أن القيود التي نصّ عليها الملحق الأمني في المعاهدة تمسّ سيادتها وكرامتها الوطنية. ومنذ توقيع المعاهدة، سعت إلى تقويض الملحق العسكري تدريجيًا عبر فرض وقائع جديدة على الأرض تغيّر الواقع القائم. فعلى سبيل المثال، طلبت مصر من إسرائيل، أكثر من مرة وبأثر رجعي، المصادقة على نشر عدد أكبر من الجنود المصريين في سيناء بذريعة المساعدة في مكافحة الإرهاب.
شعور الإهانة في مصر كان نابعًا من اعتقادهم أن إسرائيل هي التي فرضت في مفاوضات كامب ديفيد عدد الجنود المصريين، والمعدات، وأنواع الأسلحة المسموح باستخدامها. مصريون تحدثت معهم خلال فترة خدمتي في مصر حاولوا إقناعي، لكن دون جدوى، بأنه لم يعد هناك أي مبرر لاستمرار نزع السلاح في سيناء.
مسؤولون إسرائيليون بارزون ممن عرفوا الرئيس عبد الفتاح السيسي أشاروا إلى أن موقفه السلبي تجاه الملحق العسكري كان واضحًا بشكل خاص، وأكدوا أن هذا الموقف شائع بين جميع الضباط المصريين. مثال على رغبة مصر في تقويض الملحق العسكري تجلّى في زيارة السيسي لقاعدة “مليز” (رفيديم) في نيسان/أبريل 2018. في شريط فيديو نشره الجيش المصري عن الزيارة، ظهرت طائرات F-16 مصطفة على مدارج القاعدة، رغم أن تحليق هذه الطائرات في أجواء سيناء محظور. كانت هذه الزيارة الرمزية، التي جاءت في سياق الحرب التي يخوضها الجيش المصري ضد خلايا الإرهاب في سيناء، تهدف أيضًا إلى تقويض القيود المفروضة على الجيش المصري هناك.
المتحدثون المصريون كرروا مرارًا على مدى السنوات أن معاهدة السلام أهانت مصر وأضرت بسيادتها في سيناء، مستخدمين في الإعلام تعبير “السيادة المنقوصة”. هذا الشعور بالإهانة استند إلى اعتقاد راسخ بأن إسرائيل هي التي أمْلت في مفاوضات كامب ديفيد عدد الجنود المصريين المسموح بهم، والمعدات، وأنواع الأسلحة المصرح باستخدامها. مصريون تحدثت معهم خلال فترة خدمتي في مصر حاولوا إقناعي، لكن دون جدوى، بأنه لم يعد هناك مبرر لاستمرار نزع السلاح في سيناء.
تخشى مصر بشدة من موجة هجرة جماعية للفلسطينيين إلى أراضيها في أعقاب عملية “مركبات جدعون ب” التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة. وقد أوضحت القاهرة مرارًا أنها ستعتبر مثل هذا التطور مساسًا بأمنها القومي، وأنها ترفض رفضًا قاطعًا حلّ قضية الفلسطينيين على حسابها. هذا هو السياق الذي يفسر الرفض المصري القاطع للمقترح الذي قدّمه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مطلع العام، باستضافة الفلسطينيين داخل الأراضي المصرية مقابل منحة مالية سخية بمليارات الدولارات.
من جانبها، يتعيّن على إسرائيل أن توضّح، بشكل رسمي وعلني وحازم، أنها لا تنوي دفع الفلسطينيين إلى الهجرة القسرية من قطاع غزة. مثل هذا التصريح الصادر عن جهة سياسية رفيعة وصاحبة صلاحية من شأنه تهدئة الأجواء في الخطاب الدائر بين الطرفين عبر وسائل الإعلام. يُذكر أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وصف هذا الأسبوع إسرائيل بأنها “عدو” في خطابه خلال قمة عُقدت في قطر. وهي المرة الأولى منذ توقيع معاهدة السلام التي يصف فيها رئيس مصري إسرائيل بأنها “عدو”. هذا التصريح جاء ليس فقط على خلفية التصعيد في غزة، وإنما أيضًا بسبب قلق القاهرة من اغتيالات إسرائيلية استهدفت عناصر من حركة حماس داخل الأراضي المصرية، الأمر الذي قد يشعل الشارع المصري، إضافة إلى تجميد صفقة الغاز الجديدة بين الدولتين بقيمة 35 مليار دولار.
تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، والخوف المصري من احتمال تدفق فلسطينيين عبر السياج الحدودي دفع القاهرة إلى تعزيز وجودها العسكري في منطقة رفح، لردع مثل هذا الاحتمال والتأهب له في حال تحقّق سيناريو الرعب من منظورها. ولا يُستبعد أن تستغل مصر هذه الظروف لتعزيز وجودها العسكري والاستمرار تدريجيًا في تقويض الملحق الأمني لمعاهدة السلام. وإذا استمرت الحملة العسكرية وما قد يرافقها من احتمالات تصعيد، قد لا تسارع القاهرة إلى سحب قواتها، بل قد تشترط انسحاب إسرائيل من ممر فيلادلفيا الذي تعتبره خرقًا لمعاهدة السلام.
في مثل هذا الوضع، ستجد إسرائيل صعوبة في مطالبة القوة متعددة الجنسيات المكلّفة بمراقبة خروقات الطرفين، أو حتى الولايات المتحدة، بالتحرك لإعادة الوضع إلى ما كان عليه. وقد نجد على حدودنا انتشارًا أوسع للجيش المصري، الأكبر والأقوى في العالم العربي. وبدلًا من “ريفييرا فلسطينية” في غزة، قد نشهد “بروفا أولية” لمواجهة جديدة مع مصر.
——————————————
واي نت/ 23/9/2025
“ناتو بنسخة إسلامية”… التحالف السعودي–الباكستاني: رسالة موجهة لإسرائيل؟
يوئيل غوجنسيكي
توقيع اتفاقية الدفاع بين السعودية وباكستان هذا الأسبوع أثار بطبيعة الحال عناوين بارزة. البند المركزي فيها، الذي ينص على أن أي هجوماً على إحداهما سيُعدّ هجوماً على الأخرى، بدا كتصريح دراماتيكي – أشبه بنسخة إسلامية للبند الخامس في ميثاق الناتو. لكن تكمن خلف هذا الخطاب المثير معادلة أكثر تعقيداً: الاتفاق لا يغيّر قواعد اللعبة بقدر ما يؤكد خطاً متصلاً من التعاون الوثيق الذي يربط بين الدولتين منذ عقود.
الحضور العسكري الباكستاني في السعودية ليس جديداً؛ منذ ستينيات القرن الماضي درّبت باكستان آلاف الجنود السعوديين، ونشرت وحدات عسكرية على أراضي المملكة في أوقات الأزمات لحماية حدودها. اليوم يتمركز في السعودية ما بين 1500 إلى 2000 جندي باكستاني بمهام تدريب واستشارة وحماية. الاتفاق الأخير إذاً يندرج ضمن هذا السياق التاريخي، ولا يشكل نقطة انعطاف حادة بقدر ما يرسخ ما هو قائم.
في البعد النووي، وهو الأكثر حساسية، يظل الغموض على حاله وربما بشكل متعمد. فالإشارات المتكررة منذ سنوات إلى احتمال وجود “مظلة نووية” باكستانية لحماية السعودية لم تختفِ من الخطاب السياسي، لا سيما مع الأخذ في الاعتبار الدعم المالي السعودي لإسلام آباد عموماً ولبرنامج تخصيب اليورانيوم الباكستاني خصوصاً. ومع ذلك، الاتفاق الذي نُشر لا يتضمن أي إشارة إلى السلاح النووي. باكستان تؤكد باستمرار أن ترسانتها النووية مخصصة لردع الهند فقط، وليست أداة لمظلة إقليمية. ربما ترى الرياض في باكستان ورقة احتياط نووية مستقبلية، لكن هل ترى إسلام آباد المسألة بالطريقة نفسها؟ جعل التحالف علنياً لا يبدد هذه الأسئلة، بل يضاعفها.
أما توقيت التوقيع فليس محض صدفة، بل يساهم في زيادة القلق الإقليمي. الضربة غير المسبوقة التي نفذتها إسرائيل في قطر، الحليف الأمريكي الوثيق، أثارت هزة في الخليج وعززت الشكوك بشأن مدى اعتماد واشنطن كراعٍ أمني ثابت. بالتوازي، تبدو إيران وإسرائيل في حالة استعداد لمواجهة جديدة، فيما يكثّف الحوثيون في اليمن هجماتهم، وبعض الصواريخ التي أُطلقت نحو إسرائيل سقطت فوق الأجواء السعودية. في هذا المشهد المليء بالتصعيد، تسعى الرياض لتوجيه رسالة واضحة: هي ليست معزولة، بل تقف من ورائها حليفة مسلمة كبرى، قوية وذات قدرات نووية.
التحالف السعودي–الباكستاني: رسالة موجهة لإسرائيل؟
ومع ذلك، لا ينبغي الانخداع؛ فالتحالف الجديد لا يشكّل التزاماً غير مشروط. باكستان أظهرت في السابق – كما في قرارها عام 2015 عدم الانخراط في حرب اليمن – أنها قادرة على رسم خطوط حمراء أمام الرياض حين ترى أن مصالحها الوطنية تفرض ذلك. وبالمثل، السعودية لن تسارع إلى التدخل عسكرياً في نزاع بين الهند وباكستان في كشمير. هذا التحالف هو في المقام الأول إعلان سياسي: إشارة إلى الخصوم، تطمين للرأي العام المحلي، وتذكير للولايات المتحدة بأن دول الخليج تبحث عن بدائل أمنية إضافية.
العلاقات بين السعودية وباكستان شكّلت لعقود نموذجاً للغموض الاستراتيجي: تمويل سعودي سخي، تسهيلات نفطية ودعم اقتصادي متشابك مع روابط أمنية غير معلنة، من دون أن يُترجم ذلك في اتفاقيات علنية. الاتفاق الأخير غيّر الصورة جزئياً، إذ تضمن للمرة الأولى بنداً معلناً حول الدفاع المتبادل. لكن حتى بعد أن انكشف بعض المستور، يظل الغموض قائماً، بل إنه يثير أسئلة جديدة: كيف ستُطبّق الالتزامات في حالة أزمة فعلية؟ ما هو حجم التنسيق العملياتي المرتقب؟ وهل هناك تفاهمات غير مكتوبة بشأن السلاح النووي؟
التحالف لا يقتصر على الردع العسكري وحده، بل يرتكز أيضاً على أبعاد اقتصادية واجتماعية: تسهيلات نفطية، دعم مالي مباشر، ملايين العمال الباكستانيين في السعودية، والمكانة المركزية للحج كعنصر رابط بين الشعبين.
السعودية توجه رسالة صريحة للمنطقة بأنها تملك تحالفاً مع دولة مسلمة نووية ملتزمة بأمنها. هذا الإعلان لا يضع حداً للغموض الاستراتيجي، بل يعززه ويفتح الباب أمام المزيد من التكهنات حول مكانة إسرائيل في معادلة التهديد السعودية. لعقود كانت إيران الخصم الأول للمملكة، وصور الأقمار الصناعية المسربة في الماضي أظهرت أن الصواريخ السعودية موجّهة نحو إيران لا إسرائيل. إلا أن الحرب الجارية وتبادل الضربات بين إسرائيل وإيران يعيدان تشكيل التفكير الاستراتيجي في الخليج على نحو يستدعي انتباه إسرائيل.
من مصلحة إسرائيل أن تبعث برسائل تهدئة لا تهديد، خصوصاً تجاه دول الخليج، في وقت تعاد فيه صياغة معادلات الأمن الإقليمي.
——————————————-
معاريف 23/9/2025
ماذا كان اليمين الإسرائيلي سيفعل لو حدث كل هذا الخراب في عهد حكومة لابيد وبينت؟
بقلم: بن كسبيت
الآن، بعد أن شاهدت كل مقاطع الفيديو من جميع الزوايا لسقوط عضو الكنيست إيلي دلال، الخلاصة واضحة: دلال لم يُسقط، ولم يُدفع، ولم يُهاجم. أحد المتظاهرين ساعده حتى على النهوض. المتظاهر الذي ألقى نحوه (بعد أن وقف) الأوراق النقدية (المزوّرة) أظهر حماقة شخصية، لكنه لم يصب ولم يُلحق ضررًا. لو كنت مكانه، لاتصلت بـ “دلال” واعتذرت. حين يسقط رجل مسن، تمد له يدك لتساعده، لا لترمي عليه أوراقًا (كما فعل متظاهر آخر).
أما عن الاحتجاج نفسه: تخيلوا أن حكومة بينت–لابيد هي التي جلبت علينا الخراب؛ المجزرة الأكبر في تاريخ الشعب اليهودي منذ الهولوكوست، واقتلاع عشرات الآلاف من منازلهم، و251 مخطوفًا، 48 منهم لم يعودوا بعد إلى بيوتهم، والوضع الاقتصادي المروّع، والانهيار الدولي، وتحولنا إلى دولة منبوذة، وهجرة متزايدة للإسرائيليين المتميزين الذين لم يعودوا مستعدين لمواصلة العيش هنا.
التفكيك المنهجي لكل شيء: المحاكم، الشرطة، الديمقراطية، الإعلام الحر. استمرار التحريض، نشر نظريات المؤامرة والخيانة، التحريض المقيت. الفساد. ماي غولان، دودي امسالم، وطالي غوتليب المجنونة. ثم استمرار توزيع الأموال للقطاعات، بينما لا يوجد مال لإعادة بناء مستشفى سوروكا أو لعلاج المصابين بصدمات ما بعد الحرب، ومع هذا كله استمرار التنفس الاصطناعي لإعفاءات ممنوحة للحريديم. وتفضيل المسافرين إلى “اومان” على حساب جنود الاحتياط… وبعد كل هذا، هل يظنون حقًا أنه لن يكون هناك احتجاج ضدهم؟ هل يعتقدون بجدية أن شعب إسرائيل يجب أن يشكرهم بالتصفيق؟
الاحتجاج ضد حكومة الشر والخراب، الذي بدأ مع بدء الهجوم على الديمقراطية ويستمر حتى بعد خراب 7 تشرين الأول، هو حدث طبيعي. ورغم أن الملايين يشاركون فيه، إلا أنه الاحتجاج الأقل عنفًا الذي شهدته هذه البلاد على الإطلاق. هكذا يجب أن يستمر: بلا رفع يد، بلا تفكير في العنف، بلا تخيل للعنف. حتى يعود الأمل.
——————————————
يديعوت 23/9/2025
معضلة الرد الإسرائيلي على الاعتراف بالدولة الفلسطينية
بقلم: ايتمار آيخنر ويوفال كارني
في غضون دقائق معدودة أعلن رؤساء وزراء بريطانيا، كندا، وأستراليا، أول من أمس، عن اعترافهم بدولة فلسطينية. وانضمت اليهم البرتغال، في خطوة دراماتيكية تشكل ذروة جديدة في الجهد الدولي لتحقيق حل الدولتين. ترفع هذه الإعلانات عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطينية إلى 152، وحسب التقديرات فان فرنسا، بلجيكيا، مالطا، سان مارينو، أندورا، ولوكسمبورغ ستنضم الى الخطوة خلال الاجتماع القريب للجمعية العامة للأمم المتحدة.
ونشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية ردا حادا على إعلانات الاعتراف بدولة فلسطينية: “ترفض إسرائيل بشكل احادي الاعتراف الأحادي لبريطانيا وبضع دول أخرى بدولة فلسطينية. الاعتراف، الذي وصفه قادة ‘حماس’ بأنه ثمار مذبحة 7 تشرين الأول، ليس فقط يكافئ المذبحة الكبرى لليهود منذ المحرقة، والتي قامت بها منظمة إرهاب تدعو وتعمل على إبادة إسرائيل، بل يعزز أيضا الدعم الذي تتمتع به ‘حماس’.
“لم تستوفِ السلطة الفلسطينية أيا من تعهداتها والمطالبات منها؛ فهي لم تتوقف عن التحريض، ولا عن سياسة دفع الأموال مقابل القتل، ولم تتخذ أيضاً الوسائل الواجبة لمكافحة الإرهاب، مثلما تجسد، مؤخراً، مع اكتشاف الصواريخ قرب رام الله، الأسبوع الماضي”.
أما رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، فأوضح: “لن تقوم دولة فلسطينية. لديّ رسالة واضحة لاولئك الزعماء الذين يعترفون بدولة فلسطينية بعد المذبحة الرهيبة في 7 تشرين الأول: انتم تمنحون جائزة عظيمة للارهاب. ولديّ رسالة أخرى لكم: هذا لن يكون. لن تقوم دولة فلسطينية غربي النهر. على مدى سنين منعت إقامة دولة الإرهاب هذه في وجه ضغوط هائلة من الداخل ومن الخارج على حد سواء. فعلنا هذا بتصميم، وفعلنا هذا بحكمة سياسية. بل ضاعفنا الاستيطان اليهودي في “يهودا” و”السامرة”، وسنواصل هذه الطريق. الرد على المحاولة الأخيرة لأن تفرض علينا دولة إرهاب في قلب بلادنا سيكون بعد عودتي من الولايات المتحدة. انتظروا”.
بانتظار ترامب
في إسرائيل يفكرون برد حاد، بما في ذلك خطوات ضد فرنسا، التي تعد قائدة للخطوة. بين الإمكانيات: إغلاق القنصلية الفرنسية في القدس. حذّرت فرنسا من أن رداً كهذا سيؤدي الى خطوات مضادة، بما في ذلك طرد دبلوماسيين إسرائيليين أو تقليص أعمال “الموساد” في باريس.
في إسرائيل ينتظرون لقاء رئيس الوزراء نتنياهو مع الرئيس ترامب، يوم الجمعة، من أجل تنسيق الرد، على خلفية ضغط داخلي في الائتلاف لاتخاذ خطوات حادة.
معضلة نتنياهو صعبة؛ لأن حكومته أعدت الرأي العام لردود حادة جداً، وطرحت موضوع السيادة. لكن يحتمل انه في النهاية ستكون خيبة الأمل بحجم التوقعات. إذا استخدم ترامب الفيتو ضد الضم، سيصعب على نتنياهو شرح ذلك للجمهور وأساسا لقاعدته. ما بات ينقذه هو صفقة مخطوفين ووقف نار.
توجد نقطة أخرى ينبغي الانتباه لها: يمكن لترامب ان يستخدم الفيتو ضد الضم، لكن ان يعطي نتنياهو ضوءاً أخضر لخطوات دبلوماسية حادة ضد فرنسا. الاميركيون لن يذرفوا دمعة إذا عاقبت إسرائيل الفرنسيين. لكن توجد لفرنسا مصالح كثيرة في المنطقة، ولديها القدرة إن شاءت على الإضرار بإسرائيل. لن يخدم تبادل الضربات الدبلوماسية إسرائيل، بل يخدم ماكرون بالذات.
ائتلاف السيادة
طالب وزراء ونواب في الحكومة وفي الائتلاف نتنياهو، أول من أمس، بأن يرد بشكل حاد على الاعتراف بدولة فلسطينية من جانب دول في العالم، وفرض السيادة على مناطق “يهودا” و”السامرة”.
وكتب وزير العدل، يريف لفين: “زمن السيادة. قال الوزير ايتمار بن غفير : ‘عتراف بريطانيا، كندا، وأستراليا بدولة فلسطينية جائزة لقتلة النخبة يستدعي إجراءات مضادة فورية: فرض السيادة الفورية في يهودا والسامرة والسحق التام لسلطة الإرهاب'”.
وعقب رئيس “الصهيونية الدينية”، بتسلئيل سموتريتش، فقال: “انتهى الانتداب، والرد الوحيد على الخطوة المناهضة لإسرائيل هو السيادة على أقاليم وطن الشعب اليهودي في يهودا والسامرة وشطب الفكرة السخيفة للدولة الفلسطينية عن جدول الاعمال إلى الأبد”. وتوجه الى نتنياهو وقال له: “سيدي رئيس الوزراء، هذا هو الوقت، وهو في يديك”.
في المعارضة هاجموا الحكومة بشدة: فقد قال رئيس المعارضة، يائير لابيد: “الاعتراف بدولة فلسطينية هو كارثة سياسية. هذه خطوة سيئة وجائزة للارهاب”. وقال رئيس “الديمقراطيين”، يائير غولان: “الاعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية هو فشل سياسي جسيم لنتنياهو وسموتريتش. هذه خطوة هدامة لأمن إسرائيل”. وهاجم رئيس الأركان الأسبق، غادي آيزنكوت، فقال: “حقيقة انه في الوقت الذي يذوي فيه مخطوفونا في انفاق حماس، ينشغل العالم بهذه السخافة، هي وليدة فشل سياسي مدو للحكومة ونتنياهو اللذين فشلا في ترجمة الإنجازات العسكرية في الحرب العادلة، التي تحولت الى انهيار سياسي”.
——————————————
عن “N12” 23/9/2025
أي ضمّ رداً على الاعترافات بدولة فلسطينية: إسرائيل ستتكبّد خسائر فادحة
بقلم: إيهود يعاري
لكي لا يكون هناك أي سوء فهم: أي خطوة نحو الضم، الآن، رداً على موجة الاعترافات بـ”دولة فلسطينية”، ستقود إلى خسائر فادحة لإسرائيل. لم يعد بيبي نتنياهو، مثلما كان عليه في أيام بعيدة، سياسياً. لقد كان حذِراً ويحسب الأمور، ولذلك قد ينجرّ وراء الضغوط التي تمارَس عليه من يمينه و”الرد” بخطوات ضم. ما من خطأ أفدح من هذا!
بحسب فهمي، كل خطوة ضمّ تُتخذ الآن ستؤدي، في الحد الأدنى، إلى تعليق اتفاقيات أبراهام مع كلٍّ من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، وستجبر مصر والأردن على اتخاذ إجراءات تُضعف اتفاقات السلام مع إسرائيل، على الرغم من اعتماد الدولتين، اقتصادياً، على إمدادات الغاز؛ وفي حالة الأردن، أيضاً على المياه. أمّا السعودية، فستتخذ إجراءات انتقامية خاصة بها، بما في ذلك إغلاق الأجواء أمام الرحلات من مطار بن غوريون وإليه، وستبتعد فرص التطبيع كثيراً.
من الضروري أن نفهم أن السعوديين انبهروا كثيراً بالقدرات التي أظهرها الجيش الإسرائيلي، وبشكل خاص في مواجهة إيران و”حزب الله”. وهم يعتقدون أنه لا يوجد منافس للتكنولوجيا العسكرية المشتركة بين الجيش الإسرائيلي والجيش الأميركي. لكن على الرغم من رغبتهم في الاستفادة من هذه الميزة، فإنه لن يكون أمامهم من خيار سوى فرض إجراءات عقابية في مواجهة أي ضم. ولا يهم ما إذا كان الأمر يتعلق بضم غور الأردن، أو مناطق “ج”، أو “مجرد” معاليه أدوميم؛ فكل خطوة ضم تنطوي على أثمان باهظة. أمّا الفكرة السخيفة بشأن إغلاق القنصلية الفرنسية الملاصقة لفندق الملك داود في القدس كعقوبة لماكرون، فهي ببساطة مثيرة للسخرية. مَن يهتم بما يفعلونه؟
من الأفضل لإسرائيل أن تحافظ على قدر من ضبط النفس (مصحوب بنبرة من الاستخفاف) في مواجهة خطوات الدول التي رفعت عدد أعضاء الأمم المتحدة المعترِفين بـ”دولة فلسطينية” إلى 147. يعرف الجميع ما الذي يدفع ماكرون في أزماته، أو ستارمر تحت ضغط اليسار، أو ألبانيزي، ورئيس وزراء أستراليا المتساهل، إلى مثل هذا التصرف. فبعد أن اعترفت دول عديدة بإقامة “دولة فلسطينية”، فإن انضمام بضع دول أُخرى لن يغيّر كثيراً. وأكثر من ذلك: إذا أردنا أن نكافح من أجل كسب تعاطُف الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، فإن الضم سيكون السم الذي سيقضي على ذلك.
ويُستحسن أن تواجه إسرائيل هذه الخطوات بالتذكير بأن القيادة الفلسطينية، منذ ثلاثينيات القرن الماضي، رفضت رؤية حل الدولتين، وحتى بعد اتفاقيات أوسلو، رضخت السلطة الفلسطينية “الدولة المستقبلية” لـ”إرهاب” انتحاري نفّذته “حماس”، وهي حتى اليوم، وعلى الرغم من أنها الأمل الكبير المزعوم للأوروبيين والأستراليين والكنديين، ليست سوى “منظومة فاسدة وعاجزة”، وهذا يعرفه جيداً كل الدبلوماسيين الأوروبيين وغيرهم في الضفة الغربية.
لذلك، من الأفضل لإسرائيل- صحيح أن هذا الأمر صعب مع حكومة كهذه الآن- أن تتصرف بضبط للنفس واحترام، وألّا تُفاقم أزمة غير مرغوب فيها، وألّا تصغي لسموتريتش، أو کرعي، أو بن غفير، ولا حتى جيلا غمليئيل المكللة بالإنجازات. يكفي أن تقول: عذراً، أنتم مخطئون، هذا لا يغيّر شيئاً، والفلسطينيون، للأسف، لن ينفّذوا شيئاً من خريطة الطريق التي اقترحتموها، وبناءً عليه، سنترككم تستمتعون بالعناق الدافئ الذي تمنحونه لـ”الدولة الفلسطينية” غير الموجودة في الأفق.
أي سلوك آخر من جانب إسرائيل سيشكل فشلاً إضافياً، وخطأً آخر، من “حكومة” متأرجحة، سكرى، تسير على أقدام واهنة.
——————————————
معاريف 23/9/2025
كيف يمكن أن تستفيد إسرائيل من إعلان نيويورك؟
بقلم: يائيل براودو باهات
“إعلان نيويورك”، الذي صادقت عليه الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، يوم الجمعة الماضي، لا يشكل تهديداً لإسرائيل، بل بالعكس، فهو يخدم أهم مصالحنا الحيوية: إضعاف “حماس”، وتعزيز القوى المعتدلة، والدفع بعملية سياسية مسؤولة مرفقة بضمانات دولية لأمن إسرائيل.
عقب هذا الإعلان، من المتوقع أن تعلن مجموعة من الدول اعترافها بالدولة الفلسطينية خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن بدلاً من أن تستغل حكومة إسرائيل هذا الزخم التاريخي، فإنها تتنكر له، وتعتبره “جائزة للإرهاب”. كذلك يردد الإعلام الإسرائيلي، في معظمه، هذه الرسائل النمطية من دون قراءة الإعلان، ومن دون فهم معناه الحقيقي، والأهم، من دون أن يُطرح السؤال: هل من الممكن أن توجد فيه فرصة؟
لقد أوضحت دول العالم، في أغلبيتها، في التصويت الذي جرى، الاتجاه الذي تعتبره مناسباً لإنهاء الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني: حلّ الدولتين. لقد صادقت الدول في هذا التصويت على الإعلان الذي تم صوغه خلال مؤتمر نيويورك، الذي عُقد بمبادرة من فرنسا والسعودية في تموز الماضي.
إن القرار الذي تم اتخاذه يحمل بشرى إستراتيجية مهمة لإسرائيل، فهو يسعى لإضعاف “حماس” ، التهديد المباشر لحياة المواطنين الإسرائيليين، ويقوّي السلطة الفلسطينية، الشريك الوحيد القادر على التنسيق الأمني والسياسي معنا، ويعيد الدعم الدولي والإقليمي لإسرائيل عبر مسار تدريجي، مراقَب وآمن.
جرى التأكيد في الإعلان والوثائق المرفقة به أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيتم فقط كجزء من عملية تشمل نزع سلاح “حماس”، ونقل السيطرة على غزة إلى السلطة الفلسطينية، مع جداول زمنية واضحة، وضمانات دولية تضمن الأمن اليومي للإسرائيليين، وتشمل كذلك أفقاً سياسياً.
طوال أعوام، وبشكل خاص في العامين الأخيرين، رفضت إسرائيل الدخول في عملية سياسية جادة، ودفعت بفكرة “إدارة الصراع”، تحت إدارة حكومات مختلفة، وخصوصاً برئاسة نتنياهو، هذه الفكرة انفجرت في وجوهنا جميعاً، وأوصلتنا إلى الحضيض الرهيب في 7 تشرين الأول، وإلى الحرب الطويلة، القاسية وعديمة الجدوى، التي ترفض الحكومة إنهاءها.
إذا تصرفت إسرائيل بحكمة، فلن ترفض إعلانات “إعلان نيويورك”، ولا تعتبرها خطوة معادية لإسرائيل، بل سترى فيها فرصة لتحريك عملية تضمن أمناً حقيقياً، وإنهاء الحرب، وتحرير الأسرى، وترميم العلاقات مع شركائنا في العالم. هذا لا يعني أن دولة فلسطينية ستقوم غداً، بل يعني أن هناك إمكاناً للبدء بمفاوضات ذات معنى.
لكي تنجح عملية كهذه، يجب أن تشمل المجتمع المدني. لذلك، إلى جانب المؤتمر الذي عُقد في نيويورك في تموز، تم عقد لقاءات بين وزراء خارجية فرنسا، وألمانيا وبريطانيا، وممثلين من دول مختلفة، مع ممثلات وممثلين للمجتمع المدني، الفلسطيني والإسرائيلي. طالبنا في هذه اللقاءات بما نعلم أنه ضروري: إشراك ممثلي وممثلات المجتمع المدني في كل مرحلة من العملية.
في إمكان حكومة إسرائيل الاستمرار في الخوف من الاعتراف بالدولة الفلسطينية، أو أن تختار أن ترى في ذلك فرصة. نحن في لحظة حاسمة. حين يمدّ مزيد ومزيد من دول العالم اليد للسلام، لا يجوز لإسرائيل أن تدير ظهرها. الخيار بين أيدينا.
——————————————
الدولة الفلسطينية.. خطوة متأخرة ولكنها علامة تاريخية فارقة وكشفت عن خطوط الصدع في أوروبا
لندن- “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا قالت فيه إن اعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية كشف عن خطوط الصدع داخل الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالحرب في الشرق الأوسط.
وأضافت الصحيفة أن فرنسا أكبر دولة في الاتحاد الأوروبي، اعترفت بفلسطين يوم الاثنين، مما عزز الحركة المتنامية للضغط على إسرائيل للدخول في محادثات سلام، وألقى الضوء على الانقسامات العميقة داخل أوروبا حول هذه القضية.
وبات عدد الدول التي تعترف بفلسطين، حوالي 150 دولة من أصل 193 دولة في الأمم المتحدة. والدول المتبقية الرافضة للاعتراف غالبيتها غربية وبخاصة في أوروبا.
فقد دفعت حرب الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل في غزة، العديد من العواصم الأوروبية إلى إعادة النظر في موقفها كأداة دبلوماسية للدفع نحو السلام، وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن هذه الخطوة في فعالية خاصة أقيمت قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وقال: “هناك حل واحد لكسر دائرة الحرب والدمار: الاعتراف المتبادل. يجب أن ندرك أن الفلسطينيين والإسرائيليين يعيشون في عزلة مزدوجة”.
وتتوقف خطوة فرنسا على وقف إطلاق النار والإفراج عن جميع الأسرى الذين احتجزتهم حماس خلال هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 على إسرائيل، والذي أدى للحرب المستمرة. كما اعترفت مالطة ولوكسمبرغ والبرتغال أيضا بالدولة الفلسطينية، فيما ربطت بلجيكا الاعتراف بالإفراج عن الأسرى وخروج حماس. وقال أنطونيو كوستا، رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي: “اليوم، اعترفت غالبية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بدولة فلسطين”.
وقد سلط تغيير موقف العديد من دول الاتحاد الأوروبي، والذي أعقب نفس التغيير الذي اتخذته المملكة المتحدة وأستراليا وكندا يوم الأحد، الضوء على الرفض القاطع لدول أخرى في الاتحاد الأوروبي، مثل ألمانيا والمجر والنمسا وجمهورية التشيك، حتى للسماح لبروكسل بفرض عقوبات على إسرائيل، التي خلصت الأمم المتحدة إلى أنها ترتكب إبادة جماعية في غزة. ويسعى الاتحاد الأوروبي جاهدا لتحقيق حل الدولتين للصراع، وهو ما يتطلب الاعتراف بفلسطين.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، خلال فعالية نيويورك التي استضافتها فرنسا بالاشتراك مع المملكة العربية السعودية: “في الوقت الذي نتحدث فيه، فإن حل الدولتين يتعرض للتقويض. ويجب ألا يحدث هذا، لأن خطة السلام الواقعية الوحيدة تقوم على حل الدولتين”. وأضافت فون دير لاين أن السلام يجب أن يشمل “إسرائيل آمنة ودولة فلسطينية قابلة للحياة والقضاء على آفة حماس”، مضيفة أن الاتحاد الأوروبي سينشئ مجموعة من المانحين لضمان أن تكون الدولة الفلسطينية المستقبلية “قابلة للحياة أيضا من الناحية الاقتصادية”.
من جهة أخرى، رأت “فايننشال تايمز” في افتتاحيتها أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية متأخر، ولن يوقف دوامة العنف، إلا حل يقوم على دولتين متجاورتين.
ومع ذلك، اعتبرت الصحيفة أن اعتراف أقرب حلفاء إسرائيل وأقدمهم بالدولة الفلسطينية، لحظة فارقة. وهو يبرز مدى الغضب واليأس العالميين إزاء حرب إسرائيل المستمرة منذ قرابة عامين في غزة، وضمها التدريجي للضفة الغربية المحتلة. وأشارت للخطوة التاريخية التي اتخذتها بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال إلى جانب فرنسا، مشيرة إلى أن ثلاث دول أعضاء في مجموعة السبع تنضم إلى أكثر من 140 دولة أخرى في الاعتراف رسميا بدولة فلسطينية، في حين تصر حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة على تدمير أي تطلعات باقية لحل الدولتين لإنهاء الصراع المستعصي.
ورأت الصحيفة أن الاعتراف في مجمله رمزي ولن يغير من الواقع الحالي في الضفة الغربية ولن ينهي الحرب في غزة. والأهم من ذلك، أن الولايات المتحدة، القوة الوحيدة التي تملك نفوذا على إسرائيل، تعارض هذه الخطوات.
وعلقت الصحيفة أن الجنوب العالمي عندما يعتقد أن الغرب المنافق يغض الطرف عن المعاناة المروعة في القطاع المحاصر، وإجراءات إسرائيل في الضفة الغربية، فإن ذلك يعزز الدعم الدولي لحق الفلسطينيين المشروع في إقامة دولة. كما يعزز فكرة أن الحل المستدام الوحيد للأزمة يكمن في توصل الفلسطينيين والإسرائيليين إلى تسوية تعالج المخاوف المشروعة للطرفين، وتتيح لهما التعايش جنبا إلى جنب بسلام.
وحذرت الصحيفة من أن الاعتراف قد يستفز نتنياهو الذي قضى سنوات، على حد تعبيره، يعمل ضد قيام دولة فلسطينية. ويرى هذه الخطوة بأنها مكافأة لحماس على هجومها في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وتعلق الصحيفة أن نظرة نتنياهو ضيقة الأفق وقصيرة النظر: فالاعتراف بدولة فلسطينية هو دعم لبديل قابل للتطبيق من شأنه أن يضعف التشدد الذي يتغذى عليه المتطرفون، ويقدم أملا بإنهاء دورات العنف التي لا تحصى.
وذكرت الصحيفة في هذا السياق أن أصدقاء إسرائيل الذين يعترفون بالدولة الفلسطينية، كانوا واضحين جدا في إدانتهم لحماس ومعاملتها للأسرى الإسرائيليين، وفي مطالبهم بالإفراج عنهم. لكن رفض نتنياهو إنهاء الهجوم الإسرائيلي، أو الانخراط في خطة ما بعد الحرب أو كبح جماح المستوطنين الغاضبين في الضفة الغربية، لم يترك لحلفائه أي خيار.
ومنذ هجوم حماس، حولت القنابل والجرافات الإسرائيلية غزة إلى منطقة غير صالحة للسكن مدمرة بذلك النسيج الاجتماعي في القطاع. كما انتهك نتنياهو اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في كانون الثاني/ يناير، والذي كان يهدف إلى تحرير الأسرى الإسرائيليين وإنهاء الصراع. ومنذ ذلك الحين، خلص عدد متزايد من الخبراء إلى أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، بينما تجاوز عدد القتلى الفلسطينيين 65,000 شخص، وفقا لمسؤولي الصحة في غزة.
وبالتزامن مع حربها ضد غزة، زادت إسرائيل من جهود ضم الضفة الغربية بحكم الأمر الواقع إن لم تعلنه رسميا، معلنة عن بناء عشرات المستوطنات الجديدة التي تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي، في حين تقوض ما تبقى من سلطة فلسطينية محدودة. ولا يخفي حلفاء نتنياهو من اليمين المتطرف نواياهم في تدمير مفهوم الوطن الفلسطيني.
وقد يمضي رئيس الوزراء الإسرائيلي قدما الآن في الضم الرسمي لأجزاء من الضفة الغربية. وإذا فعل ذلك، فعلى الدول الغربية أن تكون مستعدة للرد بإجراءات عقابية صارمة ضد إسرائيل، وفق الصحيفة.
وتعترف الصحيفة أن حل الدولتين لم يكن بعيدا كما هو الآن، فبعيدا عن إسرائيل، لم يخدم القادة الفلسطينيون قضيتهم، فالسلطة الوطنية الفلسطينية المدعومة من الغرب ضعيفة وتفتقد المصداقية. إلا أن التخلي عن حل الدولتين كجزء من حل عادل وقابل للتطبيق، والسماح بعقود من الصراع، يعني الرضوخ للمتطرفين من جميع الأطراف، وهذا ليس وقت التخلي عن السلام.
——————————————
نتنياهو سيجد صعوبة في الرد.. هل اعتراف بريطانيا بالدولة الفلسطينية تصحيح لوعد بلفور؟
لندن – “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا أعدته إيما غراهام-هاريسون قالت فيه إن بنيامين نتنياهو سارع إلى إدانة اعتراف العديد من حلفاء إسرائيل التاريخيين بدولة فلسطينية، لكن رئيس الوزراء قد يواجه صعوبة في تحديد كيفية تحويل الخطاب إلى رد ملموس.
وربما تكون خياراته أكثر محدودية مما يريد أن يعتقد مؤيدوه. فقد هدد مرارا وتكرارا بضم أراض فلسطينية محتلة واتخاذ إجراءات ثنائية ضدّ الدول التي انضمّت إلى موجة الاعتراف.
لكن المطالبة رسميا بجزء من الضفة الغربية أو كلّها من شأنها أن تعرض اتفاقيات إبراهيم، وهي الاتفاقية التاريخية التي طبعت العلاقات مع القوى الإقليمية، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة، للخطر.
وربما كان هذا الاتفاق أبرز إنجازات السياسة الخارجية في رئاسة دونالد ترامب الأولى، وقد ورد ذكره في ترشيحات جائزة نوبل للسلام التي يطمح إليها علنا، وأحد إنجازات نتنياهو البارزة.
صرحت الإمارات العربية المتحدة، أحد أهم شركائها، بالفعل بأن الضم “خط أحمر”، وأن انهيار الاتفاق ينطوي على مخاطرة كبيرة بتنفير أهم داعم لنتنياهو
وقد صرحت الإمارات العربية المتحدة، أحد أهم شركائها، بالفعل بأن الضم “خط أحمر”، وأن انهيار الاتفاق ينطوي على مخاطرة كبيرة بتنفير أهم داعم لنتنياهو.
واختارت إسرائيل ردا ثنائيا على أيرلندا والنرويج وإسبانيا عندما اعترفت بدولة فلسطينية العام الماضي، بما في ذلك سحب السفراء.
وقال دبلوماسيون إسرائيليون سابقون إن القيام بالشيء نفسه الآن، حيث حذا حذو تلك البلدان العديد من الحلفاء الرئيسيين، سيكون أكثر تعقيدا بكثير، وقد يضر بإسرائيل أكثر بكثير من أهدافها.
وسيؤدي ذلك إلى تسريع مسار إسرائيل نحو وضع “إسبرطة العظمى” المعزول الذي احتفل به نتنياهو الأسبوع الماضي ثم تراجع عنه بعد غضب شعبي وتحذيرات اقتصادية.
وقال ألون ليل، الدبلوماسي السابق الذي شغل منصب سفير إسرائيل في جنوب أفريقيا: “أعتقد أن نتنياهو في مأزق صعب للغاية. لا يمكن لإسرائيل ألا ترد، ولا يمكن لإسرائيل أن ترد بذكاء. الحكومة على وشك مناقشة الأخطاء التي يجب ارتكابها”.
أتاح عيد رأس السنة اليهودية، الذي يحتفل به في يومي الاثنين والثلاثاء، واجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة المقبل، لنتنياهو فرصة لالتقاط الأنفاس بينما يدرس خياراته.
سيسافر نتنياهو إلى الولايات المتحدة لحضور الاجتماع، وقال إن رده على بريطانيا وفرنسا ودول أخرى سيأتي بعد لقائه بترامب. وسيعقد هذا الاجتماع بعد لقاء الرئيس الأمريكي بالقادة العرب في نيويورك.
وقبل مغادرته، دعا نتنياهو إلى اجتماع لمجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي لمناقشة الردود المحتملة على الاعتراف، حسبما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية.
وفي إشارة واضحة إلى المخاوف بشأن مخاطر الضم، لم تتم دعوة أقوى مؤيدي هذا النهج – الوزيرين اليمينيين المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.
بالإضافة إلى مستقبل اتفاقيات إبراهيم التي كان ترامب وجو بايدن يأملان في توسيعها لتشمل المملكة العربية السعودية فإن العديد من أفراد عائلة ترامب وحلفائه لديهم علاقات مالية عميقة في المنطقة.
في داخل إسرائيل، تأرجح الجدل بشكل مربك بين الإصرار على أن الاعتراف هو لفتة غير مهمة تجاه رمز فارغ، والغضب من الدول التي مضت قدما
لكن الضغوط السياسية الداخلية بشأن محاكمة الفساد والانتخابات المقبلة قد تفوق مخاوف نتنياهو من استعداء ترامب، كما قال ألون بينكاس، وهو دبلوماسي إسرائيلي سابق آخر.
وقال بينكاس، الذي شغل مناصب سابقة منها القنصل العام في نيويورك: “ما كان نتنياهو قبل عامين أو ثلاثة أعوام ليجرؤ على ضم أي شيء. نتنياهو في أيلول/ سبتمبر 2025 مختل عقليا، منفصل عن الواقع، ويعاني من حالة حادة من وهم العظمة [حول فكرة أنه] يعيد رسم الخريطة الإقليمية، خائف من الانتخابات، خائف من محاكمته [بتهم الفساد]. إذا كانت كل هذه الأمور تشير إلى ضم جزئي، فقد يفعل شيئا بالفعل”.
وفي داخل إسرائيل، تأرجح الجدل بشكل مربك بين الإصرار على أن الاعتراف هو لفتة غير مهمة تجاه رمز فارغ، والغضب من الدول التي مضت قدما.
لدى معظم الطيف السياسي الإسرائيلي، من أقصى اليمين إلى زعيم يسار الوسط يائير جولان، أُدينت خطوة الاعتراف بالدولة الفلسطينية باعتبارها “مكافأة للإرهاب”.
ولكن حتى لو كانت فلسطين ذات سيادة لا تزال فكرة أكثر منها واقعا، فإن للاعتراف تداعيات قانونية ودبلوماسية عميقة. يتمتع الاعتراف البريطاني بثقل دبلوماسي وتاريخي خاص نظرا للدور الذي لعبته بريطانيا في تمهيد الطريق لقيام دولة إسرائيل بوعد بلفور عام 1917.
قال ليل: “أرى الأمر أكثر من مجرد حدث ثنائي، بل ينبغي فهمه من المنظور التاريخي لوعد بلفور. إنه نوع من تصحيح الدور التاريخي البريطاني”.
—————–انتهت النشرة—————–