كتب سيف الدين باكير : الضغوط الأمريكية على نتنياهو…تكتيك سياسي أم تحول في موقف واشنطن؟

المسار : يرى مراقبون أن الإدارة الأمريكية تتبنى تكتيكًا محددًا لضبط سلوك حكومة نتنياهو وضمان استمرار وقف إطلاق النار، دون أن يعني ذلك تحولًا جوهريًا في موقف واشنطن التقليدي من “إسرائيل”.

ويأتي هذا الأسلوب، وفق مراقبين تحدثت إليهم “قدس برس”، كغطاء سياسي يسمح للكيان الإسرائيلي بالمناورة داخليًا وإقليميًا، بينما تستثمر واشنطن التهدئة لأغراض سياسية وانتخابية داخليًا وخارجيًا.

تكتيك أمريكي

وقال الكاتب والمحلل السياسي أسامة أبو ارشيد إن “الإدارة الأمريكية تمارس ضغوطًا كبيرة على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لضمان استمرار وقف إطلاق النار في غزة”، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “يعتبر هذا الاتفاق أهم إنجاز له في السياسة الخارجية، ويحرص على تقديمه كأحد أعمدة إرثه الرئاسي”.

وأوضح أبو ارشيد في حديث لـ”قدس برس” أن “ترامب يوظف وقف إطلاق النار لأهداف سياسية داخلية وخارجية، أبرزها تعزيز صورته أمام قاعدته الانتخابية، وتضخيم دوره كقائد (حقق ما عجز عنه الآخرون)، إضافة إلى سعيه لتوسيع الاتفاقات الإبراهيمية، واستثمار الهدوء في غزة كورقة لتلميع موقعه الدولي”.

وبين أن “مكتب التنسيق الأمني والعسكري الذي أنشأته الإدارة الأمريكية مؤخرًا يهدف أساسًا إلى كبح جماح أي تصعيد إسرائيلي واسع أو العودة إلى حرب الإبادة التي شهدها القطاع سابقًا، دون أن يعني ذلك أن الاحتلال سيتوقف تمامًا عن المراوغة أو تنفيذ اعتداءات محدودة تشبه تلك التي تحدث في لبنان”.

وأشار إلى أن “زيارة شخصيات أمريكية بارزة، مثل جي دي فانس نائب الرئيس، وستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر، ولاحقًا ماركو روبيو، تأتي جميعها في إطار الضغوط الأمريكية على إسرائيل للالتزام بالتهدئة”، مضيفًا أن “هذا الضغط لا يعني تغيّرًا في الانحياز الأمريكي التقليدي لإسرائيل، بل هو تكتيك يخدم مصالح واشنطن الداخلية والخارجية.”

وقال أبو ارشيد إن “واشنطن لا تمارس ضغطًا حقيقيًا على الجانب الفلسطيني، إذ يبقى موقفها ثابتًا في محاولة تحييد حركة حماس والمقاومة الفلسطينية، لكن تركيزها الحالي ينصب على احتواء نتنياهو وضبط سلوك حكومته المتطرفة التي تسعى لاستمرار العدوان لأسباب تتجاوز البقاء السياسي إلى محاولة تفريغ غزة من سكانها”.

واختتم أبو ارشيد بالقول، إن “الموقف الأمريكي لم يتغيّر جوهريًا من حيث الانحياز لإسرائيل، لكنه تبدّل في آليات الإدارة والضغط، حيث يسعى ترامب للحفاظ على الاستقرار النسبي في المنطقة من منطلق مصالح انتخابية وشخصية، أكثر من كونه تحولًا حقيقيًا في الرؤية الأمريكية تجاه الصراع”.

غطاء سياسي

من جهته، قال المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز “ريكونسنس” للبحوث والدراسات، عبدالعزيز العنجري، إن “المركز الأميركي في إسرائيل يبدو محدود الدور والوظيفة، فهو أشبه بغرفة تنسيق مدني-عسكري تُعنى بمتابعة المساعدات وملف وقف إطلاق النار في غزة، أي أنه أداة مراقبة ولوجستية تمنح واشنطن وجودًا ميدانيًا غير مباشر، دون أن ترقى إلى مستوى الإدارة الفعلية للملف”.

وأضاف العنجري، في حديث لـ”قدس برس”، أن “الضغوط الأميركية على نتنياهو لا تزال شكلية، إذ تقتصر على إشارات رمزية ورسائل سياسية عبر هذا المركز، دون أن تصل إلى حد فرض خيارات استراتيجية أو تعديل سياساته الجوهرية، ما يجعل تأثيرها محدودًا للغاية”.

وتابع العنجري، وهو عضو نادي الصحافة الوطني في واشنطن، أن “المركز يمنح الولايات المتحدة مظهرًا إنسانيًا أمام المجتمع الدولي، لكنه في الوقت ذاته يوفر لإسرائيل غطاءً سياسيًا يُخفف من عزلتها ويمنح نتنياهو هامشًا أوسع للمناورة”.

وكان نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس قد وصل أول أمس الثلاثاء، إلى “إسرائيل” لبحث استمرار تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار ضمن خطة الرئيس دونالد ترامب لإنهاء الحرب على قطاع غزة.

وأعلنت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)،الأربعاء، عن افتتاح مركز تنسيق مدني-عسكري في “إسرائيل”، بهدف دعم الاستقرار في قطاع غزة.

وأفادت القيادة المركزية الأمريكية أن المركز افتُتح، ليكون بمثابة ما تعتبره المركز الرئيسي لتنسيق المساعدات في غزة.

وصرح قائد القيادة المركزية الأمريكية، براد كوبر، بأن المركز سيكون مسؤولاً عن مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة عمليات تُمكّن العاملين من تقييم التطورات في غزة آنياً.

وفي 10 تشرين الأول/أكتوبر الجاري دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وذلك وفق خطة ترامب التي تقوم إلى جانب وقف الحرب على انسحاب متدرج للجيش الإسرائيلي وإطلاق متبادل للأسرى ودخول فوري للمساعدات إلى القطاع.

وأنهى هذا الاتفاق، حرب إبادة جماعية بدأتها إسرائيل في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023 واستمرت عامين، وأسفرت عن مقتل 68 ألفا و216 فلسطينيا، وإصابة 170 ألفا و361 آخرين، وألحقت دمارا طال 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية في القطاع.

المصدر …وكالة قدس برس

Share This Article