(فيديوهات) بعد اجتياح قوات الدعم السريع للفاشر : قتل جماعي ورعب ونزوح

الخرطوم – عن “القدس العربي”: بعد عامٍ ونصف العام من الحصار والقتال، سيطرت قوات “الدعم السريع” على معظم أحياء مدينة الفاشر، العاصمة التاريخية لإقليم دارفور، غرب السودان، في هجوم واسع شهد عمليات عنف واغتيالات وعمليات قتل على أساسٍ عرقي، حسب مصادر طبية وميدانية محلية.

وتأتي هذه التطورات بعد شهور من تصاعد القتال في محيط الفاشر، المدينة التي كانت تُعد آخر المراكز الكبرى الخاضعة لسيطرة الجيش في إقليم دارفور، لتفتح الأحداث الأخيرة باباً واسعاً من المخاوف بشأن سلامة المدنيين وتداعيات الانفلات الأمني على الوضع الإنساني في الإقليم.

جثث متناثرة

وأظهرت صور ومشاهد نشرتها تنسيقية “لجان المقاومة – الفاشر” عبر حسابها على “فيسبوك”، مدنيين يفرّون من المدينة وجثثا متناثرة على الأرض قرب سيارات محترقة.

نهب مستشفيات وصيدليات ومرافق الصحية… ومناشدات لتدخل دولي

ونشرت أيضا فيديو يظهر امرأة ميتة ممددة على الأرض وعلّقت عليه بالقول “تجمعت المليشيات والمرتزقة من كل حدب في سبيل القتل والسرقة. شعارهم قتل كل ما يتحرك داخل الفاشر وخارجها”.
قالت شبكة أطباء السودان، إن قوات “الدعم”، “قامت بتصفية العشرات على أساس إثني” في مدينة الفاشر، كما أبلغت الشبكة عن نهب للمستشفيات والصيدليات والمرافق الصحية في الأحياء التي اقتحمتها القوات التي يقودها محمد حمدان دقلو “حميدتي”.

وأضافت: “ارتكبت قوات الدعم السريع مجزرة بشعة”.

وزادت: “تشير تقارير فرقنا الميدانية إلى أن أعداد الضحايا تفوق العشرات، في ظل صعوبة الوصول إلى المناطق المنكوبة بسبب الانفلات الأمني”.

وأكدت الشبكة أن ما يحدث “يرتقي إلى مستوى القتل الجماعي” وحملت قوات “الدعم” المسؤولية الكاملة وطالبت المجتمع الدولي والمنظمات الصحية بالتحرك العاجل.

ووصفت لجان مقاومة الفاشر الوضع بأنه “أسوأ أنواع التطهير العرقي” للمدنيين الفارين من المدينة.

 ودعت “أصحاب الضمائر الحية” إلى رفع صوتهم وحماية النازحين.

ونشرت اللجان مقاطع مصورة ومناشدات تشير إلى تعرض الفارين من الفاشر لإطلاق نار وملاحقة من قبل المهاجمين، متهمة أيضاً قيادة الجيش، بعدم تقديم دعم كافٍ أو غطاء جوي لقوات المشاة التي ظلت تدافع عن المدينة، ومحمِّلة قياداته مسؤولية “التخاذل”.

 

الخوف يملأ الشوارع

وقالت إن المدينة التي “دافعت عن الجميع تلقت الخذلان” في أكثر لحظاتها قسوة، مشيرةً إلى أن ما يجري في الفاشر “يتجاوز حدود المعارك العسكرية” ليصبح “محنة إنسانية وجريمة ضد الإنسانية”.

وأضافت: أن الخوف بات يملأ الشوارع ووجوه النساء والأطفال”، في وقتٍ تتواصل فيه عمليات القتل والخطف والاغتصاب بحق المدنيين الذين يحاولون الفرار من مناطق القتال، مشيرًة إلى أن “النساء والأطفال يُستخدمون كأدوات ترهيب وضغط من قبل قوات الدعم”.

وانتقدت لجان المقاومة ما وصفته بـ”الصمت الدولي المطبق”، معتبرةً أن العالم “يرى ويسمع ما يجري من انتهاكات وجرائم، لكنه لا يتحرك بما يكفي لوقف المأساة”، مؤكدةً أن هذا الصمت “لم يعد حيادًا، بل شكلًا من أشكال المشاركة في استمرار الجريمة”.

وطالبت المجتمع الدولي، بتحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه ما وصفته بـ”جرائم الحرب والانتهاكات الواسعة”، مطالبةً بتحقيق دولي عاجل ومحاسبة المتورطين في استهداف المدنيين، ومؤكدة أن “الضحايا في الفاشر ليسوا أرقامًا، بل وجوهٌ لأسرٍ وأطفالٍ فقدوا كل شيء إلا كرامتهم”.

نزوح 360 أسرة

في الأثناء، أعلنت منسقية النازحين واللاجئين في إقليم دارفور، وصول 360 أسرة و1117 نازحا إلى محلية طويلة شمال دارفور جراء المعارك الأخيرة في الفاشر.

وأشار المتحدث باسم المنسقية آدم رجال إلى ارتفاع عدد الأسر الواصلة إلى طويلة من الفاشر إلى 831 أسرة و3038 نازحا، لافتا إلى أن الفارين من المعارك يعيشون في ظروف إنسانية حرجة في طويلة، في ظل نقص الخدمات الأساسية المنقذة للحياة.

ودعت المنسقية الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الإنسانية إلى توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية للنازحين.

استمرار قتال

ورغم سيطرة “الدعم” على أجزاء واسعة من المدينة، لا تزال قوات من الجيش والقوات المشتركة للحركات المسلحة تقاتل في الأطراف الغربية ومحيط مطار الفاشر، حسب شهود.

ومع توقف كثير من الخدمات الأساسية وعمليات القتل والنزوح لأعداد كبيرة من السكان، يشير الوضع إلى أزمة إنسانية متصاعدة تشمل نقص الغذاء والدواء والوقود وحرمان آلاف المدنيين من الحماية.

ودعت جهات طبية ومنظمات حقوقية محلية في بياناتها المجتمع الدولي والأمم المتحدة، ومنظمة الصحة العالمية، والمؤسسات الحقوقية إلى “التحرك الفوري والفعال لوقف المجازر وحماية المدنيين ومحاسبة الجناة”.

وناشد، مرصد “الجزيرة لحقوق الإنسان”، المجتمع الدولي التحرك، على خلفية تدهور الأوضاع الإنسانية في مدينة الفاشر، معرباً عن قلقه البالغ إزاء ما وصفه بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان شملت، عمليات تصفية وقتل خارج نطاق القانون، وحالات عنف جنسي، واحتجاز مئات المدنيين في مناطق شقرة وأخرى مجاورة، ومنعهم من الوصول إلى مناطق أكثر أمنًا.

ودعا في بيانه الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئات الإنسانية الدولية إلى التدخل العاجل لإلزام قوات “الدعم السريع” والقوات المتحالفة معها بوقف الانتهاكات فورًا، وفتح ممرات إنسانية آمنة لإجلاء المدنيين، وضمان وصول المساعدات دون قيود أو تهديدات، إضافةً إلى تأمين العاملين في المجال الإنساني وغرف الطوارئ والتكايا.

وحذّر من أن صمت المجتمع الدولي، يشجع على استمرار الجرائم، ويهدد حياة آلاف المدنيين، معتبرا أن ما يجري في الفاشر يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تستوجب التحقيق الفوري والمساءلة، مؤكدًا أن حماية المدنيين في دارفور أصبحت “مسؤولية أخلاقية وإنسانية مشتركة” تتطلب تحركًا دوليًا عاجلًا.

كما حملت اللجنة الوطنية لفك حصار الفاشر والمدن المحاصرة الأخرى، المجتمع الدولي وآلياته المختلفة مسؤولية “الانتهاكات والمجازر” التي ترتكب ضد مواطني الفاشر، واصفة ما يجري بـ”الجريمة النكراء”.

وقال نائب رئيس المسار الإنساني في اللجنة، محمد شرف الدين خلال مخاطبته المؤتمر التنويري لوزارة الثقافة والإعلام الإثنين، في مدينة بورتسودان، إن “الدعم السريع” قامت بتصفيات وقتل ممنهج للعجزة والأطفال وقيادات ورموز المدينة، مشيرا إلى وجود نحو مليون مواطن في الفاشر تحت الحصار لأكثر من 18 شهرا.

واتهم بعض المنظمات باستغلال فتح المعابر، خاصة معبر أدري لإدخال السلاح تحت غطاء إنساني تحت سمع وبصر العالم وبمشاركة مرتزقة من عدة دول.

Share This Article