| افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
معهد بحوث الأمن القومي (INSS) 31/10/2025
خطة ترامب المخاطر والفرص: إعادة ضبط البوصلة الاستراتيجية لإسرائيل
بقلم: كوبي ميخائيل وعوفر غوترمان
خطة ترامب، ببنودها العشرين، لا تزال مجرد خطة محتملة تنتظر التنفيذ – باستثناء التقدم الملموس الذي تحقق في المرحلة الأولى من الإطار: إعادة جميع الأسرى الأحياء وبعض القتلى. إذا طُبقت الخطة بالكامل، يُمكن اعتبارها إنجازًا هامًا لإسرائيل، وتحقيقًا لأهداف الحرب التي حددتها الحكومة الإسرائيلية، مع تحقيق عائد استراتيجي – توسيع كبير لاتفاقيات إبراهيم كأساس لهيكلية إقليمية جديدة تُعدّ إسرائيل عنصرًا محوريًا فيها. في المقابل، أوضحت حماس، التي انتهكت الاتفاق منذ إعادة انتشار الجيش الإسرائيلي على طول الخط الأصفر، أنها لا تنوي الاختفاء من الخريطة السياسية، ناهيك عن نزع سلاحها، والسماح بنزع سلاح قطاع غزة.
لذلك، من الأهمية بمكان أن تدرس إسرائيل الآن السيناريوهات المختلفة التي قد تتطور في ظل هذا الواقع المعقد، وأن تعزز مصالحها بما يتماشى مع مبادئ خطة ترامب، وقبل كل شيء، من خلال التمييز بوضوح بين التطلعات غير الواقعية والأهداف القابلة للتحقيق.
إن استخدام مصطلح “خطة” مُضلِّل، فهو في الواقع إطارٌ مفاهيميٌّ أو مُخططٌ عام، وليس خطةً ملموسةً ومُفصَّلةً. فإطار ترامب هو في جوهره مجموعةٌ من المبادئ المُصمَّمة لتحقيق هدفٍ استراتيجيٍّ يتجاوز نطاقه وجوهره قطاع غزة. كان من المهمّ للرئيس ترامب أن يُؤطِّر المرحلة الأولى من المُخطَّط – إطلاق سراح الرهائن وإعادة انتشار قوات الجيش الإسرائيلي على طول الخط الأصفر – على أنها نهايةٌ للحرب. وقد نجح الرئيس ترامب في حشد قادة الدول العربية الرئيسية، إلى جانب تركيا وإندونيسيا وباكستان ودولٍ أوروبيةٍ كبرى، وحتى اليابان وأذربيجان وأرمينيا، لدعم الإطار والدعوة إلى قمةٍ احتفاليةٍ رفيعة المستوى في شرم الشيخ في حدثٍ احتفاليٍّ يُؤيِّد توقيع الاتفاق وإعلان “فجرٍ جديد” في الشرق الأوسط.
من خلال هذه الخطوة، رسَّخ الرئيس ترامب انتهاء الحرب في غزة، فارضًا قبول الخطة على كلٍّ من إسرائيل، وعبر قطر وتركيا ومصر، على حماس. إلا أن هذا القبول كان مشروطًا وشكليًا إلى حدٍّ كبير. عمليًا، اتفق الجانبان، من خلال عملية تفاوض مكثفة وسريعة، على قبول المرحلة الأولى فقط من الإطار. أما بالنسبة للخطة الشاملة، فقد قبلتها إسرائيل كإطار مفاهيمي، مع إمكانية إجراء تغييرات وتعديلات في المسائل الأمنية – أنماط انتشار الجيش الإسرائيلي، والمسؤولية الأمنية العامة، وحرية العمل العملياتي، وإدارة عملية إعادة الإعمار، بالإضافة إلى درجة مشاركة إسرائيل ونفوذها فيها.
من جانبها، رفضت حماس، في بيانٍ مُعقّد الصياغة، الخطةَ عمليًا من حيث نزع سلاحها، ونزع سلاح قطاع غزة، وتشكيل هيئة حكم قائمة على الولاء (مجلس السلام، الذي سيُشكّل عمليًا حكومةً تكنوقراطية). وتُبدي الحركة استعدادها للتخلي عن السيطرة المدنية، ولكن ليس عن نفوذها في تشكيل الحكومة؛ علاوةً على ذلك، ترفض التخلي عن المشاركة في عملية إعادة الإعمار. وتشير هذه المواقف، بالإضافة إلى “مناورات” حماس المتعلقة بإعادة رفات الرهائن المتوفين، إلى أن الحركة تنوي الحفاظ على مكانتها كجهة فاعلة مُهيمنة في قطاع غزة.
وبعيدًا عن ساحة غزة، تُؤكّد إشارة إطار عمل ترامب إلى قضية الدولة الفلسطينية على عملية طويلة الأمد لتهيئة الظروف لإقامتها. ومن وجهة نظر القادة العرب وغيرهم ممن دعموا الإطار وأيّدوه، يُمثّل هذا مسارًا نحو إنشاء دولة فلسطينية في نهاية المطاف، بدءًا بعودة السلطة الفلسطينية إلى الحكم في قطاع غزة.
من نقاط القوة الأخرى لإطار ترامب، والتي انعكست في خطاب الرئيس أمام الكنيست في 13 أكتوبر وفي المؤتمر الذي تلاه في شرم الشيخ، الاعتقاد بأن إسرائيل والفلسطينيين عاجزون عن المضي قدمًا في مسار سياسي ثنائي؛ لذا، لا بد من اتباع نهج متعدد الأطراف، لا يتجنب آليات الإكراه، ويمكنه توسيع نطاق مصالح الطرفين. وفي هذا الصدد، يمكن للإطار أن يساعد في تسوية الوضع في قطاع غزة، وربما حتى على مستوى الساحة الفلسطينية ككل، وفي الوقت نفسه، مساعدة إسرائيل على الاندماج في المنطقة من خلال هيكلية إقليمية جديدة. يتوافق هذا المنطق الاستراتيجي مع المصلحة الاستراتيجية لإسرائيل، ويعطل منطق عمل حماس، مع أن تنفيذ التفضيلات الاستراتيجية الإسرائيلية يتطلب أيضًا مبادرة وتنازلات من جانبها.
في هذه المرحلة، ليس من الواضح مدى التزام الرئيس ترامب وعزمه على المضي قدمًا في التنفيذ الكامل للإطار الذي قدمه. لذلك، ينبغي أن يكون الافتراض العملي لإسرائيل هو أنه بدون المشاركة الشخصية للرئيس وعزيمته المستمرة، لن يتم تنفيذ الإطار. ينبغي أن يكون طموح إسرائيل هو التنسيق الوثيق معه ومع فريقه الداخلي، لمنع المواقف التي يفرض فيها الرئيس إجراءات إشكالية على إسرائيل أو يعاملها كتابعة خاضعة لنعمة الراعي. ينبغي على إسرائيل تهيئة وتأمين الظروف لحرية التصرف والسيطرة على العملية، وتجنب الانجرار إلى إجراءات تُفرض عليها (على سبيل المثال، التدخل التركي والقطري بأحجام أو أشكال تُعرّض مصالحها للخطر). وينبغي بالطبع موازنة ذلك بتجنب وضع يُنظر فيه إلى إسرائيل على أنها تُخرّب إطار ترامب.
وقبل كل شيء، ولأن إسرائيل ستجد صعوبة في التعايش مع تهديد إرهابي متطور على حدودها، يجب عليها ضمان عدم وجود حماس في قطاع غزة ككيان حاكم وعسكري، وأن يكون القطاع منزوع السلاح. لذا، فإن التحدي الذي يواجه إسرائيل الآن هو ضمان الدعم الأمريكي والشرعية الإقليمية والدولية لتحقيق أهدافها في قطاع غزة، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية إذا رفضت حماس نزع سلاحها.
يتطلب التصدي لهذا التحدي مزيجًا حكيمًا من الدبلوماسية والعمل العسكري، إلى جانب الاستخدام الأمثل لإطار ترامب – مع الحفاظ على المشاركة النشطة للرئيس ودعمه لأهداف إسرائيل الحيوية، وكما ذُكر، تجنب أي مظهر لعرقلة تنفيذ الإطار. وبناءً على ذلك، يجب على إسرائيل الرد بقسوة وحزم على أي انتهاك للاتفاق من قبل حماس، مدعومًا بالدعم الأمريكي وبناء الشرعية اللازمة بين الدول الرئيسية التي تدعم الإطار. هذا النهج ضروري لضمان تغيير حاسم في الواقع الأمني وقواعد اللعبة التي كانت قائمة قبل 7 أكتوبر. في الوقت نفسه، يجب على إسرائيل أن تقترح الآن البدء في تهيئة الظروف لتنفيذ البندين 16 و17 من الإطار. يشير هذان البندان إلى إمكانية إنشاء حكومة تكنوقراط فلسطينية ونشر قوة استقرار دولية (ISF) في المناطق الخالية من وجود حماس (تحت إشراف مجلس السلام الذي يرأسه الرئيس ترامب ويديره توني بلير).
المنطقة الأنسب لهذا الغرض حاليًا هي المنطقة الواقعة بين خان يونس ورفح (شرق غزة)، والتي يمكن توسيعها أيضًا. يهدف تطبيق الفكرة في تلك المنطقة إلى إطلاق عملية إعادة الإعمار. قد تشجع الديناميكيات الناشئة الفلسطينيين الذين يعيشون حاليًا تحت سيطرة حماس على القدوم إلى هذه المنطقة الآمنة، حيث يمكن أن تبدأ، إلى جانب إعادة الإعمار المادي والمؤسسي والاقتصادي، عملية تعافي اجتماعي-مدني.
يجب أن تتطور هذه المنطقة لتكون نقيضًا للمنطقة الخاضعة لسيطرة حماس – تتميز بالبناء والتنمية والأمن والحرية وإعادة التأهيل، بدلًا من الدمار وانعدام الأمن والقمع والفقر؛ النور مقابل الظلام، الأمل مقابل اليأس. يجب أن تُقدم هذه المساحة الجديدة نفسها كبديل واضح – الخيار المُفضل والمُستنير لسكان غزة، وأساسًا لمستقبل القطاع بأكمله. مع انتقال سكان غزة من شمال القطاع إلى جنوبه (مع سيطرة إسرائيل على المعابر لمنع تسلل عناصر حماس إلى المنطقة الآمنة)، ستفقد حماس أحد أهم مصادر قوتها، بالإضافة إلى درعها البشري. والأهم من ذلك، أن حماس ستُضعف أيديولوجيًا بفعل البديل الذي ينمو على أعتابها ويحل محلها.
يُعد الدعم الأمريكي، إلى جانب التوافق الإقليمي والدولي، أمرًا أساسيًا لقيادة هذا الجهد. ويشمل ذلك دعم حملة شاملة ضد ما تبقى من عناصر حماس في جميع أنحاء قطاع غزة، بالإضافة إلى ردود فعل قاسية على انتهاكات حماس – إجراءات لا تتطلب بالضرورة مناورات برية بحجم تلك التي نُفذت خلال العامين الماضيين. في الواقع، يستلزم هذا النهج إدارة نظامين متزامنين داخل قطاع غزة، بخصائص ومبررات مختلفة – بل ومتضاربة. إن تطبيق هذا النهج، الذي يوفر إطار ترامب البنية المفاهيمية الأساسية له، يمكن أن يُسهم في الجهد العسكري لتفكيك حماس، أو على الأقل إضعافها بشكل كبير ومستمر ونزع سلاح القطاع. كما سيساعد في تهيئة الظروف العملياتية والسياسية للسيطرة التدريجية والمرحلية على المناطق التي تسيطر عليها حماس حاليًا، خاصةً إذا رفضت الحركة التعاون مع إطار ترامب في ظل تعرضها للتدمير العسكري من قبل إسرائيل وفقدانها الدعم الشعبي للبديل الناشئ.
وعلاوة على ذلك، فإن إنشاء مساحة حكم فلسطينية بديلة لحماس في الأراضي الخاضعة حاليا لسيطرة الجيش الإسرائيلي يمكن أن يكون بمثابة حجر الأساس المهم لتعزيز رؤية الرئيس ترامب لتعزيز بنية إقليمية جديدة تشمل التطبيع مع إسرائيل واندماجها في المنطقة، مع إضعاف القوى المتطرفة.
ومع ذلك، فإن فرص نجاح إقامة هذا البديل الملائم لإسرائيل تعتمد إلى حد كبير على استعداد إسرائيل للسماح بالارتباط بالسلطة الفلسطينية، مع الحفاظ على مطالبها، وضغط الخليج فعليًا، للسلطة الفلسطينية لتنفيذ الإصلاحات والالتزام الصادق بتهيئة الظروف لإقامة دولة فلسطينية في نهاية المطاف. وهذا من شأنه أن يلبي الشروط التي وضعتها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لمشاركتهما في استقرار قطاع غزة. إن مشاركتهما حاسمة في تشكيل الطابع السياسي والاجتماعي للمساحة الجديدة وفقًا لرؤيتهما المعتدلة، التي تسعى إلى استبدال حقبة الحروب بعصر من الاستقرار والتنمية الاقتصادية. وإلا، فإن قطر، بدعم من تركيا، ستتولى مرة أخرى زمام المبادرة في تشكيل المساحة، وبالتالي الحفاظ على قوة حماس وتعزيز روح النضال المستمر ضد إسرائيل.
——————————————
هآرتس 30/10/2025
الائتلاف والمعارضة كلهم بن غفير
بقلم: جدعون ليفي
في نهاية المطاف الجميع هم بن غفير. بين نفتالي بينيت ويئير لبيد وافيغدور ليبرمان، الذين هم أمل المعارضة، وبين بن غفير المخيف، يمر خط مشترك: قومي متطرف، فاشي، عسكري، مع اختلاف طفيف. بين الحكومة الاكثر يمينية في تاريخ الدولة وبين الذين يدعون الاحقية بالتاج يوجد 50 نوع من اليمين، فقط يمين. لذلك فان كل الحديث عن “انقسام في الشعب” و”الانتخابات الاكثر مصيرية في تاريخ الدولة”، وهي الكليشيهات السائدة الآن، هو كذب. لا يوجد لاسرائيل حتى زهران ممداني واحد، ولن يكون لها في القريب. بن غفيريون يوجد لديها بوفرة.
موسم الانتخابات على الابواب، ولا يوجد مثل لبيد يمكنه تمييز الموضة الرائدة ويسارع الى الركوب عليها. فاشية، هذا المنتج الاكثر اثارة للحماس في السوق بعد 7 اكتوبر، ولبيد يصدره بحماسة. هذا الاسبوع وعد “رئيس المعارضة” بانه سيدفع قدما بقانون يمنع بحسبه كل من لا يخدم في الجيش التصويت في الانتخابات، سواء في اسبرطة أو في سوبر اسبرطة لم يكونوا ليتجرأوا على طرح مثل هذا الاقتراح العسكري جدا. ربما هناك كانوا سيخجلون.
العرب، الحريديم، الجنود، المعاقون، المجرمون وذوي الاحتياجات الخاصة – جميعهم سيتم رميهم في النهر. هم لن يكونوا جزء من الديمقراطية. واذا كان الامر كذلك فلماذا لا نطرد كل الذين لا يخدمون في الجيش، أو نقوم بسحب جنسيتهم أو ربما اعتقالهم في معسكرات؟. حسب لبيد فان الخدمة العسكرية هي مفتاح الحقوق الاساسية. اذا لم تقتلوا الاطفال في غزة، ايها الاسرائيليون الاعزاء، فان لبيد سيصادر بطاقة الناخب منكم. نحو هذا الشخص يجب على الاشخاص الذين عانوا من الندب الناتجة عن سنوات حكم نتنياهو، رفع عيونهم الآن على أمل رؤية شيء آخر.
الامل الاكبر هو اكثر اثارة لليأس. “في النقب تقام الان دولة فلسطينية”، هكذا حذر في هذا الاسبوع نفتالي بينيت سكان عومر. “اذا لم نعمل فنحن سنستيقظ على 7 اكتوبر في النقب”. مواطنو اسرائيل البدو، المجموعة الاكثر ظلما واستغلالا في المجتمع، هم حماس، والخطر الذي يشكلونه هو 7 اكتوبر. عندما يتحدث بن غفير هكذا بلسانه فما الحاجة الى بينيت؟ هل من اجل لغته الانجليزية الطليقة؟ أو بسبب تهذيبه المهني؟ أو بسبب خدمته في مغلان؟ والزوجة التي لا تتجول وهي لا تحمل مسدس، العيش في رعنانا (وليس في تل رميدة)؟.
بالنسبة لبينيت، مثل بن غفير، فان هذه البلاد هي لليهود فقط. البدو، الذين بعضهم تم طرده الى النقب من مناطق اخرى في البلاد، ليسوا ابناءها، هم يشكلون خطرا يجب اجتثاثه. ولكن النقب هو لهم على الاقل مثلما هو لبينيت ولسكان عومر. النقب هو بقايا الارض التي تركناها لهم بعد طردهم من اراضيهم ودمرنا نسيج حياتهم وحبسناهم في عنابر فقر. في الواقع بعضهم ليسوا لطيفين – يقودون السيارات بشكل متوحش، يتزوجون اكثر من امرأة وعنيفون. هذا الامر يجب اصلاحه، لكن بدون التقليل من حقوقهم المدنية، التي لا تخضع للمصادرة.
بينيت، مثل لبيد، هو شخص ظلامي. الاثنان يعتقدان ان الحقوق المدنية تعطى كهدية، ومكافأة على حسن السلوك (بالنسبة اليهما). هذه هي الفاشية في ابشع صورها، والفاشي المخضرم بينهم، ليبرمان، سينضم اليهما بحماسة. هو ايضا يؤيد حرمان من لا يشارك في الحرب وفي جرائمها، من حقه في التصويت. ويعتبر البدو ضيوف غير مدعوين في هذه البلاد.
التشابه الفاشي بين الائتلاف والمعارضة ليس بالصدفة. هو ما يسمى الصهيونية. في 2025 لم يعد بالامكان الدفاع عن هذه الايديولوجيا القومية المتطرفة بدون ان تكون فاشي وعسكري. هذا هو جوهر الصهيونية، ربما هي كانت هكذا من البداية، والنزاهة تقتضي الاعتراف بذلك.
نتنياهو وبينيت، بن غفير ولبيد، هم صهاينة مثلما هم تقريبا كل الاسرائيليون. هم يؤمنون بتفوق اليهود في البلاد، وبفكرة الدولة اليهودية والديمقراطية. الفاشية هي الوليد المحتم لذلك. لم يعد بالامكان ان تكون صهيوني بدون ان تكون فاشي.
——————————————-
يديعوت 31/10/2025
عنف فتيان التلال يبلغ ذروته خلال موسم القطاف والجيش الإسرائيلي لا يفعل شيئًا
بقلم: عوديد شالوم
سُجِّلت عشرات الهجمات على الفلسطينيين هذا الشهر في الحقول وفي قرى الضفة الغربية. وتضمن العديد منها عنفًا شديدًا، ورشقًا بالحجارة، وإتلافًا للممتلكات، في ظل وجود أفراد يرتدون الزي العسكري في الخلفية دون أي تدخل. يقول مقاتل خدم في قطاع تلال الخليل: “يشارك الجنود في هذا، ومعظمهم من وحدة “هغمر”. يدخلون القرى، ويوجهون أسلحتهم العسكرية إلى الوجوه، ويركلون الناس”. يقول أحد سكان دير دبوان الذي أُحرقت سيارته: “يأتون إلينا، يحرقون، ويفعلون ما يحلو لهم، ولا أحد يحمينا”. يزعم الجيش الإسرائيلي أن كل حالة تُعالج، لكن مصدرًا أمنيًا يحذر: “حيث توجد مزرعة، يوجد احتكاك”.
يقول اور جيرليتز إن هذا كان جنديًا احتياطيًا. ورغم أن وجهه كان مخفيًا بقناع لا يظهر منه سوى عينيه، إلا أنه يُقدّر أنه لم يكن شابًا، بل جنديًا نظاميًا. ولم يكن رفاقه في القوة العسكرية التي وصلت إلى حقل الزيتون التابع لمزارع فلسطيني من قرية سلواد فتيانا أيضًا. كانوا ممتلئي الجسم، وثقيلي البنية، يلهثون أثناء التسلق.
سبقت القوة العسكرية مجموعة من فتيان التلال المتوترين الذين نزلوا من البؤرة التي أُنشئت في الجوار قبل بضعة أشهر. موسم القطاف على قدم وساق، ويبذل مجرمو التلال قصارى جهدهم، بما في ذلك الهجمات العنيفة، والعديد منها موثق، لمنع الفلسطينيين من حصاد حقولهم. كما أن سكان التلال لا يرحبون بقدوم الإسرائيليين لمساعدة الفلسطينيين في القطاف، وفي تلك الجمعة، قبل أسبوعين، كان هناك عشرات المتطوعين الإسرائيليين من منظمة “الصوت الحاخامي لحقوق الإنسان” في حقول سلواد.
تقول المتطوعة “س” إن من بين فتيان التلال كان هناك فتيان لا تتجاوز أعمارهم 13 أو 14 عامًا. وتضيف: “بدأوا أعمال شغب على الفور. ركلوا الدلاء لإلقاء الزيتون الذي قطفناه، وسحبوا الأغطية البلاستيكية التي فرشناها تحت الأشجار، وهم يصرخون فينا: “اخرج من هنا، هذه أرضنا”. منذ لحظة وصولهم، أوقفنا الاعمال. لم يسمحوا لنا بالاستمرار. اتصل أحد النشطاء بالإدارة المدنية وأخبروه أنهم سيرسلون قوة عسكرية”.
وصل الجنود بسرعة كبيرة، ووثّق النشطاء الحدث بأكمله بالفيديو. من بين المستوطنين الذين وصلوا إلى حقل سلواد، كان هناك رجل بالغ يتجول حاملاً بندقية طويلة. تُزوّد قوات الدفاع الإسرائيلية هذه البنادق الطويلة للمستوطنين، وهم جنود تابعون لوحدات الدفاع الإقليمية (هغمر)، ومهمتهم حماية المستوطنات، وليس مرافقة فتيان التلال وتأمينهم في الاعتداءات والأعمال العنيفة ضد الفلسطينيين. “هيا، هيا، هيا”، سمع أحد الصبية يصرخ، “اخرج من هنا”، وأضاف شاب آخر: “هيا، أنهوا الحدث، هيا، عودوا إلى دياركم، هيا، هيا”، كل ذلك بينما كانوا يتحركون بين الفلسطينيين والمتطوعين الإسرائيليين، يدفعونهم، يركلون الدلاء، ويفجرون القطاف عمليا.
رشق المستوطنون مجموعة أخرى من متطوعي المنظمة، الذين كانوا على مقربة منهم، بالحجارة. وصل الجنود إلى هناك أيضًا، لكنهم لم يمنعوا فتيان التلال من مواصلة رشق الحجارة. في الفيديوهات، يظهر الجنود واقفين هناك ببساطة، لا يفعلون شيئًا لوقف أعمال الشغب.
يتابع المتطوع س.: “لم يتدخل الجنود، بل قالوا إننا نحن من استفزينا المستوطنين، وهو أمرٌ مُشين للغاية، لأن الحادثة برمتها وقعت بعيدًا جدًا عن بؤرة المستوطنين أو مزرعتهم، أو عن أي مستوطنة. هم من هاجمونا”.
ويختتم غورليتز بإحباط: “لم يتدخل الجنود فحسب، بل وبّخنا أحدهم بكراهية، واصفًا إيانا بـ”الخونة”، وعندما ذهبتُ لطلب المساعدة من جندي آخر، لوّح لي بإصبعه الثالثة. هذه هي القصة كاملة: جنة الملثمين: إصبعٌ ثالثة رفعها جنديٌّ نحوي”.
منذ بدء موسم القطاف
في أوائل أكتوبر، وثّقت منظمة “يش دين” 54 حادثة عنف من قِبَل المستوطنين ضد فلسطينيين ومتطوعين إسرائيليين وأجانب في المناطق الزراعية التي صرّح بها الجيش للقطاف. هذه ليست قصة جديدة. ففي كل عام، تتزايد هجمات المستوطنين العنيفة خلال موسم القطاف، ولكن يبدو أن السلطات قد صعّدت من ردّها العنيف على هذا العنف هذا العام. قد لا تكون هذه سياسة رسمية، ولكن عمليًا، على أرض الواقع، لا يبذل أي مسؤول أمني – لا الجيش ولا الشرطة ولا الشاباك – أي جهد لمنعه أو إيقافه. في العديد من مقاطع الفيديو التي توثّق العنف الشديد ضد الفلسطينيين، من رشق الحجارة واستخدام الهراوات وإتلاف الممتلكات أو الدفع، يظهر في الخلفية أشخاص يرتدون الزي العسكري لا يحركون ساكنًا في مواجهة مثيري الشغب.
إن هذا التقاعس والجمود أمران مُشينان، لأن الأوامر العسكرية تُلزم الجنود بالتدخل ومنع أو احتجاز من يُمارسون العنف في يهودا والسامرة. ووفقًا للقانون العسكري، “عندما يكون لدى الجندي أسباب معقولة للاشتباه في أن شخصًا ما قد ارتكب أو على وشك ارتكاب جريمة قد تُهدد سلامة أو أمن شخص أو سلامة أو أمن الجمهور، فيجوز للجندي في هذه الحالة احتجاز ذلك الشخص للتحقق من هويته وتفاصيله الشخصية، أو للسماح لشخص ذي صلاحية تحقيق (ضابط شرطة أو أحد أفراد جهاز الأمن العام) بأخذه إلى الموقع واستجوابه”.
إن فشل الجيش في منع عنف سكان التلال المجرمين أمرٌ مُشين، ليس فقط لأنه لا يقوم بمهمته وفقًا للقانون، بل يتجاوز المسألة الأخلاقية بكثير. إنه أمرٌ مثيرٌ للسخرية بسبب الصورة التي يحاول الجيش خلقها، والتي تُظهره وكأنه يتصدى للعناصر العنيفة في المزارع والبؤر الاستيطانية. يتجول بعض هؤلاء المشاغبين بوجوههم مُغطاة أثناء الهجمات. وقّع قائد المنطقة الوسطى، اللواء آفي بلوط، أمرًا في تموز يحظر فيه تغطية الوجه في يهودا والسامرة، وذلك لتسهيل تعقب المجرمين على الشرطة وجهاز الأمن العام (الشاباك). ومع ذلك، لم يقم أيٌّ من الجنود في الفيديوهات بأي شيء لتطبيق أمر القائد.
حرية التصرف لـوحدة “الغمر”
رسميًا، يُدين الجيش الاضطرابات/المداهمات/الهجمات التي يشنها اليهود ضد الفلسطينيين. لا يُدين فحسب: بل يدّعي كبار المسؤولين في المنطقة الوسطى مرارًا وتكرارًا أن الجيش يعمل على منع الأحداث إذا وقعت في المنطقة عند وقوعها. ردّ المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على الادعاءات الواردة في المقال قائلاً: “خلال الأيام القليلة الماضية، وقعت عدة حوادث عنف في أنحاء يهودا والسامرة، هاجم خلالها مدنيون إسرائيليون سكانًا فلسطينيين وأشعلوا النيران في المنطقة. وقد تحرك الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن لتفريق أحداث العنف ومنع المزيد من الاحتكاك. وينظر الجيش الإسرائيلي بجدية إلى العنف بجميع أشكاله، ويدينه بشدة، فهو يُشكل انتهاكًا للأمن في المنطقة ويُشتت انتباه القادة والمقاتلين عن مهام الدفاع وإحباط الإرهاب”.
يأخذنا هذا الرد إلى (أ)، الذي سُرّح من الخدمة النظامية في بداية العام. من كانون الثاني 2024 إلى كانون الأول من ذلك العام، احتلت وحدته خطًا في قطاع تلال الخليل الجنوبية. وشمل النشاط حراسة البؤر الاستيطانية في القطاع، وإقامة نقاط تفتيش، وتسيير دوريات على الطرق. تكشف شهادته عن آلية عمل الجيش، ليس في الردود الرسمية للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، بل فيما يفعله الجنود في الميدان، وكيفية ردّهم على عنف المستوطنين. بالإضافة إلى ذلك، يقدم شهادات شهود عيان حول عمل جنود جيش الاحتلال خلال الهجمات التي ينفذها المستوطنون.
يقول أ.: “لا أستطيع إلا أن أروي ما رأيته، وما رأيته هو أنه في أفضل الأحوال، لا يحرك الجيش ساكنًا في مواجهة عنف مثيري الشغب اليهود، وفي أسوأ الأحوال، هناك جنود يشاركون فيه. عندما أقول جنودًا، أعني بالأساس جنودًا من وحدة “هغمر”. لم أرَ قط توقيفا لمستوطنين يُثيرون الشغب في قرية فلسطينية أو يهاجمون فلسطينيين. وكنت شهدتُ هجمات كهذه كل يوم تقريبًا. لقد رأيتُ أعمال تخريب جنونية من قِبل المستوطنين في القرى الفلسطينية في منطقة مستوطنات سوسيا، وكرميل، وتينا عمر، وفي جميع أنحاء تلال الخليل الجنوبية. أتحدث عن تحطيم أحواض الماشية، وتدمير المنازل والممتلكات، وتفجير غلايات المياه، وتدمير المباني، وإتلاف الأشجار. ونحن، الجيش، نقف مكتوفي الأيدي. كانت هناك حوادث سرق فيها المستوطنون التبن والأغنام. شهدتُ حادثة قام فيها مستوطن بتحميل خروف فلسطيني على شاحنته الصغيرة وسرقته. لم نحتجز أحدًا قط، ولم نحاول منعه قط”.
– ألم يخبركم القادة والضباط بأن لديكم سلطة اعتقال اليهود العنيفين؟
“لم يتحدثوا معنا عن هذه السلطة. الرأي السائد، ما كنا نعرفه، هو أننا كجيش لا نملك سلطة اعتقال أو احتجاز أي شخص يحمل بطاقة هوية زرقاء. هذا متروك لحرس الحدود أو الشرطة. لم يكلف أحد نفسه عناء شرح أنه يُسمح لنا باعتقال الإسرائيليين. كان المفهوم هو أننا كنا نحمي المستوطنين وأن لدينا سلطة فقط ضد الفلسطينيين. لكنني لم أرَ أو أسمع قط أن الشرطة الزرقاء اعتقلت مستوطنًا”.
– في أكثر من مرة، كان من بين مثيري الشغب أشخاص يحملون أسلحة طويلة، بنادق M16.
“في هذه الحالة، تعلمون أنه كان جنديًا من “هغمر”. كان من الواضح لنا أنهم مثلنا، جنود في جميع النواحي. يُمنحون أيام احتياط لهذا الغرض. إنهم جيش بنسبة 100 في المئة. في كثير من الحالات، ترى جنود “هغمر” يسيئون استخدام أسلحتهم العسكرية.”
– ماذا تقصد بـ “إساءة الاستخدام”؟
على سبيل المثال، توجيهه نحو وجه فلسطيني من مسافة قريبة. من بينهم من يشارك في أعمال الشغب. يدخلون القرى الفلسطينية التي يكثر فيها الاضطراب، ويتصرفون كالمجرمين – يشتمون، ويركلون ويهددون. في أكثر من مرة، أقام جنود “هغمر” حواجز بمبادرة ذاتية، فأوقفوا سيارات فلسطينية، وأنزلوا ركابها، وقيدوهم، وألقوا بهم على قارعة الطريق. ليجفّوا. وفعلوا ذلك دون إذن من ضابط مسؤول.
– ما هو الإجراء المتبع في هذه الحالات؟
“لإقامة حاجز على الطريق، تحتاج إلى إذن من قائد قطاع، أو قائد كتيبة أو نائبه. جنود “هغمر” وحدة (تحت قيادة) من الجيش. لا يمكنهم فعل ما يحلو لهم. إقامة حاجز، أو نقطة تفتيش، هي انتهاك للسلطة والأوامر.”
وهل تدخل قائد الكتيبة أو نائبه؟ هل أغلقوا الحاجز؟ هل واجهوا أفراد “هغمر”؟
لا، ما الأمر؟ لا شيء. قرر “هغمر” فعل هذا، وانتهى الأمر. لا سيطرة لكم عليه. رأى ضباطنا ذلك وغضّوا الطرف عنه. كانوا يتلقون دعمًا كاملًا آنذاك من اللواء (لواء يهودا الإقليمي، المسمى باسمه). كان من الواضح أن لديهم حرية التصرف في ما يريدون. تنظر إلى سلوكهم في الميدان وتدرك أنك، كجيش، لا سيطرة لك عليهم. هذه ميليشيا مسلحة لا سيطرة لك عليها. لم يكن هناك من يُنذرهم ويُخبرهم أن ما يفعلونه خطأ. إنهم القادة الحقيقيون في الميدان، أصحاب السيادة. كما أن هناك علاقات جيدة بين جنود الكتيبة وأفراد “هغمر”. لقد وفّروا لنا لحظات حميمة في المستوطنات، ودعونا إلى حفلات الشواء، لمشاهدة مباريات كرة القدم معهم. إنها علاقة ودية تتحول إلى نوع من الصداقة. لذلك عندما ترى سلوكًا غير لائق، تتجاهله. لا تشعر بالراحة في التحدث بصراحة.
ظهر للمجرمين
لنترك الجيش جانبًا للحظة. المجرمون الذين يجوبون الميدان، ويفجرون السيارات، ويضربون المسنات بالهراوات (حادثة وُثِّقت في قرية ترمسعيا الأحد الماضي)، ويرشقون الحجارة بالمقاليع وهم ملثمون (حادثة وقعت في قرية بورين في وقت سابق من هذا الشهر)، أو يشعلون النار في المركبات ويخطون شعارات كراهية على جدران القرى الفلسطينية، لهم صدى واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال مجموعات تنشر بفخر الجرائم بعد وقت قصير من ارتكابها. هناك مجموعة “انباء التلال” على واتساب، ومجموعة “فتيان التلال على تيلجرام”، والآن أُضيفت مجموعة تحديثات جديدة باسم “جماعتنا”. يوم الأربعاء الماضي، نشرت “انباء التلال” تحديثًا بدأ كالتالي: “شهر مبارك! ملخص النضال ضد العدو العربي في الأرض المقدسة في شهر تشري”. وتتناول الرسالة التفصيلية أسماء القرى التي تعرضت للهجوم وعدد مرات الهجوم على كل منها. تشمل القائمة حوالي 50 قرية فلسطينية في أنحاء الضفة الغربية. ووفقًا للملخص، بلغ عدد المركبات المحروقة 33 مركبة، والمنازل المحروقة 12 منزلًا، وعدد الجرحى العرب 25، بالإضافة إلى “قطع آلاف أشجار الزيتون، وثقب عشرات المركبات، وتحطيم مئات النوافذ، وإحراق عشرات الحقول والبساتين”. اللافت للنظر أن التقارير اليومية في هذه المجموعات مصحوبة بالصور والفيديوهات. كما تتوفر أرقام هواتف لمديري المجموعات، الذين يعمل بعضهم بأسمائهم الكاملة. في بعض الحالات، يتم الربط بسرعة بين العمل الميداني ومجموعات التحديث على واتساب والإنترنت.
توجهنا بالسيارة إلى منزل الدكتور منصور منصور في قرية دير دبوان، وقادنا إلى سيارة كيا أحرقها مستوطنون ملثمون نهاية الأسبوع الماضي. على الجدار المجاور، كتبوا عبارة “تحية من جماعتنا”، وأضافوا رسمًا لنجمة داوود، وبجانبها كلمة “انتقام”.
قال منصور، مشيرًا إلى التلال المقابلة للقرية: “احترقت ثلاث مركبات هنا صباح الجمعة الماضي. من هنا أتوا، من جميع المزارع التي بنوها حولنا خلال العامين الماضيين منذ بدء حرب غزة. ست مزارع من هذا النوع تحيط بنا. لا يستطيع مزارعونا الخروج للحصاد. ولا يكفي أنهم لا يستطيعون القطاف، فهؤلاء المجرمون يأتون إلى قريتنا، يحرقون، ويحطمون، ويفعلون ما يحلو لهم. ولا أحد يحمينا”.
“قبل الحرب، عندما كان يحدث شيء كهذا، كنا نتصل بالجيش والشرطة، فيأتون متظاهرين برغبتهم في مساعدتنا. اما اليوم، فلا يأتي الجيش والشرطة إلا إذا طلبنا المساعدة من السفارة الأمريكية. هذه قرية يبلغ عدد سكانها حوالي 6000 نسمة، 70 في المئة منهم مواطنون أمريكيون. فقط بعد أن اتصلتُ بالسفارة وأبلغتُ عن الحادث، جاءت الشرطة الإسرائيلية إلى هنا لالتقاط صور للمركبات التي أُحرقت والكتابات على الجدران. هذا لا يعني أن هذه الشكوى ستؤدي إلى أي شيء”. اليوم، يدعم الجيش والشرطة هؤلاء المجرمين، ولهذا السبب يشعرون بأنهم فوق القانون. مرت ساعات وأضرم المستوطنون النار في مركبات فلسطينية مرة أخرى، هذه المرة في قرية عطارة، شمال رام الله. على الجدار المجاور لإحدى السيارات، كُتبت عبارة بالعبرية: “تحية من جماعتنا، كيف الحال، آفي بلوت”. وبالطبع، تم الإبلاغ عن الحريق المتعمد والعنوان في مجموعة واتساب “انباء جماعتنا”.
تفجير القطاف
يقول الجندي المسرح (أ) إنه غير متفاجئ بحوادث العنف التي ازدادت منذ بدء موسم القطاف. ويضيف: “يعلم الجميع في الجيش أن هذه فترة متفجرة. تحدث إلينا قادة الكتيبة عن أنها فترة تشهد أحداث احتكاك متفجرة. وعندما يبدأ القطاف، كان يصل تقرير إلى الجيش الإسرائيلي عن احتكاك عنيف كل ساعتين تقريبًا. “ثم تصل إلى حقل زيتون يملكه فلسطيني، وقد شهدت بنفسي عدة حوادث مماثلة، وترى مجموعة من المستوطنين، بعضهم مسلح بمسدسات وأسلحة طويلة، وبعضهم يحمل هراوات في أيديهم، وهم يجلسون في الحقل، تحت الأشجار، ولا يسمحون للعرب بالقطاف”.
– ما المقصود بمنع العرب من القطاف؟
“انتهى القطاف، اخرجوا من هنا”، هذا ما تعنيه. يقفون بجانب الأشجار، ولا يمكنك الاقتراب لأخذ الزيتون منها. كان المتطوعون الإسرائيليون المشاركون في القطاف يتصلون بالشرطة أو اللواء، وهكذا يصل الأمر بنا إلى مقر الشرطة العسكرية، من هناك يرحلوننا. ثم نعود فترى المستوطنين يجلسون بين أشجار الزيتون، داخل الحقل، وتدرك أن هذا حدثٌ يستحيل الخروج منه. لا ترى عنفًا جسديًا، بل مجموعة من المستوطنين المسلحين الذين يرفضون ببساطة التحرك. في معظم الأحيان، يكون الحل الأسهل هو إصدار أمر إغلاق منطقة عسكرية، وعندها يضطر كل من الفلسطينيين والمستوطنين إلى المغادرة. باختصار، هذا يُفسد القطاف. تقول منظمة “كسر الصمت” إنها تلقت خلال العامين الماضيين شهادات من جنود تحدثوا عن مستوطنين جُنِّدوا في وحدات الشرطة العسكرية واستخدموا زيهم العسكري وأسلحتهم وسلطتهم لمهاجمة الفلسطينيين. وتضيف المنظمة: “لقد تحولنا من جنود يوفرون الأمن إلى ميليشيات مستوطنين لم يعودوا بحاجة إلى الأمن لأنهم أصبحوا جنودًا”. وتضيف: “هذا دعم حكومي للإرهاب يُمارس تحت رعاية القيادة العليا للجيش الإسرائيلي وكبار القادة في الضفة الغربية”.
ذهبنا لنرى كيف تسير الأمور على أرض الواقع. التقينا آفي دبوش، الرئيس التنفيذي لمنظمة “صوت الحاخام لحقوق الإنسان”، في قرية أبو نجيم بمنطقة بيت لحم، حيث وصل يوم الثلاثاء من هذا الأسبوع مع مجموعة من المتطوعين الإسرائيليين لمساعدة الفلسطينيين في موسم قطف الزيتون. منذ 22 عامًا، تُنسّق هذه المنظمة مجموعاتٍ تُعنى بهذا الأمر. يقول: “حتى حرب غزة، كان للإدارة المدنية والجيش شعارٌ قبل موسم قطف الزيتون: ‘حتى آخر زيتونة’. هذا صحيحٌ تمامًا”. كان الهدف هو السماح للفلسطينيين بحصاد أكبر قدر ممكن من أشجار زيتونهم، رغم وجود قدر لا بأس به من عنف المستوطنين حتى ذلك الحين. كان لدى الجيش نية طيبة للسماح بالقطاف. انتهى الأمر. خلال عامين من الحرب، كان القطاف شبه معدوم، وعندما كان يحدث، كان هناك عنف من المستوطنين، ولم يتدخل الجنود على الأرض. لدينا توثيقات لهجمات عنيفة، ونرى جنودًا لا يحاولون منعها. قبل أسبوعين، وصلت قوة من المقاتلات إلى قرية حوسان، وأمام أعينهن، هاجم المستوطنون المزارعين الفلسطينيين. توجهتُ إلى قائدة القوة، وهي ضابطة في الجيش الإسرائيلي، وقلت لها: “أنتِ ملزمة بحماية الفلسطينيين، وكذلك نحن الإسرائيليين الذين جئنا لمساعدتهم”. هل تعرفين ماذا قالت لي؟ “لا أعرف ذلك، اتصل بالشرطة”.
سارت عملية القطاف في أبو نجيم بسلاسة يوم الثلاثاء. واصلنا رحلتنا إلى قرى دير دبوان والمغير وترمسعيا، وجميعها تقع في المنطقة (ب) شمال شرق رام الله، حيث أخبرنا المزارعون أنهم يواجهون صعوبة في قطف زيتونهم بسبب اعتداءات مجرمين. يقول جوناثان كانونيتش، رئيس قسم الأبحاث في منظمة “يش دين”، إن المستوطنين وسّعوا هجماتهم لتشمل المنطقة (ب) هذا العام. ويوضح: “نتلقى تقارير وتوثيقًا يوميًا عن اعتداءات وعمليات طرد عنيفة لقاطفي الزيتون الفلسطينيين، وسرقة محصول الزيتون، وليس فقط في المنطقة (ج)”. تريد إسرائيل أن تجمع بين أفضل ما في العالمين. كما أنها تُسلح المستوطنين وتتركهم بلا رقابة، وتدّعي أن عنف المستوطنين فرية دم، وتريد الاستفادة من ثمار العنف وضم الأراضي. هذا الواقع يُلحق ضررًا بالغًا بحقوق الفلسطينيين ويُلحق ضررًا جسيمًا بالاقتصاد في الأراضي الفلسطينية. تدعو إسرائيل إلى تدخل دولي في قطاع غزة، لكنها تُفاقم الوضع في الأراضي الفلسطينية، مما سيتطلب في نهاية المطاف تدخلًا مماثلًا في الضفة الغربية أيضًا.
ما هي نقطة الغليان؟ إنها قضية تُثير قلق الجيش والشاباك بشدة. وفقًا لبيانات جهاز الأمن، وقع 675 حادثة جرائم قومية في العام 2024 بأكمله. وكان عامًا صعبًا مع الحرب في غزة. لكن من المرجح أن يُحطم العام 2025 الأرقام القياسية. حتى يوم الأربعاء، سُجلت 692 حادثة جرائم قومية منذ بداية العام، ونحن في منتصف موسم القطاف، قبل شهرين من نهاية العام. هذا يعني متوسطًا يقارب 70 حادثة شهريًا، وإذا استمر هذا المعدل، فسيشهد العام 2025 زيادة بنحو 25 في المئة في الجرائم القومية مقارنةً بالعام 2024. وقد أبدى مصدر في مؤسسة الامن قلقًا بالغًا هذا الأسبوع: “من تجاهل ظهور ما يقرب من 100 مزرعة جديدة تضم فتيانا متطرفين منذ 7 أكتوبر2023، فلا ينبغي أن يستغرب من زيادة حوادث الاحتكاك. الأرقام جنونية. فحيثما توجد مزرعة، توجد احتكاكات وحوادث جرائم قومية. ويمكن القول بكل تأكيد إن الوضع على الأرض خارج عن السيطرة”.
الجيش لإسرائيلي: “نعمل وفقًا للقانون”
وأضاف المتحدث باسم الجيش لإسرائيلي: “تعمل قوات الجيش الاسرائيلي والإدارة المدنية وشرطة إسرائيل على الحفاظ على النظام العام، وحماية السكان، وإحباط الإرهاب، ومنع العنف في قطاع يهودا والسامرة. ويعمل الجيش الاسرائيلي على ضمان موسم قطاف سليم وآمن للمزارعين. وفي حال حدوث أي خلل في عملية القطاف، تُصدر تعليمات للقوات باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان استمرارها. وحتى الآن، تم تنسيق عملية قطاف آمنة في أكثر من 40 في المئة من المناطق التي تتطلب تنسيقًا أمنيًا. وفي كل منطقة يتطلب فيها هذا التنسيق، ينفذ الجيش الاسرائيلي هذا التنسيق للحفاظ على أمن المنطقة. وفي معظم المناطق، لا يتطلب الأمر أي تنسيق على الإطلاق”.
ردًا على الادعاءات المتعلقة بجنود الاحتياط، جاء في البيان: “يُزوّد الجيش الاسرائيلي جنود الاحتياط في مستوطنات منطقة يهودا والسامرة بالأسلحة لأغراض الدفاع والتأهب، مع تحديد إجراءات واضحة، كما هو الحال مع جميع جنود الاحتياط. وتعمل قوات الجيش الاسرائيلي وفقًا للقانون. وعند الاشتباه في ارتكاب جرائم جنائية أو إساءة استخدام الأسلحة، تُجري الشرطة العسكرية المُحققة تحقيقات. ويُحقّق في كل حالة ويُعالج تبعًا لذلك”.
وقال مصدر أمني آخر: “خلال العام الماضي، وزّع جهاز الأمن العام (الشاباك) مئات التحذيرات بشأن هجمات إرهابية ونشاط قومي عنيف، مما أدى في كثير من الأحيان إلى إحباط نوايا النشطاء”. ردّت شرطة إسرائيل قائلةً: “تعمل قوات الجيش الإسرائيلي، وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والشرطة كلٌّ في نطاق مسؤوليته (وفقًا لإجراءات إنفاذ القانون في يهودا والسامرة)، ومسؤولية المناطق (أ، ب، ج) في منع حوادث العنف الشديد في قطاع يهودا والسامرة، وتعطيلها، وإحباطها، وحلّها. الجيش الإسرائيلي، بصفته صاحب السيادة في المنطقة، مسؤول عن منع حوادث العنف في المنطقتين أ و ب. تقع سلطة التحقيق في هذه الحالات على عاتق شرطة إسرائيل، أحيانًا بمساعدة جهاز الأمن العام (الشاباك)، المسؤول عن إحباط ومنع حوادث الإرهاب والعنف الشديد والتخريب. شرطة إسرائيل مسؤولة عن إنفاذ القانون والحفاظ على النظام العام في المنطقة ج في المجتمعات اليهودية. في كل حالة عنف شديد، تعمل شرطة إسرائيل على تقديم الجناة إلى العدالة”.
——————————————
هآرتس 31/10/2025
كيف سيخرج نتنياهو من شرك قانون التجنيد
بقلم: رفيت هيخت
يبدو ان بنيامين نتنياهو في مأزق. الحريديين غير راضين على الاطلاق عن وضعهم – بل هم ينظمون مظاهرات ضد سياسة الحكومة الأكثر تدينا والأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل. في استطلاع رأي مباشر نشر في صحيفة “العائلة” قال 54 في المئة من المستطلعين انهم لا يعتقدون ان رئيس الوزراء يهتم بإقرار قانون التجنيد، و55 في المئة قالوا بانه يجب فحص خيارات الانتماء الى الكتل وفقا لاحتياجات القطاع، بدلا من التحالف التلقائي مع نتنياهو واليمين. وخلافا لما يزعم فان راس حربة النضال من اجل تجنيدهم ليس احتجاج كابلان، بل هو الركيزة الأخرى للائتلاف، وهو حزب الصهيونية الدينية الذي فاقمت الحرب الاخيرة موقفه وزادته تطرفا وبروزا. يبدو ان المازق صعب، ووضع الائتلاف هو في مازق حرج.
لكن سنوات من التعرف على أسلوب نتنياهو، إضافة الى رصد المؤشرات القائمة، تشير الى مسار محتمل له للخروج من هذه الازمة. على الصعيد العملي، ثمة ما يدعو الى الاعتقاد بانه لن يقر أي قانون، ويرجع ذلك أساسا الى ان الحد الأدنى الرمزي لا يلبي الحد الأقصى للحريديم، الذين ببساطة لا يريدون التجند ولو قليلا. اذا اقرت صيغة ما، فسيكون ذلك مع المعرفة المطلقة بانها سترفض في المراجعة القضائية، وسيتم تعويض الحريديين في الميزانية القادمة عن معاناتهم النفسية، وبالتالي، سيمدد عمر الحكومة حتى الصيف، اذا لم يكن حتى موعد انتهائها الأصلي، أي بعد سنة تقريبا. على الصعيد الأخلاقي والجماهيري والاجتماعي، يحول نتنياهو كعادته النضال من اجل انهاء تهرب الحريديين الى مسار حاد ومؤلم بهدف تقويض ولو بصيص امل للتحالف بين الليبراليين والصهاينة المتدينين.
مسيرة الحريديين أمس لن تعرف بانها مظاهرة، بل “صلاة جماعية”. وينبع غياب الخطابات والطقوس الأخرى التي تميز المظاهرات أيضا من صراعات داخلية بين الحاخامات. ولكن ينبع أيضا من ان “الصلاة” خلافا للمظاهرة، هي من اجل الحفاظ على امتياز دموي فاحش له شحنة رمزية وعاطفية إيجابية في نظر جمهور تقليدي معتدل، يناضل هناك فقط من اجل دعمه. رغم أن الفتى الذي توفي أمس بسبب سقوطه في موقع بناء اثناء المظاهرة، والهجوم القبيح الذي شنه طاقم البث، افسد المناسبة المقدسة، إلا ان الهجوم الأخير يمكن اعتباره نتيجة ممارسة أخرى شائعة لدى نتنياهو – توجيه سهامه للذين يصفهم باعدائه (حسب نفس الاستطلاع، 56 في المئة من الحريديين يتهمون وسائل الاعلام بالتحريض ضدهم، 52 في المئة يلومون المدعي العام والمحكمة العليا بالوضع الذي “يجد القطاع الحريدي نفسه فيه”).
نتنياهو ما زال حتى الان لا يقول ذلك، لكن مبعوثيه وقنواته بالتأكيد يكررون هذه الرسالة. المطالبة المشروعة لاصلاح الظلم آخذة في التشكل كهجوم علماني لاسامي على عالم التوراة وعلى اليهودية بشكل عام. نتنياهو يعرف ان الهوية الايمانية لكتلة مؤيديه، التي تعززت منذ 7 أكتوبر، هي الأداة الناجعة التي يمتلكها. هي سلك الحديد الذي يربط بين مؤيديه المختلفين.
ان مجرد اجراء المسيرة، التي تم تسويقها من خلال تشبيه مجرد وفاضح بين المتهربين والمخطوفين، والمشاهد التي خرجت منها، كانت تستفز وتثير كراهية العلمانيين الى درجة وصلت فيها أحيانا الى كاريكاتير لاسامي. هذه ليست تصريحات شعبوية من محور لبيد – ليبرمان، اللذان يتنازعان بالفعل على زمام المبادرة في مهاجمة الحريديين. عبارات لم يخطر ببال متحدثين ليبراليين قولها عن العرب. على سبيل المثال، تقال عن الحريديين بدون خجل أو تدقيق.
هذا التأرجح في الكراهية سيدفع الصهاينة المتدينين في نهاية المطاف الى العودة الى التركيز على اليهودية الدينية، لان مبدأ الايمان، خاصة شرعيته واحترامه، هو من اهم القيم في التسلسل الهرمي للهوية الدينية، لا سيما في ظل انخفاض حدة الحرب. وهكذا فانه بتصعيد الصراع بين المعسكرات بشكل عام، فان نتنياهو سينجح في حسم الصراع في كتلته.
——————————————
معاريف 31/10/2025
المهدد الوطني
بقلم: ألون بن دافيد
فتح التحقيق في قضية تسريب الشريط من سديه تيمان أيقظ من سباته حارس الجحيم العاطل عن العمل. من يصدر بيانات مكتب وزير الدفاع، الذي يطلق الى الهواء كل يوم تهديدات عابثة على المحيط الإقليمي، بدأ ينتج بيانات في وتيرة متزايدة: “فرية دم ضد جنود الجيش الإسرائيلي”، قضى الرجل الذي يجلس في المكتب الفارغ لوزير الدفاع. فاعفاء بلا تهديد لا يمكن: “المدعية العسكرية العامة لن تعود الى منصبها طالما كانت القضية قيد التحقيق”، أضاف مهددا.
“فرية الدم”، كما يسميها وزير الدفاع، تندرج في لائحة اتهام خطيرة ضد خمسة جنود وضباط في الاحتياط يتهمون بجرائم تنكيل وأذى خطيرة. الأفعال المفصلة في لائحة الاتهام تصف سلوكا بربريا للجنود تجاه معتقل فلسطيني، شرطي في شرطة حماس وليس مخربا من النخبة. الأفعال هي من اخطر الأفعال التي تنسب في أي مرة لجنود الجيش الإسرائيلي، واذا كانت وقعت فان من ارتكبها هو الذي وصم وحقر بزة الجيش. دم كان هناك بالفعل وبكثرة، اما اذا كانت هذه فرية – فأمر ستقرره المحكمة.
ان تسريب الشريط الى وسائل الاعلام سيخضع للتحقيق، كما سيفحص أيضا دور المدعية العسكرية العامة اللواء يفعت تومر – يروشالمي، في التسريب، اذا كان أمر كهذا. الجيش الإسرائيلي هو الذي بادر الى التوجه الى المستشارة القانونية للحكومة غالي بهرب ميارا مما أدى الى فتح التحقيق في التسريب. ولا بد أنه سيعرف كيف يتصرف مع من يتبين خلل من افعاله. لكن الحماسة التي اظهرها وزير الدفاع على النبأ، وشهيته لان يتخلص من كل من يمثل القانون، تثير التساؤل عما يفعله إسرائيل كاتس في المنصب الرفيع، شبه المقدس، الذي اودع في يديه.
ان تأثيره على سياسة الامن غير موجود. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والوزير رون ديرمر هما صاحبا القرارات في مواضيع الحرب والسلام، وهما ينسقان مباشرة مع رئيس الأركان ايال زمير طريقة تنفيذ السياسة. كما أنهما يطلعان وزير الدفاع على قراراتهما.
إذن ما الذي يفعله الرجل المؤتمن، ظاهرا، على أمن إسرائيل وعلى مصير الأبناء والبنات الذين يخدمون في قوات الامن؟ فهو يصدر بيانات للصحف، الكثير من البيانات. مرة كل بضع ساعات ينشر تهديدا عليلا ضد هذا الكيان أو ذاك في الشرق الأوسط. وأحيانا يكاد ينظم الشعر في تهديداته التي تبدو كصيغة قصة أطفال سيئة – “أبراج غزة انهارت الى البحر”، وأحيانا تصاغ كاعداد للائحة اتهام في لاهاي: “من يبقى من السكان في مدينة غزة سيكونون مخربين ومؤيدي إرهاب”.
مرة كل بضع وقت يقع في يديه موضوع يمكنه فيه بالفعل أن يقرر – وعندها يسارع الى نشر قراره. في الغالب يدور الحديث عن مواضيع هي في لبنان الامن القومي، مثل حراسة حالات ظهور “الظل” امام جنود الجيش الإسرائيلي، او اغلاق صوت الجيش، الذي هو واحدة من المهمتين اللتين اودعهما رئيس الوزراء في يدي كاتس: اغلاق صوت الجيش واجازة قانون اعفاء للحريديم. وبين هذا وذاك فانه يحرص مرة كل بضعة أيام على أن تلتقط له الصور مع جنود الجيش الإسرائيلي. صحيح أنه اشفي من الخوذة على رأسه، لكنه لا يتخلى عن صور السيلفي القتالية كل أسبوع.
مثل بن غفير في الشرطة
يمكن ان نعفي بهزة رأس الرجل الذي ينجح في ان يسيء لنفسه حتى اكثر من صورته الساخرة في البرنامج الهزلي “بلاد رائعة”. لكن كاتس ليس شخصا لا ضرر منه لا يريد الا حصد بضعة أصوات لنفسه في الانتخابات الحزبية التمهيدية. في الأماكن القليلة التي منح فيها الصلاحيات – التعيينات في الجيش الإسرائيلي – يوقع ضررا جسيما.
أحد الضباط الكبار الذين خدموا تحت قيادته وصفه كـ “رجل ذي قدرات سياسية عالية، قدرات معرفية متدنية ومقدار عظيم من الشر”. بقدراته السياسية فهم كاتس بان الصلاحيات التي أعطيت له في ان يقر كل تعيين من رتبة عقيد فاعلى هي أداة لتعظيم صلاحياته في الجيش ووسيلة تسمح له لان يتنمر على رئيس الأركان بشكل دائم.
في الأشهر الأخيرة استبعد كاتس تعيينات بضعة ضباط برتبة عقيد ليس لانه راجع سلوكهم حول 7 أكتوبر بل ينغص حياة رئيس الأركان ويؤشر للضباط في الجيش بان من يرغب في الترفيع – فليتوجه الى الوزير. وكان “هآرتس” كشفت النقاب عن أن وزير الدفاع تدخل كي يبقي في منصبه من كان قد اللواء الشمالي في غزة في 7 أكتوبر بعد أن توجه ذاك الضابط الى نشيط كبير في مركز الليكود.
“هذا نهجه”، روى لي شخص عمل تحت رئاسته في وزارة المالية. “هو يحول كل وزارة يصل اليها الى فرع لليكود عبر ترفيع مقربين من أعضاء المركز”. والان يحاول كاتس تحويل الجيش الإسرائيلي الى فرع لليكود أو الأخطر من هذا ان يفعل بالجيش ما فعله بن غفير بالشرطة، باستثناء ان الحديث يدور الان عن تعيين قادة أبنائنا وبناتنا.
في الأسابيع الأخيرة يمنع كاتس رئيس الأركان من تعيين قائدي سلاح الجو وسلاح البحرية التاليين. وهما تعينان واجبان لضابطين يوجد حولهما اجماع. ومقابل إقرار التعيينين يطلب تعيين سكرتيره العسكري في منصب الملحق العسكري في واشنطن. رئيس الأركان في هذه الاثناء لا يتراجع ويصر على أن يرسل الى واشنطن ضابط يمكنه أن يتعين بعد ذلك في منصب إضافي.
عملت مع كل وزراء دفاع إسرائيل في الــ 40 سنة الأخيرة. كان بينهم اذكياء اكثر واقل، شجعان اكثر واقل لكن ما كان مشتركا بينهم جميعهم هو الورع المقدس الذي دخلوا به الى المكتب الذي تحسم فيه مصائر بني البشر للحياة وللموت. في سنة ولاية واحدة نجح كاتس في أن يرخص قيمة هذا المنصب الى درك اسفل لم يشهد له مثيل من قبل. نحن نستحق أكثر من ذلك.
——————————————
يديعوت احرونوت 31/10/2025
ميليشيا فتيان التلال تنتهك القانون، لكنها تعمل لصالح الحكومة
بقلم: ناحوم برنياع
الشهادات التي يقدمها عوديد شالوم من موسم الحصاد في الضفة الغربية صادمة. فهي تُظهر مذابح يومية تُرتكب في الحقول، برعاية الجيش الإسرائيلي. ميليشيات من الفتيان وجنود الاحتياط، مسلحة بأسلحة الجيش نفسه، تُحرق وتُقطع وتُدمر سبل عيش السكان المحليين. الشرطة غائبة أو تنضم إلى مثيري الشغب؛ والجنود يقفون مكتوفي الأيدي أو يشاركون في الاحتفال.
سيُصدم بعض القراء: الصدمة هي الحل السهل والمريح. يكمن وراءها افتراض وجود إهمال أو تقصير من جانب الشرطة والجيش. ربما كان هذا صحيحًا في فترات سابقة: لم يعرف القادة والجنود كيفية التعامل مع اليهود الذين أثاروا الشغب في الحقول، وكيفية منعهم من إيذاء الناس وتدمير الممتلكات، وفي الوقت نفسه، الحفاظ على سلامتهم بكل قوتهم؛ لم يعرفوا كيفية سد الفجوة بين أوامر إطلاق النار الموجهة للعرب والأوامر الموجهة لليهود. الأوامر مسألة معقدة: يجب إطلاق النار على الأولاد العرب الذين يرشقون الحجارة؛ ويجب عدم إطلاق النار على الأولاد اليهود الذين يرشقون الحجارة. كل ضابط يأخذ زمام المبادرة في الميدان، كل جندي، كل شرطي، معرض للوقوع في مشاكل: الحجر لا يتذكر دائماً ما إذا كانت اليد التي رمته يد يهودية أم يد عربي، الشخص الذي رماه لا يتذكر دائماً ما إذا كان قد رفعه كسلاح هجومي أم للدفاع عن النفس.
للزيتون دورٌ خاص في التراث العربي: فإلى جانب كونه قطاعًا اقتصاديًا، يرمز إلى الارتباط بالأرض، وبالمشهد الطبيعي، وبالوطن. لا تكاد تخلو عائلة فلسطينية من شجرة واحدة على الأقل. ما يهم العرب يهم اليهود الذين اختاروا التناحر معهم. من يُسيء للزيتون يقول: أنا الحاكم، أنا صاحب السيادة. ليس لكم نصيبٌ أو ميراثٌ هنا.
ظاهريًا، التلال هي نفس التلال، والفتيان هم نفس الفتيان، والمذابح هي نفس المذابح. لكن شيئًا أساسيًا قد تغير في جوهره، وفي معناه. أصبحت المذابح الآن جزءًا من خطة الدولة.
في كانون الثاتي 2023، بدأ فصلٌ جديدٌ من الحكم الإسرائيلي في الضفة الغربية. سُلِّمت السيطرة على حياة وممتلكات ومستقبل اليهود والعرب إلى رجلين: بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير. كان يريف ليفين هو الحامل والمانح نيابةً عن نتنياهو. لقد منح سموتريتش وزارة المالية وبن غفير الشرطة، وهي سلطة لم تُمنح في أي حكومة إسرائيلية لممثلي الفصائل الصغيرة المتطرفة. بالإضافة إلى ذلك، منح سموتريتش لقب (شبه) وزير الأمن والسيطرة على جميع الأنشطة المدنية في الضفة الغربية. أوضح معلقو نتنياهو أن هناك قيودًا، وأن لفين تعرض لضغوط، وأنه لم يكن لديه خيار، ولكن بالنظر إلى الماضي، يبدو أن ليفين حصل على ما أراده بالضبط: كان سموتريتش الشخصية الرائدة في كل من الانقلاب وتغيير الواقع في الضفة الغربية. سموتريتش ولفين شقيقان. قد يكون سموتريتش مسيحانيًا، وغامضًا، ومتغطرسًا، وجاهلًا، لكن شيئًا واحدًا يميزه عن جميع الوزراء الآخرين: لديه خطة. أعلن عنها في عام 2017 ولم يتراجع عنها حتى يومنا هذا. تقدم الخطة للعرب ثلاثة خيارات: الحرمان من الحقوق، أو الطرد، أو الإقصاء. المعنى العملي لهذا المخطط في الضفة الغربية هو الاستيلاء على الأراضي والاستيطان فيها بطريقة تمنع الفلسطينيين من التواصل الإقليمي والتنمية الاقتصادية؛ والقمع والفوضى والعنف الذي تدعمه الحكومة سوف يشجعهم على الهجرة.
هنا يبرز دور الفتيان المعروفين باسم “فتيان التلال”. منذ تولي سموتريتش زمام الأمور في الضفة الغربية، تغير وضعهم: فهم ليسوا أبناء البلد الأشقياء، ولا عصاباته الإجرامية، بل هم القوة الرائدة في تطبيق رؤية الحكومة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. إنهم المستقبل.
أول من أدرك هذا التغيير كان الشرطة: ساعدهم بن غفير على فهمه. وحذا الجيش الإسرائيلي حذوهم. ضباط القيادة الوسطى منشغلون بمحاربة الخلايا الإرهابية الفلسطينية. هذه هي مهمتهم الرئيسية، وهذا هو مجدهم. اما مكافحة الجريمة القومية اليهودية فلن تؤدي إلا إلى تعقيد بقية حياتهم المهنية، وستضعهم في مواجهة السياسيين اليمينيين.
يربط البعض تصاعد الجريمة القومية بتزايد نفوذ المتدينين ونشطاء المستوطنات، في صفوف كبار ضباط الجيش الإسرائيلي، والآن أيضًا في جهاز الأمن العام (الشاباك). لا أعتقد أن “الكيباه” (القبعة الدينية) هي المشكلة. سواءً كانت الكيباه أم لا، فإن قادة الجيش عاجزون أمام اليهود. من قيادة الجيش إلى الميدان: يدرك الضباط والجنود أنه حتى في حالة عدم وجود قرار حكومي صريح، فإنهم جزء من خطة حكومية. ميليشيا فتيان التلال تنتهك القانون، لكنها تعمل لصالح الحكومة نفسها. ربما هكذا ينبغي أن يكون الأمر، يقول الجنود لأنفسهم: أساليب الحكومة خفية.
بعد مذبحة 7 أكتوبر، أُضيف العنصر العاطفي: لم تبقَ الرغبة في الانتقام في غزة. في إحدى مقالاتي، رويت قصة وحدة انتقلت من غزة إلى الضفة الغربية، وداهم جنودها إحدى القرى. وانضم إليهم جنود الجيش الإسرائيلي – مدنيون، وسكان مستوطنات، يرتدون الزي العسكري، ويحملون أسلحة الجيش الإسرائيلي، ويتقاضون رواتب من الجيش الإسرائيلي.
ما يحدث في الضفة الغربية في ذيل جدول أعمال إسرائيل. هناك أمور أهم: إعادة المختطفين؛ استمرار الحرب على حماس؛ الحفاظ على وقف إطلاق النار؛ تجديد الانقلاب القانوني؛ تعبئة الحريديم. لكن ما يحدث هناك قد تكون له عواقب وخيمة على جانبي الخط الأخضر.
لا الأجهزة الأمنية، ولا المحاكم، ولا المعارضة، ولا منظمات حقوق الإنسان ستوقف هذا التوجه في الأراضي الفلسطينية. وكما هو الحال في غزة، ليس أمامنا خيار سوى الثقة بأبينا في واشنطن. لقد استخدم ترامب حق النقض ضد بند الضم في الخطة. هو وحده يعلم ما الذي يمكنه منعه أيضًا.
——————————————
معاريف 30/10/2025
في الحكومة يواصلون الرواية ان كل شيء منسق مع الأمريكيين
بقلم: افرايم غانور
ليت هذه الحكومة كانت منصتة لتلك التحليلات العسكرية – السياسية “الانهزامية”، كما درجوا على أن يعرضوهم في قنوات السم. محللون كانت تحليلاتهم واضحة وموضوعية: التطلع الى مفاوضات مباشرة مع حماس، تؤدي الى تحقيق المرحلة الأولى والاهم بين اهداف هذه الحرب – إعادة مخطوفينا وضحايانا مقابل وقف الحرب، تحرير سجناء وانسحاب الى خطوط دفاع واسعة حول قطاع غزة.
وعندها، بعد هذه المرحلة، تغيير القرص وتحديد قواعد لعب جديدة، متصلبة وابداعية، تجاه قتلة حماس، مع قدرات عمل واسعة في داخل القطاع بعد أن يكون المخطوفون صاروا في البيت.
بدلا من هذا اختارت هذه الحكومة خوض حرب لا نهاية لها حتى “النصر المطلق”، حتى “الحماسي الأخير”، والاعلان مرة تلو الأخرى باننا “على مسافة خطوة عن النصر”. نصر لم يأتِ بالطبع، حتى بعد احتلال محور فيلدلفيا ورفح. هذا فيما ناورت على مدى سنتي الحرب في قطاع غزة بين ثلاثة الى خمسة فرق بثمن دموي لا يحتمل.
هكذا، بعد سنتين من حرب بلا غاية، بدلا من النصر المطلق حصلنا على فشل مطلق. هذا الفشل افضى الى رقابة أمريكية متشددة. صحيح، بفضلها استعدنا المخطوفين الاحياء ونحو نصف الشهداء حتى الان. لكن الثمن هو أن فقدت إسرائيل استقلالها وحريتها المطلقة في العمل للدفاع عن نفسها – وهما اساسان وجوديان مبدئيان حافظنا عليهما بثبات على مدى 77 سنة وجود الدولة.
وها هو، ما لم ينجح في أن تحدثه بنا كل الدول العربية حولنا، التي رغبت في تصفيتنا منذ 1948، مع جيوش كبيرة، مزودة بأفضل السلاح المتطور – نجح في أن يحدثه بنا أولئك “الحماسيون مع الكلاشينات والشباشب”، مثلما وصفهم باستخفاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
إذن نعم، أولئك الحماسيون بالشباشب نجحوا في أن يجعلوا دولة إسرائيل مع الجيش الأقوى والأكثر تقدما في الشرق الأوسط دولة تحت رقابة “لجنة معينة” من “الاخر الأكبر” دونالد ترامب. وهي تراقب كل خطوة وشبر يتحرك فيه الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة من مكان مقرها في كريات جات، وبكلمتها تحسم الأمور.
هذه الحقائق واضحة في هذه الأيام جيدا، في الوقت الذي تخرق فيه حماس بقدم فظة اتفاقات وقف النار، لا تنفذ التزاماتها بإعادة الضحايا كما تعهدت بل وتخدع الجميع حين تعيد أشلاء جثة سبق أن اودعت الدفن بدلا من أن تعيد 13 جثمانا لديها.
صحيح أن الجيش الإسرائيلي رد على خرق وقف النار، لكن هذا لم يكن الا بعد الاذن الذي جاء من العم سام. لا شك انه في واقع آخر، بلا الرقابة الامريكية المتشددة والمتصلبة، كل شيء كان سيبدو مختلفا. وبخاصة حين يكون المخطوفون باتوا في بيوتهم والجيش الإسرائيلي يمكنه أن يعمل بحرية وبكامل القوة في القطاع.
في هذه الحكومة سيواصلون الرواية لنا بان كل شيء منسق مع الأمريكيين. هذا فيما هو واضح للجميع بان حكومة إسرائيل أدخلت بكلتي يديها اليمينتين والفاشلتين دولة إسرائيل الى هذا الفخ. فخ يمنعها من التمتع بحرية العمل تجاه حماس بالضبط مثلما ادعى أولئك المحللون “الانهزاميون” – تقريبا من اليوم الأول للحرب.
كما أنهم في هذه الحكومة يحرصون على أن يرووا لنا بان المخطوفين عادوا الى الديار بفضل الضغط العسكري والحرب المتواصلة، وانه لولا أننا صفينا الاخوين السنوار ومحمد ضيف ما كان لهذا ان يحصل.
هذا هراء تام. مع السنوار، بدون السنوار بقينا مع حماس التي تعيد تجديد نفسها، تجند الاف الشبان الغزيين وتجدد سيطرتها في القطاع امام ناظرينا. بالتوازي، كل ساعة تمر نفقد سيطرتنا في القطاع. تحت العينين المفتوحتين والسيطرة من جانب ترامب، غزة تصبح نسيجا جديدا وليس واضحا سيتضمن جملة قوات، شعوب واساسا مصالح. فيما بالمقابل تقف إسرائيل – بلا سيطرة وقدرة تأثير.
لو انه فقط كانت هنا حكومة براغماتية وذكية، نظيفة من أحلام مسيحانية واعتبارات سياسية تهكمية، لمنع كل هذا – وكنا اليوم في واقع مختلف، جيد وآمن اكثر بكثير.
——————————————
هآرتس 31/10/2025
إفلاس بينيت و”تعويم الحريدي”.. خطة الليكود للفوز في الانتخابات المقبلة
بقلم: نحاميا شترسلر
عدد المقاعد المرتفع التي يحصل عليها نفتالي بينيت في الاستطلاعات يخيف الليكود. هناك يخشون من أن بينيت مع أصدقائه في المعارضة، سيسقطهم من الحكم، وعندها كيف سيستطيعون مواصلة نهب الخزينة العامة والحصول على الأموال والاحترام والقوة؟ ولأنهم لا يملكون الحد الأدنى من النزاهة والأخلاق، فإنهم مرروا هذا الأسبوع مشروع “قانون بينيت”، رغم معارضة المستشارة القانونية للحكومة. الحديث يدور هنا عن مشروع بأثر رجعي، شخصي، يضر بالحق في الانتخاب.
حسب مشروع القانون، فإن ديون الحزب الذي تم حله ستحمل على أكتاف رئيسه (رغم أن الأمر يتعلق بكيانين قانونيين منفصلين). وإذا أراد الرئيس التنافس في الانتخابات للكنيست على رأس حزب جديد، فعليه أولاً تسديد ديون الحزب السابق الذي كان يترأسه. في حالة بينيت، كل ما سينجح في تجنيده سيذهب لتسديد ديون حزب “يمينا”، وهكذا لن تبق لديه أغورة واحدة لتمويل حملته الانتخابية، وسيضطر إلى الانسحاب.
وأوضح الليكود بأن بينيت ليس الهدف، هم يريدون بالإجمال منع تبذير أموال الجمهور. هذا مضحك. في نهاية المطاف، الحديث يدور عن نفس الأشخاص الذين اهتموا لسنين بزيادة الأموال التي يتم تحويلها لتمويل الأحزاب والانتخابات. وفي الواقع، هذه الأموال في إسرائيل هي الأعلى في العالم بالنسبة لعدد السكان. في 2009 بلغت التكلفة العامة لتمويل الأحزاب في الانتخابات 160 مليون شيكل. وفي 2022 قفز المبلغ إلى 270 مليون شيكل. وهذا يعتبر تبذيراً هستيرياً.
ذات يوم قبل عقد، قررت البنوك، التي هي جسم تجاري، وضع صعوبات أمام الأحزاب للحصول على قروض، لأنها لم تسدد الديون. أعضاء الليكود الذين يقلقون على خزينة الدولة، وجدوا الحل؛ فقد قرروا في 2016 أنه بدلاً من الحصول على قروض من البنوك، ستحصل الأحزاب على قروض من الكنيست بفائدة منخفضة بالطبع. وكانت النتيجة ارتفاع حجم القروض، والديون أيضًا. في 2014 (قبل القانون) بلغت ديون الأحزاب 35 مليون شيكل، وقفزت في 2024 إلى 146 مليون شيكل؛ أي أربعة أضعاف في غضون عقد. واضح للجميع أن الأحزاب لن تسدد الديون للكنيست ذات يوم، بالأساس الليكود الذي هو وحده مدين بـ 56 مليون شيكل. وهو المبلغ الأعلى من بين كل الأحزاب. من هنا، واضح أن “قانون بينيت” لم يأت لتوفير الأموال، بل لإبعاد بينيت عن المنافسة.
هناك جهد لا يقل عن ذلك، يبذله الليكود من أجل إعادة الحريديم إلى الحكومة. وهكذا يحافظون على الحكم. ومن أجل ذلك، يستعد الليكود للتنازل عن كل مبادئ المساواة والعدالة، ومستعد للسماح للحريديم من التهرب من الخدمة العسكرية رغم الحرب والقتلى والعبء الكبير، على من يخدمون في الخدمة النظامية وفي الاحتياط.
عضو الكنيست بوعز بسموت، سيطرح الأسبوع القادم في لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، مشروع قانون بلوره مع الحريديم، الذي هو في الواقع صفقة ستسمح لكل شاب حريدي بالتملص من الخدمة. حصص التجنيد في القانون سخيفة، والعقوبات واهية، وسيتم الاعتراف بالخدمة المدنية كجزء من الحصة. وتم توسيع تعريف “من هو الحريدي” بشكل كبير، بحيث يوصف حتى من تركوا التعليم الحريدي بـ “حريديم”، والتائبون أيضاً، وأعضاء حركة “حباد”، وكل من مر قرب حيدر. أي أنه لن يتم إجبار أي طالب مدرسة دينية على ترك المدرسة والخدمة في الجيش الإسرائيلي، ولن تخرج أي جنازة عسكرية من “بني براك”.
هكذا يخطط الليكود للفوز في الانتخابات القادمة. من جهة، هو يلبي كل رغبات الحريديم، ويرتب لهم قانوناً مشيناً للتهرب، وإغداق المليارات عليهم ليتمكنوا من العيش الرغيد بدون عمل. ومن جهة أخرى، منع بينيت من الترشح في الانتخابات. لقد سبق لزئيف جابوتنسكي أن كتب في قصيدة “كلها لي”: “يا الله، أنت اخترتنا من أجل الحكم”.
——————————————
هآرتس 31/10/2025
هل انتصر نتنياهو وكاتس على الدولة والقانون بتآمرهما مع الحريديم؟
بقلم: أسرة التحرير
عُقدت جلسة استماع مُحبطة يوم الأربعاء في محكمة العدل العليا بشأن الالتماسات التي قدمتها حركة “جودة الحكم” ومنظمات أخرى، مطالبةً الدولة باتخاذ إجراءات فورية لتجنيد عشرات الآلاف من طلاب المدارس الدينية، واتخاذ إجراءات إنفاذ. من الواضح لجميع المشاركين في الجلسة، من قضاة المحكمة العليا الخمسة إلى آخر محامٍ في قاعة المحكمة، أن الدولة تفشل في تجنيد الحريديم، وتفشل في جلبهم إلى محطة الجنيد، ولن تنجح في ذلك لسبب واحد فقط، وهو أن نتنياهو ووزير الدفاع إسرائيل كاتس، يُعززان تهربهم الجماعي.
على الرغم من قرار المحكمة العليا في حزيران 2024 الذي ألزم الدولة بتجنيد الحريديم المتشددين كأي مواطن آخر، إلا أن الدولة فشلت فشلاً ذريعاً في هذا الأمر. حاول الجيش التصرف في هذه القضية بتردد خلال الحرب، وعقدت المستشارة القانونية للحكومة جلسات استماع متابعة مثبطة، وتصرفت الشرطة بشكل طفيف، لكن الذي كان ينبغي أن يقود مثل هذه الخطوة القيادية والقيمية والحيوية من منظور أمني – التزم الصمت.
لقد خسر الجيش أكثر من 10.000 جندي في الحرب، ما بين قتيل وجريح، وهناك حاجة ملحة لملء الصفوف في ظل الزيادة الحادة في الاحتياجات الأمنية. عمل نتنياهو وحكومته مرارًا وتكرارًا على تمديد خدمة الاحتياط إلى مستويات غير مسبوقة منذ تأسيس الدولة، ومددوا الخدمة النظامية بأربعة أشهر، لكنهم في الوقت نفسه فعلوا عكس ذلك تمامًا فيما يتعلق بقضية الحريديم، عندما وعدوهم بقانون للتهرب من الخدمة. والنتيجة انخفاض معدلات امتثال الحريديم، ومعدل تجنيد ضئيل للغاية.
وبدلاً من استدعاء مكتب المدعي العام إلى جلسة الاستماع ليشرح سبب عدم تجنيد الدولة للحريديم، كان ينبغي لقضاة المحكمة العليا أن يستدعوا نتنياهو وكاتس لطلب توضيحات منهما حول كيفية تجرئهما على ترتيب إعفاء الفتيان الحريديم من التجنيد في حين يجندون جنود الاحتياط في الثلاثينيات والأربعينيات من العمر والذين لديهم عائلات لمئات الأيام من الخدمة الاحتياطية. إن إهمال الدولة في تجنيد الحريديم لا ينبع من أداء الجهاز القضائي أو الجيش أو الشرطة، بل من حقيقة أن الشخصين المسؤولين عن أمن إسرائيل لا يقومان بما هو مطلوب منهما ويتعايشان بسلام مع انتهاك الحريديم الجماعي للقانون.
لقد أعرب قضاة المحكمة العليا الخمسة: نائب الرئيس نوعام سولبرغ، والقضاة دافنا باراك-إيريز، وديفيد مينتز، وعوفر غروسكوف، ويعيل فيلنر، عن استيائهم من سلوك الدولة في الجلسة، لكنهم سيُسهّلون على أنفسهم المهمة إذا اكتفوا بانتقاد أجهزة إنفاذ القانون. عليهم أن يأخذوا الثور من قرنيه ويوجهوا رئيس الوزراء ووزير الدفاع بتزويد الجيش والجهاز القضائي بكل الأدوات والدعم اللازمين لتجنيد الحريديم، بدلاً من تزويد الحريديم بالتمويل والدعم اللازمين للتهرب.
——————————————
هآرتس 31/10/2025
قرار منع الصليب الأحمر من زيارة الأسرى الفلسطينيين.. مطلب أمني أم انتقام؟
بقلم: كارولينا ليندسمان
وقع وزير الدفاع يسرائيل كاتس، هذا الأسبوع، على أمر يمنع أعضاء الصليب الأحمر من زيارة السجناء الأمنيين. اتخذ القرار استناداً إلى رأي “الشاباك”، الذي يرى أن هذه الزيارات “تضر بشكل كبير بأمن الدولة”. دولة إسرائيل بصورة مصغرة: كاتس اتخذ القرار بروحية وعلى صورة بن غفير، الذي تم التوصل إليه بعد أن أقال رئيس الحكومة نتنياهو رئيس هيئة الأمن القومي، تساحي هنغبي، الذي أيد خطة تدعو إلى زيارات مراقبة.
لكن القصة تتجاوز الرباعي نتنياهو – كاتس – هنغبي- بن غفير. من لا يتذكر الحلقات المتغطرسة لبرنامج “بلاد رائعة” عن الصليب الأحمر، التي كانت بمثابة تعبير صادق عن شعور الضحية الجماعي وغضبنا الأخلاقي بأن هذه الجمعية لا تطلب من حماس السماح بزيارة المخطوفين الإسرائيليين ونقل الأدوية إليهم. التوقع طبيعي والإحباط مفهوم ضمناً، لكن لا تقف دولة معادية أمامنا، بل منظمة إرهابية جهادية، وفي المقابل يقف الصليب الأحمر.
كان في هذا قدر من الصبيانية في انتقادنا الصليب الأحمر. وفي المقابل، قدر من السذاجة تجاه حماس. لو نجح الصليب الأحمر بالفعل في الوصول إلى الرهائن، ألن تعرض زياراته حماس للخطر وتكشف موقعها؟ بالطبع كان سيحدث، خاصة أن الدولة نفسها أثبتت أنها لا تحترم ما هو مسموح وما هو ممنوع في الحرب، عندما تطلق النار على المستشفيات ولا توفر الصحافيين والطواقم الطبية.
أمر كاتس لا يبشر بأي تغيير في السياسة، حيث يضمر بأن إسرائيل لم تسمح للصليب الأحمر بزيارة السجناء الأمنيين. منذ 7 تشرين الأول 2023 منعت إسرائيل زيارات الصليب في السجون، ما يعتبر خرقاً فظاً للقانون الدولي الإنساني وميثاق جنيف، الذي -خلافاً لحماس- إسرائيل تلتزم به.
أنا لا أقارن بين دولة ومنظمة إرهابية. ولكن لا يمكن إنكار الحقيقة الخطيرة، وهي أن إسرائيل أعفت نفسها من واجبها تجاه قوانين الحرب في الوقت الذي تواصل فيه العزو لنفسها التفوق الأخلاقي. وليس فقط منع الزيارات – حسب تقارير “هآرتس” ومنظمات حقوق الإنسان، فمنذ 7 أكتوبر تحولت منشآت الاعتقال في إسرائيل إلى منشآت تعذيب. شهادات لمعتقلين وسجانين سابقين تتحدث عن تنكيل وتجويع وعدم تقديم العلاج.
بن غفير، وزير الأمن الوطني، الذي شدد ظروف اعتقال “السجناء الفلسطينيين والمخطوفين الإسرائيليين، كما شهدوا على ذلك، هو عار على الدولة وخطر على من يخدمون فيها، الذين تحولوا بسببه، بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى شركاء في جرائم الحرب”. ليس باستطاعة الدولة أن تسمح لنفسها بأن يحدد معاييرها إرهابيون، سواء بالنسبة للسجناء الأمنيين والصليب الأحمر والصحافيين والطواقم الطبية.
إسرائيل تتخلى عن المعايير التي حددت صورتها كدولة ديمقراطية. من أين يستقي الإسرائيليون الشعور بالتفوق الأخلاقي؟ إذا كان الفرق بيننا وبين حماس غير موجود إلا في تصورنا لا في أفعالنا، فإنه يكمن في عقولنا فقط. حقيقة أننا نرد على تشوش قيمي لدى العدو (مذبحة 7 أكتوبر)، لا تبرر ضعضعة قيمنا، وإلا فسننجرف إلى دوامة انتقام قاتلة يبرر فيها كل طرف جرائمه بأفعال الآخر، ومع الوقت تتلاشى الفروق بيننا.
يجب أن نحطم حاجز الإنكار الإسرائيلي للتشابه المتزايد بين سلوك الدولة وسلوك حماس. لا يمكننا تحطيم قيم ومعايير ما هو مسموح وما هو ممنوع في الحرب، والتذمر من أن حماس تفعل الشيء نفسه.
——————————————
هآرتس 31/10/2025
لنتنياهو أمام “درس رابين”: لست سوى “حمار المسيح”.. ومليشيا “تمرد” ستصلك يوماً ما
بقلم: زهافا غلئون
كان قتل إسحق رابين “جريمة قتل مثالية ومربحة”، كتب الصحافي والمحلل القانوني المتوفى موشيه نغبي. من منظور 30 سنة، كانت عملية القتل المثالية؛ فقد كان لها الكثير من الشركاء الذين منحوها الدعم القانوني، ولم يدفعوا أي ثمن مقابل ذلك. “بدون حكم شرعي أو قانون يعتبره شخصاً يجب ملاحقته، الأمر الذي انطبق على رابين وصدر من عدد من الحاخامات الذين أعرفهم، كنت سأجد صعوبة في قتله”، قال يغئال عمير في التحقيق معه. كان القتل مجدياً أيضاً، لأن عمير نجح في تشكيل الواقع السياسي الذي أراده. الحكومة الإسرائيلية الآن أقرب إلى رؤية عمير مما هي إلى رؤية رابين.
الحاخام دوف ليئور والحاخام ناحوم رابينوفيتش، اللذان قالا بأنه يسري على رابين حكم من يجب ملاحقته، لم يتم تقديمهما للمحاكمة يوماً ما. بعد سنوات من ذلك، أعطى الحاخام ليئور موافقته الخطية على كتاب “توراة الملك”، الذي تم التحقيق مع كاتبيه بتهمة التحريض. لقد رفض الامتثال للتحقيق. أصدقاء ليئور نظموا مسيرة دعم، ووقع 25 عضو كنيست على عريضة تدافع عنه، أيضاً كتاب الكتاب، بالمناسبة، لم يقدموا للمحاكمة أيضاً. وفضلت السلطات أن يعالج أحد آخر هذا الجرح، وهكذا إلى ان أصبح الجرح دملاً وبدأ يتلوث.
لذلك، لا أتفاجأ من أنه لا أحد يتجرأ على المس بالإرهابيين اليهود في المناطق، الذين ينفذون تطهيراً عرقياً ويطردون تجمعات الرعاة من أماكن سكنهم، أو المس بالكهانيين الموجودين في الحكومة أو الذين يعلقون لافتات مكتوباً عليها “اليساريون خونة” أمام منزل رئيس الحكومة. قتل رابين كان اختباراً وفشلنا فيه. فضلنا النظر جانباً وغض النظر، وأملنا بأن يعالج المشكلة أحد آخر.
سلطات الحكم وسلطات القضاء أقنعت نفسها بأنه إذا مكّنا المتطرفين من إدارة ممالكهم الصغيرة، في مدارس الاتفاق الدينية وفي البؤر الاستيطانية وفي المستوطنات، حينئذ نستطيع إدارة مجتمع “هايتيك” متطور. هذه السلطات لم تدرك أن طموحات المتطرفين كانت دائماً الوصول إلى المملكة. قتل رابين ليس سوى محاولة السيطرة العلنية الأولى على السلطة. في 2013 بدأ يعمل تنظيم لنشطاء من اليمين لتنفيذ أعمال إرهابية ضد الفلسطينيين، الذي سمي “التمرد”، وأراد إسقاط السلطة وإقامة دولة شريعة. “الشاباك” نسب لمئير اتنغر، حفيد الحاخام كهانا، تورطه في هذا التنظيم. تحول اتنغر منذ ذلك الحين إلى باحث في “الصوت اليهودي”، الذي نشر وبتفاخر عن كل مذبحة ارتكبها ” يمينيون فرحون”، وكان عدد لا بأس به من “المراسلين” في اليمين مسرورين بمساعدته في تجنيد التبرعات.
أما الانقلاب النظامي فهو جزء من هذه العملية. نتنياهو، الذي وقف على الشرفة في مظاهرة بميدان صهيون قبل شهر من عملية القتل، وشارك في كل عملية تحريض ممكنة منذ ذلك الحين، وأصبح خبيراً في تأجيج العنف مع حرف الأنظار، يتظاهر اليوم بأنه لا يرى ولا يسمع. إذا كان نتنياهو يأمل في أن يصبح الملك، فإن المستوطنين ينظرون إليه بالأساس على أنه حمار المسيح. هل هناك من يشكك بأن عمير كان سيبصم بكلتا يديه على أقوال الحاخام اليعيزر كشتئيل، وهو صهر رئيس “الشاباك” الجديد دافيد زيني؟ “نعم، نحن عنصريون. بالتأكيد، توجد أعراق ونحن نؤمن بالعنصرية. ثمة أعراق في العالم وخصائص جينية للشعوب، وهذا يقتضي منا التفكير في كيفية مساعدتهم”، قال في أحد دروسه. “اعتباراتنا هي مملكة السماء. كيف يتضح ذلك؟ تدمير جميع العماليق؟ نعم جميعهم، رجل، امرأة، طفل، رضيع، ثور وخروف”. تحريض على العنصرية؟ لا شك في ذلك. أي واعظ مسلم يقول أشياء مشابهة كان سيسجن طوال حياته. ولكن الحاخام يمكنه قول ذلك ويربي عليها أجيال الطلاب. فقط الكاذبون والأغبياء هم الذين لا يعرفون الاتجاه.
منذ عملية القتل، عشق اليمين كلمة “تحريض”، لكنه أفرغها من كل معنى. المحامي نداف هعتسني، قال في حينه بأن قول “قتل رابين كان مثالياً ومجدياً” هو تحريض. ولكن الانتقاد مهما كان شديداً، لا يعتبر تحريضاً. في إسرائيل، يستخدم العنف السياسي مرة تلو الأخرى من قبل اليمين، ليس لأن اليمينيين أكثر عنفاً، بل لأن اليمين في إسرائيل يستخدم التحريض والعنف سلاحاً، خاصة في سنوات حكم نتنياهو. في 2020 تم تسجيل أحد المقربين من نتنياهو، نتال ايشل، وهو يقول الحقيقة: “هذا الجمهور – الذي أسميه حتى غير أشكنازي، نعم – ما الذي يثيره؟ هم يكرهون الجميع. هذه الكراهية هي التي توحد معسكرنا”.
هكذا عمل أعضاء هذا المعسكر، وهكذا يعملون، ضد اليساريين وعائلات المخطوفين وضباط الجيش الإسرائيلي، وضد وسائل الإعلام وكل من لا يتفق مع اليمين. كانت العنصرية (وما زالت) العامل الأول للتحريض. ادعى اليمين أن حكومة رابين، الذي وقع على اتفاق أوسلو وعمل على صنع السلام مع الفلسطينيين، تعتمد على أصوات العرب، وكأنهم ليسوا مواطنين إسرائيليين، وأن أصواتهم لا قيمة لها. نتنياهو يكرر هذه العملية مرة تلو الأخرى حتى الآن. لم يتعلم أي شيء جديد، ولكنه أيضاً لم يطلب منه ذلك. فلماذا يغير صيغة ناجحة؟
لقد مرت 30 سنة على قتل رابين. ويا ليتنا نكف عن الخوف في هذه السنة. ويا ليتنا نفهم أن الديمقراطية لا يتم اختبارها فقط بدرجة الموافقة، بل بالقدرة على استيعاب مواجهة فكرية، والتوقف عن طمس الخلافات وتغطية أنفسنا بالوحدة التي تسبب العمى. الديمقراطية لا تحتاج إلى الوحدة، بل تحتاج إلى الموافقة على قواعد اللعب، التي تمكننا من تسوية الخلافات فيما بيننا بشكل غير عنيف. بدلاً من ذلك، حاول سياسيون إسرائيليون إخفاء مواقفهم. فقد قالوا إن بن غفير شخص متطرف، ولكنهم يجدون صعوبة في شرح لماذا هم لا يتفقون. لقد وصفوا أنفسهم كمعتدلين، وبعد ذلك صوتوا مع “ضم المناطق”.
من ناحية نتنياهو، هذا أمر عمل بشكل ممتاز حتى الآن. من فضلكم، لا تستمروا في ذلك.
—————–انتهت النشرة—————–

