المسار : ألقى رمزي رباح عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحريرفلسطين وعضو اللجنة التنفيذية للمنظمة كلمة في تشييع الرفيقة هنية حنون (أم عماد ) ظهر اليوم في المزرعة الغربية جاء فيها:
إخوتي ورفاقي، عائلة الشهيدة، رفيقتنا الكبيرة الراحلة العظيمة أم عماد حنون:
نودع اليوم امرأة من فلسطين، شهيدة فلسطين، شهيدة العزّ والكرامة—الأم، والجدة، والإنسانة، والأسيرة السابقة، والجريحة السابقة. أمّ عماد حنون ربت ثلاثة أجيال على المقاومة ومواجهة الاحتلال. إنها التي استُشهدت وهي تواجه جيش دولة الإبادة الجماعية، الذي هاجم المنزل بكل ما فيه؛ اعتدى على الصغير قبل الكبير، ولم يرحم أحدًا.
وقال رمزي : وقفت أم عماد بصلابةٍ، تصدت لهم، ومنعتهم من اعتقال ولدها محمد، حاولت أن تفرّ جناحيها لتحمي أكبادها وأبنائها وأحفادها الذين ربتهم وحمتهم، محافظةً عليهم. تصدّت بيدها العارية لتقول لهم «توقفوا!»، لكنهم، كالوحوش، ازدادوا وحشيةً في قمعهم وضربهم وتكسيرهم للممتلكات والبيت وأثاثه. هذا السلوك ليس غريبًا على الاحتلال الفاشي، لكنه شراسة غير مسبوقة وربما كانت هذه الوحشية من الاحتلال انتقامًا لما تمثّله المزرعة من صمودٍ وفخرٍ لشعبنا، مما دفعه لأن يستهدف سيدةً وأمًّا وجدةً في مثل هذا العمر، بجسد مريض وإنسانيةٍ عالية.
وحين سقطت أم عماد مغشيةً عليها، رفضوا معالجتها، تركوها تختنق، ومنعوا عن ابنائها وجيرانها إسعافها. هذا القتل ودماءها في رقبتهم، وستظل كذلك. ومع ذلك، سُجل لفقيدتنا أنها سقطت شهيدةً حاملةً الكرامة الوطنية وشرف المنزل والعائلة، مدافعةً بما استطاعت، رغم مرضها وكبر سنها. سجلت وقفة شرفٍ وعزٍّ يفتخر بها شعبنا، كما يفتخر بها أهالينا في قطاع غزة.
وإن هذا الجيش الفاشي الذي حصد آلاف أرواح النساء والشيوخ في غزة، والذي يعتدي يوميًا في الضفة الغربية على أبناء شعبنا في المخيمات والمدن والقرى، سيُحاسب على جرائمه، وستندم قيادته. أما عائلة أم عماد—عماد، أياد، زياد، حسين، عباس، نصر—هؤلاء الرفاق الشباب الذين قضوا حياتهم بين ميادين النضال، والسجون، والمستشفيات بعد جراحهم في المواجهات، فقدّموا مثالاً يُحتذى به في التضحية والصمود.
وأضاف رمزي رباح: هذه العائلة نموذج لعائلات فلسطين: كيف تحمي الأوطان وتدافع عن الكرامة الوطنية، وكيف تصون الروح المعنوية والصمود الذي جسّدته أم عماد. إن استشهادها يؤكد نموذج المرأة الفلسطينية التي، رغم التقدم في السن والمرض، لم تتوانَ عن أداء واجبها وقت العزّ والشرف—دافعةً عن الأسرة، الأبناء، والأحفاد. نُقبّل رأسها إجلالًا لها، ونقرّ لها بالتحية والعهد: سنبقى متماسكين متمسكين بأرضنا، لن نرحل، رغم كل ضغوط الاحتلال، لأن الاحتلال زائل والظلم لن يدوم.
إسرائيل دولة فاشلة ومعزولة، مكروهةٌ في العالم، وتُدان بسبب جرائمها من إبادة وتطهير عرقي وسياسات فصل عنصري. كما انكسرت في غزة بصمود أبنائها وتضحياتهم الهائلة، ستنكسر أيضًا أمام عزيمة شعبنا ووحدته. هذا الجيش الاحتلالي سيهزم، كما هُزم في معاركنا الوطنية، بروح الشهيدة البطلة التي ربت ثلاثة أجيال في المقاومة والنضال.
لها منا الانحناء تكريمًا، ولها منا التحية والعهد بالوفاء لكرامتها وتضحياتها. ستبقى أم عماد خالدةً في الأجيال الثلاثة التي ربتها وفي مسيرة النضال. فصبرا أبناء الشهيدة، وصبرا أحفاد الشهيدة—فالمسيرة مستمرة رغم كل الآلام والمعاناة، وستنتصر بإذن الله.
ما ينقصنا هو قيادة فلسطينية موحّدة تنهي الانقسام، قيادة تُعِدّ صفًّا موحدًا لِحَشد القوة وكسر دائرة المعاناة التي يتكبدها شعبنا. بوحدتنا نرسم النصر، وبدماء هؤلاء الأبطال وتضحياتهم العظيمة تُخطّ أسماءهم في أعناقنا.
وختم رمزي رباح كلمته: باسم الجبهة الديمقراطية واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ننهي شهيدة الوطن، الشهيدة البطلة أم عماد حنون، ننعيها إلى كل أحرار العالم. وعلى دربها ستسير الأجيال حتى يُرفع اسمها منقوشًا على صرحٍ في القدس المحرّرة، محفورًا بأحرف من نور.
الرحمة لشهيدتنا، والعظيم الأجر لكم جميعًا—أبناء المزرعة البطلة الصامدة، بلدة الشهداء والأسرى والجرحى.
الرحمة للشهيدة، والسلام عليكم.

