المسار : نقلت وسائل إعلام إيرانية عن الرئيس مسعود بزشكيان تأكيده، اليوم الجمعة، أن طهران لن تتخلى عن برنامجها النووي أو “برنامجها الصاروخي الدفاعي”. وقال بزشكيان إن طهران تسعى للسلام، لكنها لن ترضخ للضغوط.
وشدد بزشكيان على أن بلاده لا تريد الحرب مع الولايات المتحدة، “لكنهم لا يريدون لنا أن نقف على أقدامنا”، وبحسب وكالة “دانشجو” المحافظة، أكد بزشكيان خلال لقائه مع نشطاء في قطاع الاقتصاد الرقمي، أن الولايات المتحدة ترغب في مناقشة البرنامج الصاروخي الإيراني، إلا أنه رفض ذلك بشدة، وأعلن معارضته للتخلي عن البرنامج النووي، وأضاف: “يقولون تعالوا نناقش الصواريخ؛ حسناً، (…) لكنهم يسلحون إسرائيل ثم يقولون لنا لا تمتلكوا صواريخ ولا تدافعوا عن أنفسكم! وبعدها، كلما شاؤوا، يأتون ليقصفوننا!”.
وأشار إلى ما ارتُكب بحق سكان غزة، مضيفاً: “انظروا ماذا فعلوا بأهل غزة، ولا أحد في هذا العالم يتحدث عن حقوق الإنسان والإنسانية يرفع صوته! أتُرانا نقف مكتوفي الأيدي ليضربوننا؟”، وشدد الرئيس الإيراني على أن “هدفنا أن نعيش بسلام وأمن، لكننا لا نقبل أن نعيش بذل، ولا أن يُفرض علينا ما يشاؤون”.
وفي الوقت نفسه، أعلن بزشكيان استعداد بلاده للحوار والتفاوض، لكنه أوضح: “نحن مستعدون للحوار، لكن ليس على قاعدة أن يقولوا لك أنت لا تملك حق الدفاع عن نفسك، وإذا تحدثت كثيراً سأقصفك!”، وسأل: “هل أقول لهم نعم فقط لأبقى حياً؟ لا، أنا لا أريد حياة كهذه أبداً، لكن هذا ما يريدونه منا”. وأضاف أن “إيران ملك للجميع، وليست حكراً على جماعة أو فئة أو طائفة واحدة، ويجب ألا نسمح لأحد بتخريبها، ولذلك نتحمل هذه الصعوبات”.
ويأتي هذا بعدما كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الخميس، أنّ إيران طلبت رفع العقوبات الأميركية المفروضة عليها، معرباً عن انفتاحه على مناقشة الأمر. وقال ترامب خلال حفل عشاء مع قادة دول من آسيا الوسطى: “بصراحة، إيران كانت تسأل عن إمكانية رفع العقوبات عنها. هناك عقوبات أميركية شديدة مفروضة على إيران، وهذا ما يُصعّب الأمر عليها”، مضيفاً: “أنا منفتح على سماع ذلك، وسنرى ما الذي سيحدث… سأكون منفتحاً على الأمر”.
وترزح طهران، المتهمة من واشنطن والغرب بالسعي لصنع أسلحة نووية، تحت وطأة عقوبات دولية منذ سنوات، خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة عام 2018 من الاتفاق النووي. وفي منتصف يونيو/ حزيران، شنّت إسرائيل حملة قصف غير مسبوقة على إيران، إذ انضمت إليها الولايات المتحدة لفترة وجيزة لضرب المواقع النووية الإيرانية، ودفعت الحرب مع إسرائيل التي استمرت 12 يوماً بإيران إلى الردّ بضربات صاروخية وطائرات مسيّرة، ما أدى إلى تعطيل المحادثات النووية بين طهران وواشنطن التي كانت قد بدأت في إبريل/ نيسان.
وصرّح ترامب بأن إيران كانت في السابق “بلطجي الشرق الأوسط”، لكنّها لم تعد تملك “إمكانية امتلاك أسلحة نووية”، وأكد أن الضربات قضت على البرنامج النووي الإيراني، لكن الحجم الكامل للأضرار لا يزال مجهولاً. وفي سبتمبر/ أيلول، أعادت الأمم المتحدة فرض العقوبات على طهران بموجب آلية الزناد بعد تفعيلها من بريطانيا وفرنسا وألمانيا. وتحظر هذه الإجراءات التعاملات المرتبطة بأنشطة إيران النووية والصاروخية البالستية. ودعت عُمان، التي استضافت جولات عدة من المحادثات النووية الأميركية الإيرانية، كلا الجانبين إلى العودة لطاولة المفاوضات. وكانت المحادثات تهدف إلى التوصل لاتفاق جديد من شأنه الحد من الأنشطة النووية الإيرانية مقابل تخفيف العقوبات عنها.
وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الأربعاء، أنّ طهران لن تتفاوض مطلقاً بشأن القضايا الصاروخية، مشيراً إلى أن “الملف الصاروخي والملف الإقليمي كانا دائماً مطروحَين، وموقفنا منهما واضح منذ البداية”، وأضاف: “في حال ستُجرى المفاوضات في المستقبل، فستكون حصراً حول الشأن النووي”.
غروسي: إيران تمتلك قدرات لصناعة سلاح نووي
من جهة أخرى، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، اليوم الجمعة، إن الوكالة تعمل على تهيئة الظروف اللازمة لإعادة بناء التعاون الفني والرقابي مع إيران، مؤكداً أنه “لا توجد حلول فورية أو سحرية، فالأمر يتطلب عملية تدريجية ودبلوماسية”. وفي حديثه إلى بودكاست تابع لقسم الإعلام في الأمم المتحدة، أوضح غروسي أن اتفاق عام 2015 النووي كان يمثل “إطاراً للتعاون” لم يعد قائماً كآلية فعالة، مشيراً إلى أن التعاون بين إيران والوكالة قد انخفض على نحو ملحوظ بعد التوترات الأخيرة.
وقال إن “عودة المفتشين إلى المنشآت النووية الإيرانية ليست أمراً تلقائياً، بل تحتاج إلى تفاوض واتفاق سياسي”، وأضاف: “الحل المستدام والمستقر لقضية إيران النووية يمرّ فقط عبر الدبلوماسية، وليس عبر استخدام القوة، ولا بديل عن هذا المسار”، وأكد غروسي أن الوكالة تملك معاهدات واتفاقيات ضمانات، “لكن الواقع السياسي يلعب دوراً حاسماً أيضاً. فالحكومة الإيرانية تقول إنها لا تزال ملتزمة بنظام عدم الانتشار، ومع ذلك، فإن استئناف عمليات التفتيش يواجه صعوبات جدية، وهو التحدي الرئيسي أمام الوكالة في الوقت الراهن”.
وفي مقابلة أخرى مع قناة “فرانس 24″، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية إنه على الرغم من الهجمات التي وقعت في يونيو/ حزيران على المنشآت النووية الرئيسية في نطنز وأصفهان وفردو، لا تزال إيران تمتلك اليورانيوم عالي التخصيب والمعرفة التقنية اللازمة لإنتاج عدة أسلحة نووية في المستقبل القريب. وأكد غروسي أن الهجمات التي شنتها الولايات المتحدة وإسرائيل خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً ضد إيران “أضعفت بشدة القاعدة الصناعية والتكنولوجية لبرنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني، لكن مخزون المواد النووية الذي بقي في تلك المواقع المستهدفة يكفي لإنتاج عدة أسلحة نووية”.

