هآرتس : حلم الترانسفير رمي في سلة القمامة، اليمين في ضائقة، بقي فقط إحراق النادي

بقلم: اوري مسغاف

المسار: المصور عوديد يدعيا، مؤسس ومدير مدرسة “منشار”، والضابط في دورية هيئة الأركان العامة والعضو في طاقم بنيامين نتنياهو، والذي كاد يقتل على يد مستوطن ملثم رشق حجر على رأسه اثناء موسم قطف الزيتون الذي كان يقوم بتغطيته، تم استدعاءه لاجراء مقابلة في برنامج “اخبار 12”. المذيعة ادفه دانون خاطبته وقالت: “انا اعتقد انك لم تصل الى هناك بسذاجة للمساعدة في قطف الزيتون، لانك بنفسك قلت انك ذهبت الى هناك مع معدات التصوير. هل ربما قمت بتدبير ذلك بشكل ما؟”. يدعيا شرح لها ان الطريقة الوحيدة لحماية الفلسطينيين من شغب المستوطنين هي من خلال ما يسمى “التواجد الوقائي”، الذي يشمل الكاميرات. وقد ختمت المذيعة دانون حديثها قائلة: “انت تركت الكثير من علامات الاستفهام”. وفي القناة المجاورة سئل ببساطة ناشط آخر أصيب بحجر في رأسه، وهو أيضا ضابط احتياط بالمناسبة، عما يفعله هناك في موسم قطف الزيتون لدى الفلسطينيين.

أحيانا انا أتساءل كيف كانت تبدو الشؤون اليومية  في المانيا في ثلاثينيات القرن الماضي. لو ان البث التلفزيوني كان موجود في حينه فهل كانت ستسود الشاشات النرجسية والمركزية والتماثل المزيف وقصر النظر والميل الى الاثارة والغباء. وعندما بدأ النازيون في تصفية خصومهم السياسيين هل كانوا سيسالون الضحايا عن صلتهم بالشيوعية والاشتراكية؟ هل كانوا سيتساءلون بعد ليلة البلور اذا كان اليهود لا ذنب لهم في الاستفزازات؟ هل كانوا سيعقدون لجان قانونية لمناقشة قوانين نيرنبرغ؟ وبعد احراق الكتب في ساحات المدينة هل كانت الاستوديوهات ستجري اختبارات لمقاومة الحريق على مجلدات فرويد وستيفان زفايغ – على غرار اختبارات مقاومة الماء للهواتف هذا الأسبوع؟.

هذا غير مضحك، هذا مخيف. اليمين يتطاول ويتفشى. في الشوارع، المحاكم والجامعات. وبالطبع في الضفة الغربية. لم يعد هناك فرق بين البيبيين والكهانيين، بين الليكوديين والسموتريتشيين، الصهر تم، وهذه ربما الجريمة الأكبر لنتنياهو. أيضا لا يوجد فرق بين منتخبي الجمهور ورعاع “اذا شئتم” ومردخاي دافيد. الموغ كوهين، تالي غوتلب، تسفي سوكوت وامثالهم، هم زعران، ببساطة يحظون بالحصانة البرلمانية. اصدقاءهم الذين يفعلون ذلك بالبدلة وربطة العنق، على شاكلة ياريف لفين وسمحا روتمان، هم اكثر خطرا. لا يوجد أمر مقدس في نظر هؤلاء الأشخاص. لا يوجد رمز من رموز الحكومة والدولة لن يتم تحطيمه. وفوق كل ذلك تسود روح القائد الأعلى، بالضبط كما حدث في المانيا، وفي إسرائيل ايضا قبل قتل رابين.

لا تخطئوا، مصدر الهياج هو ضائقة كبيرة. هذا ليس فقط الاستطلاعات البائسة للمقاعد في الكنيست رغم شحوب المعارضة، وليس أيضا محاكمة نتنياهو، التي أصبحت مسرحية هزلية بفضل القضاة الخائفين، لكن الجهود لالغائها لم تنجح. هناك أيضا انهيار أيديولوجي هنا: لقد دفعت حكومة نتنياهو – بن غفير اليمين الإسرائيلي الى التحطم على جدار الواقع. لقد تم وقف الحرب في غزة بدون تحقيق أي هدف باستثناء إعادة الرهائن – وهي الحملة الرائدة للمعسكر الآخر. الأوهام حول الريفييرا والتهجير والاستيطان المتجدد في غزة، تم وضعها على الرف. لقد احسن ترامب ونائبه صنعا عندما اوضحا بان ضم الضفة الغربية لن يحدث أيضا.

لقد فكروا بشخص مثل عميت سيغل. في ولاية ترامب الأولى غرد وقال “كنا كالحالمين”، في اعقاب اشاعات كاذبة حول فرض السيادة اليهودية على الأراضي الفلسطينية. وفي ولاية ترامب الثانية غرد وقال “نحن كنا كالحالمين” مرة أخرى – هذه المرة عندما تم اشعال فكرة التهجير من غزة لفترة قصيرة. تخيلوا ازمة الايمان التي يعيشها امثاله الآن، في ظل إدارة أمريكية وصفت بانها متعصبة جدا لليهودية والاستيطان، ورئيس يعتبره الجمهور في إسرائيل المسيح.

كل ما بقي لهم هو احراق النادي والتنفيس عن غضبهم، وصب جام غضبهم واحباطهم على المدعية العسكرية، المستشارة القانونية للحكومة، أعضاء الكنيست العرب، اليساريين، المتظاهرين، المحاضرين والمراسلين – وفوق كل ذلك على الفلسطينيين. لقد حان الوقت لوسائل الاعلام الرئيسية ان تتوقف عن التطبيع والتعاون. استيقظوا، عودوا الى رشدكم وحددوا مساركم. ليس من اجل ذلك قمتم باختيار هذه المهنة.

Share This Article