المسار : دعا نائب المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، راميز الأكبروف، اليوم الاثنين، إلى “تركيز الجهود على أفق سياسي واضح لحل الصراع، وإنهاء الاحتلال غير القانوني، وتحقيق حل الدولتين”، وإلى “اغتنام الفرصة المتاحة لرسم مستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين والمنطقة ككل وذلك وعلى الرغم من أن التقدم على الأرض، بعد وقف إطلاق النار، لا يزال هشاً”، وذلك خلال اجتماع دوري لمجلس الأمن حول الوضع في فلسطين.
وأشار الأكبروف إلى أنه “ومنذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ الشهر الماضي، صمد وقف إطلاق النار إلى حد كبير في غزة. إلا أن الغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على المناطق المأهولة بالسكان تسببت في سقوط العديد من الضحايا ودمار كبير. كما واصل المسلحون الفلسطينيون في غزة هجماتهم المتقطعة على الجنود الإسرائيليين، مما أسفر عن سقوط قتلى”، وفق تعبيره. وشدد على أن العنف “يُعرّض وقف إطلاق النار الهش للخطر”، داعياً “جميع الأطراف إلى ضبط النفس والوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق.”
وأشار الأكبروف إلى تبني مجلس الأمن القرار رقم 2803 (2025) الذي يدعم اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي جرى التوصل إليه وفق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنقاطها العشرين. ووصف القرار، الذي تبناه مجلس الأمن الاثنين الماضي، بـ”الخطوة المهمة في ترسيخ وقف إطلاق النار والتي أوقفت القصف المتواصل الذي استمر لعامين على غزة وإن كان ليس بشكل كامل”. وشدد في الوقت ذاته على استمرار الظروف المعيشية والدمار التي لا تطاق.
وتطرق نائب المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط إلى مضاعفة الأمم المتحدة جهودها لحشد المساعدات الإنسانية وتوسيع نطاقها، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة زيادتها. ولفت إلى أن “عامين من القتال أديا إلى تدمير 80% من مباني غزة البالغ عددها 250 ألف مبنى. ولا يزال أكثر من 1.7 مليون شخص نازحين، يعيش كثير منهم في ملاجئ مكتظة دون الحصول على ما يكفي من الماء أو الغذاء أو الرعاية الطبية”.
ووصف الوضع الحالي في غزة بالقاتم على الرغم من “تحسن توافر السلع الغذائية الأساسية وأسعارها، لا تزال مصادر البروتين الرئيسية، كالدجاج واللحوم والبيض، بعيدة المنال بالنسبة للعديد من العائلات. ولا تزال الأمم المتحدة وشركاؤها يواجهون تحديات كبيرة في توفير مواد الإيواء كالخيام والبطانيات”. وأكد الأكبروف ضرورة إيجاد حل عاجل لهذه التأخيرات وخاصة مع دخول فصل الشتاء. كما شدد على الحاجة الماسة للانتقال “من المساعدات الإنسانية الطارئة إلى تمكين المجتمعات من إعادة بناء حياتها واستعادة الخدمات الأساسية”.
وأشار إلى استمرار انقطاع الكهرباء والمياه في المستشفيات، مم يحد قدرتها على تقديم خدماتها الأساسية لرعاية المرضى. كما حذر من وضع المياه والصرف الصحي، مشدداً على ضرورة التدخل الفوري، حيث “تحولت بركة الشيخ رضوان (غرب مدينة غزة) فعلياً إلى خزان صرف صحي مفتوح، مما يتطلب تدخلاً فورياً لمنع كارثة صحية عامة”. كما دعا إلى “السماح بدخول المواد الأساسية فوراً لإصلاح مرافق المياه والصرف الصحي الحيوية. وقد أدى تحويل مسار الحركة الإنسانية والتجارية عبر ممر فيلادلفي وطريق الرشيد الساحلي إلى تعقيد الأمور اللوجستية، مما زاد من تأخير توزيع المساعدات الضرورية”.
ودعا إسرائيل “إلى توسيع سعة المعابر وتسريع دخول الإمدادات، بما في ذلك إمدادات الأمم المتحدة. كما يُعد تجديد تسجيل المنظمات غير الحكومية أمرًا ضرورياً”، مضيفاً: “لا تزال الأمم المتحدة متعاونة مع مركز التنسيق المدني العسكري، بما في ذلك شركاؤها من الدول الأعضاء البالغ عددها 22 دولة، لتنسيق إيصال المساعدات والحفاظ على المبادئ الإنسانية”. ووصف الضرر الذي لحق بغزة، مادياً واقتصادياً واجتماعياً، بالكارثي. ولفت إلى أنه لا يمكن “الاكتفاء بمعالجة الاحتياجات المادية العاجلة، بل تجب معالجة الاحتياجات النفسية والاجتماعية، والتماسك الاجتماعي، وقضايا العدالة”.
وشدد الأكبروف على أن “المهمة التي تنتظرنا جسيمة، وستتطلب جهداً دولياً منظماً ومتدرجاً. يجب أن نساعد في تهيئة الظروف التي تُمكّن الناس من إعادة بناء حياتهم بكرامة. لا وقت للتضييع”. وقال إن “الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والبنك الدولي تعمل على تحديث التقييم السريع للأضرار والاحتياجات، والذي قدّر في مارس/آذار تكاليف إعادة الإعمار بنحو 53 مليار دولار أميركي. وقد تماشى نهج الأمم المتحدة للإنعاش المبكر الفوري في غزة مع خطط السلطة الفلسطينية للإنعاش وإعادة الإعمار، ويمكن أن يُسهم في تحقيق الأهداف المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن 2803”.

