
الأحد 23/7/2023:
لم يرتكب الوزير في وزارة “الجيش” “بتسلئيل سموتريتش” خطأ “ياريف ليفين”، فهو رجل إستراتيجي سياسي محنك، ولم يعقد مؤتمرًا صحفيًا بشأن الثورة التي يقودها ولم يعلن بلهجة متشددة عن تحطيم “الديمقراطية الإسرائيلية”.
هذا ما كتبته المحامية “روني فلاي” في صحيفة يديعوت أحرونوت، وأضافت..
إنه يعلم أن العمل الفعال يتم بهدوء ومن خلف الكواليس، الأربعاء الماضي قُبيل خط النهاية الذي لا عودة منه نشر “سموتريتش” – في خطاب مبتسم وبنبرة مطمئنة في مناقشة لجنة الشؤون الخارجية والأمن الودية – عن الثورة بشأن ضم الضفة الغربية في ظل إجراء تضليل مثالي الذي قام به زميله في الحزب “سيمخا روتمان” والذي أجرى في الوقت نفسه مناقشة عاصفة أمام وسائل الإعلام في لجنة الدستور بالكنيست حول “سبب المعقولية”.
عقدت المناقشة في لجنة الشؤون الخارجية والأمن تحت عنوان “سيطرة السلطة على الأراضي في المناطق المفتوحة”، في البداية قدم ممثل “الإدارة المدنية” معطيات تفيد بأنه ليس للفلسطينيين أي سبيل قانوني للبناء في مناطق (ج). حوالي 98% من طلبات الحصول على تصاريح البناء يتم رفضها دون الحديث عن التخطيط.
حتى الآن لم يكن هناك شيء جديد، تُجرى مناقشات تحت عناوين مماثلة في الكنيست منذ خمس سنوات، متشابهة – لكنها ليست متطابقًة، معظم المناقشات حصلت على عناوين مثل “المعركة / السيطرة على المناطق (ج).
تعود حقوق النشر الخاصة بمصطلحات الحرب، إلى منظمات المستوطنين واليمين المتطرف الذين يعملون بلا كلل لجعل صناع القرار والمسؤولين المنتخبين يتبنون الأيديولوجية والسياسات التي تقف خلفها.
الآن جاء ممثلو هذه المنظمات بما في ذلك “سموتريتش” إلى الحكومة وأصبحت هذه الأيديولوجية سياسة رسمية.
كانت أولى البشائر للتغيير المزمع هو تقديم مسرحية المبادر للنقاش عضو الكنيست “أفيخاي بوفارون” ممثل الاستيطان في حزب الليكود والتي تعاملت مع البناء الفلسطيني على الأراضي المفتوحة القليلة في المنطقتين (أ و ب) والتي حسب رأيه تضر بالمشروع الاستيطاني من خلال قطع التسلسل الاستيطاني ومنع توسعه، وبعد هذه الكلمات أصبحت اللجنة منصة للوزير “سموتريتش” لتقديم الثورة أو الانقلاب.
أولاً أوضح النية من وراء إنشاء وزارة الاستيطان أو باسمها الرسمي “مديرية الاستيطان في وزارة الجيش”
حسب رأي “سموتريتش” كانت المشكلة حتى الآن هي أسلوب الإدارة، تمتنع “إسرائيل” عن الإعلان عن ضم الأراضي الفلسطينية ولذلك يدير “الجيش” المنطقة وفقًا للقانون الدولي، و”الجيش” بطبيعته حسب “الوزير” مُنشغل جدًا بالأمور الأمنية ويعتبر هذه الأمور هي الاعتبار الأول لديه.
وأوضح أن هذا الأمن مهم ولكن “نصف مليون إسرائيلي” من ذوي الاحتياجات المدنية يعيشون في المنطقة ويحق لهم ليس فقط أن تدير “الحكومة” حياتهم، ولكن أيضًا لا تُدفع اعتباراتهم المدنية جانباً أمام الاعتبارات الأمنية.
البيروقراطية العسكرية معقدة وخدمة “المواطن” مرهقة وبطيئة، وهذا يعني مجازيًا أن “سموتريتش” أعلن عملياً عن ضم، أما بالنسبة للملايين من سكان المنطقة الآخرين أولئك الذين لا يستطيعون أن ينتخبوا أو أن يُنتخبوا قال “سموتريتش” إنه لا يوجد ما يدعو للقلق، وكما في مقطع الفيديو الشائع عندما سُئل من سيحمي حقوق الإنسان، فأجاب: “أنا”.
من أجل طمأنة القلقين من بين جمهور المتعاطفين مع اللجنة أوضح “الوزير” أن الضم لن ينطبق فقط على المناطق (ج) وأن “إنفاذ القانون على البناء” سيحدث أيضًا في المناطق (أ وب) بالرغم من أن البناء الفلسطيني هناك قانوني تمامًا وفقًا لاتفاقيات أوسلو ولا تملك الإدارة المدنية صلاحيات تخطيطية إلا أنه سيكون من الممكن تبرير “إنفاد القانون الإسرائيلي” بطرق أخرى.
حتى اليوم تهدم “إسرائيل” منازل في منطقتي (أ و ب) لأسباب أمنية، في العقد الماضي أصدر قائد المنطقة الوسطى أوامر بمنع البناء بالقرب من الطرق التي يستخدمها المستوطنون أو في مناطق أخرى يمكن أن تعرضهم للخطر إذا كان الأمر كذلك، فإن مفتاح التعامل مع “استيلاء” السلطة الفلسطينية على أراضيها يكمن في الطريقة التي يتم بها تحديد الاعتبارات الأمنية..
الأمن وفقًا لـ “سموتريتش” هو أيضًا أمن قومي ولذك يمكنه أن يشمل اعتبارات مستقبلية مثل الحفاظ على احتياطي الأراضي (وهي مورد محدود) والاستمرارية الإقليمية للاستيطان، وبحسب الخطة سيتم تعريف أنشطة السلطة بأنها “معادية” مما سيسمح بمصادرة أموالها وفرض عقوبات إضافية عليها.
وهكذا عندما أُعطي كل الاهتمام العام للمناقشة التي دارت على مسافة غرفتين من هناك، أعلن “سموتريتش” عن ضم الضفة الغربية بأكملها دون منح مكانة أو صفة للسكان الفلسطينيين في المنطقة وإلغاء أجزاء رئيسية من اتفاقيات أوسلو.
هذه الثورة لن يتم ترسيخها ضمن قانون، سيتم تقديمها إلى “مجلس الوزراء” في غضون شهر تقريبًا وبعد ذلك سيتم الموافقة عليها من قبل “وزير الجيش” و”رئيس الوزراء” والذي وفقًا لـ “سموتريتش” منخرط للغاية في العملية وملتزم بها.
كما في الانقلاب القانوني هنا أيضًا يتم إفراغ مفاهيم الحكومة من مضمونها ومعناها وتصب فيها محتويات تخدم احتياجاتها.
في المناقشة حرص “سموتريش” على قول جملتين خاليتين من السياق:
- الأولي: “لا تغيير في الوضع القانوني للمنطقة”.
- والثانية: “نحن ملتزمون باتفاقيات أوسلو”.
هذا ضريبة كلامية موجه إلى المجتمع الدولي لإرضائه وشراء غض الطرف من قبله وتجنب دفع الثمن الدبلوماسي الذي ينطوي على عملية الضم.
يعرف العالم أن الاحتلال، كل احتلال هو وضع سيئ، حكم عسكري أجنبي من قبل دولة معادية غير مرغوب فيه، وبالتالي فإن الاحتلال هو حالة مؤقتة بحكم التعريف.
الضم غير قانوني وبالتالي فإن الاحتلال لا يشتري لنفسه السيادة على الأرض، ولكنه يحتفظ بها كأمانة.
سنوات من الحروب الدموية وترحيل الشعوب من قبل جيوش الاحتلال من الدول التي تطمع في المزيد من الأراضي لنفسها دفعت دول العالم إلى الاتفاق على أنه لا يجوز للمحتل استخدام موارد الأراضي المحتلة لاحتياجاته أو نقل سكانه إليها، حتى لا تكون هناك حوافز عقارية للحروب، فإن الاعتبارات التي يجوز فيها استبدال السيادة وتم أخذها في الاعتبار هي مصالح السكان المحتلين، التي يحميها القانون وتقف أمامها الاعتبارات الأمنية المباشرة لـ “الجيش” في كل ما يتعلق بالأراضي المحتلة.
لكن في “الحكومة” الحالية تصبح الاعتبارات الأمنية الضيقة اعتبارات وطنية ويتم التعبير عنها في شكل خطط هيكلية ضخمة، تدار المنطقة بأكملها لصالح “مواطني دولة الاحتلال” فقط. للحفاظ على المظهر، وبما أنه لا يوجد أي تغييرات في الوضع القانوني للمنطقة فإن قائد المنطقة الوسطى هو الشخص الذي يوقع الأوامر لأن القانون الدولي يعتبره صاحب السيادة على المنطقة.
وهكذا فإن “الحكومة” التي تستخدم في سياق “الجدل الإسرائيلي الداخلي” خطاب “المواطنة المتساوية” و “الديمقراطية” تعمل على توسيع سيطرتها بقوة السلاح على ثلاثة ملايين شخص يفتقرون إلى حق التصويت وتنتهك بشكل صارخ القانون الدولي وتشطب اتفاقيات أوسلو.
منذ سنوات وضم الضفة الغربية يسير ببطء، بل أحيانا يكون سريعاً.
سياسات السيطرة على المناطق تقوم على التمييز والاستبعاد والنهب الممنهج وإخفاء مظهر من مظاهر الطبيعة المؤقتة للاحتلال، العالم بقيادة الولايات المتحدة، اكتفى حتى الآن بردود أفعال ضعيفة واستمر في ترديد جمل فارغة حول “حل الدولتين” والالتزام بالسلام.
“ثورة سموتريتش” تمزق قناع الشرعية وسيادة القانون الذي تتخفي خلفه “إسرائيل” وتتباهى به، يزعم المسؤولون المنتخبون لدينا أن هذا هو الوضع في الديمقراطية، يجب القبول بمن تم انتخابهم، في الواقع، سوف ندفع جميعًا ثمن النظام الجديد، وكالعادة سيكون الفلسطينيون هم الضحايا.