مقالات

شكرا جنوب افريقيا فقط فقد عرّيتِ قادة الدول العربية!

بعبارة «شكرا جنوب افريقيا» تكون هذه الدولة قد تربعت على قلوب الشعوب العربية كلها، لأنها البلد الوحيد، دونا عن دول العالم، وخاصة العربية والإسلامية، التي أخذت زمام المبادرة في محاكمة الدولة الصهيونية في محكمة العدل الدولية.

أصبح إعجاب الشعوب العربية لا نظير له بما قام به أحفاد مانديلا. ولأجل ذلك تدافعت المنشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالصور ومقاطع الفيديو تتتبع ما يصدر من هذه الدولة، التي أصبحت أكثر من شقيقة للشعوب، الرازحة تحت هيمنة الاحتلال.

فقد أزرت المقاومة المشروعة بكل ما تملك، فهل هناك أغلى من روح الأرواح في غزة. هكذا تصدرت جنوب افريقيا اهتمامات العرب، وانتشرت خطابات رئيسها الإنسانية والمحبة للسلم والعدل والحرية، وصور محاميها، وصورة محام يشد طفلا فلسطينيا من يده لإخراجه من جحيم جدار الفصل العنصري الصهيوني.

كما أن الأعناق كلها مشرئبة نحو مرافعة وفد جنوب افريقيا في المحكمة، هذه المحكمة، التي أخرجت أيقونات أدت مهمة الدفاع العادل بكل نعومة وشفافية وقوة، مثل المحامية ذات الأصول العربية عديلة هاشم أو كما يطلق عليها «حاسيم».

وتهتم منصات التواصل الاجتماعي بمعرفة من تكون هذه السيدة الجميلة الأنيقة المظهر والأسلوب. فقد كتب عنها «هادي سعدي» على صفحته الرسمية على فيسبوك: «الجميع يسأل من هي المحامية الرائعة التي قدمت مرافعة أنيقة وبأدلة دامغة في فريق جنوب افريقيا، هي المسلم الوحيد في الفريق، القانونية والحقوقية: عديلة هاشم من ديربان، جنوب افريقيا، وهي مشهورة، ومعروفة بمساهماتها الكبيرة في حقوق الدستور وإصلاحات العدالة الاجتماعية. شاركت في تأسيس مركز القانون غير الربحي «القسم 27» في عام 2010، حيث تركز على التقاضي في المصلحة العامة، خاصة في المجالات المتعلقة بالرعاية الصحية والتعليم للمجتمعات المهمشة.

وعن اهتمامها بالقضية الفلسطينية جاء في المنشور: «يرجع ارتباطها بالقضية منذ مجزرة الخليل في تسعينيات القرن الماضي. وتقول إن الفصل العنصري في فلسطين أبشع من «الأبارتيد» في جنوب افريقيا. وفي عام 2014 انضمت إلى وفد منظمة «افتحوا شارع الشهداء» من جنوب افريقيا، التي تعارض الاستيطان في رحلة إلى إسرائيل بهدف الوصول إلى مدينة الخليل. وكانت هذه الرحلة جزءا من المشاركة في الاحتجاج الدولي السنوي الخامس، تحت شعار « افتحوا شارع الشهداء» وهو الشارع الذي تقيد فيه سلطات الاحتلال الحركة ويقتصر السماح بالمرور فيه على المستوطنين الإسرائيليين في مستوطنتي «كريات أربع» و» أفراهام أفينو»!

لا يمكن نعت عديلة هاشم سوى أنها: «آية من آيات القانون، حقوقية وإنسانوية، ودماغ فذ، وهي مكسب كبير لفريق جنوب إفريقيا».

ونظرا للمتابعة المستمرة والمركزة على مجريات المحاكمة، كتب «مياد جمال»: «من أجمل ما قيل في مرافعة الفريق القانوني لدولة جنوب افريقيا في الدفاع عن غزة في محكمة لاهاي: نحن هنا اليوم لنترافع عن قضية إنسانية يظن البعض بالخطأ أنها بدأت قبل ثلاثة أشهر، ولكنها بدأت قبل 76 عاما من الاحتلال والقتل والتدمير والتهجير من إسرائيل ضد أهل غزة فلسطين. بينما نتحدث هنا الآن، يموت الناس في غزة، تموت النساء والأطفال». (جنوب افريقيا البطلة تنقذ فلسطين) عبارة كتبت بالبنط العريض أسفل منشور «مياد».

كما برز رئيس جنوب إفريقيا، كما يراد للرؤساء أن يكونوا، واثقا من نفسه، ومن عدالة القضية الفلسطينية متألما لما يحدث في غزة، الموقف الذي لم نجده ولم نعهده في كل رؤسائنا، كما كتبت «منيرة بوزيان» على صفحة «ملتقى الأخوة العربية، ميلاد جديد» قائلة: «رئيس جنوب افريقيا غير العربي وغير المسلم، هو في أقصى الجنوب وإسرائيل في أقصى الشمال، وفي قارة أخرى يفصل بينهم 10 آلاف كيلومتر، وضع كل رؤساء وزعماء وحكام العرب في مأزق كبير، ليحاسبهم التاريخ عليه. أثبت رئيس جنوب إفريقيا أنه (بشخصه) أرجل من جامعة الدول العربية بدولها وأشخاصها وأموالها وشعاراتها وكل شيء. رئيس جنوب افريقيا فعل ما لم يفعله أحد في العالم في مواجهة جرائم إسرائيل. شكرا السيد الرئيس: ماتاميلا سيريل رامافوزا».

يتساءل المواطن العربي البسيط في المشرق والمغرب، ما الذي جرى للحكام العرب، ومتى يستيقظون من سباتهم الثقيل، ومن عبارة «يا الله نفسي»، ومشوار الحياة المستمرة بكل أشكال «الهلس»؟!

مروحة السيدة الذهبية وحذاء صلاح الشيخي

يبدو أن زيارة لجين عمران الأخيرة الى ليبيا، وحفاوة الاستقبال التي تلقته من الشعب الليبي المضياف الكريم، أتعبت بشرتها، كما نشرت على صفحتها، وهي في مركز من مراكز التجميل وشد الجلد. أتعبتها بمقدار حب الناس وانتشار مقاطع فيديو لبكاء فتاة كانت تريد لقاءها ولم تفلح، ولسيدة ستسمي ابنتها باسمها، ولشيخ وجدته في الشارع رحب بها ترحيبا حارا وأراد أن يأخذها في فسحة للجبل الأخضر بمناظره الرائعة، تعبت من حمولات الهدايا المبالغ فيها، وكانت المروحة الذهبية، أكثر الهدايا التي أثارت موجة سخرية وانتقادات واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا. وانتشر تعليق على صفحات كثيرة، كتبه أحمد أحمد على صفحته على فيسبوك جاء فيه: «أهديت مروحة يد ذهبية والليبية وين توقف عليه محتاجة معونة، يقول، يفتح الله. كأني سامع الأقربين أولى بالمعروف، لكن الأقربين للقلب يمكن»!

كما اجتاحت هذه المواقع مقاطع فيديو لفنانين يقارنون بين حذاء الفنان صلاح الشيخي المهمش، والذي اضطر لتوسيع حذائه عند الاسكافي لحضور مهرجان المسرح الوطني والهدايا الثمينة للفنانين، وعن هذا كتب ماهر بن عيسى، معلقا على ما جاء في مقطع الفيديو: «في مقطع عفوي تهكمي ساخر من فكرة الإعلامي الليبي المتميز «عطية باني» بصحبة ثلة من الفنانين والمبدعين الليبيين يسخرون من دعوة شخصيات، خاصة النسوية لزيارة ليبيا وتحقيق مكاسب مادية، دون فائدة للوطن سوى إرضاء نزوات وأوهام من دعاهم.

وعلق قائلا «مفتاح ميلاد الهديف» عن أهمية الحذاء في الحياة السياسية والنضالية: «وتظل قيمة الحذاء غالية عند استخدامه في الدفاع عن قضايا الوطن، فقد استخدم في ضرب جورج بوش، رئيس أكبر دولة في العالم، وحذاء يحيى السنوار، الذي أسرته إسرائيل، فهذين الحذاءين أثمن من الذهب، في حين أن الذهب الذي جمعه الخليفة العباسي لم ينجيه من بطش المغول». المقارنة فعلا فجة، بين «صالون تجميل متحرك» يعتمد على الاستهلاك الفج ورسالة الفن الهادف للمجتمع، شتان بين الإثنين.

كاتبة من الجزائر

مريم بوزيد سبابو