الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 6/3/2024
“ماتت غزة.. ولم يمت التطبيع”: السعودية بين مقال الساعد وسؤال المبادرة العربية
بقلم: تسفي برئيل
“أخيراً ماتت غزة، ليحيا السنوار”، هذا عنوان مقال الباحث والصحافي السعودي محمد الساعد المسموم، الذي نشر أمس في صحيفة “عكاظ” السعودية. وجه سهامه لقيادة حماس (الداخل والخارج)، التي تنتظر اللحظة التي سيتم فيها التوقيع على “اتفاق فصل القوات بين إسرائيل وحماس”، هكذا يأمل نتيجة مفاوضات تجري، على الأقل نظرياً، بين دول الوساطة وإسرائيل وحماس.
حسب أقواله، عندما يتم التوقيع على الاتفاق، سيخرج اسماعيل هنية وخالد مشعل وموسى أبو مرزوق من الخنادق ويعلنون النصر الإلهي، وسيتنافسون مع السنوار خوفاً من أن يسرق اللحظة التاريخية منهم، وسيخرج السنوار من مخبئه محمولاً على أكتاف المقربين منه، الذين سيحمونه من غضب سكان غزة الذين فقدوا أعزاءهم وبيوتهم وحياتهم الآمنة بسبب نزوة 7 تشرين الأول”.
“مؤيدو السنوار سيحملونه على الأكتاف بعد أن حمل 30 ألف جثة على أكتاف البائسين في غزة، وسيكون انتصاراً موهوماً. ولكن يجب التصديق بأن الهزيمة تعد انتصاراً حسب قاموس الإخوان المسلمين ومحور المقاومة. الإحباط فرح، والجثث التي تملأ الشوارع في غزة جسر للمشكلة الفلسطينية، والمساعدات حق حصري للمقاتلين، والحياة لهم والموت للآخرين”.
ليست هذه المرة الأولى التي يندفع فيها الساعد إلى مركز الخطاب في السعودية، ومنه إلى فضاء الإعلام العربي، من خلال مقالات حادة لا تحسب للزعماء والدول العربية الأخرى أي حساب. قبل سنة تقريباً، نشر مقالاً آخر صاخباً بعنوان “لماذا يكرهوننا”، هاجم فيه الزعماء العرب بسبب انتقادهم للسعودية. “الكثير من شعوب الشرق الأوسط تعيش على الكراهية والحسد ونكران الجميل… دول عربية مثل العراق وسوريا واليمن ومصر، لم تنجح في خلق حتى دولة قومية واحدة يمكنها بناء نفسها”.
لكن بعد فترة قصيرة من ذلك، قرر محرر الصحيفة جميل الزيابي حذف المقال من موقع الصحيفة. وبخصوص المقال حول حماس، الذي يشمل أيضاً الاستهزاء بحسن نصر الله، ما زال مرفوعاً على الموقع. الصحيفة التي تأسست في 1960 مقربة من البلاط الملكي، والزيابي يشغل المنصب منذ بضع سنوات، ولو قدر بأن مقال الساعد لن يروق للزعيم محمد بن سلمان لما كان هذا المقال سيرى النور.
الكراهية المتبادلة لسنوات بين القيادة السعودية والإخوان المسلمين بشكل عام، وحماس بشكل خاص، كراهية حقيقة واضحة. ومثلما الحال في مصر، السعودية تعرف حركة الإخوان المسلمين بأنها منظمة إرهابية، رغم أنها سمحت لحماس بالاحتفاظ بممثلية فيها. ولكن حماس الآن حشرت السعودية في زاوية تهدد مصالحها الحيوية. إذا كانت السعودية قبل الحرب في غزة انضمت للولايات المتحدة في الحملة لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل مقابل موافقة أمريكا وإسرائيل على السماح لها بتطوير برنامج نووي مستقل، وحلف دفاع مشترك بين واشنطن والرياض، فإنها الآن متعلقة بالحل الذي سيتم التوصل إليه في مسألة قطاع غزة.
من تصريحاتها الضعيفة حول الحاجة إلى “تحسين ظروف حياة الفلسطينيين”، اضطرت السعودية للوقوف إلى جانب مطالبة قوية للفلسطينيين ومبادرة الرئيس الأمريكي لإيجاد حل سياسي للقضية الفلسطينية على شكل حل الدولتين، أو على الأقل القيام بخطوات لا يمكن التراجع عنها ستؤدي إلى هذه النتيجة.
السعودية، التي أدركت أن المبادرة العربية التي صيغت في قرارات القمة العربية في بيروت في 2002 والتي لم تكن أكثر من ورقة إعلانية غير قابلة للتنفيذ، تبث الآن الحياة الجديدة في هذه الورقة عندما جمدت محادثات التطبيع مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وأدانت ما تصفه بالمذبحة في غزة، وتطلب وقفاً فورياً لإطلاق النار، وأصبحت من الدول التي تقود الجهود العربية الدولية الهادفة إلى تنفيذ الحل السياسي. من التحرك السياسي الذي كان على وشك التوقيع مع “شروط فلسطينية” غامضة بات يستخدم التطبيع الآن كرافعة إقناع وضغط لتحقيق أهداف ملموسة على المستوى التكتيكي: وقف إطلاق النار، وزيادة المساعدات الإنسانية لغزة، ونقل السلطة المدنية في القطاع إلى السلطة الفلسطينية.
التطبيع مع السعودية سيكون أحد المواضيع التي سيناقشها الوزير بني غانتس مع مستضيفيه الأمريكيين، الذين يريدون أن يفهموا منه خطة إسرائيل لمواصلة القتال، وخصوصاً الطريقة التي ستدار فيها غزة، ليس “اليوم التالي”، في الفترة القريبة حتى لو استمرت الحرب. “التطبيع لم يمت بعد”، قال دبلوماسي غربي مطلع على المحادثات بين أمريكا وإسرائيل.
تدرك السعودية بأن دولة فلسطينية مستقلة لن تقام في الغد، ولا تتوقع أن تعلن إسرائيل عن جدول زمني للانسحاب من “المناطق”. ضغط الرياض موجه بالأساس لواشنطن، التي تطلب منها إلى جانب وقف دائم لإطلاق النار في غزة، صياغة قرار رئاسي يظهر التزام الولايات المتحدة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وربما أيضاً المبادرة لعقد مؤتمر دولي لمناقشة مستقبل الدولة الفلسطينية.
الإدارة الأمريكية، التي قامت في السابق بخطوة إعلانية مهمة عندما أعلنت قبل أسبوعين تقريباً بأن أي توسيع للمستوطنات في الضفة الغربية هو خرق للقانون الدولي، ما زالت تعتبر حل الدولتين حتى الآن هو “الحل النهائي” لإنهاء الصراع. ولكن هذه الصيغة ليست خطة عمل سياسية ولا تشبه الصياغة التفصيلية للحل كما قدمها دونالد ترامب عندما أعلن عن صفقة القرن.
واضح للسعودية، مثلما للفلسطينيين، بأنه حتى لو أصدر الرئيس الأمريكي بايدن قراراً رسمياً “غير قابل للرجوع عنه”، فسيكون عمره مثل عمر ولاية الرئيس بايدن. ولكن ربما يكون مرضياً للسعودية إذا نجحت الولايات المتحدة في منع استمرار الحرب وتثبيت وقف إطلاق النار، وقبل أي شيء آخر إقناع إسرائيل بالموافقة على دخول السلطة الفلسطينية إلى القطاع. وبالتنسيق مع مصر والإمارات والأردن، ربما تكون مستعدة لاحقاً لضخ أموال طائفة لإعمار القطاع شريطة ألا تكون حماس جزءاً من النظام الفلسطيني. بعد ذلك، سيكون بالإمكان استئناف المفاوضات حول التطبيع، وفي موازاة ذلك التوقيع على حلف دفاع بين السعودية وأمريكا والمصادقة على شروط تطوير البرنامج النووي السعودي. ولكن خطة العمل هذه مرتبطة بشكل كامل باستعداد إسرائيل بتبنيها، وبالافتراض بأن إسرائيل ما زالت تعتبر التطبيع مع السعودية ثمناً استراتيجياً مناسباً.
لكنه افتراض قد يتحطم أمام الاحتمالية الحقيقية، وهي أن تبني هذه العملية السياسية سيؤدي إلى إسقاط حكومة نتنياهو. التطبيع مع السعودية سيتوقف عندها عن أن يكون عاملاً مُسرعاً، والإدارة الأمريكية في حينه ستقرر إذا كانت ستدفع قدماً بطموحات السعودية التي تتساوق مع المصالح الأمريكية حتى بدون التطبيع.
———————————————
هآرتس 6/3/2024
هل تخوض إسرائيل حرباً مسيحانية خاسرة في مناطق “ج” بالضفة الغربية؟
بقلم: شاؤول أريئيلي وآخرون
منذ العام 2009 تدير إسرائيل والسلطة الفلسطينية الصراع على تثبيت الحقائق في المنطقة “ج”، رغم أن اتفاق أوسلو قرر مكانتها. “المنطقة ج تعني مناطق في الضفة الغربية خارج منطقة “أ” و “ب”، التي باستثناء قضايا ستتم مناقشتها في المفاوضات حول الحل الدائم، سيتم نقلها بالتدريج إلى السلطة الفلسطينية حسب هذا الاتفاق”. إسرائيل تستعد بكامل القوة للصراع بجميع الأدوات التي كان آخرها نقل الإدارة المدنية لسموتريتش بصفته وزيراً في وزارة الدفاع. قدم الفلسطينيون في العام 2009 “خطة فياض” لإقامة بنى تحتية ومؤسسات فلسطينية لإقامة دولة فلسطينية على كل مناطق “يهودا والسامرة”، بدعم سياسي وبتمويل يبلغ نصف مليار يورو، التي حولتها دول الاتحاد الأوروبي.
هذا البحث فحص قضية سيطرة إسرائيل مقابل سيطرة الفلسطينيين على مناطق “ج” في أربعة مجالات، الديمغرافي والجغرافي والاقتصادي والاجتماعي (دعم الجمهور). في المجال الديمغرافي، حسب ما نشره المكتب المركزي للإحصاء، فإن عدد الإسرائيليين في “يهودا والسامرة”، الذي كان في 2010، 311.300، قفز في 2023 إلى 491.548 نسمة، وهذا ارتفاع بنسبة 58 في المئة. ورغم “الحكومة اليمينية المطلقة” فإنه أيضاً بلغت الزيادة الاسمية 13.345 نسمة في 2023، وهي أقل 4 في المئة من المتوسط السنوي في هذه الفترة. عدد الفلسطينيين في مناطق “ج” ارتفع من 77.220 في العام 2010 إلى 354.000 في العام 2023، زيادة تبلغ 504 في المئة (!). هذا العدد يفسر انخفاضاً دراماتيكياً في نسبة الإسرائيليين من إجمالي عدد السكان الذين يعيشون في المناطق “ج”. وفي حين أنه نسبة السكان اليهود في مناطق “ج” بلغت 81.6 في المئة في 2010، انخفضت بالتدريج ووصلت في 2023 إلى 58.1 في المئة.
هذا الوضع نتيجة عدة عوامل: انخفاض في نسبة الزيادة السنوية للإسرائيليين الذين يعيشون خلف الخط الأخضر، من 5 في المئة في بداية الفترة إلى 2.7 في المئة في نهايتها. في ميزان الهجرة الشامل إلى المناطق “ج” حدث انخفاض، من 4.160 يهودياً في 2010 إلى بضع مئات فقط في السنوات الأربع الأخيرة. في 2020 كان ميزان الهجرة سلبياً (عدد الإسرائيليين الذين غادروا “يهودا والسامرة” أكبر ممن انتقلوا للعيش فيها). وشوهد في الطرف الفلسطيني عملية معاكسة: هجرة كبيرة وانتقال المنطقة المبنية من مناطق “أ” و “ب” إلى المناطق “ج”.
في المجال الجغرافي وبعد “شرعنة” 34 بؤرة استيطانية غير قانونية في هذه الفترة، بعضها مستوطنات أو مؤسسات مستقلة، ومعظمها كأحياء في مستوطنات قائمة، وصل عدد المستوطنات في 2023 إلى 127 مستوطنة، ووصل عدد البؤر الاستيطانية غير القانونية إلى 121 بؤرة. في المقابل، عدد تجمعات البيوت، بيت مستقل وحتى عشرات البيوت، للفلسطينيين الذي كان 12.522 في 2010، تضاعف ووصل إلى حوالي 28.000 في العام 2023، رغم أن إسرائيل هدمت حوالي 8 آلاف بيت في هذه الفترة. إجمالي المساحة المبنية الإسرائيلية التي تشمل المستوطنات والبؤر الاستيطانية والمناطق الصناعية ومواقع عسكرية ومعابر، بلغ في 2023، 80 ألف دونم (2.4 في المئة فقط من مساحة المناطق ج)، في حين أن المساحة المبنية الفلسطينية في مناطق ج ارتفعت إلى 148 ألف دونم (4.44 في المئة).
في المجال الاقتصادي يمكن الإشارة إلى أمرين متعاكسين: فبسبب الزيادة المستمرة في نسبة السكان الحريديم في أوساط سكان المستوطنات (39 في المئة)، فإن نسبة الإسرائيليين المصنفين في العنقود 1، المتدني جداً على المقياس الاقتصادي – الاجتماعي، آخذة في الازدياد، وقد وصلت إلى نصف إجمالي عدد السكان. في المقابل، المتوسط الاقتصادي – الاجتماعي لإجمالي المستوطنات في “يهودا والسامرة” ارتفع بالتدريج في السنوات الأخيرة، نتيجة للمساعدات الحكومية غير المسبوقة على شكل المنح المختلفة، وهي الآن 4.3 في السلم الاقتصادي – الاجتماعي.
الزيادة السنوية في أوساط الإسرائيليين في “يهودا والسامرة”، التي ترتكز في معظمها في السنوات الأخيرة على التكاثر الطبيعي، الذي 43 منه جاء من الحريديم، تدل على أن هذا المنحى من الضعف والاستقطاب الاقتصادي بين الحريديم والمتدينين القوميين والعلمانيين سيميز المستوطنين وسيقتضي الاستثمار والزيادة المستمرة في دعم الدولة.
أما الواقع السكان الفلسطينيين فهو أضعف من ناحية اقتصادية من المستوطنين، ولكن الانتشار الجغرافي للفلسطينيين داخل مناطق ج يتم بفضل الملكية الخاصة لمعظم الأراضي في مناطق الاستيطان (من سلسلة الجبال في الغرب وحتى الخط الأخضر)، والدعم الخارجي من الدول العربية ودول الاتحاد الأوروبي.
سياسة إسرائيل بخصوص مناطق “ج” فشلت بصورة عملية. فمحاولة “استيطان قلوب” الجمهور في إسرائيل وفشل أيضاً تطبيع الحياة في “يهودا والسامرة” كجزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل. ورغم تطوير 100 موقع جذب ثقافي وسياحي وديني في الضفة، ورغم تحويل كلية “يهودا والسامرة” في قلب الضفة إلى جامعة أريئيل، ورغم طمس الخط الأخضر في الخرائط الرسمية والمناهج التعليمية، ورغم الدعم الجارف للنخبة السياسية لمشروع الاستيطان، فقد بقي معظم الجمهور في إسرائيل متحفظاً من سياسة دعم المستوطنات.
أولاً، حتى بعد هجوم 7 تشرين الأول، يفضل معظم الجمهور الإسرائيلي الانفصال عن الفلسطينيين (55 في المئة)، مقابل الضم أو السياسة القائمة (انظروا نتائج استطلاع “دبليو دبليو دبليو”، ماذا تفكر إسرائيل. كوم). ثانياً، الجمهور الإسرائيلي يتحفظ من التسهيلات التي تحصل عليها المستوطنات مقارنة بالبلدات داخل إسرائيل. عندما تم عرض نصيب الفرد في السلطات المحلية في الضفة في 2023 (3200 شيكل) مقارنة مع إسرائيل (2400 شيكل)، فإن ربع الجمهور اليهودي أيد تفضيل السلطات في “المناطق”. وعندما تم إبراز المقارنة أكثر، برزت الميزانيات المخصصة للمستوطنات أكبر، مع فجوة آخذة في الازدياد مع مرور السنين، رغم ذلك انخفضت نسبة تأييد هذه السياسة إلى أقل من ربع الجمهور اليهودي في إسرائيل.
يستنتج من ذلك بأن حكومات إسرائيل الأخيرة حاولت تنفيذ انقلاب مفاجئ، ليس فقط بالنسبة للفلسطينيين، بل أيضاً بالنسبة للجمهور الإسرائيلي الذي يعارض في مجمله سياسة تفضيل المستوطنات ومحاولة السيطرة على أراضي الضفة.
هزة 7 تشرين الأول تعتبر فرصة لإعادة النظر في سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين والتعلم من إخفاقات الماضي. بدلاً من إدارة حرب مسيحانية خاسرة على قطعة أرض مأهولة بالفلسطينيين الذين لن يكونوا جزءاً من دولة إسرائيل اليهودية والديمقراطية، وبدلاً من إغراق موارد الدولة في المشروع العقاري الأكثر فشلاً في تاريخها، يجب استغلال الأزمة الحالية وتغيير الاتجاه. إذا عادت إسرائيل للوفاء بالتعهدات التي وقعت عليها في الاتفاق المؤقت؛ وتعاملت مع مناطق “ج” كوديعة مؤقتة ستكون في المستقبل جزءاً من الدولة الفلسطينية؛ وتبنت تفكيراً أمنياً واسعاً يضمن أمنها كدولة آمنة وديمقراطية مع أكثرية يهودية؛ وعادت بتطوير النقب بشكل عام والنقب الغربي بشكل خاص، والجليل – عندها يمكنها إدارة الصراع من خلال سعي مشترك لكل المجتمع في إسرائيل، والتوقف عن استثمار الجهود في قضية خاسرة مسبقاً.
———————————————
هآرتس 6/3/2024
الكرة في ملعب “رمضان”: الإسرائيلي يرقب تغيراً في “طبيعة السنوار” والأمريكي يشترط إبعاد “الرضوان”
بقلم: عاموس هرئيل
قبل بداية شهر رمضان، تبذل الإدارة الأمريكية جهوداً أخيرة للتوصل إلى صفقة تبادل للمخطوفين ووقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة. نقل الرئيس الأمريكي أمس الكرة إلى ملعب حماس. فقال للمراسلين إن إسرائيل ردت إيجابياً على الخطة التي اقترحتها الولايات المتحدة ومصر وقطر، وأن الصفقة مرهونة الآن بإعطاء جواب إيجابي من قبل حماس. “سنعرف في الأيام القريبة القادمة”، هكذا قدر الرئيس رغم أن الصفقة قد تعقد حتى بعد بداية رمضان، وقد حذر من تطور “وضع خطير جداً” إذا استمر القتال في القطاع خلال هذا الشهر.
عندما يتحدث بايدن عن حماس فهو يقصد بالأساس رئيس حماس في القطاع السنوار. العلاقة بين السنوار والعالم الخارجي تجري بين حين وآخر مع توقفات طويلة بين الفينة والأخرى، وترتبط بالرسائل التي تنقل من مخبئه في القطاع إلى قيادة حماس الخارج. جهود إسرائيل للعثور على السنوار فشلت حتى الآن، لكن الجيش و”الشاباك” يواصلون مطاردته على أمل العثور عليه في خانيونس أو رفح.
على خلفية مواقف حماس المتصلبة في المفاوضات، والإبطاء في نقل الرد، ثار الشك لدى جهاز الأمن بأن السنوار قد غير طبيعته. حسب أحد التقديرات، أصبح أقل اهتماماً بالصفقة الآن، ويحاول المضي بعملية بديلة، وتصعيد إقليمي في بداية رمضان.
عندما شنت حماس هجومها في 7 تشرين الأول، عول السنوار على انضمام شركائه في المحور الراديكالي، حزب الله وبدرجة معينة إيران، إلى جهوده لمهاجمة إسرائيل، خطة لم تتحقق. فحزب الله الذي تعتقد إسرائيل أنه لا يعتبر شريكاً في عملية حماس وفي توقيتها، فتح جبهة أخرى مع إسرائيل على الحدود مع لبنان، لكنه أدار عملية محدودة لم تتصاعد إلى حرب شاملة. الآن في ظل الخصائص الدينية لشهر رمضان، ربما أمل السنوار في إطلاق جهود أخرى تشعل النار في القدس والضفة الغربية، وربما مظاهرات كبيرة في الدول العربية. يبدو هذا كمقامرة كبيرة استمراراً لرهان قيادة حماس في القطاع.
في هذا الشأن، يحصل السنوار على مساعدة معينة من الطرف الإسرائيلي من خلال استفزازات وزير الأمن الوطني بن غفير الذي يشعل الأجواء حول الحرم ويحاول فرض القيود على صلاة المسلمين في رمضان. أما رئيس الحكومة، نتنياهو، الذي بدا في البداية وكأنه استجاب لضغط بن غفير، أعلن أمس بعدم فرض قيود على صلاة العرب الإسرائيليين. وحتى الآن، يمكن لبن غفير تأجيج النفوذ بمجرد زياراته وتصريحاته قرب الحرم في شهر رمضان.
ما يريده السنوار سيظهر قريباً. ربما عليه الأخذ في الحسبان، إضافة إلى ضغوط الوسطاء، وضع المدنيين في القطاع. حتى الآن أظهرت قيادة حماس، المختبئة في الأنفاق، عدم مبالاة بمصير المدنيين الذين يناضلون للعثور على الطعام ويتعرضون للإصابة بجموعهم بالقصف الإسرائيلي. ولكن امتداد الضائقة حتى رمضان، في الوقت الذي تحذر فيه المنظمات الدولية من تفشي جوع حقيقي في القطاع، قد يؤثر أيضاً على اعتبارات حماس.
الأمر الذي أصبح واضحاً هو التغيير الذي حدث في موقف الولايات المتحدة؛ ففي الفترة الأخيرة منذ الحادثة التي قتل فيها 100 شخص من سكان غزة أثناء الانقضاض على قافلة المساعدات (بعضهم أصيب بنار الجيش الإسرائيلي) هناك ارتفاع واضح في عدد قوافل الشاحنات التي تدخل المساعدات الإنسانية إلى القطاع. الأمريكيون أيضاً ينزلون المساعدات إلى القطاع يومياً. بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن ومتحدثون آخرون في الإدارة، أكدوا أمس على الحاجة لزيادة المساعدات. “لا مبررات”، قال الرئيس الأمريكي داعياً إسرائيل للسماح بإدخال المزيد من المساعدات.
الكارثة الإنسانية المتزايدة في القطاع تحتاج المزيد من اهتمام القيادة الأمنية في إسرائيل. يبدو أن عدداً من القادة الكبار يعتبرون ذلك مشكلة لمنسق أعمال الحكومة في “المناطق”، ويريد عدم إزعاجه في مواصلة الحرب. في المستوى السياسي من يتفاخرون بصور الدمار والمعاناة في القطاع ويعتبرونها عقاباً مناسباً على المذبحة. لا يعد هذا فقط رداً إشكالياً من ناحية أخلاقية، بل ثمة قصر نظر استراتيجي.
الاقتراح المطروح
مبعوث الرئيس الأمريكي عاموس هوكشتاين زار مؤخراً بيروت والقدس في إطار محاولة أمريكية أخرى للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله. يبدو أن هوكشتاين نفسه يعرف أن هدفه لن يتحقق على الفور. من الواضح أن أي تقدم نحو إعادة الهدوء على الحدود مع لبنان مرهون أولاً بالإعلان عن وقف إطلاق النار، حتى لو وقفاً مؤقتاً، في قطاع غزة.
الإثنين الماضي، قتل عامل أجنبي هندي بصاروخ مضاد للدروع وأصيب سبعة أشخاص في مستوطنة “مرغليوت” الحدودية. إطلاق الصواريخ المضادة للدروع هو الآن التهديد الرئيسي لمنطقة الحدود، في حين أن معظم الصواريخ بعيدة المدى والمسيرات التي يطلقها حزب الله يعترضها سلاح الجو أو تخطئ أهدافها.
أدخل حزب الله صواريخ مضادة للدروع بمدى أكبر، 8 – 10 كم، للمعركة. صواريخ دقيقة جداً، بعضها مزود بقدرة متطورة للتوجيه، مداها الفعال يصعّب على الجيش الدفاع عن الحدود من داخل أراضي إسرائيل ويبقي البلدات القريبة من الحدود فارغة ولا يسمح بعودة السكان إلى بيوتهم، خلافاً للعودة الكثيفة نسبياً للسكان إلى بلدات غلاف غزة.
حزب الله يتكبد القتلى في كل يوم في القتال أمام الجيش الإسرائيلي، ونسبة الخسائر سجلت في غير صالحه. إسرائيل هي التي توسع قطاع المعركة، إلى درجة قصف البقاع في لبنان في نهاية شباط. رئيس حزب الله، حسن نصر الله، لا يوقف إطلاق النار رغم الثمن الذي يدفعه رجاله (230 قتيلاً حتى الآن)، ورغم أن 100 ألف من سكان جنوب لبنان تركوا بيوتهم.
وقال هوكشتاين لمن تحدث معهم في المنطقة إن الإدارة الأمريكية تستمر في اعتبار المواجهة في لبنان الخطر الرئيسي على سلامة المنطقة، إلى درجة الخوف من اندلاع حرب شاملة في منطقة الشرق الأوسط. تلاحظ واشنطن أن الطرفين يحاولان البقاء في إطار قواعد اللعب غير المكتوبة للمواجهة العسكرية، ولكنهما يخافان من سوء التقدير الذي سيؤدي إلى تصعيد سريع والوصول إلى مواجهة شاملة.
يدرك الأمريكيون وجود أصوات تدعو إلى الحرب سواء في إسرائيل أو حزب الله، بغية استغلال الوضع لإحداث تغيير استراتيجي في صالحهم. وهذا هو السبب الذي دعا بايدن لتخوفه من نشوب حرب، التي براها الأمريكيون حرباً لن تنتهي بالضرورة لصالح إسرائيل.
إذا تحققت المعجزة وتم التوصل إلى صفقة في الجنوب، فستبدأ الإدارة الأمريكية العمل ساعات إضافية في الشمال أيضاً. مبعوث الرئيس الأمريكي سيقدم اقتراحاً للطرفين، بلوره في وثيقة خطية. الأمريكيون لا يقدمون أي تفاصيل في الوثيقة، لكن الأمر يتعلق بانسحاب قوات وحدة النخبة، “الرضوان”، إلى ما وراء المدى المقدر للصواريخ المضادة للدروع، وليس بإخراج كامل لجميع مقاتلي حزب الله من المنطقة. فكثيرون منهم يعيشون في القرى القريبة من الحدود. وستُبذل محاولة لمنع حركتهم مع السلاح، لكنها لن تمنع وجودهم في المنطقة.
الاقتراح الأمريكي سيشمل أيضاً انتشاراً كبيراً لقوات الجيش اللبناني إضافة إلى تعزيز قوة “اليونيفيل”.
هل سيكون هذا كافياً لإقناع سكان الشمال الإسرائيليين بالعودة إلى بيوتهم آمنين؟ يأمل الأمريكيون ذلك ويرونه العرض الأفضل الموجود على الأجندة، مع أخذ البدائل في الحسبان.
———————————————
معاريف 6/3/2024
إسرائيل وصراع القيادة.. بين محور الجنرالات وزمرة نتنياهو اليمينية
بقلم: آنا برسكي
تجسد قصة رحلة غانتس إلى الولايات المتحدة دون تنسيق مع نتنياهو حالة العلاقات التي في حكومة الطوارئ. فقادة المعسكر الرسمي الذين يرون أرقاماً انتخابية قياسية يحطمهما حزبهم في الاستطلاعات أسبوعاً إثر أسبوع، كانوا معنيين جداً بإنهاء شراكتهم أمس مع نتنياهو وجني الائتمان السياسي الذي راكموه. المشكلة أنه لا توجد انتخابات في الأفق، وكل محاولة لتقديم موعدها لم تنجح بعد، لذا لا يوجد أناس عالقون في وضعهم الحالي أكثر من غانتس وآيزنكوت.
فالخروج لأجل الخروج ليس بخطة. والخروج من الحكومة اليوم لأجل الجفاف سنة أو سنتين في مستنقع المعارضة، هو السبيل المؤكد لإضاعة كل النقاط التي جمعاها والوصول إلى انتخابات دون كنز ثري موعودين به من نحو 40 مقعداً في الاستطلاعات، بل على حدود نسبة الحسم. ما لم تشق الطريق لتقديم موعد الانتخابات، فستستمر ألعاب المعارضة داخل الائتلاف مما تجري اليوم.
سيواصل غانتس اتخاذ سياسة التمييز التي يتبعها، كي لا ينسى الجمهور بأن حلفه مع حكومة نتنياهو كله اضطرار فرضته حالة الطوارئ. كلما مر الوقت، يصعب عليه الحفاظ على مكانته الخاصة في الحكومة، دون أن يعزو الجمهور له ليس فقط إنجازاتها بل وإخفاقاتها والمسؤولية عن الوضع في الدولة.
من يغير علاقات القوى هو شريك إضافي من داخل الائتلاف الأصلي. حتى الآن، كان التعاون شبه المميز والمهم جداً، الذي نشأ بين غانتس وآيزنكوت وبين كبار رجالات حكومة نتنياهو، هو ذاك الذي جمع بينهما وبين وزير الدفاع يوآف غالنت. الأخير يبني نفسه كمرشح متصدر لرئاسة الليكود، ويتمتع بمكانته الخاصة بصفته وزير دفاع قوياً وصلباً في أثناء الحرب. تعاونه مع قادة الحزب الرسمي يستهدف إبراز صورته كرجل اليمين المعتدل والرسمي في الحكومة، مقابل العناصر المتطرفة فيها مثل بن غفير وسموتريتش. التعاون الذي طوره غالنت في مداولات كابينت الحرب مع غانتس وآيزنكوت يخدم هذه الصورة، صورة اليمين المسؤول.
مع ذلك، لغانتس ولغالانت أهداف مختلفة؛ الأول معني بالانتخابات، أما الثاني فلا مصلحة له في تقديم موعدها. ولا يزال، مع كل الفجوات التي في المستوى الاستراتيجي، يبدو في الوجه التكتيكي أن ائتلاف غانتس – آيزنكوت – غالانت في مداولات “الكابينت الضيق” آخذ في التوثق. بزعم المحافل المطلعة على ما يجري في “كابينت الحرب” فـ “ثمة إحساس بأن حرب مداولات نشأت في “الكابينت” وأن جبهة تحتد من غالنت وغانتس وآيزنكوت ضد نتنياهو. بدا نتنياهو منعزلاً هناك مؤخراً، وليس صدفة أنه بدأ يضم إلى بعض الجلسات وزير الخارجية “إسرائيل كاتس”. نتنياهو يبحث عن تعزيز لقوته مقابل محور الجنرالات”.
———————————————
دراسة إسرائيلية: السياسة الاستيطانية في المناطق ج في الضفة الغربية فشلت
الدراسة تفيد بزيادة عدد الفلسطينيين واتساع انتشارهم في المناطق ج مقابل تراجع عدد المستوطنين فيها، والضعف والتقاطب الاقتصادي بين الحريديين والمتدينين القوميين والعلمانيين، سيميز المستوطنين ويستوجب استثمارا متزايدا في الدعم الحكومي
عرب 48
تحرير: بلال ضاهر
أظهرت دراسة جديدة أن السياسة الإسرائيلية في المناطق ج في الضفة الغربية قد فشلت، ولم تنجح في جعل العيش في المستوطنات أمرا طبيعيا بالنسبة للإسرائيليين وأنها جزءا لا يتجزأ من دولة إسرائيل في حدود حزيران/يونيو العام 1967.
وتناولت الدراسة، التي أجراها ثلاثة باحثين في جامعة رايخمان ونشروا ملخصها في صحيفة “هآرتس” اليوم، الأربعاء، قضية السيطرة الإسرائيلية مقابل السيطرة الفلسطينية في المناطق ج، التي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية، في أربعة مجالات: الديمغرافي، الإقليمي، الاقتصادي والاجتماعي.
المجال الديمغرافي: وفقا لمعطيات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، فإن عدد المستوطنين في الضفة الغربية كان 311,300 في العام 2010، وارتفع إلى 491,548 مستوطنا في العام 2023، أي زيادة بنسبة 58%. وخلال ولاية حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة الحالية، ازداد عدد المستوطنين بـ13,345 مستوطنا، في العام 2023، وهذه زيادة أقل بـ4% عن المعدل السنوي.
وارتفع عدد الفلسطينيين في المناطق ج من 77,220 نسمة، في العام 2010، إلى 354 ألف نسمة، العام الماضي، أي زيادة بنسبة 504%. وتظهر هذه المعطيات تراجع نسبة المستوطنين بين السكان في المناطق ج. فقد كانت نسبة المستوطنين 81.6% في المناطق ج، في العام 2010، وتراجعت هذه النسبة إلى 58.1%، العام الماضي.
وعزت الدراسة هذا الانخفاض في نسبة المستوطنين إلى تراجع نسبة النمو الطبيعي لدى المستوطنين عموما في الضفة الغربية من 5% في العام 2010 إلى 2.7% في العام الماضي. كما تراجع ميزان الهدرة إلى المناطق ج من 4160 يهوديا، في العام 2010، إلى بضع مئات في السنوات الأربع الأخيرة، وفيما العام 2020 كان ميزان الهجرة سلبيا، أي أن عدد المستوطنين الذين غادروا كان أعلى من عدد الذين انتقلوا للاستيطان في المناطق ج. وفي المقابل، سجل الجانب الفلسطيني تحولا معاكسا، بانتقال عدد كبير من المناطق أ وب إلى المناطق ج.
المجال الإقليمي: عدد المستوطنات في الضفة الغربية 127، وعدد البؤر الاستيطانية العشوائية 121، في العام 2023، وذلك بعد شرعنة 34 بؤرة استيطانية عشوائية من وصف بعضها كمستوطنات وضم غالبيتها كأحياء إلى مستوطنات.
في المقابل، فإن عدد تجمعات البيوت الفلسطينية، التي شملت بيت واحد وحتى عشرات البيوت، كان 12,522 في العام 2010، وارتفع إلى 28,000 في العام 2023، وذلك رغم أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية هدمت خلال هذه الفترة قرابة 8000 بيت فلسطيني.
كما أن مساحة إجمالي الاستيطان، التي تشمل مستوطنات وبؤر استيطانية عشوائية ومناطق صناعية وقواعد عسكرية وحواجز، بلغت العام الفائت 80 ألف دونم وتشكل 2.4% من مساحة المناطق ج، بينما مساحة المناطق الفلسطينية المأهولة ارتفعت إلى 148 ألف دونما وتشكل 4.44% من مساحة المناطق ج.
المجال الاقتصادي: تبلغ نسبة الحريديين بين المستوطنين 39% وهم مصنفون في العشر الأدنى في المؤشر الاقتصادي – الاجتماعي الإسرائيلي، وهم في زيادة مستمرة وباتوا يشكلون نصف عدد المستوطنين في الضفة تقريبا. والمعدل الاقتصادي – الاجتماعي في مجمل المستوطنات في الضفة ارتفع تدريجيا في السنوات الأخيرة نتيجة لمساعدات حكومية غير مسبوقة تمنح على شكل هبات، وأصبحت الآن 4.3 في المؤشر الاقتصادي – الاجتماعي.
ولفتت الدراسة إلى أن النمو الطبيعي في المستوطنات، وفيما ساهم الحريديون في 43% منه، يدل على أن الضعف والتقاطب الاقتصادي بين الحريديين والمتدينين القوميين والعلمانيين، سيميز المستوطنين ويستوجب استثمارا متزايدا في الدعم الحكومي.
ورغم أن السكان الفلسطينيين أضعف اقتصاديا من المستوطنين، لكن انتشارهم في أنحاء المناطق ج يتم بفضل ملكيتهم الخاصة لمعظم الأراضي التي يسكنونها، من سلسلة الجبال وحتى “الخط الأخضر” وبفضل دعم من دول عربية ودول الاتحاد الأوروبي.
وأشارت الدراسة إلى أن أغلبية الجمهور اليهودي في فلسطين التاريخية، بنسبة 55%، يفضل الانفصال عن الفلسطينيين أكثر من تنفيذ مخطط الضم أو استمرار الوضع الحالي، وأن “الجمهور الإسرائيلي يتحفظ من الامتيازات التي تحصل عليها المستوطنات قياسا بالمدن داخل إسرائيل”، وفقا لاستطلاع What Israelis Think الذي أجري بعد الحرب على غزة.
ووفقا للدراسة، فإنه “بدلا من خوض حرب خلاصية وخاسرة على منطقة يسكنها فلسطينيون لن يكونوا أبدا جزءا من دولة إسرائيلية يهودية وديمقراطية، وبدلا من الاستمرار في إغراق موارد الدولة في أكثر مشروع عقاري فاشل في تاريخها، يجب استغلال الأزمة الحالية وتغيير التوجه”.
———————————————
أزمات جيش الاحتلال متلاحقة.. وتساؤلات عمن يخوض الحرب بغزة؟
غزة – يواجه جيش الاحتلال الإسرائيلي في ظل تواصل عدوانه على قطاع غزة أزمات متلاحقة تؤثر على أدائه العسكري، في الوقت الذي يواجه فيه صمودا أسطوريا لفصائل المقاومة الفلسطينية، وفي مقدمتها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس.
ورغم مرور أكثر من 5 أشهر على العدوان الإسرائيلي على غزة، فإن المقاومة ما تزال توجه ضربات متلاحقة لقوات الاحتلال، ويدل نجاح عملياتها على حالة المأزق التي يعيشها جيش الاحتلال، وحالة النزف الغزير التي وقعت فيه على مستوى الخسائر في الضباط والجنود والآليات العسكرية.
ووفق محللين، فإن بروز أزمات خطيرة في جيش الاحتلال يعد مؤشرا قويا على فشل عميق خلال الحرب على قطاع غزة، كما يثير ذلك تساؤلا كبيرا عن حقيقة من يخوض الحرب، في ظل الحديث عن وجود جنود أجانب في ميدان المعركة، إضافة إلى عشرات الشركات الأمنية والمقاتلين من المرتزقة.
يرى الكاتب والباحث السياسي معين مناع أن الحرب على غزة شكلت إخفاقا كبيرا لجيش الاحتلال واستنزفت قواته خصوصا البرية، التي أصبحت متهالكة بفعل ضربات المقاومة وتجري عمليات إعادة تركيب بشكل مستمر، مشيرا إلى أن تكرار طلب التهدئة أو الهدنة هو مظهر للإنهاك الذي يتعرض له الاحتلال في غزة.
وقال إن الجيش لم يستطع رغم مرور أكثر من 5 أشهر على الحرب من تحقيق إنجاز حقيقي في قطاع غزة، لا على مستوى الأنفاق ولا على مستوى التكتيكات ولا على المستويات الأخرى.
وأضاف أن أزمات جيش الاحتلال في الحرب على غزة ظهرت من خلال عدم قدرته على تحديد الأهداف نتيجة للعمى الاستخباراتي الذي يواجهه، إضافة إلى المفاجآت التكتيكية التي تواجهه في الميدان.
وعزز مقتل وإصابة الآلاف من الجنود خلال عملية طوفان الأقصى ومن بعدها اجتياحه البري للقطاع الحاجة للمزيد من التعبئة البشرية في صفوف جيش الاحتلال.
وأفادت وسائل إعلام للاحتلال بأن الجيش يعاني من نقص في عديده، وأنه بحاجة إلى نحو 7 آلاف ضابط إضافي، فقد نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن بيان لجيش الاحتلال أن نصف القوات المطلوبة ستوزع على مهمات قتالية.
وكشف البيان عن أنه رغم حاجة الجيش لترقية 7500 مجند لتعويض النقص بين الضباط وضباط الصف، فإن الحكومة لم تسمح إلا بترقية 2500 فقط لضعف الميزانية.
ورجحت الصحيفة صعوبة عملية تعويض نقص الضباط، لما يتطلبه تدريب ضباط جدد من وقت ومجهود.
وتحدثت وسائل إعلام في الكيان المحتل عن وجود خشية لدى قادة الجيش من تسارع وتيرة المغادرة الطوعية لعناصر الجيش، مشيرة إلى أن هذه الأزمة تأتي “في الوقت الذي يحتاج فيه الجيش إلى زيادة عديد قواته في ضوء الزيادة الكبيرة في المهام الموكلة إليه.
وأشارت صحيفة “إسرائيل اليوم” في تقرير لها إلى أن ضباطا كبارا في الجيش قلقون جدا إزاء النقاش المستعر بين الشباب الذين يخدمون، وكذلك بين عناصر الخدمة الدائمة الأكبر سنا، الذين يفيدون أيضا برغبتهم في التسريح من الخدمة، جراء العبء الملقى على عاتقهم مقارنة مع جنود الاحتياط.
وقال التقرير إن العبء لا يقع على المقاتلين فحسب، بل على الغالبية العظمى من عناصر الخدمة الدائمة أيضاً، بمن فيهم الإسناد القتالي.
وأشار إلى أن قيادة الجيش تشعر بالقلق بشكلٍ خاص إزاء آثار الحرب في شعبة الاستخبارات، إذ يشعر الكثير من عناصرها بالمسؤولية عن الفشل، ويخشى من استقالة جماعية تؤدي إلى نقص حاد في القوة البشرية في الشعبة.
كما كشفت “القناة 14” الإسرائيلية عن موجة استقالات جماعية واسعة شملت عددا كبيرا من الضباط والمسؤولين في قسم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، وذلك احتجاجا على سير العمليات العسكرية في قطاع غزة.
وكشفت تقارير صحفية عن إعلان جنود في قوات النخبة وفي كتائب الاحتياط رفضهم الالتحاق بالجيش للمشاركة في الحرب على غزة.
وذكرت صحيفة “هآرتس” في تقرير أن مجموعة من الجنود في لواء النخبة غفعاتي، رفضوا المشاركة في الحرب على قطاع غزة، متهمين الجيش بإهمال سلامتهم النفسية والجسدية.
وفي السياق، أشارت الإذاعة الإسرائيلية إلى وجود حالة من الفوضى على المستوى التنظيمي، في بعض كتائب الاحتياط.
وأضافت أن جنودا غادروا بموافقة الضباط المسؤولين عنهم، بعد أن تبين أن الجيش يعتزم إدخالهم إلى قطاع غزة للقيام بمهام قتالية لم يتم تأهيلهم لها، موضحة أنه تم استدعاؤهم نهاية كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
ويشير مناع بهذا الصدد إلى أن عناصر الجيش باتوا يلجأون إلى طلب مستشارين قانونيين خشية تعرضهم للقتل على يد زملائهم في حال لزم تفعيل توجيه “هانبيال”، وهو إجراء يستخدمه الجيش الإسرائيلي لمنع أسر جنوده، حتى لو كان ذلك بقتلهم.
يذكر أن بيانات جيش الإحتلال أظهرت أن العشرات من الجنود قتلوا وأصيب المئات عن طريق الخطأ منذ بدء المعارك البرية في قطاع غزة.
ويواجه جيش الاحتلال أزمة بشأن إعفاء اليهود المتشددين من أداء الخدمة العسكرية، وقد أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن حكومته “تبحث عن حل لإنهاء إعفاء اليهود المتشددين من أداء الخدمة العسكرية”.
وأضاف نتنياهو نهاية الشهر الماضي “سنحدد أهدافا لتجنيد اليهود المتشددين (الحريديم) في الجيش الإسرائيلي وفي الخدمات المدنية الوطنية.. سنحدد أيضا وسائل لتنفيذ هذه الأهداف”.
وكانت المحكمة العليا في إسرائيل قد أبطلت في 2018 قانونا لإعفاء المتدينين اليهود من التجنيد، وقالت إن الحاجة تستدعي مشاركة الجميع في تحمل عبء الخدمة العسكرية.
وأثارت التعيينات الجديدة التي أصدرها رئيس الأركان في جيش الاحتلال هرتسي هاليفي في مناصب عليا مؤخرا، استياء عسكريين وضباطا متقاعدين، في مقدمتهم اللواء في الاحتياط إسحاق بريك الذي هاجم بشدة رئيس الأركان وقادة الأركان العامة.
وقال بريك “في أي مكان مستنير في العالم سيُقال رئيس الأركان وجنرالاته على الفور أو يُجبرون على الاستقالة بعد أي إخفاق”، مضيفا أن تراخي قيادة رئيس الأركان وجنرالاته والعجرفة والغطرسة والرضا عن الذات هو ما تسبّب في الكارثة الرهيبة، وهي من أسوأ الكوارث التي عرفها الاحتلال منذ قيامه”.
وكشفت تقارير في الكيان عن وجود خلافات عميقة بين الحكومة والجيش، بسبب إدارة الحكومة للحرب وخططها لما بعد الحرب في قطاع غزة.
وسبق أن وقعت خلافات عميقة بين رئيس الوزراء وقيادة الجيش بشأن الاستعداد لبدء عملية عسكرية في رفح، ووفق محلل شؤون سياسية في “القناة 12” الإسرائيلية، يارون أبراهام، فإنّ “نتنياهو يطالب باحتلال رفح، بينما يؤكد رئيس الأركان على ضرورة تأمين الظروف المناسبة.
وسبق أن تحدث الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة لأول خلال بيان إعلامي عن وجود “مرتزقة” يقاتلون مع الجيش الإسرائيلي من جنسيات مختلفة، ونقلت صحيفة “نيويورك بوست” عن معلومات سرية كشفت مشاركة قوات أميركية في غزة.
كما كشف تقرير لصحيفة “واشنطن بوست”، أن جنودا أميركيين ذهبوا إلى القتال في غزة، وقُتلوا بعد مشاركتهم في الحرب إلى جانب إسرائيل.
وسبق أن كشف النائب الفرنسي توماس بورتس أن أكثر من 4 آلاف جندي إسرائيلي يشاركون في الحرب على قطاع غزة، هم فرنسيون مزدوجو الجنسية.
وتداولت وسائل التواصل مقطع فيديو يظهر فيه جنود مدججون بالسلاح يختبئون خلف حائط، ويتحدثون اللغة الأوكرانية.
وربما يؤكد وجود جنود أجانب ومرتزقة صحة القول إن جيش الاحتلال لا يعلن إلا عن نسبة قليلة من أعداد القتلى الذي يسقطون جراء ضربات المقاومة في غزة.
——————انتهت النشرة–