الصورة النازية لإسرائيل.. هنا غزة

كتب …حمزة حماد

مراسل صحفي، ومسؤول التجمع الإعلامي الديمقراطي

لم أكن أعلم أن مبادئ الإنسانية التي خطت الكتب الدراسية، وأحكمت سلوكنا البشري، وعُممت على أنها جسر التسامح والسلام، قد أصبحت شعارًا يستخدم من قبل غول هذا العالم ولمم الشعوب التي تدعي حريتها وهي تنظر للإرهاب الإسرائيلي المنظم يتمدد، وبشكل خطير على واقع الحياة الآدمية للشعوب المكلومة التي ترزح تحت الاحتلال النازي.

هذا هو الحال، أمام مشهد الإبادة الجماعية التي تعيشه غزة بكل تفاصيلها وأشكالها لأكثر من 280 يوم على التوالي.

يكاد أن نعرف شمال ومدينة غزة بالمنطقة الصحراوية بعد أن توقفت محطات تحلية المياه عن العمل لليوم الثامن على التوالي نتيجة عدم إدخال الوقود.. هنا نتحدث عن أكثر من 700 ألف إنسان يعيش في هذه المناطق المنكوبة، فلا اكتفاء لهذا الاحتلال في القصف والحرق والتدمير إنما يواصل إرهابه في الضغط على المواطنين والنازحين للخروج منها نحو المجهول، أي العقاب الجماعي المكرر.

فأمام رواية الاحتلال المضللة والتي باتت مكشوفة للعالم أجمع، تستمر المعاناة الإنسانية للنازحين والمواطنين في ظل التجويع والتعطيش، وعملية الفقد للأبناء في المناطق التي توغل بها جيش الاحتلال مرارا وتكرارا.

يسقط القناع في كل محاولة دولية لوقف العدوان، رغم الإدانة الواسعة لسياسات الاحتلال النازي الذي حول حياة المدنيين والامنين إلى جحيم، بعد أن أصبحوا يفترشون الشوارع في خيام لا يقبل أن يعيش فيها حيوان (أعزكم الله)، أي لا حياة آدمية، ولا مقومات صمود يمكن الاتكال عليها في مواجهة تلك الظروف العاصفة.

ما زالت رسائل هؤلاء الجوعى مستمرة، الذين يواجهون القتل والحصار الإسرائيلي، والحرب النفسية المستمرة في بث الأكاذيب والشائعات لزيادة حجم الضغط عليهم للنزوح إلى مناطق الجنوب مدعيا أنها آمنة (وفق قوله)، لكنها في الحقيقة عبارة عن تكرار للعقاب الجماعي، وتنفيذ لأهدافه المعلنة في التهجير والتشريد وارتكاب المزيد من المجازر الدموية.

المخاطر تكبر على مسرح الجريمة التي تواصل إسرائيل ارتكابها في تدمير المنازل والأحياء السكنية، وقصف آبار المياه، وحرق مراكز الايواء التي تأوي آلاف النازحين، وتجريف الطرقات الرئيسية، إضافة للصرف الصحي الذي يغزو الشوارع والحارات، ناهيا عن تكدس النفايات وانتشار الأوبئة التي أدت لتفشي الأمراض الجلدية والصدرية، غير سوء التغذية التي أدى لوفاة العشرات أغلبهم من الأطفال.

هناك من اعتاد المشهد لهذه الكارثة الإنسانية، لكن تبقى إرادة الفلسطيني أقوى في وجه مشاريع التصفية والتهجير القسري.. هنا في شمال ومدينة غزة لم تدخل الخضار والفواكه والمجمدات لليوم 73 على التوالي، كما تغيب أوجه الحياة اليومية بفقدان مكوناتها جراء عدوان الاحتلال وتوغلاته المستمرة.

فسياسة التطهير العرقي التي تمارسها حكومة الفاشية الإسرائيلية ضد شعبنا في غزة وراح ضحيتها أكثر من 38 ألف شهيد ومئات الآلاف من الجرحى، إنما هو تعبير عن تحدي إسرائيل لمحكمة العدل الدولية ولقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومواقف الملايين من أحرار العالم الذين لم يكفوا عن المطالبة بوقف المجازر ضد نساء فلسطين وأطفالها، وهذا ما يتطلب رفع منسوب التحركات الشعبية في العالم للضغط على حكومات العالم من أجل صحوة ضمير عالمية توقف العدوان وتحاسب المجرمين الصهاينة على جرائمهم وعلى حرب الإبادة المتواصلة منذ أكثر من تسعة أشهر.