الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 13/10/2024

النجاحات الإسرائيلية الأخيرة لا تجعل نهاية الحرب قريبة

بقلم: عاموس هرئيل

في السنة الثانية من الحرب الأطول في تاريخ دولة إسرائيل، انتقل التركيز من غزة إلى لبنان، فإيران. لكن إسرائيل لم تحقق أهداف المعركة في القطاع: «حماس» هُزمت، لكنها لم تستسلم، ولم نستطع إعادة 101 من المخطوفين إلى منازلهم. تدور العمليات البرية في الجنوب اللبناني كما هو مخطط لها، والمقاومة التي يبديها «حزب الله» هناك لا تزال محدودة. لكن إطلاق الصواريخ على شمال البلاد توسّع، ويتسبب بسقوط مزيد من الضحايا. وإسرائيل لا تزال في حالة انتظار منذ أسبوع ونصف للرد على الهجوم الإيراني بالصواريخ الباليستية، والرد الإيراني على الرد، والذي يمكن أن يشعل حرباً إقليمية.

بالنسبة إلى رئيس الحكومة، هذه المرحلة جيدة. وتسمح سلسلة النجاحات العسكرية والاستخباراتية في مواجهة «حزب الله» لنتنياهو بأن يصوّر الحرب كانتصار، على الرغم من رفضه تحمُّل المسؤولية عن الإخفاق المريع في 7 تشرين الأول. استقر محيطه السياسي بعد انضمام جدعون ساعر وكتلته إلى الائتلاف. ولدى نتنياهو الوقت الكامل لممارسة تصرفاته المخزية، وآخرها ضد وزير الدفاع، يوآف غالانت، عندما منعه من السفر إلى الولايات المتحدة. لكن غطرسة نتنياهو المتجددة تشير إلى أنه لا يملك سيناريو معقولاً لإنهاء الحرب في غزة، أو في لبنان. ففي غزة، يطالب باستسلام قادة «حماس» ونفيهم، وفي لبنان، يطالب بموافقة «حزب الله» على الانسحاب إلى شمال الليطاني. ويبدو تحقيق هذين السيناريوهين بعيداً، ومن المحتمل أن تستمر الحرب من دون حل للمشكة الملتهبة، «مشكلة المخطوفين».

كان من المفترض أن يذهب غالانت، الثلاثاء الماضي، إلى واشنطن من أجل التنسيق مع الإدارة الأميركية والإعداد للهجوم والرد الإيراني الذي سيأتي في أعقابه، لكن نتنياهو وضع شروطاً: حديث هاتفي مع الرئيس بايدن وجلسة لـ»الكابينيت» الإسرائيلي تسمح لوزير الدفاع باتخاذ قرار بشأن طبيعة الرد. الأميركيون وغالانت قبلوا، وعلى ما يبدو سيذهب غالانت في النهاية إلى الولايات المتحدة، بعد «يوم الغفران»، وبعد قص أجنحته. بهذه الطريقة، استكمل نتنياهو الجولة، فهو لم يهن وزير دفاعه فحسب، بل دفع الولايات المتحدة إلى الاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. وهو يستطيع أن يسرّب أخباراً عن أن الولايات المتحدة تحاول كبحه، وسيخرج زعيما بطلا يعمل بقوة، على الرغم من الضغوط. ومن المثير للاستغراب تصديق الجمهور هذه المناورة المكشوفة.

في طهران، وبعد هجوم الأول من تشرين الأول، والذي لم يؤدّ إلى مقتل أيّ مواطن إسرائيلي، يبدو أن عناصر الحرس الثوري يشعرون بأنهم قادرون على القيام بعملية أكثر دقةً من خلال ضرب قواعد سلاح الجو ومنشآت أمنية. منذ بداية الحرب، استخدمت إيران «حلقة النار» التي شملت إطلاق النار على إسرائيل من لبنان وغزة والعراق واليمن، لكن النظام الإيراني استوعب حدوده. فهو لم ينجح في وقف الحرب على غزة وإنقاذ «حماس».

    في إسرائيل، يصفون المرشد الأعلى للثورة، علي الخامنئي، بأنه شخص متقدم في السن ومرهق، يعطي الراديكاليين من الحرس الثوري مجالاً للدفع قدماً برؤيا «الإمام المنتظر»، على الرغم من الأضرار المنتظرة التي ستلحق بالنظام. لكن الانطباع في الغرب هو العكس. حتى إن الحرس الثوري ليس مجنوناً، بل لديه استراتيجية خاصة تعتمد على حجج دينية. وبحسب هذه التفسيرات، فإن ما يُقلق النظام في إيران هو خوفه العميق من عدم الاستقرار الداخلي، بتشجيع من الغرب. وطريقته في مواجهة ذلك من خلال انتهاج خط عدائي ثابت، لكي يُظهر أنه لا يخاف من المواجهات.

بعد سلسلة الهجمات في لبنان، لم يعد القتال هناك يثير اهتماماً كبيراً في العالم. وهذا بحد ذاته أمر مثير للدهشة، فالمنظومة الأمنية حضّرت الجمهور طوال سنوات لمواجهة عسكرية ستؤدي إلى إلحاق ضرر غير مسبوق بالجبهة الداخلية. الخسائر في الجبهة الداخلية ليست قليلة، لكنها لا تشبه سيناريوهات القتل الجماعي التي جرى الحديث عنها في الماضي. ويعود السبب إلى قوة الضربات: سلسلة القيادة في «حزب الله» قُطعت، وثمة صعوبة في إعادة تنظيم نفسها من جديد. وبعد أكثر من 3 أسابيع من القصف الدقيق والمدروس، يمكن التقدير، بكثير من الثقة، أن «حزب الله» خسر نصف قدراته الاستراتيجية المتوسطة والبعيدة المدى.

لكن هذا لم يمنع وجود بقايا دفاعية في القرى الجنوبية المتاخمة للحدود، والتي تحاول ضرب القوات الإسرائيلية. في غضون ذلك، يبرز ارتفاع في عدد الصواريخ التي تُطلق في اتجاه شمال البلاد، مع خسائر وأضرار، وبعكس الانطباع الناشئ عن التقارير، فإن إسرائيل لا تحاول احتلال الجنوب اللبناني. صحيح أن حجم القوات العاملة هناك ازداد بصورة واضحة، لكن كل عملية في قرية شيعية تستغرق جهود فرقة من الجيش فترة من الزمن، وحتى الآن ليس هناك نية بشأن السيطرة على المنطقة في آن معاً. إدارة بايدن لا تتحفظ علناً على الدخول البري للجيش الإسرائيلي إلى لبنان، لكنها تستغل الحرب من أجل كسر الجمود السياسي في البلاد.

في هذه الأثناء، يدركون في الجيش أن «حزب الله» يسعى للتعافي، وعلى الرغم من محاولات التوصل إلى وقف إطلاق النار، يفكرون في طهران وبيروت في خوض حرب استنزاف في المدى البعيد تؤدي، بحسب رأيهم، إلى انهيار المجتمع والاقتصاد الإسرائيليَّين من خلال الاستمرار في إطلاق الصواريخ والقذائف على شمال ووسط البلاد، والهدف بثّ اليأس في نفوس الإسرائيليين من الحياة هنا.

والسؤال الذي يُقلق كثيرين من الإسرائيليين عمّا إذا كان نتنياهو يعمل وفق المصالح الأمنية للدولة، حسبما يدّعي، أم أن خطواته ناجمة عن حاجته الملحة إلى البقاء في الحكم، وخارج السجن. بالنسبة إلى شركائه من اليمين، لا مجال للشك، وبالنسبة إلى حزبَي «قوة يهودية» و»الصهيونية الدينية» فإن كل تدهور أمني إضافي يخدم هدفهما الأعلى بتوسيع حدود الدولة وطرد الفلسطينيين من أراضيهم والسيطرة عليها. لكن سؤال هل هذه الأهداف قابلة للتحقيق لا يمرّ في رؤوسهم. وعلى الرغم من مرور عام على «المذبحة»، لماذا لم نصل بعد إلى الحضيض؟ الأمور الفظيعة التي حدثت هنا ليست النهاية، وليس لدينا أيّ يقين بأننا سنخرج بسرعة، وبنجاح، من هذه الأزمة التي نواجهها بقيادة نتنياهو(…).

——————————————–

إسرائيل اليوم 13/10/2024

قادة إسرائيل الحاليون يُدخلون مصالحهم الشخصية في الاعتبار الوجودي لإسرائيل !

بقلم: يوسي بيلين

في «يوم الغفران» أمسكت بي الصافرة في الفترة التي بين نهاية الصلاة وبين تلاوة الآيات. سارعت لنتانيا، لتجنيد قائمة مجال الاحتياط الدائمة لدي، وبدأت بخدمة الاحتياط التي استمرت ستة اشهر.

أصبحت راشداً، رب عائلة، وأستاذا مساعدا في الجامعة، وعضوا في أسرة تحرير صحيفة «دافار» اليومية، ومن يثق بزعمائه. الهدوء النسبي الذي نشأ منذ اتفاق وقف النار مع مصر أقنعني بان العرب لا يريدون السلام، وان غولدا مائير تستميت حقا على السلام، وان موشيه دايان هو وزير الدفاع المطلق، وان المشكلة الديمغرافية التي أزعجتني منذ نهاية حرب «الأيام الستة» ستجد حلها حين يوافق الأردنيون على ان يستعيدوا معظم الضفة الغربية (التي فقدوها بهبلهم حين ارتبطوا بالرئيس المصري جمال عبدالناصر في الحرب ضدنا).

كانت هذه حربي الثالثة، والأولى التي كنت فيها في مقر القيادة وليس في الميدان. أحد الفوارق هو أنك في الميدان اذا لم تكن ضابطا كبيرا، ببساطة لا تكون لديك فكرة حول الخطوة التالية، والى أين يأخذنا قائد الوحدة، ولا حتى ما هو الهدف التكتيكي التالي. في مقر القيادة أنت ترى الخرائط الملفوفة بالنايلون والتي يشار فيها الى منظومات القوات، وتسمع شبكات الاتصال. تنبسط الصورة أمام عينيك. هذا غبي بعض الشيء. لكن ما صدمني، قبل كل شيء، كان تحطيم نظام الاتصال الذي درجنا على استخدامه طيلة السنين. فجأة بدأ القادة، الذين كانوا حذرين في اللاسلكي، يتحدثون وكأنهم يتحدثون في هاتف مشفر. كان واضحا ان هذا الانتقال شاهد على الضائقة، وكان المضمون رهيبا – دعوات، يائسة أحيانا، للمساعدة، شتائم ومسبات بين القادة الكبار، وإحساس بخيبة أمل رهيبة من الزعماء.

من ناحيتي كان هذا وداعا حادا للفرائض التي حافظت عليها. لم اعتمر «كيبا» ولم أدعُ العالم العلماني الذي حولي للحفاظ على هذه الفرائض. ودعت بشكل حاد الكنيس ولم اعد اليه الا لغرض طقوس عائلية أو لغرض تمثيل الدولة في الشتات. لم اغفر للزعماء الذين قدّرتهم جدا قبل ذلك، واساسا غولدا مائير وموشيه دايان، حتى اليوم، اعتداد الرأي وتفويت الامكانية للوصول الى سلام مع مصر، حتى دون حاجة للحرب الرهيبة ذاتها.

لكني لم اشكّ ابداً بأن سياستهم المغلوطة كانت نتيجة اعتبارات غريبة. فلم أتصور أنه يحتمل أمر كهذا في إسرائيل. اعتقدت انهم لم يقرؤوا الخريطة على نحو سليم، وانهم كانوا واثقين جدا بحكمتهم وبتجربتهم، لكني لم اشك بدوافعهم في أنها ليست موضوعية.

الصدمة التي المّت بالدولة يوم العيد تترافق مع احساس عميق – يجد تعبيره في الاستطلاعات أيضا – في أن خطوات سياسية، تنطوي على حياة الناس، تتخذ بدوافع غريبة. فالسلوك في مسألة المخطوفين، والموقف الذي لا يحتمل من عائلاتهم، والمعارضة القاطعة لتشكيل ضروري للجنة تحقيق رسمية تخلق إحساساً عسيراً بدوافع غريبة: الوصول للادلاء بالشهادة الى المحكمة بملابس رئيس الوزراء؟ عدم عرض أي افق سياسي هو وحده يمكنه ان يضمن شراكة دول عربية في إدارة وترميم قطاع غزة؟ ضياع مكانتنا في العالم كدولة ديمقراطية تحترم القانون؟ السماح للاقتصاد بالتدهور بحجوم لم نشهدها من قبل؟ الزام الأجيال التالية بدين قومي جسيم لأجل التضحية بالقرابين في الهيكل الذي سرعان ما سيقوم؟ من الصعب أن نعرف.

ان انعدام الثقة بالقيادة الحالية أخطر من الإحساس ذاته، قبل اكثر من يوبيل من السنين، عندما فهمنا بأنه لا يوجد للثقة الزائدة بالنفس لدى الزعماء أساس، وان الثقة إياها قادتنا جميعا الى الهوة الرهيبة لحرب «يوم الغفران». لكن الزعماء إياهم نظروا الى المرآة، ومع أنهم انتصروا في الانتخابات وكان يمكنهم أن يواصلوا مناصبهم، انصرفوا عن الساحة.

——————————————–

الجيش الإسرائيلي: حان الوقت لتحويل “الإنجاز العسكري” في لبنان لخطة سياسية

غيرت إسرائيل خطتها الأصلية للحرب على لبنان، واتخذت قيادتها السياسية والعسكرية هذا القرار أثناء الحرب، بذريعة “تحقيق سلسلة نجاحات متتالية ضد حزب الله”، حسبما اعتبر المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، يوسي يهوشواع.

وحسب يهوشواع، فإنه لم يكن يفترض أن تبدأ إسرائيل الحرب على لبنان بشكل تدريجي وإنما “بهجوم شديد للغاية”، والانتقال إلى اجتياح بري، “وفي نهاية الأمر التوصل إلى اتفاق”. لكن إسرائيل غيرت الخطة وعملت، من خلال حِيَل كثيرة جدا ودخلت إلى الحرب بصورة متدرجة مع الكثير من المعلومات الاستخباراتية وإطلاق نار دقيق”.

وفى المرحلة الأولى، أقدمت إسرائيل على اغتيال القيادي العسكري في حزب الله فؤاد شكر، فيما كانت تتوقع رد فعل كبيرا من جانب حزب الله. وأشار يهوشواع إلى أن إسرائيل لجمت ردا كهذا بواسطة “ضربة استباقية ودفاع جوي قوي”. 

وأضاف أنه بعد ذلك اتخذت إسرائيل القرار بشن الحرب من دون الإعلان عن ذلك، وبالأساس من دون جعل الجانب الآخر يدرك أننا، وهو أيضا، أصبحنا في داخلها بشكل عميق”. ونقل يهوشواع عن قائد شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي، عوديد بسيوك، ادعاءه أنه حتى في اليوم الذي اغتيل فيه أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، “لم يدرك نصر الله نفسه أننا في ذروة الحرب وليس في تدهور آخر لها. وصعد الجيش الإسرائيلي غاراته على لبنان منذ 24 آب/أغسطس، وأنه “بدأ بإضعاف قدرات حزب الله على إطلاق الصواريخ، وليس فقط في المنطقة حتى نهر الليطاني، التي تخضع لقيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، وإنما في منطقة شمال الليطاني التي تخضع لمسؤولية هيئة الأركان العامة الإسرائيلية”. 

وأشار إلى أنه في هيئة الأركان العامة الإسرائيلية فوجئوا من أن نصر الله “حافظ على حدود “الجبهة وأن الحرب بقيت محصورة، وأنه خلال هذه الفترة “فقد حزب الله جزءا كبيرا من قدراته على إطلاق الصواريخ”.

 فإن خطة تفجير آلاف أجهزة “البيجر” وأجهزة الاتصالات كان يفترض تنفيذها “في ضربة بداية الحرب”، وتم تفجيرها قبل ذلك بعد أن اكتشف حزب الله أنه قد تكون مفخخة. 

والمرحلة التالية في خطة الحرب الإسرائيلية كانت اغتيال القيادي العسكري في حزب الله إبراهيم عقيل، مع قيادة الرضوان بالكامل”، وتلا ذلك هجمات إسرائيلية شديدة ضد القذائف الصاروخية والصواريخ الدقيقة لدة حزب الله، فيما الجيش الإسرائيلي لم يطالب السكان بالنزوح عن جنوب لبنان وإنما بمغادرة بيوت تتواجد فيها أسلحة، “كي يُحدث الشعور بأن هذه ليست حربا شاملة”.

وأشار يهوشواع إلى أن قرار اغتيال نصر الله اتخذه المستوى السياسي الإسرائيلي، أي بالأساس رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يواف غالانت، وبتأييد قيادة الجيش، بادعاء أن نصر الله أدار المعركة بنفسه”.

وبحسبه، فإن الجيش الإسرائيلي شن بعد ذلك عملية عسكرية استهدفت أهدافا لحزب الله وبضمنها قياديين بمستوى متوسط، بادعاء أن الأماكن التي سيلجؤون إليها كانت معروفة مسبقا للجيش الإسرائيلي وهاجمها بالتزامن من الجو، كما شن هجمات استهدفت مواقع إنتاج أسلحة في بيروت” ، وفي موازاة ذلك فرض إغلاقا” غير رسمي على لبنان عند الحدود مع سورية بواسطة هجمات في سورية ومنع نقل طائرات الشحن من إيران إلى سورية”.

وبعد أن قدم يهوشواع هذا الاستعراض الدرامي ، أشار إلى أن قيادة الجيش الإسرائيلي تدعو إلى استغلال الإنجاز العسكري، من خلال خطة سياسية وفيما نحن متفوقون، وعدم إضعاف الإنجازات في قتال بلا هدف. وليس هناك إنجاز دراماتيكي آخر بإمكان الجيش تحقيقه، ومن الجهة الأخرى بإمكان حزب الله دائما أن يطلق قذائف صاروخية واستدراجنا إلى حرب استنزاف تتعارض مع مصلحة الجيش الإسرائيلي”. وأضاف أن “حزب الله لا يطلق النيران باتجاه عمق إسرائيل، لكن في جعبته قذائف صاروخية وصواريخ، أقل بكثير مما يعتقد، ولكن أكثر بكثير من حماس”.

ونقل يهوشواع عن مصادر في قيادة الجيش الإسرائيلي قولها إن “إسرائيل موجودة الآن في نقطة إستراتيجية مقابل حزب الله، ومقابل المحور الشيعي عموما. وقطعنا ذراعين لإيران، حماس وحزب الله. ولم تعد هناك إنجازات هامة. وثمة ما ينبغي فعله، لكنه قليل”. 

وأضافت المصادر ذاتها أنه “من الصواب أن يتم الآن إحضار اتفاق جيد يشمل إبعاد قوات الرضوان؛ وإنفاذ إسرائيلي بمنع تسليح حزب الله، وإذا اقتضت الحاجة تنفيذ توغلات برية إسرائيلية ضد بنية تحتية (عسكرية) عند خط التماس، إلى جانب التوصل إلى اتفاق محتجزين (تبادل أسرى) في غزة. ورغم أن حزب الله لا يزال موجودا، لكنه أصبح منظمة أخرى. ونحن أيضا لم نكن نؤمن بأنه سنحقق هذا الإنجاز، كما أن الإيرانيين في حالة هلع بسبب فقدانه”. 

وأشار يهوشواع إلى أنه “بعد الرضا الحالي (في الجيش)، ينبغي انتظار الهجوم الإسرائيلي في إيران، وبعده انتظار الرد الإيراني بشكل خاص. ومن شأن تبادل ضربات كهذه أن يؤدي إلى توسيع الحرب الإقليمية، ولكن لن يؤدي أيضا إلى تقليص الإنجاز مقابل حزب الله”.

——————————————–

هآرتس 13/10/2024

العودة إلى 6 أكتوبر

بقلم : شاؤول اريئيلي ومعوز روزنطال

كان يخيل أن هجمة حماس في 7 أكتوبر صدعت سور النكران الذي بنته الساحة السياسية في إسرائيل بالنسبة للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني بعامة ولتسويته بخاصة. فقد عاد النزاع دفعة واحدة بكل قوته الى مركز الخطاب الإسرائيلي، الإقليمي والعالمي، بعد سنوات من اندحاره الى الهوامش، وأملنا بأن يلزم هذا السياسيين أن ينظروا الى الواقع الأليم وأن يشيروا ، الى جانب الانشغال بالحرب في غزة، الى اهداف سياسية بعيدة المدى – على طريق تسويته. 

خاب ظننا في الأشهر الأخيرة يعنى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته – وعلى طريقة الاستبعاد ، كبار المسؤولين في المعارضة أيضا – أساسا لمسائل ترتبط ببقاء الائتلاف، مثل مسألة استبدال وزير الدفاع يوآف غالنت بجدعون ساعر، في ظل حرب في عدة جبهات.

فليس فقط لم يبدأ تغيير فى مستوى الاهتمام بتسوية النزاع – فحتى الاهتمام بالحرب الحالية أيضا ارتفع لفترة معينة، لكنه سرعان ما انطفأ مرة أخرى. يوجد تضارب بين الحرب والقرارات المصيرية التي تلزم قيادة الدولة بأن تتخذها بالنسبة لاهدافها السياسية – بينها إمكانية تحويل الحرب الى خشبة قفز لتسوية النزاع – وبين الاهتمام بمصلحة حماية الائتلاف. هذا التضارب يثير تساؤلات حول مدى التزام القيادة بتحقيق اهداف الحرب، وكذا بالنسبة للغاية السياسية للحرب من ناحيتها.

في مجموعة البحث “تمرور” (إشارة ضوئية نحن نفحص الاهتمام الذي تكرسه القيادة السياسية في إسرائيل للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، واساسا في سياق تحقيق اهداف بعيدة المدى ضم جزئى أو كامل لاراضي الضفة الغربية وربما أيضا قطاع غزة، أو تسوية النزاع في اطار حل الدولتين. 

فحص جدول اعمال القيادة السياسية في إسرائيل في البحث الذي أجريناه يتناول ثلاثة مجالات جدول الاعمال العلني، الذي يجد تعبيره في تغريدات قادة الأحزاب في شبكة “اكس” ، جدول الاعمال البرلماني المتعمق نسبيا والذي ينعكس في لجان الكنيست، وجدول الاعمال الحكومي كما ينعكس في قرارات الحكومة التي توجه اعمال السلطة التنفيذية. 

خطاب قادة الساحة السياسية في إسرائيل يواصل تجاهل النزاع، تداعياته والحاجة الى تسويته، تماما مثلما كان الحال قبل ٧ أكتوبر. قبل الحرب وجدنا أنه اتخذت قرارات قليلة في الموضوع في الحكومات الـ 35، 36 و37 (في الأعوام 2020 – 2023 وجرت مداولات قليلة جدا في الموضوع في لجان الكنيست الـ 23 و 24 و 25 ، وهذه لم تلمس إلا خطوات ذات نزعة ضم. 

أما خطاب قادة الساحة السياسية في الشبكات الاجتماعية فقد عكس صورة مشابهة. ففي تحليل نحو 70 ألف تغريدة لقادة كل الأحزاب على شبكة “اكس” بين كانون الأول 2018 وايار 2023 تبين أنه تكرس اهتمام قليل للموضوع الإسرائيلي – الفلسطيني. وكان المغردون المركزيون في الموضوع من أحزاب اليمين الديني واليسار العلماني ممن غردوا أساسا دعما أو معارضة لامكانية الضم. قادة أحزاب الوسط اختاروا ألا يهتموا بالموضوع. المسألة الفلسطينية دحرت الى الزاوية، وأصبحت عبئا في الخطاب الجماهيري في إسرائيل.

في اعقاب 7 أكتوبر لاحظنا ارتفاعا مؤقتا في تناول النزاع في المدى القصير، لكن في غضون وقت قصير عاد التجاهل الى مستواه ما قبل الحرب. في الربع الثالث من العام 2023، خمس تغريدات فقط عنيت بالضم ، وتغريدة واحدة بالانفصال. في الربع الثاني من العام 2024 نشر زعماء الأحزاب تغريدتين عن الانفصال (بن غفير خمس تغريدات عن الضم (واحدة) لسموتريتش، اثنتان ليثير غولان واثنتان لاحمد الطيبي)، تغريدة واحدة افيغدور ليبرمان) عنيت بشكل غير مباشر بحل الدولتين، ولا أي تغريدة عن الحفاظ عن الوضع الراهن في النزاع.

في المقابل، بالنسبة لقطاع غزة والاحداث الأمنية كان ارتفاع حاد: 59 تغريدة في الربع الثالث من العام 2023 ، بينما 15 منها تميل الى اليمين (“تقويض حماس”) وواحدة لليسار. في الربع الرابع كان 219 تغريدة كهذه، 26 منها تتماثل مع اليمين و8 مع اليسار.

في الربع الأول من العام 2024 كانت في الشبكة تغريدات ذكرت مواضيع امنية، 30 منها مالت لليمين و 24 لليسار. بمعنى الموقف من حلول عميقة للنزاع كان هزيلا جدا، والتشديد الأساسي كان على الوضع الأمني الحالي، مرات عديدة انطلاقا من مرشحات أيديولوجية للمغرد أو المغردة (218 ذكر لغزة، حماس، حزب الله وایران). 

في لجان الكنيست تواصل خطاب نشط عن الضم على طول كل الكنيست الـ 15 (مع مئات حالات ذكره، فيما أن اتجاهات أخرى للسياسة – مثل الانفصال – ظهرت بتواتر ادنى بكثير. الى جانب ذلك كلما طالت الحرب هبط دراماتيكيا عدد الحالات التي تذكر فيها حلول طويلة المدى، وعاد الى التواتر المتدني الذي ميز الخطاب قبل الحرب.

الاهتمام بغزة في لجان الكنيست اجتاز مسيرة مشابهة: عدد حالات ذكرها ارتفع بحدة، من 150 مرة في الربع الثالث من العام 2023 الى 1332 في الربع الرابع في الربع الأول من العام 2024 ارتفع العدد الى 1797، لكنه انهار في الربع الثاني من هذا العام الى 13 مرة فقط. أي أنه في قلب البحث البرلماني، الذي يفترض به أن ينصب على فحص جدول الاعمال الإسرائيلي، تحول الانتباه من الانشغال بالنزاع – في المدى القصير والبعيد – الى مواضيع أخرى.

من ناحية جدول الاعمال الحكومي فانه مع تسلم الحكومة الحالية لمهامها لاحظنا في قرارات الحكومة ارتفاع واضح في الموقف من ضم مناطق الضفة الغربية. لكن منذ 7 أكتوبر انخفض تواتر هذه التعابير بالمقابل، توجد عشرات المواقف من جوانب امنية للنزاع 350 ذكر في الربع الرابع من العام 2023، مقابل 18 ذكر في الربع الذي سبقه و 179 ذكر في الربع الأول من العام 2024. في الربع الثاني من العام 2024 هبط عدد عموم المواقف من غزة في قرارات الحكومة الى 14.

يبدو أن القيادة السياسية في إسرائيل عادت الى الاحابيل الائتلافية الدارجة في الكنيست. صورة الوضع المشوهة هذه تشهد مرة تلو الأخرى بأن الائتلاف الحالي يغرق كله في بقائه ومواضيع النزاع – بما فيها اهداف سياسية وحلول ممكنة – تحتل مكانا هامشيا في جدول اعمالها، مثلما يجد تعبيره في الشبكات الاجتماعية في الكنيست وفي قرارات الحكومة. 

المعارضة أيضا لا تضع بديلا مبدئيا لمواصلة المراوحة في المكان في الفلسطينية بشكل ثابت ومتواصل، باستثناء تصريحات قليلة للنواب يثير غولان، يئير لبيد وايمن عودة، ممن اعربوا عن تأييدهم لحل الدولتين (مع تحفظات مختلفة)، فان الساحة السياسية بعمومها لا تربط بين دروس الحرب وبين الحاجة الى تسوية النزاع بهذه الطريقة أو تلك. فقد عادت الى نمط الوضع الراهن الوهمي الذي ولد ٧ أكتوبر.

——————————————–

يديعوت احرونوت 13/10/2024

الاتفاق وحده سيحرر القطاع من حكم حماس

بقلم: بن درور يميني

يوم الخميس الماضي، في مكان ما في شمال هضبة الجولان، في الخلفية انفجارات. قد تكون اعتراضات. قد تكون أصداء لما يحصل في لبنان غير البعيد. قبل أيام من ذلك، زيارة في سديروت. ومرة أخرى صافرة في الخلفية. ومنذئذ بعد توقف لبضعة أسابيع، اطلاق للصواريخ كل يوم تقريبا. اعتدنا. يقولون لي في الشمال. لا نتأثر. المشكلة هي ان الثمن الدموي فظيع ورهيب. زوجان آخران قتلا في كريات شمونا. فحتى لو كانت صافرة – مشكوك ان يكون ممكنا الوصول الى منطقة محمية. لم نعتاد. قالوا لي في الجنوب. اعتقدنا أن هذا انتهى. شيء لم ينته. فرقة 162 غادرت رفح كي تعمل مرة أخرى في شمال القطاع لان حماس ترفع الانف، تسيطر على المساعدات الإنسانية، تعيد تنظيم نفسها عسكريا بل وحتى تنجح، لكارثتنا، لزرع عبوة تقتل ثلاثة جنود. كنا في خانيونس. تركنا. اطلاق الصواريخ من هناك استؤنف. لم نعد نتحدث عن اليوم التالي، نتحدث عن هذه الأيام. كيف سنخرج من هذا الوحل؟

المزاج الوطني تحسن في اعقاب العمليات الناجحة ضد حزب الله. أجهزة البيجر، أجهزة الاتصال، تصفية نصرالله وشريحة قمة القادة. القصف الذي لا يتوقف على مخازن الذخرة، الصواريخ والمقذوفات الصاروخية. لا شك ان حزب الله لم يعد ما كان. لكن تنفس الصعداء كان سابقا لاوانه. منذ أسبوعين وجنود الجيش ينشغلون بتطهير جنوب لبنان. هم جديرون بكل ثناء وتمجيد. لكن التغيير لا يبدو في الأفق. ربما العكس. رشقات الى مسافات ابعد أصبحت امرا اعتياديا.

ربما نقول: الصبر. هذا لا يحصل بين ليلة وضحاها. صحيح. توجد حاجة للصبر. العجلة من الشيطان. لكن بعد سنة من الاعمال، شيء ما هنا لم يترتب. نحن نعرف عن عدد لا يحصى من المشاكل في الاستراتيجية التي أدت الى المذبحة في 7 أكتوبر. لكن ماذا منذئذ؟ فقد كانت اشهر من المراوحة في داخل القطاع، حين لم يفهم القادة الكبار ما الذي بالضبط يفترض أن يفعلوه. وسنة كاملة تعرض إسرائيل للصواريخ من حزب الله. الشمال في دمار. البلدات مخلية من السكان، عشرات الاف النازحين. إسرائيل بالذات ردت. في كل يوم بيومه قصفت جنوب لبنان. لكن شيئا لم يتغير. متى سيكون التغيير؟ سألت ضابط كبير ينفذ هو وقواته هذه الأيام العمل الصعب لتطهير القرى المجاورة للحدود. لم يحاول الطمس. حتى لو لم يكن نار من القرى والاستحكامات المجاورة للحدود، قال، ستكون نار من مسافات ابعد. حتى لو وصل الجيش الإسرائيلي الى الليطاني، هذا ليس ما سيحرر الشمال من الصواريخ والمُسيرات.

يجب أن نعرف: حقيقة أن حماس في هزيمة عسكرية لا يعني أنه لا توجد حماس. وحقيقة أن حزب الله تلقى ضربات قاسية لا تعني أنه لا توجد قدرة على اطلاق المزيد جدا من الصواريخ. إذن ماذا نعم؟ التغيير سيحصل فقط عندما تترجم الإنجازات العسكرية، وتوجد إنجازات، الى خطوة سياسية.

من يريد أن ينتظر القضاء التام على حزب الله قبل تحقيق اتفاق – سيتعين عليه على ما يبدو ان ينتظر سنوات أخرى. هذا بالضبط ما تريده منظمات الإرهاب. استنزاف بدلا من حرب. إسرائيل جيدة في حملات وفي حرب قصيرة. هي ليست مبنية لحروب استنزاف. خادمو الاحتياط هم العمود الفقري الاقتصادي لإسرائيل. كم من الوقت يمكن المواصلة عندما يكونون مجندين وعندما لا يبدو أن هناك احد ما سيحل محلهم. الائتلاف الذي يحكمنا يبحث عن كل حيلة ممكنة كي لا تكون مساواة في العبء. 

التفوق الذي حققته إسرائيل رائع، شريطة ان تستخدمه القيادة لغرض تحقيق اتفاق. لان الاتفاق فقط سيضع نهاية لاطلاق الصواريخ. الاتفاق فقط سيؤدي الى تحرير مخطوفين. الاتفاق فقط الذي يتضمن بهذا المستوى او ذاك السلطة الفلسطينية وقوة عربية او دولية سيحرر القطاع من حكم حماس. واذا لم يحصل هذا فان أبناء واحفاد جنود الفرقة 162 سيواصلون التراكض بين رفح وجباليا. جنودنا الشجعان سينتصرون. لا شك. لكن هذا سيكون نصرا في معركة، وبعدها معركة، وبعدها معركة، لكن هزيمة في العرب. 

ونعم، نحن بحاجة لمعالجة جذرية. حماس وحزب الله أيضا هما جزء من فوق النار الذي اقامته النار. لا توجد أي حاجة لان تستنزف إسرائيل نفسها في حرب ضد اذرع الاخطبوط. كل الطاقات يجب لإسرائيل أن تستخدمها في رأس الاخطبوط. اذا لم يحصل هذا، فعندها مع أو بدون اتفاق ستواصل ايران ان تفعل بالضبط ما فعلته حتى الان. تعزز، تسلح وتثبت طوق النار. حسب التقديرات المختلفة، الاف الحوثيين يوجدون منذ الان في سوريا. وهم يسارعون الى المعركة. منسقهم الرئيس هو العقيد شرف المواري، الملحق العسكري للحوثيين في سوريا.

هكذا بحيث أن اتفاقا في الجبهتين ليس كلمة نكراء. وبشرط واحد: ان توجه إسرائيل كل الجهود للتصدي لرأس الاخطبوط. لانه اذا لم يحصل هذا، فان نجاحات إسرائيل لن تترجم الى انجاز استراتيجي. واذا لم توقف ايران، فانها ستواصل التآمر الذي من شأنه ان يجري إسرائيل الى استنزاف بلا توقف. إسرائيل انتصرت في المعارك، حان الوقت لان تنتصر في الحرب. 

——————————————–

معاريف 13/10/2024

حكومة إسرائيل ملزمة في هذه اللحظة بحساب النفس

بقلم: افي اشكنازي

أمس انتهى يوم الغفران. نحن ما قبل عيد العرش وبعده فرحة التوراة، الذي تحول من يوم عيد الى يوم ذكرى لاحدى الكوارث الأكبر في دولة إسرائيل. 

نحن اكثر من سنة في حرب السيوف الحديدية. نقاتل بقوى عالية في سبع جبهات. في بعضها نحن في هجوم، في بعضها نحن ندير معركة دفاع. على المستوى السياسي أن يجري الان حسابا حقيقيا للنفس. فيفحص خطوات الحرب في كل الجبهات. يراجع اذا كانت إسرائيل تنجح في تغيير الواقع الاستراتيجي في المنطقة او لا سمح الله تبدأ في عملية غرق في الوحل في كل واحدة من الجبهات. 

إسرائيل ليست مبنى لحروب طويلة. لحروب استنزاف. الجيش الإسرائيلي مبنى على الاحتياط. الاقتصاد الإسرائيلي مبني على رأس المال البشري. هذا المقدر الطبيعي القومي لدينا. الحروب الطويلة من شأنها أن تدفع الاقتصاد والمناعة الوطنية الى الانهيار. 

في اثناء العيد تواصل القتال في كل الجبهات. في قطاع غزة أدار الجيش الإسرائيلي معارك في منطقة المحور، في رفح وفي شمال القطاع. ضابط ومقاتل في مدرسة الهندسة القتالية اصيبا في المعارك، الجيش الاسرائيلي صفى خمسين مخربا، سلاح الجو هاجم 280 هدفا. 

صحيح حتى اليوم، ثلاث فرق للجيش الإسرائيلي تناور في القطاع. الموضوع هو انه صحيح حتى الان لا توجد غاية للقتال في غزة. قيادة المنطقة الجنوبية لا تعرض خطة نهاية. الحقيقة هي ان معظم اهداف الحرب لم يحققها الجيش الإسرائيلي حتى الان: لم يحرر 101 مخطوفا، رأس يحيى السنوار، تفكيك حماس. من يوم الى يوم يبدو أننا نتجه الى الغرق في قصة غزة. 

في لبنان، اعلن الجيش الإسرائيلي لسكان عايدة الشعب القرية الأكثر عداء للجبهة الغربية، لان عليهم ان يخلوا القرية. يبدو أن الجيش يسعى لان ينفذ في القرية هجمات مكثفة. كقاعدة، الجيش سيطر منذ الان على معظم الخط الشمالي للجدار الحدودي. 

وما هي الخطط للمستقبل؟ ليس واضحا. حزب الله من جهته اعلن بانه يعتزم العمل بطريقة حرب العصابات. ان يستغل حقيقة أن إسرائيل غير معنية بحرب استنزاف. اما حزب الله فبالذات معني. 

في الضفة، في اثناء نهاية الأسبوع أيضا، كان الجيش الإسرائيلي مطالبا بان يعمل في نابلس، في جنين وفي طولكرم. الجيش والشباك يحاولان الإبقاء على مستوى القتال في الضفة بشكل لا يدهور إسرائيل الى جبهة قوية أخرى. 

ولم نتحدث بعد عن ايران، رأس الافعى. حكومة إسرائيل لم تتخذ قرارا فيما تريد ان تفعله مع ايران. إسرائيل ملزمة بان تهاجم بقوة بعد الهجوم الإيراني قبل نحو أسبوعين، لكن موضوع ايران معقد. وذلك أيضا بسبب الاسرة الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة، لكن أيضا بسبب كل الدول المعتدلة في الشرق الأوسط. مسألة سعر النفط والغاز، الضرر المحتمل من جانب ايران ضد مقدرات الولايات المتحدة او الدول المعتدلة، التأثير على الانتخابات في الولايات المتحدة. كل هذه هي جزء من الاعتبارات. 

وعليه، مثلما ذكر أعلاه، فان حكومة إسرائيل ملزمة في هذه اللحظة بحساب النفس. ان تقرر كيف نقاتل من الان فصاعدا في كل جبهة، كيف نصل الى النهاية في كل ساحة. كيف نتصدى لتهديدات الدائرة الثالثة وغيرها. عشرة أيام جواب انتهت امس. لكن في الساحة العسكرية والسياسية بقينا بلا أجوبة للمستقبل. 

——————————————–

هآرتس 13/10/2024

مصادر أمنية تقدر: الحكومة هجرت المفاوضات وتدفع قدما بضم في غزة

بقلم: ينيف كوفوفيش

مصادر رفيعة في جهاز الامن قالت إن الحكومة لا تضغط من اجل الدفع قدما بصفقة التبادل، وأنهم في المستوى السياسي يدفعون نحو ضم زاحف لاجزاء كبيرة في قطاع غزة بدلا من انهاء الحرب واعادة المخطوفين. في محادثات مغلقة قالت هذه المصادر بأن احتمالية التوصل الى اتفاق حول صفقة تبدو الآن ضئيلة، ضمن امور اخرى، لأنه منذ تم وقف الاتصالات حول عقد الصفقة لم يتم اجراء أي محادثات في هذا الشأن مع أي جهة دولية. اضافة الى ذلك، حسب قولها، لم يتم اجراء نقاش في المستوى السياسي مع جهات رفيعة في جهاز الامن حول وضع المخطوفين منذ ذلك الحين.

قادة ميدانيون تحدثوا مع “هآرتس” قالوا إن قرار الانتقال للعمل في شمال القطاع اتخذ بدون نقاش معمق، ويبدو أن هذه الخطوة استهدفت بالاساس الضغط على سكان غزة، الذين مطلوب منهم الانتقال مرة اخرى من هذه المنطقة الى منطقة الشاطيء في حين أن الشتاء على الباب. من غير المستبعد أن ما ينفذ الآن يمهد الارض لقرار للمستوى السياسي لاعداد شمال القطاع لتنفيذ خطة الحصار والتجويع للجنرال الاحتياط غيورا آيلاند الذي بحسبه سيتم اخلاء كل سكان شمال القطاع الى مناطق انسانية في جنوب القطاع، ومن سيختار البقاء في شمال القطاع سيعتبر ناشط في حماس وسيكون بالامكان المس به. ايضا في الوقت الذي فيه سكان جنوب القطاع يحصلون على المساعدات الانسانية فانهم في شمال القطاع سيجوعون السكان اذا قرروا البقاء هناك. هذه الجهات الرفيعة في جهاز الامن التي طلب منها الرد على الخطة التي طرحها آيلاند، اوضحت بأنها لا تتلاءم مع القانون الدولي وأن احتمالية أن تؤيدها الولايات المتحدة والمجتمع الدولي ضئيلة جدا، وحتى أنها ستمس بالشرعية الدولية لمواصلة القتال في غزة.

في الجيش الاسرائيلي استعدوا لعملية توغل واسعة في شمال القطاع بعد تفجر الاتصالات لعقد الصفقة من اجل الضغط على حماس للعودة الى طاولة المفاوضات. ولكن في نهاية المطاف تقرر نقل مركز القتال الى الحدود الشمالية. الفرقة 162 التي تم الابقاء عليها في جنوب القطاع طلب منها الاستعداد لاقتحام واسع في جباليا التي تقع في الشمال – رغم أنه لم تكن أي معلومات استخبارية تبرر ذلك. اضافة الى ذلك فانه بين كبار ضباط جهاز الامن لم يكن هناك اتفاق في المواقف فيما يتعلق بضرورة هذه الخطوة. وفي الجيش وفي الشباك كان هناك من اعتقدوا أنها يمكن أن تعرض حياة المخطوفين للخطر. المصادر التي تحدثت مع الصحيفة قالت إن الجنود الذين دخلوا الى جباليا لم يصطدموا مع مخربين وجها لوجه. ومن دفع قدما بهذه العملية هو قائد المنطقة الجنوبية الجنرال يارون فنكلمان، قبيل احياء الذكرى السنوية الاولى للحرب.

في الجيش اوضحوا مؤخرا بأن النشاطات البرية في القطاع تعرض للخطر حياة المخطوفين، بالاساس منذ العثور على ستة مخطوفين موتى بعد أن اطلقت النار عليهم بعد اقتراب القوات من المكان الذي احتجزوا فيه. منذ فترة غير بعيدة نشر ايضا أنهم في حماس أمروا النشطاء بمنع عمليات انقاذ للمخطوفين بكل ثمن، واعدام المخطوفين في حالة اقتراب الجيش من المنطقة.

حسب تقديرات جهات استخبارية فانه في شمال القطاع يوجد حوالي 4 آلاف غزي كانوا معروفين كنشطاء لحماس حتى قبل الحرب، وعددهم حتى اكبر في جنوب القطاع. التقدير هو أنه رغم أن لواء رفح تضرر وكف عن الوجود كاطار عسكري فان كثير من المسلحين غادروا منطقة القتال قبل دخول الجيش الاسرائيلي. هذه المصادر تقول ايضا بأن هناك نشطاء آخرين لحماس يعملون في مخيمات وسط القطاع. هناك الجيش لم يعمل بعد. 

حماس تسيطر تماما في على كل المجالات المدنية في القطاع، في جهاز الامن طرحوا على المستوى السياسي الحاجة الى مسؤولية دولية على القطاع، لكن المستوى السياسي رفض حتى الآن كل اقتراح طرحه كبار قادة جهاز الامن. في حماس اقاموا وحدة شرطة باسم “قوة السهم” ويشارك فيها مئات النشطاء، وتعمل ضد من يحاول تقويض سلطة حماس في القطاع. من ناحية حماس فان الضغط الاكثر شدة على قيادتها هو الوضع المدني الصعب في القطاع، خوفا من أن يجعل السكان ينتفضون. مع ذلك، بعد سنة على الحرب فان الكثير من الغزيين يعتقدون ان حماس ستواصل الامساك بالسلطة حتى بعد الحرب، لذلك فانهم يخشون من التعبير علنا ضدها. حماس تحاول ايضا منع السكان من الانتقال من مكان الى آخر في اعقاب توجيهات الجيش الاسرائيلي. ورغم طلبات حماس إلا أن معظم السكان يغادرون خشية على حياتهم. مع ذلك، بعد أن تم تهجيرهم من بيوتهم عدة مرات في السنة الماضية فان المزيد من السكان على استعداد للمخاطرة والبقاء في مناطق القتال.

في جهاز الامن يرون في حكم حماس في القطاع تحد اكثر تعقيدا من الذراع العسكري. جهات رفيعة في الجهاز تقول إنه رغم أن الذراع العسكري تضرر بشكل كبير إلا أنه في المجال المدني حماس ما زالت هي السلطة الوحيدة. وحسب قولها فان اعتماد السكان على حماس ازداد حقا، ضمن امور اخرى، لأن المساعدات الانسانية تصل الى حماس ولأنها هي المسؤولة عن التوزيع. سبب آخر هو أن كثيرين معنيين بالعمل في هذه المنظمة من اجل كسب الرزق حتى لو كانوا لا يؤمنون بنهجها أو يؤيدونها. 

——————————————–

هآرتس 1/10/2024

المسؤولون في الشرطة عن معالجة الإرهاب اليهودي في الضفة كفوا عن التعاون مع الشباك

بقلم:  يهوشع براينر

في الاسابيع الاخيرة حدثت قطيعة بين الوحدة الرئيسية في لواء شاي في الشرطة وبين اللواء اليهودي في الشباك. في الجهاز يقولون في نقاشات مغلقة بأن الوحدة لا تؤدي دورها في معالجة مظاهر عنف المستوطنين ونشطاء اليمين المتطرف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. جهات في الجهاز قالت في محادثات مغلقة بأن قائد الوحدة، العقيد افيشاي معلم، نفى ارتفاع حجم الارهاب اليهودي في الضفة، وأنه لا يرد على كبار قادة اللواء اليهودي الذين يحاولون الاتصال به.  

الوحدة الرئيسية في لواء شاي عملت حتى السنوات الاخيرة بالتعاون مع اللواء اليهودي في الشباك. هذا اللواء نقل اليها معلومات استخبارية كثيرة عن نشطاء الارهاب اليهودي واليمين المتطرف في الضفة، والشرطة عملت كذراع تنفيذي للجهاز في المناطق. وحدة لواء شاي اعتقلت اشخاص مستهدفين من قبل الشباك ومتهمين بالتورط في الارهاب اليهودي، وقامت باصدار اوامر ابعاد ادارية وحققت مع مشبوهين بأعمال ارهابية. ولكن في الفترة الاخيرة التقت الوحدة واللواء اليهودي بالاساس عندما قامت جهات خارجية مثل وزارة العدل بعقد جلسات. 

حسب اقوال مصادر في جهاز الامن فانه في اعقاب سلسلة احداث، التي فيها الوحدة الرئيسية في لواء شاي لم تتعاون مع الجهاز لمعالجة المشبوهين بالتورط في اعمال ارهاب يهودية بدأوا في الشباك بالتعاون مع حرس الحدود الموجود في مناطق الضفة ويخضع للجيش الاسرائيلي وقيادة المنطقة الوسطى. هذا بعد أن لم يحصلوا على رد من الشرطة حول تخصيص قوات لصالح اعتقالات ونشاطات اخرى. 

بعض المصادر في جهاز الامن قالت بأنه “عندما يتحدث معلم فكأنك تسمع بن غفير”. وقالت ايضا بانه عمليا الوحدة الرئيسية في لواء شاي، التي يعمل فيها الجسم المسؤول عن معالجة الارهاب اليهودي والجريمة القومية المتطرفة، تقريبا لا تعتقل مشبوهين ولا تتابع اهداف الشباك أو تجمع معلومات عنهم. بعد تسلم معلم لمنصبه في الاشهر التي سبقت القطيعة فان الوحدة عملت ايضا بشكل محدود – فقط عندما رأت هي نفسها أنه يجب العمل، فقط ضد جزء من الاهداف التي ارسلها اليها الشباك. ولكن في الفترة الاخيرة نشاطها توقف تقريبا بشكل كامل. 

مصدر رفيع في جهاز الامن قال إنه من المحادثات المغلقة مع ممثلي الشرطة يتبين أنهم يعتبرون ظاهرة الارهاب اليهودي ظاهرة ثانوية، وهم لا يعتقدون أنه يمكن أن تؤدي الى تصعيد كبير. في المقابل، اشار المصدر الى أن بيانات الشباك تدل على ارتفاع دراماتيكي في حجم الظاهرة، وفي الجهاز يعتقدون أنه يوجد للارتفاع في حجم الارهاب اليهودي تأثير مباشر على الارهاب الفلسطيني.

في جهاز الامن وجهات رفيعة في جهاز القضاء يوجهون اصبع الاتهام لقائد الوحدة الرئيسية. العقيد في الشرطة، المفتش معلم، تمت ترقيته لهذا المنصب قبل سنة، والآن هو مرشح من قبل وزير الامن الوطني ايتمار بن غفير للحصول على ترقية، منصب عميد في الشرطة، كي يتولى منصب رئيس شعبة الاستخبارات في قسم التحقيقات والمعلومات، الذي يعتبر منصب رئيس في الجهاز. معلم التقى مع بن غفير قبل اسبوعين، وهو معني بتولي هذا المنصب.

منذ تولى معلم قيادة الوحدة فانها مرت بتغيير كبير. عدد اعتقالات مشبوهين بالارهاب اليهودي في سنة معلم تضاءل بنحو 50 في المئة مقارنة بالسنة السابقة. في حين أن البيانات التي ارسلتها وزارة العدل تشير الى أن عدد الاحداث ارتفع بعشرات النسب المئوية. مصدر رفيع في وزارة العدل قال إن “الوحدة الرئيسية في لواء شاي لم تعد تعمل ضد الارهاب اليهودي. هي تعمل فقط عندما لا يوجد امامها أي خيار حقا، على سبيل المثال عندما يكون الحادث موثق”. واضاف بأنه “من المخجل رؤية أن الجيش الاسرائيلي والشباك يتحدثون عن ظاهرة آخذة في التوسع. وفجأة ممثلو الشرطة يتحدثون عن انخفاض وظاهرة غير موجودة. هم يتجاهلون الخطر الكامن في الارهاب اليهودي”. في شهر تموز الماضي تم اقتباس مصدر رفيع في الوحدة المركزية في لواء شاي في القناة 7، قال “نحن لم نعد ذراع للشباك”. 

بعض المصادر قالت للصحيفة بأنه مرة تلو الاخرى في النقاشات المغلقة القى معلم المسؤولية عن اعمال العنف على “فوضويين من تل ابيب”، الذين حسب قوله يحرضون، بالاساس في جنوب جبل الخليل. وقالت المصادر ايضا بأن البيانات التي عرضها معلم في الاشهر الاخيرة في الكنيست وفي نقاشات داخلية في جهاز الامن حول انخفاض ظاهري في حجم الجريمة الوطنية المتطرفة مناقضة للبيانات الموجودة لدى الشباك. في نقاشات مغلقة في جهاز الامن وجهوا اصبع الاتهام للوحدة المركزية في لواء شاي بسبب أن غياب معالجة عنف نشطاء اليمين المتطرفين أدى بالادارة الامريكية الى فرض عقوبات على مستوطنين، وزاد الحاجة الى اصدار اوامر ادارية ضد من يعتبرون اهداف للشباك. 

من الشباك جاء أنه “بين الشباك وشرطة اسرائيل يوجد تعاون وثيق في كل الساحات والالوية. عندما يكون اختلاف مهني في المواقف فانه تتم معالجته في الحوار بين الجهازين وليس بواسطة وسائل الاعلام”. 

من شرطة اسرائيل جاء: “شرطة لواء شاي (يهودا والسامرة) وضمنها الوحدة المركزية في اللواء تعمل بتعاون كامل مع كل اجهزة الامن التي توجد في منطقة اللواء، من خلال فهم المسؤولية عن الحفاظ على سلامة وأمن كل سكان اللواء ومن خلال انفاذ القانون والنظام. عندما تظهر خلافات مهنية يتم علاجها وحلها كما هو مطلوب. للاسف، هناك جهات مجهولة تختار التوجه الى وسائل الاعلام بدلا من حل وتوضيح الخلافات المهنية، في حال اعتقدوا وجودها. قائد الوحدة المركزية وضباطه توجد لهم علاقة مباشرة ومتواصلة مع الجهات الموازية في الشباك وفي الجيش، وحتى أنهم يشاركون بشكل دائم في الجلسات التي يتم عقدها حول الموضوع مدار الحديث، والتي تشارك فيها ايضا جهات من النيابة العامة التي ترافق تحقيقات الوحدة المركزية بشكل ثابت. لواء شاي بكل وحداته سيواصل العمل جنبا الى جنب مع اجهزة الامن والاجهزة التنفيذية”. 

——————————————–

هآرتس 13/10/2024

اسرائيل ثملة بالقوة، لا يوجد من يوقفها في طريقها الى الانهيار

بقلم: جدعون ليفي

الغطرسة الاسرائيلية عادت وبقوة. من كان يصدق أنه بعد سنة على 7 اكتوبر ستعود هذه الغطرسة وبهذا الحجم. بعد أن هزمنا حماس ودمرنا غزة، الآن نهزم حزب الله وندمر لبنان – والآن الوجهة نحو ايران. في الخطاب الاسرائيلي اصبحوا يغيرون النظام حتى هناك، ويتحدثون عن تصفية علي خامنئي، وهم مترددون بين المنشآت النووية ومنشآت النفط. اسرائيل في حالة غطرسة، من الحضيض وروح الانكسار من هزيمة 7 اكتوبر – التي قارنوها بكارثة يهود اوروبا – الى قمة الوقاحة لتغيير انظمة ونقل شعوب في كل ارجاء الشرق الاوسط. كل ذلك خلال سنة. هذا سينتهي بالبكاء والدم. من طبيعة الغطرسة، حسب تعريفها، هي أنها تنتهي بكارثة. من طبيعة تحركات متطرفة كهذه، من كارثة متخيلة الى نصر متخيل، ستنتهي بالانهيار. 

في هذه الاثناء ملايين الناس يهربون للنجاة بحياتهم من الجيش الاسرائيلي، مهجرين، لاجئين، معوزين، عاجزين، جرحى، ايتام ومعاقين، في قوافل معاناة لا تنتهي في غزة وفي لبنان، وقريبا في الضفة وربما ايضا في ايران. لم يهرب في أي يوم اشخاص بهذا العدد خوفا من اسرائيل، حتى ولا في نكبة 1948. لن ينسوا ما فعلته اسرائيل بهم الى الأبد. بالنسبة لاسرائيل وللاسرائيليين هذا ليس مجرد اثارة وتفاخر وطني وسرور. هذا وضع من ثمل القوة الذي لم تعرف مثله، وبالتأكيد ليس منذ 1967. النجاحات العسكرية المثيرة للانطباع مهما كانت تخرج اسرائيل عن اطوارها. كيف فجرنا البيجرات وكيف قمنا بالتصفيات. مهاجمة ايران يمكن أن تجسد ذلك. ولكن الانجازات العسكرية لا تمثل كل شيء. لأنه في نهاية المطاف ماذا بعد؟.

اسرائيل تشعر بأن السماء هي الحدود لهجماتها واحتلالاتها والقتل والتدمير الذي يمكنها أن تزرعه. ولا يوجد من يوقفها. لم تقف في أي يوم بهذه الصورة امام ابواب فارغة، وهي على قناعة بأنه سنحت لها فرصة حياتها كي تضرب. الواحد تلو الآخر سقطت ابراج الورق التي خفنا منها: الصواريخ من غزة، الصواريخ من لبنان، صواريخ كروز من اليمن، صواريخ بالستية من ايران، كلها لم تعد تؤثر في أحد، حتى عجز المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة، يعزز الشعور بالثمل. يمكن فعل كل شيء. نسير الى النهاية. اسرائيل يمكنها المواصلة بدون ازعاج في حملات الاحتلال والعقاب الجنكيزية. الولايات المتحدة تتوسل كي تتوقف، وتوسلها لا يؤثر على الاسرائيليين، حقا.

لكن ربما يتضح ايضا أن انتصاراتها المدهشة ليست إلا شرك مصيري جاذب، مثل الانتصار المثمل في 1967، الذي ثماره المتعفنة ما زالت اسرائيل تأكلها حتى الآن. ما يظهر كقدرة عسكرية محدودة قد ينتهي بانتصار باهظ الثمن. في غزة اسرائيل تواصل التنكيل بملايين الاشخاص البائسين. حتى بعد أن اعلنت في السابق بأن حماس هزمت عسكريا. لماذا نواصل؟ لأن هذا ممكن. قريبا ايضا في لبنان. بشأن العقاب الزائد والخطير في ايران هي تتناقش لايام طويلة وكأنه لا توجد دولة غيرها، ولا توجد حدود لامكانياتها ولا يوجد من يوقف شهوة قوتها. في ظل غياب صديق حقيقي لوقفها فانها لن تتوقف من تلقاء نفسها الى الأبد، الى حين قدوم الكارثة، وهي ستأتي. النجاحات العسكرية تميل الى التضليل وهي ستمضي.

الى الكراهية ستنضم حكوماتهم. وذات يوم (بعيد) ستمل منها. لا تحظى اسرائيل بدعم دولي باستثناء الدعم من امريكا واوروبا. صحيح أنها حتى الآن هي لم تحرك ساكنا، لكن الرأي العام هناك يمكن أن يغير ذلك. التاريخ مليء بالدول الثملة بالقوة والتي لم تعرف كيفية التوقف في الوقت المناسب. اسرائيل قريبة من هناك. في هذه الاثناء التفكير بأن الملايين في الشرق الاوسط يهربون خوفا منا ويعانون بشكل لا يمكن وصفه ويهانون تحت احذيتنا، كل ذلك يجب أن يجعل كل الاسرائيليين يشعرون بالخجل والخوف ايضا. ولكنهم بدلا من ذلك يملأون قلب اسرائيل بالفخر ويشجعونها على البحث عن المزيد، ولا يوجد من يوقفها في طريقها الى الانهيار.

——————————————–

إسرائيل اليوم 13/10/2024

سوف نهزم حماس وحزب بالله ونشل ايران، ثم ماذا؟

بقلم: نوحاما دويك

صوم الغفران هذه السنة كان مختلفا عن المعتاد وذلك أيضا بسبب ما مر علينا في السنة الماضية وكذا لانه حل يوم السبت وبالتالي تكاتب مع يوم الغفران 1973. في حينه أيضا، مثلما في 7 أكتوبر 2023، هوجمنا دفعة واحدة دون أن نكون جاهزين. في حينه أيضا، مثل هذه المرة، لم يأخذوا بالتحذيرات. مجندات المراقبة في أكتوبر 2023 دحرن الى الزاوية بالضبط مثل اشرف مروان المصري، “الملاك”، الذي قبل أسبوعين من ذاك السبت، بلغ مشغليه في الموساد بان ومصر تخططان لهجوم مشترك على إسرائيل.

مثلما في حينه هكذا هذه المرة أيضا، كانوا أسرى المفهوم المغلوط. في حينه وهذه المرة على حد سواء النتيجة كانت مأساوية، كلفت حياة البشر وغيرت وجه الدولة. 

فوق كل شيء، يحوم السؤال الى اين السير من هنا. سيهمون حماس، سيخضعون حزب الله، وسيضربون ايران – وماذا بعد؟ 

في الأسبوع الماضي بعد أن اكتشف نفق متسلل في منطقة زرعيت على الحدود اللبنانية، تحدثت في الإذاعة احدى سكان البلدة، ابنة 65 لم تخلي بيتها وواصلت فلاحة حقولها مع زوجها. بعد أنت في الثناء على النجاحات الأخيرة للجيش روت أيضا كيف تجاهلوا تحذيرات السكان الذين سمعوا أصوات الحفر تحت الأرض وأنهت بالقول: في النهاية يجب الوصول الى تسوية.

معظم سكان الشمال المقصوفين، الذين فرحوا بالضربة القاسية وان لم تكن قاضية، لقوة حزب الله، لا يؤيدون إبقاء قوات الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان. أصدقائي، الذين يسكنون في منطقة روش بينا ذوي المعرفة الأمنية الواسعة قالوا لي أول امس انهم يعارضون ذلك وانه محظور الوصول الى وضع يكون فيه الجنود هناك، كالبط في مرمى تدريب اطلاق النار”. هم يريدون ان يعود الهدوء الى مدينتهم لكنهم يفكرون انه في نهاية الجولة “يجب أن تكون تسوية سياسية كهذه او تلك”.

في الماضي أشرت غير مرة الى غياب الاستراتيجية لدى إسرائيل. نحن نبني فقط على خطوات تكتيكية ولا نفكر ما وراء طرف أنفنا.  هكذا أيضا في موضوع الهجوم في ايران. باستثناء حقيقة أن رئيس الوزراء نجح في ابتزاز مكالمة هاتفية مع الرئيس بايدن، لم تجرى جلسة متعددة المنظومات تفحص كل السيناريوهات بما في ذلك سيناريو ان ترفض الولايات المتحدة التعاون وتبقينا وحدنا حيال ايران. 

يجدر بالذكر ان ايران ليست حماس وحزب الله. هذه دولة غنية المقدرات ومتطورة تكنولوجيا. بدلا من خطة استراتيجية اعلن وزير الدفاع غالنت عن أن الإيرانيين سيتفاجأون بالضربة التي سيتلقونها”. في هذه الاثناء كان من تلقى الصفعة هو نفسه حين طواه نتنياهو والغى رحلته الى الولايات المتحدة.

كان يفترض بغالنت ان يشارك في محادثات هامة ترتبط بالتسلح وكذا بالتنسيق اللاحق الذي يتعلق به مصيرنا جدا، لكن من يهمه هذا هناك؟ اهم بكثير اصدار البيانات بان رئيس الوزراء لم يقر لوزير دفاعه السفر الى ان يتحدث معه بايدن. المربية بالتأكيد راضية من التربية التي تكونت لنا في حكومة إسرائيل.

سنة واسبوع والنار لم تتوقف. لا في الجنوب ولا في الشمال. مُسيرات تصل من ايران ومن اليمن الى باتيام، الى هرتسيليا وكذا الى عسقلان. سنة واسبوع و 101 مخطوفا لا يزالون هناك. وعليه، ففي صلاة الختام صلينا أن تكون السنة القادمة سنة فداء اسرى واساسا سنة يحتل فيها الذكاء مكان الأنا لحكومة إسرائيل ومن يترأسها.

——————————————–

هآرتس 13/10/2024 

الحكومة فشلت في كل المجالات باستثناء المشروع الرئيسي

بقلم: ايريس ليعال

في الواقع بنيامين نتنياهو عالج في البداية وسائل الاعلام، وفي تلك الايام طموحاته كانت ما زالت متواضعة نسبيا، ولكن يمكنه النظر برضا الى ما فعلته يديه. فقد نجح بشكل لا بأس به في مشروع السيطرة عليها. ومنذ ذلك الحين استمر في تدمير بواسطة المبعوثين الاجهزة والآليات الحيوية للدفاع عن المواطن وعن حقوقه. الآن ايضا الشرطة سقطت. الامر المضلل في نتنياهو هو عدم القدرة على فهم متى يكون اختيار الوزراء ينبع من قدرة حكم معيبة ومتى ينبع من عدم وجود خيار آخر، متى هو يخضع للضغوط السياسية ومتى هذا الامر هو جزء من الخطة: ياريف لفين، غريب الاطوار والرمادي، والاصلاح القضائي؛ بتسلئيل سموتريتش اسوأ وزراء المالية وتجربته القبيحة في الاقتصاد؛ ايتمار بن غفير، وزير الامن الداخلي الذي لا يوجد أي كلمات لوصف ابعاد فشله في هذه الوزارة التي تسلمها، وملاحقته لمعارضي النظام، يهود وعرب، في اسرائيل.

في الواقع منذ بداية الحرب نفذت الشرطة اعتقالات سياسية وحققت مع الكثير من العرب بسبب التحريض. اغلقوا اماكن كانت تنوي عرض “جنين، جنين 2، لكن الآن الملاحقة مكشوفة. هذه المرة الوزير نفسه نشر في الشبكة صورة من الاعتقال المهين لانتصار حجازي، وهي المرشدة من طمرة التي وثقت وهي معصوبة العيون بسبب فيلم في تك تك. وزير التعليم يوآف كيش، الذي هو عضو في الحكومة والذي تحولت وزارته الى نكتة توصف بالفاشية، أيد وشجع. فقط بعد يومين، بعد ليلة كانت مكبلة اليدين والارجل ونامت في سيارة الشرطة، وعندما اصبح من الواضح أن الامر يتعلق بخطأ مخجل، تم اطلاق سراحها مع شروط مقيدة. حجازي هي مواطنة غير سياسية، نشرت فيلم في تك تك ولم تنشر في أي يوم اقوال مديح لحماس. هي اعتقلت لأنها عربية.

عمليا، الشرطة هي مقاول ثانوي لغرض ملاحقة مكارثية على يد كيش، ميكي زوهر، وبشكل عام كما يبدو كل وزير يطلب ذلك. هذه الشرطة، كما عرفنا، تعمل كذراع تنفيذية لوزراء شعبويين يحكموننا. هذا بالضبط ما يقصدونه عندما يقولون بأن الشرطة سقطت: في يوم الخميس توجه وزير الثقافة للشرطة كي تمنع عرض فيلم “اللد” على مسرح “سرايا” في يافا. مضمون الفيلم لم يعجب الوزير، رغم أنه لم يشاهده. الشرطة خضعت وقامت بالغاء عرض الفيلم واستدعت مدير المسرح للتحقيق معه. منتج الفيلم، رامي يونس، طلب منه توفير رابط للمشاهدة من اجل المصادقة عليه. وقد رفض بذريعة “نحن لسنا في دولة شرطة”. حول ذلك توجد لدي انباء من اجله.

حكومة نتنياهو – سموتريتش – كيش – زوهر وبن غفير هي نجاح صارخ، اذا فهمنا هدفها بالفعل. يبدو أنها فشلت في كل أمر عملت فيه، لكن مشروع تخريب الدولة الليبرالية واقامة دولة دينية متخلفة بدلا منها، ما زال ينبض ويدق مثل الساعة السويسرية. الحرب المستمرة والتي توسعت الى لبنان وايران ورفض صفقة التبادل ورفض الاتفاق السياسي – كل ذلك جزء من اسس مملكة نتنياهو الاولى. 

وسائل الاعلام التي تدلل وتسعى الى الارضاء لا تكشف للجمهور بأنهم يجرونه الى حرب طويلة لا يتحملها ويعرضون حياته للخطر فقط من اجل تأجيل الامر الذي لا مناص منه بعد سفك الكثير من الدماء، وهو الاتفاق السياسي. تقريبا لا أحد من محللي قنوات التيار العام الذين ينشرون اقوال لـ “شخصيات رفيعة في المستوى السياسي” أو في “جهاز الامن”، يقوم بتحدي التصور الذي يقول إننا في الطريق الى النصر العسكري، وأنه في القريب سنحقق السيطرة على الفضاء المعادي المحيط بنا.

بالعكس، معظمهم يراوحون في المنطقة بين بني غانتس (اذا كانوا يساريين) أو يرفعون نخب تصفية حسن نصر الله (اذا كانوا يمينيين من مؤيدي نتنياهو). وهو حتى بضعفه السياسي الكبير يواصل السيطرة على البث ويستخدمه لنشر دعايته. في الحقيقة الحكومة فشلت في كل المجالات – الامن، الاقتصاد، المجتمع والحكم – لكن في كل ما يعطيها القوة والسيطرة هي نجحت بشكل كبير.

——————————————–

يديعوت احرونوت 13/10/2024

خطر الغرور حيال الضعف الايراني

بقلم: د. راز تسيمت، باحث كبير وخبير في الشؤون الإيرانية في معهد بحوث الامن القومي ومركز ايليانس للدراسات الإيرانية في جامعة تل أبيب

في التطورات الدراماتيكية في الشرق الأوسط في الأسابيع الأخيرة يوجد ما يذكر باقوال حاكم الاتحاد السوفياتي الاسبق فلاديمير لينين في أنه توجد عقود لا يحصل فيها شيء وتوجد أيام تصمم عقود كاملة. فالهزة التي ألمت بالمنطقة، وبخاصة المحور الشيعي، غير مسبوقة في شدتها، على الأقل منذ احداث الربيع العربي في بداية العقد الماضي. ومع ذلك، من السابق لاوانه التقدير اذا كانت هذه التطورات ستترك اثرا شديدا على الشرق الأوسط مثل جزء من التحولات التي وقعت في المنطقة في اعقاب الربيع العربي أم ستبقى كملاحظة هامشية في المواجهة المتواصلة منذ اكثر من أربعة عقود بين إسرائيل وايران ووكلائها. 

الواضح منذ الان هو أن مفهوم الامن الإيراني تعرض لضربات ذات مغزى في اعقاب الإنجازات العسكرية والأمنية الأخيرة لإسرائيل حيال المحور المؤيد لإيران وعلى رأسه حزب الله، الذراع الاستراتيجي المركزي للجمهورية الإسلامية لتحقيق أهدافها في المنطقة. عنصران مركزيان في المفهوم الإيراني سيستوجبان من طهران تقديرا متجددا: نجاعة قدراتها العسكرية الاستراتيجية ومفهوم الوكلاء. 

تغيير عقيدة النووي

ان تعاظم قوة ايران في العقود الأخيرة بمنظومات عسكرية استراتيجية، بما فيها الصواريخ الباليستية والمُسيرات، أتاح لها تعويض ضعفها التقليدي. فضلا عن ذلك، فان التحسينات التي ظهرت في الهجوم الإيراني الأخير على إسرائيل في بداية شهر أكتوبر، مقارنة بالهجوم في نيسان، شهدت على مسيرة استخلاص دروس ومثلت قدراتها الباليستية. في هذه المرحلة، ليس واضحا بعد كيف ستتطور جولة الضربات الحالية بين ايران وإسرائيل، والمتعلقة بمزايا الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني وبتداعياته. في كل حال، مشكوك أن تكون لدى ايران القدرة على توفير رد ناجع على التفوق الجوي والاستخباري لإسرائيل في الدفاع وفي الهجوم وفرض معادلة جديدة عليها، تردعها من مواصلة اعمالها ضد ايران والمحور الشيعي. 

لن يكون مفاجئا إذن انه رغم الرضى الظاهر من جانب القيادة السياسية والأمنية الإيرانية من نتائج الهجوم على إسرائيل، استؤنف في الأيام الأخيرة الحديث الداخلي في ايران حول الحاجة لتحسين قدرة الردع حيال إسرائيل، بما في ذلك من خلال تغيير عقيدة النووي. في الأيام الأخيرة بعث بضع عشرات من أعضاء البرلمان الإيرانيين بكتاب رسمي الى المجلس الأعلى للامن القومي بدعوة لتغيير عقيدة الدفاع للجمهورية الإسلامية بالنسبة لبرنامجها النووي. كما أن حسن خميني، حفيد مؤسس الثورة الإسلامية والمتماثل مع دوائر إصلاحية إيرانية ادعى في مقابلة مع التلفزيون الإيراني بان على ايران ان تحسن ردعها العسكري حيال إسرائيل في ظل التلميح بتزود محتمل بسلاح نووي. إضافة الى ذلك، فان مفهوم الوكلاء الذي طورته ايران على مدى السنين يقف امام تحد غير مسبوق. فالحرب في غزة وفر لها فرصة هامة أولى لان تفعل بقدر كبير من النجاح استراتيجية وحدة الساحات حيال إسرائيل. ومع ذلك، هذا لم ينجح في ان يفرض على إسرائيل وقف النار، ووكلاؤها الاقليميون – وعلى رأسهم حماس وحزب الله – تعرضوا منذ بداية المعركة لاثمان باهظة. 

ايران تهتم بايران

فضلا عن ذلك، عادت احداث الأسابيع الأخيرة لتثبت بانه من ناحية طهران، فان المحور الشيعي يستهدف ان يخدم أولا وقبل كل شيء مصالح إيراني. فالتزام ايران بالمحور بقي بقدر كبير محدودا. كما أن تصفية زعيم حماس إسماعيل هنية ومسؤول حزب الله إبراهيم عقيل وهجمة البيجر في لبنان لم تدفع ايران لان تتدخل بشكل مباشر في المعركة. فقط تصفية حسن نصرالله وقائد الحرس الثوري في لبنان الزمتا في نهاية الامر القيادة في طهران ان ترد – هذا، بعد أن توصلت الى الاستنتاج بان ليس فقط قدرة الردع الإيرانية حيال إسرائيل تضررت بقدر كبير بل وأيضا مكانتها الإقليمية. فالتحفظ المتعاظم من غياب الرد الإيراني في أوساط قاعدة التأييد للنظام الإسلامي في داخل ايران وفي المنطقة أوضح للقيادة في طهران بان استمرار سياستها من شأنه أن يشكك بالمباديء الأساس للجمهورية الإسلامية وفي أساسها الالتزام بحلفائها الإقليميين، وعلى مدى الزمن حتى باستقرارها. 

وعلى الرغم من ذلك، ففي الهجوم الإيراني على إسرائيل أيضا ليس هناك ما يغير حقيقة انها تواصل بقدر كبير النظر الى التآكل المتواصل والسريع لربيباتها في لبنان وفي غزة دون أن تجند كامل قدراتها من اجل انقاذهم. في هذا الواقع من الصعب ألا نتذكر الادعاءات التي اطلقها مسؤولون إيرانيون كبار بعد نشوب الحرب في أوكرانيا، حول انعدام قدرة حلفاء الولايات المتحدة على الاعتماد عليها عند الحاجة. بعد وقت قصير من غزة روسيا لاوكرانيا اعلن زعيم ايران خامينئي بان على الحكومات المدعومة من الولايات المتحدة ان تتعلم الدرس من تجربة أوكرانيا وأفغانستان اللتين تركتهما الولايات المتحدة. صحيفة “ايهان” المحافظة شبهت حتى سلوك الولايات المتحدة والغرب الذين بزعمها خانوا حلفائهم، بسلوك ايران والحرس الثوري. فقد قالت الصحيفة انه “لم يأتِ أي جنرال او ضابط من الناتو او البنتاغون لمساعدة أوكرانيا”، بخلاف الحرس الثوري الذي وقف الى جانب حلفائه ولم يتركهم حتى في الأيام الأصعب. 

تآكل الوكلاء

في هذه المرحلة من السابق لاوانه التقدير اذا كانت التحديات التي تقف امام مفهوم الامن الإيراني ستشجعها على السعي الى وقف نار حتى بثمن القطع بين ساحتي غزة ولبنان ام تواصل جهودها لجر إسرائيل لحرب استنزاف متواصلة متعددة الساحات. بكل الأحوال، بالذات على خلفية نجاحات إسرائيل ومظاهر ضعف ايران ووكلائها، يجدر الامتناع عن الغرور الطموح الذي يقوم على أساس الاماني. فبعد نشوب الربيع العربي كان هناك من سارعوا الى تأبين الدولة القومية العربية، بينما آخرون علقوا امالهم على ازدهار الديمقراطية في العالم العربي المتجدد. لكن الدولة القومية لم تختفي رغم انهيار بعض من الدول العربية، والديمقراطية لم تحتل مكان أنظمة الحكم المطلق التي انهارت.  اليوم أيضا هناك من يعلق الامال على قيام شرق أوسط جديد على أساس تفكك المحور الشيعي وربما حتى انهيار الجمهورية الإسلامية.

الانصات للايرانيين

ايران كفيلة بان تستصعب ترميم قدرات المحور الذي تقوده في المنطقة في نهاية الحرب. مع ذلك، فان دعمها وتدخلها في الشرق الأوسط العربي لم يبدآ بعد الثورة الإسلامية، ومشكوك جدا أن ينتهيا في نهاية الحرب في غزة وفي لبنان. فجذور علاقات ايران مع الطائفة الشيعية في لبنان تعود لمئات السنين الى الوراء ومظاهرة منظومة العلاقات هذه بدت واضحة جيدا في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، عندما تبنى جهاز الاستخبارات والامن الإيراني الملكي “سافاخ” “الخطة الخضراء” التي ركزت على توسيع النفوذ الإيراني في لبنان وتوثيق العلاقات مع الطائفة الشيعية. 

كما أن الامل بانهيار النظام الإيراني من شأنه ان يكون سابقا لاوانه. خير يفعل السياسيون والمحللون في إسرائيل اذا لم يعلقوا امالهم على التصريحات المتفائلة لابن الشاه المخلوع، رضا بهلوي الذي عاد واعلن في الأيام الأخيرة بانه مستعد لان يقود مرحلة الانتقال الى الديمقراطية في ايران. في هذه الأيام العاصفة أيضا يجدر بنا أن نتذكر تعقيدات المجتمع الإيراني والانصات لاصوات الكثيرين في ايران بمن فيهم أيضا منتقدون حادون للنظام ممن يحذرون بان هجوما إسرائيليا في بلادهم وبخاصة ضد البنى التحتية المدنية من شأنه أن يؤدي الى تجند الجمهور الإيراني حول العلم وتعزيز وحدة الصف الداخلية للنظام في المدى القصير على الأقل. 

مهما يكن من امر، فان آثار الاحداث الأخيرة متعلقة بقدر كبير بالقدرة على ترجمة إسرائيل لانجازاتها العسكرية والأمنية الهامة للدفع قدما بسياقات إقليمية، في مركزها انهاء الحرب في غزة، تسوية سياسية في الشمال، استئناف مسيرة التطبيع مع السعودية وترميم الثقة مع الإدارة الامريكية. هذه فقط يمكنها ان تضمن ان تتمكن إنجازات إسرائيل المبهرة من ان تشكل أساسا اوليا لاعادة تصميم الواقع الإقليمي، حتى وان لم يكن شرق أوسط جديد. مثل هذا الواقع لن يحيد بالضرورة بشكل مطلق ايران ونفوذها لكنه كفيل بان يقلص بقدر واضح قدرتها على ضعفة استقرار المنطقة وتعريض الامن القومي الإسرائيلي للخطر. بالذات في ضوء نجاحات إسرائيل، من الأفضل الامتناع عن التطلعات الزائدة والاماني التي من شأنها أن تجرها الى حرب استنزاف متواصلة تحق إنجازاتها وتخدم المحور الراديكالي بقيادة ايران.

——————————————–

هآرتس 13/10/2024

الهدف الطرد والوسيلة “فتى وماعز”: أين “لاهاي” من “دولة الأبرتهايد”؟

بقلم: أسرة التحرير

الاستيطان الرعوي هو رأس حربة مشروع السلب والعنف في “المناطق” [الضفة الغربية]. ومثلما يتبين من تحقيق هآرتس، فإنها مشروع مدعوم ومسنود من المؤسسة: ميزانيات، شرعية ودعم من الجمهور. انتشرت المستوطنات الرعوية في السنوات الأخيرة كالفطر بعد المطر، ووصل عددها إلى نحو 90. المنطق بسيط: يدور الحديث عن طريقة لدحر الفلسطينيين بطريقة الحد الأدنى من السكان على الحد الأقصى من الأرض. والوسيلة المركزية: قطيع وفتيان صغار. ومثلما قال زمبيش: المساحة التي تحتلها هذه المستوطنات الرعوية 2.5 ضعف مساحات الأراضي التي تحتلها كل مئات المستوطنات مجتمعة”.

من خلف الاصطلاح المغسول “يختبئ واقع مظلم خلف الإمساك بالأراضي: الفلسطينيون والعديد من نشطاء اليسار يتحدثون عن اعتداءات عنيفة وعن تهديدات أجبرت جماعات أهلية فلسطينية على الهرب للنجاة بأرواحها. رغم أن البؤر الاستيطانية أداة للعنف ولتنكيل والسلب، فإن الدولة تمولها بسخاء، وتدعم بقاء الفتيان [المستوطنين] في هذه الأماكن الخطيرة. الفتيان، ومنهم “فتيان في خطر”، يشكلون سلاح الطليعة الاستيطانية في العنف ضد الفلسطينيين. وهكذا فإن الدولة لا تمس بالفلسطينيين فقط، بل توجه الفتيان نحو العنف والجريمة السياسية.

وزارات الاستيطان، والتعليم، والزراعة، والأمن، والنقب، والجليل، تساهم في المشروع المزدهر بشكل مباشر أو غير مباشر. هناك من يوفر وسائل أمن بدونها لا يمكن لهذه المزارع أن توجد، وآخرون يدعمون جمعيات بسخاء مثل “حارس المناطق” أو “بلادنا” من أجل متطوعيها الذين يشكلون الزيت في دواليب المزارع. “الكيرن كييمت” هي الأخرى تمول برامجاً من أجل فتيان في المزارع: جنود في الحرب لتطهير البلاد من العرب.

تحب المزارع تصنيف نفسها بأنها مراكز لتأهيل الفتيان. علينا ألا نقع في هذا الفخ. يدور الحديث عن أماكن غير قانونية (سموتريتش يعمل بكل القوة لتغيير هذا) هدفها إجرامي، بل وتعرض الفتيان الصغار للخطر، هؤلاء الذين يرسلون إلى المراعي وحدهم في مناطق خطيرة. تعتقد وزارة الرفاع الاجتماعي والمجالس بوجوب مساعدة الفتيان وهم في طريقهم إلى المزارع. لكنهم عملياً يسوغون بقاءهم هناك، وذلك بمساعدة خطة حكومية ينفذها عاملون اجتماعيون في السلطات المحلية في “المناطق”.

أصحاب المزارع يلعبون أدوار النجوم في قوائم العقوبات الأمريكية. غير أن إسرائيل لا تتأثر: عندما فرضت العقوبات، سارعت محافل في الحكومة لتأييد زيارات التضامن، ووزير الرفاع الاجتماعي نفسه التقى مع “حارس المناطق”، المنظمة التي فرض عليها أيضاً عقوبات بسبب نشاطها في المزارع. لا يدور الحديث فقط عن ظلم للفلسطينيين. فالدعم النشط من وزارات الحكومة لهذا المشروع يعرض للخطر دولة إسرائيل المتورطة حتى أعلى رأسها في لاهاي، وكذا الفتيان الصغار المتواجدين هناك. على كل المؤسسات التي تزيت هذه المنظومة أن تتوقف عن ذلك فوراً، من أجل مستقبل كل أبناء البلاد.

——————————————–

حرب غربية في غزة ولبنان

ألان غريش؛ وسارة قريرة* – (أوريان 21) 2024/10/1

إلى أي مدى ستذهب تل أبيب في مغامرتها الحالية؟ لا تكتفي إسرائيل بتحويل غزة إلى ساحة من الخراب، فضلاً عن ارتكاب إبادة جماعية للسكان هناك. إنها تعمل على توسيع عملياتها إلى لبنان، بالأساليب نفسها، والمجازر نفسها، والدمار نفسه، مطمئنة إلى الدعم الثابت الذي تتمتع به من مانحيها ورعاتها الغربيين، المتواطئين

حتى كتابة هذه السطور، تجاوزت حصيلة الغارات والتفجيرات الإسرائيلية في لبنان 1640 قتيلاً، وتتالت “الإنجازات” الإسرائيلية، مثل تفجير أجهزة النداء “البيجر” الذي أثار انبهار عدد من المعلقين الغربيين من “التطور التكنولوجي” الذي أثبتته تل أبيب، حتى وإن تسبّب ذلك في قتل وتشويه وإعماء وبتر أطراف وجرح آلاف الضحايا، التي لا تعدو أن تكون في نظرهم مجرّد خسائر عرضية. وسوف يكررون المرة تلو المرة أن هذه العمليات لا تستهدف سوى “حزب الله” وحده؛ المنظمة التي لا تعتبرها فرنسا منظمة إرهابية، وسيقولون إن إسرائيل مرغت أنفه في التراب، وكأن القنابل التي تمطر على رؤوس اللبنانيين لا تطال الجميع، لتختلط من دون تمييز دماء المقاتلين والمدنيين على حد سواء. أو كأن استخدام الأجسام المفخخة لا يعد انتهاكًا لقوانين الحرب، كما أشار العديد من المتخصصين والمنظمات الإنسانية.

لم تعد حتى الاغتيالات والقتل خارج نطاق القانون لقادة “حزب الله”، بما فيها اغتيال أمينه العام حسن نصر الله، والتي كانت مصحوبة في كل مرة بالعديد من “الضحايا الجانبيين”، تثير الاستنكار. وكان آخر مظهر لازدراء نتنياهو للأمم المتحدة هو أنه قام، من مقر المنظمة، بإعطاء الضوء الأخضر لقصف العاصمة اللبنانية واغتيال نصر الله.

في غزة كما في باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، يقوم أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بوأد آراء “محكمة العدل الدولية” أكثر يوماً بعد آخر. وتؤجل “المحكمة الجنائية الدولية” إصدار مذكرة اعتقال ضد بنيامين نتنياهو، على الرغم من أن المدعي العام للمحكمة أفاد بوجود ضغوط تُمارس “من قبل قادة دوليين” وأطراف أخرى، سواء كان ذلك ضده شخصيا أو ضد عائلته (1). فهل سمعنا جو بايدن أو إيمانويل ماكرون أو أولاف شولتز يحتجون على هذه الممارسات؟

منذ عام تقريباً وبعض الأصوات -التي تكاد تبدو وكأنها أصوات شرذمة من المجانين- تندّد بإفلات إسرائيل من العقاب، بتشجيع من الغرب الذي لم يفعل شيئًا لثنيها عن أعمالها. وما كانت مثل هذه الحرب لتكون على الإطلاق، لولا الجسر الجوي للأسلحة الأميركية في الأساس، والأوروبية بدرجة أقل، ومن دون الغطاء الدبلوماسي والسياسي الذي توفره الدول الغربية. على سبيل المثال، يمكن لفرنسا، إن أرادت، أن تتخذ إجراءات يمكن أن تكون موجعة لإسرائيل، لكنها ما تزال ترفض تعليق تراخيص تصدير الأسلحة التي منحتها إياها. ويمكن لباريس أيضاً أن تدافع في الاتحاد الأوروبي، مع دول مثل إسبانيا، عن تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل. لكنها لا تفعل ذلك.

إن هذه النكبة الفلسطينية المتواصلة، وهذا التدمير الممنهج والمتسارع للبنان، ليست جرائم إسرائيلية فحسب، بل هي جرائم غربية أيضا، تتحمل واشنطن وباريس وبرلين مسؤوليتها المباشرة. وبعيدًا عن الإيماءات والعروض المسرحية التي شهدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة هذه الأيام، دعونا لا ننخدع بـ”غضب” جو بايدن، ولا بأمنيات إيمانويل ماكرون بـ”حماية المدنيين”، وهو الذي لم يتهاون أبداً في إظهار دعمه الثابت لحكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة. ولندع جانباً كذلك هؤلاء الدبلوماسيين الذين غادروا بكامل هيبتهم قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما صعد رئيس الوزراء الإسرائيلي لإلقاء خطابه، في لفتة كانت أقرب إلى عملية تنفيس رمزية من كونها موقفا سياسيا فعليا. فإذا كانت الدول الغربية مسؤولة بالدرجة الأولى عن الجرائم الإسرائيلية، فإن دولاً أخرى، مثل روسيا أو الصين وغيرها، لم تتخذ أي إجراء لوضع حد لهذه الحرب التي يتسع نطاقها كل يوم. وهي تمتد إلى اليمن اليوم، وربما إلى إيران غداً.

إن هذه الحرب تريد أن تدفع بنا إلى عصر مظلم، حيث يتم وبشكل منهجي تقويض القوانين الرادعة، والضمانات، وكل ما من شأنه أن يمنع هذه الإنسانية من الغرق في بحر من التوحش. إننا نعيش حقبة قرر فيها أحد الطرفين إعدام الطرف الآخر لأنه يعتبره “همجيا”. “أعداؤنا المتوحشون”، على حد تعبير نتنياهو، أولئك الذين يهددون ما يسمى بهتاناً بـ”الحضارة اليهودية المسيحية”. ويسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى جر الغرب إلى حرب حضارية ذات دلالات دينية، ترى فيها إسرائيل نفسها قاعدة أمامية للغرب في مستنقع الشرق الأوسط. وهي تسجّل في هذه السياق بعض النجاحات.

من خلال الأسلحة والذخائر التي تواصل تزويد إسرائيل بها، ومن خلال دعمها الذي لا يتزعزع لـ”حق الدفاع عن النفس” الزائف، ومن خلال رفض حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وفي مقاومة احتلال وصفه قرار محكمة العدل الدولية بأنه غير قانوني، وأمر بإيقافه -ويرفض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تطبيق هذا القرار- تتحمل هذه الدول الغربية مسؤولية عن الغطرسة الإسرائيلية.

إنها دول أعضاء في مؤسسات مرموقة، مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أو مجموعة الدول السبع، لكن حكوماتها تؤيد قانون الغاب الذي تفرضه إسرائيل، ومنطق العقاب الجماعي. وقد تم تفعيل هذا المنطق، قبل اليوم، في أفغانستان في العام 2001، وفي العراق في العام 2003، وقد رأينا نتائجه.

في العام 1982، قامت إسرائيل بغزو لبنان، واحتلال الجنوب، وحاصرت بيروت، وأشرفت على مذابح مخيمات صبرا وشاتيلا الفلسطينية. هذا “الانتصار” المروع هو الذي أدى إلى بروز “حزب الله”، تماماً كما أسفرت سياسة الاحتلال الإسرائيلية عن عملية السابع من تشرين الأول (أكتوبر). لأن منطق الحرب والاستعمار لا يمكن أن يؤدي أبداً إلى الأمن والسلام.

*ألان غريش: مدير مجلة “أوريان 21″، متخصص في شؤون الشرق الأوسط، له مؤلفات عديدة منها “علام يدل اسم فلسطين” (2010)، من منشورات les liens qui libèrent، و”أغنية حب، فلسطين وإسرائيل، قصة من تاريخ فرنسا”، بالاشتراك مع هيلين آلدغير (2017)، منشورات La Découverte.

*سارة قريرة: صحفية، رئيسة تحرير موقع “أوريان 21”.

*ترجمت المقال من الفرنسية سارة قريرة.

هامش:

(1) اقرأ أو استمع إلى حواره على قناة “بي بي سي” تحت عنوان ICC chief prosecutor defends Netanyahu arrest warrant in BBC interview والذي نُشر في 5 أيلول (سبتمبر) 2024.

——————انتهت النشرة——————