بقلم: جدعون ليفي: إسرائيل ثملة بالقوة، لا يوجد من يوقفها في طريقها الى الانهيار

المسار الاخباري: الغطرسة الاسرائيلية عادت وبقوة. من كان يصدق أنه بعد سنة على 7 اكتوبر ستعود هذه الغطرسة وبهذا الحجم. بعد أن هزمنا حماس ودمرنا غزة، الآن نهزم حزب الله وندمر لبنان – والآن الوجهة نحو ايران. في الخطاب الاسرائيلي اصبحوا يغيرون النظام حتى هناك، ويتحدثون عن تصفية علي خامنئي، وهم مترددون بين المنشآت النووية ومنشآت النفط. اسرائيل في حالة غطرسة، من الحضيض وروح الانكسار من هزيمة 7 اكتوبر – التي قارنوها بكارثة يهود اوروبا – الى قمة الوقاحة لتغيير انظمة ونقل شعوب في كل ارجاء الشرق الاوسط. كل ذلك خلال سنة. هذا سينتهي بالبكاء والدم. من طبيعة الغطرسة، حسب تعريفها، هي أنها تنتهي بكارثة. من طبيعة تحركات متطرفة كهذه، من كارثة متخيلة الى نصر متخيل، ستنتهي بالانهيار. 

في هذه الاثناء ملايين الناس يهربون للنجاة بحياتهم من الجيش الاسرائيلي، مهجرين، لاجئين، معوزين، عاجزين، جرحى، ايتام ومعاقين، في قوافل معاناة لا تنتهي في غزة وفي لبنان، وقريبا في الضفة وربما ايضا في ايران. لم يهرب في أي يوم اشخاص بهذا العدد خوفا من اسرائيل، حتى ولا في نكبة 1948. لن ينسوا ما فعلته اسرائيل بهم الى الأبد. بالنسبة لاسرائيل وللاسرائيليين هذا ليس مجرد اثارة وتفاخر وطني وسرور. هذا وضع من ثمل القوة الذي لم تعرف مثله، وبالتأكيد ليس منذ 1967. النجاحات العسكرية المثيرة للانطباع مهما كانت تخرج اسرائيل عن اطوارها. كيف فجرنا البيجرات وكيف قمنا بالتصفيات. مهاجمة ايران يمكن أن تجسد ذلك. ولكن الانجازات العسكرية لا تمثل كل شيء. لأنه في نهاية المطاف ماذا بعد؟.

اسرائيل تشعر بأن السماء هي الحدود لهجماتها واحتلالاتها والقتل والتدمير الذي يمكنها أن تزرعه. ولا يوجد من يوقفها. لم تقف في أي يوم بهذه الصورة امام ابواب فارغة، وهي على قناعة بأنه سنحت لها فرصة حياتها كي تضرب. الواحد تلو الآخر سقطت ابراج الورق التي خفنا منها: الصواريخ من غزة، الصواريخ من لبنان، صواريخ كروز من اليمن، صواريخ بالستية من ايران، كلها لم تعد تؤثر في أحد، حتى عجز المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة، يعزز الشعور بالثمل. يمكن فعل كل شيء. نسير الى النهاية. اسرائيل يمكنها المواصلة بدون ازعاج في حملات الاحتلال والعقاب الجنكيزية. الولايات المتحدة تتوسل كي تتوقف، وتوسلها لا يؤثر على الاسرائيليين، حقا.

لكن ربما يتضح ايضا أن انتصاراتها المدهشة ليست إلا شرك مصيري جاذب، مثل الانتصار المثمل في 1967، الذي ثماره المتعفنة ما زالت اسرائيل تأكلها حتى الآن. ما يظهر كقدرة عسكرية محدودة قد ينتهي بانتصار باهظ الثمن. في غزة اسرائيل تواصل التنكيل بملايين الاشخاص البائسين. حتى بعد أن اعلنت في السابق بأن حماس هزمت عسكريا. لماذا نواصل؟ لأن هذا ممكن. قريبا ايضا في لبنان. بشأن العقاب الزائد والخطير في ايران هي تتناقش لايام طويلة وكأنه لا توجد دولة غيرها، ولا توجد حدود لامكانياتها ولا يوجد من يوقف شهوة قوتها. في ظل غياب صديق حقيقي لوقفها فانها لن تتوقف من تلقاء نفسها الى الأبد، الى حين قدوم الكارثة، وهي ستأتي. النجاحات العسكرية تميل الى التضليل وهي ستمضي.

الى الكراهية ستنضم حكوماتهم. وذات يوم (بعيد) ستمل منها. لا تحظى اسرائيل بدعم دولي باستثناء الدعم من امريكا واوروبا. صحيح أنها حتى الآن هي لم تحرك ساكنا، لكن الرأي العام هناك يمكن أن يغير ذلك. التاريخ مليء بالدول الثملة بالقوة والتي لم تعرف كيفية التوقف في الوقت المناسب. اسرائيل قريبة من هناك. في هذه الاثناء التفكير بأن الملايين في الشرق الاوسط يهربون خوفا منا ويعانون بشكل لا يمكن وصفه ويهانون تحت احذيتنا، كل ذلك يجب أن يجعل كل الاسرائيليين يشعرون بالخجل والخوف ايضا. ولكنهم بدلا من ذلك يملأون قلب اسرائيل بالفخر ويشجعونها على البحث عن المزيد، ولا يوجد من يوقفها في طريقها الى الانهيار.