أهم الاخباردولي

لجنة التحقيق الدولية المعنية بالأراضي المحتلة : جرت شيطنة الشعب الفلسطيني لتبرير قتل الأطفال

المسار الإخباري : نيويورك- قدمت السيدة نافي بيلاي، رئيسة الفريق المستقل للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس وإسرائيل، التقرير الرابع للجنة الثالثة المعنية بحقوق الإنسان، والذي يتناول الهجمات على المرافق الطبية في غزة والعاملين فيها، ومعاملة المعتقلين والرهائن منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إلى نهاية آب/ أغسطس 2024.
ويخلص التقرير إلى أن السلطات الإسرائيلية نفذت سياسة منسقة لتدمير نظام الرعاية الصحية في غزة، وذلك باستهداف المستشفيات والمرافق الطبية – بما في ذلك المركبات الطبية والعاملين الطبيين – الذين يتمتعون بحماية خاصة بموجب القانون الإنساني الدولي.

بيلاي: من تجربتي في العمل في محكمة الجنايات الدولية فقد تعودت أن أرى المجرم ينكر جريمته

وقالت بيلاي في تقريرها: لقد قُتل أو جُرح مئات العاملين في المجال الطبي عمدًا، خلال هذه الهجمات التي شملت استخدام نيران القناصة، وقد احتجزتهم القوات الإسرائيلية وأساءت معاملتهم. وفُرضت هذه الأفعال بوصفها عقابا جماعيا، بما يشكل جرائم حرب تتمثل في القتل العمد والتعذيب، وجريمة ضد الإنسانية تتمثل في الإبادة.
وفي المؤتمر الصحافي الذي عقدته بيلاي وعضو اللجنة كريس سيدوتي من اللجنة في مقر الأمم المتحدة، شددت بيلاي على الحاجة الملحة إلى أن توقف الأطراف عن كل أشكال العنف، وتضمن حماية المدنيين. ونيابة عن لجنة التحقيق – التي شكلها مجلس حقوق الإنسان- دعت بيلاي إلى الإفراج الفوري والآمن عن جميع الرهائن. وقالت “يجب ألا يُستخدم المدنيون أبدا كورقة مساومة”.
وحول استخدام إسرائيل وبعض الدول الغربية ما حدث يوم أكتوبر/ تشرين الأول 2023، مرجعية جديدة وكأن تاريخ الصراع بدأ في ذلك اليوم، فكيف تؤكدون على جذور الصراع وخاصة قضية الاحتلال وهو جزء من ولايتكم”، قالت السيدة بيلاي: “أوافق معك على ازدواجية المعايير حول مواقف بعض الدول، وهذا ما شاهدناه صباح اليوم. فهم يحاولون مهاجمة اللجنة المستقلة هذه بحجة أنها غير مرتبطة بزمان محدد، بدل أن يركزوا على قتل آلاف الأطفال. ولدي إحصائيات عن عدد القتلى الآخرين لكنهم، بدل الاهتمام بالضحايا، يعيدون شرح لماذا لا يؤيدون فريق التحقيق. أنا سعيدة أننا لسنا محكومين بولاية زمنية محددة. لذلك كنا أول من عمل تحقيقا في ما حدث يوم 7 أكتوبر”.

وأضافت رئيسة اللجنة: “لقد رددت على الدول بأن ما حدث يوم 7 أكتوبر مرتبط أصلا بالاحتلال. ومن تجربتي في العمل في محكمة الجنايات الدولية فقد تعودت أن أرى المجرم ينكر جريمته. وبدل أن يركزوا على القضايا الأساسية فهم يركزون على مهاجمة اللجنة. “نحن على علم بتاريخ هذا الصراع وجذوره وقد قرأت العديد من الكتب حول ما جرى وخاصة في فترة الاستعمار البريطاني، وأعرف متى بدأ الصراع. نحن نركز على القانون وما يحدث منذ 7 أكتوبر من ناحية قانونية”.
وأضاف كريس سيدوتي متابعا إجابة بيلاي، أن اللجنة تضع دائما في تقاريرها خلفية تاريخية. “وفي تقريرنا عام 2022 أشرنا إلى أن الاحتلال غير شرعي، ووضحنا لماذا وصلنا إلى تلك النتيجة ثم طلبنا من الجمعية العامة أن تحيل مسألة الاحتلال غير الشرعي إلى محكمة العدل الدولية والتي أجابت عن ذلك السؤال” (19 تموز/ يوليو 2024). وأشار إلى أن فهم المسائل يختلف عن تبريرها. فـ”نحن نفهم أسباب ما جرى يوم 7 أكتوبر لكننا لا نبرر ذلك. ومن الصعب أن يفهم أحد ما جرى في ذلك اليوم دون أن يفهم قضية الاحتلال. هذا لا يعني أننا نبرر. فلا شرعية الاحتلال تبرر ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسالنية من ذلك التاريخ. ولا ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يومها يبرر ما قامت به إسرائيل من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة كل يوم منذ 7 أكتوبر إلى الآن”. وأضاف سيدوتي أن الخلفية التاريخية يجب أن تُفهم، والوضع القانوني يجب أن يُطبق.
وردا على سؤال آخر حول سهولة قتل الأطفال، حيث إن وزير دفاع إسرائيل قال: “إن هؤلاء حيوانيات بشرية، وقال أكثر من مسؤول: لا يوجد بريء في غزة، وقال بعضهم: اقتلوا الأطفال لأنهم يكبرون ويصبحون إرهابيين”، قال كريس سيدوتي: “لقد أُطلقت تصريحات مثل “حيوانات بشرية” لشيطنة الشعب الفلسطيني بغض النظر عن العمر أو الجنس، وقد ثبتنا العديد من هذه التصريحات في تقاريرنا. وحللنا تلك التصريحات وعلاقاتها مع القانون الدولي والآثار المترتبة عليها. وبالنسبة للأطفال فلا يمكن أن يمروا في مثل هذه الظروف والمعاناة والتجارب دون أن تترك أثرها في حياتهم إلى الأبد، خاصة من فقد يدا أو رجلا أو فقد والديه أو إخوته أو أصدقاءه وأبناء عمومته، ثم يتعرضون للتجويع ونقص الماء والدواء. هؤلاء الأطفال سيحملون هذه التجربة طوال العمر. فقد يكون صحيحا ما صرح به بعض المتطرفين الإسرائيليين حول مستقبل هؤلاء الأطفال. فكيف سيتصرفون عندما يصبحون كبارا في السن. وهذا يجب أن يقلق إسرائيل”.
وقال كريس متابعا “إن الفرق بين غزة وبقية الصراعات أن لا نهاية في الأفق لهذا الصراع المستمر منذ 100 سنة، ولا نهاية أمام هؤلاء الأطفال، وبدون أن يتوقف الصراع تماما فستستمر المعاناة والتطرف.
وخلص التقرير الذي قُدم اليوم للجمعية العامة، إلى أن إﺳراﺋﯾل ﻧﻔذت ﺳﯾﺎﺳﺔ ﻣﻧﺳﻘﺔ ﻟﺗدﻣﯾر ﻧظﺎم اﻟرﻋﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﯾﺔ ﻓﻲ قطاع ﻏزة، وأن المعتقلين الفلسطينيين تعرضوا لإساءة معاملة مستمرة من السلطات الإسرائيلية تصل إلى التعذيب بوصفه جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.
ووجد التقرير أن الرهائن الإسرائيليين والأجانب تعرضوا بشكل متعمد لإساءة المعاملة من جماعات فلسطينية مسلحة أثناء الاحتجاز، وأن هذه الأعمال تصل إلى التعذيب بوصفه جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.
وأكدت بيلاي أن اللجنة ستواصل تنفيذ ولايتها بما في ذلك تقديم توصياتها وخاصة فيما يتعلق بتدابير المساءلة لإنهاء الإفلات من العقاب، وضمان المحاسبة القانونية، بما في ذلك مسؤولية الأفراد وسلسلة القيادة.

سيدوتي: تقارير اللجنة، وقرارات محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن والجمعية العامة، لم تسفر كلها عن منع مقتل طفل واحد، هذا هو الواقع الذي يواجه كل منظومة الأمم المتحدة اليوم

وركز عضو كريس سيدوتي في كلمته خلال المؤتمر الصحافي على معاناة الأطفال نتيجة ما حدث في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول في إسرائيل والحرب التي أعقبت ذلك في غزة، وقال: “الأطفال ليسوا إرهابيين”.
وقال الخبير الدولي إنه يدرك تماما أن تقارير اللجنة، وقرارات محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن والجمعية العامة، لم تسفر كلها عن منع مقتل طفل واحد، مضيفا أن هذا هو الواقع الذي يواجه كل منظومة الأمم المتحدة اليوم.
وأضافت بيلاي في مؤتمرها الصحافي الذي عقدته بصحبة، كريس سيدوتي “لقد أعاق تدمير البنية التحتية الصحية في غزة بشدة الوصول إلى الخدمات الطبية وتوافرها، ما أدى إلى زيادة الوفيات والأمراض بشكل كبير، وخاصة بين الأطفال والمرضى الضعفاء. وفي الوقت نفسه، شددت السلطات الإسرائيلية الحصار ومنعت الوقود والغذاء والإمدادات الطبية من الوصول إلى المستشفيات، ما أسفر عن تفاقم الوضع المزري لأولئك الذين يحتاجون إلى رعاية طبية. لقد أدت الهجمات على منظومة الرعاية الصحية إلى الحد بشكل كبير من توافر الرعاية للأطفال وحديثي الولادة، ما تسبب في أضرار جسيمة على الأطفال والرضع. وقد حققت اللجنة في حادثة فظيعة بشكل خاص لهجوم متعمد على سيارة إسعاف في يناير/ كانون الثاني 2024، وأسفر عن مقتل سبعة أفراد من أسرة واحدة، بمن فيهم فتاة تبلغ من العمر خمس سنوات (هند رجب)، إضافة إلى اثنين من المسعفين. وخلصنا إلى أن الفرقة 162 في الجيش الإسرائيلي مسؤولة عن هذه الأفعال التي تشكل جرائم حرب تتمثل في القتل العمد والهجوم على الأهداف المدنية.
وكان مجلس حقوق الإنسان قد أنشأ اللجنة للتحقيق داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وداخل إسرائيل في جميع الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي الإنساني، وجميع الانتهاكات والتجاوزات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان التي سبقت 13 أبريل/ نيسان 2021 ووقعت منذ هذا التاريخ. وطلب القرار أيضا من اللجنة “التحقيق في جميع الأسباب الجذرية الكامنة وراء التوترات المتكررة وعدم الاستقرار وإطالة أمد النزاع، بما في ذلك التمييز والقمع المنهجيان على أساس الهوية الوطنية أو الإثنية أو العرقية أو الدينية”. وكُلّفت لجنة التحقيق بتقديم تقرير سنوي عن أنشطتها الرئيسة إلى مجلس حقوق الإنسان وإلى الجمعية العامة ابتداءً من شهر يونيو/ حزيران/ وسبتمبر/ أيلول 2022 تباعا.

المصدر : القدس العربي