المسار الاخباري: الإثنين من هذا الأسبوع، أقرت الكنيست بأغلبية قانونين ضد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين الأونروا. يقضي القانون الأول بأن على الوكالة وقف كل أعمالها داخل إسرائيل، أما الثاني فيحظر على كل مؤسسات الدولة أن تكون على اتصال بها. معنى القانون الأول هو أن على الأونروا العاملة في القدس منذ 75 سنة أن تتوقف في غضون 90 يوماً عن كل أعمالها في المدينة والتي في معظمها في مخيم اللاجئين شعفاط، بما في ذلك إغلاق 6 مدارس، وعيادة، وخدمة جمع القمامة، ومقر عام ينسق كل الأعمال في الضفة. بلدية القدس والحكومة اللتان فشلتا منذ عقود في تقديم الخدمات الأساسية لسكان شعفاط، تعدان بتوفير مكان لكل التلاميذ.
والقانون الثاني أبعد أثراً في معناه؛ ففي غضون 90 يوماً لن تتمكن الأونروا، التي توفر نحو نصف المساعدات الإنسانية في غزة، من عمل ذلك. لأنه يحظر على الجيش الإسرائيلي التنسيق معها لإدخال المساعدات. وستضطر لوقف أعمالها في الضفة حيث تشغل 90 مدرسة، و43 عيادة، ومستشفى واحداً، لأن القانون يحظر على أناس الإدارة المدنية الاتصال بعامليها، وعلى البنوك الإسرائيلية ألا تقدم لها الخدمات.
تعد القوانين المقرة خطوات عقابية عقب ادعاءات طرحتها إسرائيل بأن موظفين من الأونروا شاركوا ظاهراً في 7 أكتوبر أو أعربوا عن تأييد لحماس. بزعم الأمم المتحدة، فإنه من أصل 30 ألف موظف أونروا في غزة والضفة، فقد تحت تحقيقات ضد 66 موظفاً (0.22 في المئة) فقط، 12 (من أصل 13 ألفاً) هم من غزة. حتى لو صحت الادعاءات وحتى لو كانت الأونروا غير نقية من محافل الإرهاب، فإن إقرار القوانين يعد مؤشراً على التسيب. فعلى مدى السنة الأخيرة منذ بدأت الحرب، لم تحاول إسرائيل إدخال أي جهة أخرى تحل محل الوكالة، وموظفوها هم الوحيدون تقريبا الذين يحولون بين مليوني غزاوي والمجاعة الجماعية. في 57 سنة احتلال انقضت، لم تكلف إسرائيل نفسها حتى عناء إيجاد بديل للأونروا في مخيمات اللاجئين في الضفة وفي شعفاط، وتمتعت بحقيقة أن الأونروا مولت خدمات تعليم وصحة للحكم العسكري الإسرائيلي.
هذان القانونان ينتهكان القانون الدولي والتزامات إسرائيل الدولية، ويستدعيان مزيداً من الضغوط عليها، في الوقت الذي تواجه فيه الأزمة الأمنية والسياسية الأكبر في تاريخها وتضطر لصد ادعاءات بالإبادة الجماعية. عقب إقرار هذين القانونيين، أعلنت حكومة بريطانيا أول أمس النظر في تشديد العقوبات على إسرائيل.
لقد انجرف نتنياهو وراء المحافل المتطرفة والأكثر شعبوية في الكنيست، ومعه -لشدة العار- المعارضة أيضاً. خيراً يفعلون إذا ما صحوا وألغوا هذين القانونين الضارين.