
الصحافة الاسرائيلية – الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 14/2/2025
في حرب تحرير المخطوفين، الآمال تقف امام تصريحات ووعود فارغة
بقلم: عاموس هرئيلِ
الإنذار الذي وجهه الرئيس الأمريكي لحماس، اطلاق سراح جميع المخطوفين المحتجزين في القطاع حتى الساعة الثانية عشرة ظهرا في يوم السبت القادم، يوفر لمسة أخرى من الدراما على النبضة الأسبوعية لتحرير المخطوفين. تصريح ترامب جاء بعد يوم من اعلان المنظمة الإرهابية، التي تزعم بأن إسرائيل خرقت الاتفاق، وأنها ستقوم بتأجيل النبضة المقررة في يوم السبت ولن تفرج عن المخطوفين الثلاثة كما تقرر في السابق.
ترامب رفع مبلغ الرهان وكأن الامر يتعلق بمفاوضات تجارية على عقار آخر في ريفييرا غزة القادمة، التي حلم بها. حكومة إسرائيل، بعد تثاؤب تمثل بسلسلة بيانات متناقضة، سارعت الى التساوق مع الرئيس. ولكن بعد يومين بدأت الصورة تتضح: رغم أن حماس أعلنت أنها لن تطلق سراح جميع المخطوفين، إلا أنه يبدو أن التهديدات لم تهدف الى تطبيقها على الفور. من المؤكد أنه اذا قام الفلسطينيون بتنفيذ النبضة المقررة في الغد، كما تم الاتفاق في السابق، فان إسرائيل ستنتظر بصبر الاستمرار في تنفيذ الاتفاق في نهايات الأسابيع القادمة.
“تصعب معرفة هل هذا زوج كلمات سائد عندما يدور الحديث عن تنبؤات تتعلق بنية وافعال ترامب. في هذه المرة من الواضح أن ترامب غير راضي عن الابطاء في تحرير المخطوفين كما تقرر في الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في اليوم الأخير لولاية سلفه جو بايدن (في الحقيقة هو غير راضي أيضا عن أي شيء خلفته الإدارة التاركة). ولكن حتى الآن تصعب معرفة اذا كان الرئيس جدي في تهديداته المتواترة بفتح باب جهنم، التي ارفقت في هذا الأسبوع بالمطالبة بتحرير جميع المخطوفين.
إسرائيل أعلنت عن استعداد الجيش الواسع لاحتمالية الاستئناف الفوري للحرب في القطاع، في اعقاب اقوال ترامب. ولكن بنيامين نتنياهو لا يعتبر لاعب لا يوجد له تأثير في التطورات. فمثلما نجح رئيس الوزراء في اقناع الرئيس ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران في 2018، لعب دور في التحولات الأخيرة في السياسة الامريكية – الخطة الجذرية لتهجير مليوني فلسطيني من قطاع غزة والمطالبة بالافراج عن جميع الرهائن. يبدو أن نتنياهو نجح أيضا في اقناع ترامب بأن استمرار وجود نظام حماس في غزة يعتبر العقبة الرئيسية أمام تحقيق خططه: الصفقة الامريكية – السعودية، التطبيع بين السعودية وإسرائيل، جائزة نوبل للسلام التي تنتظره في نهاية الطريق. حتى لو تم التوصل، كما هو ظاهر، الى حل يمنع استئناف الحرب ويعيد تطبيق المرحلة الأولى في الاتفاق الى مساره، تحرير تسعة مخطوفين احياء وثماني جثث، فانه ستبقى مشكلة حول المرحلة الثانية، التي فيها ستتم إعادة 59 مخطوف، أحياء واموات. ليس سرا أن نتنياهو لا يريد استمرار الصفقة وهو يهتم بوقفها قبل المرحلة الثانية. قيادة حماس، في الجانب الآخر، تخشى من سيناريو تتنازل فيه عن كل أوراق المساومة التي لديها، آخر مخطوف، ونتنياهو، بدعم من ترامب، يجد الذريعة لاستئناف القتال.
استئناف القتال في القطاع سيكلف بالتأكيد حياة الكثير من الجنود، ويبدو حياة معظم المخطوفين. اطلاق سراح المخطوفين الثلاثة في يوم السبت الماضي اظهر بشكل يفطر القلب الحالة الصحية والنفسية لمن ما زالوا على قيد الحياة في الانفاق. القلق والغضب الذي اثارته مشاهد يوم السبت لم تترجم حتى الآن الى احتجاج جماهيري متزايد، لكن واضح في كل الاستطلاعات أين يوجد الرأي العام في إسرائيل. دعم صفقة كبيرة وشاملة، التي تشمل أيضا عدد غير قليل من مصوتي اليمين.
آمال عائلات المخطوفين موجهة الى شخصين مرتبطين بترامب وهما المبعوث الخاص الى المنطقة ستيف ويتكوف، والمليارديرة الإسرائيلية – الامريكية مريام ادلسون، المتبرعة الكبيرة للرئيس في حملته الانتخابية. ويتكوف اظهر درجة كبيرة من الإنسانية في اللقاءات مع عائلات المخطوفين (قصته الشخصية، هو فقد ابنه نتيجة الإدمان)، وخلق تعاطف بينه وبين آباء المخطوفين. ادلسون قامت بنقل رسائل من العائلات الى الرئيس نفسه وساعدت في التوضيح له بأنه خلافا للعرض المضلل الذي اهتم في زرعه لديه اشخاص من إسرائيل، أن نصف المخطوفين ما زالوا احياء (هكذا، ما زال يوجد كثيرين يمكن انقاذهم).
رسالة العائلات للرئيس في هذه الاثناء هي: اخراج المخطوفين من القطاع تسبق استئناف الحرب. استئناف الحرب سيقتل تقريبا بشكل مؤكد المخطوفين الباقين، لأنه في هذه المرة يتم التخطيط لقتال شديد بشكل خاص من خلال تفعيل الحصار على أجزاء في القطاع، ولأن المخطوفين الذين حالتهم الصحية والنفسية متدنية، هم ببساطة لن يصمدوا طوال الوقت في ظروف الاسر.
ويتكوف وادلسون يظهران المزيد من القلق والمسؤولية تجاه المخطوفين اكثر من الشخص الذي تم اختطافهم في ولايته. نتنياهو ينشغل بمصيره الشخصي والحاجة الى إبقاء حكومته على قيد الحياة ومحاولته تأخير بقدر الإمكان اصدار قرار في محاكمته. بالنسبة له حياة بضع عشرات من المخطوفين لا تساوي إمكانية أن يحقق بمساعدة ترامب ما يصفه بتغييرات تاريخية في مكانة إسرائيل الإقليمية. الاتفاق مع السعودية وتسوية (أو هجوم) يحيد خطر النووي الإيراني، ستكون الاستمرار المباشر للهزيمة التي لحقت بحزب الله والهزيمة التي يعد بأن يلحقها بحماس.
كلما كبر فان قدرته تقل على اظهار التعاطف مع مشكلات المواطنين العاديين. في هذا الأسبوع، في شهادته في المحكمة، تجرأ نتنياهو على الشكوى من أنه يمر بـ “جهنم”، بعد يومين شاهدنا كيف يظهر الناجون من جهنم الحقيقية على الأرض عندما عادوا من الاسر. مثلما هي الحال دائما فان وزير المالية يهتم في توفير المنافسة له، رد سموتريتش على تصريح ترامب حيث غرد بأن “الجميع والآن”، الامر الذي ظهر وكأنه تحد مباشر للعائلات القلقة.
ترامب، حسب مصدر سياسي إسرائيلي، لم يتوقع أن تصريحاته الأخيرة، على رأسها خطة الترانسفير، ستحقق نتائج بعيدة المدى. في الجبهة الداخلية في إسرائيل يبدو أنه ساعد نتنياهو على تمديد حياة حكومته مع إبقاء سموتريتش في الائتلاف، وربما حتى شجع عودة ايتمار بن غفير الى الحكومة. في الساحة السياسية من المرجح أنه سيؤجل بذلك الصفقة بين إسرائيل والسعودية، لأن استئناف القتال في القطاع سينطوي على حرب طويلة مع حماس. في الحالتين الحديث يدور عن تأجيل يمكن أن يمتد لسنة وربما أكثر.
——————————————-
هآرتس 14/2/2025
المواجهة بين ترامب وحلفائه في مصر والأردن تخدم حماس
بقلم: تسفي برئيل
خطة مصر لحل قضية غزة (الورقة المصرية)، التي تطرق اليها الملك عبد الله في لقائه في هذا الأسبوع مع الرئيس ترامب، يمكن أن تشكل السور السياسي المحصن في مواجهة فكرة الترانسفير الجماعي لترامب. تفاصيلها لم تنشر بعد، لكن حسب مصادر عربية فان الحديث يدور عن اقتراح تم تنسيقه مع الأردن، قطر، دولة الامارات والسعودية. خطة قامت بصياغة مبادئها لجنة خبراء عسكريين من مصر، وفي مركزها رفض فكرة تهجير وإعادة توطين مليوني غزي خارج القطاع.
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، عرض مسودة الخطة على نظيره الأمريكي ماركو روبيو، عندما قام في هذا الأسبوع بزيارة واشنطن. الزيارة كان يمكن أن تعد للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الرئيس ترامب، الزيارة التي تم الغاءها حتى اشعار آخر من قبل السيسي نفسه. الافتراض الذي استندت اليه الخطة هو أن التهجير غير وارد في الحسبان، في أي ظرف وأي حالة، باستثناء الحالات الإنسانية مثل بادرة حسن النية التي عرضها ملك الأردن، والتي بحسبها ستوافق المملكة على استضافة حوالي 2000 طفل مريض يحتاجون للعلاج.
الحديث لا يدور عن عرض استثنائي، لأن مصر في السابق استوعبت 5500 مريض ومصاب من غزة، وهكذا دولة الامارات أيضا. الخطة تشمل أيضا خطوط عريضة مفصلة جدا لادارة إعادة اعمار القطاع على مراحل تستمر 5 – 10 سنة بتمويل عربي، أي بتمويل من دول الخليج والذي ستنفذه بالأساس شركات مصرية وامريكية. الخطة، التي هدفت الى الرد على التحدي الذي وضعه ترامب امام الدول العربية والذي بحسبه “اذا رفضتم الخطة فان عليكم طرح افكاركم” – حتى الآن الخطة تتمسك بالافكار التي طرحتها مصر في شهر أيار الماضي، وبعد ذلك في تشرين الثاني وكانون الأول. بحسبها ستشكل في القطاع إدارة فلسطينية تتحمل المسؤولية عن إدارة وتنسيق نشاطات الأجهزة المدنية الحيوية، وضمن ذلك شبكة المياه وجهاز الصحة، وتكون مسؤولة أيضا عن معبر رفح (الذي طبيعة تشغيله تم الاتفاق عليها في اتفاق وقف اطلاق النار).
في الإدارة الفلسطينية لن يكون أي ممثلين عن حماس أو أي فصائل فلسطينية أخرى. وحول طريقة خضوع هذه الإدارة للسلطة الفلسطينية لم يتم الاتفاق على التفاصيل حتى الآن. لأن محمود عباس، الذي قبل شهر تقريبا بلور طريقة عمل لادارة غزة، يصمم على أن تكون السلطة الفلسطينية هي مصدر الصلاحية الحصرية لعمل كل الأجهزة الفلسطينية التي ستشكل في القطاع. في يوم الأربعاء نشر أيضا بأن مصر تنوي إقامة مناطق آمنة في القطاع للسكن، وفي هذه الاثناء ستبدأ مرحلة إعادة الاعمار التي في اطارها سيتم ادخال آلاف الكرفانات والخيام الى القطاع.
ليس نقص الأفكار لادارة القطاع هو الذي يعيق تطبيق خطة العمل، التي ستجيب على شروط المرحلة الثالثة في اتفاق وقف اطلاق النار وتحرير المخطوفين – المرحلة التي سيتم فيها اطلاق سراح جميع المخطوفين الاحياء وإعادة الجثامين والبدء في إعادة اعمار القطاع. الحاجة الملحة هي انقاذ المرحلة الأولى من الطريق المسدود والخطير الذي وصلت اليه، في البداية بسبب رفض إسرائيل البدء في اجراء المفاوضات حول المرحلة الثانية كما نص الاتفاق، وبعد ذلك بسبب برميل المواد المتفجرة الذي القاه ترامب على شكل فكرة تهجير سكان القطاع وتوطينهم في دول عربية، والتهديد باستئناف الحرب في غزة اذا لم يتم استكمال المرحلة الأولى. في هذه الاثناء يبدو أنه على الأقل النبضة القريبة القادمة لتحرير المخطوفين سيتم تنفيذها، لكن ليس في ذلك ما يمكنه أن يضمن استكمال كل نبضات المرحلة الأولى.
الى جانب قضية تطبيق اتفاق إعادة المخطوفين، فانه بين إسرائيل والولايات المتحدة والدول العربية تفصل فجوة كبيرة في الرؤية الأساسية بخصوص الحل المطلوب. ففي حين أن إسرائيل والولايات المتحدة تعتبر غزة مشكلة عسكرية تكتيكية ستختفي عند التدمير المطلق لحماس (أو بواسطة طرد 2 مليون غزي من القطاع وإقامة ريفييرا وملاعب غولف)، فان الدول العربية تعتقد أن تصفية حماس هي أمنية بعيدة جدا. في هذه الاثناء تتطور في غزة مشكلة بحجم استراتيجي.
“القنبلة التي القاها ترامب تضع مصر والأردن في ضائقة حقيقية، وليست هي وحدها”، قال للصحيفة شخص اردني في معهد أبحاث وهو مقرب من البلاط الملكي. حسب قوله فان المشكلة ليست فقط التهديد بالمس بالمساعدات التي تحصل عليها الدولتان من الولايات المتحدة. “المواجهة مع الولايات المتحدة يمكن أن تهز النظام الاستراتيجي الذي تم بناءه خلال سنوات، وخلق التحالف العربي – الأمريكي. الدعم السياسي الأمريكي ومنظومة الدفاع العسكري المشترك والتعاون في محاربة الإرهاب، لا سيما ضد داعش، وتحدي النظام الجديد في سوريا، وإدارة المحور المناهض لإيران، ومواجهات إقليمية أخرى مثل التوتر بين مصر واثيوبيا الذي يحتاج الى التدخل الأمريكي أو إعادة فتح مسار الملاحة في البحر الأحمر – كل ذلك هو فقط جزء من المواضيع التي يمكن أن تتضرر اذا وصلت الدول العربية الى منافسة لي الأذرع مع الإدارة الامريكية، وهذا قبل التحدث عن الامكانية الكامنة في المس باتفاقات السلام بين الأردن ومصر وبين إسرائيل.
الباحث الأردني يعتقد أنه لا يوجد يقين بأن ترامب وطاقمه قاموا بفحص كل هذه المعايير عندما عرضت الخطة كانذار نهائي خلق معادلة بين المساعدات وبين توطين الفلسطينيين في الأردن ومصر. في هذه الاثناء تم تخفيف الإنذار، واشتراط منح المساعدات للاردن ومصر باستيعاب لاجئين من قطاع غزة، حصل على صيغة معدلة ولطيفة اكثر. من التهديد المباشر بوقف المساعدات انتقل ترامب الى “نحن ساهمنا بأموال طائلة للاردن ومصر، لكن لا يجب علي أن أقوم بتهديدها. أنا اعتقد أننا ابعد من ذلك”. ابعد من ذلك أم لا، هذا التهديد سمع في السابق، وهو يلزم زعماء دول المنطقة بمواجته وكأنه قائم بالفعل.
شرك للملك
الملك عبد الله الذي تفاجأ من الاستعراض العلني المغطى إعلاميا في البيت الأبيض (الذي حسب جهات اردنية لم يكن مخطط له واعتبر مثابة شرك متعمد للملك)، تجاوزه الملك بلباقة، ووجد بحكمته الرد الذي اثنى فيه على ترامب عندما قال: “مع كل التحديات التي نواجهها في الشرق الأوسط، أنا أخيرا أرى شيء يمكن أن يجعلنا نتجاوز خط النهاية والتوصل الى الاستقرار، السلام والازدهار، للجميع في المنطقة. ولكن فيما يتعلق بالخطة نفسها قال الملك إن “الموضوع هو فحص كيفية عملها بصورة تكون جيدة للجميع. من الواضح أنه يجب علينا رؤية مصالح الولايات المتحدة وسكان المنطقة، خاصة مصالح الشعب الأردني”. هذا كان الرد الارتجالي والمتعرج، وقد أغضب كثيرين في الأردن، واستدعى انتقاد الجمهور للملك لأنه لم يكن فيه رفض مطلق وحازم لخطة التهجير. في اليوم التالي رئيس الحكومة الأردنية، جعفر حسان، حدد اللاءات الثلاثة للاردن: “لا لاعادة توطين الفلسطينيين، لا للتهجير ولا لحلول على حساب الأردن”. ما هو ذلك ومتى، هكذا يأمل وزراء خارجية الدول العربية التوصل الى خطة متفق عليها في لقاء القمة القريب، الذي سيسبق الخطة المخطط لعقدها في 27 شباط. الدعم الأساسي للخطة العربية يمكن أن تقدمه السعودية، التي يمكنها أيضا أن تكون الكابح الرئيسي أمام التهديد الأمريكي.
السعودية، التي طرحت في العام 2002 المبادرة العربية التي تمت المصادقة عليها في مؤتمر القمة العربية في بيروت، وأصبحت المركب الثابت في كل عملية سياسية منذ ذلك الحين، تحمل في جعبتها ثلاث أدوات ضغط ثقيلة. امام تهديد تقليص المساعدات الذي يلوح به ترامب، الرياض تستطيع طرح حزام أمان اقتصادي للاردن ومصر (الموجودة أصلا في قائمة زبائنها الدائمين). هكذا، إزالة على الأقل قسم التمويل الكامن في تهديد ترامب. في يدها قرار اذا كانت ستوقع على اتفاق السلام مع إسرائيل – ما يطمح اليه ترامب ونتنياهو. وقد وعدت أيضا باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة في سنوات ولاية ترامب الأربعة.
السعودية، التي حتى 7 أكتوبر اكتفت بحل سياسي يوفر للفلسطينيين “ظروف حياة افضل” كشرط للتطبيع مع إسرائيل (بدون تفصيل هذه الظروف المحسنة)، تصمم الآن على صيغة “الدولتين”. ومثل كل الدول العربية هي تعارض بصورة حاسمة تهجير سكان القطاع وإعادة توطينهم في دول عربية. هكذا تتطور الآن حول غزة جبهة سياسية فيها المفاوضات الأكثر أهمية سيتم اجراءها بين الدول العربية والإدارة الامريكية، التي فيها سيتعين على ترامب التقرير أين توجد مصالح أمريكا.
موقف عربي متبلور في مثل هذا الاطار يعمل على إقامة تحالف عربي، الذي يعتبر في هذه الاثناء مناويء لسياسة ترامب، ويبدو أنه يعطي الروح الداعمة لحماس، التي سبق واغدقت الثناء على الملك الأردني والرئيس المصري بسبب صمودهما”. ولكن سواء حماس أو التحالف العربي، يعترفان بأن خطة إعادة الاعمار واقتراحات الحل السياسي والمعارضة الموحدة لتهجير مليوني فلسطيني ليست البديل لمواجهة الموضوع الرئيسي الذي يتعلق بمستقبل حماس في القطاع. مرة أخرى يطفو الاقتراح القديم الذي بحسبه رجال حماس سيتم نفيهم من القطاع كما تم نفي رجال م.ت.ف من لبنان في 1982.
لكن الفرق الفكري بين م.ت.ف في لبنان وبين حماس في غزة هو أن لبنان اعتبرت بالنسبة لـ م.ت.ف دولة مستضيفة فقط، في حين أن قطاع غزة هو بالنسبة للفلسطينيين الوطن الذي يجب المحاربة على وجوده. أيضا اذا وافقت كتائب عز الدين القسام على التهجير من غزة، على فرض أن التحالف العربي سينزل ترامب عن شجرة الترانسفير، فانه سيبقى في القطاع اكثر من مليوني مواطن، بالنسبة لهم ستكون هناك حاجة الى العثور على حل في داخل القطاع.
——————————————-
معاريف 14/2/2025
تراجع التطبيع يعزز فرصة بن سلمان لتثبت مكانة بلاده في الشرق الأوسط
بقلم: د. عنات هوكبرغ
تصريحات الرئيس دونالد ترامب يوم الجمعة الماضي حول “سيطرة” الولايات المتحدة على قطاع غزة تواصل إثارة عاصفة في ارجاء الولايات المتحدة الى جانب الغضب والدهشة في العالم العربي والإسلامي. الى جانب وعده بان “تصبح غزة ريفييرا الشرق الأوسط” وتلميحاته بان مصر والأردن – رغم معارضتهما القاطعة – ستوافقان على استيعاب لاجئين فلسطينيين من غزة، بل ادعى باستفزاز بان الرياض لا تطالب بإقامة دولة فلسطينية في إطار التطبيع مع إسرائيل.
على هذه الخلفية وبعد أن ردت وزارة الخارجية السعودية ادعاءات الرئيس الأمريكي ردا باتا سارعت لنشر بيان مضاد شدد على موقف المملكة القاطع وغير المساوم في هذه المسألة. فليس فقط “تحقيق سلام عادل ودائم ليس ممكنا دون أن يحقق الشعب الفلسطيني حقوقه الشرعية”، كما تدعي الرياض، بل ان ولي العهد محمد بن سلمان عاد واعلن بان الموضوع ليس قابلا للمفاوضات. من ناحيته، السعودية “ستواصل جهودها” غير المنقطعة لاقامة دولة فلسطينية عاصمتها شرقي القدس ولن توافق على إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بدونها”. كل هذا فيما هو يفضل مسار دبلوماسي على صراع عسكري ويسعى الى تنفيذ التطبيع مع إسرائيل الى جانب حلف دفاع منفرد مع الولايات المتحدة مما يساعد على رفع مكانة الرياض الإقليمية والعالمية.
هذا إضافة الى أنه على خلفية تأييد نحو 72 في المئة من الجمهور في إسرائيل وحكومة نتنياهو لـ “خطة الترحيل” لترامب، فان الاقتراح الاستفزازي لرئيس الوزراء والذي نشر هذا الأسبوع في القناة 14 لنقل السكان من غزة الى السعودية و “إقامة دولة فلسطينية على أراضيها الواسعة” – ضج قادة المملكة السعودية. الى جانبهم ندد زعماء مصر، الأردن، اتحاد الامارات، العراق، قطر والكويت بشكل علني بموقف إسرائيل. فابعاد/اقتلاع بالقوة لنحو 2 مليون فلسطيني من غزة يشكل، بنظرهم، خطوة غير أخلاقية وخرق فظ للقانون الدولي. فهذه خطوة هدامة تثير الكثير من الاضطراب في ظل تقويض الوضع الراهن والاستقرار الإقليمي وتعد تهديدا امنيا وجوديا بل و”سبب للحرب” أساسا في نظر القاهرة وعمان. تدعي الرياض أيضا بان التصريحات في وسائل الاعلام “تصرف الانتباه عن الجرائم المتواصلة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الاخوة الفلسطينيين في غزة بما في ذلك التطهير العرقي”.
كل هذا، إضافة الى أن السياسة الإقليمية الجديدة التي تمليها الإدارة الامريكية وإسرائيل تتبناها تفرض عليهم بالقوة وبغير حق اتفاق سلام لا يتوافق ومصالحهم. ليس صدفة ان على هذه الخلفية أعلنت مصر انها ستستضيف قمة طواريء في 27 ضباط تبحث “في التطورات الجديدة الخطيرة”. فضلا عن التوتر الشديد الذي نشأ في المنطقة، لأول مرة منذ نشوب الحرب في 7 أكتوبر نشأت جبهة للدول العربية بقيادة الرياض ترفض خطة ترامب وتتصدى بحكم الامر الواقع للحاجة لعرض خطة عملية بديلة لاسكان الفلسطينيين واعمار قطاع غزة في “اليوم التالي”. في اطار ذلك يخيل أن تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، حاليا على الأقل، ليست في سلم أولويات الرياض.
معارضة للاعتراف بإسرائيل
تمعن عن كثب يظهر أن نحو 74 في المئة من الجمهور الإسرائيلي يعارض مسيرة التطبيع إياها التي تتضمن إقامة دولة فلسطينية، ونحو 50 في المئة يفضلون ان تحكم إسرائيل قطاع غزة، مثلما يتضح من استطلاع اجراه معهد PEW في شهر أيار 2024.
في الرؤية السعودية، العلاقات مع إسرائيل كانت منذ الازل موضوعا مشحونا وحساسا للغاية. فليس فقط “مبادرة السلام” السعودية في 2002 تعد كفعل رمزي فقط استهدف في حينه إرضاء الولايات المتحدة فان المملكة السعودية – باستثناء الحساسية الكبيرة في مسألة السيطرة في الأقصى – تمتنع حتى الان عن التدخل في صراع إسرائيل ضد حماس وبعامة بالنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. استطلاع للرأي العام أجراه معهد “WINEP” في كانون الأول 2023 يظهر ان اغلبية مطلقة من 96 في المئة من الجمهور السعودي عارض العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي. كما أن 68 في المئة عارضوا اعترافا سعوديا بها – مستوى المعارضة الأعلى للتطبيع الذي يسجل منذ 2016 – مثلما يتضح من استطلاع لمعهد الدوحة الذي نشر في كانون الثاني 2024.
تظهر نظرة استراتيجية واسعة بانه فضلا عن كون السعودية منتجة النفط الثانية لحجمها في العالم (المسؤولة عن 12.9 في المئة من الإنتاج العالمي) والاقتصاد الأقوى والاكبر في الشرق الأوسط (ناتج محلي خام بمقدار 1.083 تريليون دولار في 2024)، تتمتع السعودية اليوم، ضمن أمور أخرى باستئناف علاقاتها مع ايران وقطر وكذا من علاقاتها الدافئة مع تركيا. ففي اطار اتفاق بقيمة 6 مليار دولار، من المتوقع للرياض ان تشتري سفنا حربية، دبابات وصواريخ من أنقرة .
كما يتبين ان ابن سلمان الذي يتمتع بشعبية واسعة في الداخل، يعد في السنوات الثلاثة الأخيرة الزعيم الكاريزماتي والمحبوب الأكبر في العالم العربي، الذي يغازله كثيرون من زعماء العالم مثل (رؤساء الولايات المتحدة، روسيا والصين الى جانب رؤساء شركات تكنولوجية واتحادات تكنولوجيا عليا عالمية). وهكذا مع أنه لا يهتم شخصيا بالفلسطينيين فانه على وعي جيد بالتأييد الواسع الذي يحظون به من جانب الجمهور السعودي، العربي والإسلامي. وان التضحية بهم في صالح تطبيع مع إسرائيل تشكل انتحارا سياسيا ومخاطرة كبيرة على استقرار المملكة. مع ذلك، ومع أن الوعد بعقد اتفاق سلام سعودي – إسرائيلي ينطوي على غير قليل من الفرص الاستراتيجية، ظاهرا يبدو ان الان بالذات – بخاصة في ضوء ضعف ايران، المحور الشيعي ونفوذهما في الشرق الأوسط – يدور الحديث عن فرصة لابن سلمان لابداء مرونة وزعامة واتخاذ موقف براغماتي وفاعل أي، المناورة بين عموم اللاعبين والمواقف المتضاربة، استغلال التعاطف الفلسطيني وقيادة خطوات دولية تساهم في تثبيت مكانة الصدارة للرياض في الشرق الأوسط الى جانب صورتها القوية.
خليط بين “مبادرة السلام العربية” ومكانتها الثابتة وبين عموم التغييرات التي تجري مؤخرا في المنطقة، بما في ذلك التردي الذي طرأ على مكانة الولايات المتحدة الجغرافية – السياسية يقوي موقف القيادة السعودية في وجه الضغط الأمريكي. كل هذا يسمح لابن سلمان بان يتصدر حوارا بناءاً وجبهة جماعية كما اسلفنا تحمي مصالح السعودية، مصالح الدول العربية، بما فيها مصر والاردن وكذا مصالح الفلسطينيين.
استغلال المال الجغرافي السياسي
فضلا عن ذلك، يحتمل ان بالذات على خلفية تعقيد وتفجر الازمة الإقليمية الناشئة، فان علاقاته القريبة مع ترامب وحاجة واشنطن للتعاون مع الرياض، يمكن لولي العهد أن يؤدي دورا هاما في تصميم الشرق الأوسط. فوعده بان يستثمر في الولايات المتحدة 600 مليار دولار في السنوات الأربعة القادمة (ضمن أمور أخرى في شراء منظمات سلاح ودفاع أمريكية)، الذي اجاء في اعقاب اعلان ترامب عن السعودية كهدف مركزي في سياسته الاقتصادية والدبلوماسية، من شأنه ان يؤدي الى إيجاد حل ابداعي والدفع قدما بمنحى سياسي براغماتي للمسألة الفلسطينية.
كما انه على خلفية مكانة السعودية في العالم الإسلامي وكونها الحليف الاستراتيجي الأهم للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، فانها أيضا الدولة الوحيدة التي توجد اليوم في موقف أساسي استراتيجي سائد وقوي في السياسة العالمية وكذا في الاقتصاد وفي سوق الطاقة العالمي – يمكنها ان تجري مفاوضات “بمستوى العيون” مع ترامب تؤدي الى صد خطة الترحيل.
هذه العلاقات، المواقف والخطوات من المتوقع لها أن تساعد الاثنين على الدفع قدما بتفاهمات مشتركة واتفاقات امنية، اقتصادية وتكنولوجلية مختلفة (مثلا في مجال حماية السايبر، الحداثة او الطاقة الخضراء)، حتى بدون مسيرة تطبيع رسمية مع إسرائيل.
مهما يكن من أمر فان تحقق الرؤيا العالمية لابن سلمان (Vision 2030) وإقامة مشاريع اقتصادية عظمى (مثل مدينة نيوم) ليس متعلقا بذلك. فتقليص تعلق السعودية بمداخيلها من النفط (تحوز احتياطات النفط الأكبر في العالم وتنتج نحو 3 مليون برميل يوميا وجذب استثمارات اجنبية وكذا عشرات ملايين السياح كل سنة بمناسبات ثقافية ورياضية دولية (مثل اكسبو 2030 ومونديال 2034) – متعلقة بقدر كبير بالاستقرار الإقليمي وكذا بعلاقاتها مع الولايات المتحدة. لا شك إذن ان استغلال المال الجغرافي – السياسي، الاقتصادي والطاقي السعودية كفيل بان يساهم كثيرا في خلق واقع شرق اوسطي جديد الى جانب شروط وملابسات جغرافية – سياسية لم نشهدها من قبل. شروط وملابسات كفيلة بان تؤدي في المستقبل الى انضاج مسيرة التطبيع بين السعودية وإسرائيل.
——————————————
إسرائيل اليوم 14/2/2025
إسرائيل تفحص خططا لاستئناف الحرب
بقلم: شيريت افيتان كوهين
حالة تأهب عالية في إسرائيل قبيل دفعة التحرير الرابعة المتوقعة غدا لثلاثة من المخطوفين الإسرائيليين في غزة. حماس ملتزمة بتنفيذ التحرير حتى الساعة 12 ظهرا، وفقا لانذار الرئيس ترامب. في جهاز الامن يستعدون بالتوازي لامكانية انهيار وقف النار واستئناف القتال.
في منظمة حماس شددوا على أنهم يستعدون لاستئناف تحرير المخطوفين غدا اذا ما التزمت إسرائيل بتعهداتها. وحسب الناطق بلسان حماس عبد اللطيف القنوع كانت “مؤشرات إيجابية” على ذلك.
في إسرائيل يترقبون تلقي قائمة المخطوفين المرشحين للتحرير اليوم، وفقا لبيان حماس عن إعادة الصفقة الى مسارها. وحسب الاتفاق فان حماس مطالبة بان ترفع القائمة الى الوسطاء في اثناء اليوم فيما يتم التحرير نفسه في السبت.
معركة روايات
في إسرائيل ينتظرون أن تحرر حماس في سياق هذا الأسبوع ستة مخطوفين آخرين مما سيؤدي الى إتمام التنفيذ الكامل للمرحلة الأولى في الصفقة. ومع ذلك لم يتحقق بعد اتفاق رسمي بين الأطراف على ذلك. امس أجرى رئيس الوزراء نتنياهو نقاشا استغرق خمس ساعات في قيادة المنطقة الجنوبية لفحص خطط القتال الجديدة للجيش الإسرائيلي. وبالتوازي زار رئيس الشباك رونين بار داخل قطاع غزة وقدر الوضع في الميدان.
جرّت الازمة معركة روايات حادة بين الطرفين. فبينما تحدثت وسائل الاعلام العربية امس عن بدء دخول الكرفانات والخيام الى قطاع غزة في إسرائيل نفوا: “لا يوجد ادخال للكرفانات او الاليات الثقيلة الى قطاع غزة ولا يوجد تنسيق لذلك”، أوضح الناطق بلسان رئيس الوزراء د. عومر دوستري. وحسب تقارير في شبكة “القدس” الفلسطينية، دخلت الى القطاع امس 801 شاحنة مساعدات – العدد الأعلى منذ بداية وقف اطلاق النار.
الخلاف على العتاد الهندسي والكرفانات يرافق المفاوضات منذ بدايتها. حسب المنحى الذي دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني، وافقت إسرائيل على السماح لدخول عتاد هندسي ثقيل الى القطاع. اما عمليا فهناك خوف من أن يصل هذا العتاد الى حماس. وادعى الناطق بلسان المنظمة طاهر اللولو بان “إسرائيل تحاول إضاعة الوقت” وشدد على “الحاجة لضمان دخول الكرفانات، الخيام، العتاد لاخلاء الأنقاض وكل ما يلزم لمواصلة دائرة الحياة”.
الكرفانات ستنتظر
عاصفة ثارت حول عدد الكرفانات التي يفترض أن تدخل الى القطاع. وأوضحت مصادر رسمية بان ما ذكره بن غفير من عدد 60 الف كرفان ليس حقيقيا وان حماس طلبت جلب مواد بناء بحجم موازٍ لبناء الكرفانات. طلب رفض على خلفية معارضة الاعمار قبل مغادرة حماس.
في حركة “احتياطيون – جيل النصر” هاجموا فقالوا: الرئيس الأمريكي يتجاوز حكومة إسرائيل من اليمين. حان الوقت لان توقف الحكومة مسيرة السخافة المتمثلة بإدخال ذخيرة “إنسانية” ومواد بناء في ظل نفي كاذب”. خلاف آخر ثار حول المفاوضات حول المرحلة الثانية من الصفقة. الناطق بلسان رئيس الحكومة نفى ما قاله رئيس لجنة الخارجية والامن يولي ادلشتاين عن وجود مباحثات في الموضوع وشدد: إسرائيل لا تجري حاليا مفاوضات على المرحلة الثانية. في إسرائيل يصرون على الا تستأنف المفاوضات الى أن يعود المخطوفون في السبت.
“سنرد على الخروقات”
وفد حماس، برئاسة خليل الحية أجرى في الأيام الأخيرة محادثات مكثفة مع الوسطاء بما في ذلك لقاءات في القاهرة مع رئيس المخابرات المصري حسن راشد ومكالمات هاتفية مع رئيس وزراء قطر محمد الـ ثاني. وحسب بيان المنظمة “تميزت المحادثات بروح إيجابية والوسطاء وعدوا بإزالة كل عائق”.
وفقا للمنحى الأصلي الموقع، فمقابل تحرير المخطوفين تعهدت إسرائيل بسلسلة خطوات، بينها الانسحاب من نقاط سيطرة استراتيجة في غزة، فتح معبر رفح لخروج جرحى الى مصر والسماح بعودة فلسطينيين من الجنوب الى الشمال. معبر رفح يعمل اليوم بإدارة سكان القطاع ممن حصلوا على اذن من الشباك، بمشاركة قوات السلطة الفلسطينية – خطوة اصطدمت بمعارضة رئيس الوزراء نتنياهو لكن لا تزال تجري عمليا.
في حماس شددوا على انهم “غير معنيين بانهيار وقف اطلاق النار”، لكنهم يطالبون “بتنفيذ كامل لكل بنود الاتفاق”.
هذا ويواصل جهاز الامن المتابعة عن كثب للتغييرات في الميدان ويستعد لكل سيناريو. وقال مصدر امني كبير امس انه “رغم الازمة والقلق، الوضع افضل من الماضي”. ومع ذلك شدد على أن “إسرائيل سترد بشدة على كل خرق للاتفاق”.
وقال الناطق بلسان الشباك تعقيبا على زيارة رئيس الجهاز في غزة “انه احري تقويم للوضع في الميدان الى جانب الجهود لاتمام تنفيذ الدفعات، القوات في الميدان في مستوى جاهزي عالٍ للتصدي لسيناريوهات مختلفة بما في ذلك لتصعيد أمنى.
——————————————-
هآرتس 14/2/2025
سأقولها صراحة وليعتقلوني: دولة إرهاب ووزراء فاشيون وقضاة متواطئون في ارتكاب المذابح
بقلم: إيلانا هيمرمان
“على هذه الأرض ما يستحق الحياة”، هذه الكلمات بداية قصيدة معروفة لمحمود درويش، وهي مكتوبة على الحائط الرمادي لبيت متواضع يطل على مشهد الصحراء الرائع في مدخل تجمع الرعاة الفلسطيني الطوبا في جنوب جبل الخليل.
يتكون هذا البيت من غرفة جلوس ومطبخ لامرأة وابنتها الكبيرة وابنها الفتى. يعيشون وحدهم، بعيدين عن العائلات الأخرى، ويربون الأغنام ويفلحون أرضهم على سفوح هذه الهضبة التي يقع فيها البيت. قطعتان من هذه الأراضي تم حرثهما مؤخراً وزرعهما بالشعير، كي ينمو ويحصد ويكون أعلافا للأغنام. في اليوم الذي زرنا فيه العائلة، كانت الأتلام في إحدى القطعتين مغطاة بغطاء أخضر رقيق من البراعم التي بدأت بالنمو، في حين أن الأتلام في القطعة الأخرى كانت عارية ولونها بني. فقد قضى عليها قطيع غريب. ولكن حتى البراعم الأولى يتم الآن لعقها أمام أنظارنا من قبل أغنام العائلة. لماذا؟ كي لا تصبح طعاماً لقطيع الجار الأزعر، شرحت البنت.
إذا كان الأمر هكذا، ثار في ذهني التفكير الغريب، هذه البراعم لن تنبت إلى الأبد ولن تصبح “سنابل في الحقل تنحني مع الرياح لثقل الحبوب”، كما في الأغنية التي غنيتها قبل عشرات السنين في حركة الشبيبة. طفلة حضرية مثلي، في ذلك الوقت، لم أر بعيني أي حقل أو أي فلاح أو أي محراث أو مخزن مليء بالحبوب، وكل ما عرفته هو أن هذه الأرض لنا. هنا بيتي وهنا المكان الذي أدمنته. أنا فقط، ولا شيء غيري. لقد مرت سنوات كثيرة إلى حين عرفت الفصول المظلمة في تاريخ دولة إسرائيل. القطيع الغازي تعود على المجيء إلى الحقل المزروع العائد لعائلة الرعاة التي جاءت من المزرعة التي تسمى “يسسخار مين”. قبل بضع سنوات، في فترة كورونا، زرتها عندما كانت بؤرة استيطانية صغيرة جداً. صغيرة، ولكنها عنيفة بسبب طبيعة هدفها. “يسسخار مين”، أعلن ذلك في حينه على مسامعي وهو يلوح بيده تجاه التجمعات الفلسطينية الموجودة وراء المساحة الواسعة، عند سفح الهضبة التي أقام عليها بؤرته الاستيطانية: يجب طردهم جميعاً من المنطقة، ويجب التنغيص عليهم حتى يرى السكان الذين عاشوا هنا لأجيال بأم عينهم بأنه لا فائدة من العيش على هذه الأرض.
هذه البؤرة الاستيطانية أصبحت الآن مزرعة. والحظيرة الكبيرة الموجودة فيها والمباني الأخرى، تظهر بشكل جيد من البيت الصغير على مدخل الطوبا، وكل الهضبة مزروعة ببؤر استيطانية. في هذا الوقت، يقام بين عشية وضحاها المزيد من البؤر الاستيطانية. هناك تظهر خيمة وقربها سيارة، وغير بعيد عنها عدة مبان، برمشة عين تم شق طريق إليها، وبعد قليل سيتم ربطها بشبكة الكهرباء والمياه.
سكان هذه البؤر الاستيطانية مسلحون ومزودون بالتراكتورات الصغيرة. تقريباً، ينطلقون يومياً نحو الخيام وأكواخ الصفيح ومباني التجمعات الفلسطينية. وفي اليوم الذي ذهبنا فيه إلى هناك، رافقنا ثلاثة في معظم طريقنا الأخيرة، مرة من الخلف ومرة من الأمام، وعندما وصلنا قاموا بعرض وحشي قبل مغادرتهم، وكأنهم يقولون بأنهم سيعودون مرة أخرى، سيعودون بسرعة، مرة تلو الأخرى كالعادة في الفترة الأخيرة، يشتمون ويدفعون ويضربون ويجرحون ويقتحمون المباني ويرمون الأغراض الموجودة في الخزائن وعلى الرفوف على الأرض، ويمزقون أكياس الطحين ويسكبون الزيت ويحطمون ويدمرون ويحرقون. أي أنهم يقومون بمذبحة، مذبحة يهودية برعاية جنود وشرطة دولة إسرائيل التي تسمي نفسها دولة يهودية.
في أيار 2022 رفضت المحكمة العليا، بعقدها كمحكمة العدل العليا، جميع الالتماسات التي قدمتها التجمعات الفلسطينية في المنطقة. القاضي إسحق عميت والقاضي دافيد مينتس والقاضي عوفر غروسكوفف، الذين يحترمهم كثير من الإسرائيليين المحتجين على الانقلاب النظامي، قاموا بحسم مصيرها بالمحو عن وجه الأرض بشكل نهائي، وحكموا على سكانها بالمغادرة.
حفنة الإسرائيليين الذين يتابعون التطهير العرقي في قطعة الأرض هذه، بدت الأمور معروفة بالنسبة لهم. ففي العام 1980 تم الإعلان هنا عن منطقة عسكرية مغلقة، باسم “منطقة التدريب 918″، وتم طرد السكان منها. بعد ذلك، سمح لهم بالعودة إليها، ولكن لم يسمح لهم البناء فيها، سواء بيت أو مبان عامة، ولا يوجد ما يمكن التحدث عن بنى تحتية. وأي بناء جديد أقيم من مرحاض ومطبخ وحتى مدرسة، تم تدميره، وإن بني مجدداً يهدم مرة أخرى، وهكذا دواليك، إلى أن أصدرت المحكمة الحكم النهائي: الطرد. ولكن معظم التجمعات تتمسك بأراضيها، وهذه الملحمة ما زالت مستمرة.
بخصوص مناطق التدريب في جنوب جبل الخليل، قال أريئيل شارون في حينه بصفته رئيس “لجنة الاستيطان المشتركة للحكومة والهستدروت الصهيونية العالمية”: “أريد القول لممثلي هيئة الأركان: نريد أن نعرض عليكم مناطق تدريب أخرى. نفكر الآن بوجوب إغلاق مناطق تدريب أخرى على الحدود الموجودة على سفوح جبل الخليل نحو صحراء “يهودا”. إزاء هذه الظاهرة التي قمت بشرحها في السابق – ظاهرة تمدد العرب القرويين في الجبل تجاه الصحراء، ثمة مصلحة لنا بالتأكيد في زيادة المناطق في هذا المكان… ومصلحة في أن تكونوا في هذا المكان” (محضر الجلسة في تموز 1981).
هذه الوثيقة التي كشف عنها معهد “عكفوت” تم تقديمها للمحكمة العليا. تجاهلها القضاة وحكموا باللغة القانونية بأن “مقدمي الالتماس لم يكونوا مقيمين دائمين في منطقة التدريب قبل الإعلان عن إغلاق المنطقة. إعلان منطقة التدريب كان مخصصاً لغرض تدريب الجيش الإسرائيلي عندما كانت هناك حاجة إلى ذلك، ولم يتم إيجاد منطقة أخرى مشابهة لها في جودتها”. إن استيطان مقدمي الالتماس في منطقة التدريب تم بعد إغلاق المنطقة وخلافاً للقانون. بالتالي، أحكام القانون التي تعمل على حماية “المقيم الدائم” المتوقع أن يتضرر من إغلاق المنطقة، غير موجودة.
الموضوع – لب الموضوع – هو أنه منذ إقامة دولة إسرائيل وحتى الآن، لم تولد أي تعليمات قانونية تستهدف حماية السكان الفلسطينيين الدائمين في الأراضي التي تسيطر عليها، التي توسعت جداً منذ ذلك الحين. في المقابل، تم ربط قوانين مدنية مع أوامر عسكرية على الأغلب، التي استهدفت طردهم أو التنغيص عليهم إلى درجة ألا يكون لديهم ما يعيشون من أجله على هذه الأرض، من “قانون الأراضي” وحتى “قانون القومية”، وقوانين “التحريض على الإرهاب” التي تُسن الآن وتستهدف كم أفواه مواطني إسرائيل العرب.
الويل لهؤلاء المواطنين إذا نطقوا كلمة “حماس”. لهم، وليس لي الآن، كمواطنة يهودية تعتقد منذ زمن بأن إسرائيل دولة إرهاب، أقول ذلك وأكتبه، حتى الآن لم يأت إلي رجال الشرطة ليلاً لاعتقالي وإدخالي إلى سيارة الشرطة ويداي مكبلتان وعيناي معصوبتان، مثلما حدث قبل بضعة أشهر مع انتصار حجازي من طمرة، التي تم اعتقالها في اقتحام ليلي من قبل الشرطة عقب شكوى قدمها بن غفير بسبب فيلم نشرته في الشبكات الاجتماعية. “صفر تسامح مع التحريض ومؤيدي الإرهاب”، كتب في حينه في الشبكة، هذا الإرهابي والفاشي الذي أصبح وزيراً في حكومة إسرائيل.
قبل عشر سنوات، في مقال بعنوان “من هو الإرهابي” (“هآرتس”، 11/6/2014) نشرت بالتفصيل بعض أفعال دولة إسرائيل ضد السكان المدنيين في الضفة الغربية، وطرحت رأيي بأن “كل هذه تعد أعمالاً إرهابية، وإرهاب دولة، إرهاباً حكومياً”. في المقال اقتبست مقال عميره هاس وأقوال ضابط قسم العمليات عناف شليف في جلسة الكنيست للجنة الفرعية للجنة الخارجية والأمن لصالح تحديد مناطق تدريب في الضفة الغربية كوسيلة لطرد السكان العرب من هناك. “عندما تطأ الفرق العسكرية قدمها، يبتعد الناس”، قال في حينه. (“الجيش الإسرائيلي اعترف بأن التدريبات في مناطق النيران في الضفة تستخدم لطرد السكان الفلسطينيين”، “هآرتس”، 21/5/2014).
مهمة الترانسفير هذه التي أصبحت الآن وسيلة سياسية مشروعة في المجتمع المدني الإسرائيلي، تفعلها الآن بأبعاد أكبر مما في السابق، أوكار إرهابية تسمى مزارع الرعي. “حوالي 90 مزرعة رعي موجودة الآن في أرجاء “يهودا والسامرة”، 20 منها أقيمت في السنة الأخيرة فق “، نشر منذ فترة قصيرة في موقع “واي نت”. “هي تسيطر على منطقة واسعة مساحتها 650 ألف دونم، معظمها في مناطق ج. والهدف الأسمى الذي يقف وراء إقامتها هو طرد الفلسطينيين من مناطق الرعي والزراعة، والسيطرة على كل المنطقة. حوالي 35 تجمعاً للرعاة غادرت بيوتها حتى الآن عقب العنف الذي تعرضوا له مرة تلو الأخرى على يد النشطاء في هذه المزارع” (16/1/2025).
الدولة من ناحيتها، التي تسمح بوجود هذه المزارع وحتى تطورها – سواء في مناطق النيران نفسها أو في محيطها – تواصل مهمة التدمير بأدواتها الثقيلة. في هذا الأسبوع، هدمت الجرافات مباني وكهوفاً في ثلاثة تجمعات (“11 مبنى في مسافر يطا في جنوب جبل الخليل، السكان يخشون من طرد قريب”، هاجر شيزاف، “هآرتس”، 10/2).
على سطح أحد المباني في الطوبا، تم وضع إطارات شاحنة وحولها حجارة كبيرة لمنع رياح الصحراء من إزالة السطح، لاحظت بعيوني نباتات الجيرانيوم باللون الوردي، وكأن الأيدي التي زرعتها أرادت قول، كما خطر ببالي، أقوالاً كنوع من التحدي الساذج لحظيرة “يسسخار” الكبيرة، التي يمكن مشاهدتها على التلال المقابلة. القول بأن على هذه الأرض القفراء ما يستحق الحياة ومن أجله ما زال سكان هذه المباني باقين، ولن يذهبوا من هنا. البناء الذي تم هدمه، سيبنى من جديد، والمدرسة التي هدمت سيذهب طلابها سيراً على الأقدام للتعلم في مدرسة في تجمع آخر. ورغم ذلك، لا نعرف ما مصير هذه التجمعات إزاء الطريق التي تنتهجها حكومة إسرائيل، “إدارة النزاع”، بدعم من غالبية مواطنيها اليهود.
مثلما لا نعرف ما هو مصير سكان قطاع غزة، الذي تم تدمير كل بيوته ومؤسساته وبناه التحتية بالكامل، “هو يظهر مثل حلم عبثي لبني البشر”، كما كتب روغل الفر في “هآرتس” 4/2، هل ستتحقق في سكانها، لا سمح الله، رغبة المواطنة الإسرائيلية اليهودية التي كتبت مؤخراً: “يجب محو أي ذكر لهذه السلالة القاتلة في غزة، من غرف الولادة وحتى آخر الشيوخ. 100 في المئة من أبناء غزة يستحقون الموت” (كنيرت بروشي، 8/2، شبكة “اكس”)، هكذا كتبت وحرضت على الإبادة الجماعية بدون أي عقاب، لأن الشرطة لن تأتي لأخذها من البيت ويداها مقيدتان وعيونها معصوبة. وهذا هو لب الموضوع، لب الموضوع في دولة تسمى الدولة اليهودية.
——————————————
هآرتس 14/2/2025
حاخام يهودي: الصهيونية أم الكوارث.. والعرب لم يكرهونا ذات يوم
بقلم: عنات كام
في الأسبوع الماضي، تم تسجيل الحاخام دوف لاندو، وهو من رؤساء الجمهور الحريدي الليطائي، وهو يتحدث مع حاخامات منظمة “قلب يسمع” عن مكانة طلاب المدارس الدينية و”موقفه من شتى المواضيع”، كما كتب في موقع “ميدان السبت” الذي تم عرض التسجيل فيه. لاندو يهودي عمره 94 سنة، كان متزوجاً من ناجية من الكارثة، وتطاول على المجتمع العلماني (كما هو متوقع)، لكنه لم يوفر قبيلته أيضاً من معتمري القبعات المنسوجة.
في التسجيل سمع وهو يقول: “الأفضل هو أن يسيطر العرب هنا. لو فعلوا لكانوا سيحترموهم. ربما نعيش بشكل جيد بدون دولة مع العرب، ولكن الصهيونية جلبت لنا الكوارث. في “الصهيونية الدينية” يُقتلون لأن حاخاماتهم يعلمونهم توراة مشوهة… من يعرف الفكرة الصهيونية، التي كانت ذات يوم حركة أبناء عكيفا، ما زالت موجودة حتى الآن ولكني لا أتمنى لهم أي بركة. شعارهم كان… ليس خالق العالم وليست التوراة، بل “أرض إسرائيل لشعب إسرائيل…”، أقول: هذا هو الموجود. العلمانيون أصبحوا يشككون بالحق في هذه الأرض، وهم على حق… بالنسبة لهم أرض إسرائيل هي الذروة”.
وقال عن الخدمة العسكرية: “لا يمكن هذا الوضع. هم بنشاطاتهم لا يفعلون الكثير من أجل الإنقاذ، بل من أجل كرامة الدولة، يقتلون الناس من أجل الكرامة”. وعن دولة إسرائيل، قال: “الصهيونية كانت وكأنهم سينقذون الشعب اليهودي، جلبوا وابلاً من الكوارث المادية. العرب لم يكرهونا جداً ذات يوم في العالم كله”.
مرة أخرى، يطرح سؤال كيف ولماذا تخلى اليسار عن الحريديم وقدمهم للحريديم القوميين المسيحانيين في اليمين، بدلاً من الاحتفاظ بهم قرب قلبه، واستغلالهم لصالح أفكاره. في نهاية المطاف، من المفروض أن تجد أقوال الحاخام لاندو هذه صدى في قلب كل من عارض المسيحانية، وسئم من الخطاب العسكري، ويدعو إلى التعايش مع العرب في قطعة الأرض الصغيرة هذه.
الحاخامات يكتبون وبحق بأنه لم يكن للمعسكر الليبرالي أن يقوم بدون مد يد صادقة وحقيقية لمواطني إسرائيل العرب. ولكن ما لا يقل أهمية، حتى لو بسبب نسبة التصويت العالية في أوساطهم، هو مد يد صادقة وحقيقية لمجتمع الحريديم، حتى بثمن التجنيد، وبثمن فصل معين في الحياة الأكاديمية، وبثمن صك أسنان بشأن قوانين الحشمة للفتيات، التي تتلاءم مع نظام “طالبان”.
الحريديم الذين يعرفون أن القومية تقتل اليهودية، حرفياً، هم الشركاء الأفضل لمستقبلنا هنا. بالتحديد كلما كان الحريديم أكثر تطرفاً وتميزاً يكونوا أقل تدخلاً في شؤون الدين والدولة والجمهور العام. وعلينا احتضان هذه الرسائل الانفصالية، وعدم محاولة دمج الحريديم بالقوة في المجتمع الذي هم غير معنيين بالاندماج فيه، وبالصورة التي هم غير معنيين بالاندماج بها.
حتى ذلك الحين، يتعين على المشاركين في هذه العملية، وممثلي الأحزاب المتشددة في الكنيست، أن يعودوا إلى معسكر السلام. إن دعم الأحزاب المتشددة للتسوية السياسية بعيدة المدى مع الفلسطينيين ستقلل الحاجة إلى الخدمة العسكرية وتحررنا جميعنا من النضال قصير النظر من أجل المساواة في تحمل العبء.
الحريديم الحقيقيون، وليس شبان ميدان صهيون في منتهى السبت، لا يقومون بنشاطات تدفيع الثمن أو إقامة أنوية توراتية، وهم غير معنيين بالاستيطان في قطاع غزة، والحرم شيء غريب بالنسبة لهم. لا تتخلوا عنهم وترمونهم في يد بن غفير. هم شركاؤنا، وليس من يرتدون القبعات المنسوجة.
——————————————
هآرتس 14/2/2025
إسرائيل تغلف موقفها بالغموض إزاء الصفقة.. ماذا بين ترامب ونتنياهو؟
بقلم: أسرة التحرير
أعلنت أمس حماس أنها ستحرر مخطوفين وفقاً للجدول الزمني الذي تقرر في اتفاق وقف النار. هذه أنباء طيبة لا مثيل لها. على خلفية بيانات حماسية ومهددة للرئيس الأمريكي ورئيس وزراء إسرائيل ووزير الدفاع بفتح بوابات الجحيم إذا لم تحرر حماس كل المخطوفين، جاء بيان المنظمة وترك فتحة للأمل.
حسب اتفاق وقف النار، يفترض أن يتحرر ثلاثة مخطوفين إسرائيليين آخرين وبضع عشرات السجناء الفلسطينيين. وعلى إسرائيل أن تتمسك بالاتفاق كما هو، وأساساً بعد أن أعلنت حماس تمسكها به. غير أن إسرائيل تؤخر جوابها، وتلف موقفها بالغموض بشأن مواصلة تنفيذ الاتفاق. هذه لعبة خطيرة.
ترامب هو من افترس المنظومات وهز استقرار الاتفاق الهش، وهدد حماس هذا الأسبوع عدة مرات كي تحرر كل السجناء حتى الغد. هذا طلب يتعارض والاتفاق الموقع، وقابلية تنفيذه مشكوك فيها. يصعب التصديق استجابة المنظمة له. يتبقى خياران في وضع الأمور هذا: الأول، مواصلة المنحى المتفق عليه، والثاني تفجير الاتفاق وترك كل المخطوفين لمصيرهم.
لا مكان لإنذارات “الكل وإلا لا شيء”، لأن ذلك يوقع كارثة على الكل. يجب الحفاظ على الاتفاق الهزيل من كل شر خشية أن يحل محله استئناف الحرب وضياع الفرصة الأخيرة لتحرير مخطوفين أحياء.
كل مخطوف يتحرر على قيد الحياة وينجو من اللظى يفوق في قيمته خيار المغامرة والزعرنة التي يعرضانهما ترامب ونتنياهو. كل مخطوف يتحرر هو عالم بكامله. والآن، ينبغي عمل كل شيء لإنقاذه.
إن فكر ترامب ونتنياهو يثير اشتباهاً شديداً بأنهما يسعيان لعرقلة مواصلة تنفيذ الصفقة. محظور السماح لهما بذلك. على المحك مصائر بشر حياتهم في خطر حقيقي وفوري.
رغم الإغراء، محظور السماح لتهديدات ترامب وإيهامنا بنجاح تلك التهديدات من أجل تحرير كل المخطوفين، فهذا خداع لإسرائيل، ومن شأن ذلك تخريب الصفقة التي لم ينته قسمها الأول: لاحقاً يفترض أن يتحرر ثلاثة مخطوفين في كل دفعة. وفي الأسبوع الأخير من الاتفاق، سيتحرر 11 مخطوفاً آخر بينهم من ليسوا على قيد الحياة.
إسرائيل ملزمة بالإعلان أن وجهتها نحو استمرار الصفقة التي هي الفرصة الوحيدة لتحرير المخطوفين على قيد الحياة.
—————–انتهت النشرة—————–