إسرائيليات

جدعون ليفي : فقط تهديد من ترامب سيؤدي إلى إنهاء الاحتلال

المسار : في حلمي لم يكن فلودمير زيلنسكي هو الذي جلس أول أمس في المكتب البيضوي في البيت الأبيض، بل بنيامين نتنياهو. دونالد ترامب ونائبه، جي دي فانس، تطاولا على نتنياهو امام العدسات وقالا له بأنه برفضه وقف الحرب في غزة فانه يقامر على حرب عالمية ثالثة. “أنت يجب أن تقول شكرا. رجالك يموتون وأنت تقول لنا “أنا لا أريد وقف النار”، وأنك تريد كذا وكذا. اذا كان يمكنك الموافقة على وقف اطلاق النار الآن فانك تفعل ذلك من أجل أن يتوقف رجالك عن الموت، لكنك لا تريد وقف اطلاق النار. أنا أريد، لا توجد لديك أوراق للمراهنة. نحن الذين نقف الى جانبك، ومن غيرنا فانه لا يوجد لك شيء. إما أن توقف النار أو سنكون في الخارج”.

الاقوال التي قالها ترامب لزيلنسكي أسمعها في حلمي لنتنياهو. هكذا كلمة كلمة، كان يجب أن يقول ذلك له.

لكن الحلم هو حلم، والمشهد المخيف لم يحدث أول أمس مع نتنياهو، هو كما يبدو أيضا لن يحدث، رغم أنه أمر يقتضيه الواقع. تخيلوا محادثة كهذه. نتنياهو يخرج من البيت الأبيض بصورة مستعجلة، وجهه متكدر مثل وجه زيلنسكي، وفي اليوم التالي يعود ويطرق بابه. هو مستعد لانهاء الحرب في غزة وإخراج جميع قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع فورا. جميع المخطوفين يتحررون، تم تجنب إبادة جماعية أخرى. بدون هذه المحادثة إسرائيل تسرع الخطى نحو استئناف الحرب. يصعب التفكير بحلم مخيف أكثر من ذلك. يصعب التفكير بحرب عديمة الجدوى اكثر من هذه. التي ستكون مخيفة اكثر في الفصل الثاني.

من التوبيخ الذي حصل عليه الحليف العاجز زيلنسكي، الذي شمل تنكيل اجرامي من قبل اشخاص من نوع فانس وترامب، هو بالتأكيد ليس الأول في نوعه. الجديد هو أنه كان امام العدسات، باستثناء “وقع، يا كلب”، ما قاله حسني مبارك لياسر عرفات فوق المنصة في احتفال التوقيع على اتفاقات القاهرة في 1994، العدسات لم تبث استعراض مهين جدا للقوة لاسياد العالم أو الذين يعتقدون أنهم اسياد العالم تجاه رعاياهم. 

يجب شكر ترامب لأنه كشف عالم الداخلي، الذي ليس فقط أي مكان للشفقة، القيم، القانون الدولي، الإنسانية أو الإخلاص. فقط القوة والمال – المال والقوة. ولكن أيضا وجهة النظر هذه هو يطبقها بشكل انتقائي. لقاء ترامب – زيلنسكي كان يمكن ويجب أن يحدث ايضا مع نتنياهو. كل كلمة وجهها ترامب لزيلنسكي هي ذات صلة بنتنياهو. ولكن لا أحد يتخيل ذلك. ربما لأنه في أراضي الضفة لم تكتشف بعد مناجم المعادن. ولكن ماذا بشأن الريفييرا في غزة؟.

بالنسبة لإسرائيل ونتنياهو، الذين يفهمون فقط القوة، هذه كان يمكن أن تكون محادثة تاريخية تغير قواعد اللعب. هي كما يبدو لن تحدث، لكن اذا كنا ننسج الاحلام فلماذا لا نحلم أحلام كبيرة وضخمة؟ تخيلوا محادثة مشابهة في البيت الأبيض، حيث يكون على الاجندة انهاء الاحتلال الإسرائيلي. لقد كان  سينتهي في اعقابها بسرعة كبيرة، أكثر مما نتخيل. عمليا، لم تبق أي طريقة لانهاء الاحتلال الإسرائيلي إلا بواسطة محادثة كهذه. لا يوجد لإسرائيل أي ورقة لصالح الاحتلال باستثناء دعم أمريكا. الناس يقتلون بسببه بلا توقف. هو بؤرة التوتر التي تعرض العالم للخطر. لا توجد دولة تقول إنها تؤيده، ولا يوجد أي موضوع يوحد كل العالم مثل معارضته، على الأقل كضريبة كلامية. يصعب أيضا فهم أي مصلحة أمريكية يخدم هذا الاحتلال، الذي يكره الناس في الولايات المتحدة بدرجة لا تقل عن تكريهه للدولة التي ترعاها. أيضا عندما نتحدث بلهجة ترامبية يصعب أن نفهم لماذا محادثة كهذه لن تحدث. في حلمي نتنياهو يأتي الى البيت الأبيض، وترامب، الرجل الفظيع والخطير، يهدده كما هدد أول أمس زيلنسكي. وفي صباح اليوم التالي تبدأ عملية تفكيك كريات اربع وكريات سيفر. مجرد حلم.