
المسار الإخباري :تحوّلت مراكز المساعدات الأمريكية في قطاع غزة إلى مشاهد إعدام جماعي، لا توزّع الطعام بل الموت. لم تعد هذه النقاط “الإنسانية” سوى أفخاخ دموية، زرعتها الولايات المتحدة في قلب المجاعة، لتتحوّل إلى ساحات مفتوحة أمام نيران جنود الاحتلال الإسرائيلي، الذين يصطادون الفلسطينيين المنهكين من الجوع والتشريد.
في مقاله لوكالة وطن للأنباء، يصف الكاتب الفلسطيني إسماعيل الريماوي كيف يتدافع آلاف المواطنين إلى تلك المراكز أملاً بكيس طحين أو علبة طعام، ليقابلهم الرصاص كأنهم أهداف تدريب في لعبة قنص. لا فرق بين طفل وامرأة، أو شيخ وأم تحمل رضيعها.. الجميع أهداف “مشروعة” في هذه الساحة الجهنمية.
يقول الريماوي إن هذه الجريمة تتجاوز في وحشيتها كل ما شهده العصر الحديث، بل إنها – بحسب وصفه – “تفوق النازية” من حيث الجمع بين الحصار والتجويع والقنص المتعمد، تحت مظلة شراكة أمريكية إسرائيلية. ويرى أن واشنطن لم تكتفِ بتمويل الحرب، بل صنعت من شاحنات المساعدات صورة إنسانية مزيفة، تخفي خلفها أحد أبشع أشكال الاستغلال السياسي للجوع.
ويؤكد أن من ينجو من رصاص القناصة قد لا ينجو من التدافع والهلع، وأن المساعدات لم تكن يوماً سوى أداة ناعمة لتجميل وجه الاحتلال، لكنها باتت اليوم أداة مباشرة في مشروع الإبادة.
الكاتب يخلص إلى أن ما يجري هو “جريمة مكتملة الأركان”، تنفذها أدوات أميركية وسلاح إسرائيلي، بصمت دولي مخزٍ وتواطؤ عربي مكشوف. ويضيف: “القاتل نفسه هو من يدّعي الإنقاذ.. بينما يُقصف الخبز وتُدمّر الملاجئ ويُستدرج الجوعى إلى الموت باسم الإنسانية.”
الضحايا، كما يقول، لا يسقطون في ساحات القتال، بل في طوابير المساعدات، في ممرات الجوع، في الزوايا التي تحولت إلى مقابر مفتوحة. إنهم لا يُقتلون فقط، بل يُستدرجون ليُقنصوا في صمت. “في غزة، الجوع له صوت.. لكنه يُخرس بالرصاص”، يختم الريماوي مقاله، مؤكداً أن ما يجري ليس فقط إبادة، بل انهيار كامل لكل ما تبقى من ضمير في هذا العالم.