المسار : نددت منظمات صحافية وأحزاب سياسية جزائرية، بأشد العبارات، باغتيال الصحافيين أنس الشريف ومحمد قريقع في قصف إسرائيلي استهدف خيمتهما أمام مستشفى الشفاء غرب مدينة غزة، معتبرة ما جرى جريمة حرب مكتملة الأركان وانتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية، ومحاولة لإسكات الصوت الحر وحجب الحقائق عن العالم.
وقد أدانت المنظمة الوطنية للصحافيين الجزائريين في بيانها هذا الاعتداء الذي وصفته بـ”البشع” و”الهمجي”، مؤكدة أنه يضاف إلى السجل الأسود للكيان الصهيوني في استهداف الصحافيين والطواقم الطبية والإسعافية. وحذرت من خطورة النهج الإجرامي الممنهج ضد الإعلاميين، داعية إلى تحرك عاجل إقليمي ودولي وأممي لحمايتهم وحماية المدنيين العزل.
وجددت المنظمة دعمها الكامل لزملاء المهنة في فلسطين المحتلة، وطالبت مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤوليته القانونية والأخلاقية في محاسبة مرتكبي هذه الجرائم وتفعيل آليات القانون الدولي لضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
أما حركة مجتمع السلم وهي أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد، فقد عبّرت عبر أمانتها الوطنية لفلسطين والقضايا العادلة، عن ألمها واستنكارها الشديدين، ووصفت ما جرى بأنه “جريمة حرب مدروسة” تهدف إلى إسكات صوت الحقيقة وحجب جرائم الاحتلال بحق أهالي غزة من تجويع وتقتيل وتهجير.
وأشارت الحركة إلى أن عدد الصحافيين الذين اغتيلوا في غزة منذ أكتوبر 2023 بلغ 237 صحافيا، وهو الرقم الأكبر في التاريخ الحديث، داعية المؤسسات الدولية إلى تحمل مسؤولياتها التاريخية في التصدي للاحتلال وردعه، كما قدمت تعازيها لعائلات الشهداء مؤكدة أن التضحيات ستثمر عزة ونصرا مهما طال الزمن.
من جانبه، نعى حزب جيل جديد، شهداء الواجب، بينهم أنس الشريف ومحمد قريقع، منددا بجرائم “آلة القتل الصهيونية” التي تستهدف كل ما هو حي في غزة، وخلفت ما يقارب 200 ألف شهيد وجريح وسط حصار خانق ومجاعة غير مسبوقة.
وأكد الحزب، بقيادة رئيسه سفيان جيلالي، أن النضال من أجل الحرية والكرامة قضية إنسانية وأخلاقية لن يطمسها النسيان ولن تنجح أي محاولة لإسكات صوت الحق، مقدما تعازيه لعائلات الشهداء وأهل غزة والأسرة الإعلامية.
أما حزب العمال، فقد نعى أنس الشريف في منشور على صفحته الرسمية، واصفًا إياه بأنه “صوت المعذبين فوق الأرض، صوت الحقيقة والمعاناة والتضحيات”، مشددا على أن ذكراه ستظل حية، وأن في غزة شبابا سيواصلون مهمته المقدسة في درب المقاومة والحرية، داعيا بالرحمة للشهداء والصبر لأهلهم ولغزة الصامدة.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر تفاعلا واسعا مع الجريمة، حيث عبر صحافيون وناشطون عن تضامنهم واعتزازهم بتضحياتهما. وكتب الصحافي نجيب بلحيمر في هذا الشأن: “في غزة يقاتل الصحافي من أجل إظهار الحقيقة التي يتجاهلها آلاف الصحافيين عبر العالم، في غزة يقاتل الصحافي ليرسم صورة الإبادة التي يطمسها جيش قتلة الأطفال بمزيد من القتل وتخفيها وسائل إعلام عالمية لا تتوقف عن تقديم الدروس في الأخلاق والمهنية”. وأضاف: “في غزة يتحول الصحافي إلى مقاتل من أجل الحقيقة حتى الشهادة لأنه قبل أن يكون صحافيا هو فلسطيني. السلام على فلسطين وشهداء فلسطين الذين جاهدوا بالسلاح والكلمة والصورة”.
كما تداول الجزائريون على نطاق واسع الوصية المؤثرة التي تركها أنس الشريف قبل استشهاده، والتي قال في مطلعها: “إن وصلَتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي”. وجاء في وصيته سرد لمعاناته ونضاله منذ طفولته في مخيم جباليا، وحلمه بالعودة إلى بلدته الأصلية عسقلان، وإصراره على نقل الحقيقة رغم الألم والفقد، وتوصيته بفلسطين وأهلها وأطفاله المظلومين، ودعوته إلى ألا تسكت القيود أو الحدود الأحرار عن نصرة القضية، موجها رسائل وداع مؤثرة إلى والدته وزوجته وطفليه شام وصلاح، طالبا الدعاء له والصبر على الفقد.