افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 8/9/2025
بدون ابادة جماعية لا يوجد تطهير عرقي
بقلم: عودة بشارات
بنيامين نتنياهو قال في الاسبوع الماضي: “أنا استطيع ان افتح لهم (الغزيين) المعبر، لكن سيتم وقفهم على الفور من قبل مصر”. معروف أن مقاربة “انسانية” كانت تقف من وراء تصريح نتنياهو، الذي اضاف: “وزارة الخارجية المصرية تفضل ان تحبس في غزة السكان الذين يريدون مغادرة منطقة القتال خلافا لرغبتهم”. يبدو أن “منطقة القتال” ليست بفعله هو.
هذه هي كل القصة في جملة واحدة. اذا كنت تريد تطهير عرقي فتفضل، لكن قبل ذلك يجب عليك القيام بالابادة الجماعية. الآن لا توجد نكبة بالمجان. في 1948 كان الحظ للبيت الاحمر في تل ابيب، الذي استخدم كمقر رئيسي لقيادة الهاغاناة، وبعد ذلك كل شيء تدحرج بشكل مدهش. الفلسطينيون في حينه لم يعرفوا ماذا تعني نكبة وماذا يعني الترانسفير، وكيف سيعيشون كغرباء وكيف سيتصرفون في دولة شقيقة أحبتهم من بعيد، ولكن من قريب رفضتهم.
هذه كانت المرة الاولى التي جربوا فيها الطرد. لقد بقوا بعد الاتراك والبريطانيين، الذين قاموا بقمعهم، ولكنهم لم يقدروا في أي يوم بأن وجودهم معرض للخطر. هم كانوا فلاحين، زرعوا الخضراوات والقمح وقاموا بتربية الابقاء والاغنام. هم لم يكونوا مقاتلين، على الاكثر كان لهم ما يسمى “الفزعة” – عندما كانت تهاجم قرية كان سكان القرى القريبة يركضون لدعمها. ولكن في نهاية اليوم كانوا يعودون الى حقولهم وبساتينهم.
اضافة الى ذلك ورغم انه لا يوجد أي ادلة على الادعاء الذي يقول بان زعماء الدول العربية الذين كانوا تحت الكولونيالية البريطانية والكولونيالية الفرنسية، قاموا بدعوة الفلسطينيين الى المغادرة الى حين يمر الغضب، وانه تم نشر شائعات كاذبة بهذه الروحية. لذلك، دمج طرد السكان من القرى، الخوف من المعارك والمذابح والشائعات بشان دعوة الزعماء العرب التي اعطت الشرعية للركض نحو الحدود – كل ذلك فعل فعله.
في المقابل، الاكثر اهمية هو ان حدود الدول العربية كانت مفتوحة باتجاه واحد، بالاساس الى لبنان، سوريا والاردن. بعد ذلك من اراد ان يعود بعد ان هدأت النيرات طرد على الفور، وعلى الاغلب دفع حياته ثمنا لذلك. اليوم آلة الحظ في ذروة الغدر، وبالتحديد في الوقت الذي فيه التيار القومي المتطرف – المسيحاني، ذهبت بعيدا. حيث ان العصا السحرية لا تصيب الا مرة واحدة، والوضع سيء. الفلسطينيون غير متحمسين للهرب من رعب الضربات الاسرائيلية القاتلة، ايضا بسبب التجربة الصعبة التي مروا فيها مع اخوتهم العرب. في نهاية المطاف كان الضحايا الاوائل في الحرب الاهلية في لبنان في نيسان 1975 هم عشرات ركاب حافلة فلسطينية في بيروت.
في المقابل، الدول العربية في المحيط قامت باغلاق الحدود. تكفيها موجة لاجئين واحدة، التي هزت النسيج الاجتماعي – الطائفي فيها. الآن الحدود مغلقة واسرائيل لا يمكنها ان تفعل بالفلسطينيين كل ما يخطر بعقل قادتها المريض. هذا الوقت مضى.
كما هو معروف كلمة “لو” غير مناسبة لخطاب التاريخ، لكن يمكن استخدامها من اجل التعلم من الماضي، ولكن ليس لتغييره. بالتالي، لو سادت في 1948 نفس ظروف اليوم، وبالاساس حدود مغلقة، كيف كانت ستتعامل القيادة الصهيونية عندها مع كل الرغبة الشديدة في اقامة دولة بدون عرب، أو مع اقل قدر من العرب.
هذا السؤال انتظر تقريبا 80 سنة، والآن يتبلور الجواب. هكذا، في ظل غياب عصا الحظ، فان دولة اسرائيل قررت ضرب رأسها بالصخر، كما يقول المثل العربي. هل يمكن للشعب اليهودي، ولا سيما الجزء الذي يعيش في دولة اسرائيل، ولنترك جانبا الاعمال الفظيعة، أن يحمل هذا العار الذي يسمى ابادة جماعية؟.
في نهاية المطاف هذا ليس فقط موضوع جماعي، بل الامر ينزلق الى الشخصي، الى كل واحد وواحدة في الدولة. فهل يمكن للشخص ان يحمل هذا العبء الثقيل؟ أنا لا اعرف.
بعد 1948 وبعد 1967 انطلقت اغنيات مع موسيقى شرق اوروبية حزينة تتحدث عن البطولة والمعاناة وتوقع مستقبل مشرق. الآن كل شيء مظلم.
——————————————
إسرائيل اليوم 8/9/2025
المسألة الأساس: هل نضم أرضا مع سكانها
بقلم: نيتسان كوهن
كم سيكلفنا ضم يهودا والسامرة؟ الحسابات متعلقة بعدة متغيرات على صلة بالعنصر المدني. “من ناحية اقتصادية على السؤال الذي ينبغي ان يطرح هو ما الذي بالضبط سنضمه”، يقول لـ “إسرائيل اليوم” العميد المحاسب رام عميناح، الذي تولى منصب عضو في هيئة الأركان، كرئيس شعبة الميزانيات في وزارة الدفاع ورئيس الجهاز الاقتصادي للجيش الإسرائيلي. وحسب عميناح الذي هو اليوم عضو مجلس معهد بحوث الامن القومي فانه (اذا كنا سنضم ارضا ليس فيها سكان، فهذا ليس له كلفة جوهرية، لان الجيش على أي حال هناك، وكل ما يتبقى هو تغييرات بيروقراطية”.
السؤال الكبير هو ماذا سيحصل عندما نضم ارضا يوجد فيها سكان. “المعنى هو انك صاحب السياطة وانت المسؤول”، يقول عميناح. “عليك أن تهتم بان توفر لهم البنى التحتية – المياه، المجاري، الكهرباء، صناديق المرضىى، مستشفات وهكذا دواليك. حتى لو لم تكن هذه بمستوى مركز البلاد – ثمة لذلك كلفة هائلة. كما لا ينبغي أن تكون البنية التحتية بمستوى العالم الثالث لان الامر من شأنه ان يؤدي الى انتشار امراض وتلوثات بيئية، اذا لم تعالج مثلا، النفايات مثلما في مركز البلاد”.
ويشير عميناح الى أن السيطرة على يهودا والسامرة ستتطلب أيضا إقامة منظومة لجباية الضرائب، وهذا بحد ذاته عمل غير مسبوق على الاطلاق. وعليه فيجب التفكير بتمويل خارجي. لكن لما كان مثل هذا التمويل غير مضمون من شأن إسرائيل أن تجد نفسها تمول كل هذه الكلفة من ميزانيتها.
“المعنى الاقتصادي لضم ارض يوجد فيها فلسطينيون هو ذو اثر اقتصادي واسع، واساسا حين تكون دولة إسرائيل مدينة اليوم 1.35 تريليون شيكل، وهذه السنة سندفع قرابة 60 مليار شيكل فائدة فقط (وليس تسديد ديون). بودي أن اشدد: كل شيء ممكن، لكن يجب الاخذ بالحسبان أيضا الاثار العرضية للضم، وتوجد لهذه كلفة”.
——————————————
هآرتس 8/9/2025
سيقتل مئات الاشخاص غير المشاركين، والجيش الاسرائيلي لن يقدم تفسير
بقلم: نير حسون
قبل اسبوع، في ظهيرة يوم السبت، اصابت قذيفة للجيش الاسرائيلي عدة اشخاص كانوا يقفون في طابور الحصول على الخبز في مخبز في حي النصر في مدينة غزة. 12 شخص، بينهم 5 اطفال، قتلوا في هذا الهجوم. في افلام من هذه الساحة ظهر سكان وهم يجمعون الخبز الذي تناثر وتلطخ بالدماء، وجثث يتم تحميلها على شاحنات، ورجل يحمل جثة طفلة وأم تودع جثة ابنها.
في ذلك اليوم توجه مراسل “هآرتس” جاكي خوري الى المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي وطلب منه رد على هذا الحادث. في قسم المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي اشترطوا اعطاء الرد بأن يوفر لهم جاكي خوري نقطة احداثيات – التي تحدد المكان الدقيق للهجوم. هذا اسلوب ثابت للمتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي عندما يطلب المراسلون رد على هجوم في القطاع – “هل تريدون رد، اعطونا نقطة الاحداثيات”. لقد تبين ان هذا الجيش الذي يعرف في أي نافذة ادخل صاروخ من اجل قتل عالم ذرة في طهران، لا يعرف كيفية العثور على مكان الهجوم الذي قام به جنوده في حي صغير في مدينة غزة.
في السنتين الاخيرتين طلب مني عشرات المرات توفير نقطة احداثيات عندما كنت اطلب رد من المتحدث بلسان الجيش. هذا طلب مدحوض وغير معقول. حقيقة ان المتحدث بلسان الجيش في دولة ديمقراطية يطلب ذلك من المراسلين، تدل على الاهمية الضئيلة التي يعطيها الجيش الاسرائيلي لحياة وموت سكان غزة. الجيش يمكنه توفير لوسائل الاعلام اجابة في حالات قتل جماعي لمدنيين حتى لو كان المراسل لا يمكنه ان يعطي الاحداثيات بالضبط.
في حالة المخبز نجحنا، بمساعدة جهات في غزة، في ايجاد المكان الدقيق للهجوم. هذه هي الاحداثيات: – 31. 537242. -34. 457689. بلغة البشر: شارع محمد يوسف النجار، زاوية أبو الحميد. الارقام تم ارسالها الى المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي في نفس اليوم. وقد مر اسبوع والرد لم يأت. 12 شخص، بينهم 5 اطفال، قتلوا، والجيش الاسرائيلي لا يمكنه حتى اعطاء أي تفسير لذلك.
في بداية الاسبوع الماضي توجهنا مرة اخرى، أنا الموقع ادناه والمراسلة روان سليمان، الى المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي. في هذه المرة قدمنا قائمة لـ 29 هجوم في شهر آب. كانت هجمات على خيام ومدارس، التي اصبحت مأوى للنازحين، مباني سكنية وقوارب في البحر ومناطق مفتوحة.
180 شخص قتلوا في هذه الهجمات. في كل حالة من هذه الحالات سألنا ماذا كان هدف العملية، وهل تم الاخذ في الحسبان امكانية اصابة ابرياء وهل تم فتح تحقيق في اعقاب قتل عائلات كاملة. في تسع حالات وفرنا نقطة احداثيات، ولكننا لم نحصل على أي رد يوجد فيه تفسير لهذا القتل الجماعي.
خمس حالات، تم تقديم اجابة عامة عليها، مثل “نحن قمنا بملاحظة نشاط مشبوه” أو “مبنى شكل تهديد” أو “هجوم مركز على اربع اعضاء من حماس”. في الحالات الاخرى اضطررنا الى الاكتفاء بالرد العام، “الجيش الاسرائيلي يوجه هجماته الى اهداف عسكرية فقط، مع اتباع خطوات لتقليص المس بالمدنيين والبنى التحتية المدنية طبقا لقوانين الحرب”. المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي اضاف توبيخ: “الحالات التي لم يتم فيها ارسال نقطة احداثيات دقيقة، لم يكن بالامكان فيها فحص ادعاءات المراسل”.
الجيش الاسرائيل بدأ مؤخرا بالهجوم في مدينة غزة، موجة اخرى من الانتقام الاعمى بدون أي منطق امني، في ظل وجود خطر مؤكد على الرهائن والجنود والمدنيين الغزيين. يمكن الافتراض بيقين انه في نهاية هذه العملية سيقتل مئات الاشخاص غير المشاركين، وربما آلاف، في هجمات الجيش الاسرائيلي. وعدم اهتمام الجيش الاسرائيلي حتى في محاولة تقديم تفسير يشير الى مستوى حرصه على احترام قوانين الحرب والامتناع عن المس بالمدنيين. هذه اللامبالاة ليست حكرا على الجيش الاسرائيلي. فالمجتمع الاسرائيلي منقسم بين من يبارك هذا الموت الجماعي ويامل المزيد منه وبين من يقبله برباطة جأش.
——————————————-
هآرتس 8/9/2025
المباني التي تنهار في غزة لا تنهار فقط على الفلسطينيين، بل علينا ايضا
بقلم: يولي تمير
ابراج عالية في مدينة غزة تنهار وتخلف وراءها الغبار. هناك ما يسلي في مبنى يسقط. الانهيار الجزئي، بعد ذلك الانهيار السريع، في النهاية اختفاء المبنى في سحابة غبار تملأ الهواء، الخيام حوله تمتليء بهواء سام، وهذه طريقة اخرى قاتلة لتعرض حياة من يعيشون فيها للخطر، ودفعهم بقدر الامكان الى نهاية الوجود الانساني – ضحايا عرضيون، يطلقون على ذلك. ولكن لا يوجد أي شيء عرضي في الوحشية والدقة التي يتم القيام بها ضدهم. اذا كان هناك مخطوفون في المحيط ايضا هم لن يهربوا من ضجة الانهيار والغبار والاختناق.
المباني تنهار لان دولة اسرائيل قد قررت، خلافا لكل منطق عسكري أو انساني، ان وقت هذه المباني العالية قد حان. رغم معارضة المستوى العسكري والادراك بان اسرائيل تحارب الآن نفسها، وتقرر ليس فقط مصير المخطوفين، بل ايضا مصيرها هي نفسها، وتحسمه نحو تدهور فعلي واخلاقي خطير. من يخطط الآن لانهيار البرج القادم. سنقابله بعد سنة أو سنتين كشخص اصيب بصدمة المعركة وسنحضه بقوة لانه لم يبق أي شيء آخر لنفعله.
الآن، حيث تنهار المباني العالية، يجب علينا الخروج الى الشوارع ودعوة الجيش للسير خلف المنطق السياسي والعسكري لرئيس الاركان وضباطه، ووقف الحرب حتى لو أمرته الحكومة بالعمل بشكل مختلف. هذه خطوة متطرفة، لكن رئيس الاركان لا يمكنه ان يقود الجنود الى شرك الموت، أو في افضل الحالات الى العذاب النفسي في المستقبل.
لا توجد ولن توجد لحظة اخرى. الان لن يكون بالامكان التوارع والقول باننا لا نعرف بأنه منذ فترة طويلة بلغ السيل الزبى. نحن نعرف اننا نحكم على الفلسطينيين بالمعاناة الزائدة، التي تولد الكراهية، ونحكم على اولادنا بتبلد مشاعر اخلاقي وضرر عاطفي دائم. الجنود في غزة ليسوا مثلما ذهبوا. نحن سنحمل لسنوات قادمة اعاقتهم النفسية مع آباءهم وازواجهم واولادهم. من يصمت الان فهو يتجاهل الدرس الصعب الذي تم تعلمه في كل حروب العالم: الجنود، القتلى، من يقصفون ويدمرون البيوت، الذين يربت المجتمع على اكتافهم ويقول لهم: “هذا عمل جيد”، سيقابلون اعمالهم ذات ليلة في لحظة ازمة.
نحن، من نجلس في البيوت، نعتقد ان الضرر تجاوزنا. نحن ايضا ستتم ملاحقتنا، في الاحلام وفي الوقائع، في دولة اسرائيل وفي كل العالم. ليت الجنود يقومون بهذه المهمة باسمنا.
هل يمكن وقف هذا الانجرار التفكيري والحربي والتفكير بطريقة مختلفة؟ في 1 آب 1940، في ذروة عملية الفتك، كتبت فرجينيا وولف من لندن المشتعلة تحت القصف الشديد: “افكار عن السلام في زمن القصف من الجو”. نص قصير وعميق، تناولت فيه معنى الحرب ودور الوعي – خاصة وعي النساء – في حالات الطواريء. وولف كانت على قناعة بان تفكير النساء يستطيع الاشفاء. هي لم تلتقي مع الوزيرة اوريت ستروك أو مع دانييلا فايس أو ليمور سون هار ميلخ. ربما لو أنها التقت معهن لكانت متفائلة أقل.
في شيء واحد وولف محقة: الحرب تبدأ بالوعي. المعارك تجري ليس فقط في ميدان الحرب أو في السماء المليئة بالقصف، بل هي تبدأ ايضا في فكر أي شخص. من اجل حدوث الحروب فان الناس يجبرون على استيعاب قيمة القوة، الهرمية والتفوق القومي (وولف اعتقدت ان هذه فكرة ذكورية). لذلك، اذا اردتم وقف الحرب فيجب تغيير طريقة التفكير والتصور الداخلي.
وولف تدعو الى رؤية النضال المناهض للحروب كعمل دائم لتغيير الافكار وخلق ثقافة تدفع قدما بالحوار وليس السيطرة، والتضحية بالنفس والاخلاص في تربية الاولاد على عدم الكراهية أو عبادة السلاح.
من الصعب الاحتفاظ بافكار سلمية في الوقت الذي فيه طائرات تقوم بالقصف؛ الحرب تفرض الخوف بشكل تلقائي والاخلاص الاعمى. “في أي لحظة ربما ستسقط قنبلة على هذه الغرفة حقا”، كتبت وولف. “في ثانية التوتر هذه كل الافكار تتوقف، كل المشاعر باستثناء الرعب… في اللحظة التي ينتهي فيها الرعب فان العقل ينطلق ويستعيد نفسه بشكل تلقائي أو غريزي… اصوات الاصدقاء تعود… اذا اردنا تعويض الشاب عن فقدان الهالة فيجب اعطاءه فرصة للتعبير عن مشاعره الابداعية… يجب علينا تحريره من الآلة، واخراجه من السجن الى الهواء الطلق”.
كم نحتاج من الشجاعة كي نقول الحقيقة اثناء الحرب، خاصة عندما تكون تتعرض للهجوم. في الوقت الحالي، في اسرائيل وفي غزة ايضا، الكفر بنظرية الحرب الخالدة يجب اسماعه. المباني التي تنهار في غزة لا تنهار فقط على الفلسطينيين، بل علينا ايضا. واذا لم نقم بتغيير الوعي، من عقلية الانتقام والكراهية الى عقلية الحياة والامل، فلن نستطيع الخروج من السجن الحربي الى الهواء الطلق والعودة الى الحياة.
——————————————
هآرتس 8/9/2025
ايال زمير يريد البقاء كرئيس للاركان بأي ثمن، حتى لو بثمن حياة الجنود والمخطوفين
بقلم: اسحق بريك
رئيس اركان جبان، ليس له عمود فقري امام المستوى السياسي مثل ايال زمير، لم يكن مثله في اسرائيل في أي يوم من الايام. ما قاله للكابنت، أن الدخول الى غزة هو شرك موت، اثار الانفعال في اوساط الجمهور، وقال ها هو لدينا رئيس اركان يصمم على موقفه امام هذه المجموعة الحالمة، لكن فعليا، بعد قوله هذا فان زمير يعمل بالضبط خلافا للمواقف التي عرضها امام الوزراء.
عندما تسلم منصبه قبل نصف سنة اراد زمير الاظهار لنتنياهو بانه رئيس اركان هجومي، واعلن بانه سينجح في المكان الذي فشل فيه رئيس الاركان السابق هرتسي هليفي، وقال بأنه سيدمر حماس ويحرر جميع المخطوفين في عملية “عربات جدعون”. زمير لم يحقق أي هدف من الاهداف التي اعلن عنها. في هذه العملية قتل حوالي 70 جندي، وعدد اكبر اصيبوا، بينهم باصابة بالغة، وحماس لم تدمر ولم يحرر المخطوفين.
في هذه الايام يواصل رئيس الاركان اسلوبه السيء ويضحي بالجنود والمخطوفين على مذبح بقاء نتنياهو واترابه. زمير ايضا يضحي بعلاقات اسرائيل مع العالم، واعادة ترميم الجيش ازاء ساحات تهدد وجود الدولة اكثر من حماس، واقتصاد اسرائيل وجهاز التعليم والصحة، ويقرب تحطم المجتمع الاسرائيلي. وكل ذلك من اجل ان يواصل اشغال منصب رئيس الاركان بكل ثمن. دماء القتلى والمخطوفين ستكون على يديه. من نتنياهو ورجاله ليس هناك ما نأمله، هم منذ زمن فقدوا المنطق. جمهور واسع في اسرائيل اعتبر زمير خشبة النجاة، لكنه تحول الى ثقب اسود يجر الى داخله حياة الجنود والمخطوفين ومعهم النور والامل.
من اجل تنفيذ مهماته، هو والمتحدث بلسان الجيش، كذبوا على الجمهور ببيانات عن نجاحات لم تكن موجودة في عملية “عربات جدعون”. بهذا زاد رئيس الاركان فجوة ثقة الجنود بقادتهم. فقط مؤخرا اعلن زمير بان اهداف عملية “عربات جدعون” تم تحقيقها بالكامل. العميد (احتياط) غاي حزوت، رئيس جهاز التعلم في سلاح البر، قال في المقابل في وثيقة داخلية بان عملية “عربات جدعون” فشلت في تحقيق اهدافها – هذه اقوال متناقضة مع التصريحات الرسمية للجيش الاسرائيلي التي بحسبها العملية حققت اهدافها، وخاصة هي تناقض تصريحات رئيس الاركان.
فيما يلي الادعاءات الرئيسية في الوثيقة:
الفشل في تحقيق الاهداف. الوثيقة تنص على ان العملية لم تحقق اهدافها الاساسية. حماس لم تهزم عسكريا وحكوميا، والمخطوفين لم تتم اعادتهم.
سلوك يناقض العقيدة. تم الادعاء بان دولة اسرائيل شنت الحرب “خلافا لعقيدتها الحربية”، وارتكبت “كل خطأ ممكن”.
منطق الردع بدلا من منطق الحسم. حزوت قال ان اسرائيل اتبعت منطق الردع من خلال الامل بعقد صفقة، وان حماس استغلت ذلك لصالحها.
المساعدات الانسانية. الوثيقة اشارت الى اخفاقات في التخطيط والتنفيذ للمساعدات الانسانية، الامر الذي مكن حماس من ادارة حملة دعائية.
تآكل القوات. الوثيقة حذرت من التآكل المتواصل لقوات الجيش واشارت على سبيل المثال الى النقص الكبير في قطع الغيار.
التكيف مع اسلوب حماس القتالي. اسلوب قتال الجيش الاسرائيلي لم يتناسب مع حرب العصابات التي تتبعها حماس، الامر الذي مكن الاخيرة من البقاء والانتصار.
الوثيقة التي سربت ونشرت في وسائل الاعلام اثارت عاصفة في الجيش الاسرائيلي. ونتيجة لذلك فقد تم استدعاء حزوت للاستيضاح وتم توبيخه على نشر استنتاجاته خارج القنوات الداخلية. هذه هي الطريقة لاسكات الحقيقة، وحتى القول بان العملية نجحت. هذا السلوك الذي يقوده رئيس الاركان نفسه في الجيش يؤدي الى مؤامرة صمت في اوساط القيادة في الجيش الاسرائيلي، اخفاء الحقيقة، تحقيقات غير موثوقة، ثقافة الكذب، عدم تحمل المسؤولية، الغطرسة، الانانية والغرور.
هذا بالضبط هو نفس السلوك الذي أدى الى الكارثة في الغلاف، وسيؤدي الى كوارث اخرى في المستقبل. اذا لم نعرف كيفية ازالة من الطريق المستوى السياسي الرفيع والمستوى الامني الرفيع الحاليين، اللذين لا يفعلان أي شيء للخروج من الحالة الصعبة الى افق جديد، فنحن ببساطة لن نبقى هنا.
——————————————
إسرائيل اليوم 8/9/2025
السلطة ستسقط؟ لا تنذهلوا بل استعدوا
بقلم: أرئيل كهانا
يكاد يكون من يوم قيام السلطة والصناعة الهائلة التي تدعمها تحذر من أن تنهار. صندوق البريد الوافد لي مليء بتوقعات كهذه من اصدار الأمم المتحدة البنك الدولي وكذا أجهزة الامن الإسرائيلية منذ سنوات عديدة.
لا يمكن لنا أن نعرف اذا كان التحذير هذه المرة حقيقا. فبعد كل شيء، الكيان الدكتاتوري الذي أقامه ياسر عرفات في 1994 كان وبقي ضعيفا، فاسدا، مكروها من السكان وراعيا للارهاب. الى جانب ذلك، فان موعد انهيار الدكتاتوريات لا يمكن لاي حسابات الكترونية ان تنجح في التنبؤ به.
في كل حال، النقطة هي انه لو كانت السلطة ذاتها قلقة على وجودها مثل المحافل الإسرائيلية والدولية لكان بوسعها أن توفر نحو 10 في المئة من ميزانيتها العاجزة في عمل واحد بسيط. كيف؟ من خلال وقف الدفعات لقتلة اليهود.
يدور الحديث عن نحو مليار ونصف شيكل تواصل دفعها للإرهابيين كل سنة في كل أنواع المناورات الالتفافية. في هذه الأيام أيضا تروي السلطة الفلسطينية للعالم بانها أجرت اصلاحا – لكن حسب ما توفر من معلومات في إسرائيل فان جهاز “قتلت – تلقيت” لا يزال على حاله.
هذه الطريقة التي تحرض فيها السلطة الفلسطينية للارهاب وتموله بيد، وعندها تزعم أنها تقاتله باليد الثانية يطرح سؤالا أساسيا: هل المصلحة الإسرائيلية هي الحفاظ على السلطة الفلسطينية أم السماح لها بالتفكك (على فرض ان مثل هذه الامكانية على جدول الاعمال بالفعل)؟ بعد كل شيء، في المقارنة التاريخية بين البدائل، ليس مؤكدا على الاطلاق بان الوضع الذي ساد قبل إقامة السلطة الفلسطينية كان أسوأ. فقد تحكمت إسرائيل في حينه تحكما كاملا في يهودا، السامرة وغزة. بالفعل، كانت إدارة حياة السكان مهمة عبثية وليست لطيفة لجنود الجيش الإسرائيلي. لكن الوضع الأمني كان افضل بـ 3 الاف ضعف عن القتلى الذين كانوا في البلاد في حينه. نحو الف شخص مات منذ اتفاقات أوسلو وحتى نهاية الانتفاضة الثانية. اكثر من الفين آخرين قتلوا بالمذبحة والحرب التي جاءت بعدها. وعليه، فما هي 30 يوم حفظ نظام في السنة في نابلس او جنين، مقابل سفك الدماء هذا الذي لا ينتهي؟
أضيفوا الى ذلك النزف السياسي الذي تعاني منه إسرائيل منذ اعترفت بـ م.ت.ف وبمجرد الادعاء “الفلسطيني” على البلاد. في هذه الأيام نحن مهددون بموجة اعتراف غربي بـ “دولة فلسطينية”، فقط لان في رام الله توجد سلطة فلسطينية. لو لم تكن لما كان أي شيء حقيقي في الاعتراف بها.
الحفاظ على انفسنا
اقتصاديا أيضا يبدو أن الاثمان التي دفعناها قبل اتفاقات أوسلو اقل بكثير من تلك التي ندفعها منذئذ. الحرب الحالية، فك الارتباط، جدار الفصل والامن الجاري كلها تكلف مالا لم ندفعه قبل أوسلو.
فضلا عن كل هذا فان الدرس المركزي الذي تعلمناه من مذبحة 7 أكتوبر هو أن البقاء على قيد الحياة في هذه البلاد يستوجب جهدا هائلا ودائما. هكذا بحيث أنه يمكن القيام بالف خطوة وخطوة سياسية لكن في النهاية اذا لم يكن جنودنا هناك فان الامن لن يكون.
وعليه، في جملة الأمور، لا ينبغي للقيادة الإسرائيلية – السياسية والأمنية – ان تنذهل بل وان تستعد لامكانية ان تسقط السلطة الفلسطينية.
فنظرا لكثرة التحديات لعله ليس من الصواب المبادرة الى خطوة كهذه في هذا الوقت. لكن اذا لم يكن محمود عباس وعصبته بالحد الأدنى للحفاظ على انفسهم فلا يوجد ما يدعونا لان نفعل هذا من اجلهم. علينا أن نحافظ على انفسنا.
——————————————
هآرتس 8/9/2025
خطة ترامب لن تؤدي الى انهاء الحرب هذا ايضا ليس هدفه
بقلم: حاييم لفنسون
خطة ترامب لـ “انهاء الحرب” التي نشرت في مساء يوم الاحد في قنوات التلفزيون ليست خطة لانهاء الحرب، هي بالفعل خطة ويتكوف – بمعنى انها تشمل تحرير مخطوفين وسجناء فلسطينيين، التي فقط بعدها ستبدأ المفاوضات حول انهاء الحرب. هذه الخطة لن تؤدي الى شيء لانه لا يوجد لدى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أي رغبة أو مصلحة في انهاء الحرب، بل فقط الادعاء ان حماس ترفض التوصل الى اتفاق. نتنياهو يريد مواصلة الحرب لاشهر كثيرة اخرى، على الاقل حتى موعد الانتخابات.
ان منطق خطة ويتكوف هو انه بسبب ان الطرفين يختلفان حول طبيعة انهاء الحرب، فانه سيطلق سراح في البداية عشرة مخطوفين، وبعد ذلك الامريكيون سيضمنون لحماس بان المفاوضات حول انهاء الحرب ستبدأ بصورة جدية. الان الامريكيون يقولون لحماس: “اعطوا كل المخطوفين ونحن سنضمن لكم ان المفاوضات ستجري بجدية”. ولكن لا يوجد لنتنياهو أي مصلحة في اجراء مفاوضات جدية حول انهاء الحرب. شروط البداية التي وضعها ويقيد نفسه بها مرة تلو الاخرى لن تؤدي الى اتفاق نهائي. نتنياهو يعرف ذلك ولهذا هو يطرحها.
من الرد الفوري لمكتب نتنياهو يمكن ان نرى المناورة. اسرائيل – تفحص الاقتراح. حماس – كما يبدو سترفض. لا يوجد أي شيء يفرح نتنياهو اكثر من رفض حماس. رئيس الحكومة يتفاخر في الاسابيع الاخيرة بخطة اقتحام مدينة غزة. لقد اقتنعت قاعدته بالفكرة، ويمكن استغلالها لاشهر. التغريدات الطفولية لوزير الدفاع يسرائيل كاتس، التي ترافقها افلام من قصف سلاح الجو في القطاع، وكأنه آخر الشباب في الواتس اب، تدل على هذه العقلية.
نتنياهو باع ترامب – ليس من الصعب بيعه اشياء كهذه – احتلال غزة كورقة رابحة في المعركة اللانهائية امام المنظمة الارهابية. لا يوجد شيء في المواد الاستخبارية التي عرضت على وزراء الكابنت تدل على ان حماس قريبة من الانهيار وانها فقدت السيطرة في غزة، لكن هذا لا يهم. يوجد عجل ذهبي جديد للتعامل معه. عمليا، ترامب يعرض على حماس شروط اسوأ من خطة ويتكوف، من اجل وقف احتلال مدينة غزة. الجميع يفترضون ان حماس ترتجف خوفا من احتلال غزة وانها مستعدة للتراجع من اجل منع ذلك. ولكن لا احد يتجرأ على طرح سؤال: اذا لم تكن كذلك؟.
بعد مرور سنتين على الحرب اسرائيل تصمم على فعل مرة تلو الاخرى نفس الشيء، والنتيجة لا تتغير. فقط هناك مناورات تطلق في الهواء. لو ان غانتس فقط يترك الحكومة ويتوقف عن الازعاج. لو أننا فقط نحتل رفح. لو أننا فقط ندمر ظهر حزب الله. لو أننا فقط نصفي السنوار. لو أننا فقط نحتل محور فيلادلفيا. لو أننا فقط ننشيء صندوق بديل للامم المتحدة لتوزيع الطعام. الآن مدينة غزة. بعد ذلك مخيمات الوسط. لا توجد نهاية لهذا الامر.
في هذه الاثناء نجحت حماس في ترميم مكانتها الدبلوماسية في العالم. بعد الهجوم الفظيع، تم عزلها دبلوماسيا وسياسيا في اوروبا وفي الدول العربية. السلوك المتهور لحكومة اسرائيل اعاد الحمرة الى وجه حماس. في هذه الاثناء هي في موقف تفوق، فكري وسياسي، على اسرائيل، واحتلال غزة سيصب في مصلحتها. ستهزم اسرائيل في هذه المعركة، والجميع يعرفون ذلك، لكن لا أحد يكترث. حسب تقرير ميخائيل شيمش من قناة “كان”، فقد قال نتنياهو أمس في اجتماع للحكومة ان “الدعاية معطلة. لا يوجد جسم يتحدث باسم دولة اسرائيل”. نتنياهو الكلاسيكي هو ضحية اخفاقاته، وليس الجاني. هكذا هو في الدعاية مثلما في الحرب.
——————————————
معاريف 8/9/2025
فلنلتصق بمعسكر الاستقرار
بقلم: د. عيران ليرمان
بمرور خمس سنوات على التوقيع على اتفاقات إبراهيم يمكن التساؤل في دقة “شعب وحده يسكن”. فالدوامة العاصفة لنزع الشرعية والتحريض المناهض لإسرائيل (وأحيانا، وليس دوما، اللاسامي أيضا) تعزز لدى الكثيرين منا الميل لتجاهل ما تقوله أو تفعله “أمم العالم”. لكن في إطار ذلك قد تختفي عن العيان نظرة هامة جدا للواقع الذي نعيشه في السنتين الأخيرتين. عمليا، كان يمكن التوقع بانه في اثناء حرب مكثفة ومتعددة الجبهات – يرافقها تدمير واسع وغير مسبوق في غزة وجنوب لبنان الى جانب خسائر في الأرواح بين الفلسطينيين تبقي في الظل حتى “نكبة” 1948 – ستصل العلاقات القائمة بين إسرائيل والدول العربية الى الانهيار. لكن هذا لم يحصل وثمة لذلك معان بعيدة الأثر. لإسرائيل توجد علاقات دبلوماسية كاملة مع خمس دول عربية، يعيش فيها قسم كبير جدا من سكان العالم العربي: شريكتا السلام القديمتان مصر والأردن، والثلاثة التي وقعت على اتفاقات إبراهيم – اتحاد الامارات، البحرين والمغرب. هذا ليس امرا لا يؤبه به ان أيضا منها لم تقطع علاقاتها مع إسرائيل: رغم المشاهد القاسية، رغم “حملة التجويع”، رغم العطف الشعبي الواسع تجاه الفلسطينيين (والكراهية لإسرائيل). الشريك الرابع للاتفاقات، السودان، تفكك من الداخل حتى قبل نشوب الحرب ولم ينفذها ابدا.
فضلا عن هذا، فانه حتى عندما تمتنع شركات أمريكية عن الوصول الى إسرائيل، فان تلك من الامارات تواصل الهبوط في مطار بن غوريون. المغرب عمقت علاقاتها الأمنية مع إسرائيل في ذروة الحرب. ومؤخرا كانت على جدول الاعمال – وان كان موقف رئيس الوزراء قد يجمدها – صفقة كبرى لبيع الغاز لمصر. واهم من هذا، في احداث نيسان واكتوبر 2024 لعبت الدول العربية دورا هاما في احباط الهجمات الإيرانية – بما فيها السعودية التي بقيت علاقاتها مع إسرائيل “من تحت الطاولة”.
كي نفهم الحصانة المفاجئة للواقع الجديد يجب فحصه في السياق الواسع. الهزة القوية – سياسيا وفكريا – التي تعصف في المنطقة كلها منذ بداية العقد السابق أدت الى تبلور معركات أيديولوجية: ايران وملحقاتها التي تحركها رؤيا ثورة إسلامية شيعية بروح عقيدة الخميني؛ معسكر الاخوان المسلمين، الذي تدعم تركيا وقطر مركباته (بما في ذلك حماس)؛ الجهادية المتطرفة على نمط داعش، التي ضربت بشدة لكنها لم تختفي تماما. ومقابل كل هؤلاء – “معسكر الاستقرار”، الذي إسرائيل هي جزء هام، نشط بل واحيانا رائد في صفوفه، لكنها تستمد منفعة بعيدة الأثر في الانتماء اليه، بحيث ان من الأهمية بمكان الحفاظ عليه قدر الإمكان.
حيال قوة المعسكر الإيراني – الخابية لكنها لا تزال الأخطر – من المهم توثيق التعاون مع الشركاء في المعسكر (بمن فيهم السعوديون أيضا) والذين يمكن لرافعات نفوذهم ان تساعد في تصميم واقع آخر في سوريا، في لبنان وربما حتى في اليمن. حيال الارتفاع في قوة واتساع تطلعات العثمانيين الجدد لتركيا بقيادة اردوغان، وحيال التآمر القطري من الأفضل الا نواجه وحدنا في الساحات الإقليمية وكذا في واشنطن. في مستوى المبدأ فان دول معسكر الاستقرار تتشارك أيضا في التطلع الى حكم آخر في غزة ونزع سلاح حماس.
وعليه، حتى وان كان الامر يستوجب سلوكا اكثر حذرا في المسالة الفلسطينية – لا “دولة الان” لكن ليس أيضا طرق باب في وجه جملة إمكانيات في المستقبل – على إسرائيل أن تحدد مكانها التأسيسي في اطار ائتلاف إقليمي واسع في مكان عال جدا في سلم أولوياتها. فحفظ وتعزيز علاقات السلام مع مصر والأردن حيوي لامن إسرائيل؛ العلاقات مع شركاء اتفاقات إبراهيم هي مدماك هام في الاستراتيجية الوطنية؛ واختراق في التعاون مع السعودية يجب ان يبقى هدفا جديرا لحكومة اسرائيل والإدارة الامريكية على حد سواء .
——————————————
معاريف 8/9/2025
بسبب احتلال غزة: الحكومة تقر نحو 31 مليار شيكل لميزانية الدفاع
بقلم: آنا برسكي
أقرت الحكومة أمس مقترحا يسمح بعلاوة حتى 30.8 مليار شيكل لميزانية الدفاع في العام 2025، في ظل تغيير القانون المالي ورفع هدف العجز الى 5.2 في المئة من الناتج. يعد هذا خروجا ثالثا في عدده منذ إقرار ميزانية الدولة لهذا العام، وذلك استمرارا للقرار الذي اتخذ في الموضوع قبل بضعة أسابيع.
وجاء في وثيقة المقترح بانه “يقترح تعديل المادة 5 (20) للقانون، بحيث يبلغ سقف العجز المسموح به للعام 2025 عند 5.2 في المئة من الناتج”. هذا بعد أن رفع هدف العجز في الشهر الماضي الى 4.9 في المئة. كما ورد في المقترح بان التعديل مطلوب “وفقا للتعديل في توقع النفقات، مداخيل الدولة وتوقع النمو”.
توقع المداخيل المعدل قلص الى 538.6 مليار شيكل فقط، والنمو المتوقع للعام 2025 يبلغ 3.1 في المئة. بين الأسباب: انخفاض في جباية الضرائب، استمرار القتال، تجنيد واسع للاحتياط والاثار الاقتصادية التي ترافق المواجهة الأمنية المتواصلة.
“السيناريو الذي على أساسه وضعت الميزانية للعام 2025 افترض بان ينتهي القتال في غزة حتى نهاية 2024. اما عمليا فقد استمر القتال بل واتسع الى ساحات أخرى”، كما ورد في المقترح.
تشير الوثيقة الى أن التوقع الجديد يقوم على أساس “سيناريو أساسي امني، يفترض استمرار القتال الشديد حتى نهاية الربع الثالث من العام 2025″، بما في ذلك “تجنيد مضاعف للاحتياط وانخفاض تدريجي فقط ابتداء من الربع الرابع”.
وأفادت مراسلة “واللا” ليئات رون بانه الى جانب النفقات الأمنية فان العلاوة تضم أيضا توسيع اطار النفقات لأغراض مدنية تنبع مباشرة من المعركة، بما في ذلك المساعدات الإنسانية لسكان غزة. من اصل علاوة 6 في المئة للارتفاع المسموح به في النفقات – 5.6 في المئة سيخصص للامن و 0.4 في المئة لأغراض مدنية.
وضمن الأسباب للنفقات الأمنية الشاذة تشير الوثيقة الى “الاستخدام الزائد للوسائل القتالية، تجنيد واسع للاحتياط، التصدي لمشاكل مصابي الاعمال العدائية بمدى اعلى بكثير من المتوقع وتعديل توقع دفعات الفائدة التي لم تكن ترد في الحسبان عند إقرار الميزانية”.
——————————————
يديعوت أحرونوت 8/9/2025
لنتنياهو: من هم الفاشيون.. الذين أحرقوا سيارتك خطأ أم عصاباتك التي ترهب أهالي “خلة الضبع”؟
بقلم: عيناب شيف
مساء الأربعاء الماضي، وصف نتنياهو المتظاهرين والمتظاهرات ضد الحكم بـ “كتائب فاشية”، بعد الحادثة التي أحرقت فيها حاوية قمامة في القدس ووصلت النار إلى سيارة خاصة أيضاً. وكما هو دارج في الكتائب الفاشية، سمعت تنديدات وصرخات نجدة في غضون دقائق من جهة المحافل البارزة في الاحتجاج، ومن رؤساء المعارضة وحتى النشطاء والناشطات. وبالفعل، تم تجميع مئات آلاف الشواكل لتغطية الضرر المادي والنفسي. “لا تصنعوا معروفاً، لا تضحكونا”، عقب نتنياهو (الذي يفهم في “المعروف” تقريباً مثلما هو قوي في الدعابة)، ومرة أخرى، اتهم جمهوراً يعد بعشرات وربما بمئات الآلاف (بينهم عائلات مخطوفين، ورجال احتياط و”مجرد” أناس يعارضون إجراءات الحكومة) بأنهم “يتحدثون ويتصرفون كالفاشيين”.
وبشكل مفعم بالمفارقة، وصل بضع عشرات من المستوطنين الملثمين في الغداة إلى قرية خلة الضبع في جنوب جبل الخليل. وحسب شهادات نشرتها وسائل الإعلام (ولم تنفها سلطات إسرائيل) كانوا مزودين بالسكاكين والعصي ورشاشات الفلفل، وبمعونة هذه الوسائل هاجموا كل من رأوه، ولم يسلم منهم حتى النساء والأطفال. التقرير عن عدد الجرحى والجريحات ليس موحداً، إذ إن الهلال الأحمر عالج بعضهم، ووصل آخرون لتلقي العلاج بأنفسهم، لكن العدد يتراوح بين 14 و19. طيف عمر الجرحى يبدأ برضيعة ابنة ثلاثة أشهر وينتهي برجل ابن 84. والدا طفل ابن ثمانية، ادعيا بأنه نقل إلى المستشفى عقب نزيف دماغي. التقطت صور لآخرين وهم ينزفون دماً وفي محيطهم تدمير واضح.
نأمل في أنكم تقرأون هذا وأنتم جالسون وإلى جانبكم إسعاف، إذ إن التفصيل التالي قد يذهل في أمر لا يمكن لكل واحد أن يحتمله: لم يعتقل حتى الآن أي مشبوه بالفعلة. وبشكل طبيعي، ولأجل تنفيذ اعتقال مشبوهين، فثمة حاجة لهذا الأمر، أي، مشبوهين. لكن حسب بيان الجيش، “مع تلقي التقرير، هرعت قوات الجيش وشرطة إسرائيل إلى النقطة. مع وصولهم إلى المجال، لم يلاحظوا مشبوهين. لا بأس: في المرة التالية سيأتون مع نظارات.
في كل حال، لا تقلقوا. ففي نهاية بيان الناطق العسكري، جاء أن “شرطة إسرائيل فتحت تحقيقاً”. وكما هو معروف في لواء شرطة “شاي”، يدور الحديث عن ضمانة بحل اللغز المنشود في غضون بضعة أيام عمل؛ أي بين مليون ومليار يوم، وحينها سيتم تقديم المجرمين للمحاكمة. قيادة المنطقة الوسطى ربما هي قلقة أيضاً: صحيح أن القائد اللواء آفي بلوط طلب مؤخراً “أعمالاً تصميمية” رداً على العمليات المضادة، والذي هو تجميل عسكري إسرائيلي للعقاب الجماعي، لكنه كلف ضباطه بالمهمة: مستوطنون لا يفترض أن يأخذوا “أعمالاً تصميمية” إلى أيديهم.
قد يبدو هذا غريباً، لكن نموذج عصابات مدنية مع تمثيل في المستويات الأعلى في الحكم والقادرة على فرض الإرهاب على قرية طوال 40 دقيقة، يذكر بمفهوم “الكتائب الفاشية” التي تقلق نتنياهو كثيراً. الأخير بالطبع صرخ: “لا يوجد هنا إنفاذ انتقائي – لا يوجد هنا إنفاذ على الإطلاق، هذا أمر يجب أن يتغير. هذا ما أطلبه من محافل الإنفاذ. هذا ما يطلبه شعب إسرائيل كي تكون هنا ديمقراطية”. بالطبع، اعتقل المشبوه بإحراق السيارة حتى قبل أن يصر نتنياهو على “لا يوجد إنفاذ”. معقول الافتراض أنه سينهي أيضاً استكمال عقابه قبل وقت طويل من أن يتجرأ أحد ما على لجم الكتائب الفاشية التي تتجول في أرض البوار بلا عراقيل.
——————————————
هآرتس 8/9/2025
داقاً طبول الحرب.. نتنياهو للمصريين: افتحوا المعبر.. أين إنسانيتكم!
بقلم: أسرة التحرير
لا حد لتهكم رئيس الوزراءـ يتجرأ نتنياهو على مهاجمة مصر باسم الدفاع عن “إرادة حرة” لسكان غزة. ويدفع قدماً بترحيل مليوني نسمة ويزايد بحقوق الإنسان على من ليس مستعداً لاستقبال اللاجئين، الوضع الذي هو نفسه يخلقه.
الخميس الماضي، أجري لقاء صحافي مع نتنياهو على قناة تلغرام “أبو علي إكسبرس” وحطم أرقاماً قياسية في ادعاء السذاجة، في وقت كان يدق طبول الحرب مع مصر، التي وقعت على اتفاق السلام الأول والأهم لإسرائيل. وعلى حد قوله، في نيته النظر في فتح معبر رفح من جانبه الغزي كي يسمح بخروج سكان غزة إلى مصر.
“نصف سكان القطاع يريدون الخروج منه. لا نريد الطرد، ولا حبسهم في الداخل قسراً؟ أين أنتم يا فرسان حقوق الإنسان؟ عندما يدور الحديث عن شيء ما يخدم إسرائيل، لا توجد حقوق إنسان، حتى حين يدور الحديث عن الحق الأساس للسماح لكل فلسطيني بالخروج”.
هكذا بتهكم، جعل نتنياهو طرد السكان ونقلهم -الذي تدفع إسرائيل به قدماً رغم كون الأمر جريمة حرب واضحة- ليصبح تجسيداً “لحق إنساني أساس”.
مصر، التي تخشى تضعضع الاستقرار فيها وتعريض أمنها القومي للخطر الأمر الذي ستسببه هجرة جماعية مفاجئة لسكان غزة، ورفضها أن تكون شريكة مع إسرائيل في الجريمة، أوضحت بأن هذا “خط أحمر غير قابل للتغيير”. رداً على ذلك، اتهم مكتب رئيس الوزراء مصر في أنها “تفضل حبس السكان الذين يريدون الخروج، في غزة”.
واستطرد نتنياهو في الحديث عن “الاختيار الحر” لكل إنسان وإنسان في اختيار مكان سكنه” بل وألمح بأنه سيؤخر صفقة الغاز الكبرى مع مصر التي من المتوقع أن تنتج لإسرائيل عشرات مليارات الدولارات وتعزز استقرار العلاقات بين الدولتين. لكن ما لنتنياهو وللقلق على المستقبل؟
من يدفع بالترحيل قدماً إنما فقد الحق في المزايدة على شركائه بأنهم ليسوا مستعدين لدفع ثمن جرائمه. طرد مليوني نسمة ليس خطة، بل جريمة حرب. إن وقوع ترامب في حب وهم الترحيل وحلم ريفييرا أمريكية في القطاع وتشغيل الجيش الإسرائيلي كشركة حراسة، كل ذلك لا يجعله ذا مفعول أخلاقي أو قانوني.
لن تسمح إسرائيل لنفسها بهدم السلام مع مصر. بدلاً من خلق جبهة أخرى مع الدولة التي يعد السلام معها ذخراً استراتيجياً بل وشق الطريق للاتفاقات التالية، بات على نتنياهو إنهاء الجبهات الحالية. بدلاً من إيجاد “حلول” إجرامية، على إسرائيل أن تحترم القانون الدولي، والكف عن خيالات خطيرة.
—————–انتهت النشرة—————–