فيديوهات….التراث والتقاليد والثقافة.. أساليب المستوطنين لاصطناع جذور لهم في فلسطين

المسار : اللغة واللكنة واللباس وطراز البناء والأثاث وحتى الأغاني؛ طرق جديدة وبرّاقة يحاول مستوطنون من خلالها تزييف الحقائق في الأرض الفلسطينية، واختراع علاقة متوهمة معها، ضمن مشاريع السرقة والضم والتهويد.

ويعتبر المستوطن الاسرائيلي المعروف بـ أبو طبلة في منطقة بيت لحم، من رواد الحركة الاستيطانية الشبابية، التي تتلفع بمحاكاة التراث الفلسطيني، في واحدة من تجليات سرقة التراث وتزويره.

وتضج منصات التواصل الاجتماعي، بصفحات عديدة لهذا الدخيل، الذي يتحدث العربية تارة، ويدق على الطبل بألحان من التراث الفلسطيني أو يركب حمارًا، تارة أخرى.

ويتوسع المشهد الذي يرسمه الغرباء في تلال الضفة الغربية، عبر حفلات زفاف مشابهة لتلك الفلسطينية، واتخاذ أنماط زراعية تحاكي التراث الفلسطيني، والسلوك اليومي في الريف الفلسطيني، وكل ذلك يتم نشر تفاصيله عبر المنصات المختلفة، لاستقطاب أجانب من أنصار الحركة الصهيونية ومستوطنين جددًا.

أسلوب لخلق جذور متوهمة

وتكمن خلف الشعر الأشقر للمستوطن، مشاعر محتقنة بالكراهية والحقد، والتخطيط لمحو كل ما هو عربي فلسطيني، لينطلقوا بسرقة الأغنام والحمير، ونهب الخيرات والأراضي الشاسعة دون حسيب ولا رقيب، بدعم حكومي لا متناهٍ.

ووفق المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن البدو، حسن مليحات، فإن “إسرائيل” تحاول خلق جذور لها في هذه البلاد، من خلال محاكاة النموذج الفلسطيني، كطريقة لطمس الحقائق والوقائع.

ويؤكد مليحات  أن هناك جهودًا محمومة للمستوطنين وداعميهم، في إطار محاولاتهم محاكاة النموذج الفلسطيني، عبر الطبخ الشعبي واللباس التقليدي وأعمال الزراعة، وصولاً لعملية مأسسة لتاريخ وهمي وتراث مختلق، اتخذته الحركة الصهيونية أداة للاستحواذ والاستيطان والإرهاب.

دعم مؤسسات غربية

ويكشف الناشط في مواجهة الاستيطان في الأغوار، أيمن اغريّب، عن دعم شخصيات وجمعيات غربية، لنشاطات المستوطنين، ومشاركتهم في سرقة الأرض الفلسطينية، وطمس الحقيقة.

ويتحدث اغريب عن نشاطات موسعة للمستوطنين وداعميهم الغربيين، من ناحية إقامة الحفلات الموسيقية، التي تتخللها الأزياء التقليدية واللقاءات العائلية، وصولاً إلى تنظيم حفلات أعراس تقليدية على التلال والجبال والمواقع الأثرية الفلسطينية.

وحسب اغريب تجري عملية منظمة ومدعومة حكوميا وغربيا، لتسويق مشاهد الحياة اليومية المزورة من خلال الطبخ على النار، وركوب الحمير والبغال، ورعي الإبل والماشية، وبناء الخيام، وممارسة الزراعة التقليدية.

وخلال أغسطس/ آب الماضي، ارتكب المستوطنون 431 اعتداء ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية، ووفقا لمعطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.

وتراوحت الاعتداءات بين هجمات مسلحة على قرى فلسطينية، وفرض وقائع على الأرض، وإعدامات ميدانية، وتخريب وتجريف أراض، واقتلاع أشجار.

وتقدر الهيئة عدد المستوطنين في الضفة الغربية، بنحو 770 ألفا، يتمركزون في 180 مستوطنة و256 بؤرة استيطانية، منها 136 بؤرة زراعية رعوية.

وتؤكد الأمم المتحدة أن الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني، ويقوض إمكانية تنفيذ حل الدولتين، وتدعو منذ عقود إلى وقفه دون جدوى.

أفكار توراتية

ويرى الباحث في شؤون الاستيطان محمد عودة، أن “فتية التلال” الذين يمارسون النهب وتزوير التاريخ، ومحاكاة التراث الفلسطيني، تشرّبوا أفكارهم من مدارس دينية أقيمت غصبًا على أراض فلسطينية محتلة في الضفة الغربية، تتبنى أساطير توراتية.

وأوضح عودة في حديثه أن ما نراه يوميا من الشواهد في سرقة التاريخ والتراث، خطوة للعودة للتاريخ المزعوم، وقلب كافة الموازين من جيل متطرف، يزعم ملكيته للأرض وحقه فيها، ويتقمص التراث والشخصية الفلسطينية.

ويعتقد مدير عام مركز السنابل للدراسات والتراث الشعبي ادريس جرادات، أن المستوطنين بلا حضارة، وكلما دخلوا منطقة أخذوا حضارتها ونسبوها لأنفسهم، استناداً لبروتوكولات حكماء صهيون، بالعمل على ربط اليهودي بالأرض لصناعة جذور.

ويردف جرادات لـة، أنه حتى في التربية الدينية لديهم، خاصة اليهود المتدينين (الحريديم)، تتم عملية إعادتهم لليهودية، لتقوية ما يعتبرونه عملية الربط بالأرض، لأنهم جاءوا من ثقافات مختلفة، والمهم الآن تكريس العادات والتقاليد العربية لديهم.

تزوير التراث والذاكرة

ويقدم جرادات أمثلة على التزوير الإسرائيلي المتعمد للتراث الفلسطيني، مثل ارتداء سارة دايان زوجة وزير الحرب الاسرائيلي الأسبق موشيه دايان، ثوب “المدرقة” الفلسطيني من منطقة بيت لحم، زاعمة أنه إسرائيلي التراث والهوية.

ويخلص جرادات بالقول إن كل المحاولات لتلبّس التراث الفلسطيني العريق، تصب في ادعاءات خلق جذور وصناعة تاريخ غير موجود وتفاصيل حياة وهمية.

ويعتبر مدير المركز الثقافي للذاكرة والرواية الفلسطينية عدنان عودة، أن كافة أشكال محاكاة التراث الفلسطيني من المستوطن وداعميه، تصب في خانة تزوير الذاكرة، والزعم بأنها جزء من الرواية العامة الصهيونية.

ويعتقد عودة في حديثه لـة أن تلك الوسائل عنصرية، كونها تستند لاعتقادات بأنهم الجنس البشري المميز، رغم أن الشواهد وأسس التاريخ تنفي عنهم العِرق، ويبذلون جهودا كبيرة حاليًّا في تقمص الشخصية وتزوير التاريخ، لاكتمال الصورة التي رسموها، ومزاعم لا أصل لها.

Share This Article