لوكورنو يُقدّم استقالته على وقع الرفض الواسع لتشكيلة حكومته ويصبح الأقصر ولاية في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة

المسار : بعد بضع ساعات فقط من إعلانه عن تشكيلة حكومته، قدّم رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو استقالته، هذا الصباح، للرئيس إيمانويل ماكرون، الذي قبل بها، وذلك بعد موجة احتجاجات ضد حكومته الجديدة، ليصبح بذلك الأقصر ولاية في تاريخ الجمهورية الخامسة.

قوبل كشف لوكورنو، مساء أمس الأحد، عن التشكيلة الأساسية لحكومته بتحفظات وانتقادات من كل الاتجاهات، بما في ذلك من داخل معسكره…

فقد أعلن زعيم حزب “الجمهوريين” برونوروتايو علنًا رفضه لتشكيلتها التي “لا تعكس القطيعة الموعودة”. وقد دعا إلى اجتماع اللجنة الإستراتيجية للحزب، صباح هذا الإثنين، ما أثار الشكوك حول احتمال انسحابهم من حكومة وُصفت بأنها ميتة منذ ولادتها.

غابرييل أتال: يستحق الفرنسيون أفضل من هذا السيرك حول المناصب والمواقع

وقال وزير الداخلية، الذي تم تجديد تعيينه في منصبه، على منصة “إكس”: “تشكيلة الحكومة لا تعكس القطيعة التي وُعدنا بها”، مشيرًا إلى أنه حصل، في وقت سابق، على موافقة البرلمانيين في حزبه على مشاركة “مشروطة” في حكومة سيباستيان لوكورنو.

وأضاف برونو روتايو قائلًا: “أمام الوضع السياسي الذي تسببت فيه هذه الإعلانات، أدعو غدًا صباحًا إلى اجتماع اللجنة الإستراتيجية لحزب الجمهوريين”، وهي هيئة تضم أبرز شخصيات الحزب، موضحًا أنه أجرى، قبل إعلان تشكيل الحكومة، أكثر من ساعة ونصف الساعة من المحادثات مع رئيس الوزراء في ماتينيون (رئاسة الوزراء).

وجاء ردّ رئيس حزب “الجمهوريين” بعد أن عبّرت فروع الحزب وأعضاؤه عن استيائهم في مجموعات النقاش الداخلية.

بدوره، عبّر زعيم حزب النهضة (Renaissance) الحاكم، غابرييل أتال، عن خيبة أمله، حيث ندد بـ”المشهد المؤسف” الذي قدمته “كافة” الطبقة السياسية. وفي رسالة وجّهها إلى مجموعة النواب الذين يترأسهم، أعرب غابرييل أتال عن أسفه لعدم اعتماد الطريقة التي كان قد اقترحها، وهي “المضمون قبل الأشخاص”، أي التوصل إلى “تسوية ميزانية” قبل تشكيل الحكومة.

وأضاف: “يستحق الفرنسيون أفضل من هذا السيرك حول المناصب والمواقع”، مؤكدًا أنه “لم يطلب شيئًا” في هذه الحكومة التي تضم 10 وزراء من حزبه النهضة من أصل 18، دون احتساب رئيس الحكومة.

وتابع رئيس الوزراء السابق قائلًا: “منذ عام ونحن نعيش أسبابًا تدعو للأسف، لكنني أقول إننا الليلة بلغنا القمة. الألعاب الصغيرة، المناصب، المواقع، المظاهر… بلدنا يحتضر، والفرنسيون يعانون”.

ودعا النائب معسكره إلى البقاء “مخلصين للنهج” الذي تم تحديده خلال الأشهر الماضية، “داعيًا كل من لا يزال يحمل فرنسا في قلبه داخل البرلمان إلى العمل أخيرًا معًا”.

استقبل كل من اليسار وحزب “التجمع الوطني”، اللذين لا يتوقفان عن الدعوة إلى “القطيعة”، هذه الموجة من إعادة تعيين الوزراء ببرودة. وقال رئيس كتلة النواب الاشتراكيين بوريس فالود محتجًا: “يُطاح بهم لكنهم يبقون في مناصبهم”، مندّدًا بـ”العناد” لدى الماكرونيين الذين “يغرقون البلاد أكثر فأكثر في الفوضى كل يوم”.

وبينما وعدت حركة “فرنسا الأبية” بالفعل بتقديم اقتراح حجب الثقة في الأيام المقبلة، سخر زعيمها جان لوك ميلونشون من “موكب الأشباح الذي يتكوّن بنسبة %80 من أعضاء حزب الجمهوريين، تم توظيفهم لمواصلة سياسة تسببت في الكثير من المعاناة الشعبية”.

أما رئيس حزب “التجمع الوطني” جوردان بارديلا، فقد جدّد تهديداته بحجب الثقة، بينما سخرت زعيمة الحزب اليميني المتطرف مارين لوبان من “العودة البائسة” لـ”الرجل الذي أفلس فرنسا”، في إشارة إلى برونو لو مير الذي عُيّن يوم 9 سبتمبر الماضي.

لوكورنو كان قد أعلن، مساء الأحد، عن أسماء الشخصيات الثماني عشرة الأولى التي ستُشكّل حكومته، حيث أعاد إلى حدٍّ كبير تشكيل حكومة سلفه فرانسوا بايرو، الذي اضطر إلى الاستقالة بعد فشل التصويت على الثقة الذي طرحه في البرلمان في شهر سبتمبر، حيث أبقى على اثني عشر من أصل ثمانية عشر وزيرًا.

برونو ريتايو: تشكيلة الحكومة لا تعكس القطيعة التي وُعدنا بها

وقال بعد الإعلان عن تشكيل حكومته: “هذه الحكومة تجمع وتشبه القاعدة المشتركة في البرلمان التي تدعمنا”. فهي تضم، في الواقع، أربع شخصيات من حزب “الجمهوريين (LR)” اليميني المحافظ، في مقدمتهم رئيس الحزب برونو ريتايو، الذي احتفظ بحقيبة الداخلية؛ وأحد عشر من حزب “النهضة (Renaissance)” الموالي لرئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون، بمن فيهم ستة منشقون سابقًا عن حزب “الجمهوريين”، واثنان من حزب “موديم (MoDem)” اليميني الوسطي، الذي يتزعمه رئيس الوزراء المستقيل فرانسوا بايرو، وواحد من حزب “آفاق (Horizons)” بزعامة رئيس الوزراء السابق إدوار فيليب.

أما الشخصيتان الوحيدتان المنحدرتان من اليسار فهما إليزابيت بورن ومانويل فالس، اللذان تم الإبقاء عليهما في حقيبتي التعليم وما وراء البحار، في حين غاب فرانسوا ريبسامين وإريك لومبارد، ممثلا الجناح اليساري في حكومة بايرو السابقة، عن التشكيلة الجديدة.

ومن بين الوزراء الستة الجدد في حكومة لوكورنو، هناك ثلاثة اعتادوا المشاركة في الحكومات الماكرونية (نسبة إلى ماكرون) السابقة، وهم: مارينا فيراري، التي كانت ضمن حكومتي أتال وبارنييه، ورولان ليسكور، ضمن حكومتي بورن وأتال؛ بالإضافة إلى برونو لو مير، الذي عاد إلى الحكومة عبر بوابة وزارة الجيوش، بعد أن سبق له تولي حقيبة الاقتصاد والمالية بين عامي 2017 و2024.

أما إريك فورت، المعيّن وزيرًا للتنمية الإقليمية واللامركزية والإسكان، فقد شغل مناصب وزارية في العقد الأول من الألفية. وعليه، فإن الشخصيتين الوحيدتين اللتين لم يسبق لهما تولي منصب حكومي هما النائبتان نايمة موتشو (عن حزب آفاق) وماثيو لوفيفر (عن حزب النهضة).

Share This Article