الرئاسات العراقية تستذكر مئوية الدستور: الالتزام بأحكامه ضمانة

المسار : استذكر العراقيون مرور 100 عام على إصدار أول دستور للبلاد، وسط دعوات سياسية لتعزيز وجود «الدولة القوية» بقواتها المسلحة واقتصادها والديمقراطية، والتأكيد على أهمية الالتزام بأحكام الدستور بوصفه ضمانة لأمن واستقرار البلاد.

وفي ساعة متأخرة من ليلة الإثنين/ الثلاثاء، شارك رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، في الاحتفالية التي أقيمت في العاصمة بغداد بمناسبة مرور مئة عام على إصدار دستور عام 1925، بحضور رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النوّاب، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، وعدد من القيادات السياسية والوطنية والمسؤولين.

وأشار السوداني، حسب بيان لمكتبه، الى أن «استذكار مئوية أوّل دستور للدولة العراقية الحديثة، يأتي تأكيداً للتحدّيات التي خاضها شعبنا من أجل إدارة مصيره بنفسه، واختيار نهجه الوطني، وقد خرج العراقيون من خوض هذه التحدّيات أقوياء متوحّدين، يجمعهم فضل الوطن عليهم، وصولاً إلى دستور عام 2005 الدائم، الذي كُتب بإرادة العراقيين واختيارهم».

وأضاف أن «دستور عام 1925 مثّل المحاولة الأولى لتقرير واقع وجود شعبنا، بتنوّعه وأطيافه، وبتاريخه وتجربته الطويلة مع الاحتلالات»، مردفا: «دستورنا الدائم لعام 2005، وُلد ليكون عقداً اجتماعياً يؤكد المواطنة، ويربطها بضرورات الدولة والمجتمع، التي تمثلت بمبادئ العدالة، وحماية الحرّيات والمساواة».

وتابع: «نمضي اليوم وفق نهج دستوري يعزز وجود الدولة القوية، بقواتها المسلّحة الوطنية، وباقتصادها النامي، وبالديمقراطية التي تنتهي الى صندوق الانتخاب»، كما أفاد بأنه «ننطلق اليوم نحو مئوية دستورية ثانية، نعمل فيها من أجل أن تكون مئوية المواطنة الحقيقية، وسيادة القانون، والازدهار والتنمية».

أما رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، فأكد أن احترام الدستور والالتزام بأحكامه هو الضمانة الحقيقية لأمن واستقرار العراق.

وخلال كلمته قال إن «الاحتفال بهذه الذكرى هو فرصة لتجديد الالتزام بالقيم الدستورية، وتعزيز مفاهيم الديمقراطية والحكم الرشيد، والتأكيد على أَن احترام الدستور والالتزام بأحكامه هو الضمانة الحقيقية لأمن واستقرار العراق».

وأضاف أن «ما تعرَض له العراق من تغييب دستوري وتغريب دولي وعزلة إقليمية لعقود طويلة، لم يكن مانعا من استعادة مكانته الدولية، بعد زوال النظام السابق الذي ترك دستورا مؤقتا وقطيعة دولية وديونا داخلية وخارجية ومنظومة أمنية متهالكة، لكن ذلك كله لم يكن مانعا دون العودة للتأسيس الدستوري والتشريعي».

وأشار إلى أنه «بعد سقوط أولى الوثائق الدستورية في عهد الاستقلال، توالت الدساتير المؤقتة تباعا، بعد كل انقلاب عسكري ويضع السلطة بيد فرد أو بيد قادة الانقلاب، وكانت الحصيلة مقابر جماعية وتهجيرا وحروبا عبثية وضياعا للثروات والأموال وعزلة دولية».

السوداني يحثّ على التمسّك بتعزيز قوّة الدولة عسكرياً واقتصادياً

وزاد: «لقد رأى أول دساتير العهد الجمهوري النور عام 2005 بتكاتف القوى الوطنية وتوجيه المرجعية الدينية العليا، التي وقفت على مسافة واحدة من الجميع، وإرادة شعب صوت في استفتاء شعبي عام لصالح دستور ديمقراطي برلماني اتحادي»، مستدركاً: «نقف اليوم على أعتاب انجاز استحقاق نيابي جديد، إذ سيتوجه العراقيون الى صناديق الاقتراع في يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر لاختيار أعضاء مجلس النواب بدورته السادسة».

واعتبر رشيد أن «من استطاع أن يؤسس لتجربة ديمقراطية، قادر على إتمام الاستحقاق الانتخابي في ظل تحديات داخلية وظروف دولية استثنائية»، داعياً في الوقت عينه إلى «مشاركة شعبية واسعة في الانتخابات، مؤكدين على أن تكون نزيهة وحرة وممثلة لإرادة الشعب من أجل تأسيس مجلس نيابي جديد تنتظره مسؤولية تشريعية ورقابية ثقيلة».

كما أكد أن «الدستور سيظل دائما مرجعا وطنيا أساسيا، ودرعا لحماية مؤسسات الدولة وفعاليتها، وضمانة لحقوق جميع المواطنين، وسندا لاستقرار العراق وازدهاره».

في السياق ذاته، رأى رئيس مجلس النواب محمود المشهداني، أن البرلمان سيبقى بيت الشعب وحصن الدستور ويسعى لترسيخ العدالة.

المشهداني وفي كلمته أفاد بأن «العراق سيبقى منارةً للعدالة والدستور والقانون»، مشددًا على أن «المئوية الدستورية تمثل عهدًا جديدًا ومسؤوليةً متجددة للحفاظ على الدولة وتعزيز مؤسساتها»، لافتا الى إن «هذا اليوم العظيم هو مناسبة للاحتفاء بمائة عامٍ من بناء الدولة، وبقرنٍ من التضحيات والإنجازات التي جسّدت إرادة الشعب العراقي في تحقيق الحياة الكريمة والدولة الراسخة».

واعتبر أن «العراق كان منذ فجر التاريخ مهدًا للحضارات ومنبعًا للقوانين، ومن أرض الرافدين انطلقت أولى الشرائع التي نظّمت حياة الإنسان»، مبينًا أن «مجلس النواب سيبقى بيت الشعب وحصن الدستور ويسعى لترسيخ العدالة وتحقيق التوازن بين السلطات ومتابعة هموم المواطنين».

وأشار إلى أن «الانتخابات المقبلة تمثل فرصة جديدة لترسيخ المسار الديمقراطي»، مؤكدًا أن «قوة الدولة الدستورية تزداد بقدر اتساع المشاركة الشعبية، وأن كل صوتٍ انتخابي هو رسالة انتماءٍ ووفاءٍ لبناء مستقبلٍ يليق بتاريخ العراق وتضحيات شعبه».

ووفق رئيس البرلمان فإن «المئوية الدستورية مناسبة لتجديد العهد بأن يبقى العراق دولةً موحدةً، قويةً، حرةً، وديمقراطية»، موجهًا «تحية فخرٍ وإجلالٍ لكل من أسّس وبنى وساهم في مسيرة الدولة، وتحية وفاءٍ لشعبٍ ما زال يصنع الأمل رغم كل التحديات».

في حين أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، أن القضاء أحد أعمدة الدولة، وشاهد وشريك في مسيرة تطورها، وحارس أمين على الدستور وسيادة القانون.

وفي كلمته بالمناسبة، أفاد بأن «المئوية الدستورية ليست احتفاء بتاريخ مضى، بل تجديد للعهد مع الدستور بوصفه الضمانة الكبرى لحقوق المواطنين».

وأضاف: «نجتمع في مناسبة وطنية خالدة، نستذكر فيها مئة عام من التاريخ الدستوري للدولة العراقية، منذ صدور القانون الأساسي لعام 1925، الذي وضع اللبنات الأولى لبناء دولة حديثة، قائمة على الشرعية الدستورية، واحترام الحقوق، واستقلال السلطات».

وأوضح أن «الدستور منذ ذلك اليوم شكّل الضامن الأعلى لوحدة الدولة، ومصدر شرعية مؤسساتها، وهو الذي رسم ملامح العلاقة بين السلطات، وحدّد مسؤولياتها، ليكون المواطن فيه هو الغاية، والعدالة هي السبيل، ففي ظلاله تولد الحقوق مصونة وتُمارس الحريات آمنةً، وتستمد الدولة هيبتها من التزامها به».

وأوضح رئيس المجلس «لقد كان القضاء، منذ ذلك التاريخ، أحد أعمدة الدولة، شاهداً وشريكاً في مسيرة تطورها، وحارساً أميناً على الدستور وسيادة القانون، فباسمه استقرت الموازين، وبه انتصرت العدالة على الفوضى، وبه تصان كرامة الإنسان وتحفظ حرياته ولقد كان لمجلس القضاء الأعلى في مسيرته المعاصرة دورٌ محوري في ترسيخ استقلال القضاء وتطوير مؤسساته، وفي بناء منظومةٍ قضائيةٍ تستمد قوتها من الدستور وتعمل بروحه ونصّه، لتبقى العدالة عنوان الدولة وهيبتها».

وأكد أن «المئوية الدستورية ليست احتفاءً بتاريخٍ مضى، بل تجديدٌ للعهد مع الدستور بوصفه الضمانة الكبرى لحقوق المواطنين، والحصن الذي تصان به الدولة من العبث والتغوّل، ولذا فإن تزامن هذه الاحتفالية مع قرب موعد الانتخابات البرلمانية في 11 / 11 / 2025، إنما يعطي إشارة مهمة إلى أن جميع الأحزاب والشخصيات السياسية ملتزمة بتطبيق الدستور القائم على أساس التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع».

وجدد القاضي فائق زيدان في ختام حديثه «العهد على أن يبقى القضاء العراقي حصناً للدستور بما يعزز ثقة المواطن بالقضاء ويكرس مبدأ سيادة القانون في كل مفاصل الدولة وسيبقى العراق دولة قانون ومؤسسات».

Share This Article