المسار : فاز الشاعر والروائي الفلسطيني الأردني إبراهيم نصر الله، يوم أمس، بجائزة نيوستاد العالمية للآداب، التي تمنحها جامعة أوكلاهوما ومجلة “الأدب العالمي اليوم” التي تصدر منذ 99 عامًا، وهي الجائزة الأكثر أهمية بعد جائزة نوبل، ويُطلق عليها “نوبل الأمريكية”.
روبرت كون ديفيس-أونديانو: فوزه بهذه الجائزة يُمثل لحظةً فارقةً في إعادة النظر الغربية في الثقافة الفلسطينية
وأعلن روبرت كون ديفيس-أونديانو، المدير التنفيذي لمجلة “الأدب العالمي اليوم” باسم جامعة أوكلاهوما ولجنة الجائزة والمجلة، أنه سيتم تنظيم مهرجان نيوستاد الأدبي في أكتوبر 2026 على شرف نصر الله، وسيُخصّص لمناقشة أعماله ومنجزات الثقافة الفلسطينية. وأضاف أن “فوزه بهذه الجائزة يُمثل لحظةً فارقةً في إعادة النظر الغربية في الثقافة الفلسطينية”.
وقال: إن جائزة نيوستاد هي أول جائزة أدبية دولية بهذا النطاق تُنشأ في الولايات المتحدة، وهي من الجوائز الدولية القليلة جدًا التي يُشارك فيها الشعراء والروائيون وكتّاب السيناريو والمسرحيون بالتساوي منذ عام 1970، وتُمنح هذه الجائزة كل عامين لكاتب على قيد الحياة تقديرًا لمجمل أعماله الأدبية المتميزة.
وفي بيان الترشيح، قالت الكاتبة الفلسطينية شيرين مالهربي: “تتناول أعمال نصر الله الأدبية قضايا ومواضيع عالمية منسوجة في النضال الفلسطيني، ما يسمح للقراء بالتواصل بعمق مع فلسطين خارج الإطار الاستعماري، وقد أصبحت أعماله الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى بالنظر إلى محنة الفلسطينيين. لقد حان الوقت ليرى العالم فلسطين الحقيقية، ويمكن لكتابات نصر الله أن تقدم هذا المنظور”.
وهذه هي المرة الأولى التي يفوز فيها بالجائزة كاتب يكتب بالعربية، بعد وصوله إلى اللائحة النهائية إضافةً إلى ثمانية كُتّاب وكاتبات من أمريكا وفرنسا والصين وأوكرانيا واليابان وتركيا والسودان، وهم: الروائي والشاعر يوري أندروخوفيتش (1960)، والروائية والأكاديمية إليف باتومان (1977)، والشاعرة مي-مي بيرسنبروغ (1947)، والروائي والأكاديمي روبرت أولين باتلر (1945)، والشاعرة السودانية الأمريكية صافية الحلو (1990)، والروائي ماتياس إينار (1972)، والكاتبة والشاعرة يوكو تاودا (1960)، والروائية والأكاديمية جيسمين وورد (1977).
وقد سبق أن فاز بجائزة نوبل 32 كاتبًا ممن فازوا بجائزة نيوستاد أو رُشِّحوا لها أو كانوا أعضاء في لجان تحكيمها، من بينهم غابرييل غارسيا ماركيز، أوكتافيو باث، أورهان باموك، هارولد بنتر، دوريس ليسنغ، نادين غورديمر، ساراماغو، أليس مونرو، شيموس هيني، توني موريسون، وول سوينكا، بوب ديلان، وماريو فارغاس يوسا.
وتُمنح هذه الجائزة، التي يختار المرشحين لها عددٌ من الكتّاب والنقّاد والأكاديميين في العالم، مرةً كل عامين لكاتبٍ ترك أثرًا بارزًا في عالم الكتابة وقوة التأثير عن مجمل أعماله.
وقد مثّلت نصر الله في لجنة التحكيم الكاتبة الفلسطينية شيرين مالهربي، بروايته “زمن الخيول البيضاء”، حيث يتم اختيار عمل مكتوب أو مترجم إلى الإنكليزية يمثل مجمل أعمال الكاتب. وتتناول “زمن الخيول البيضاء”، التي ترجمتها نانسي روبرتس، جذور القضية الفلسطينية على مدى 75 عامًا، منذ نهايات القرن التاسع عشر حتى عام النكبة.
وهي الرواية التي قالت عنها الناقدة والشاعرة د. سلمى الخضراء الجيوسي: “إنهـا بحق الرواية التي كانت النكبة الفلسطينية تنتظرها ولم تحظَ بها من قبل. تـأريخ دقيق غاية في الحساسية والتصوير المبدع للوضع الفلسطيني منذ زمن العثمانيين إلى سنة 1948. كبيرة الأهميـة لأنهـا تكشف بـوضوح أسبـاب النكبــة وملابساتها وظروفها الطاغية التي قادت شعبنا إلى عـذاب مقيم. كما أنها تصل غاية التشويق الروائي المثير، بحيث إن القارئ لا يـود تركها أبدًا. إنها العمل الروائي المبدع الأهم الذي سـوف يفسّر عبر الفـن الرفيع مـأساة شعبنـا وأسبـاب نكبتـه. كم سألني الكثير من الأجانب: متى يظهر العمل الفلسطيني الذي يقدم لنا الإلياذة الفلسطينية؟ وها هي الآن بين يدينا”.
بيان التحكيم: تتناول أعمال نصر الله الأدبية قضايا ومواضيع عالمية منسوجة في النضال الفلسطيني، ما يسمح للقراء بالتواصل بعمق مع فلسطين خارج الإطار الاستعماري
يُذكر أن نصر الله عاش طفولته وشبابه في مخيم الوحدات للاجئين الفلسطينيين في عمّان، وأصدر 16 ديوانًا شعريًا و26 رواية، من بينها مشروعه «الملهاة الفلسطينية» الذي يغطي أكثر من 250 سنة من تاريخ فلسطين، ومشروع الشرفات.
وسبق أن فاز بعدد من الجوائز، من بينها: الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر)، وجائزة كتارا (مرتين)، وجائزة عرار للشعر، وتيسير سبول للرواية، وجائزة فلسطين للآداب – أوهايو، والجائزة العالمية للشعر – تركيا مطلع هذا العام.
كما صدرت أكثر من 50 ترجمة لأعماله الشعرية والروائية إلى الإنكليزية، والإيطالية، والإسبانية، والبرتغالية، والدنماركية، والتركية، والفارسية، وغيرها من اللغات.
وقدّمت عن أعماله أكثر من ثمانين رسالة دكتوراه وماجستير.
وأشادت الجائزة بأعماله المكتوبة والمترجمة المتجذّرة بعمق في مواضيع المنفى والهوية والمقاومة، ما أكسبه شهرةً عالميةً كواحدٍ من أهم الأصوات في الأدب العربي المعاصر.