محكمة العدل الدولية تلزم إسرائيل بفتح مسارات الإغاثة وتأمين “الحاجات الأساسية” لسكان غزة، وتُسقط رسميًا أهم ذريعة لتجويع القطاع عبر تقييد عمل وكالات الإغاثة، ورفضت مزاعم تل أبيب حول تورط “أعداد كبيرة” من موظفي الأونروا في حماس.
المسار : قضت محكمة العدل الدولية، اليوم الأربعاء، بإلزام إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، بتسهيل وتأمين إدخال جهود الإغاثة التي تنفذها الأمم المتحدة ووكالاتها، ومن ضمنها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، لضمان تلبية “الحاجات الأساسية” للمدنيين في قطاع غزة، بما في ذلك الإمدادات الأساسية لبقائهم على قيد الحياة.
وخلال جلسة عقدتها المحكمة في لاهاي لإصدار “رأي استشاري” يحدد واجبات إسرائيل تجاه المساعدات، أكد رئيس المحكمة، يوجي إيواساوا، أن المحكمة لم تتوصل إلى أدلة تثبت مزاعم إسرائيل بأن “نسبة كبيرة” من موظفي الأونروا أعضاء في حركة حماس أو فصائل “إرهابية” أخرى.
وقال رئيس المحكمة إن العدل الدولية “تذكّر بواجب إسرائيل عدم استخدام تجويع السكان المدنيين كوسيلة حرب”، وأضاف أن “المحكمة ترى أن إسرائيل ملزمة قبول وتسهيل برامج المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة وكياناتها، ومنها الأونروا”.
بدورها، رفضت إسرائيل الحكم، وكتب المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية عبر منصة “إكس” “ترفض إسرائيل قطعيا ‘الرأي الاستشاري‘ الصادر عن محكمة العدل الدولية والذي كان متوقعا تماما منذ البداية بشأن الأونروا”، معتبرا أن “هذه محاولة سياسية أخرى لفرض إجراءات سياسية ضد إسرائيل تحت ستار القانون الدولي”.
ويحمل القرار “ثقلاً قانونيًا كبيرًا وسلطة أخلاقية”، رغم كونه رأيًا استشاريًا غير ملزم قانونيًا، بعد أن طلبت الأمم المتحدة من المحكمة توضيح التزامات إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، لضمان وتسهيل توفير الإمدادات العاجلة والضرورية لـ”بقاء” الفلسطينيين.
وكان وضع الأونروا محورًا رئيسيًا في جلسات الاستماع التي استمرت أسبوعًا في نيسان/ أبريل الماضي، والتي لم تشارك فيها إسرائيل. وتصاعد التوتر بين الجانبين بعد أن حظرت إسرائيل عمل الوكالة على أراضيها واتهمت بعض موظفيها بالمشاركة في هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وعلى الرغم من إقرار تقرير مستقل قادته وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة، كاترين كولونا، في نيسان/ أبريل 2024 بوجود “مسائل متعلقة بالحياد” في الأونروا، إلا أنه أشار إلى أن إسرائيل “لم تقدم بعد أدلة داعمة” لادعائها بأن عددًا كبيرًا من موظفي الوكالة هم أعضاء في منظمات “إرهابية”.
وفي المقابل، اعتبر مسؤولون أمريكيون خلال جلسات الاستماع أن إسرائيل “ليست ملزمة تفويض الأونروا” بتقديم المساعدات، مشيرين إلى بدائل أخرى. بينما وصف المسؤول الفلسطيني، عمار حجازي، قيود إسرائيل على المساعدات بأنها “سلاح حرب” يسبب المجاعة.
يُذكر أن المدير العام للأونروا، فيليب لازاريني، كان قد وصف الوكالة التي يعمل لديها 12 ألف موظف في غزة بأنها “شريان حياة” لنحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني، وتهدف إلى تأدية دور رئيسي في إعادة إعمار القطاع.
ويأتي الحكم الجديد ليضيف إلى سلسلة الإجراءات القضائية الدولية التي تواجهها إسرائيل على خلفية الحرب على غزة. ففي تموز/ يوليو 2024، أصدرت محكمة العدل الدولية رأيًا استشاريًا سابقًا مفاده أن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية “غير قانوني” ويجب أن ينتهي.
كما تنظر المحكمة حاليًا في اتهامات الإبادة الجماعية التي وجهتها جنوب إفريقيا لإسرائيل. وفي سياق متصل، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن السابق، يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.