نقع السبع.. 6 آلاف طفل محرومون من التعليم والاحتلال يواصل الهدم والإخلاء

المسار : تضم منطقة نقع السبع في النقب 7 قرى عربية مسلوبة الاعتراف، وهي: خربة الوطن، الرويس، الغرة، المشاش، الزرنوق، بير الحمام، أم قبو والعقبي، ويقطنها أكثر من 30 ألف مواطن يعيشون في ظروف معيشية صعبة.

تعيش قرى نقع السبع في منطقة النقب، جنوبي البلاد، حالة من الخوف والقلق، في ظل استمرار السلطات الإسرائيلية في إصدار أوامر هدم وإخلاء تطال أكثر من 100 منزل ومبنى وحظائر، ضمن سياسة ممنهجة تستهدف التضييق على القرى العربية مسلوبة الاعتراف.

ويواجه آلاف السكان خطر التهجير القسري من أراضٍ توارثوها عن أجدادهم منذ عقود، ما يهدد استقرارهم ووجودهم، ويعكس تصعيدًا جديدًا في سياسات الهدم والمصادرة في النقب.

في سياق متصل، يواجه أطفال منطقة النقع في النقب حرمانًا من حقهم في التعليم، إذ يُمنع أكثر من 6 آلاف طفل من الالتحاق بأي إطار تعليمي، فيما تعاني المدارس القائمة من اكتظاظ شديد وسوء في البنية التحتية. وفي ظل استمرار هدم المنازل وتجريف الطرق، يُجبر طلاب قرى النقع على قطع مسافات طويلة يوميًا للوصول إلى المدارس.

وتضم المنطقة سبع قرى عربية مسلوبة الاعتراف، هي: خربة الوطن، الرويس، الغرة، المشاش، الزرنوق، بير الحمام، أم قبو وعرب العقبي، ويقطنها أكثر من 30 ألف مواطن عربي يعيشون في ظروف صعبة.

يقول محمد أبو قويدر، عضو اللجنة المحلية في قرية الزرنوق مسلوبة الاعتراف في منطقة النقع بالنقب، لـ”عرب 48″، إن “الزرنوق تُعدّ من أكبر القرى، سواء المعترف بها أو غير المعترف بها في النقب، من حيث عدد السكان، إذ يتجاوز عدد سكانها 6 آلاف نسمة. وتقع في منطقة نقع السبع، ويعيش فيها الأهالي منذ أكثر من 100 عام، ويزداد عددهم عامًا بعد عام”.

تعاني المدارس في الزرنوق من اكتظاظ شديد، في ظل رفض السلطات الإسرائيلية إقامة مدارس في القرى مسلوبة الاعتراف.

ويوضح أبو قويدر: “في القرية مدرسة ابتدائية واحدة تضم أكثر من 1300 طالب، ومدرسة ثانوية يتعلم فيها نحو 350 طالبًا، إلى جانب روضات وبساتين تضم أكثر من 550 طفلًا. هذه المؤسسات أقمناها بعد نضال طويل، لكنها تعاني من اكتظاظ شديد بسبب رفض السلطات الإسرائيلية بناء مدارس إضافية، ما يدفع العديد من الطلاب إلى الدراسة في مدارس بعيدة عن القرية، وفي ظروف صعبة، نتيجة تعنّت الحكومات المتعاقبة”.

ويشير أبو قويدر إلى أن السلطات الإسرائيلية جرّفت قبل أيام طريقًا رئيسيًا يخدم آلاف الأهالي في قرى النقع، بذريعة تحسينه دون الحصول على ترخيص.

ويقول إن “الطريق كان يخدم طلاب المدارس والأهالي، وقد قام السكان بترميمه استعدادًا لفصل الشتاء وتسهيلًا لحركة التنقل. لكن السلطات قامت بتجريفه، بعد تحريض واسع من قبل جمعية ’ريغيفيم‘ العنصرية وجمعيات أخرى، رغم أنه طريق حيوي تمرّ منه حافلات الطلاب يوميًا”.

وحول أوامر الإخلاء والهدم، يبيّن أبو قويدر أن “الوحدات الإسرائيلية وزعت أكثر من 100 أمر هدم وإخلاء في زرنوق وقرى النقع، ما يهدد مئات المنازل. ما تشهده المنطقة هو تصعيد خطير، تحت ذريعة أن المباني غير مرخصة أو جديدة، رغم أن معظمها قائم منذ عقود”.

ويضيف: “هذا التصعيد يأتي نتيجة تحريض مستمر من قبل اليمين المتطرف الذي يقود الحكومة الإسرائيلية، حيث يسعى بعض الوزراء لبناء حملاتهم الانتخابية على حساب تهجير سكان النقب والمواطنين العرب”.

ويشير أبو قويدر إلى أن الأهالي يعيشون حالة من الخوف الدائم، موضحًا: “كان الناس قبل أشهر يخشون الحرب مع إيران، في ظل الحديث عن استهداف منطقة النقب، أما اليوم فخوفهم الأكبر هو من الحرب التي تشنها الحكومة الإسرائيلية ضدهم عبر الجرافات وهدم البيوت. بالنسبة لنا، نكبة النقب مستمرة منذ العام 1948 وحتى اليوم”.

ويوضح أن “كل حديث عن تعويضات أو أراضٍ بديلة غير صحيح، فالحكومات الإسرائيلية لا تمارس سوى الهدم والتهجير. نحن نطالب بالاعتراف بقرانا وأرضنا، لا بترحيلنا أو اقتلاعنا منها”.

ويختتم أبو قويدر حديثه بالقول: “أدعو الجميع إلى زيارة النقب ورؤية ما يجري بأعينهم. صمود أهلنا في الزرنوق وفي كل قرى النقب هو سلاحنا في وجه التهجير والتهديدات، وسنواصل التمسك بأرضنا رغم كل الصعوبات”.

وبدوره، يقول نائب رئيس مجلس القرى غير المعترف بها في النقب، معيقل الهواشلة، لـ”عرب 48” إن “منطقة النقع في النقب تضم سبع قرى عربية غير معترف بها رسميًا، وهي: خربة الوطن، الرويس، الغرة، المشاش، الزرنوق، بير الحمام، أم قبو، وعرب العقبي. ويقطن هذه القرى أكثر من 30 ألف مواطن، جميعهم من السكان الأصليين، ويتواجدون عليها منذ عقود وقبل قيام الدولة”.

ويضيف أن “سكان قرى النقع يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة، إذ لا تتوفر مدارس كافية، ولا رياض أطفال، ولا حتى بنية تحتية. ويعيش الأهالي في بيوت من الصفيح تفتقر إلى الماء والكهرباء وتصريف مياه الصرف الصحي، مما يجعل ظروف الحياة في هذه القرى صعبة، خاصة في فصلي الشتاء والصيف”.

وعن منطقة النقع في النقب، يوضح الهواشلة أن “القرى محاصرة بالمخططات الإسرائيلية والشوارع الرئيسية، إذ تحيط بها سلسلة جبال من الشرق، وشارع رقم 6 من الغرب، وشارع 31 من الشمال، وشارع 25 من الجنوب، ما يجعلها محاصرة جغرافيًا. ورغم ذلك، تتعرض هذه القرى لهجمة شرسة من حيث الهدم وإنذارات الهدم التي تستهدفها”.

ويلفت إلى أن “الزرنوق تعد من أكبر القرى في النقب، وخاصة في منطقة النقع، حيث يقطنها نحو 6 آلاف مواطن، بينما تعتبر قرية أم قبو الأصغر ويعيش فيها قرابة 600 شخص. جميع القرى تعاني ظروفًا صعبة بسبب عدم الاعتراف بها من قبل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة والإهمال المتعمد”.

ويتطرق الهواشلة إلى جمعية “ريغيفيم” العنصرية، مبينًا أن “الجمعية تقف وراء إخطارات الهدم والهجمات على المناطق العربية في النقب. القرى العربية في النقب تتعرض لهجمات تحريضية واسعة من قبل الجمعيات الصهيونية المتطرفة، وفي مقدمة هذه الجمعيات ريغيفيم التي يقف خلفها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش”.

ويؤكد أن “هذه الجمعية تحرض باستمرار على هدم المنازل العربية، وفي النهاية حرضت على طريق قام الأهالي بتعبيده في منطقة النقع قبيل فصل الشتاء، حيث كانت تمر منه الحافلات التي تقل طلاب المدارس من وإلى القرى”.

وحول أوضاع التعليم في قرى النقع، يوضح أن “عددًا كبيرًا من القرى تفتقر إلى المدارس، ويعيش نحو 6 آلاف طفل (3 – 5 أعوام) خارج أي إطار تعليمي. كما يسافر الطلاب مسافات طويلة للوصول إلى مدارسهم، ففي قرية الغرة يضطر الطلاب للسفر نحو 25 كيلومترًا حتى يصلوا إلى المدارس في قرية قصر السر، بينما يتوجه القسم الآخر إلى مدارس أخرى في قرية حورة”.

ويشدد الهواشلة على أن “المدارس القائمة تعاني من اكتظاظ شديد وسوء في البنية التحتية، إذ تعتمد بعض المدارس على مولدات كهربائية رغم قربها من محطة كهرباء رئيسية”.

ويؤكد أن “قرى النقع بحاجة ماسة إلى إقامة مجلس إقليمي مستقل يدير شؤونها ويوّفر الخدمات الأساسية ويوقف سياسة التهميش المتعمد من قبل الحكومات الإسرائيلية المختلفة”.

وعن حملة أوامر الهدم والإخلاء الأخيرة التي استهدفت قرى النقع، حديثا، يوضح أن “السلطات الإسرائيلية وزعت أكثر من 100 أمر هدم وإخلاء شملت منازل وحظائر، في خطوة جديدة تهدد استقرار السكان وتزيد من معاناتهم في هذه القرى التي تعاني من التمييز والعنصرية”.

ويختتم الهواشلة حديثه بالقول إن “ردّنا على هذه السياسات هو التمسك بأرضنا والمطالبة بالاعتراف بقرانا، لا بالهدم والتشريد. ما نعيشه اليوم في النقب هو استمرار لنكبة لم تتوقف منذ العام 1948”.

Share This Article