المسار : شهدت المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، مساء الخميس، حالة ابتهاج واسعة عقب الإعلان عن مقتل ياسر أبو شباب في قطاع غزة، الذي يُعد من أبرز أدوات الاستخبارات الإسرائيلية الناشطة داخل القطاع خلال الفترة الأخيرة.
وبمجرد انتشار الخبر، تحولت شوارع المخيمات من “عين الحلوة” إلى “الرشيدية” و”البداوي” و”البرج” و”الجليل” و”المية ومية” وغيرها، إلى ساحات احتفال عفوي، خرج فيها الأهالي مهللين، فيما ارتفعت التكبيرات من مآذن المساجد تعبيرًا عن الفرحة العارمة.
وامتلأت الأزقة بالمارة الذين تبادلوا التهاني، بينما بادرت محال تجارية وعائلات فلسطينية إلى توزيع الحلويات، في مشهد يعكس حجم الارتياح الشعبي لرحيل شخصية ارتبط اسمها بإحدى أخطر شبكات العمالة داخل غزة، وبمعلومات أسهمت في تنفيذ عمليات اغتيال واستهدافات مؤلمة بحق مقاومين وشخصيات فلسطينية.
وأكد لاجئون فلسطينيون في لبنان أن ما حدث “ليس مجرد مقتل عميل، بل سقوط لرمز من رموز الخيانة التي أراقت دماء كثيرة”، مشددين على أن مصير كل من يبيع شعبه وقضيته معروف، وأن يد المقاومة ستصل إلى كل خائن مهما توارى أو احتمى.
وقال عدد من أبناء المخيمات إن نهاية أبو شباب تحمل رسالة واضحة لكل من يظن أنه قادر على الاحتماء بالاحتلال، مشيرين إلى أن “إسرائيل تتخلى دائمًا عن عملائها عند أول مفترق، تاركة إياهم لمصيرهم المظلم”.
ويرى ناشطون فلسطينيون أن مقتل أبو شباب يشكل محطة مفصلية في مسار تفكيك الاختراقات الأمنية التي حاولت إسرائيل ترسيخها داخل القطاع، خصوصًا في ظل المواجهة المفتوحة التي يخوضها الشعب الفلسطيني ومقاومته.
ويؤكدون أن “الاحتلال لطالما اعتمد على العملاء لضرب الداخل الفلسطيني، لكن النهاية تبقى ثابتة: سقوط مذل لا يترك خلفه سوى العار”.
ويجمع أبناء المخيمات على أن هذا الحدث يعزز قناعة راسخة لديهم مفادها أن “الولاء لفلسطين ليس شعارًا بل هوية وانتماء، وأن الخائن مهما ارتفع أو اختبأ، لن يفلت من الحساب”.
من جانبه، كشف مصدر مقرب من “كتائب القسام”، الذراع العسكري لحركة “حماس”، أن اغتيال أبو شباب جرى عبر كمين محكم نفذته الكتائب داخل مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وأوضح المصدر أن العملية تمت من خلال شاب من عشيرة أبو شباب، تظاهر بالرغبة في الانضمام إلى المجموعة المسلحة التي كان يقودها، قبل أن ينفذ الخطة بدقة ويقوم بتصفيته مع عدد من مرافقيه.
وأشار المصدر إلى أن الكمين جاء على نحو غير متوقع، إذ كانت التقديرات أن “القسام” قد يرسل وحدة نخبة لمهاجمة المجموعة فوق الأرض، ما دفعها إلى الاحتماء بجانب الدبابات الإسرائيلية. غير أن المفاجأة جاءت من داخل المجموعة نفسها، عبر اختراق مدروس أفضى إلى تنفيذ العملية بنجاح.
وأضاف أن المفارقة تكمن في أن أبو شباب ظهر مؤخرًا في تسجيل مصور وهو يتحدث عن نيته إطلاق حملة لتطهير رفح، قبل أن يُقتل هو ومجموعته، في ما وصفه المصدر بأنه “تطهير حقيقي للمدينة من العصابة”.
وأكد المصدر أن العملية تمثل اختراقًا نوعيًا ليس فقط للمجموعة المسلحة، بل لمنظومة الأمن الإسرائيلية، وتشكل ضربة موجعة لمخطط استراتيجي كان يستهدف فرض سيطرة المليشيا على مناطق في غزة.
وكان أبو شباب يقود مجموعة مسلحة قوامها نحو 100 عنصر، جنّدها وسلّحها الاحتلال في المنطقة الشرقية من رفح، بهدف إنشاء ما يُسمى “منطقة آمنة” تخدم مصالحه وتضعف حضور المقاومة.
ووفق مصادر في المقاومة، نفذت هذه المجموعة عمليات ضد الفلسطينيين، شملت تفتيش منازل وتفكيك عبوات ناسفة زرعتها المقاومة، إضافة إلى جرائم قتل بحق عناصر مقاومة وسرقة أسلحتهم، في إطار تنسيق مباشر مع الاحتلال.
وظهر أبو شباب سابقًا في تسجيل مصور أكد فيه أن مجموعته تسيطر على مناطق “تحررت من حماس”، وتعمل بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية لتوزيع المساعدات وحماية المدنيين.

