تحدثت مصادر مصرية مطلعة على تحركات القاهرة بشأن وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لـ”العربي الجديد”، عن “تحركات من جانب حكومة الاحتلال لتحريك صفقة تبادل أسرى جديدة تشمل المتواجدين لدى المقاومة، والذين تقول إسرائيل إن عددهم يبلغ 138 أسيراً”.
ووفقاً للمصادر، فإن تل أبيب تتوقع أن التفاهم مع القاهرة في أية مفاوضات تتعلق بالهدنة، أو غيرها يكون عاملاً مساعداً لها، بحكم العوامل الجغرافية، لكنه لا يمكن أن ينجز اتفاقاً نهائياً يعتمد عليه بمفرده.
أفكار إسرائيلية أولية بشأن صفقة تبادل أسرى جزئية
وقال مصدر مصري إن “الساعات الأخيرة، شهدت تحركات واتصالات إسرائيلية مع المسؤولين في مصر، بهدف ما يمكن وصفه بجس نبض لمعرفة مدى إمكانية إجراء صفقة تبادل أسرى جزئية جديدة، يمكن أن تشهد وقفاً مؤقتاً جديداً لإطلاق النار”.
وأوضح المصدر أن “اتصالات إسرائيلية جرت مع مسؤولين مصريين، تم خلالها تباحث الأمر، فيما أشار المسؤولون في حكومة الاحتلال إلى إمكانية إجراء صفقة تبادل أسرى تشمل المجندات وكبار السن والمجندين المصابين، وأنهم ألمحوا في الوقت ذاته إلى إمكانية تجاوب تل أبيب مع مطالب حركة حماس بإطلاق سراح الأسرى المرضى وكبار السن، وبعض الأسرى القدامى ممن تصفهم إسرائيل بـ(الملطخة أيديهم بالدماء)”.
وأرجع المصدر المصري ما سماه بـ”التحول المفاجئ” إلى “حجم الضغوط المفروضة على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وكذلك الصراع السياسي العنيف داخل مجلس الحرب، وخشية نتنياهو من كسب قادة سياسيين أو عسكريين منافسين له، نقاطاً على حسابه لدى الجبهة الداخلية، من خلال تبني موقف داعم لجعل تحرير الأسرى على قائمة الأولويات”.
مصدر مصري: تقديرات القاهرة تفيد بأن هناك مؤشرات لإمكانية العودة قريباً إلى صفقة
وقال المصدر إن “التقديرات المصرية تفيد بأن هناك مؤشرات لإمكانية العودة قريباً إلى صفقة”، موضحاً أن “نفس الأجواء والأسلوب الذي اتبعه الإسرائيليون قبيل الصفقة الماضية يحدث حالياً، من تصعيد عنيف في الضربات، وتصريحات ذات سقف مرتفع للغاية من المستوى السياسي، بعدم إجراء صفقات في الوقت الحالي، وفي المقابل تبدأ القنوات الأمنية في فتح خطوط اتصال مع الوسطاء”.
ولفت إلى أن “هناك ضغطاً داخلياً كبيراً على الإدارة الأميركية، مع تصاعد القصف ومشاهد النزوح والقتلى من الأطفال والمدنيين”. واستبعد في الوقت نفسه أن “يكون الضوء الأخضر الأميركي الممنوح لحكومة نتنياهو، ممتداً حتى نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول الحالي”.
وسادت حالة من الغضب بين ذوي الأسرى الإسرائيليين في غزة لدى لقائهم بأعضاء مجلس الحرب بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أول من أمس الثلاثاء، وانسحب بعضهم من الاجتماع احتجاجاً على عدم الرد على أسئلتهم.
وكان وفد إسرائيلي برئاسة غسان عليان، منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، قد زار القاهرة لعدة ساعات، الاثنين الماضي، والتقى برئيس جهاز المخابرات العامة المصري، اللواء عباس كامل، حيث دارت مناقشات بشأن تطورات الأوضاع الميدانية، وتداعياتها على الحدود المصرية، وكذلك إمكانية استعادة مفاوضات الهدنة وتنفيذ صفقة تبادل جديدة.
وتعذر استكمال صفقة التبادل بعد إطلاق قرابة 80 محتجزاً من الأطفال والنساء، و22 أجنبياً، بعدما تمسكت حكومة الاحتلال بإطلاق سراح 5 مجندات، فيما تمسكت فصائل المقاومة، بعدم انطباق معايير صفقة النساء عليهن باعتبارهن أسيرات عسكريات تم أسرهن من ميدان المعركة بالزي العسكري.
وفي سياق ذلك، قال أستاذ القانون الدولي العام، أيمن سلامة، لـ”العربي الجديد”، إن اتفاقية جنيف الثالثة عن معاملة أسرى الحرب، وضعت اعتبارات قانونية، يتم على أساسها تحديد “أسير الحرب”، منها ارتداؤه زياً عسكرياً يميزه عن المدنيين”.
عوامل تحكم أي صفقة تبادل أسرى
من جهته، قال المحلل السياسي الفلسطيني، أحمد الكومي، لـ”العربي الجديد”، إن “حركة حماس حددت شكل النهاية لهذه الحرب، وهو أن الطريق إلى صفقة تبادل لا يمر إلا عبر وقف إطلاق النار وانتهاء هذا العدوان.
أحمد الكومي: حركة حماس أوضحت أن الطريق إلى صفقة تبادل لا يمر إلا عبر وقف إطلاق النار وانتهاء العدوان
وأعتقد أنها مسألة وقت لكي تعود إسرائيل إلى صفقة تبادل والجلوس إلى طاولة المفاوضات برعاية غير مباشرة، لأن إسرائيل عملياً تزداد الضغوط عليها داخلياً”.
ولفت إلى أنه “في الساعات الأخيرة، شهدت العديد من التفاعلات التي تشير إلى تصاعد حقيقي في الضغوط الداخلية على حكومة نتنياهو، يضاف إليها الضغوط (غير المعلنة) من جانب الولايات المتحدة”.
إلى ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، حسام الدجني، لـ”العربي الجديد”، إن مسألة إبرام صفقة جديدة “تتوقف على عوامل رئيسة أهمها: دور الوسطاء، وحجم الضغط الخارجي للوصول إلى وقف إطلاق نار نهائي، وصفقة شاملة”.
ولفت إلى أن “إدارة الحرب النفسية من طرف المقاومة، حيث تحرك وتجيش الرأي العام الإسرائيلي ضد نتنياهو، مع الضغط عليه للذهاب نحو مسار الصفقة، إضافة إلى الحراك الشعبي الخارجي وسلاح المقاطعة الاقتصادية للضغط على حلفاء إسرائيل لدفعهم للضغط على نتنياهو وحكومته للقبول بالتهدئة”.
وفي السياق قال الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عمار فايد، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن الحضور المصري في ملف الوساطة في صفقة تبادل الأسرى “يأتي بحكم الجغرافيا، ولكن نظرياً فإن المفاوضات تجري بإشراف الاستخبارات الأميركية عبر الوسيط القطري”.
وأوضح أنه “إذا كانت قطر قادرة على الوساطة بمفردها لوجود قادة حماس هناك، وتمتعها بثقتهم وثقة الأميركيين، فإن ترتيبات أي اتفاق ستكون مصر حاضرة فيه بحكم الجغرافيا”.
وكان الوزير الليكودي، آفي ديختر، أكد في تصريحات سابقة أن “مصلحة إسرائيل تتمثل في وجوب احتكار مصر دور الريادة في جهود الوساطة، التي يمكن أن تؤدي إلى التوصل لصفقة تبادل مع حماس”. وتحدث عن “وجود رغبة داخل حكومة الاحتلال في أن تلعب مصر الدور الأكبر في مسألة الوساطة، بعيداً عن الأطراف الأخرى المتداخلة في هذا الملف”.