الرئيس الأرجنتيني ” المجنون” وارتهانه للوبي الصهيوني

نفذ الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي (الملقب في بلاده بـ«المجنون») وعده بزيارة إسرائيل واعترافه بالقدس عاصمة لها ونقل سفارة بلاده إليها.

كان الموضوع الإسرائيلي، والعلاقة المتملقة لحاخامات البلاد، أحد العناصر التي وظفها ميلي خلال حملته الانتخابية، التي نجحت بشيطنة حكم الرئيس اليساري السابق ألبرتو فرنانديز (ورئيسة وزرائه كريستينا كريشنر) واعتمدت مدرسة دونالد ترامب وجايير بولسونارو الشعبوية في البذاءة.

الأغلب أن مراهنة ميلي على إسرائيل، منذ بدء صعوده السياسي، جاء من واقعة أن الأرجنتين هي أكبر حاضنة لليهود في أمريكا اللاتينية (والخامسة في العالم) وهي جالية لها نفوذ كبير على القناتين التلفزيونيتين الرئيسيتين اللتين يتابعهما الملايين، واستخدمت قناتا «لاناسيون ماس» و«إيه 24» أحداث غزة التي أدت لمقتل 7 يهود أرجنتينيين وفقدان 6 آخرين، لنشر صورة «الضحية» الإسرائيلية، وفي دعم حملة انتخاب ميلي، وفي هجاء الحكم السابق الذي رفع الفلسطينيون صور رئيسة وزرائه، وهو أمر قامت القناتان بتكرار بثه بعد أحداث غزة مع التحريض على كريشنر وهوغو تشافيز (الرئيس الفنزويلي) اللذين «يقفان مع الإرهابيين»!

وعود ميلي الإسرائيلية ترافقت مع وعود بمعالجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة للأرجنتين عبر حلول جذرية شديدة الخطورة، بدءا من كلامه عن «ثورة السوق الحرة» عبر إجراءات مثل تخفيض قيمة العملة بنسبة 54 بالمئة، وفرض تدابير تقشفية منها تخفيض الدعم الحكومي للطاقة والنقل، واستبدال عملة البلاد بالدولار الأمريكي، وخصخصة مؤسسات القطاع العام، وصولا إلى إلغاء البنك المركزي بدعوى أنه «يسرق المواطنين».

إضافة إلى مديح أمريكا وإسرائيل فإن حملة ميلي تضمنت مهاجمة الصين، التي هي أهم الشركاء التجاريين للأرجنتين، وتهديده بقطع العلاقات معها، ورفضه دعوة تجمع «بريكس» للأرجنتين للانضمام إليه.

أدى بدء ميلي بهذه السياسات إلى ارتفاع الأسعار وتفاقم معدل التضخم الذي يتوقع أن يرتفع من مستواه الحالي الذي يبلغ 134 بالمئة الى 213 بالمئة وساهم ذلك في ارتفاع معدل الفقر الذي كان، مع بداية ميلي لرئاسته، قرابة 40٪، كما رفع حجم سخط القطاعات الشعبية والعمالية وانتشار المظاهرات والاحتجاجات.

تمكنت الحكومة السابقة، ذات الاتجاه البيروني، من خفض قرض يبلغ 57 مليار دولار، كان الرئيس اليميني الأسبق ماوريسيو ماكري قد تلقاه عام 2018، إلى 44 مليار دولار، لكن الإرث الاقتصادي الصعب، وجائحة كورونا، والأوضاع العالمية، أضعفت شعبيتها، وتراكبت الأسباب المذكورة آنفا، مما سمح لميلي «المجنون» بالوصول إلى كرسي الرئاسة.

قيام ميلي بزيارة إسرائيل والإقدام على الاعتراف بالقدس عاصمة لها ونقل سفارة بلاده إليها، هي مرآة لسياساته الاقتصادية الداخلية، غير أن اختياره لحظة المقتلة الفلسطينية الهائلة، وبعد قرار محكمة العدل الدولية الذي يؤشر على ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية هو إقذاع سياسي وجنون فظيع.

تشير كل الوقائع إلى أن سياسات ميلي الاقتصادية المتوحشة، وانتهازية سياساته الخارجية، ستؤدي لنتائج كارثية على البلاد، وعلى الأغلب أن التاريخ سيذكر ميلي باعتباره الرئيس الذي قدم بلاده على مذبح إسرائيل!